عندما تم إتفاق نيفاشا وجاء الدكتور جون قرنق إلى الخرطوم بصورة أشبه بالفتح .. أثار حضوره المؤثر ضجه خفيه وعلنية فى الأوساط العربية حول إستلام السلطة من قبل رجل أفريقى أو قل زنجى .. لكرسى السلطة فى السودان وبالتالى تولية وجهة السودان شطر القارة الأم بعيداً عن عروبته ..نقول تلك مخاوف مشروعة لدى العرب العاربه والعرب المستعربة لكن لا تسندها حقائق تأريخية أو موضوعية.
إذا أخذنا تأريخنا الحديث .. هناك شواهد تؤكد أن وجود العرب تحت قيادة أفريقية أو قل زنجية لا يؤثر فى نمط الحياة أو حتى السياسة السودانية. ففى جنوب كردفان .. التى أكثر من ثلثها من القبائل العربية حكمنا أبناء النوبة عقود من الزمان وكانت شعبيتهم بين القبائل العربية أكثر بكثير من شعبيتهم بين النوبة أنفسهم - المحافظ محمود حسيب - من أبناء تلودى مثال. ايضاً فى جنوب كردفان فقد أولى المسيرية مسؤولية نظارة قبيلة المسيرية للسطان أروب دينق لمدة قاربت 16 عاماً .. ولم تغير المسيرية أكثر مما تغير الدينكا .. نتيجة التلاقح الثقافى المتبادل.
أيضاً إذا نظرنا إلى دارفور نجد أن السلطنات حكمت ذهاء 450 سنة وكان وجود القبائل العربية فيها مؤثراً لدرجة أن كثير من المؤرخين ينسبون تأريخ دارفور والسلطنات للعرب قبل الافارقة.
وإذا نظرنا إلى الأوعية السياسية للدولة نجدها لا تتغير بين ليلة وضحاها .. بمعنى مجئ رئيس دولة لا يغير فى البنية المجتمعية والمؤسسية إلا بالقدر اليسير .. مما يعنى أن عملية تغيير مسار الدولة سوف يأخذ منحى تدرجى نحو ما هو أنفع لجموع الشعب السودانى فى ظل نظام ديمقراطى ..
إذن أين هى المخاوف .. تأتى المخاوف من قبل أبناء الشمال الذين يرون خروجهم من مولد السلطة ربما دون حمص .. وبالتالى درجوا إلى إشاعة سياسة التخويف المتعمد fear tactics .. هذه السياسة هى التى أسقطت جون مكين فى أنتخابات الرئاسة الأمريكة وهى نفس السياسة التى سوف تسقط حكم الشمال فى نظر أبناء الغرب عامة وأبناء القبائل العربية بصورة أخص، أىّ بصورة أدق لم تتطابق مخاوفنا فى الغرب مع مخاوف الشمال من مجئ شخص لا ينتمى إلى متحمسى عروبة السودان. مسألة العرق تخطيناها أبناء الغرب تأريخياً .. وتظل مسألة الدين هى العامل الأهم فى موازنة الصراع للسلطة بالنسبة للغرب .. هذا يعنى أن الذى يريد أن يصل السلطة عن طريق البوابة الغربية يجب أن يجاوب إجابة واضحة على سؤال موقفه من الدين.
وتر الدين تعرف كيف تستغله الجماعة الحاكمة وكيف تحرك به مشاعر جموع الغرابه مما يجعلهم رصيد سهل إكتسابه فى غياب برنامج واضح من تيار أفرقة الرئاسة السودانية.
إذن كيف يمكن تمحور الأراء السياسية بقية الوصول إلى حل سلمى لأزمة الرئاسة السودانية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة