|
إلى القضاة والمحامين: القانون الهندى فى المحاكم الجنائية السودانية .. هل مازال سارى المفعول؟
|
أقرأوا الأتى:
Quote: نمرة القضية: م ع/م ك/95/1978 المحكمة: المحكمة العليا العدد: 1978
المبادئ:
إثبات – قبول أقوال المحتضر عن سبب وفاته – تعضيد اقوال المحتضر إجراء تمليه الحكمة والعرف – المنشور الجنائي رقم (14). 1- يمكن قبول الأقوال التي يدلي بها المحتضر سواء كانت مكتوبة أو شفاهة الأسباب المؤدية إلى وفاته أو أية ظروف أخرى أدت إلى موته عندما تطرح أسباب موت ذلك الشخص للتمحيص سواء كان الشخص الذي أدلى بها يتوقع وفاته أم لا. 2- أن طبيعة جرائم القتل والجرائم الخطيرة تبرر التريث والحذر في الأخذ بأقوال المحتضر والركون إليها دونما تعضيد.
الحكم:
المحكمة العليا سعادة السيد عمر بحيت العوض قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد حسن علي أحمد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد عبد المنعم الزين النحاس قاضي المحكمة العليا عضواً
حكومة السودان ضد آدم عبد الكريم عبد الله
م ع/م ك/95/1978
الحكـم 28/11/1978:
القاضي عبد المنعم الزين النحاس :-
عرضت إجراءات هذه المحاكمة (م ع/م ك/95/1978) للنظر في تأييد الإدانة والفصل في الطلب الذي تقدم به المحكوم عليه آدم عبد الكريم عبد الله الذى ادانته محكمة كبرى أخذت بمدني في 23/5/1978 تحت المادة 251عقوبات وقضت عليه بالاعدام.
خلاصة وقائع الطعن أنه فى يوم الحادث 25/2/1977 التف المتهم آدم عبد الكريم وشاهد المحكمة عبد الرحمن يوسف منصور وآخرون حول المرحوم إسماعيل محمود قاسم في إنداية من أنادي الحاج عبد الله يلعبون الميسر ويقارعون المريسة ، وكان المرحوم صاحب الكتشينة – هو المايسترو – الركيب – الموجه للمقامرة ، فقد المتهم ما عنده مما حدا به – كما جرى العرف – أن يطلب من (الركيب) أن يمنحه شيئاً (ليلاقي حظه) رفض المرحوم أن يستجيب لرجاء المتهم ووجهه بأن يجمعها من اللاعبين ، وعند ذلك انتفض الجميع وتفرقوا داخل الإنداية ولحق المتهم بالمرحوم وكرر رجاءه وأصر أن يمنحه المرحوم 25 قرشاً ، غير أن الأخير لم يبدل في موقفه وخرج من الإنداية ، وفي طريقه إلى مربط حماره لحق به المتهم واشتبكا وشهر الأخير مدية كان يربطها حول أفخاذه وسدد طعنة يتيمة إلى المرحوم استقرت في الجهة اليسرى من البطن وسبت جرحاً قاطعاً طوله 4 سم ، اخترق جدار البطن والبربتون مما أدى إلى بروز إمعاء البطن وبالكشف أوضح التقرير الطبي (م2) عن وجود عشرة جروح مختلفة في الإمعاء الصغيرة والغليظة . ، توفى المجني عليه في اليوم التالي للحادث بسبب النزيف الداخلي.
لا جدال في أن أركان جريمة القتل – كما توصلت إليها محكمة الموضوع قد تضافرت البينات لتأسيسها : اعتراف المتهم القضائي (ص 25 من يومية التحري) وترديده لهذا الاعتراف أمام قاضي الإحالة وإصراره عليه أمام المحكمة الكبرى ، يؤيدها أقوال المحتضر التي أدلى بها المجني عليه (ص 1 و 2 من يومية التحري) في يوم 25/2/1978 وتأكيد هذه الأقوال في اليوم التالي (راجع ملحق يومية التحري ص1) كما أن أقوال الشهود لتسند القول بأن المتهم هو الذي بادر بتسديد الطعنة ، والتي – كما أبان التقرير الطبي – أودت بحياة المرحوم.
يتحصل الطعن في قرار الإدانة ، كما يبدو في عريضة المتهم أنه كان يدافع عن نفسه إذ أن المجني عليه ألقاه أرضاً (وخنقني وأنا تعبت من الخنقة ووجدت سكين في ذراع المجني عليه وسحبتها وطعنته بها طعنة واحدة).
استقرت عقيدة المحكمة الكبرى ألي أن أركان عناصر حق الدفاع الشرعي لم يتوفر لصالح المتهم وذلك على هدى ما استعرض أمامها من بينات ، وما ذكره المجني عليه من أقوال محتضر بعد الحادث مباشرة (ص 1 من يومية التحري) وتأييده لهذا القول فيما بعد كما أن المحكمة رفضت الركون إلى أقوال المتهم للتضارب الذي شابها في مراحل التحري.
أوضح المنشور الجنائي نمرة (14) أن الأقوال التي أدلى بها المحتضر – سواء أكانت مكتوبة أو شفاهة – على الأسباب المؤدية إلى وفاته أو أية ظروف أخرى أدت إلى موته – هذه الأقوال يمكن قبولها عندما نطرح أسباب موت ذلك الشخص للتمحيص وقد استطرد المنشور – الذي بنى على المادة 32 من قانون الإثبات الهندي – أن هذه الأقوال يمكن تعتبر ذات صلة بالبينة سواء أكان الشخص الذي أدلى بها في الوقت الذي باح بها ، ينتظر منيته أم لا وبصرف النظر عن طبيعة الإجراءات التي أثير فيها سبب الموت.
“Such statements are relevant whether the person who made them was or was not at the time when they were made, under expection of death and whatvere may be the nature of the proceeding into which the cause of death comes into question.
هذا ما جرى عليه نص المادة 32 من قانون الإثبات الهندي وهو في تباين واضح مع شروط قبول أقوال المحتضر في القانون الإنجليزي إذ ينص : أولاً ، أن يكون من أدلى بالأقوال في خطورة فعلية من الموت في الوقت الذي أدلى فيه بأقواله ، ثانياً أن يكون مدركاً لذلك الخطر (أي خطر الموت) وثالثاً أن تلي الوفاة الإدلاء بالأقوال . من هنا يبدو أن القانون الهندي – الذي نسير على هداه كما أوضح المنشور الجنائي – يؤكد قبول بينة المحتضر سواء أكان من أدلى بها في تخوف من حدوث الموت في تلك اللحظة أم لا – وقد انتقد هذا الاتجاه الوارد من القانون الهندي إذ الواضح أن قبول بينة المحتضر على علاتها يحرم المتهم من مناقشته في محتوياتها كما أن عدم تخوف المجني عليه من توقع منيته ربما يجعل أقواله وليدة الحقد والغضب والثأر وربما يحاول أن يحتمي بهذه الأقوال ليبرر تصرفاته مما يؤثر على صدق ما أدلى ، وأمانة ما أوضح ، كما أن تفاصيل العنف الذي يسرده المجني عليه ربما يكون قد وقع في ظل اضطراب وخوف يؤثر على دقة الوصف لما حدث . وربما يقود وبالتالي إلى الخطأ في التعرف على الشخصيات والتغاضي عن الحقائق الرئيسية التي تكشف حقيقة الحادث.
وقد أشارت العديد من السوابق الهندية لهذا الخوف وبالذات عندما يكون المتورطان في الحادث أكثر من شخص وقد نوه (ستيفن) في تاريخ قانون العقوبات في إنجلترا إلى أن قاعدة قبول بينة المحتضر في الهند بالذات في منطقة البنجاب كشفت عن سوء تطبيق بل ضللت المحاكم إذ ثبت أن الشخص المحتضر عندما يدلي بأقواله يكون جل المراد أن يقحم المتعدي وأقرانه وكل من يكن له عداوة وهذا ما حدا أن تشير محكمة لا هوار العليا في سابقة خورشيد حسن ضد الإمبراطورية لاهور ص368:
This court has frequently remarked that a dying declaration which names only one person, and where the killing took place under circumstances where there could be no doubt that the dying man identified his assailant, is the very strongest possible from of evidence. In a case however where a large number of people are implicated it is a very different matter and we have no helitation in holding that where there being no corroboration of the dying declaration the evidence is insufficient to prove a charge of murder
وعند تقييم بينة المحتضر لابد من أن نؤخذ الظروف المحيطة في الاعتبار ومن واجب المحكمة تقتنع بصحبة ما أدلى به المحتضر وعليها واجب التمحيص بالدقة والحذر اللازمين وفي ذهنها أن هذه الأقوال حررت في غيبة المتهم الذي لم تنح له فرصة لمناقشتها وإمعاناً في الحذر والتريث في الاعتماد كلية على بينة المحتضر فقد ذكرت محكمة الهند العليا في سابقة (رام نات ضد إقليم مادهيا برادش (1953) المحكمة العليا الهندية ص 420) :
It is settled law that it is not safe convict an accused person merely on the evidence furnished by a dying declaration without further corroboration because such a statement is not made on oath and is not subject to cross-examination and because the maker of it might be mentally and physically in a state of confusion and might well be drawing upon his imagination while he was making the declaration
التعضيد والتعزيز لأقوال المحتضر في قضايا القتل والقضايا الخطيرة تمليه المحكمة والعرف الذي اهتدينا ، إذ أن طبيعة جرائم القتل والجرائم الأخرى الخطيرة تبرر التريث والحذر في الأخذ بأقوال المحتضر والركون إليها دونما تعضيد.
نعالج بعد ذلك وقائع الاتهام على ضوء استعراضنا للشروط القانونية لقبول بينة المحتضر . الجدال يدور حول توقيت الطعنة التي عجلت بمنية المجني عليه ، والتي لا ينكر المتهم تسديدها إلى المجني عليه إلا أنه يزعم أنه عاجل المتوفى بها عندما اشتبكا في العراك خارج الإنداية ، وألقى به المتوفى أرضاً ، وخنقه ، وعندما غلب على أمره وقعت يده على مدية بذراع المتوفى انتزعها المحكوم عليه ولاحق المجني عليه بالطعنة اليتيمة القاتلة دفاعاً عن النفس وإنفاذاً لنفسه من قبضة المجني عليه.
لم تأخذ المحكمة الكبرى بهذا الدفاع وخلصت استناداً على ما وضح من أقوال المجني عليه في (ص2 من يومية التحري الأولى) التي باشرها البوليس بالحاج عبد الله – وأفاد فيها أن المحكوم عليه لحق به جوار مربط حماره ، وأصر أن يعطيه 25 قرشاً (ورماني وأنا رميته أرضاً ، وقام بي من الأرض وأنا فكيته ، وقال لي يا إسماعيل تديني قروش ، وعنده سكين في صلبه .. ذهب لكي يتسير وأنا في طريقي إلى حماري لاقاني ولكزني بالسكين في بطني مرة واحدة).
أدلى المتوفى في اليوم التالي بأقوال يشوبها تضارب في نقطة جوهرية (ص 1و2 من يومية التحري الثانية) التي باشرها بوليس الحوش عندما أحيل المجني عليه بواسطة مساعد طبي شفخانة الحاج عبد الله إلى مستشفى الحوش ، إذ أنكر المجني عليه أنه ضرب المحكوم عليه – قط – (كان طلب مني خمسة وعشرين قرشاً ورفضت . أنا مشيت إلى حماري وهناك حصلني وتماسكنا سوياً وطعني بالسكين في بطني..).
هذه الأقوال تدحض ما سبق أن رواه المجني عليه في أقواله الأولى أن المحكوم عليه لم يسدد طعنته في الشجار الأول الذي فضه شهود الاتهام ، وإنما لحق به المحكوم عليه وانتهز فرصة انشغاله في تجهيز حماره (ولكزه بالسكين) المجني عليه في الأقوال أورد رواية جديدة في صراحة واضحة ودونما لبس أو غموض مؤداها أن المحكوم عليه لاحقه بالطعنة القاتلة أثناء تماسكهما بالأيدي والأقوال الثابتة تتمشى مع ما أبانه المتهم في أقواله أنه سدد الطعنة عندما تشابك مع المجني عليه وتغلب عليه الأخير وألقى به أرضاً ، وخنقه ولم يجد مناصاً من انتزاع المدية من ذراع الأخير وتسديد الطعنة.
ونجد لأقوال المحكوم عليه تعضيداً في بينة شاهد الاتهام حسن محمد صالح الذي أكد التشابك بين المجني عليه وقد أبصر المجني عليه (فوق المحكوم عليه) وأضاف أن بعض رواد الإنداية هرعوا لفض الشجار قبل أن يتدخل هو شخصياً وسار كل منهما لحال سبيله وعندما عاد أدراجه داخل الإنداية ترامى إلى مسامعه صراخ من خارج الإنداية دفعه للخروج مرة أخرى لمعرفة جلية الأمر وشاهد المجني عليه مقبلاً في اتجاه المتهم وينزف دماً.
هذه البينة لا تفيد قضية الاتهام بل على العكس تجدي في تدعيم ما ذكره المحكوم عليه أن المجني عليه تغلب عليه وألقاه أرضاً (وبرك فوقه) وأنه لم يكن هناك شجار لاحق للاشتباك الذي عاصره الشاهد وانقض في حضوره ، وبينة هذا الشاهد تكذب رواية المجني عليه أنه عاصر الطعنة . نفى الشاهد رؤيته للمحكوم عليه عندما سدد الطعنة ولو أنه لا ينكر معاصرة الشجار الذي اعترف المحكوم عليه بتسديد الطعنة ولم يتابع أي شجار آخر وفي هذا سند لرواية المحكوم عليه أن الطعنة سددت أثناء الشجار الأول والأخير عندما خنقه المجني عليه ، ولا ينكر الأخير واقعة الخنق ولكنه يضيف أنه فرق بينهما ويؤكد الشاهد حسن محمد صالح متابعة الشجار وواقعة تغلب المجني عليه على المحكوم عليه والخنق إلا أنه نفى معاصرة الطعن . هذه البينة في مجملها تدعم رواية المحكوم عليه لما بدر منه من تصرف المجني عليه وواقعة الطعن كما أن التضارب الذي رصدناه في روايتي المجني عليه للبوليس يثير غباراً كثيفاً من الشك حول صحة ما روى.
وفي يقيني أن روايته الثانية التي رددها على مسامع بوليس الحوش قبل سويعات من وفاته أصدق وأحق بأن يركن إليها وهذه الأقوال تتمشى إلى حد كبير مع أقوال المحكوم عليه أنه سدد ضربة أثناء الشجار الذي تغلب عليه فيه المجني عليه وضيق عليه الخناق ولم يجد مناصاً من الخلاص إلا في تسديد طعنة من مدية – في يقيني انه انتزعها من ذراعه هو وليس من ذراع المجني عليه ، إذ أبان المتحري عند مناقشته (ص14 من الإجراءات) أنه لم يعثر على جفير سكين في ذراع المجني عليه ، وقد أكد شاهد المحكمة عبد الرحمن يوسف (ص36 من الإجراءات) أن المحكوم عليه اعتاد أن يضع سكيناً في صلبه ، كما أن المحكوم عليه فشل في كشف النقاب عن المدية وبالتالي يمكن القول أنه لم يرد أن يبرزها لأنها تشير إلى صدق روايته غير أنني أبادر وأشير إلى أن هذا لا يغير من الأمر شيئاً إن كان المحكوم عليه انتزع السكين من ذراعه هو أو من ذراع المرحوم إذ أن الصورة التي اتضحت أمامنا أن الضربة كانت من شجار مفاجئ تغلب فيه المجني عليه وضيق عليه الخناق ولم يجد منفذاً للخلاص إلا بتسديد طعنته التي قيض أن تعجل بمنية المجني عليه.
بذا يمكن القول باطمئنان أن هناك أسباباً سائغة كافية تبرر إمكانية استفادة المتهم من دفع الشجار المفاجئ وفقاً لمقتضيات الاستثناء الرابع من المادة 249 من قانون العقوبات وعليه تعدل الإدانة لتكون تحت المادة 253 من قانون العقوبات وتعديل العقوبة أربعة عشر سنة.
|
لاحظوا حاكموا الجانى على القتل .. وأين حد الخمر؟
بريمة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: إلى القضاة والمحامين: القانون الهندى فى المحاكم الجنائية السودانية .. هل مازال سارى المفعول (Re: Biraima M Adam)
|
القضية الثانية: قانون هندى على الطريقة السودانية
Quote: نمرة القضية: م ع/م ك/181/1978 المحكمة: المحكمة العليا العدد: 1978
المبادئ:
قانون جنائي – الاستفزاز المتراكم – يجعل المتهم تستفيد من الاستثناء الأول للمادة 249 من قانون العقوبات . تكرار الاستفزاز وتراكمه الذي جعل المتهم غير قادرة على أن تتمالك زمام نفسها أو تكبح ثورة عارمة اشتعلت في كيانها وسببت وفاة المجني عليها يجعل المتهمة تستفيد من الاستثناء الأول لمادة 249 من قانون العقوبات .
الحكم:
المحكمة العليا
القضاة :
صاحب السعادة السيد عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد حسن علي أحمد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد عبد المنعم الزين النحاس قاضي المحكمة العليا عضواً
حكومة السودان / ضد/ أم بريمة محمد علي
(م ع/م ك/181/1978)
المحامون :
الشيخ رحمة الله وصديق علي كدودة عن المتهمة
الحكـــــــم
7/3/1979:
الاقضي : حسن علي أحمد :
أدانت محكمة كبرى عقدت ببارا بتاريخ 30/ 11/1978 المتهمة أم بريمة محمد علي تحت المادة 251 من قانون العقوبات لقتلها المتوفية عامرية بريمة وقضت بإعدامها شنقاً حتى الموت .
رفعت إلينا أوراق هذه القضية للتأييد بموجب المادة 250 من قانون الإجراءات الجنائية مشفوعة بطلب استئناف مقدم من محامي المتهمة يدفع فيه بأن المتهم عندما ضربت المتوفية وسببت موتها كانت واقعة تحت تأثير استفزاز شديد ومفاجئ ظلت المتوفية تثيره لدى المتهمة بين الحين والآخر إلى أن تراكم ثم افجر أخيرا ًونجم عنه عدم مقدرتها السيطرة على انفعالاتها بسببه وأقدمت على ما أقدمت عليه وهي واقعة تحت سيطرة ذلك الاستفزاز .
الحقائق التي توصلت إليها المحكمة الكبرى وأسست عليها إدانة المتهمة أوجزتها في ملخص بياناتها وجاءت على النحو التالي :
قبل ثلاثة أيام من الحادث قامت المتوفية بشتم المتهمة وابنها وفي يوم الحادث عند الضحى تقابلت المتوفية والمتهمة عند بئر درجتا على السقيا منه كان حول البئر أناس كثيرون. طلبت المتهمة من شاهد الاتهام الثاني فضل محمد رحمة السماح باستعمال دلوه. أذن لها فغي ذلك وبدأت في استعماله في نشل الماء من البئر. تدخلت المتوفية ومنعتها من استعماله وتشابكت معها بسبب ذلك. فرق الحاضرون بينهما فرجعت المتهمة لاستعمال الدلو مرة أخرى ولكن المتوفية للمرة الثانية تصدت لها واشتبكت معها واقتلعت من رأس المتهمة سبعة شعرات. أيضاً تدخل الحاضرون وفرقوا بينهما تركت المتهمة الدلو للمتوفية لقفل الباب الذي يجئ منه الريح وعلى أثر ذلك سادت لحظة صمت وانصرفت كل واحدة منهما في ملئ سقائها وعند الظهر وبعد أن ملأت المتوفية سقاءها ووضعته على حمارها عادت للبئر مرة أخرى بدعوى أنها تريد أن تغتسل وعندها أخذت المتهمة فأساً كان واقعاً على الأرض وهوت به على رأس المتوفية وسببت لها جرحا ًقطعيا ًبمنتصف الرأس اخترق طبقة عظمة الجمجمة إلى داخل تجويفها مما أدى لنزيف داخل المخ كان السبب المباشر للوفاة الفورية .
هناك بينات لإثبات الحقائق حتى ساعة أن رفعت المتوفية سقاءها على حمارها وبعد ذلك نجد أن المحكمة قد قفزت فقزاً لتصل لواقعة الضرب تاركة ثغرة واضحة في تسلسل الأحداث وهذه الثغرة لم ترد تفاصيلها في إفادات شهود الاتهام لأنهم لم يشهدوا أحداثها بدليل أن واحداً منهم لم يشاهد المتهمة وهي تضرب المتوفية وقد أخذت المحكمة هذه الحقيقة من اعتراف فيما يتعلق بأقوالها فيما سبق وواكب واقعة الضرب وهي في صالح المتهمة متجاهلة بذلك قاعدة عدم تجزئة الاعتراف عندما يكون اعتراف المتهم هو البينة الوحيدة وعندما يكون ما جاء في الاعتراف لا يتعارض والمجرى العادي للأمور .
إن ما فعلته المحكمة لا يستقيم وهذه القاعدة وكان الأحرى بها أخذ كل أقوالها طالا لا تود بينات أخرى تناهض أي جزء منه وطالما لا يتعارض وطبائع الأشياء . والثغرة التي تركها شهود الاتهام ستها المتهم بقولها أن المتوفية بعد أن وضعت سقاءها على حمارها ذهبت ولكنها رجعت مرة أخرى إلى البئر بحجة أنها تريد أن تغتسل وعند وصولها للبئر تحدثت المتوفية مع المتهمة قائلة لها (ما معطك . . . هسع نجي نرميك في البئر يا عفنة ... شايفه إيدي ..) فقالت لها المتهمة (صمي خشمك) فقالت لها المتوفية (ما بصمه) فتناولت المتهمة فأساً كان واقعاً على الأرض بالقرب منها ويخص أحد شهود الاتهام وضربت به المتوفية ضربة واحدة على رأسها كانت القاضية .
لا مراء في أن المتهمة لم تكن د قصدت تسبيب موت المتوفية فهي على أقل تقدير كانت تعلم أو يجب أن تعلم أن الموت سيكون النتيجة الراجحة لا مجرد المحتملة لتلك الضربة القاتلة حيث أن المتهمة قد استعملت أداة خطرة هي الفأس واستهدفت بها موضعا ًحيوياً وحساساً من جسم المتوفية وهو قمة الرأس وأنها لا بد أن تكون قد أوعت ضربتها تلك قوة كبيرة مما يستدل عليه من الآثار المدمرة التي خلفتها الضربة وعليه فإن ما ذهبت إليه المحكمة الكبرى من إدانة المتهمة مبدئياً بجريمة القتل العمد تحت المادة 251 من قانون العقوبات جاء صحيحاً .
أوافق المحكمة الكبرى في أن المتهمة عندما ضربت المتوفية وسببت موتها لم تكن في حالة دفاع شرعي عن النفس لأنه لم يثبت ثمة تخوف ما يمكن أن تكون قد خشيت منه على نفسها من تسبيب الموت أوالأذى الجسيم لأنها لم تكن مسلحة بأي نوع من الأسلحة وعلى فرض تخوفها من أن ترميها المتوفية في البئر كما ادعت كان يمكنها أن تتفادى ذلك بالابتعاد عن منطقة البئر أو الاستجارة بالحاضرين ، أوافق ما ذهب إليه محامي المتهمة من أن المتهمة تستحق الاستفادة من الاستثناء الأول للمادة 249 من قانون العقوبات ولقد جاء في مذكرة المحامي العالم أن المتوفية قامت قبل ثلاثة أيام من وقوع الحادث بشتم المتهمة وولدها ثم قامت بمشاجرة المتهمة وكانت هي البادئة بالشجار وأنها اقتلعت شعرات من شعر رأسها مما ترك أسوأ الأثر في نفسها وقد فرق اشهود بينهما وتركت لها الدلو تفاديا ًللاصطدام بها ثم ها هي تملأ ريها وتذهب ثم ترجع لها مرة أخرى بدعوى غسل رجليها وتتحدث معها مذكرة إياها بأنها قد معطت شعرها وتهددها برميها في البئر وتشتمها بأنها عفنة ، إن هذا الذي قامت به المتوفية يشكل استفزازا ًتراكم ثم انجر أخيرا ً. لقد تركت هذه الاستفزازات المتكررة المتهمة في حالة غليان قابلة للانفجار لدى أدنى شرارة تمسها من الشخص الذي تسبب في ذلك التراكم وكانت الشرارة أو قاصمة الظهر هي تذكير المتوفية المتهمة بأنها معطت شعرها ثم تهديدها لها برميها في البئر ثم وصفها لها أخيراً بأنها (عفنة) عند هذا الحد أخال المتهمة لم تستطع أن تملك زمام نفسها أو تكبح ثورة عارمة اشتعلت في كل كيانها وأفرغتها في تلك الضربة الحانقة التي أودت بحياة المتوفية .
على ضوء ذلك أجد أن المتهمة كانت واقعة تحت تأثير استفزاز شديد مفاجئ عندما ضربت المتوفية وسببت موتها مما يجعلها تستفيد من الاستثناء الأول للماة 249 من قانون العقوبات .
وعليه أرى أن تعدل الإدانة للمادة 253 من قانون العقوبات وأن تعدل العقوبة إلى الجن لمدة اثني عشر سنة نسبة لظروف المتهمة الأسرية .
|
هل لو أستفز الواحد شخص يمكنه أن (يلطخه فى أم رأسه) حتى يطير المخ؟ هل هذا سارى المفعول حتى اليوم؟
وسؤالى أيضاً لماذا لا يتم دية المجنى عليها؟
بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
|