|
|
 قتلناهم ولكننا لم ننتصر عليهم (ماكمايكل رئيس اركان حرب كتشنر)
|
(We killed them but we did not conquer them)
1 – محمود رفض الاستتابة
2 – وعبد الله ود سعد رفض الاستجابة
3 – وعبد الخالق قصد الاستطالة
بعد موت محمود محمد طه إنتابني سؤال محير ، لماذا رفض الإستتابة وأذن للآخرين بذلك ؟ فحسب علمي البسيط أن الأمر أمر دين وأن المحاكمة كانت عبارة عن مهزلة ويمكن تفادي الموت فلماذا الإصرار . حملت ورقي وذهبت إلى شيخ العرب برفاعه وذكرت له السؤال المحير وهل قمتم بأي دور لإثناء محمود كما حاول النميري بشتى الطرق عكس ما إدعى . فهو من أبناء رفاعه ومتزوج منها وموطنه الأصلى قرية فاتحة الجعليين شرق رفاعه . فقال لي جملة واحدة أرعبتني تماما (محمود كتلنه بنات فاتحة الجلعيين) فإرتج الأمر في ذهني وتوجهت إلى ابن أخته بالحصاحيصا العم / أحمد البدوي وذكرت له إجابة شيخ العرب ... فقال لي هذه هي الحقيقة ، محمود لم ينظر للأمر كأمر دين ولكن أمر رجولة وضكرنة وعندما سُئل أجاب (بنات فاتحة الجعليين أقولن شنو) – رحمهم الله جميعا ولكن الموضوع لم ينته عند هذا الحد . وحملت أوراقي وذهبت إلى الشيخ أبو اليسر مدني العرضي بالنديانة وتحدثت معه عن عدم مهابة الموت عند السودانيين وإزدرائهم له والذهاب إليه بشرف وشموخ ، فحدثني عن عبد الله ود سعد وعن المجاهد ود حبوبة ، عبد الخالق محجوب والسلطان عجبنا في بلاد النوبة . وأضفت اليهم موت الأنصار في كرري وأنصار ود حبوبة في الحلاويين . فإندهشت لهذا الخليط من الصوفيين والعلمانيين والنظار والدراويش ، وقال لي أن عبد القادر ود حبوبة وهو في طريقه للمشنقة وعندما سئل عن طلباته ذكر لهم عندما يتم شنقي أرجو عرض " ملابسي " على بنات عمي . وكان هناك هاجس بأن الشخص بعد أن يموت يسهل وتتلطخ ملابسه ، وكذلك فعل سلطان النوبة عجبنا عندما قرر الانجليز شنقه فطلب أن تمرر ملابسه على بنات عمه قرية قرية . أما موقف عبد الله ود سعد فقد كان مثيرا ودراميا فعندما طلبه الخليفة للحضور إلى أم درمان إستشار أبناء عمه فإعترضوا على الذهاب وذكروا له بالحرف (نحنا مرقة نمر من شندى لي أس واقفه لينا في حلقنا وبعدين تقول لبنات عمك شنو) فقرر عدم الاستجابة فكانت تجريدة محمود ود أحمد والتي استباح فيها المتمة فقررت النساء أن يتقالدن ويقعن " البحر" ولا يقعن سبايا في أيدي جنود محمود ود أحمد . وأما المشهد الأخير فقررت أن أذهب إلى أحد أبناء المنطقة والذي كان ضابطا مرافقا لعبد الخالق منذ إعتقاله مرورا بالمحاكمة وحتى تسليمه لحبل المشنقة ، فذكر لي أنني كعسكري رأيت الكثير من الأهوال في مناطق العمليات وغيرها ولكن لم يهزني ويهولني مثل ثبات هذا الرجل ، فكان يطلب دائما مكنة حلاقته والسفاري زيه الرسمي ويذهب لحضور المحكمة . وفي الجلسة الأخيرة والنميري بالحجرة الخلفية ينتظر الحكم بالاعدام للتصديق عليه ، ظل عبد الخالق يترافع لمدة 8 ساعات وقد أليل الليل فقال له رئيس المحكمة ( الليل روح يا محقوب "بلهجة رئيس المحكمة المصرية" فقال له محجوب أنا لا أدافع عن نفسي وإنما عن حزب وشباب الحزب وبنات الحزب)
هذه المواقف نقلتني إلى مشهد كرري وكيف قابل الدراويش الموت بفرح وسقطوا تحت المكسيم وبعد المعركة قال ماكمايكل رئيس أركان حرب كتشنر قولته المشهورة وهو يرى وجوه الأنصار تعانق السماء (قتلناهم ولكننا لم ننتصر عليهم) وينقلنا ذلك ايضا إلى مشهد آخر حين وصفت أخت ود حبوبة الأنصار القتلي في صافية وكتفيه (راقدين تحت المكن تكن نائمين)
فهل لنا أن نقف موقفا يشرف بنات العم ونقولها داوية لا هجين ولا عجين .
|
|
 
|
|
|
|
مدني العرضي الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست