|
|
 متى يفيق الفراعنة (2)
|
متابعة للموضوع السابق أوكد مرة أخرى بأننا لسنا ضد الشعب المصري ، ولكن أقولها بملئ فمي أن السودان غائب تماماً بالنسبة لأجنده السلطة التنفيذية والتشريعية أو الصحافة المصرية . فالسودان ظل جرحه ينزف في الجنوب لمدة تزيد على الخمسين عاماً ولم نسمع عن أي دور جدي في تلك المشكلة من الإخوة المصريين ، بالرغم من أن الجنوب رقص كله ورقص معه صلاح سالم ومشى عارياً إلا قليلاً حتى يجعل الوحدة جاذبة بالنسبة للإخوة الجنوبيين.ظل السودان ينزف على مدى عشرين عاماً في دارفور ولم نسمع بأي تحرك من الشقيقة مصر نحو حلحلة هذا الإشكال اللهم إلا من دموع الأخ عمرو موسى (أنا بحب عمرو موسى وبكره اسرائيل) .
اسرائيل تعربد في حوض النيل في يوغندا واثيوبيا وكينيا بإقامة السدود على نهر النيل شريان الحياة والخط الأحمر . والطائرات المصرية لم تشن غارة واحدة عليها ولكنها شنتها على السودان في الجزيرة ابا . طائرة الأطباء المصرية التي ارسلت لمعالجة الزعيم الأزهري بطل الوحدة لم تصل إلا بعد أن فارق الحياة (وأسألوا بابكر عوض الله ) . الرئيس نميري بالرغم من استماتة مصر بعدم تسليمه أيام الإنتفاضة وإصرارها على استضافته (حباً في تكامل وادي النيل) لفظته أخيراً بعد أن تضخمت الفواتير وأفلس جيبه ، لم تتدخل مصر أو تتوسط لدى السادة الأشقاء الأمريكان بأن يمنحوه تأشيرة للذهاب إلى امريكا للعلاج ويعلمون تماماً ان علاجه لا يستقيم إلا في أمريكا .
مصر لا يرتاح لها بال إلا إذا كان النظام في السودان تحت إشارتها ، لم تحترم ديمقراطية السودان يوماً من الأيام . وأتحدى أن يذكر الإخوة في مصر عدد الزيارات التي قام بها الزعيم الأزهري إلى مصر العسكرية . ولماذا لم يقم عبد الناصر بزيارة السودان إلا في عهدي عبود وجعفر نميري .
وأخيراً ما زلت أذكر حديث العم الشيخ مصطفى الامين الذي عبر عن العلاقات بين البلدين بصورة عفوية بعد ان استعيدت حلايب في العام 1957م فقد اقام وزير الخارجية المحجوب حفل عشاء احتفاءً يهذه المناسبة ودعا لها المسئولين المصرين والسودانيين ورجال الاعمال ، فصادف أن جلس الشيخ مصطفى إلى جوار السفير المصري آنذاك سيف اليزل – رحمهم - وبدأ السيد السفير يتحدث بالطريقة إياها نحن يا شيخ مصطفى اخوات وميه واحده فإستشاط الشيخ مصطفى غضباً من قصة (أخوات دي) وقال له والله يا السيد السفير نحن بره بره بنريدكم لكن من جوه ملاينين ، فإزداد وجه السفير حمرة على إحمراره فلاحظ المحجوب ذلك وخطر له أن الشيخ مصطفى بعفويته وسجيته قد يكون قال شيئاً أغضب السفير ، فهمس المحجوب في اذن الشيخ مصطفى وقال له فلان يريدك ، ولما اختلى به سأله ماذا حدث فذكر له الشيخ مصطفى ما دار فقال له المحجوب ( والله يا شيخ مصطفى ده الرأي الرسمي لكن ما بنقدر نقوله) .
ثم ماذا بعد أن تحركت قضية المحكمة الجزائية ما دور السادة المصريين الذين لم نسمع من ساستهم ( لا إحم ولا دستور) ونحن الذين فتحنا دور وثائقنا لنثبت أن طابا مصرية ، الله يرحمك يا (أبو سليم) .
هل الطلبة السودانيون يعاملون كالسابق . هل المرضى يعاملون كالسابق ؟ اتفاقية الحريات الأربعة سمحت للمصري أن يدخل السودان في اي حال أما المواطن السوداني فلابد أن يأخذ تأشيرة إلى مصر ولا يأخذها إلا بعد أن يهن العظم ويشتعل الرأس شيبا ويبلغ من العمر عتيا . مع إننا كنا في الماضي مورد للعبيد أصحاب الأجسام الفارهة والفحولة الزائدة على عهد الامام الأكبر محمد علي باشا الشركسي .
اتذكر تماماً عندما ذهب الأزهري وهو رئيس وزراء الحكم الذاتي عام 1955م إلى باندوق مع الوفد المصري برئاسة عبد الناصر أصر الازهري رحمه الله ان لا يجلس مع الوفد المصري ، فقيل له أنت ليس لديك علم ولم تستقل بعد ، ومع اصراره أخذ الزعيم سوكارنو وقتها قطعة منديله البيضاء ولفها ووضعها أمام الوفد السوداني حلاً للإشكال . وعندما رجع الأزهري استقبل بروتوكولياً بطريقة فظه ورجع كاظماً غيظه . ولذلك جنح الأزهري الذي فاز بأغلبية اتحادية إلى الاستقلال التام شعار خصومه . ومن الأسباب الأخرى عزل محمد نجيب الذي كان يعول عليه السودانيون كثيراً ، ثم اعدامات الأخوان المسلمين مما جعل البرلمان يصلي صلاة الغائب عليهم ، ثم طواف الأزهري في جميع أنحاء السودان فوجد مشاعر الناس تتوق للاستقلال التام وقد أكد لنا ذلك استاذ العلوم السياسية مدثر عبد الرحيم بجامعة الخرطوم أطال الله عمره .
|
|
 
|
|
|
|
مدني العرضي الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست