أوباما - فصول من روايتي الجديدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2009, 01:59 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوباما - فصول من روايتي الجديدة (Re: emadblake)



    2

    في صيف 1988، عندما زار الحفيد باراك الجدة سارة أوباما في بلده الأم، لأول مرة في حياته، حيث قضى ثلاثة أسابيع إلى جوارها. كانت للجدة حكايات كثيرة تريد أن تقصها على حفيدها، لكن الحكاية الأكثر الإثارة بالنسبة لها تتعلق بذلك اليوم البعيد، الذي رأت فيه الرجل صاحب العمامة الزرقاء. وحتى تؤخذ حكايتها على محمل الجد، سيتوجب عليها ألا تستعجل، فعليها أولاً أن تتأكد إن كان حفيدها سيصدقها أم لا!. هو شاب مهذب، لبق، إلى حد ما يشبه والده في الطريقة التي يقيّم بها الأشياء. لكن هذا لا يكفي لكي تستعجل الجدة، فإذا كانت تعرف ابنها حسين جيداً، فليس بإمكانها إذا ما صدقت مع نفسها أن تقرر ببساطة أنها تفهم حفيدها، وأنه سيرى العالم بالطريقة نفسها التي كان والده يرى بها الأمور. كلاهما يبدو طموحاً، غير أن الطموح الزائد عن حده يتوّه الإنسان في كثير من الأحيان، تعتقد في ذلك لكن زوجها كان يردد دائماً ما سمعه من شيخ القرية بعد أن وثق فيه تماماً عقب مولد حسين، وبعد أن أثبتت نصائح الشيخ جدواها: "لا يوجد إنسان طموح في العالم إلا وفيه نفث من روح الله". وهذا يعني بتقدير الجدة، أن الله لن يكون مضطراً لكثير شرح وتفسير لكي يفهم الأشياء. وبهذا الشكل عليها أن تسرّ لحفيدها بالحكاية. لكن من أين ستبدأ؟!
    هي الآن لا تقيم في تلك القرية التي باتت جزءاً من عالم قديم، لهذا ستأخذ حفيدها ابن السبعة والعشرين ربيعاً من "كوجيلو" حيث تسكن، إلى ناينغوما، وطوال الطريق إلى هناك وهما في الحافلة السفرية، ستفكر في البداية. لكن بعد أن يصلا لن تتملكها الحيرة كثيراً، لاسيما بعد أن تأخذه في جولة بالمرعى، الذي لم يعد موجوداً حيث قامت محله مجموعة من القصور لأثرياء جدد قفزوا هكذا فجأة، دون مقدمات، من رحم الفوضى التي تعيشها البلد، والتي فسرتها الجدة للحفيد على أنها: "استغلال حقوق الناس. لا يوجد أحد له ضمير هنا. كلهم يحلمون. الحلم مشروع لكن يجب ألا يقوم على باطل". هذه الجولة، كانت قد أزاحت الحيرة عن دماغ الجدة، فقد فهمت جيداً من خلال كلمات مقتضبة كان يتفوّه بها حفيدها، الذي ركّز على السماع أكثر من الكلام. فهمت أنه سوف يستوعب تماماً الحكاية القديمة، وأن ذلك المكان الذي تغيّرت ملامحه له تاريخ خاص بها، لولاه لما كانت هي تتمشى اليوم معه، وهي تشير إلى نافذة في أحد القصور وتقول: "تحتها تماماً كانت تقوم شجرة (باباي) وتحت هذه الشجرة تعرفت على جدك.. كان رجلاً طيباً.. المرعى لم يمنحه المتعة مثلي ومثل والداك فيما بعد.. لقد آثر جدك أن يعمل في مصنع الطوب الحراري، لأنه كانت له طموحات سياسية". أما الجزء الذي أسرّت به لنفسها ولم تجهر به: "تحت هذه الشجرة كان قد ظهر الرجل الملاك".
    "طموحات سياسية.. ماذا تعنين جدتي؟"
    "كانت له زمرة من الأصدقاء الحالمين بالنضال، لكن واحداً منهم لم يفعل شيئاً من أجل الوطن.. أبوك كان قد تأثر بهم، وفي النهاية أصبح مثلهم فالعمل في المصنع لم يكن شاقاً فحسب، بل كان المصنع أشبه بسجن، لا أحد كان يقدر على المعارضة أو الصراخ بصوت عالٍ. قلة حاولت أن تتمرد على نظم العمل التي فرضها الإنجليز، وانتهى بهم الأمر أن فصلوا وعاشوا مشردين بعد أن نسوا كيف يقودون الأغنام ويشرفون على رعايتها، بالأحرى نسوا مهنة أجدادهم في قبيلة (لوا)".
    "إذن لم يكن جدي مع أولئك الذين تمردوا؟"
    "لو أن هذا تم قبل مولد والدك، لكان قد شارك معهم.. كان يخاف على حسين أن يتربى يتيماً.. لا قريب يعين قريباً هنا.. رغم هذا فالحياة لم تكن جحيماً"
    لدقائق استرجع باراك حياته كطفل يتيم، لقد عاش طفولته يتيماً بحق، فاليتم الحقيقي أن يكون أبوك حياً ولا تنعم بالعيش إلى جواره. هذا ما حدث معه. فهو لا يتذكر صورة والده جيداً، فقد قابله مرة واحدة في حياته عندما كان في العاشرة من عمره. لقدر ما كان على والده ووالدته أن ينفصلا بعد زواج لم يدم أكثر من سنتين، ليبقى الطفل ابن العامين مع والدته التي ستتزوج من رجل آخر قادم من بلد بعيد من الولايات المتحدة حيث كانوا يعيشون، قبل أن يسافرا ويصطحبان باراك إلى أندونيسيا، وهناك سيبدأ الطفل في اكتشاف العالم بطريقته الخاصة، فالوالدة رغم حنانها العميق كانت مشغولة بزوجها، خاصة بعد أن أنجبت منه، أما والده فقد كان مشغولاً ببلده الذي جاء منه ذات يوم للدراسة في أمريكا، كان يخطط لمستقبله في نيروبي، على أن يبني أسرة بديلة وأن ينجب أبناء من امرأة ذات سحنة سوداء، بخلاف زوجته الأولى "ستانلي آن" التي ربما لو تذكرها الآن لن تعدو مجرد محطة عابرة في حياته. جزءاً من عالم هاواي وجامعتها العريقة. فلكي يصنع ذلك الأب مكانة مرموقة في بلده عليه أن يكون تقليدياً إلى أبعد مدى، عليه أن يكون له أبناء هنا.
    تركت الجدة سارة حفيدها يعيش ذكرياته، فقد كانت تدرك أن جرح الحفيد وألمه كبيران، لا يقلان عن جرحها وألمها هي في الحياة عندما فوجئت ذات يوم في عام 1982 بخبر وفاة ابنها في حادث سيارة. بلغها الخبر وهي جالسة في بيتها في منطقة "كوجيلو" والذي انتقلت هي وزوجها للعيش فيه، بعد أن ساءت الظروف في قرية ناينغوما، بعد أن نما الإقطاعيون الجدد كالفطريات، لم يتركوا شبراً من الأرض إلا وأخذوه عنوة أو بالتي هي أحسن، وكانت الطريقة الأخيرة ناجحة فأغلب القرويون لم يكونوا بذات حماسهم القديم للحياة في المكان. فالحياة تغيرت في القرية، كما أنها لم تعد تلك القرية الناعمة بالهدوء والطمأنينة والقمر الذي يبزغ على الناس سواء. كان العشب قد مات وضرب جفاف من نوع آخر الأرض، بعد أن حشدت الماكينات في المكان وبدأت في الحفر والضجيج دون أن تفرق بين ليل ونهار، أو ترحم الأشجار والحشائش.
    إلى حد كبير كانت سارة عطوفة، دموعها سريعة التحدر، ثمة لمسة حزن تكسو وجهها خاصة بعد أن رحل ابنها الوحيد، ورغم أنها تقبلت قدر الله كمسلمة مؤمنة، إلا أنها في لحظات وحدتها، كانت تفكر في الشكل الذي تسير عليه أقدار الله في الأرض. وهي تتذكر كيف كان فرحها كبيراً يوم مولد حسين، ولم يكن يخطر ببالها مطلقاً أنها سوف تفقده مبكراً وهو في سن السادسة والأربعين، قبل رحيلها هي عن الحياة. الآن مضت ست سنوات على ذلك الحادث المشئوم، لكنها نست؟!. أبداً !. كما أن زيارة الحفيد هيجت فيها أوجاعاً كثيرة، وجعلتها أكثر حزناً رغم أنها كانت تحاول أن تبدو متماسكة، قوية، وهذا لم يفت على باراك، فقد كان لماحاً واكتشف بسهولة كم هي تعاني هذه الجدة! ولأكثر من مرة تمنى لو أنه لم يأتِ، وهو يكلم نفسه، هل كان ضرورياً أن يقوم بهذه الزيارة إلى وطنه الأم؟!.



                  

العنوان الكاتب Date
أوباما - فصول من روايتي الجديدة emadblake02-14-09, 01:50 AM
  Re: أوباما - فصول من روايتي الجديدة emadblake02-14-09, 01:59 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de