فاصل حنق معلن .. او هِزال المشِيمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عصام جبر الله(esam gabralla)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-29-2007, 09:58 PM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فاصل حنق معلن .. او هِزال المشِيمة (Re: esam gabralla)

    مازن يواصل فاصل الحنق العالى ....


    Quote:
    العمى الأخرق. مناوشة الأبد بالأيسر المهتز: ربما. المتعالي، يجثم على رئة الفتى
    بماصات الأوكسجين. المتعالي ميدوزا، والفتي دؤوب على مطالعة مراياها السكونية، فخوراً بنزعة توخي الكمال لدى كبار المعتوهين وأرباب معاشات الفكر. المتعالي ثم نيتشة: ثم نيتشة: وما حسبت، بفرح هدوم العيد، أن “ماركس” أغلقه على الإرتكاس،
    يخبرك “نيتشة” وبرقص صاخب لاعن للمثال الزهدي، عن وطأته التي تعتصر كيس صفنك: أن الذي مات مازال ينتظر خناجراً
    أخرى تكحته بصخب المعدن. ألم ننتهي بعد؟ يتسائل الفتي في سرحان الحافلة، مجرجراً زهواً تشظى بورق منسوخ، ذو حواف
    مسودة لرداءة تصوير مجمع الأوقاف، بينما نيتشة يمزق الإرتكاسي أمام ناظريه، وهو مذهول ك “كائنات طيفية رقيقة وموشكة على
    البكاء”. “نيتشة” يفتت، يعلن، يندب، يثور، يعيد لغاتاً شاسعة لحظيرة أصوات بلا دلالة، أي بلا بهائمها العشيبة وخشبها المرصوف،
    ويبني أخرى كالكهرباء وقد وفدت حديثاً. وأنت تركض، تلملم بقاياك المنثورة في تقاليدك الفكرية، في تعارفاتك، مصالحاتك الكسولة
    مع صورة الفكر، النمط الوثير، راحة الحقيقة الموشاة بذهب اليقين. بلا إتجاه تحاول رصف المقابلات بمقابلاتها، العلامات بعلاماتها،
    النسق بمقابله، وأنى؟. حين تتبعثر الأنساق، عندما تركل قمامة الكليات، العقورة ككلاب المنازل، لاتجد سوى الشظايا تتغذي بلحمك وتغذيه. سوى ذلك اللون الرمادي بقابلية الحرباء، سوى الظنون. ألم يفطم وعرق بها نبي كمحمد، نصاً ك “رطانة الشظايا”؟.
    الإنتقالات، مصطحبة بالتبعثر، خيط يفصلها عن التوهان، بصيص يحجبها عن العدم. الإنتقالات تربطك ببرزخ اللاهناك وقد فرطت
    في الهنا. أليس من حكمة الكائن السمجة عشق ثباته، توفيراً لطاقة التكيفات العظيمة للإنتقال؟. هي عادة “العادة” المدمجة بقرص الضعفاء الصلب، وهي لعنة القادرين (و المعدين للقدرة) على الثبات (بكلسه السام) من أقران المتشسلفين، وهي ليست إعتباطية بقدر
    ما تخص مخاوف الكائن العاتقة، ومتوارث الخبرة في تركمها الغائر. إذن فكيف عبور الفتى؟. بوسعه أن يقول بأن لفداحة الإنتقالات مصلها المتكون بأنسجة الجسد الشخصي وبأنسجة الإنتقال. تبدو الأولى في كومة الطاقة المختزنة في ما يسبق الإنتقال (بالطبع، ليس
    بحماقة فكرة التأهب له) والأخرى بقوة دفع الإنتقالات نفسها، إذ تشحذ دفعاً ذاتياً لما بعد مراحل الإرتباك.
    الموضوعِيِِِِن في الإنتقال بلاطاقة الجسد، كمرافيد التنظيمات السياسية، مثلاً، من أولئك المانحين أنفسهم كلية لنشاط يقطع عنهم بغير
    رغبة، يجدون أنفسهم أمام خيار التبديل السريع (المدهش حقاً) للموقف السياسي والمنظومة، أو، الإنخراط في زمرة الثقافي
    (المهيئة؟). الدالفين من باب تغيير المنظومة، بما يحدثه الإنتقال القصدي، وغير الناتج لصيرورة فكرية في الغالب، يتورطون أول ما
    يتورطون في مأزق (السياسة للسياسة) غير القابل للإعلان بخلاف شقيقه (الفن للفن)، والمختلف عنه بنقطة فارقة بقطع، إذ لا يتاح
    وجود لسياسة لا تحيل (و بصورة صارخة) إلى نفعيتها الآنية بمباشرة إنعدامها يعيب، بينما الثقافي حقل يتحدد بمدى إعلانه لتجرده
    عما هو “غائي”، في صورته المباشرة والآنية بالطبع ( وماتزال صورة الفنان الرجيم، المتمتع بخسارات توشوش كَمرَته، وبسوء الفهم
    الآني لفنه، تداعب الفنان من الجانبين، المدعي المرفوض للتفاهة، والآخر المقصى لسوء فهم العصر الخسير). من هنا، لا يتوفر
    لفنان “الفن للفن” نفس القدر من عدم الإتساق مع الممارسة مثل سياسي “السياسة للسياسة”، بل ولا يواجه بذات تعثر الحصول على
    إتفاق إجتماعي يمنحه ماركة أخلاقية ما. إذن، هو خيار نجده يعرض السياسي لخسارات لا يطيقها إلا بإمتلاك قدر لازم من العبث
    والبشرة الجافة؛ لذا يتم تجنبه باللجوء للخيار الآخر: رفض المجال السياسي (اللافظ سلفاً) لمصلحة الثقافي (اللافظ لاحقاً) والدخول في مساحة تورط في إستمراء الخفة والآنية في مالايحتمل. وهو إختلاف في النَفَس إقتضته طبيعة الممارسة في كلا الحقلين، مورط
    لأفراد الحقلين في حال إنتقالهما. على عكس أطروحة العديدين من الجانبين، المنادية بجلل السياسة وجدارتها بالفنان دون سواه،
    والأخرى المنادية بتفعيل الفن لخدمة قضايا الآني. في كلا الحالين تعمل الإنتقالات علي تشويه الكائن إلا لمن إنتقل لركضه الفعلي.
    آه، الركض. والركض ما يميز الإنتقالات كلها، وأعايشه أكثر كركض ساساق، بين المركوض منه والمركوض اليه، بنكوصات هزيلة
    وشبحات أقدام. وهنا تعمل الصعبة فعلاً، درة الفلسفة المجيدة: الصيرورة. الصيرورة ركض العناصر في داخلك، فساد الممكنات في
    بعضها ورصفها المتبدل التراتبية، توليد الممكنات الجديدة من جثث ال “أبداً لن تعود” المهترئة. وأبداً، على عكس تبديها حين
    رصدها، لا تنتظم في حركة واحدة من إتجاه لآخر. وما الذي يتوظف؟ كل الذي هنا: كل اللحم، وهذا مفزع، فيميل الفتى ككل الفتية
    لتفضيل مكونات ليعمدها أساسية، وغالباً بعد وعيه بإختراق صيرورة ما للتجربة. أما خلال: فالرعب. التوازن المختل والتأرجح بين
    حسابات إعتباطية للخفة والثقل. الصيرورة عمل الخميرة. وبها تتحقق للفتي تسرية النقص، والنجاة المؤقتة من الضجر. وإن وهبتك لخازوق الوعي بها: القلق.
    و هي هنيهات من تذكر تعبر ساعات الركض تخبرنا عن الركض السالف، ملتذة بتأكيد، نادمة حيناً، و مشوشة في حال يباغتك الحالي بلاسلف ملموس، و إذ تبحث، تجد مراودات لصيرورات أخرى تقاطعت، و أخرى أخمدتها سوانح ما، و.... الآن نحن هنا! في
    قلب الرواية. دخلنا إليها من أجمع أبوابها؛ يتمدى من “سيرفانتيس” إلى “فوكنر”، “كويتزي” ، “كالفينو”، “سليم”، “باموق” و “أوستر”.
    ناظرين إليهم بعين مقالنا: و ماذا كانوا؟ سوى راصدي صيرورات عظام، لأمكنة، شخصيات، عوالم داخلية، و مفردات. و من أقدر على منحنا ذلك الفعل الموارب بمهارة في طيات اليومي مخلفاً تقلبات الصيرورة المرتمية بعد (و أحياناً، لدى المتلاعبين الكبار
    بالأزمنة، قبل) صفحتين أو ثلاثة. كيف تمنحه؟. بحدث، زخات وصف، إشارة فقط، تلميح موارب، نقوش طفيفة على الصخر ى”يصير” بعدها التمثال الذي دهشنا لجهلنا وجوده بالداخل، و منذ البداية. هنا، تسجل الرواية فارقها على تكثيف الشعر، بخاصة المعايشات
    المفصلة التي تمنحها الثرثرة، بسحب اليومي (و في الذهن السبة التي رمى بها البيان السيريالي الرواية: جنس لن يشفى أبداً من
    التفاهة) و التافه إلى حراك ثرثار يفتض المغلق من شرط الكائن. وهل أزعم؟ حين أقول بأن النافي الدائم- بتباديله و توافيقه ورصده
    للحركة- للمتعالي كان جنساً صغير السن، مبتدئاً في التعقب، مثل الرواية؟. على عكس تضاربات الفلسفة، بدت الرواية و كأنها على إحتفاء دائم بالصيرورة، قاطع و أقوى من تلاوين صناعها: صاخب لدى الرواية البيكارسيكية و بناتها روايات التشرد، مرن بإستخدام
    تعدد الأصوات، مندغم لدى تيار الوعي، محتال (ولذا مصاب في قيمته) بتكنيكات الرواية البوليسية، نافي للسببية لدى الفنتازية، و التعداد يطول ببعثرة التصنيفات الهشة وغير الدقيقة، ليبلغ رصداً لكل عمل على حدة، ومن الأعمال ما يصنع تصنيفاً وحده.
    هناك تصنيف راق الفتى لمدة “أنا” كاملة، و هو تصنيف رواية “التحولات”. و منذ “التحولات” ست الإسم، مروراً بإنمساخات أكثر عمقاً و حيلة كما لدى “كافكا”، و تلك التمتاز بالخفة لدى “ماركيز”، نلاحظ الصيرورة الباهرة. لدى كافكا نرقبها وهي تعمل: غريغور
    سامسا يقابل حنان الأخت و الأم (هنا مايزال غريغور سامسا إنساناً و لو مسخ لحشرة)، ثم التجاهل (الخادمة لم تخبر بأي شيء عن
    الكائن الملقي ب”المخزن!”)، ثم تم إنمساخه (يتم عزله تماماً عن صورة الإبن، و يبدأ كرهه بالنصوع لدى الأخت “الصديقة”) و في
    كل هذه المراحل، القابلة على الدوام لإستنباط مراحل وسيطة، تجد الصيرورة دعمها عبر: البداية الصادمة و التعاقدية الطابع، النثر
    الأقرب للغة مؤرخ صارمة متحاشية للطابع “الأدبي” تحديداً.الوصف الدقيق و الواقعي لدرجة تدغم اللاواقعي الوحيد - ضربة البداية
    التي أحالت الموظف البائس لحشرة ضخمة- في فيضان الواقعية اللاحق.أما لدى ماركيز (المنبهر بالإمكان الذي أتاحه له كافكا، و المتوثب لذاكرة جداته الكاريبيات) فنجد أن الصيرورة هنا تتخذ لباسها الأسطوري: نبوءة عن جنس المحارم المفضي لحفيد له ذيل
    خنزير‭\‬ أورسولا تعيش لأكثر من مائة عام ‭\‬ ريميديوس الجميلة (و مترفة الغباء) تطير
    بتأثير ملائات الفراش. هنا، نجبر على التخلي عن الإقتناع بالواقعية الصارمة لنستبدلها بواقعية مؤسطرة تشكل منطق الرواية، منذ
    الجغرافيا المعزولة (المدينة كثيراً لفوكنر) بزوارها من الغجر المحملين بالعجائب، الجد المبتلى بالخيمياء، الأسماء المتكررة، الغياب و الظهور للشخصيات. عبوراً بأبناء و أحفاد و شهوداً على تعاظم سلالة تمنحنا إحساساً عظيماً بالزمن. ثم مسافدة محارم تسلمنا
    لرواية هي تاريخ خطه (سلفاً) غجري رحال، تكمل دائرة الرواية و تضاعف إحساسنا بالأسطوري الرابط.
    بمناسبة ماركيز، ما المتبدي في نص مقارره(على نسج مواطنه) البيروني ماريو بارغاس يوسا الموسوم ب”شيطنات الطفلة الخبيثة”،
    من أمر صيرورتنا المترصدة، ليأخذ مكانه في تعابرنا هنا؟ ماريو، المتبع لجرأة تقاليد بورخسية، يعمل على التكنيك بأشده، حريصاً
    في تجارب سابقة على إستحلاب السينمائي، توظيف التشكيلي، الشعري، النقدي بنتاجات متفرقة. ليفتحنا بنص شيطناته على تتبع
    صيرورتين تمتاز إحداهما بإنفصالها، لتوظيف زاوية النظر، و الإنقطاعات، عن السببية بصورة مدهشة، حيث يعري إنفصالنا عن ملابسات الشخصيات، عدا إشارات غامضة و غير موثوقة من الراوي، عن معايشة أي سببية تريحنا، و يفتحنا لمواجهة مرصودتنا بصحبة حزمة إستنتاجات بائسة و بأي حال غير مؤكدة، تماماً كما يقدم لنا الكتاب : الحياة. و هنا إمتياز تحققه الرواية على نسيبتها “
    الحب في زمن الكوليرا” لماركيز. هذه النقطة - الصيرورة الثانية المجزأة بإحكام- تميز النص أيضاً عن نص يؤاخيه لإدوارد
    خراط، موسوم ب”بنات إسكندرية” حيث تتشظى شخصية واحدة -الطفلة الشيطانة لدى يوسا- لتصبح مجموع محبوبات (بنات
    إسكندرية) تتم مقابلتهن بنفس التباعد، مما يفقد خراط هذا الإمتياز، و معه إمتياز لذة مضاعفة، و واقي لتجنب إملال نفاذ دوافع القراءة. نقطة أخرى يخسرها خراط بإمتياز و يربحها ماركيز بحيلة و يوسا بجدارة، وهي إستخدام “الجسور”. و الجسور هي مجموعة الإستطرادات التي تعمل على خلق مساحة حبرية ملائمة لتكريس الإحساس بالزمن، و كفاصل ممهد لأحداث منثورة متباعدة
    على الزمني، و - وهي مهمة نافلة- لدعم المعايشة. برواية “خراط” تتراكب الأحداث (المتباعدة زمنياً) دون إمتلاءات غير ما يمنحه
    الحدث الرئيس، مما ينتج رواية صغيرة الحجم تلخص فترة زمنية واسعة، بضعف روابط تبدو معه كمجموعة قصص قصيرة متراصة، و إن كتبت بلغة تجعلني أفرفر طرباً. ماركيز الآخر بدا لي موظفاً للجسور بحيلة ماكرة و محققة للإقناع، و إن كانت غير
    كافية للتخلص من الإملال و الإحساس بإقحامها البارز هنا أو هناك ، و ذلك حين يقوم بتجبير قوام الرواية بواسطة مجموع
    مغامرات “فلورينتوا أريزا” الجنسية، الباهرة حيناً، والعامرة بحيل أيروسية، و تنوعات إغواء تمتد من الأرملة مستبيحة عذريته إلى
    فتاة المدرسة التي تبناها جنسياً، مروراً بفتيات فندق العابرين و الشاعرة المخذولة في جائزة مهرجان الزهور، زوجة القبطان و
    الأخريات. و هي جسر بارع لملء فترة زمنية تمتد عبر حياة الدكتور “جوفينال أوربينو” منذ زواجه (في المنتصف قصة خيانة زوجية
    مع خلاسية إبنة قس) إلى لحظة سقوطه الكوميدية من الشجرة أثناء محاولة إمساك الببغاء، و موته. أما لدى يوسا-الأبرع في هذا
    الشأن، كما أشرنا- فقد إستنفذ جسوره، و كان بوسعه بناء جسور إضافية إن أراد- فقد توطد في رصد العظيم من دنيوية الصيرورة،
    عبر ملاحقة الحياة المكتظة للطفل الطيب، و المتوازية مع تاريخ البيرو، و تاريخ المجال الثقافي بكل من فرنسا و إنجلترا، و بتاريخ
    مهني لمترجم يتدرج من الترجمات التحريرية للفورية لقدر ترجمة الأعمال الأدبية إلى كتابته لرواية تخصه. قبل كل شيء، أقول، هنا قصص حب عظيمة تدور، و بعد كل شىء أيضاً.
    هكذا، يشتعل الفتى بلذة مراقبة الحركة الثرثارة لصيرورة مفلترة، تحمل ضروراتها الملحة داخل سياقها المنتقى، و تختلف عن العالم و تؤكده في ذات التلاوين، و تبدو غامضة الجمال كلما توغلنا لفك أسر جمالها المقيد بطلسم الصنعة. الرواية، الرواية، و قبل كل
    شىء الرواية، اياها يعني الفتي كلما نطق، و لو كان الحديث يدور عن الدكوة -مثلاً- فالفتى يعني الرواية. الرواية عضوية. الرواية
    جسد، و حسية أكثر من جسد الفتى الشخصي. لن أمل تكرار نطقها وللذتي الشخصية لاغير، للذة في ذاتها، لهيولي اللذة: الرواية
    الرواية الرواية الرواية.
    و القاريء دوماً شخصية بالنص. فالنص كسول، ياللخيبة كم هو كذلك، و لذا يحتاج دائماً إلى مانح المعنى ذاك: القارىء. و القاريء
    فوق ذلك ليس موضوعياً بحال، و ليس منصفاً، بل و لا حتى ذلك القارىء النموذجي بذهن المؤلف. لا، مطلقاً (هل قلت مطلقاً؟)، و قناص الصيرورات العظيم، فوكنر مثلاً و أبداً، يجيد الإستفادة من هذا التوغل للقارىء ، و دعوته لإستباقاته الشخصية في النص:
    إنظر لعمل شراك محكمة كما ب“وردة لإيملي”، حيث توظيف كسل النص بنشاط لتضليل القاريء، و مهما كان الأخير حذراً، أعني
    مهما كان حسه النقدي عالياً، فهو سيسقط في الشباك الفوكنرية. حسناً، يسقط بالضبط لحسه النقدي العالي، ففوكنر ينثر لك كل
    الإشارات الذكية التي تسيرك بالطريق الخاطىء، أما اللاإشارات، و أعني تلك التي توضع بالرواية كلاإشارات، كجسور حافية، و التي يعتاد الحس السليم تجاهلها بوصفها تِمامة عدد، فهي التي تقودك للقراءة الصحيحة. فوكنر يوجه صفعة للحس السليم (يستحقها
    تماماً)، لعادات القراءة، للذكاء المحمل بفرضيات بذيئة من خارج النص، و يضحك: يبدو لي فوكنر ضاحكاً على قراء “وردة لإميلي”
    تماماً كما نضحك على كاريكاتير الحمار المربوطة أمامه الجزرة: ماذا يقول لنا إله المتاهة فوكنر؟:- “يالكم من محملين بعادات
    قراءة رزيلة، يالدناوتكم” هكذا يجب على النص أن يحرجنا. في آخر فقرات وردة لإيملى يكمل فوكنر واجبات القصة، وكأنه يخبرك
    بتلذذ سادي : إخرج لتغسل قدميك من رائحة الجوارب، ثم عاود الدخول إلى النص.
    و الرواية، و الرواية، و الرواية مزرعة الشكوكية الأم: ألا تخبرنا أكاذيباً صيغت بحيث تقنعنا كحقائق؟ ألا نعيشها كما العالم
    الخارجى؟ الرواية مثلما تعلمنا أن الكذبات التي بداخلها، حقائق معيشة لا جدال حولها، تغرس الإحتمال المخيف و غير القابل
    لدحضه: العالم الخارجي كذبة تخييلية ضخمة، مسبوكة بذات الذهن الذي يحاول نقدها، لذا: لن يتمكن من ذلك. حسناً، ما يبدو لي
    كإعتراف آخر: الرواية صديقة لكل نظرية مؤامرة و بذات الوهلة : الرواية أشرس أعداء الأيدلوجيا. كل الأيدلوجيين ،المتشسلفين و سواهم، يخنقهم تذوق الرواية (هل قلت كل؟).
    الرواية، حتى كاد الفتي يعلنها ديناً، لولا إنقضاء زمان هذه الصرعات، يسمى أتباعه بالرواويين مثلاً، و يحجون كل عام لمكان:
    براغ، موسكو، دبلن، باريس (بالرجوع إلى القرن التاسع عشر، عند توفر الوسيلة)، و القائمة تطول. ألا تلعب هي الأخرى دور الأفيون، بإستعارة ماركس الأشهر، عند لجوء الفتى إليها بأعقاب كوارثه الشخصية؟.
                  

العنوان الكاتب Date
فاصل حنق معلن .. او هِزال المشِيمة esam gabralla10-05-07, 10:17 AM
  Re: فاصل حنق معلن .. او هِزال المشِيمة esam gabralla10-05-07, 10:17 AM
  Re: فاصل حنق معلن .. او هِزال المشِيمة محمد مكى محمد10-05-07, 11:04 AM
  Re: فاصل حنق معلن .. او هِزال المشِيمة esam gabralla10-29-07, 09:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de