د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 11:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2009, 04:28 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال

    الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

    كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (1)

    يصادف هذا العام، بالإضافة إلى الذكرى السنوية لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، والتي يتم بها الاحتفال السنوي، في شهر يناير من كل عام، مرور مائة عام على ميلاده.

    ويحتفل معهد الدراسات الأفريقية بجامعة أوهايو، والذي سبق أن كرّم الأستاذ محمود في مناسبة اختياره كبطل أفريقي، بهذه الذكرى هذا العام.. وقد دعا إليها عدد من الكتاب والأكاديميين العالميين، الذين درسوا أفكار الاستاذ محمود، وكتبوا عنه.

    ونحن، هنا، في السودان نرى أن نسهم بالمشاركة في هذا العمل الدولي العظيم، بتعريف أبنائنا، وبناتنا بسيرة هذه القامة الإنسانية الفريدة، التي جعلها الله بمحض فضله من هذا الشعب الكريم.

    ولد الأستاذ محمود محمد طه، في مدينة رفاعة بوسط السودان، في العام 1909م تقريباً.. وقد نزح أهله من الشمالية، وهم من قبيلة الركابية البليلاب، الذين يرجع نسبهم إلى الشيخ حسن ود بليل الصوفي المعروف. توفيت والدته -فاطمة بنت محمود- وهو لماّ يزل في بواكير طفولته، وذلك في العام 1915م تقريباً، فعاش الاستاذ محمود وأخوانه واخواته تحت رعاية والدهم، وعملوا معه بالزراعة، في قرية الهجيليج بالقرب من رفاعة، غير أن والده توفي في العام 1920م تقريباً، فانتقل الاستاذ محمود وأخوانه للعيش بمنزل عمتهم برفاعة. بدأ الأستاذ محمود تعليمه بالدراسة بالخلوة، كما كان يفعل سائر السودانيين في ذلك الزمان، حيث يدرس الأطفال شيئاً من القرآن، ويتعلّمون بعضاً من قواعد اللغة العربية، غير أن عمته كانت حريصة على الحاقه وأخوانه بالمدارس النظامية، فتلقى الأستاذ محمود تعليمه الأوّلي والمتوسط برفاعة. بعد اتمامه لدراسته الوسطى برفاعة انتقل الأستاذ محمود في عام 1932 إلى كلية غُردون التذكارية، وقد كانت تقبل الصفوة من الطلاب السودانيين الذين أتّموا تعليمهم المتوسط، حيث درس هندسة المساحة. كان تأثيره في الكلية على محيطه من زملائه الطلبة قوياً، وقد عبّر أحد كبار الأدباء السودانيين عن ذلك التأثير بقوله: «كان الأستاذ محمود كثير التأمل لدرجة تجعلك تثق في كل كلمة يقولها»!

    تخرَّج الأستاذ محمود في العام 1936م، وعمل بعد تخرجه مهندساً بمصلحة السكك الحديدية، والتي كانت رئاستها بمدينة عطبرة.. وفي مدينة عطبرة أظهر انحيازاً إلى الطبقة الكادحة من العمال، وصغار الموظفين، رغم كونه من كبار الموظفين، كما أثرى الحركة الثقافية والسياسية بالمدينة من خلال نشاط نادي الخريجين، فضاقت السلطات الاستعمارية بنشاطه ذرعاً، وأوعزت إلى مصلحة السكة الحديد بنقله، فتم نقله إلى مدينة كسلا في العام 1937م، غير أنّ الاستاذ محمود تقدّم باستقالته من العمل في عام 1941، واختار أن يعمل في قطاع العمل الحر كمهندس ومقاول، بعيداً عن العمل تحت امرة السلطة الاستعمارية. كان الاستاذ محمود في تلك الفترة المحتشدة من تاريخ السودان، وفي شحوب غروب شمس الاستعمار عن أفريقيا، علماً بارزاً في النضال السياسي والثقافي ضد الاستعمار، من خلال كتاباته في الصحف، ومن خلال جهره بالرأي في منابر الرأي، غير أنّه كان مناضلاً من طراز مختلف عن مألوف السياسيين، حيث كان يمتاز بشجاعة لافتة، لا تقيّدها تحسبات السياسة وتقلباتها، وقد أدرك الانجليز منذ وقت مبكر ما يمثله هذا النموذج الجديد من خطورة على سلطتهم الاستعمارية، فظلت عيونهم مفتوحة على مراقبة نشاطه.

    تزوّج الأستاذ محمود من آمنة لطفي عبد الله، وهي من اسرة الشيخ لطفي عبد الله المعروفة، والتي تنتمي لفرع الركابية الصادقاب، وقد كان زواجهما في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي. كان أول أبنائه (محمد) وقد نشأ في كنف أبويه متفرداً بين أترابه، غير أنه توفي صغيراً، حيث غرق في النيل عند رفاعة في حوالى عام 1954، وهو لمّا يتعد العاشرة من عمره، وقد صبرت أمه آمنة على فقده صبراً عظيماً. كان الأستاذ محمود وقتها خارج رفاعة، فعاد إليها عندما بلغه الخبر، وتلقى العزاء في ابنه راضياً، وقد قال: «لقد ذهب ابني لكنف أبٍ أرحم مني»! وللأستاذ محمود بنتان هما (أسماء) ، و(سمية).

    الحزب الجمهوري:
    في يوم الجمعة 26 أكتوبر 1945م، أنشأ الأستاذ محمود، وثلة من رفاقه هم: عبد القادر المرضي، محمد المهدي المجذوب، يوسف مصطفى التّني، منصور عبد الحميد، محمد فضل الصدّيق، محمود المغربي، واسماعيل محمد بخيت حبّة، حزباً سياسياً اسموه (الحزب الجمهوري)، حيث اقترح التسمية يوسف مصطفى التّني، اشارة لمطالبتهم بقيام جمهورية سودانية مستقلة عن دولتي الحكم الثنائي، وقد أُختير الأستاذ محمود رئيساً للحزب، وعبد القادر المرضي سكرتيراً له، وقد كان هذا الحزب هو الحزب السياسي الوحيد وقتها الذي يطالب بالحكم الجمهوري، والاستقلال التام، في الوقت الذي كانت فيه الحركة الوطنية السودانية، بقسميها الذين يقودهما حزبا الاتحادي والامة، لا يناديان إلا بالاتحاد مع مصر (الاتحاديون) أو بالاستقلال في تحالف مع التاج البريطاني (الأمة). وقد عبر هذا الموقف التأريخي من مصير السودان، أصدق تعبير، عن الرؤية الثاقبة، والبصيرة المسددة التي ستكون لاحقاً سمة الحركة الجمهورية التي أنشأها ورعاها الاستاذ محمود محمد طه.

    نشأ الحزب الجمهوري أول ما نشأ على المصادمة المباشرة للاستعمار، دون أن تقعده الرهبة، أو يصرفه اليأس، فحفظ تأريخ السودان للأستاذ محمود صوراً ناصعة من الاخلاص المتجرّد من الخوف والطمع، في مواجهات مكشوفة مع الاستعمار، ومع الطائفية السياسية التي كانت تحرك الشعب لمصلحة قادتها. ورغم أن الحزب الوليد اتخذ من الاسلام مذهبيةً له، غير أنه في تلك الفترة لم يكن يملك من تفاصيل تلك المذهبية ما يمكن أن يقدمه للشعب، فانصرف أفراده إلى ما أسماه الاستاذ محمود (ملء فراغ الحماس)، متخذين من قضايا مثل سياسة الاستعمار تجاه الجنوب، وقضايا مزارعي مشروع الجزيرة مواضيع للنضال ولتحريك الشعب، فضرب رجال الحزب الجمهوري وعلى رأسهم الاستاذ محمود الأمثال في شجاعة المواجهة، حيث كان الحزب يطبع المنشورات المناهضة للاستعمار والتي يقوم أفراده بتوقيع اسمائهم عليها، ثم توزيعها، في عمل فريد من أعمال المواجهة العلنية، اضافة الى قيامهم بالخطابة في الاماكن العامة، حتى استشعرت السلطات الاستعمارية الخطر، فتم اعتقال الاستاذ محمود في يونيو من عام 1946م وتم تقديمه الى المحاكمة، حيث خُيّر بين السجن لمدة عام، أو امضاء تعهد بعدم ممارسة العمل السياسي فاختار السجن دون تردد. كان الاستاذ محمود بذلك أول سجين سياسي في تأريخ الحركة الوطنية السودانية. وحتى في السجن فقد واصل مقاومته للمستعمر بعدم تنفيذ أوامر السجن، في حين واصل رفقاؤه في الحزب مقاومتهم خارج السجن، فأضطُرت سلطات الاستعمار إلى اطلاق سراحه بعد خمسين يوماً من سجنه. وقد أدى نبأ اطلاق سراحه، تماماً كنبأ سجنه، الى تجاوب واسع من قطاعات الشعب، أظهرته برقيات التأييد التي انهمرت على الحزب من محافظات السودان كافة.

    ثورة رفاعة:
    بعد إطلاق سراح الأستاذ محمود واصل الحزب الجمهوري نضاله ضد الإنجليز، حتى حانت في سبتمبر 1946م فرصة أخرى لتصعيد المقاومة، إذ قامت سلطات الاستعمار بتفعيل قانون منع الخفاض الفرعوني والذي كان قد صدر في ديسمبر من عام 1945م، حين قامت السلطات في رفاعة بسجن ام سودانية خفّضت بنتها خفاضاً فرعونياً، فنهض الأستاذ محمود إلى التصدي لحادثة الاعتقال هذه، معتبراً أنّ الاستعمار بتفعيله القانون في مواجهة عادة متأصلة لا يمكن محاربتها بالقوانين، انما يرمي الى اضفاء الشرعية على حكمه عن طريق إظهار نفسه محارباً لعادات الشعب السيئة من ناحية، وإظهار السودانيين كشعب غير متحضِّر مستحق للوصاية من ناحية ثانية.

    خطب الأستاذ محمود خطبة قوية في مسجد رفاعة مستنهضاً الشعب للدفاع عن المرأة التي نزعت من بيتها إلى ظلمات السجن. فتوحّدت المدينة بأكملها خلفه في ثورةٍ عارمة تصاعدت إلى اقتحام السجن، واطلاق سراح المرأة، رغم المواجهة العنيفة التي ووجهت بها من قبل السلطات والتي وصلت لحد اطلاق النار على الشعب. وقد تجلت في ثورة رفاعة جسارة الاستاذ محمود في مواجهة المستعمر والتزامه جانب المستضعفين من شعبه، مما خلب ألباب الأحرار، حيث عبّر أحد شعراء السودان عن ذلك في مقدمة قصيدة له في تمجيد ثورة رفاعة بقوله: «من المنبر في مسجد رفاعة انبعثت الصيحة، وخرج المسلمون -كالمسلمين الأوائل- في لحظة إلهية يندفعون إلى الكافر، ولقيهم هذا خلف صف من العساكر، وانطلق الرصاص، وتقدّم الرجال يمشون على خطى محمود»!

    تمخضت ثورة رفاعة عن سجن الأستاذ محمود لمدة سنتين، حيث ُسجن في سجن ودمدني لبعض الوقت، ثم أتم باقي مدة السجن في سجن كوبر الشهير، بمدينة الخرطوم بحري.

    في السجن الثاني للاستاذ محمود، بدأت تتضح له تفاصيل المذهبية الإسلامية، التي وقف حياته للدعوة اليها، حيث أخذ نفسه بالعبادة. وبخاصة الصيام الصمدي، والصلاة، والتفكر حتى ساقه ذلك إلى جلاء أمور غابت عن غيره من الناس.

    بعد اتمامه لمدة سجنه في العام 1948م، خرج الاستاذ محمود الى مدينة رفاعة، حيث اعتكف لمدة ثلاث سنوات، في خلوة عن الناس. حيث أتم ما كان قد بدأه في سجنه، من تهيؤ لدعوته الإسلامية.. كانت أيام خلوته، واعتكافه، عامرة بالاشراقات الروحية، والسمو النفسي، وقد بدا واضحاً أن الاستاذ محمود، أنه قد أقبل على موضوع كبير وخطير، وكان الحزب الجمهوري طوال فترة اعتكافه، قد توقف نشاطه، في حين كان أفراده ينتظرون خروج قائدهم من اعتكافه.
    خرج الأستاذ محمود من اعتكافه في اكتوبر 1951م، ودعا الحزب الجمهوري إلى اجتماع عام، عقد في 30 أكتوبر 1951م . في هذا الاجتماع طرح الاستاذ محمود المذهبية الإسلامية الجديدة، والتي تقوم على الحرية الفردية المطلقة، والعدالة الاجتماعية الشاملة، ليتجه الحزب الجمهوري من ملء فراغ الحماس إلى ملء فراغ الفكر. ودعا كل من يوافق على الفكرة الجديدة، لتسجيل اسمه كعضو بالحزب، ولو كان من قدامى أفراده. ولقد استمر معه بعض زملائه، وخرج عليه بعضهم، كما التحق بالحزب ذي المذهبية الجديدة شباب جدد.

    المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=59611

    الأحد 21 ديسمبر 2008م، 23 ذو الحجة 1429هـ العدد 5560
                  

01-23-2009, 04:30 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Omer Abdalla)

    الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

    كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (2)


    مقاومة الاستعمار :
    في مستهل الحركة الوطنية اتجهت الأحزاب الكبيرة التي تكونت من مؤتمر الخريجين الى مهادنة الإستعمار ، وطرح بدائل مقبولة لديه ، مثل الوثيقة التي تدعو للاتحاد مع مصر والتحالف مع بريطانيا ، وتكون على أساسها ، الوفد الذي أعد ليسافر إلى مصر ، فقد جاء (أن الوفد السوداني عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه : أن مطالب السودانيين تتلخص في :
    (1) إقامة حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وقد ترك تحديد نوع هذا الاتحاد معلقا لم يبت فيه.
    (2) مصر والسودان سيقرران معا طبيعة هذا الاتحاد .
    (3) عقد محالفه مع بريطانيا العظمى على ضوء هذا الإتحاد المصري السوداني (جريدة الرأي العام بتاريخ الأربعاء 28/3/1946) . ولقد رفض الحزب الجمهوري هذا الإتجاه وعن هذا الرفض جاء (ورفض الحزب الجمهوري الوثيقة التي إئتلفت عليها الاحزاب الأخرى في 25 أغسطس 1945م وتبناها المؤتمر في اكتوبر 1945م لأنها تختلف في جوهرها عن دستور الحزب . وقد سبقت الاشارة الى ان احد بنود الوثيقة ينص على قيام حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا. وفي معرض تعليقه على هذا البند قال الحزب الجمهوري « اننا لا نفهم لماذا نتقيد باتحاد وتحالف فنضع بذلك حق البلاد الطبيعي في الحرية موضع المساومة بان ندفع ثمن الحرية اتحاداً مع هذه او تحالفاً مع تلك « ( فيصل عبد الرحمن على طه : الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان . ص 231).

    وبين ما كان هذا اتجاه الأحزاب الكبرى، اتجه الحزب الجمهوري بقيادة الأستاذ محمود ورفاقه إلى الشعب مباشرة يثيرونه ضد الاستعمار ، بالمواقف الصادقة ، وبالرأي السديد .. ومن ذلك مثلاً نقرأ ( مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهما من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيها لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزع منشورات. ويودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك .. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلا السجن، وقد اقتيد لتوه إلى سجن كوبر( الرأي العام - 3/6/1946م). بهذا الاعتقال أصبح الأستاذ محمود محمد طه ، أول معتقل سياسي ، في مستهل الحركة الوطنية. ومع ذلك فقد استبعد اسمه من كل كتب التاريخ فلم يعرف ابناء هذا الشعب من أول من دافع عن كرامة شعبهم واستقلاله .

    ولما كان الاستاذ محمود محمد طه قد فضل الاعتقال على الرضوخ للمستعمر حتى تتصاعد المقاومة الشعبية ، فانه قد رفض الانصياع لقوانين السجن ، حتى عوقب عقوبات مضاعفة داخل السجن .. وكانت السلطة البريطانية ، في حيرة من أمره ، لأنها لم تكن لها سابق تجربة مع معتقلين سياسيين قبله ، ولأنه كان يفاجئهم بعصيان اوامرهم غير عابئ بعقوباتهم .. فقد رفض أن يعمل كما يعمل المساجين ، ليطوع قوانين السجن حتى تميز بين المعتقل السياسي والمجرم العادي. وفي هذا المضمار رفض الاستاذ محمود أن يقف لضابط السجن ، واخبره انه ليس لديه مشكله معه ، ولكن مشكلته مع الحكومة الإستعمارية ولهذا لن يطيعها لا خارج السجن لا داخله .. وعن ذلك نقرأ ( بيان رسمي من مكتب السكرتير الإداري عن رئيس الحزب الجمهوري: «ظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثا بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة على الأمن.. وهذه البيانات قد احتوت على معلومات غير دقيقة، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود محمد طه أن يشتغل، وهذا يخالف قوانين السجن فلم يعمل له أي شئ في اليوم الأول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام «بالزنزانة» و «الأكل الناشف» ولو أنه رفض أيضا أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فان العقوبة التي نالها الآن لم تعط له نتيجة المخالفة لنظام السجن، وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم ، يجب أن يقفوا الى ضابط السجن انجليزيا، كان أو سودانياً . ( الرأي العام - 26/6/1946م).

    وحين كان الأستاذ محمود يقاوم الاستعمار، من داخل السجن ، كان رفاقه في الحزب الجمهوري ، يصعدون المقاومة في الخارج ، فقد نشرت جريدة الرأي العام ، في نفس الأسبوع الذي سجن فيه الأستاذ ، الخبر التالي:
    ( ألقى الأستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطابا عاما أمس الأول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد إلقاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبيرة ينفذها الحزب الجمهوري ).

    وفي تصوير ذلك السجن الأول وما يحوي من مشاعر الوطنية الصادقة سطر الشاعر الفذ محمد المهدي المجذوب في مارس 1947م قصيدة طويلة جاء فيها :

    محمود يا ابن محمد لك أسوة أوعيت محنة يوسف تأويلا
    وطن وهبت له الشباب منضراً * ورأيت أجمل ما وهبت قليلاً
    بات الرجال على الخيانة والخنى * وجعلت قيدك للوفاء مقيلا
    الفجر منتظر حداءك صافياً * بهدى السماء ونورها مشمولا
    تلقي البلاد الى يديك زمامها * بطلاً يعود بفخرها موصولا
    فرداً على آي النبي وشرعه * عدلاً يقيم على البلاد عدولاً
    وهو الأمين وسوف يسأل معجب * أتراه يبعثه الرسول رسولا
    قلبت يا وطني السيوف كثيرة * حتى وجدت حسامك المأمولا
    أنظر حسامك ذو المضاء محجب * في السجن يبرق حده مصقولا
    محمود يلمع في عماية كوبر * مثل الهلال وضاءة ونحولا
    الله طهر اصغريه ومده ظلا * على أهل الحقوق ظليلا
    الصايم القوام بين قيوده * يتلو الكتاب منزلاً تنزيلا
    خشعت له من كوبر انحاؤها * وتسمعت في ليلها ترتيلا
    مسحت تلاوته على آثامها * فبكت هناك متابها مجهولا
    محمود برأك العليم من الهوى * وأحق فيك على الحياة دليلا
    الفجر أنت على النفوس ولم * يكن بسواك نور هداية مكفولا
    أنت الغياث لموطن ابناؤه * تركوه بين عيونهم مخذولا

    ولما تصاعدت المقاومة من الجمهوريين ، على قلة عددهم في ذلك الوقت ، خشيت الحكومة البريطانية من تعاطف الشعب معهم ، فأطلقت سراح الأستاذ محمود . وبالرغم من ان الحزب الجمهوري قد كان الأصغر ، من بين الأحزاب ، ألا أن مئات التهاني ، وعبارات التضامن والتقدير ، للدور الوطني ، الذي لعبه رئيسه ، قد وردتهم من جميع أنحاء السودان ، مما يدل على استعداد الشعب للثورة ، لو أن قادته قد كانوا في المستوى المطلوب ..
    ويكفي أن نذكر بعض تلك البرقيات، التي وردت للحزب الجمهوري آنذاك ، عرفاناً لأصحابها الأحياء منهم ، والأموات ، فقد دخلوا بها التاريخ :
    ( سكرتير الحزب الجمهوري - أم درمان
    كان سجن الرئيس درسا وطنيا قيما لشباب الجيل في الإيمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني . حسن بابكر - القضارف 24/7/1946).
    ( محمود محمد طه - الحزب الجمهوري أم درمان :
    تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب
    ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق يا للعجب
    ياسجينا قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب
    أحمد محمد عثمان - عطبرة 29/7/1946)
    ( الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري - أم درمان
    أعضاء جبهة المؤتمر الوطنية بالابيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للإيمان بالوطنية الصادقة ويعدّون جهادكم رمزا للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون إخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد .
    السكرتارية 24/7/1946)
    ( أمين صديق ، البوستة الخرطوم للرئيس
    دخلته رجلا وغادرته بطلا وضربته مثلا
    علي عبد الرحمن - الأبيض 32/7/1946م)
    ( سكرتير الحزب الجمهوري - الخرطوم
    إن جميع أعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالإفراج عن رئيس حزبكم العظيم وهم جميعا يبتهلون الى الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد.
    سكرتير عام الجبهة الوطنية - سنجة 2/8/1946م)
    ( محمود محمد طه - أم درمان
    عرفنا فيك المثل الأعلى منذ عهد الطلب، فسرّنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير
    صديق الشيخ - كوستى 30/7/1946 )
    ( محمود محمد طه - أم درمان
    أوفيت كرامة السودان وابائه حقهما - فلتعش رمزا صادقا للوطنية الخالصة ، لك تقديرنا وإعجابنا .
    اتحاد طلبة كردفان - الأبيض 23/7/1946م)
    ( محمود محمد طه - أم درمان
    لقد سجلت بعزمك القوي وإيمانك الصادق فخرا للأجيال فلتعش مرفوع الرأس - لك منى التهاني-
    الطيب حسن/عطبرة 24/7/1946م).

    وهكذا تجاوب الشعب مع الاستاذ محمود، واتخذه رمزاً لنضال الأمة ، وحامياً لعزتها وكرامتها، ومع كل ذلك لم يرد اسمه في تاريخ السودان . ولقد افلح خصومه السياسيين، والدينيين، ان يشوهوا افكاره ، وان يخفوا مواقفه ، حتى نشأت اجيال، لا تعرف عنه، الا ما ينفرها منه ومن فكره . ولم يكتف الحزب الجمهوري، تحت قيادة الاستاذ محمود، بمواجهة الاستعمار، وانما امتد نضاله لمواجهة الأحزاب الكبيرة، التي سارت مع الاستعمار في مشروعه، وتبادلت معه المذكرات، ولم تلتفت لشعبها تثيره ضد المستعمر .. ومن مما جاء في ذلك منشور شهير جاء فيه ( هذا نذير من النذر الأولى ياجماعة الأشقاء وياجماعة الأمة - أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية - أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة - أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة ، أيها المرددون النغمة المشئومة - نغمة الطائفية البغيضة - انكم لتوقرون أمتكم وقرا يؤودها ..
    ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء الى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام ، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام .. أنتم تريدون ابقاء المصريين ، وأنتم تريدون ابقاء الانجليز ، فاذا اجتمعت كلمتكم فانما تجتمع على ابقاء المصريين والانجليز معا ..
    ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء ، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء .. أنتم تريدون السلامة ، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون .. أنتم تستغلون سيدا لايعرف ماتريدون ، وأنتم يستغلكم سيد يعرف مايريد ، والبلاد بينكم أنتم ، وأنتم ، على شفا مهواة ومهانة .. فليلطف الله ببلاد لايخدم نهضتها الا صغار الموظفين ، أو كبار الموظفين ، وليتدارك الله دينا باسمه يحيا أناس في برد العيش ، وقرار النعمة ، ورخاء الدعة ، وباسمه هم لأبنائه يكيدون ..
    ياهؤلاء ، وهؤلاء : ان الله لواحد ، وان الدين لواحد ، وان الوطن لواحد ، ففيم تنقسمون على هذا النحو المزري . ياهؤلاء ، وهؤلاء : كونوا ليوثا غضابا ، أو فكونوا قردة خاسئين ، وارحموا شباب هذا الوادي المسكين ، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارة وهوانا ..
    ياهؤلاء ، وهؤلاء - لأنتم أشأم على هذه البلاد من كل شؤم وشؤم .. أيها السادرون من هؤلاء وهؤلاء ، لاتحسبن الكيد لهذه الأمة مأمون العواقب ، كلا !! فلتشهدن يوما تجف لبهتة سؤاله أسلات الألسن ، يوما يرجف كل قلب ، ويرعد كل فريصة ....) ( ارشيف الجمهوريين: منشور 1945م)


    المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=59970

    الأحد 28 ديسمبر 2008م، 1 محرم 1430هـ العدد 5574
                  

01-23-2009, 04:33 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Omer Abdalla)

    الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

    كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (3)


    ثورة رفاعة:
    في اواخر عام 1945م كانت أصوات السودانيين ترتفع مطالبة بحق تقرير المصير، وكانت دولتا الحكم الثنائي بريطانيا ومصر، تدرسان هذا الطلب نزولاً عند مبادئ ويلسون بعد الحرب العالمية.. في هذه الأثناء أصدرت الإدارة البريطانية قانون منع الخفاض الفرعوني. ولقد كان الانجليز يتوقعون رفض القانون، ومقاومته، لعلمهم بأن هذه العادة متأصلة، وبأنها ترتبط في الوعي الشعبي بالعفة والشرف، وتعد من أخص خصوصيات الاسر.. ولكنهم حين أعلنوا القانون، كانوا يخططون لاستثمار الرفض المتوقع كدليل على ان الشعب السوداني لا يزال متخلفاً، وهو من ثم، لا يستحق الحكم الذاتي أو الاستفتاء لتقرير المصير.. هذا هو الغرض من إصدار القانون في ذلك الوقت بالذات .. فالقضية إذن في جوهرها قضية سياسية، وهي لا يمكن أن تواجه الا على المستوى السياسي. ولهذا عارض الجمهوريون قانون الخفاض الفرعوني علناً، وكشفوا نوايا المستعمر، خاصة في منشورهم الذي صدر في ديسمبر عام 1945م، والذي جاء فيه «إننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود ان ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني، أو نحلل الأسباب التي أوحت بها لأبناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا، ولكننا نود ان نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة ابتدعتها حكومة السودان ابتداعاً، وتريد أن تجبرنا على اتباعها...» ويمضي المنشور ليقول «إن الخفاض عادة سيئة ولها مضارها المتعددة، ولكنَّ السودانيين مثل بقية الشعوب لهم عاداتهم الحسنة، وعاداتهم السيئة، والعادات السيئة لا تحارب بالقوانين وانما بالتربية والتعليم الواعي ... ولا شك أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون للقضاء على عادة متأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني، دليل قاطع على أن حكومة السودان إما أن يكون رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ، أو عقيدة، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي إن السودانيين قوم متعنتون، وأن تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية، هو نفس التعنت الذي وقف في سبيلنا، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب، والاستفادة من مياه الدندر والرهد والأتبراوي، والتوسع في التعليم.. هذا من ناحية الالتجاء للقانون، وأما القانون في حد ذاته فهو قانون أريد به اذلال النفوس، واهدار الكرامة، والترويض على النقائص والمهانة.. قل لي بربك أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟ وأي كريم يرضى أن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيرته للطبيب للكشف عليهن؟ عجباً لكم يا واضعي القانون ان تستذلونا باسم القانون؟ أو من الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسبها في أعماق السجون ؟! » « ارشيف الجمهوريين 1946م». هذا هو رأي الجمهوريين الواضح في قانون الخفاض، قبل مواجهتهم الحكومة وقيادة الأستاذ محمود لثورة رفاعة.

    في سبتمبر 1946 قبضت السلطات على امرأة، في مدينة رفاعة، بتهمة خفاض ابنتها وأودعتها السجن .. فاتصل أهلها بالأستاذ محمود محمد طه، الذي قام في نفس المساء، بالطواف على مقاهي سوق رفاعة، وحدث الناس وذكرهم بمنشور الجمهوريين ودعاهم للتجمع في صلاة الجمعة.. وبعد الصلاة قام فيهم خطيباً، فهاجم القانون، ووضح القصد منه، وذكر ان الناس لو سكتوا يكونوا قد نكصوا عن نصرة المظلوم ورد الظالم .. ومما جاء في تلك الخطبة الشهيرة التي تحرك المصلون على إثرها لاطلاق سراح المرأة «ليس هذا وقت العبادة في الخلاوي، والزوايا، أيها الناس، وانما هو وقت الجهاد .. فمن قصّر عن الجهاد، وهو قادر عليه، ألبسه الله ثوب الذل، وغضب عليه، ولعنه. أيها الناس: من رأى منكم المظلوم فلم ينصفه، فلن ينصفه الله من عدو. ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره، فلن ينصره الله على عدو. ألا أن منظر الظلم شنيع، ألا أن منظر الظلم فظيع.. فمن رأى مظلوما لا ينتصف من ظالمه، ومن رأى ذليلا لا ينتصر على مذلّه، فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام، وشهامة الإسلام الى النصرة، والمدافعة، فليس له من الايمان ولا قلامة ظفر ...».

    ولقد تابعت صحيفة «الرأي العام» آنذاك، تطور احداث رفاعة يوماً بيوم، وكانت بذلك رمز للصحافة الحرة، التي تشكل وعي الشعب، وتعينه على المتابعة، والتجاوب، وحشد الروح الوطنية المتصاعدة وكان مما جاء فيها:

    الرأي العام 21/9/46 - نشرنا قبل أيام، أن السلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض، لأنها خفضت بنتا، وأن الجمهور قابل هذا العمل بروح الاستياء العميق، واضطرت السلطات الى اطلاق سراح المرأة بضمانة.. وجاءنا اليوم تلغرافيا، بتوقيع أهالي رفاعة، أن السلطات عادت فسجنت المرأة، وعندما علم الجمهور بالأمر خرج من الجامع، واقتحم السجن، وأطلقوا سراح المرأة، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلا عنها .. فأمر المفتش بسجن الضامنين، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضاً، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة، وأخذها الى جهة غير معلومة.. فقامت رفاعة بأسرها قاصدة الحصاحيصا، ومنعت السلطات المعدية من العبور، وأضربت المدارس، وأغلق السوق، وقامت مظاهرة عمومية، ويحتشد الجمهور الآن بالشاطيء، وفي كل مكان- تعليق: رغم منع السلطات عبور المعدية فإن الجمهور عبر بقوارب الصيد..

    الرأي العام الاثنين 23/9/46 - وقفنا بالقارئ أمس الأول عند تجمع سكان رفاعة على شاطئ النهر، ومنع المعدية من العبور .. وقد عبر بعد ذلك فريق من المتظاهرين الى الحصاحيصا، ومن هناك انضم اليهم خلق كثير من الناس.. فتوجه الجمع الى المركز في مظاهرات واسعة، وبدأوا في قذف المركز بالطوب وغير ذلك، فتحطم كثير من الأبواب، والنوافذ، واصطدم المتظاهرون بالبوليس الذي عمل جاهدا لتفريق المتظاهرين.. وعلى إثر ذلك، أمر سعادة مدير الجزيرة بالنيابة باطلاق سراح المرأة السجينة، فأخذها جمع من الناس وتوجه بها الى منزلها برفاعة.

    الرأي العام 25/9/46 - تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة والحصاحيصا، منهم الأستاذ محمود محمد طه، وشقيقه مختار محمد طه، فوضعوا في سجون رفاعة، والحصاحيصا، ومدني.

    الرأي العام 25/9/46 - اجتمع أعضاء الحزب الجمهوري مساء أمس، وساروا في موكب اخترق شارع الملك بالخرطوم .. وقد خطب منصور عبد الحميد في احدى المقاهي التي صادفتهم في الطريق، فاعتقله البوليس للتحقيق - وكان الغرض من الموكب، والخطبة، الاحتجاج على اعتقال رئيسه، والتنديد بقانون الخفاض.
    الرأي العام 27/9/1946 - اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذو النون جبارة، وعبد المنعم عبد الماجد عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري .. نددا فيهما بالمجلس الاستشاري، وقانون الخفاض، وكبت حرية الرأي والخطابة.

    الرأي العام 1/10/1946م
    بيان رسمي عن الحزب الجمهوري
    تريد الحكومة أن تؤكد أن الأشخاص الذين قبض عليهم، في رفاعة، ثم في الخرطوم، والخرطوم بحري، لم يقبض عليهم لآرائهم عن القانون الذي يمنع الخفاض الفرعوني.. فكل شخص له الحق في أن يكون له رأي خاص، وأن يعرب عنه، بالطريقة المشروعة .. فالاشخاص الذين قبض عليهم في رفاعة لاثارة الشغب، والذين في الخرطوم والخرطوم بحري، قبض عليهم لالقاء خطب مثيرة، علانية، يحتمل أن تعكر صفاء الهدوء العام، وأن تثير إخلالا بالأمن.

    الرأي العام 7/10/1946: جاءت قوة كبيرة من البوليس من مدني، برئاسة مفتش المركز، وفي نفس الوقت عسكر خارج رفاعة البلوك الرابع من فرقة الهجانة بقيادة الصاغ أحمد عبد الله حامد الذي دخل الى رفاعة برفقة ضابط سياسي، وقابل المفتش، وقمندان البوليس، ورجع الى مقر فرقته.. واعتقل الأستاذ محمود محمد طه، وأحضر الى المركز .. وإثر ذلك تحرك جمهور كبير نحو المركز، وفي الحال نقل الأستاذ محمود الى معسكر البلوك الرابع، خارج المدينة.. وتحركت فصيلة من البلوك الرابع لتعزيز قوة بوليس مركز رفاعة .. وكان اطلاق الرصاص بأمر مفتش المركز، عندما رفض الجمهور اطاعة أوامر البوليس المتكررة بأن يتوقفوا عن تقدمهم صوب المركز، وقد أطلق البوليس دفعة فوق رؤوس الجمهور وهم على بعد 40 ياردة تقريبا من المركز، ولما لم يقفوا، أطلقت دفعة أخرى على الأرض أمام أقدامهم، في وقت كانت فيه مقدمة الجمهور على بعد 25 ياردة من المركز، ولم يصب غير أربعة أشخاص، اثنان منهم باصابات بسيطة جدا، وأما الرابع، فقد كسرت ساقة كسرا سيئا.

    الرأي العام 21/10/1946م - صدرت أحكام بالسجن بمدد تتراوح بين شهر وسنة على كل من: عباس المكي، عوض القريض، أحمد الأمين، محمد الياس، الزبير جاد الرب، عبد العال حسن، أحمد عثمان، حمد النيل هاشم، علي مالك، محمد الحاج علي، بابكر وقيع الله، عبد الله حامد الشيخ، حسن أحمودي، منصور رجب، عبدون عجيب - وحكم على «صبي» بالجلد.

    الرأي العام 17/10/1946 - حكمت محكمة كبرى بود مدني برئاسة القاضي أبو رنات، بسنتين سجنا على الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري، بتهمة إثارة الشغب في رفاعة .. كما حكم عليه بوضعه تحت المراقبة لمدة سنة أخرى بعد اتمام مدة سجنه.

    الرأي العام 19/10/1946 - أصدرت محكمة الجنايات حكمها على بعض أعضاء الحزب الجمهوري المتهمين تحت المادة «105» وكانت الأحكام كالآتي: عثمان عمر العتباني 3 شهور سجنا، سعد صالح عبد القادر، شهر سجنا، ذو النون جبارة شهر سجنا. وكانت المحكمة برئاسة استانلي بيكر، وعضوية محمد أفندي محمود الشايقي مفتش الخرطوم بحري، والعمدة عمر كويس.

    الرأي العام 24/10/1946 - بهذا اليوم، أتم الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري السجين، ستة أيام من صيامه.. وقد أغلقت أمس أندية الخريجين في مدني، والأندية الرياضية، احتجاجا على سوء معاملته.. وتتوالى برقيات الحزب الجمهوري، والمواطنين على السلطات بالاحتجاج.

    ولد سجل الشاعر محمد المهدي المجذوب هذه الثورة الخالدة في قصيدة عصماء قال فيها واصفاً رفاعة:

    هل أدت عن شعبها الدين *** يا رب وللحق في الشعوب ديون
    رفعت طرفها إلى الله *** والأدمع في خدها رجاء حزين
    ليس تشكو إلى سواه لقد *** أعرض سودانها وقل المعين
    أين محمودها الذي دفع *** الضيم أ للقيد في يديه رنين
    عربي يثور للعرض *** والدين ولكنه الغداة سجين
    يا خديني الذي يغيبه السجن *** وللشوق إن حجبت عيون
    أنا ألقاك في ضميري وفي *** البيعة يلقى بها الإله الضمين
    أنا ألقاك في الجهاد الذي *** يعذب فيه الردى ويسلو الحزين

    المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=60318

    الأحد 4 يناير 2009م، 8 محرم 1430هـ العدد 5574
                  

01-23-2009, 04:35 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Omer Abdalla)

    الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

    كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (4)

    وبالاضافة للقصيدة العصماء، التي اشرنا اليها في الحلقة الماضية، كتب الشاعر محمد المهدي مجذوب قصيدة اخرى في مناسبة ثورة رفاعة جاء فيها:

    أقالُوا دفعـْنا عـن أمــورٍ قديمــةٍ؟
    وأمسُـوا، لهـمْ في كـلِّ كارثةٍ عذرُ؟
    نحطّــم أظفــارَ الأعــادي وهمُّهمْ حمايتُها، والغــدِرُ يمــنعُــه الغـدُرُ
    لحانــا أشقــاءُ نَعــَمٍ، كـلُّ مُطمِعٍ شقيــقٌ لهـم في مصـرَ ترزقُهُ مِصرُ
    وكمْ سرقَ الأصواتَ لصٌ مغامرٌ ويربَحُ بالأصــواتِ ما يربَــحُ التـُّجـرُ
    إذا جاهدُوا عادوا بشـايٍ وسّكــرٍ وخيْشٍ، وشيخُ الحزبِ منْ حِزبِه التّمرُ
    أُبايعُ محموداً على الحقِّ بيعــة هـي الصبرُ والرضوانُ في عقدِها بدْرُ
    أبى اللهُ أنْ تلقى هواناً مصونةٌ وما ذنبُهــا، إلا العَـفافــةُ والطُّهـرُ
    حماهــا أبــيُّ الدينِ والعقلِ ثائرُ له مِنبــرٌ ما فيـــه خوفٌ ولا ستـرُ
    تخطَّى إليها السِّجنَ والنّارُ دونَه ولمْ يُجــدِ إنـــذارُ المفّتشِ والـزأْرُ
    لك النصرُ يا محمودُ والنورُ باقيا وأُعطيــتَ، ما أعْطى بصائرَنا الفجرُ
    عَرفْنا رجـالاً قدرُهمْ ليسَ قــادِراً وغيرُكَ في الســودانِ ليــسَ لهُ قدرُ

    لقد أثر موقف الاستاذ محمود، وشعر المجذوب، واصرار الجمهوريين، وشعب رفاعة، على المقاومة على الرأي العام السوداني، فظهرت اقلام شجاعة في الصحف السودانية، تحلل القضية وتساند الموقف الوطني، وتوعي الشعب بضرورة المقاومة، ومن ذلك نقرأ «أصبح واجبا لزاما علينا أن ننبه الحكومة، على ضوء ما حدث أخيرا، في أول تجربة لتطبيق هذا القانون، الى الخطر الذي ينجم من التسرع في تطبيقه، والى النكبة الاجتماعية الخطيرة التي ستتعرض لها المرأة السودانية عند تطبيق هذا القانون عليها.. ففي الحادث الأخير بدا واضحا أن الطريقة التي اتبعت في اعتقال هذه المرأة كانت مثيرة، ولا تتفق مطلقا مع كرامة الحكم وهيبة القضاء، فانتزاع المرأة من بيتها، في غسق الليل، وبازار النوم، وتهريبها الى الحصاحيصا، لا معنى له غير اثارة الخواطر أكثر، ولا يجدر بالحكومة أن تلجأ الى أساليب هي أشبه بأساليب الاختطاف التي يلجأ اليها رجال العصابات.. وليست هذه الطريقة التي اتبعت هي موضع الخطر في هذا القانون، ولكن هناك خطرا جسيما، ولا بد من التنبيه عليه، ذلك أن المرأة السودانية الشريفة، الحرة، لم تتعرض، حتى الآن، الى محنة السجن، بحكم حياتها الاجتماعية، التي تنأى بها عن مواطن الجريمة . وقانون الخفاض، بوضعه الحالي، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لا يرين أن الخفاض جريمة، بحكم ما يسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة، والتقاليد المتبعة، ومعني هذا أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات.. ويقينا أن القاء هؤلاء في السجن، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن وذويهن، فإنه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة، يقضي على سمعتهن، وكرامتهن قضاء مبرما.. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن من هذه السجون السيئة الوضع، والرقابة، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا، اذن فالعقاب بالسجن، لمثل هذا النوع من النساء، لا يعد اصلاحا وتهذيبا لنفوسهن، ولا يردع غيرهن، وهذا هو الغرض من سجن المجرم، انما يعد إفسادا لخلقهن، وقضاء مبرما على سعادتهن في المجتمع» «الرأي العام أكتوبر 1946م»

    دفاع الأستاذ أمام المحكمة:
    جاء في الأخبار «علمنا أن الاستاذ محمود محمد طه رفض أن يقبل محامياً للدفاع عنه، وانه أعلن بأنه لن يدلي بأية اقوال للتحقيق إلا على أساس مناقشة قانون منع الخفاض الفرعوني. وكان الاستاذان المحاميان الاستاذ أحمد خير والأستاذ زيادة قد تقدما للدفاع عن الأستاذ، فشكرهما الاستاذ واعتذر لهما بأنه سيباشر القضية بنفسه» «الرأي العام 12/10/1946م».

    حين وقف الأستاذ محمود، أمام القاضي ابو رنات، في محكمة مدني، مدافعاً عن نفسه، كان مما قاله:

    «1- أهالي رفاعة جميعهم أبرياء، وزملائي الذين سجنوا أبرياء، وأنا برئ، والمسألة في الحقيقة، سلسلة أخطاء من الإدارة، من أولها إلى آخرها.. كلما أخطأت الإدارة مرة، وتمسك الناس بحقهم، اعتبرته مساساً بهيبتها، فاستعلت، وأخذتها العزة بالإثم، فقفزت في خطأ آخر، هو في زعمها، يعيد لها هيبتها في نفوس الناس.. وما علمت أن اجتماع الأخطاء، لا ينتج منه ولا صواب واحد».
    «2- الوضع الصحيح المجمل لهذه المسألة، هو أن الإدارة قد ضربت أهالي رفاعة فصاحوا من ألم الضرب بصوت خفيض، ثم ضربتهم فصاحوا، ثم ضربتهم فصاحوا، فاستاءت من أن يصيح المضروب المتألم، فقدمتنا للمحاكمة، فكانت هذه المحكمة.. ولو كنا نملك ما تملك، لقدمناها نحن لهذه المحكمة، ولكنا لا نملك جيشاً، ولا بوليساً، ولا سجوناً وقيوداً، ولو ترك القطا ليلاً لنام».
    «3- قلت بالأمس، إني وبالمثل أي عضو من أعضاء الحزب الجمهوري، لا أنكر تهمة الإثارة، لمجرد أنها تهمة إثارة، إنما أنكر تهمة الإثارة، بالنقد الذي لا يحترم الحقائق وبالتشويش المغرض .. ولقد كان من دواعي الشرف لي، ولحزبي، لو صح أني أنا الذي أثرت أهالي رفاعة حول هذه القضية، لأنها من القضايا التي نقدنا فيها الحكومة، وسننقدها الى أن تقلع عنها .. ولكن للأسف، فإن الإدارة قد سبقتني إلى هذا الشرف، فأثارت أهالي رفاعة، وأثارتني معهم .. فلننظر».
    «7- قالت جريدة الرأي العام في يوم 24 سبتمبر، تحت عنوان رئيسي «القضاء ينظر في قضية الخفاض برفاعة»، بعد حديث لها «وقد علمنا من مكتب «الصحافة» هذا الصباح، أن قضية الخفاض التي سببت كل هذا الشغب، هي الآن، تحت نظر رئيس القضاء بالمصلحة القضائية، وأن التهم الموجهة الى الذين اعتقلوا في هذه الحوادث، لا دخل لها بآرائهم في موضوع الخفاض.. ولكنها تتعلق اولاً وأخيراً باستخدام القوة، لتحقيق غاية، في الوقت الذي كان فيه الاستئناف مفتوحاً أمام المتظاهرين».
    «8- هل باب الاستئناف مفتوح أمام المتظاهرين ؟ .. لننظر».
    «9- قالت الحكومة في بيان رسمي، في الصحف، ما يأتي «حصلت أخيراً في رفاعة حادثة أدينت فيها امرأة لخفضها ابنتها خفاضا غير مشروع، وحكم عليها بأربعة أشهر سجناً، وقد قدم استئناف لمدير المديرية، فرفضه، وحبست المرأة في السجن» .. ومع ذلك فالحكومة تقول إن باب الاستئناف مفتوح !! وهذا الاستئناف رفض، مع ان المرأة مسجونة بغير أدلة كافية للإدانة، وفيما أعلم لم يخبر المستأنفون، ولا نحن مندوبي الهيئات، الذين قابلنا المفتش، بهذا الاستئناف، وانما أعيدت المرأة للسجن والسلام.. فإن لم يكن هذا سوء النيّة والاستخفاف بالناس فماذا عساه يكون؟».
    «12- مفتش رفاعة، سجن أمرأة مصونة شابة، في سجن عمومي مع خادمة عاهرة .. فحدثناه في ذلك، فاعترف بعدم صلاحية السجن للنساء، في رفاعة، فأطلقها بضمانة، وظل ما ظل في رفاعة لا يذكرها، فلماذا عندما ذهب الى الحصاحيصا، أمر باعادتها الى نفس السجن ؟! فهل تسمي هذا استخفافاً بدين الناس، واخلاقهم، أم تسميه جهلاً بالناس أم هما معاً؟! سمه ما سئت فهو برهان ثالث».
    «13- إن تصرف المفتش هذا، يجعل ما قمت به أنا، في الجامع، وما قام به الناس بالمركز، شيئاً مفروضاً علينا، في واجب الدين، وواجب الاخلاق، وواجب الحياة نفسها، بل إن الناس قد سلكوا سلوكاً يستحق الثناء، وقد شرحنا تفصيله للمحكمة».
    «15- وضعت المرأة بسجن مدني، وما أدراك ما سجن مدني؟! بهذا السجن اليوم 23 امراة، منهن أربع مجنونات، يفحشن بالفاظ يندى لها وجه الرجل، وسائرهن عهر، أحضرن من بيوت عامة، وحوكمن في جرائم خمرة .. بين عنبرهن وعنبر الرجال، نحو 15 متر يفصل بينهم السلك الشائك .... مع هؤلاء، في هذا السجن، يراد سجن امرأة شابة حرة، مسلمة، مصونة، تشرف على تربية بنات وأولاد، تركهم لها زوجها، الذي توفى قبل شهر.. فاذا قال أهلها لا، وناصرهم إخوانهم في الدين، وفي الجنس، وفي الوطن، قالت الحكومة هذا شغب، وهذه فتنة، وهذا تهديد !!».
    «16- تتهمني الإدارة بأني أثرت أهالي رفاعة، وهي تتهمني هذه التهمة، لأنها تجهل الناس جهلاً شنيعاً، وتستخف بأحلامهم وأخلاقهم، والا فهل أحد يحتاج الى من يثيره مع كل هذا ؟! وهل استطيع أنا، أو يستطيع أبلغ خطيب، أن يثير الناس أكثر من إثارة الإدارة هذه إياهم ؟! وأهالي رفاعة خارج رفاعة من الذي أثارهم ؟ أسمع تلغراف أهالي رفاعة، من مدني وتندلتي ... هؤلاء الناس، لو كانوا شهوداً، لتولوا كبر الثورة .. هل أثارت هؤلاء واخوانهم الإدارة، أم أثارهم محمود في جامع رفاعة ؟!».

    سوء الفهم والتزييف:

    بالاضافة الى التزييف المتعمد للتاريخ، من قبل الحكومات المتعاقبة على السودان، والتآمر على ابعاد دور الاستاذ محمود في الحركة الوطنية، وحجبه عن الاجيال، فإن هنالك تزييفاً تم بواسطة بعض المثقفين، بسبب جهلهم بالوقائع، وسوء فهمهم لها. ولقد اهتم الجمهوريون بالتصحيح، في كل وقت، ومن ذلك نقرأ «لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني، ولم يطالعهم وجهه الآخر.. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم، سابقا فقد عبر عن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة «الصحافة» بتاريخ 30/11/1968م، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردَّة .. حيث قال: «وأذكر أنه قبل عشرين عاما، بالتمام والكمال، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى، أن الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها، ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا».. ويمضي الدكتور سعيد فيقول «وهذه الثورة رغم أنها رجعية، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني، الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار». هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة.. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية.. ذلك بأنه لا يقوم نقص المعلومات، التي يمكن الحصول عليها، وتمحيصها، عذراً أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها، فيأتي من ثم حكمهم عليها ساذجا وسطحيا.. أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية، بعد عشرين عاما، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني، فيقول «إنها تؤيد الخفاض الفرعوني» ولذلك «فهي ثورة رجعية».. ان الثورة كانت ضد القانون وليست دفاعا عن الخفاض.. ليست ضد القانون في ذاته، ولكن للملابسات التي تكتنفه.. أرجو أن لا يكون أبناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم، يدرسون، عن هذه السابقة القانونية، على طريقة الدكتور سعيد..!!» «الأخوان الجمهوريون: معالم في طريق تطور الفكرة 1980م».

    المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=60758

    الأحد 11 يناير 2009م، 15 محرم 1430هـ العدد 5581
                  

01-23-2009, 04:38 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Omer Abdalla)

    الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

    كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (5)


    ومن الذين حاولوا تشويه هذا التاريخ المجيد بسوء فهم وسوء نيّة ، د. خالد المبارك ، ولعل الرجل كان في هجومه على الاستاذ محمود ، يتسقط رضا حكومة الانقاذ ، ويطمح في نيل عطفها ووصلها ، فهل يحس ، الآن ، انه كسب نفسه ، لأنه نال منصباً دون منصب السفير، في أحدى سفاراتنا بالخارج ؟!

    قال د. خالد المبارك ( لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعة – التي اشاد بها المتحدث- احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة "يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى ........ بناتكم" وفعلاً ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار تحديثي جرئ وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال الوطني ضد الاستعمار بل هي من مخازينا ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه) (خالد المبارك : محمود محمد طه وانصاف الحقائق. الرأي العام 19/11/2002)
    (وقبل ان نوضح حقيقة ما جرى في حادث رفاعة المشهور ، نود ان نركز في البداية ، على مسألة شديدة الدلالة ، على مبلغ تدني خطاب د. خالد المبارك . فقد أورد في النص أعلاه عبارة "قيل للعامة يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى......... بناتكم" أوردها هكذا بين قوسين ، ليوهم القارئ بأن هذه العبارة قد قالها الاستاذ محمود أو الجمهوريون !! ولقد تعمد ان يضع نقاطاً ، بدلاً عن الكلمة البذيئة ، التي حذفها ، وترك إستنتاجها للقارئ !! ولو كان للكاتب معياراً أخلاقياً يحاكم اليه ، لأمكن لومه على هذا التلميح المسف ، والذي ينطوي على عدم احترام للمرأة السودانية ، وعلى التعريض بعرضها بلا حياء .. وحسبنا من تقييم د. خالد المبارك إنعدام الامانة الفكرية ، ومحاولة تضليل القراء ، بان هذه العبارة التي تحتوي على الكلمة النابية ، يمكن ان يكون قد قالها رجل عف الخلق واللسان ، طاهر السيرة والسريرة ، مثل الاستاذ محمود محمد طه.. ) (عمر القراي : أنصاف الحقائق أم انصاف المثقفين؟! سودانايل يناير 2003م).
    ولقد ظل الاستاذ محمود مجهول القدر في وطنه ، فرغم نضاله ضد الاستعمار، وضد الطائفية ، ورغم وقوفه في وجه التضليل الديني، وفضحه لقصور الفهم السلفي، لم يسجل اسمه في تاريخ بلاده، كرائد من رواد نهضتها، وعزتها ، وكرامتها .. فمن من ابناء السودان ، من زعمائه او كتابه ، او مثقفيه، يؤمن به كما آمن به الاستاذ محمود محمد طه؟! يقول الاستاذ محمود عن السودان: (أنا زعيم بان الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم !! وان القرآن هو دستوره .. وان السودان اذ يقدم ذلك الدستور في صورته العملية ، المحققة للتوفيق بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة ، وحاجة الجماعة للعدالة الإجتماعية الشاملة ، انما هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب!! ولا يهولن أحداً هذا القول لكون السودان جاهلاً خاملاً صغيراً ، فان عناية الله قد حفظت على أهله، من اصائل الطباع، ما سيجعلهم نقطة التقاء الأرض باسباب السماء) ..
    لقد انشغل المثقفون عن فكرته التي كتب في شرحها مايزيد على الثلاثين كتاباً ، بقشور من الثقافة الغربية، وقشور من الإسلام .. وتركوه وحده، في ميدان المعركة ضد الجهل والتخلف . ولقد حدث ما حدث تحقيقاً لمقولته الخالدة (ان ما جئت به هو من الجدّة ، بحيث اصبحت به بين أهلي كالغريب .. وبحسبك ان تعلم ان ما ادعو اليه هو نقطة التقاء الاديان جميعاً، حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم .. وتلك نقطة، يدخل منها الإنسان عهد انسانيته، ولأول مرة، في تاريخه الطويل) .. ولم يكتف المرتزقة باسم الدين، بمعارضة الاستاذ محمود، وتشويه فكرته، وانما تآمروا عليه، ووجدوا في معارضته السافرة، لقوانين سبتمبر الشوهاء، وقضاتها الجهلاء، ما يغري به الإمام المخلوع، فساقوا إمامهم الى حتفه، بجعله يقبض على الاستاذ محمود، ويحاكمه جوراً، ويعدمه ظلماً وعدواناً ، فلم يمكث بعده الا قليلا.
    في ضحى الجمعة 18 يناير 1985، إقتيد الاستاذ محمود ، وهو مصفد اليدين والقدمين ، ومغطى الوجه الى ساحة سجن كوبر العمومي . وكانت الساحة ، على سعتها ، تضيق بمئات المواطنين ، الذين يرتفع صوت هتافهم "الله اكبر الاسلام هو الحل"!! ثم يخبو ، بجانب هتاف السجناء ، الذين يضربون باقدامهم الارض ، ويدقون على ابواب حراساتهم ، وهم يرددون "لن ترتاح يا سفاح" "العار العار يانميري" .. ولقد كانت الجماعات الاسلامية، تترقب هذه اللحظة ، والفقهاء الذي انتقدهم الاستاذ محمود ، ينتظرون ان يروا ، منه ، اي بادرة خوف ، او تراجع ، تطمئنهم على انه ربما لم يكن ، على حق في دعوته .. اذ لا يتوقع من شخص مدع ، أو منحرف ، ان يثبت في لقاء الموت .. لقد عجزوا ان يهزموه طوال حياته ، فهاهم يطمعون ان يهزموه في مماته!! ومعلوم ان الموت لا يمثل هزيمة ، لانه مصير كل الاحياء ، ولكن الهزيمة في التراجع ، او الخوف والاضطراب .. ولكن ما حدث ، كان مفاجأة لهم ، ولغيرهم ، بكل المقاييس . اذ ان الاستاذ محمود ، سار الى الموت ثابت الخطى والجنان ، ولم ينس ان يخلع نعليه عند المنصة ، وحين كشف الغطاء عن راسه ابتسم!!
    ولقد صور عدد من الشعراء ، والمفكرين ، والادباء ، هذا الموقف، ومن هؤلاء د. عبد الله بولا ، فقد أورد حديث الاستاذ في المحكمة ، ثم قال: (كان هذا حديث الرجل الى المحكمة التي كان يعلم انها أضمرت قتله أو اذلاله بالتراجع عن آرائه ، حديث رجل سلط على عنقه سيف ارهاب مشرع مديد طوله الف وثلاثمائة عام ونيف ، فما زاغ بصره وما طغى ، ولا أقول لم يرمش له طرف ، بل لم يهتز منه ظل خاطرة في أعمق أعماق طبقات وعيه الباطن:
    وقد كان فوت الموت سهلاً فساقه اليه الحفاظ المر والخلق الوعر
    وامام المشنقة ثانياً: فعندما أحكموا حبل الموت حول عنقه وأزاحوا غطاء الرعب عن وجهه الوضئ ، وجدوا رجلاً يبتسم لا ساخراً ولا مستهزءاً بالموت ، بل موقناً بالفداء الكبير ، مطمئناً الى اختيار ربه ، منسجماً حتى النهاية مع منطقه التوحيدي وهذا أقصى ما يصل اليه الصدق . وهكذا فقد مضى "الى الخلود بطلاً ورائداً وقائداً رعيل الشهداء ورمز إيمان جديد بالفداء ..... وبالوطن". أقول هذا وانا جد قلق مستوحش من ان اكون قد أسات الوقوف في حضرة هذا الشيخ الجليل) (عبد الله بولا : تجديد الفكر الديني . مقال نشر برواق عربي وهي من اصدارات مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان)

    وفي قصيدة المرحوم بروفسير عبد الله الطيب :
    قد شجاني مصابه محمود مارق قيل ، وهو عندي شهيد
    وطني مجاهد واديب منشئ في بيانه تجويد
    وخطيب مؤثر ولديه سرعة الرد والذكاء الفريد
    الى ان يقول :
    علناً علقوه يشنق للجمهور ذاك المفكر الصنديد
    أخرجوه لحتفه ويداه خلفه وهو موثق مشدود
    جعلوه يرقى به الدرج الصاعد نحو الهلاك خطو وئيد
    كشفوا وجهه ليعرف ان هذا هو الشخص عينه محمود
    فاراهم من ثغره بسمة الساخر والحبل فوقه ممدود
    وعلى وجهه صفاء واشراق أمام الردى وديع جليد؟!

    وفي قصيدة الاستاذ عوض الكريم موسى:
    ويخلع النعلين عند سفح المشنقة
    كأنها المصلى وهو يصعد الخطى الموثقة الواثقة
    كأنه المحب في لقاء محبوب مهاجر يرنو لان يعانقه
    ويكشف الغطاء عن بوادر ابتسامة
    عن انضر ابتسامة
    عن أجسر ابتسامة
    كالشمس لم تخامرها غمامة
    برهانه على اليقين والصمامة
    رسالة الى الاحرار بالخلاص المرتجى
    حرب على الدجال فهي في حلوقهم شجى
    وفي عيونهم قذى وفي صدورهم لظى
    فقد أبى أن يعطي الدنية
    في دينه من نفسه الابية
    لله وحده أعطى زمامه
    أقام دينه أوفى تمامه
    تبت يداهم يقتلون في الضحى السلام
    والغصن والحمامة
    وحوله هتافهم كجوفهم مباءة المساءة
    قاماتهم قماءة ، وجوههم دمامة
    أليسوا الساقطين في شر الفتن ؟
    البائعين الدين ، والمبائعين التالف المتلاف
    بيعة الامامة؟!

    وفي قصيدة الأخ العوض مصطفى:
    ان ما اشتاق لهذا الصابر في البأساء فلا اشتاق
    المؤمن بالشعب العملاق
    الباذل للروح الغالي والمطلق من قيد الاشفاق
    يكفيني أني عشت زماناً كان له طعم ومذاق
    يكفيني اني كنت جليسك رغم شعور الابن العاق
    فيا من كان بحضرته والفكر به قيد ووثاق
    حدثني عن أخبار الشيخ الباسم في وجه الشناق

    وفي قصيدة الاستاذ عالم عباس :
    كان الدرج الصاعد نحو المشنقة المنصوبة في ساحة
    كوبر يدرك ان الخطوات المتزنات اللائي سرت بهن
    وئيداً تفضي نحو الموت الرائع والمتسق تماماً مع ما كنت تقول
    كان الحبل الملتف على رقبتك الشامخة الرأس هو
    الطرف الآخر من ذات الحبل الملتف على عنق الوطن المقتول
    ليس بعيداً كل قضاتك والجلادون ملامحهم ذابت
    ووجوههم متفحمة خجلاً وصغاراً
    وثباتك مثل الخنجر بين اضالعهم
    فكأنك تقتلهم بمخازيهم شنقاً وتحرر
    ربقة هذا الوطن الرائع من نير الذل
    انت الأغلى ، والأعلى ، والانبل
    كنا ندرك انك تفدي الوطن الأجمل
    فلتكن القربان اذن حتى يتطهر وجه الارض
    وينخسئ البهتان

    ومن شعر الشاعر سيد احمد الحاردلو شفاه الله ، باللهجة السودانية الدارجة :
    بس يا سلام سلم
    زول يستحق القول
    والحمد والتبجيل
    محمود جنا طه
    ملك وملكو علم
    وفقير وفقرو علم
    ويمين يمين الله
    لو عندي أيد لاحقه
    أديهو تاج الرجال
    وابنيلو في الخرتوم
    فوق البحر تمثال
    لكن خسارتي انا
    الماعندي أيها حال

    د. عمر القراي

    * منعت رقابة جهاز الأمن نشر المقال في جريدة الصحافة عدد الأحد 18 يناير 2009
                  

01-28-2009, 06:26 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Omer Abdalla)

    ويخلع النعلين عند سفح المشنقة
    كأنها المصلى وهو يصعد الخطى الموثقة الواثقة
    كأنه المحب في لقاء محبوب مهاجر يرنو لان يعانقه
    ويكشف الغطاء عن بوادر ابتسامة
    عن انضر ابتسامة
    عن أجسر ابتسامة
    كالشمس لم تخامرها غمامة
    برهانه على اليقين والصمامة
                  

01-28-2009, 10:09 AM

Ashraf yassin
<aAshraf yassin
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)


    لــــــــــــــــــــــــــــــوحة

    شعر الاستاذ/ عفيف إسماعيل

    وأرسم وجهاً لرجل قال:لا
    ســــــجنــــوه قال:لا
    عـــــذبـــــوه قال:لا
    قايضوه أن يشتري روحه بدمه قال: لا
    أن يبيع دمه ليربح دمه قال: لا
    أغمضو عينه: أبصر
    أوثقوه: مشى
    شنقوه: إنتصر
    وأكمل رسم وجه طيب رجل يدعى " محمود"
    نبياً في وردة التكوين
    أوحت له الأرض بالعشق : فسما
                  

01-28-2009, 01:40 PM

محمد أحمد الريح

تاريخ التسجيل: 01-22-2008
مجموع المشاركات: 3051

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Ashraf yassin)


    المجد والخلود لشهيد الرأى والفكر والخزى والعار لجماعات الهوس الدينى المجرمة
                  

01-28-2009, 03:28 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: محمد أحمد الريح)

    نعم، يا محمدأحمد،

    Quote: المجد والخلود لشهيد الرأى والفكر والخزى والعار لجماعات الهوس الدينى المجرمة
                  

02-01-2009, 07:05 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    Quote: لــــــــــــــــــــــــــــــوحة

    شعر الاستاذ/ عفيف إسماعيل

    وأرسم وجهاً لرجل قال:لا
    ســــــجنــــوه قال:لا
    عـــــذبـــــوه قال:لا
    قايضوه أن يشتري روحه بدمه قال: لا
    أن يبيع دمه ليربح دمه قال: لا
    أغمضو عينه: أبصر
    أوثقوه: مشى
    شنقوه: إنتصر
    وأكمل رسم وجه طيب رجل يدعى " محمود"
    نبياً في وردة التكوين
    أوحت له الأرض بالعشق : فسما
                  

02-01-2009, 12:20 PM

Badreldin Ahmed Musa
<aBadreldin Ahmed Musa
تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 1467

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    Quote: وقد قال: «لقد ذهب ابني لكنف أبٍ أرحم مني»!
    ?????????????????????
                  

02-02-2009, 04:32 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Badreldin Ahmed Musa)

    Quote: أين محمودها الذي دفع *** الضيم أ للقيد في يديه رنين
                  

02-03-2009, 01:20 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    قال الأستاذ محمود عن الشعب السوداني أنه "شعب عملاق يتقدمه أقزام."
                  

02-03-2009, 03:49 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    تاريخ ناصع ومجيد لإنسان وطنى شريف
    يشرفك ان تنظر لعين الشمس وتقول انا سودانى
    وشهيد الفكر محمود ابن وطنى .
    شكرا جزيلا د. عمر القراى
    شكرا د, حيدر

    Quote: المجد والخلود لشهيد الرأى والفكر والخزى والعار لجماعات الهوس الدينى المجرمة
                  

02-03-2009, 04:38 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    الأعزاء حيدر بدوي ، أشرف يس ، محمد أحمد الريح ، بدر الدين أحمد ، وعمر إدريس
    عاطر التحايا وجزيل الشكر على المتابعة والتعليق
    عمر
                  

02-04-2009, 01:36 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Omer Abdalla)



                  

02-04-2009, 08:01 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    الشعب السوداني شعب عملاق، يتقدمه أقزام!
                  

02-05-2009, 08:27 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (Re: Haydar Badawi Sadig)

    Quote: أهم إنجاز للأستاذ محمود هو أنه قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة فريدة
    : د.عبد الله النعيم لـ(أجراس الحرية) (1-3)


    Quote:
    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=1427
    --------------------------------------------------------------------------------
    الأحد 18-01-2009

    أهم إنجاز للأستاذ محمود هو أنه قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة فريدة
    : د.عبد الله النعيم لـ(أجراس الحرية) (1-3)

    أهم إنجاز للأستاذ محمود هو أنه قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة فريدة
    لم أقابل أحداً لديه المقدرة على أن يعيش ما يقول كالأستاذ محمود
    هناك من يجادلون في الجانب العرفاني للفكرة الجمهورية تهرباً من مواجهة جانبها العقلاني!
    لست مشغولاً بمن هو المسيح ومتى سيأتي (لست وقتجياً)!
    علاقتي بالاستاذ محمود ليست علاقة تابع بقائده بل علاقة تلميذ بأستاذه
    في اعتقادي الاستاذ محمود ليس معصوماً
    حياد الدولة تجاه الدين شرط لازم لتمكين حرية الاعتقاد
    الفكرة الجمهورية لم تدع لترك العبادات

    حوار: رشا عوض

    البروفسيور عبد الله احمد النعيم استاذ كرسي القانون بجامعة اموري بالولايات المتحدة الامريكية والخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان، من تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه وصاحب مشروع فكري يهدف الى تأسيس مشروعية ثقافية للدولة العلمانية ولحقوق الانسان في المجتمعات المسلمة منطلقاً في ذلك من مرجعية الفكرة الجمهورية في هذا الحوار طرحنا عليه تساؤلاتنا حول الفكرة الجمهورية وتساؤلاتنا حول أبعاد وأهداف مشروعه الفكري فكان هذا الحوار:

    بعد مضي أربعة وعشرين عاما على استشهاد الأستاذ محمود ما زال الجانب العقدي في الفكرة الجمهورية يمثل حاجزاً بين الفكرة والجماهير بما حواه من افكار باطنية كمقام الأصيل والمسيح المحمدي ما رأيك في ذلك؟

    انا تلميذ للاستاذ محمود محمد طه منذ عام 1968م اذ استمعت اليه في محاضرة في ذلك التاريخ ولم اجد نفسي مختلفاً معه بل كانت قناعتي به تترسخ باستمرار لم تضعف ولم تتغير ولكنني اتهيب الحديث باسم الاستاذ محمود واحجم عن ذلك لأن فكره موجود ومشاع فلا يوجد من هو اقدر او ابلغ منه في الدفاع عن فكره، ولذلك فان كل ما اقوله اتحمل مسؤوليته شخصياً فلا اتحدث لا باسم الاستاذ محمود او غيره من الجمهوريين في اعتقادي ان الانجاز الحقيقي للاستاذ محمود لم يكن في المسائل العرفانية الجدلية وانما هو في مسألة اصولية بسيطة لو ألممنا بها لاغنتنا عن كل هذا الجدل والكلام عن الاصيل الواحد والوقت والمسيح فهذه كلها قضايا انصرافية عن القضية الاساسية اي قضية تغيير الانسان لنفسه، على المستوى الشخصي انا لست مشغولاً بمن هو المسيح ومتى سيأتي (لست وقتجياً) قضيتي ببساطة هي ان الاستاذ محمود قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة اصلح بها نفسه وقد عشت معه ثمانية عشرة عاماً ولم اجد من هو اكمل منه في اية قيمة انسانية، فاهتمامي في المقام الاول هو ان اتعلم من هذا الرجل واستفيد من تجربته ومنهجه لأغير نفسي فاذا نجحت في ذلك في خاصة نفسي فكل المشاكل الاخرى محلولة واذا لم انجح فلن تحل اية مشكلة، فاذا كان الاستاذ محمود هو المسيح وجاء الان لن يحل مشكلتي اذا لم احلها بنفسي وعندما اقول ذلك فانا لا اعني ان المسائل الجدلية لن تظل تثير الجدل لكنني اتساءل بعيداً عن المسائل الجدلية ماذا عن بقية ما طرح الاستاذ محمود، في اعتقادي ان التركيز على المسائل الجدلية والانصراف عن القضايا الاخرى وهي اكثر اصولية واصالة وهي قضايا واضحة ومباشرة فيه اختلال، فيجب ان نتيح الفرصة لمناقشة ما طرحه الاستاذ محمود في السلوك و العبادة والمعاملة.

    *الاستاذ محمود قدم منهجه للتغيير على اساس انه يتلقى العلم من مصدر عرفاني متعالي على المعرفة البشرية لا على اساس عقلاني فهل تحتاج مجتمعاتنا الغارقة اصلاً في الغيبيات الى تكريس العقلانية ام العرفانية؟

    في اعتقادي ليس هناك تناقض بين المعرفة العقلانية والمعرفة العرفانية فهما غير متضادتين ولذلك ليس صحيحاً ان الاستاذ محمود بتقديمه للعرفانية فرط في العقلانية بل على العكس الاستاذ محمود اكد العقلانية وهو لا يذكر الامور العرفانية الا عندما يسأل عنها، طرح الاستاذ محمود طرح عقلاني فمسائل تطوير التشريع واتباع منهج محمد وكل ما قاله ومارسه عملياً يدل على ان العرفانية كانت نتاجاً للعقلانية وليست نقيضاً لها والذين يتجهون للعرفانية دون العقلانية يرتبكون لأنهم يعزلون العرفانية عن منهجها فما طرحه الاستاذ محمود في منهج التربية مثلاً هو منهج عقلاني ففيه توجيهات بعدم الكذب والصلاة في اوقاتها وقيام الليل وحسن معاملة الاخرين ومتابعة النفس (طردا وعطفاً) من الخارج للداخل وفن الداخل للخارج، في اعتقادي ان الذين يركزون على المسائل الجدلية يفعلون ذلك تهرباً من مواجهة المسائل العقلانية فالجانب العرفاني هو نتاج للجانب العقلاني والجانب السلوكي، حجة الاستاذ محمود الدامغة هي مقدرته على ان يعيش ما يقول ففي عمري الذي امتد لاثنين وستين عاماً لم اقابل احداً لديه المقدرة على ان يعيش ما يقول كالاستاذ محمود ففي قياداتنا هنا في السودان وبكل احترام لا توجد قيادة تعيش ما تقول باي قدر ومقدرة الانسان على ان يعيش ما يقول هي اقوى حجة على صحة طرحه واقوى من الجدل حول العرفانية والعقلانية .

    *الجمهوريون اليوم عندما يطرحون فكر الاستاذ محمود يطرحونه بافتراض انه الفكر الوحيد القادر على تقديم الرؤية الدينية الصحيحة بشأن القضايا المعاصرة أليس هذا النهج شبيهاً بنهج الجماعات السلفية التي تتمسك برؤية وحيدة وتنكر تعددية الاجتهادات؟

    كل من يطرح طريقاً في التجديد لابد ان يطرح طريقاً واحداً فلا يمكن ان يطرح طريقين في نفس الوقت، كل ما يقدمه تلاميذ الاستاذ محمود يعبر عن اجتهاداتهم الفردية وكل واحد منهم يمكن ان يخطئ ويصيب، فيجب الرجوع الى الاستاذ محمود في مصادر ومراجع فكره المتاحة ونموذج حياته ولكن عندما يقدم كل منا رؤاه في القضايا المطروحة يقدم قناعته هو في مقابل قناعات اخرى وبالتالي يكون السؤال المشروع هل نقبل النقاش والاخذ والرد حول ما نطرح ام لا ام ان لدينا تصلب وعدم احتمال للاخر، من معايشيتنا للاستاذ محمود نستطيع ان نقول كلما قدم تلاميذه افكارهم ووجهات نظرهم بصورة مفتوحة وقابلة للاخذ والرد كلما كانوا اصدق في تقديمهم لرؤية الاستاذ محمود وبقدر ما قدموا افكارهم بصورة متعنتة ومتصلبة وعنيفة وضائقة بالرأي الاخر بقدر ما يكون هؤلاء التلاميذ رجالاً او نساء مقصرين في ايصال رؤية الاستاذ محمود فسعة الصدر واحتمال الرأي الاخر ورد الحجة بالحجة هي سمة عمل الاستاذ محمود.

    *هناك سلفيون لديهم سعة صدر ويستمعون للرأي الاخر ويجادلوه ولكنهم يستبطنون فكرة امتلاك الحقيقة الكاملة وبالتالي هم يجادلون الاخر لهدايته واقناعه فليس هناك افتراض بامكانية ان يمتلك الاخر جزءاً من الحقيقة الدينية وبالتالي له دوره في الاصلاح من موقعه هو، وهناك جمهوريون يستبطنون ذات الفكرة ألا يشكل ذلك بذرة للإقصاء والأحادية؟

    هذا صحيح في حق كثير من الجمهوريين بمن فيهم شخصي لاننا لم ننتفع من معيتنا للاستاذ محمود بالقدر الكافي بحيث نتجاوز هذه النزعة الانسانية، فالانسان بطبعه لديه هذا الميل لادعاء امتلاك الحقيقة، تلاميذ الاستاذ محمود لا يتجاوزوا قصورهم الانساني بمجرد معيتهم للاستاذ محمود ولا يتجاوزوها بقدر متساوي فمنهم من هو اقرب للاستاذ محمود والقرب الى هذا النموذج لا يكون بمجرد القدرة على الجدل والنقاش وتقديم الحجج او (الفهلوة) بل بالسلوك وتمثل القيم، والتواضع قيمة مهمة جداً فمن يعتقد ان الحقيقة عنده هو تكون في الواقع حقيقة غيره هي التي عنده، الاستاذ محمود هو الذي حقق حقيقته بالمجاهدة الطويلة وبالثمرة الواضحة نحن _ تلاميذه_ اتينا لنقدم حقيقته هو وكأنها حقيقيتنا نحن! وفي هذا عدم تواضع يجب ان ننقل رؤية الاستاذ محمود كما حققها هو ونعترف اننا نسعى قدر طاقتنا في تحقيقها وقطعاً انا ناقص ومقصر في هذا ولكن نقصي وقصوري لا يحسب على الاستاذ محمود.

    *من معوقات التطور في مجتمعنا غياب العقلية النقدية ومن الملاحظ انعدام الحس النقدي تجاه الفكرة الجمهورية فالاستاذ محمود فوق النقد تماماً لاعتبارات عرفانية، وعادة ما يورد الجمهوريون ان الفكرة لا تحتاج الى تطوير بل الواقع هو الذي يجب ان يرقى لمستوى الفكرة وبالتالي يسود المنطق التبريري عند مناقشة اخطاء الجمهوريين مثل تأييد نظام نميري وقبل ذلك التظاهر ضد القانون الذي سنه المستعمر لمنع ختان الاناث ما تعليقك على ذلك؟

    انا علاقتي بالاستاذ محمود هي علاقة تلميذ باستاذه لا علاقة تابع بقائده، فاذا تشكلت لدي قناعة تخالف الاستاذ محمود في مسألة اساسية لديه اكف عن ان اكون تلميذاً له وعندما يدافع الجمهوريون عن افكار ومواقف الاستاذ محمود يفعلون ذلك عن قناعة وليس بمنطق تبريري، مثلاً في الموقف من مايو هناك تلاميذ للاستاذ محمود انصرفوا عنه وكفوا عن كونهم جمهوريين فانا لو كنت اعتقد ان الاستاذ محمود مخطئ في حادثة رفاعة (التظاهر ضد قانون خفاض البنات) فانا سوف اكف عن كوني تلميذه وكذلك في مسألة مايو لو اقتنعت بخطأ موقفه اكف عن كوني جمهورياً، فطريقة طرحك للسؤال توحي بانني ادافع عن امور لست مقتنعاً بها بهدف التبرير وهذا احتمال، وهناك احتمال اخر هو انني ادافع عنها عن قناعة اين الحقيقة؟ لا اعتقد اننا نستطيع معرفتها بصورة قاطعة قد يكون موقفي تبريرياً ولكني ألبسه ثوب القناعة وقد أكون مقتنعاً بما ادافع عنه ولكنك لا تقبلين بان هذه قناعتي لانك تريدين سماع نقدي للفكرة الجمهورية.

    من ناحية اخرى الفكرة الجمهورية لا تختلف عن غيرها من الافكار، فالاسلام نفسه الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام فيه ناحية عقدية وناحية عقلانية والبشر في تكوينهم النفسي هناك من يميل للعقائدية ومن يميل للعقلانية ففي صدر الاسلام كان هناك اصحاب العقيدة ولا شئ غيرها وهناك من اتجهوا للتفكير العقلاني والفلسفي والجدلي كالمعتزلة، وفي تاريخ الفكرة الجمهورية سيكون هناك اتجاه مشابه فنحن قريبي عهد بما حدث للاستاذ محمود ولذلك رؤيتنا قد تغلب عليها الناحية الدفاعية او العقائدية على الناحية العقلانية فالنفس البشرية بطبيعتها عندما يكون هناك هجوم عليها تتقوقع .

    الفكرة الجمهورية لو فشلت تماماً وانهارت واندثرت لكان ذلك دليلاً على عدم صحتها ولكن يجب اعطاء هذه الفكرة الفرصة الكافية ونفسح لها المجال باوسع مما استطاع تلاميذ الاستاذ محمود ايصاله للناس فالفكرة الجمهورية لم يمضي عليها زمن طويل بحساب عمر الافكار وحركات الاصلاح فالمسيحية مثلاً هي اليوم الدين الاول في العالم لم تنتصر الا بعد ثلاثة قرون من صلب السيد المسيح وحركات الاصلاح الديني التي قادها مارتن لوثر اخذت وقتها كذلك.

    *هل كل من اختلف مع طرح الاستاذ محمود في قضية ما يصبح خارج اطار الفكرة الجمهورية بمعنى اخر ألا توجد مشروعية للتعددية داخل اطار الفكرة نفسها؟

    توجد مشروعية لذلك هناك اعتقاد انك لكي تكون جمهورياً يجب ان تعتقد بان الاستاذ محمود معصوماً ولا تقبل فكرة انه يمكن ان يخطئ، في اعتقادي ان الاستاذ محمود ليس معصوماً وقد اتبعته بقناعة ولو اتضح لي انني اختلف معه في امور اساسية سأنصرف عنه اما مسألة هل انا جمهوري ام غير جمهوري فمن الذي يحدد ذلك وما قيمته؟ انا من اصنف نفسي بانني جمهوري ام لا، ولذلك انا ادعو للدولة العلمانية وتفادياً لاشكالية المصطلح اسميها الدولة المدنية والغرض من هذه الدعوة هو ان تكون الدولة محايدة تجاه الدين حتى يتمكن الناس من ان يعيشوا قناعاتهم بحرية كاملة فاشكالية العقائدية تظهر عندما ترتبط بالسلطة لانك اذا خالفت رأياً في اطار السلطة الدينية فانك تعاني من تبعات ذلك بالاعتقال والتعذيب حياد الدولة تجاه الدين هو دعامة اساسية في تمكين حرية الاعتقاد وافساح المجال للتعددية والاختلاف في الرأي ولكن في حياد الدولة تجاه الدين وابتعادها عن اي شبهة ترجح وجهة نظر دينية عن الاخرى هو شرط لازم ولكنه غير كاف فلابد من ان يكون مصحوباً بالتربية.

    نحن باستمرار نعيش في عقول الاخرين! الكل مشغول بما يقوله الاخر عنه وهذا ما كان يحاول الاستاذ محمود باستمرار اضعافه حيث كان يدعو الى ان لا ننشغل بتقييم الاخرين لنا بل علينا ان ننشغل بمدى التزامنا بما نؤمن به من قيم، فمثلاً في عبادة الصلاة نجد المسلمين عموماً مشغولين جداً بان يظهروا امام بعضهم البعض بمظهر الورع، فنلاحظ ذلك عند دخول وقت الصلاة يحرص كل شخص على ان يلفت انتباه الاخرين لاهتمامه بالصلاة.

    الصلاة! هل توضأتم ؟ انا ذاهب لاتوضأ؟ وهكذا... الجمهوريون يحرصون على البعد من هذا السلوك فهم يصلون ولا يشعرون احداً بانهم يصلون فهناك عقدة عميقة الجذور في تربيتنا وفي مجتمعنا سواء المجتمع الشرقي او الغربي هي اننا نعيش في عقول الاخرين اكثر مما نعيش قناعاتنا، اخراج الدولة عن مجال الدين شرط لازم لبداية المجهود لاعادة تربيتنا بحيث اننا نعيش في عقولنا نحن لا في عقول الاخرين .

    *الا تعتقد ان الفكرة الجمهورية عندما تجدد في مجال العبادات تخلق حاجزاً بينها وبين جماهير المسلمين إذ أن هناك صعوبة في اقناع الناس بالتجديد في المعاملات فكيف يمكن اقناعهم بالتجديد في العبادات؟

    الفكرة الجمهورية لم تأت برأي جديد في العبادات بمعني انها قالت بترك الصلاة او الصيام او الحج، وانما جاءت برؤية جديدة في تجديد معنى العبادات ومنهجها بحيث يكون منهجاً مؤثراً في السلوك وهذا تحقيق لقيمة العبادة، الاستاذ محمود كان يقول اننا نصلى وسلوكنا ليس سلوك مسلمين ونصوم ولكننا نكذب ونغش فهناك خلل في عبادتنا لانها صحيحة شكلاً ولكنها ناقصة المحتوى فدعوته كانت لتغيير المحتوى وهو لم يدع احداً لترك الصلاة او ترك الحج وقد سمعته شخصياً يقول الذي لم يحج سوف يسأل عن عدم حجه.

    هل يؤدي الجمهوريون الحج وفق المناسك المقررة في الشريعة؟

    نعم وهناك جمهوريون حجوا وفق الشعائر المتعارف عليها منهم احمد عبد الرحمن العجب، وانا شخصياً انوي الحج فمن لم يحج وفقاً للشعائر يجب ان يكون له من العلم والحجج التي يجيب بها عندما يسأل عن ذلك ولا يكفي ان يقول الاستاذ محمود قال، يجب ان يكون له رؤية يستطيع الدفاع عنها.

    الاستاذ محمود لم يدع لترك اي من العبادات بل دعا لاحياء القيمة في العبادات ودعا للتفكر فيها.

    _ولكن هو في خاصة نفسه أليست له طريقة في العبادة تختلف عن الشريعة؟

    هذا يعيدنا الى الحديث عن العيش في عقول الاخرين فالاستاذ محمود بالتأكيد يعلم انه عندما لا يصلى الصلاة المتعارف عليها في الشريعة فان ذلك سيسبب له مشكلة في دعوته وهو في فترة من حياته كان يصلى صلاة الشريعة ويراه الناس يصلي ويذهب الى الجامع ولكنه في وقت معين قال ان له صلاه اصيلة, وقال عندما علمت ان الصلاة الواجبة على غير هذه الصلاة المعروفة للناس اصبحت امام خيارين: ان اصلى امام الناس الصلاة التي يعرفونها حتى يرونني اصلى وفي هذه الحالة اكون اصلى لهم هم وليس لله، او أن اصلى الصلاة التي أعرف ان الله أمرني بها وانا مسؤول عنها امام الله الذي يعلم خائنه الاعين وما تخفي الصدور، فليس هناك قيمة ارفع من قيمة ان يعيش الانسان كما يقول فهذه المطابقة ليس هناك اصعب منها وليس هناك ماهو اقوى منها في الحجة فالاستاذ محمود عاش قناعته هو، اذا قناعته هذه اقنعت الاخرين فالحمد لله واذا لم تقنع الاخرين فهو لا يمكن ان يترك قناعته ليرضي الاخرين.

    وماذا عن موضوع الاضحية وصلاة التراويح وهي من الشعائر التي يتبنى فيها الاستاذ محمود رؤية مغايرة؟

    فيما يتعلق بالاضحية الاستاذ محمود عبر عن رأي واقتنع به كثيرون انا شخصياً مقتنع به وفي كل حياتي لم اضحي لدي قناعة بانها مسألة عنيفة وليست جوهرية في الدين.

    اما صلاة التراويح فهي ليست واجبة والجمهوريون يصلون صلاة القيام وهي اوجب من التراويح، نحن نتساءل عن قيمة ومضمون العبادة لا يوجد شئ يفعله الانسان سلباً او ايجاباً إلا ويسأل عنه هذه الامور يسأل عنها من عنده العلم المحيط بحقيقة دوافع ونوايا كل شخص.

    ولكن في موضوع العبادة هل كل فعل يقوم به الانسان يجب ان تكون له تبريرات عقلية الا يقتضي الخضوع لله القيام بكثير من الاعمال دون تساؤل عن الحكمة لان عقل الانسان لا يحيط علماً باي شئ؟

    صحيح ولكن يجب ان تكون هناك قناعة ذاتية بذلك فمثلاً انا لا اكل لحم الخنزير لانني على قناعة بان الله حرمه لا لاي سبب اخر، وبالتالي ان كانت قناعتي ان الله لم يكلفني بذبح الاضحية فيجب ان لا اضحي واذا كانت قناعتي ان الله لم يأمرني بالتراويح فلا يجب على ان اصليها فيجب ان يعيش كل منا قناعته التي يستطيع الدفاع عنها امام الله، اما ان التزم بقناعات غيري فهذا يهدم الموضوع، فالعبادة لا تكون عبادة إلا إذا أداها الإنسان وهو مقتنع أن الله كلفه بها، وبما أنني غير مقتنع بأن الله كلفني بالأضحية فلا يمكن أن أضحي إرضاء للآخرين.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de