بورتفوليو (2)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-17-2024, 03:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-22-2006, 12:53 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بورتفوليو (2) (Re: هشام آدم)

    - الورقة الرابعة من البورتفوليو -



    كمن يوهب الحياة بعد الموت ، كذلك كنت عندما وطأت قدماي أرض (الوطن) ها أنا ذا أخيراً في السودان. أشتم عبق الانتماء والإلفة في رائحة ترابها ورائحة عرق الحمالة في مطار الخرطوم. واستشف الحميمية من تضاريس الوجوه الكالحة والباهتة. استقبلها بابتسامة الودود المحب منتظراً ساعات من السلامات العائلية لاستمتع بعدها بتعبئة الأماكن في العيون والذاكرة. أدهشتني الخرطوم للوهلة الأولى حيث كانت تبدو لي كطفل صغير يقف بكل بجاحة بريئة وقد ارتفع قميصه وأسفرت عن انتفاخة بطنه الصغير. طفل لا يكترث كثيراً بأن يهذب ثيابه أو يمسح ما تساقط من ما أنفه على فمه!! ورغم ذلك فإننا نحب الأطفال ونرى أن وسخهم براءة تدعو للضحك واستجلاب المودة. وهكذا كانت الخرطوم عندما رأيتها أول مرة.



    كان في استقبالي بعض تلك الملامح المغايرة نوعاً ما لما رأيتها في الصورة التي كانت أمي تحتفظ بها في حقيبتها الزرقاء تحت سرير الدبل ، ولكن وكما يرتبك أحدنا في الامتحان – رغم استذكاره الجيد – فإنني اختلطت علي الوجوه والأسماء ـ وتشابه علي البقر ، فلم أذكر أحداً باسمه. حاولت أن أركز في المناظر الخارجية من نافذة سيارة الأجرة الصفراء المتهالكة التي يقودها رجل عجوز بملامح مبتسمة ودودة ، ولكنهم لم يعطوني الفرصة الكاملة لذلك. شعرت حينها بسعادة غامرة وأنا بين أهلي وفي بلدي وهؤلاء العابرون في الشارع يعرفون لغتي ولا يستهجنون لون بشرتي. وكل غريب فيما أراه محبب إلى نفسي ، الشوراع التي تخلو الإنارة ، الوجوه المتعرقة حتى ليلاً ، البيوت الشاحبة ، الألوان التي يعلوها الغبار ،،،، كل شيء ، كل شيء.

    وبقدر ما أحببتها ، بقدر ما أساءت إلي!! كيف؟

    منذ اليوم الأول ، مساءً ، حين جلسناً أرضاً لتناول العشاء ، بدأ الجميع – كلٌ على طريقه – يسخر إما من طريقة أكلي ، أو يلقي بأسلة كنت أعتبرها في البداية مغازلات للطعام السوداني من قبيل: "ما في حاجات زي دي في السعودية ... مش؟" أو "شوية شوية المعدة حتتعود" فكنت أبادلهم تلك العبارة بابتسامة مجامِلة وبعض الكلمات المقتضبة. كنت أركز كثيراً على كل ما يقولون وكل ما يفعلون ليس لشيء ، إنما من أجل أن أكتسب المعرفة السلوكية واللفظية فقط. كنت أعتبر أن كل سوداني عاش وتربى في السودان شخص كامل بطريقة أو بأخرى، أو في أسوء حالته فإنه – قطع شك – سيكون أفضل مني وأغزر خبرة. فمعلوماتي أنهم اعتركوا الحياة واعتركتهم بما يكفي. وربما كان ذلك ما يفسر قبولي – أو فلنقل رضوخي - للكثير مما كنت أراه أو أسمعه منهم.



    كنت أعتبر نفسي سفيراً لعائلتي ، وعليه فإنني كنت أحاول أن أتصرف بطريقة لبقة ، وأكثر تهذيباً . بيد أني فوجئت بأن هذه اللباقة كانت محل سخرية الجميع. فلقد كانت كل تصرفاتي وسلوكي يعزى لديهم لتربيتي في السعودية. كان الأمر يدعو فعلاً للسخط والاستياء. غير أني لم أشأ أن أجعل هذا الشعور السالب يتملكني. وكنت كذلك أرى أنهم ربما كانوا على حق ، بل إنهم فعلاً على حق. وكان هذا ما يغريهم بالكثير من التجاوزات.



    ببساطة ، لم أذهب إلى السودان للسياحة. بل للدراسة. فأنا – كنت في نظر نفسي – طالباً لا يملك إلا حقيبة ثيابه وبعض النقود (مصروفي الشهري) وبعض ما تبقى من ذكريات أبي التي كان يليقها على مسامعي عن بعض أفراد هذه العائلة التي من المفترض أن أقضي معهم سنوات دراستي الجامعية. بعد العشاء ، استأذنت بكل لطف وطلبت منهم أن يخبروني أين يمكنني أن أضع حقيبة ملابسي لأنني أريد أن أبدل ثيابي واستعد للنوم، ففعلوا. فتحت الحقيبة أخرجت (الغيارات) ثم سألتهم عن مكان (الحمام) فضحكوا جميعاً قبل أن يستدرك أحدهم قائلاً : "إنتا داير تتسيّر ولا داير تستحمى؟" فقلت لهم : "الاثنين" فانقلبوا ضاحكين.... لم أفهم تحديداً سبباً لضحكاتهم الهستيرية تلك. غير أنني كنت أشعر بغضب عارم من تلك الضحكات التي لا تعني إلا الإمعان في امتهاني. حاولت – بلطف – أن أسأل عن سبب ضحكهم فأخبروني الفارق الجوهري بين (الحمام) و (الأدبخانة) واستخدامات كل منهما ، فتبسمت في سخرية وقلت وأنا أتجه إلى (الحمام) : "خلاص بالله أدوني كتلوج عشان أمشي عليهو" ورغم أن سخريتهم مني كانت مبررة إلا أنهم – جميعاً – اتفقوا على أن جملتي كانت (منتهى الوقاحة وقلة الأدب)!!!!



    وبعد أن انتهت من حمامي المسائي الدافئ ، توجهت إلى حيث وضعت حقيبتي ، ففوجئت بهم جلوساً أمام الحقيبة وقد أخرجوا ما بها من ملابس وهدايا وخطابات. توقفت لبرهة غير مدركاً لهذا الوقاحة التي لم تكن – بالنسبة لهم – غير سلوك اعتيادي ، فهذه الهدايا لهم ، والخطابات مرسلة إليهم (أقصد أغلبها) ، أما عن مصادرتهم لبعض ملابسي وأحذيته فهو سلوك مبرر ، فهشام قد يرسل إلى أبيه فيزوده بما يحتاج من أحذية وملابس ... كيف لا .. فهو ابن (مغترب) .. هذه الكلمة أصبحت تثيرني جداً فيما بعد ، لورودها بين كل جملة وأختها ، بمناسبة ومن غير مناسبة. فكانت تساوي تماماً كلمة ( يا سوداني ) التي كان الأطفال ينعتوني بها هناك.



    تكررت تلك المشاهد الضاحكة والساخرة كثيراً لدرجة. تصنعت الاعتيادية وأنا أرى أحدهم قد باشر في ارتداء إحدى ملابسي التي لم أضعها على (جتتي) بعد ، والآخر بدأ يقيس الحذاء الذي كنت أنوي الذهاب به إلى الجامعة في اليوم التالي.


    انقضى اليوم الأول بخيره وشره ، ونمت تلك الليلة في خليط من المشاعر المتداخلة. مشاعر جميلة وأخرى سيئة جداً. ولا أفشي سراً إن قلت أنني أحسست (بالغربة) تلك الليلة. نعم ! لقد شعرت فعلاً بالغربة. الجديد في الأمر أنني أنام وفوقي السماء الزرقاء مباشرة بدلاً عن مروحة السقف المتهدلة تلك. وأصوات كلاب تأتي من جميع الاتجاهات. وأصوات الجنادب والضفادع .... (موسيقى الأدغال) بيد أنه ليست ثمة أشجار كثيفة ، بل مساحات واسعة من التراب والأراضي غير المسكونة. لم أستطع النوم إلا في وقت متأخر ، حيث أنني بدأت في حوار ذاتي ، أعالج فيه ما تولد لدي من أحاسيس منذ عناقي لأول شخص استقبلني في المطر وحتى آخر كلمة سمعتها (تصبح على خير).



    <<<<
                  

العنوان الكاتب Date
بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:38 PM
  Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:42 PM
    Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:48 PM
      Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:53 PM
        Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-23-06, 06:48 AM
          Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-25-06, 10:02 AM
  Re: بورتفوليو (2) Mohammed Elhaj03-26-06, 04:02 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de