مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة)..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 06:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-07-2008, 06:24 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة)..


    الصحافة الثلاثاء 7 أكتوبر2008
    تقرير أحمد فضل
    درج السودانيون في تندرهم وحين تأتي سيرة الاستعمار الانجليزي، على القول بأن «الخواجات» تركوا، عند الجلاء، ثلاثة اشياء عظيمة بالسودان، هي الجنيه السوداني والخدمة المدنية ومشروع الجزيرة، وكأن تلك المآثر من عجائب الدنيا السبع، لا يغشاها الزوال، بيد أن يد المنون كانت هي السباقة إليها، واحدة تلو الأخرى..!
    في أواخر عقد التسعينيات قامت صحفية بريطانية بجولة ميدانية في مشروع الجزيرة واجرت حوارا مع مديره العام، لكن التسجيل الصوتي الذي اقحم حديثا على الفيلم السينمائي العتيق، الذي يوثق بدايات المشروع، هو ما استحوذ اهتمامها، فسارعت الى تسجيل كلمات النشيد التي كانت تقول «زرعنا قمحنا الليلة دوب ارتحنا»، لأن الصحفية الشقراء كانت تعلم ان دولتها انشأت المشروع خصيصا لزراعة القطن.. على الأقل الفيلم الوثائقي كان يحكي ذلك..!
    الآن 3733 من العاملين في مشروع الجزيرة يتهددهم مصير مجهول ينتظر المشروع الذي يعد أكبر المشاريع الزراعية في السودان منذ انشائه في عشرينات القرن الماضي، فالعاملون هناك سيطر عليهم الاحباط بسبب سيف الهيكلة الذي يتراءى للجميع في أعقاب دراسة أجرتها احدى بيوت الخبرة التركية عن الأوضاع في المشروع.
    والاهمال يستشري في المشروع منذ سنين، ففي الغيط تقلصت المساحات المزروعة قطنا بنسبة كبيرة للحد الذي جعل معظم المحالج في مارنجان والحصاحيصا تصمت عن أزيزها، فالموسم الماضي تمكنت ستة محالج فقط، من جملة 12 محلجا، في كل من المنطقتين والباقير من حلج محصول القطن البائس في وقت مبكر للغاية، حيث زرعت 80 ألف فدان فقط بينما كانت تتراوح مساحات القطن ما بين 500 ألف الى 600 ألف فدان في الماضي.
    وخطوط السكة حديد الجزيرة، ذات القضيب الضيق، التي كانت تنقل محصول القطن من الغيط الى ساحات المحالج، والأسمدة الى المزارعين في التفاتيش، إصابتها اللعنة أيضا، فقد أضحت معظم تلك الخطوط غير صالحة لأن يتهادى «الطرماي» عليها، بعد ان عمد العديد من الناس الى اقتلاع القضيب والاستفادة منه في مآرب أخرى.
    ومصلحة الهندسة الزراعية صاحبت امتياز العمليات الحفرية في مشروع الجزيرة أصابها الشلل التام، عندما فقدت كل آلياتها الثقيلة المشهورة باسم «الدي سفن»، وبالكاد تنجز مهمة حفر قنوات أبوعشرين بواسطة ثلاثة جرارات.
    وفي ورش مارنجان، ثاني اكبر الورش في السودان، يمضي خيرة العمال المهرة سحابة يومهم بلا مهام حقيقية، نسبة لعدم استيراد قطع الغيار التي كانت تدير الآلاف من ماكينات الحليج وبقية الآليات المسئولة من دفع عملية الانتاج.
    أما في المحالج فقد منحت ادارة مشروع الجزيرة عمالها عطلة تمتد الى قرابة الثلاثة أشهر، لأنه لا توجد لديهم اعمال يقومون بها بعد انتهاء موسم حليج القطن التعيس..!
    وحتى منازل العمال والموظفين ومنشاءات المشروع في بركات ومارنجان ومكاتب الغيط، لحقتها التصدعات وأمست بالية تلعن عجلة الزمن التي كانت تدور الى الخلف خلال العقدين الأخيرين، فعمليات الصيانة السنوية لعقارات المشروع التي كانت تشمل الجميع، هي الآن تنفذ بمبدأ «الخيار والفقوس»..!
    وأمس الأول فقط خرج العاملون بمشروع الجزيرة عن صمت وصبر طويلين بعد ان خزلتهم الادارة بعدم الايفاء بمرتبات شهري أغسطس وسبتمبر، حيث أمضى العمال المغلوبون على أمرهم شهر رمضان وعيد الفطر المبارك بلا مرتبات، فنظموا مظاهرة سلمية انطلقت من محالج وورش مارنجان وحتى رئاسة ادارة المشروع في بركات، حيث ساروا بالأرجل مسافة ثلاثة كيلومترات وهم يهتفون بسقوط النقابة التي فيما يبدو آثرت الابتعاد عن العمال الغاضبين..!
    والتراجع الذي يصر الكثير من المسئولين على نفيه في مشروع الجزيرة، لا تنحصر آثاره على بضع مئات من العاملين، لكنه انهيار لمنظومة كاملة من الحياة ونمط اقتصادي ومعيشي، كان يكفل الحياة الكريمة لمنطقة الجزيرة بكاملها، عبر دورة اقتصادية، شمل ريعها الكثير من العمالة التي كانت تفد من كردفان ودارفور وحتى من دول غرب أفريقيا.
    وتعد أزمة تأخر مرتبي أغسطس وسبتمبر، حلقة صغيرة من مجموعة الأزمات التي يعيشها المشروع منذ ان عزمت الدولة على التخلي عن تمويل المشروع، ذلك العزم الذي بدأ فعليا باجازة قانون مشروع الجزيرة الجديد.ويقول الامين العام لنقابة عمال مشروع الجزيرة كمال النقر، رغم ان الأزمة سببها القصور الإداري من جانب اداة المشروع، إلا ان التأخر هذا لا يمكن ان «يقيم الدنيا ولا يقعدها»، لأن جميع الولايات بها مشكلة متأخرات، بينما تأخرت المرتبات في المشروع لمدة شهرين فقط، رغم الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها العاملون في المشروع، ويشير النقر في حديثه معي امس الأول عبر الهاتف، الى ان توفير مبلغ ستة ملايين جنيه لـ 3733 عامل شهريا من البنوك التجارية يعد أمرا في غاية الصعوبة على الإدارة.
    لكن يبدو ان للعاملين في المشروع رأي آخر، حيث يرى محاسب تحدث لـ»الصحافة» من رئاسة المشروع في بركات، ان المشكلة الحقيقية الآن هي توقف الدولة عن تمويل المشروع، وعدم تدخلها في التركيبة المحصولية التي يزرعها المزارع، لجهة ان قانون مشروع الجزيرة اعطى الخيار في ذلك للمزارعين، فرفعت الحكومة يدها عن تمويل القطن، الذي كان المتحصل من رسومه الإدارية، يسد معظم نسبة المرتبات للعاملين الذين كان يفوق عددهم الـ 13 ألف عامل يتوزعون في الرئاسة ومارنجان والحصاحيصا والباقير، بجانب 114 تفتيشا تمتد على مساحة اكثر من مليوني فدان، ما بين النيلين، الازرق والأبيض.
    ويتهكم مراجع يعمل في المشروع على الدراسة التي قامت بها احدى بيوت الخبرة التركية واوصت بالابقاء على 377 عامل فقط من جملة 3733 عاملا، يمكن ان يديروا دفة العمل بالكاد اذا عادت الحياة الى جسد المشروع المنهك، عبر اجراء هيكلة شاملة في المشروع، ويقول المراجع الذي تتحفظ «الصحافة» عن كشف اسمه، ان كلية الزراعة بجامعة الجزيرة يمكن ان يكون العاملون بها اكثر من 300 عامل، فكيف يديرون ادارة مشروع مساحته مليوني فدان بـ 377 عاملا فقط..!
    ويضيف ان جميع العاملين في المشروع يعانون احباطا قاتلا لا يمكن ان يكون معه اي عملية انتاج، بسبب المقصلة التي تنتظرهم عند اجراء الهيكلة.
    لكن الامين العام للنقابة ينفي بشدة اي اتجاه لهيكلة المشروع، رغم انه يضيف قائلا «اعادة ترتيب المشروع حسب ما هو مطلوب في قانون مشروع الجزيرة وارد»، ويوضح ان الحديث ليس عن الهيكلة او تشريد العاملين، لكن هناك اعادة ترتيب واجراء تحويل وظيفي وهذا متاح بالقانون، مؤكدا ان الهيكل المقدم من بيت الخبرة التركي ما زال في طور الدراسة، ويفيد بان النقابة ستكون حريصة على مصالح العمال.
    بيد أن المحاسب بمشروع الجزيرة، قطع بأن الهيكلة التركية باتت شبه واقع، حيث يقوم مراجعون باجراء الحسابات اللازمة لحساب حقوق مئات العاملين الذين سيتم الاستغناء عنهم، مؤكدا ان توفير مستحقات هؤلاء العمال سيكون العقبة الوحيدة امام انهاء الكثير من الوظائف..!
    ويبقى المشروع، عملاقا في انتظار استخراج شهادة الوفاة، التي بدأ تحريرها منذ ان اصبحت وظيفة الرجل الاول في مشروع الجزيرة تعيينا سياسيا، وهي الآن في انتظار توقيع أخير وختم بحبر من ختامة بالية، وتنتهي الأسطورة..!
                  

10-07-2008, 08:17 PM

Nazik Eltayeb
<aNazik Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    *
                  

10-08-2008, 06:26 AM

Hisham Ibrahim
<aHisham Ibrahim
تاريخ التسجيل: 02-19-2006
مجموع المشاركات: 3540

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: Nazik Eltayeb)

    كان في يوم من الأيام تُُبني عليه ميزانية الدولة !!

    حسبنا الله ونعم الوكيل !!

    هذا المشروع هو عصب الإقتصاد السوداني حتى ولو كان البترول هو سيد الموقف الإقتصادي !!


    المشروع دا حقو يأجروهو لدولة خارجية والا شركة كبيرة تستثمر فيهو على طريقتها الخاصة !! يعني زي ليبيا دي تستثمر في أوكرانيا وتزرع قمحـها فيها!!


    في الجزيرة نــزرع قطـــنا ......


    هشام
                  

10-08-2008, 12:17 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: Hisham Ibrahim)

    العزيز هشام
    لك التحايا
    المشروع قتل عمدا وبفعل فاعلين لا هم لهم سوى كنز الأموال ويكفي أن ري المشروع بكامله تتولاه الان شركة تابعة لرأس المال (الاسلامي) .بعد عملية منظمة تم فيها القضاء تماما على نظام الري بالمشروع..ويكفي أن نقل القطن تتولاه الان شركة نقليات تتبع لأحد أقطاب المؤتمر الوطني والذي كان واليا سابقا للخرطوم..
                  

10-08-2008, 06:06 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    فوق حتى نعود
                  

10-08-2008, 07:26 AM

Sana Khalid
<aSana Khalid
تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 2740

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    شكرا أستاذ فتحي على طرق هذا الموضوع الهام



    Quote: المشروع دا حقو يأجروهو لدولة خارجية والا شركة كبيرة تستثمر فيهو على طريقتها الخاصة !! يعني زي ليبيا دي تستثمر في أوكرانيا وتزرع قمحـها فيها!!



    و أتمنى أن تتوقف مثل هذه الدعوات التي - و إن جاءت بحسن نية - فهي تبخس من شأن الوطن و المواطن السوداني، و أن نستبدلها بدعوات تستثير الهمم السودانية، و تعزز من قيمة الأرض في نفوس السودانيين و تستحثهم على زراعتها و جني ثمرها و عدم التفريط في ذرة من ترابها!


                  

10-08-2008, 07:33 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: Sana Khalid)

    إذا ولي الأمر لغير أهله ، فإن النتيجة حتماً ما وصل إليه الحال في الجزيرة ... وقد صاح الناس في المنابر والجلسات الخاصة لإصلاح مشروع الجزيرة وإعادته لسيرته الأولى ، ولكن بعد سرقة آليات المشروع وبيع ممتلكاته بثمن بخس للمحاسيب وتوقيف عمل مطاحن غلال كبرو ومصنع الصداقة للغزل والنسيج وغيرها من المؤسسات ..فما النتيجة : جيش من العاطلين وبؤس وشظف في العيش ، وتسول لأبناء الجزيرة خارج السودان وأطراف العاصمة بحثاً عن العيش الكريم !!! بينما الآخرون يتكلمون عن البيت السعيد والأسرة المثالية ويلهون الناس في الإعلام بقضايا إنصرافية وبرامج تافهة تشبه مقدميها ومعديها !!
                  

10-08-2008, 12:47 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    العزبز عبدالرحمن
    كل سنة وأنت طيب
    ذلك هو الواقع.فقد تولى المرحوم كمال نورين ادارة المشروع بسبب صلة نسب تربطه بالمدعو نافع على نافع..وسبق أن أوردت ذلك في بوست سابق .وأعيده هنا لتذكير من يتحدث عن الشورى والحريات والتحول الديمقراطي بكيفية ادارة الدولة في هذا العهد الأغبر..

    نشر هذا المقال للدكتور محمد زين العابدين عثمان في عدد صحيفة السوداني الصادر في الأول من مايو 2007

    مدير عام مشروع الجزيرة وما أدراك؟

    أولاً وقبل الاسترسال في المقال أود ان أهنئ الاخ كمال نورين على اختياره مديراً عاماً لمشروع الجزيرة والمناقل وأتمنى له التوفيق في مهمته وأن ينطلق به إنطلاقة مختلفة عن كل المديرين السابقين الذين قامت بفرضهم حكومة الانقاذ على إدارة مشروع الجزيرة كأشخاص اصحاب إنتماء عقائدي وايدولوجي في المقام الأول ولذلك صار المشروع يتدحرج من أعلى سفحه بخطى سريعة نحو القاع الصفصف, إبتداء ببروفيسور الامين دفع الله ومروراً ببروفيسور فتحي خليفة واحمد البدوي وإنتهاءً بالدكتور عمر علي محمد الأمين الذي في عهده اجيز قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م الذي دق آخر مسمار في نعش هذا المشروع العتيد دعامة الاقتصاد السوداني مهما انتجنا من زيت أسود، واذا كانت مايو قد قامت بتحطيم السكة الحديد دعامة الاقتصاد السوداني والتنمية المستقبلية لا لشئ الا الحرب على نقابة السكة حديد لتأمين وجود النظام على سدة الحكم وليس لتأمين إقتصاد بلادنا، فإن حكومة الانقاذ الحالية تعمل على تحطيم مشروع الجزيرة الدعامة الأولى للاقتصاد السوداني واكبر مشروع زراعي يروي رياً صناعياً بالشرق الاوسط وافريقيا وبل على مستوى العالم. كل ذلك جرياً وراء الخصخصة والسوق الحر وروشتات صندوق النقد الدولي سئ الصيت والسمعة.



    وبما أني كنت أحد المتقدمين لشغل وظيفة مدير عام مشروع الجزيرة والتي من المفترض فيها ان تكون ذات صيغة علمية وإدارية قبل اي صيغة سياسية أقول ان الانقاذ قد بدأت خطوة نحو التعامل مع ابناء الشعب السوداني بحق المواطنة وبعد ذلك إنتكست وفشلت في ان تكمل هذا المشوار. وقبل النظر للحيثيات التي تمت في إجراءات اختيار مدير عام مشروع الجزيرة أوجه حديثي للأخ كمال نورين انه ما دام قد إرتضى تحمل هذه المسؤولية ان يحاول أولاً الاتصال بكل الذين تقدموا لشغل هذه الوظيفة وإجتازوا المعاينات للاستنارة برؤاهم حول كيفية النهوض بهذا المشروع من هذه الكبوة التي ألمت به، وقطع شك اي من هؤلاء العلماء له تصوره الكامل للرقي والنهوض بهذا المشروع, وقد دارت بيننا حوارات كثيرة ببركات ونحن في إنتظار المعاينة ولا أعتقد ان احداً سيبخل برؤاه من أجل المشروع والمزارعين المساكين والفقراء المغلوبين على أمرهم ومن أجل الوطن لكل. أتمنى ان يكون الاخ كمال نورين يمتلك الشجاعة التي تجعله ان يخطو مثل هذه الخطوة ولا بأس اذا جمع بينهم في لقاء كورشة عمل عنوانها (أفكار حول تطوير وجعل مشروع الجزيرة أساس الاقتصاد السوداني).



    وإن كانت معرفتي بالأخ كمال نورين لاتتعدى السماع عنه من الزملاء الزراعيين الا اني كنت أتوقع منه رفضاً تاماً لتولي هذه المهمة لسبب واحد ان قرار مجلس إدارة مشروع الجزيرة كانت فيه إهانة قبيحة لزملاء له تجمعه معهم المهنة وهو بقولهم وقرارهم انه لم ينجح احد في المعاينة وكل الذين دخلوا المعاينة لم يتحصلوا على 80% من الدرجات. واذا كان هذا هو حال الذين دخلوا المعاينات لم ينجح منهم احد أو ليس فيهم احد بالمستوى المطلوب وهو يعلم ان الذين دخلوا المعاينات فيهم من هو استاذ للأخ كمال نورين وفيهم من هو اكثر علماً واطول خبرة في العمل في مجال القطاع الزراعي ونخاصة المشاريع الزراعية المملوكة للدولة وفيهم حوالي أحد عشر من حملة درجة الدكتوراة في العلوم الزراعية وثلاثة من حملة درجة الاستاذية (بروفيسور) في العلوم الزراعية اكثر من عشرين عاماً. واذا كان كل هؤلاء تؤهلهم درجاتهم العلمية وخبراتهم العلمية في القطاع الزراعي، فكيف يكون الأخ كمال نورين مؤهلاً أكثر منهم.اعتقد ان قبول الاخ كمال نوريد لهذا المنصب قد هزأ بنفسه وخان زملاء مهنته. ولا أدري هل قبل بذلك لان هذا قرار تنظيمي أقره المؤتمر الوطني وهو بحسب إلتزامه أو إنتمائه لهذا الحزب يجب ان يقبل بهذا القرار ولايناقشه ويعتبره فرضاً من الجهاز الحزبي الاعلى وحسب ماصرح هو في الاعلام انه لم يعلم بترشيحه للمنصب واختياره له الا قبل ثلاثة ايام فقط ومع ذلك لم يقل لنا ماذا كان رأيه هو في تقلد الوظيفة خاصة وهو يشغل منصب وزير زراعة اقليمي بولاية سنار. هل ذلك لأن وظيفة مدير عام مشروع الجزيرة اكثر مخصصات من الوزير الاقليمي ام ماذا؟ وهل الحكم على اداء الوظيفة العامة بما تجلبه من مال وثروة على متقلدها ام بما يمكن ان ينجز فيها لمصلحة الوطن والمواطن؟ هذه اسئلة تحتاج إلى إجابة.



    شخصى الضعيف عندما قرأت الاعلان لمدير عام مشروع الجزيرة حسب قانون مشروع الجزيرة لعام2005م لم اكن مصدقا لما قرأت بام عينى ولكن قلت لنفسى ان الموية تكذب الغطاس فلأتقدم واضع الانقاذ فى المحك وهل هى بعد اتفاقات نيفاشا وكل الاتفاقات التى وقعتها فى القاهرة واسمرا ستلتزم بدولة المواطنة كما اقرها الدستور الحالى ام لا؟ وكنت على يقين ان حزب المؤتمر الوطنى لن يفرط فى وظيفة مدير عام مشروع الجزيرة لاى شخص غير منتمى للمؤتمر الوطنى مهما اوتى من علم وخبرة فى قيادة وريادة فى الادارة. ولكن مع ذلك اصررت بينى وبين نفسى ان اخوض هذه التجربة واضع مجلس ادارة مشروع الجزيرة والذى هو فى نفس الوقت جزء من المؤتمر الوطنى فى المحك ومستيقن ان علمى وخبرتى العلمية ستضعهم فى امتحان قاس فانا خريج كلية الزراعة بجامعة الخرطوم ونلت درجة الماجستير والدكتوراة من جامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة وعملت قرابة العشرين عاما بمشروع الرهد الزراعى فى كل التخصصات الزراعية بالمشروع وآخرها التخصص فى مجال وقاية المحاصيل عنق الزجاجة فى انتاجية مشروع الجزيرة, ويعتبر مشروع الرهد الزراعى هو المشروع التوأم لمشروع الجزيرة والذى بدأت فيه منذ الانشاء والتعمير وتهجير المزارعين الى ان صار مشروعاً زراعياً قومياً يشار اليه بالبنان كحلم كان يتطلع له الشريف حسين الهندى اول من خطط لهذا المشروع مع كنانة الكبرى. عملت بعدها لاكثر من خمس سنوات بوزارة الزراعة ببريطانيا ومحاضرا بجامعة نيوكاسل بكلية الزراعة ومن بعدها التحقت بجامعة الزعيم الازهرى كلية الزراعة حتى تاريخه وترقيت بالدرجة الاستاذية (بروفيسور) بالابحاث العلمية وليس بالاقدمية. اضافة الى ذلك انى مزارع وابن مزارع بمشروع الجزيرة تربيت بين التقنت وابو عشرين ومن ابناء الحلاوين الذين لاينكر تاريخهم الوطنى على مستوى الجزيرة وعلى مستوى الوطن كله ابتداء من المهدية والشيخ القرشى ود الزين ومرورا بود حبوبة وانتهاء بالشيخ محمد الامين القرشى القاضى وكل الذين اسهموا على يديه بجبال النوبة وهم كثر.



    كنت احمل كل ذلك عندما تقدمت وأعلم انه يصعب التجاوز اذا اخذت العدالة والحق مجراها وكل خبراتى ومؤهلاتى العلمية اكتسبتها بالجد والاجتهاد ولم يكن فيها موقع واحد كتعيين سياسي اتى بى فوق الآخرين من بنى وطنى من هم احق منى وحتى عندما علمت باسماء لجنة المعاينة الذين تم اختيارهم لمعاينتنا وفيهم من نحن اكثر منه علما وخبرة ومع علمى بانتماء اعضاء اللجنة السياسى والعقائدى والامنى وفيهم من كانوا على رئاسة لجان الانقاذ فى اول عهدها وهى باى مسمى فقد كانت لجان أمنية تسببت فى احالة الكثيرين للصالح العام فصلاً تعسفياً مع كل ذلك فقد اصريت على دخول المعاينة, شجعنى على ذلك الاخ رئيس اللجنة دكتور اسماعيل حسين مدير جامعة الجزيرة الذى اعلم تقواه ومخافته من الله ومع الحق دائما اين ما كان وحتى فى المعاينة فقد كان اكثر اعضاء اللجنة تأمينا لما طرحت من رؤى لانقاذ مشروع الجزيرة من الوصول للهاوية وساتعرض لهذه الرؤى فى مقال قادم. واخيرا فقد سقط مجلس ادارة مشروع الجزيرة وسقط معه اتحاد مزارعى الجزيرة والمناقل والساقط الأكبر سياسيا هو المؤتمر الوطنى.



    ان كل الذى تم لاختيار الاخ كمال نورين مفضلا على كل الذين اجتازوا معاينات اختبار مدير عام مشروع الجزيرة هو اليد العليا للدكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية ومساعده فى المؤتمر الوطنى للتنظيم لسبب واحد هو ان الاخ كمال نورين هو عديل الدكتور نافع على نافع يعنى بالعربى الفصيح متزوجين اخوات وكمان على ما اعتقد من جهوية واحدة. يريد د.نافع والذى اتى من قبل بالاخ الدكتور عمر على محمد الامين مديراً عاماً لمشروع الجزيرة ان يصلح هذه الغلطة ويأتى بالاخ كمال نورين فى مكان الاخ الدكتور عمر على محمد الامين خاصة وان الاثنين من قرية ود الخبير بشرق الجزيرة وبينهما تنافس خفى حاد وحار فى امتلاك الثروة والتطاول فى البنيان ويعنى ذلك مافيش حد احسن من حد ياعمر على محمد الامين مع فارق التجربة العلمية التى يمتلكها الاخ عمر على.



    فى نهاية الامر ان امر الوظيفة العامة قد صار خاضعا للانتماء السياسى والاسرى وليس هناك مجال لاكتساب الحق بالمواطنة وبما تؤهله لك مقدراتك الذاتية ولكن استغرب للذين يتحدثون عن حكومة وحدة وطنية بما فيهم الحركة الشعبية الا يرون ماحدث فى مشروع الجزيرة أم في أعينهم قذى؟.



    بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان ـ



    جامعة الزعيم الازهري
                  

10-08-2008, 12:33 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: Sana Khalid)


    الأستاذة سناء
    لك التحاياالنديات
    هذا هو الفهم الذي أورد المشروع لما هو عليه...الخصخصة..الداء الذي حقنه عبدالرحيم حمدي في جسد الاقتصاد السوداني بقسوة.
                  

10-08-2008, 03:27 PM

مهدى الصادق السيد
<aمهدى الصادق السيد
تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 2255

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    ستعود الي مشروع الجزيرة سيرته الاولي بعد عودة كل اولاد الجزيرة الي الانتباه لقضياهم الاساسية
    واول هذه القضايا هي مشروع الجزيرة وادارته ثم الولاية وادارتها والا يرتضوا بالوصاية مهما حصل
    لهم ......
    الاخ
    بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان ـ
    \ لك التحايا النواضر واصل كفاحك وانت اولي من غيرك بادارة
    مشروع الجزيرة وسنسمع صوتنا الي من بهم صمم......
                  

10-08-2008, 03:40 PM

Nazik Eltayeb
<aNazik Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: مهدى الصادق السيد)

    up
                  

10-08-2008, 06:07 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: مهدى الصادق السيد)

    الأستاذ مهدي
    لك السلام والود
    .....أعلم تماما أن أمر الاصلاح مرتبط بتغيير شامل في تركيبة حكم الوطن كله.لكن لابد من تنوير من غابت عنهم المعلومات أو غيبت عنهم حتى يسهموا في التغيير القادم.معا من أجل التغيير وابعاد العاطلين عن الموهبة وضيقي الأفق عن ذلك الجزء الغالي من وطننا الحبيب..
                  

10-08-2008, 05:23 PM

عبدالله ادريس محمد

تاريخ التسجيل: 10-28-2005
مجموع المشاركات: 298

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    الاخ المفضال فتحى كل سنة وانت طيب والاسرة بالف خير ؟

    موضوع ذات اهمية قصوى ومشروع الجزيرة كان شريان الاقتصاد السودانى ؟

    يا حليل يوم الصرف يكون يوم سوق عديل احسن من سوق الاثنين والخميس؟

    لكن يا فتحى الله يجازى الكيزان كانوا هم السبب فى قهر وظلم المزارع المسكين الغلبان؟؟


    لك منى كل الاحترام والامتنان

    عبدالله ادريس .... ابوقوتة الحى الجنوبى


    انا بذكرك كويس لكن الله اعلم انت تتذكرنى يا فتحى دم بالف خير؟
                  

10-08-2008, 06:59 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: عبدالله ادريس محمد)

    العزيز عبدالله
    لك السلام والود
    ابق معنا هنا..كي تعود تلك السيرة الأولى للمشروع الضخم..
                  

10-08-2008, 06:27 PM

Alshafea Ibrahim

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 6959

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    أخي فتحي
    الإنقاذ وشيوخها مسئولين مسئولية تامة أمام الله ورسوله والشعب السوداني عموما وناس الجزيرة خصوصا عن تدمير بنيات المشروع الاساسية منذ 1989 حتى عام 2005 المشؤم الذي صدر فيه قانون يقنن للفساد ويؤسس لمنسوبي الموتمر اللا وطني بمواصلة نهب مدخرات وخيرات هذه البقعة من الوطن تحت مرآى ومسمع الكل تنفيذا لقانون مشروع الجزيرة ... والحديث له بقية بس للأسف مرة مرارة العلقم .. برجع تاني
    الشفيع
                  

10-09-2008, 04:47 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: Alshafea Ibrahim)

    العزيز الشفيع
    أسعد الله أوقاتك
    لابد لليل أن ينجلي ولابد لهذا الظلم من اخر..سأنتظر عودتك اخي العزيز..

    (عدل بواسطة فتحي الصديق on 10-09-2008, 04:51 AM)

                  

10-08-2008, 07:22 PM

صديق عبد الهادي

تاريخ التسجيل: 11-02-2005
مجموع المشاركات: 705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    الاخ فتحي
    تحية و سلام

    اثمن فتحكم لهذا البوست المهم. و ارجو لي ان تسمح لي بان اساهم معكم بعمودي الاسبوعي في جريدة اجراس الحرية "كلام في الاقتصاد" لهذا الاسبوع و هو عن مشروع الجزيرة. و ساقوم لاحقاً بمدكم بروابط لمواضيع خاصة بمشروع الجزيرة من موقع "الاقتصادي السوداني" و الذي يمكن مراجعة عنوانه و هو
    www.sudaneseeconomist.com

    اليكم العمود:


    كلام في الاقتصاد/

    "
    ما الغبينة بين الحكومات المتعاقبة و مزارعي الجزيرة؟!

    إن المتتبع لامر مشروع الجزيرة طيلة تاريخه لواجد ان هناك خيط، ليس بالرفيع ابداً، يربط في احكامٍ لا تخطئه العين بين المواقف المختلفة للحكومات المختلفة في تاريخ السودان تجاه مشروع الجزيرة و قضاياه. مشروع الجزيرة ،و بالقطع، ليس هو تلك المساحة التي تمتد من نهايات السافنا و لتلامس مشارف الصحراء. إن مشروع الجزيرة اكبر من ان يقاس بالجغرافيا لوحدها، و انما هو علامة فارقة في تاريخ السودان. المقياس الوحيد الذي يمكن ان يكون موضوعياً و مقبولاً في الحكم علي مشروع الجزيرة هو ما قدمه مزارعوه لهذا الوطن.
    إبتدر مزارعو الجزيرة حركة من الوعي مختلفة كماً و نوعاً. كماً بإعتبار كونه من اكبر المؤسسات الإقتصادية علي مستوى العالم التي تستوعب عملية الانتاج فيها ليس فقط مئات الآلاف من الافراد بل الملايين ، كان ان توحدوا في لحظات مشهودة من تاريخ السودان خلف قيادة واحدة و انجزوا ما لم يخطر ببال . و تختلف نوعاً ، بإعتبار ان الوعي الذي اسسوه كان مرتبطاً بمصالح حقيقية لا سبيل لتجاهلها او تجاوزها. إن الرابط بين المزارعين و هذه الحركة من الوعي هو الذي شكل العلاقة / الهاجس بينهم و الحكومات المتعاقبة في السودان. و قد كان توتر العلاقة يتناسب طردياً بقدر المسافة التي تفصل بين النظام الحاكم و ممارسة الديمقرطية. اي انه كلما كان النظام بعيداً عن ممارسة الديمقراطية كلما كانت العلاقة اكثر توتراً نتيجة لمصادرة الحقوق إن كان بعسف القانون او بتدجين القيادات!!!.
    المزارعون في مشروع الجزيرة و عبر تاريخهم المديد وطدوا سُنة انتزاع الحقوق انتزاعاً. و هذا هو الجذر التاريخي للغبينة المتوارثة بين الانظمة و الحكومات تجاه مزارعي مشروع الجزيرة. إن الطريقة التي انشأت بها الراسمالية العالمية مشروع الجزيرة و الطريقة التي صاغ بها الاستعمار قانون الاراضي كان ان قطعت دابر امكانية نشوء إقطاع او طبقة إقطاعية بالتحديد و لكنها فتحت الباب واسعاً لنشوء و تطور طبقة رأسمالية. و لكن بعد خروج المستعمر افلح المزارعون في سد الطريق امام توسع الراسمالية و ذلك بالدفاع عن حقوقهم في الملكية و الانتاج، و انتزعوا الكثير منها.
    كان هناك دائماً تحالفٌ خفي و في احيان اخرى جلي بين الانظمة الحاكمة و الفئات الموِسرة في المشروع التي احتفظت و تحتفظ حتى يومنا هذا بالحلم الدفين في تحويل المشروع الي "مرابع" راسمالية!!! في فترة الحكم المايوي كان التحالف مع طلائع الرأسمالية الطفيلية، فبقدر نجاح ذلك التحالف في تمرير و فرض قانون الحساب الفردي إلا انه فشل في ان يذهب به الي نهاياته المبتغاة. و في ظل نظام الانقاذ يقوم الآن التحالف بين النظام و الراسمالية الطفيلية لاسلامية المحلية و الاقليمية و العالمية !!!، و هو تحالف عازم علي ابتلاع المشروع كاملاً و بمنْ فيه. و لكن لنا ان نسأل ، أوليس في التاريخ الماثل امامنا من شئٍ يستذكر؟!. إن المحاولات الجارية حالياً، و عن اي طريقٍ كانت، لا تهدد المشروع فحسب و انما ستفتح مستقبل البلاد نحو المجهول. فبدلاً من السعي الي اشباع الطموحات غير المشروعة يتوجب تذكر حقيقة ان لمشروع الجزيرة و لاهله دينٌ مستحق في عنق الوطن. اي نعم في عنق هذا الوطن! و علي الجميع يقع واجب رده."



    لكم مودتي

    صديق عبد الهادي

    (عدل بواسطة صديق عبد الهادي on 10-08-2008, 07:39 PM)
    (عدل بواسطة صديق عبد الهادي on 10-10-2008, 02:58 PM)

                  

10-08-2008, 08:22 PM

Nazik Eltayeb
<aNazik Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: صديق عبد الهادي)

    Quote: يتوجب تذكر حقيقة ان لمشروع الجزيرة و لاهله دينٌ مستحق في عنق الوطن. اي نعم في عنق هذا الوطن! و علي الجميع يقع واجب رده."
    السؤال هنا كيف يتم رد الدين

    الاعتراف بحقوق المزارعين المسلوبة و حقهم في المطالبة بحقوقهم من قبل الشعب السوداني والدعم المعنوي للجزيرة في مسيرة استرداد الحقوق الادبية والمادية
    ابعاد حكومة الانقاذ والموالين لها من كل مفاصل الحياة في المشروع وعودة ادارته و تشغيله للمتخصصين

    اقامة نظام ديمقراطي سليم للسودان
    يلي ذلك

    دعم استقلال القضاء و اعتباره وسيلة اساسية لاسترداد الحقوق خاصة حقوق الملكية و التعويضات

    ان ياخذ اي نظام سياس ديمقراطي قادم احقية سكان الاقليم الذي بشكل المشروع جزء اصيل فيه في المشاركة السياسة الفاعلة محليا وقومياً بشكل يتناسب مع عدد سكان الاقليم كحق اصيل وليس منحة
                  

10-09-2008, 03:37 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: Nazik Eltayeb)

    up
                  

10-09-2008, 05:06 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: صديق عبد الهادي)

    اهلا بك أستاذ صديق وأشكرك كثيرا على المرور .وتفضلك بنقل عمودك المقروء هنا.

    Quote: إن المحاولات الجارية حالياً، و عن اي طريقٍ كانت، لا تهدد المشروع فحسب و انما ستفتح مستقبل البلاد نحو المجهول. فبدلاً من السعي الي اشباع الطموحات غير المشروعة يتوجب تذكر حقيقة ان لمشروع الجزيرة و لاهله دينٌ مستحق في عنق الوطن. اي نعم في عنق هذا الوطن! و علي الجميع يقع واجب رده."


    هذه الجكومة تجيد صنع الأزمات.والمشروع بوضعه الحالي هو بؤرة ثورة قادمة.وأتمنى أن يدرك من تولوا أمر البلاد بليل هذه الحقيقة ..
                  

10-09-2008, 05:22 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    الأستاذة نازك
    كل سنة وأنتي طيبة
    معا من أجل نيل الحقوق .معا من أجل الفقراء والمظلومين..

    Quote: ان ياخذ اي نظام سياس ديمقراطي قادم احقية سكان الاقليم الذي بشكل المشروع جزء اصيل فيه في المشاركة السياسة الفاعلة محليا وقومياً بشكل يتناسب مع عدد سكان الاقليم كحق اصيل وليس منحة




    تلك هي الحقيقة التي يتوجب على جميع سكان الاقليم الالتفاف حولها والتبشير بقيمها التي قد تسهم في اطفاء نار حريق أراه قريبا..
                  

10-09-2008, 10:43 AM

Alshafea Ibrahim

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 6959

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    الأخوة أبناء الجزيرة :
    منذ وفاة المدير السابق نورين في أول يونيو 2008 وحتى تأريخه لا ندري ولا نعلم ولا نملك أي تفاصيل عن المدير الحالي للمشروع هل ممكن بتزويدنا بتفاصيل وافيه كافيه عن سعيد الحظ المدير الحالي ... رغم قناعتي أن أي مدير فات أو يأتي للمشروع بمعرفة السادة شيوخ الموتمر اللا وطني سيكون أسوأ خلف لأسوأ سلف ... يا حزني على إدارة مشروع الجزيرة .. وكم أصبحت بركات حزينة ومؤلمة ووضيعة تحت إشراف وإدارة وسيطرة وسطوة هذه الحفنة من المنتفعين الساعين للرزق الوفير والحياة الرغد على حساب مزارعي ومواطني الجزيرة ... وعن التمويل والبنوك والتأمين وروابط أصدقاء الماء ومصادرة الأمن (لطلق) القمح والقطن لن نسكت . ونواصل ..
    الشفيع
                  

10-10-2008, 10:25 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    *
                  

10-10-2008, 10:27 AM

Alshafea Ibrahim

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 6959

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    نرفع البوست
    الشفيع
                  

10-10-2008, 10:49 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    الغالي الشفيع
    لك التحايا والود
    الطريق البري الذي يربط بين مدينتي المناقل و 24 القرشي بدأ العمل فيه منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.تمت تسوية الأرض بعد القيام بكل ما يتطلبه أمر مشروع كهذا.وظلت الردمية هكذا دون أن تضاف اليها طبقة الأسفلت حتى يومنا هذا..بالطبع غشيتها عوامل التعرية وولم تعد تصلح للسير عليها مطلقا.. طرق الشمال السريعة تتمشى فيها بنات المدارس..
    لمن لا يعلم فأن مدينة القرشي تضم الكثير من منشأات المشروع ومعيناته من ري وورش وسكن العمال والمهندسين...

    (عدل بواسطة فتحي الصديق on 10-10-2008, 03:26 PM)
    (عدل بواسطة فتحي الصديق on 10-10-2008, 05:21 PM)

                  

10-10-2008, 03:56 PM

نورالدين بابكر بدري
<aنورالدين بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 993

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    Quote: المشروع قتل عمدا وبفعل فاعلين لا هم لهم سوى كنز الأموال ويكفي أن ري المشروع بكامله تتولاه الان شركة تابعة لرأس المال (الاسلامي) .بعد عملية منظمة تم فيها القضاء تماما على نظام الري بالمشروع..ويكفي أن نقل القطن تتولاه الان شركة نقليات تتبع لأحد أقطاب المؤتمر الوطني والذي كان واليا سابقا للخرطوم..


    يا فتحي : نسيت حاجة مهمة جداً ( الدراكولا ) شركة شيكان الوهمية بتمص في دم المزارعين الغلابة
    بزعم أنها تأمن على الموسم الزراعي والمشروع تم تعيينها قسراً - قط لم نسمع أن الشركة عوضت مزارع واحد بسسب فشل الموسم الزراعي أو تأخير السماد أو رش المحصول أو عدم الري لأسباب فنية .
    الشركة مهمتها تستقطع مال التأمين الإجباري باستمرار من حجساب المزارع .

    صاحب الشركة كان من أبناء العاملين بالمشروع وتربى بين المزارعين في وطنهم - الجزيرة بالطبع من الإقليم الشمالي - إسمو عثمان الهادي - مكاتب إمتدار المناقل الزراعية .

    ونحن ما بنخلي حقنا طال الزمن أم قصر
    جدودنا صلعوا وعموا وماتوا في خدمة المشروع وأراضيه ملاك للحواشات

    معاً لكنس أعداء الشعب والتقدم
    معاً لاستعادة مشروعنا من أيدي المخربين

    لكم ودي المقيم
                  

10-10-2008, 05:47 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: نورالدين بابكر بدري)

    العزيز نور الدين
    لك التحايا الغاليات

    Quote: تم تعيينها قسراً


    كل ماتم ويتم في المشروع يتم قسرا ودون مشورة أحد..سبق وأن ذكر ذلك أحد أقطاب المؤتمر الوطني (نحن بنسوي العايزنو في المشروع والما عجبوا يسوي العايز يسويهو).
    الحقوق لا توهب بل تتنزع انتزاعا.. ومعا حتى يعود المشروع والوطن كله لأهله..
                  

10-10-2008, 05:33 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    الطريق الرابط بين مدينتي المناقل و24 القرشي يبلغ طوله 37 كيلومتر.قدرت التكلفة الاجمالية لانشائه ب 4.7مليون دولار فقط لا غير..نفس هذا المبلغ دفع مكافأة للفريق المصري لكرة القدم بمناسبة نيله بطولة افريقيا..ودفع أكثر منه بكثير دعما (للسيد) خالد مشعل في مواجهة خصومه..فتأملوا !!!!!!..
                  

10-10-2008, 05:16 PM

صديق عبد الهادي

تاريخ التسجيل: 11-02-2005
مجموع المشاركات: 705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)
                  

10-10-2008, 05:39 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    لك الشكر الجزيل أستاذ صديق على رفد البوست بهذا الرابط المهم. وأتمنى أن تكون معنا هنا دائما..
                  

10-10-2008, 06:43 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    اضواء علي مشروع الجزيرة


    التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م


    تقديم الخبير في البنك الدولي

    الدكتور سلمان محمد احمد سلمان

    عرض صديق عبد الهادي
    نقلاً عن جريدة اجراس الحريةـ الخميس 26 يونيو 2008م ـ
    الجزء الاول


    كجزءٍ من المساهمة في بلورة دورٍ جديد للمهاجرين السودانيين، درج المكتب الثفافي للجالية الامريكية السودانية في منطقة واشنطن الكبرى ، و هي واحدة من انشط الجاليات في الولايات المتحدة الامريكية ، علي إقامة نشاطات ثقافية متميزة ، إحتلت فيها القضايا المتعلقة بالوطن ـ السودان ـ و بهموم شعبه حيزاً براحاً.

    مما لا خلاف حوله أن المهاجرين السودانيين في كل انحاء العالم اصبحوا يحتاجون اليوم ،اكثر من اي وقتٍ مضى، لان يكونوا اكثر ارتباطاً بالوطن الام و بقضاياه بعد ان اضحى العالم ، فعلاً و ليس مجازاً، قرية واحدة، قد لا تكون مترامية الاطراف ، و لكنها في الوقت نفسه ليست صغيرة الي ذلك الحد الذي امست تتبدى فيه لمنْ جاشت بانفسهم بدائع ثورة المعلومات.

    ضمن ذلك النشاط الدؤوب قدم المكتب الثقافي للجالية الامريكية السودانية في يوم 10 مايو 2008م ، الخبير السوداني في البنك الدولي الدكتور سلمان محمد احمد سلمان في ندوة عن مشروع الجزيرة في السودان. و ذلك ما نحاول ان نعرض له في هذه المقالات.


    مقدمــة/

    من ضمن الاسباب التي عنت بوجوب عرض هذه الندوة علي اكبر عدد من القراء في السودان و خارجه هو ان اهمية موضوع مشروع الجزيرة في السودان اصبحت لا تأتي من تاريخه او سنواته الثمانيين التي سلفت ، و انما هي تاتي من مستقبله. فالسودان اليوم يمر بادق مراحل تاريخه ليس علي المستوى السياسي، كما يفهم الكثيرون، و انما علي المستوى الاقتصادي اكثر تحديداً، حيث ان قضايا الثروة و توزيعها ، و قد يكون لاول مرة في تاريخه الحديث، قُدِر لها ان تكون محل تركيز و إهتمام ، بل ان ضرورة معالجتها العادلة و السليمة اصبحت تشكل، و باجماع السودانيين، الضمان الاساس لوقف النزيف و قيام السلام و الوحدة.

    اما السبب الآخر هو ان الدكتور سلمان محمداحمد سلمان فوق تخصصه النادر في قانون المياه علي مستوى العالم و تمثيله للبنك الدولي في هذا المجال ، فإنه خبير مشهودٌ له بالتزام الرصانة البحثية و محفوظٌ له مثابرته علي مراصفة التجويد، و في هذا الصدد سيجد القاري ان وقائع هذه الندوة لاتحيد عن ذلك التاكيد .

    في الدائم الاعم ، ان القارئ يسعى، بل و يتوق احياناً اكثر من الباحث نفسه، الي التاكد من ان المعلومة ليست هي المحجة و المقصد في ذاتها و انما تحليلها و ربطها بظرفها و علاقتها بوقائع الحالة في شمولها هو في نهاية المطاف مما يساعد علي التصدي و المواجهة المسئولة للقضايا الشائكة، و ذلك ما هو مطلوبٌ في معالجة وضع كالذي في مشروع الجزيرة. هذا ما حاول ان يقوله الدكتور سلمان ، و كذلك ايضاً ما حاول ان يؤكد به موقفه الثابت من احترام الاختلاف المبني علي المعرفة. و هذا موقف يجد كل التقدير ، بل و هو في جوهره مبتغى كل عارف.


    وقائع الندوة:


    السؤالان المدخل/

    طرح د. سلمان سؤالين كمدخلٍ لمحاضرته ،الاول ، ما هي علاقة المتحدث بمشروع الجزيرة و ما هي المقومات و الارضية التي ارتكز عليها في تقديمه لهذه الندوة عن المشروع؟ .

    اما السؤال الثاني فهو لم كل هذا الاهتمام الكبير و المفاجئ من قبل السياسيين ، حكومة و معارضة، اكاديميين ، منظمات مجتمع مدني، و بل كافة قطاعات الشعب السوداني بمشروع الجزيرة؟!!!.

    يشير د. سلمان في اجابته عن السؤال الاول الي أنه و بسبب تفاقم مشاكل مشروع الجزيرة بدءاً من منتصف السبعينات في القرن المنصرم لجأت الحكومات المتعاقبة الي تكوين لجان و كذلك الي الاستعانة بالمنظمات الدولية للنظر في امر المشروع و مشاكله، و من ثم تقديم توصيات لعلاج تلك المشاكل. فعند هذه النقطة ، و كما اشار، جاءت علاقته هو بالمشروع ، و ذلك بحكم عمله في البنك الدولي.

    تناول بشكلٍ خاص اللجنة التي كونت في بداية عام 1998م و قدمت تقريرها في نوفمبر عام 1998م.حيث ذكر بان اهم توصياتها هي ، اولا قيام شركة مساهمة تؤول اليها ملكية مشروع الجزيرة بحيث تكون الاصول المملوكة حالياً للدولة اسهماً لها، و يُطلب من القطاع الخاص و المصارف التجارية و الزراع و العاملين بالمشروع و المواطنين الراغبين المساهمة في هذه الشركة. و يمكن للحكومة ان تبيع أسهمها في هذه الشركة إن ارادت.

    ثانياً اوصت اللجنة بان توقع الشركة عقوداً لعلاقات الانتاج مع جميع الزراع سنوياً.

    ترددت الحكومة في قبول هذه التوصيات ، و اتصلت في عام 1999م بالبنك الدولي ـ الحديث هنا للدكتور سلمان ـ و طلبت من البنك دراسة مشاكل المشروع ، و تقديم توصيات لحلها مع النظر في مقترحات و توصيات لجنة عام 1998م. لابد هنا من الاشارة الي حقيقة ان علاقة البنك و حكومة السودان كان ان وصلت الي طريق مسدود في العام 1993م ، و ذلك بسبب توقف حكومة السودان عن سدادها للقروض المستحقة عليها للبنك الدولي. و قد قام البنك بالفعل في ذلك العام بالغاء المشاريع التي كان يقوم بتمويلها في السودان، و كذلك قام بإغلاق مكتبه في الخرطوم.

    برغمه وافق البنك علي الطلب و تم تكوين فريق عمل مشترك بينه و حكومة السودان. ضمّ الفريق الي جانب ممثلي البنك متخصصين من السودانيين في مجالات الزراعة، الري، و الاقتصاد من خارج الحكومة. و قد اصدر الفريق تقريره في اكتوبر 2000م تحت عنوان " السودان: خيارات التنمية المستدامة في مشروع الجزيرة".

    في اوائل عام 2002م طلبت حكومة السودان من البنك الدولي المساهمة في مناقشة و تطبيق مقترحات التقرير الذي قٌدِم اليها في العام 2000م. طُلِب من د. سلمان الالتحاق بفريق عمل البنك الدولي لتقديم المشورة و العون في المقترحات الخاصة بادارة الموارد المائية في مشروع الجزيرة و ذلك بوصفه المستشار القانوني لشئون المياه في البنك الدولي. و كان ان اصبح واحداً من اعضاء ذلك الفريق بالفعل. اشار د. سلمان الي حقيقة انه قام و خلال الخمسة اعوام الماضية ، بزيارة مشروع الجزيرة سبع مرات، و طاف علي عدد كبير من اقسامه و إلتقى بعددٍ كبيرٍ من المزارعين و الموظفين و اتحاد المزارعين و كذلك بادارة المشروع. ذلك العمل اتاح له فرصة التعرف بشكلٍ ادق و عميق علي مشاكل المشروع و معوقات انتاجه، علي حسب ما ذكر، بل انه قال بان تلك المهمة التي قام بها ستظل من اكثر المهام التي قام بها خلال فترة عمله المديدة بالبنك، اهميةً. فتلك كانت هي ركيزة علاقته بمشروع الجزيرة و ركيزة استقائه المعلومات مما مكنه من الحديث عن المشروع.


    يُلاحظ دائماً ان د.سلمان ، وفي كل ندواته، يكون حريصاً علي تاكيد ان الآراء و الافكار التي ترد منه لا تمثل و باي حال من الاحوال و لا تعبر عن آراء البنك الدولي او اراء و افكار اي فريق يعمل من ضمنه.، و انما هي بالضرورة افكاره الخاصة. وهذه بحق فضيلة علمية رفيعة لا يتمسك بها الا منْ عمر وجدانهم بالشجاعة المهنية. لانه ، و كما هو معلوم، ليس هناك من مأمنٍ اضمن لإتقاء سهام النقد من الإستجارة بظل الغير!!!.


    وفي اجابته عن السؤال الثاني، يرى د. سلمان ان ذلك الاهتمام المتزايد الحالي بمشروع الجزيرة مرده الي ازمة الغذاء الحادة التي تنتظم العالم اليوم، و التي تهدد الكثير من دوله. و قد تجلت تلك الازمة في عدة مظاهر، منها:

    (*) الارتفاع الجنوني لاسعار السلع الغذائية الاساسية في العالم.

    (*) التخوف الذي ابدته معظم الدول من المشاكل المصاحبة لهذا الارتفاع مما حدى بها الي اتخاذ اجراءات تحد من تصدير المواد الغذائية خارج حدودها.

    (*) تسبب اعلاه في قلة العرض مما ادى و يؤدي بالنتيجة الي ارتفاع الاسعار. و بالطبع كان للسودان نصيبه في ذلك.

    من جانبٍ آخر كانت هناك اسباب وراء تلك الازمة الغذائية التي تجلت مظاهرها فيما سبق ذكره. و يمكن اجمال تلك الاسباب فيما يلي /

    اولاً/ الازدياد المطرد لسكان العالم. في عام 1900م كان عدد سكان العالم 1,6 مليار، اي اقل من مليارين من البشر. وصل الي 6,1 مليار في العام 2000م، و من المتوقع ان يصل عدد سكان المعمورة الي 9 مليارات بحلول 2050م. لابد من القول بانه و بالنتيجة زادت كذلك الهجرة من الريف الي المدينة.

    شهدت الطبقة الوسطى توسعاً عددياً في اكثر دولتين كثافة في العالم، و هما الهند و الصين، و قد زادت كذلك القوة الشرائية لتلك الطبقة ايضاً.

    فيما يخص الهجرة من الريف الي المدينة نرى ان تلك الظاهرة اصبحت اكثر وضوحاً في السودان حيث اصبحت المدن و خاصة الخرطوم مراكزاً لاستقبال تلك الهجرة ـ الكثافة السكانية فيها تقارب 10 مليون نسمة ـ ، فذلك يعني فيما يعني الهجرة من الذرة الي القمح استعمالاً . و معلومٌ ان السودان يستورد 60% من احتياجاته في القمح من الخارج!!!.

    و توضح الاحصائيات و المعلومات المتوفرة ان عائدات الانتاج بالنسبة لاكثر الحبوب اهمية علي مستوى البلدان النامية في العالم قد شهدت تناقصاً كبيراً. و تلك المحاصيل هي القمح ، الذرة الشامي و الارز. مثلاً بالنسبة للقمح فقد تناقص معدل النمو السنوي في انتاجه بين عامي 1961م و 2000م من 10,25% تقريباً الي 1% تقريباً!!!. فهذه احصائيات تقف دليلاً علي ما ذكرنا اعلاه، فإنها بالقطع تعني الكثير بالنسبة للمهتمين بامر الغذاء في العالم.

    ثانياً/ المتغيرات المناخية ، و خاصةً الاحتباس الحراري فقد اثر سلباً علي الانتاج الزراعي في اقطارٍ كثيرة من العالم و كمثال علي ذلك ان استراليا قد توقفت عن زراعة الارز و قللت كثيراً من زراعة القمح بسبب الجفاف. تقول الاحصائيات ان صافي عائد انتاج الفدان من الارز يعادل حوالي 240 دولاراً في حين ان صافي العائد بالنسبة لنفس الفدان من العنب يعادل 1680 دولاراً. بالتاكيد إذا ما كنا نعلم ان الارقام لا تكذب، فان خيار المزارعين الاستراليين سيكون واضحاً وهو التقليل من زراعة اي محصولٍ آخر عدا العنب.

    ثالثاً/ اثر استعمال الحبوب خاصة الذرة الشامي في انتاج الوقود الحيوي سلباً علي المساحات المزروعة بغرض انتاج الحبوب لاجل الغذاء و ذلك بالضغط عليها و تقليل مساحتها، مما ادى الي وصف انتاج الوقود الحيوي بانه "جريمة ضد الانسانية"!!!.

    رابعاً/ ارتفاع اسعار المحروقات انعكس في زيادة اسعار المدخلات الزراعية ، مما ادى الي ارتفاع تكاليف الانتاج.

    خامساً/ ضعف الدولار و انخفاضه اثر في ارتفاع الاسعار ـ لاحظ ارتفاع سعر البترول ـ حيث وصل سعر البرميل الي 130 دولار و هو ضعف سعر البرميل في نفس الوقت من العام الماضي مثلاً.

    سادساً/ المضاربات المستقبلية باسواق السلع ، و قد شمل ذلك القمح و الارز.

    سابعاً/ اجراءات الحد من تصدير المواد الغذائية بواسطة بعض الدول ادى الي شحها و من ثمّ الي ارتفاع اسعارها في كثير من دول العالم مما تسبب في الكثير من الاضطرابات و الاحتجاجات الدامية في عدد من الدول مثل هاييتي، مصر، بوركينا فاسو و غيرها.

    ثامناً/ الدعم الذي تقدمه الدول الصناعية الكبري لمزارعيها افقد المزارعين في البلدان الاخرى القدرة علي المنافسة، و قد اثر ذلك سلباً علي الانتاج في تلك الدول. و

    تاسعاً/ تدني الاستثمارات العالمية في القطاع الزراعي و احجام القطاع الخاص عن الاستثمار فيه بسبب المخاطر المتوقعة، حيث هبط من 1,9 مليار دولار في عام 1981م الي اقل من مليار دولار في عام 2001م.


    تلك هي الاسباب التي انتجت الازمة الغذائية علي مستوى العالم، و التي انعكست بشكلٍ واضح في عدم مقدرة الناس، في كثير من بلدان العالم ، علي شراء المواد الاساسية حيث ارتفعت اسعار الحبوب و خاصة الضرورية منها كالارز، القمح و الذرة الشامي بنسبة تراوحت بين 50% و 300% في الفترة من يناير 2007م و حتى مايو من العام الجاري 2008م فقط.

    علي اية حال، لابد لنا من اضاءة بعض الحقائق علي المستوى الاقليمي لان ذلك سيساعد كثيراً في الاقتراب من الموضوع الذي نحن بصدده. من تلك الحقائق ان العالم العربي يستورد 76% من المواد الغذائية التي يستهلكها من الخارج، و في سبيل توفير ذلك يتم صرف حوالي 40 مليار دولار سنوياً، اي حوالي 3,5 مليار شهرياً بواقع 120 مليون دولار يومياً!!!.

    و من تلك الحقائق ايضاً ان مصر تستهلك حوالي 14 مليون طناً من القمح سنوياً ، تستورد منها ما يعادل 7 مليون طن من الخارج. و كذلك السودان يدور في نفس الرحى إذ يستهلك مليونين طن من القمح و يستورد منها 1,3 مليون طن من الخارج.

    الآن يمكن تصور الوضع الاقليمي ـ علي الاقل في الوطن العربي ـ حين يتم ربط هذه الحقائق بحقيقة ان 60% من المياه الجارية في الوطن العربي تأتي اليه من خارج حدوده. فذلك وضعٌ معقد، علي إثره استيقظ العالم العربي علي اهمية مسألة "الامن الغذائي" و من ثم ادرك اهمية و امكانيات السودان الزراعية.

    الناس في السودان ليسوا بمعزلٍ عن ذلك او عما يجرى علي صعيد العالم، فقد كان لابد لهم ايضاً من التأمل ، و من نفس النافذة التي اطل منها العالم، في مسألة " الامن الغذائي"، و من ثم القاء نظرة متأنية علي القطاع الزراعي و الذي يمثل مشروع الجزيرة مركز الثقل فيه، حيث انه الاكبر مساحةً و الاقدم عمراً، و الذي قد يكون و بمعايير مختلفة الاوفر حظاً في تخفيف ذلك الهاجس المتعلق بمسالة" الامن الغذائي" ، اقله علي مستوى الوطن
    ...يتبع الجزء الثاني....
                  

10-10-2008, 07:05 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    اضواء علي مشروع الجزيرة



    التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م



    تقديم الخبير في البنك الدولي

    الدكتور سلمان محمد احمد سلمان

    عرض صديق عبد الهادي

    (نقلاً عن جريدة اجراس الحرية يوم 30 يونيو 2008م)



    الجــــــــــزء الثــــــاني





    مختصر الجزء الاول /



    استعرضنا في الجزء الاول الذي تمّ نشره، الاسباب التي دعتنا الي الاهتمام بهذه الندوة و نشرها علي القراء و في ذلك اشرنا الي اهمية مشروع الجزيرة خاصة الدور الذي يمكن ان يلعبه في مستقبل الامن الغذائي في السودان ، و كذلك اشرنا الي ان مقدم الندوة دكتور سلمان محمد احمد سلمان قد اولى هذا الموضوع اهتماماً خاصاً انعكس بشكلٍ واضح في الجهد البحثي الذي دبّج به موضوعه، ثم ان الاراء التي تقدم بها، غض النظر عن الاتفاق او الاختلاف معها، فقد ابانت انها جديرة بالتناول. اشرنا كذلك الي علاقة مقدم الندوة بمشروع الجزيرة و ما هي مرتكزات اهتمامه بذلك المشروع. بحثت الندوة في اسباب الاهتمام الكبير و المفاجئ الذي حظي به مشروع الجزيرة في الآونة الاخيرة و من قِبل اطراف عديدة. و لقد عزى دكتور سلمان ، كما ثبت في وقائع الندوة، ذلك الاهتمام بشكل اساس الي ازمة الغذاء التي تجتاح العالم اليوم و تسد افقه. عرضنا الي مظاهر تجلي تلك الازمة والتي انعكست في الارتفاع الجنوني للاسعار،و كذلك تخوف كثير من الدول مما حدا بها الي وقف تصدير المواد الغذائية الي الدول الاخرى التي تحتاجها، و اخيراً كانت قلة العرض والتي ادت و تؤدي بالنتبجة الي ارتفاع الاسعار. عرضنا ايضاً و باستفاضة للاسباب التي كانت وراء ازمة الغذء العالمية تلك. وجملنا الاسباب في زيادة سكان العالم، المتغيرات المناخية و تاثيرها السالب علي انتاج المحاصيل،استخدام الحبوب في انتاج الوقود الحيوي، ارتفاع اسعار المحروقات و تاثيره في تكاليف مدخلات الانتاج،ضعف الدولار و تاثيره عالمياً، اجراءات الحد من تصدير المواد الغذائية بواسطة بعض الدول، الدور المدمر الذي يمارسه دعم الدول الصناعية لمزارعيها علي مزارعي البلدان الفقيرة و النامية، و اخيراً شملت الاسباب تدني الاستثمارات العالمية في المجال الزراعي. كان ذلك هو المدخل الذي فسر الاهتمام الوطني و كذلك الاقليمي بمشروع الجزيرة، و ذلك علي ضوء ما يواجهه العالم اليوم في مسألة الامن الغذائي.



    الجزء الثاني



    خلفية المشــــــروع /



    معلومٌ ان الحديث عن مشروع الجزيرة قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بمسالة زراعة القطن في السودان. اصبح من غير الممكن التفكير في مشروع الجزيرة دون ربطه بالقطن، و لقد لعبت عوامل كثيرة دوراً في ترسيخ ذلك الربط سواءً إن كانت سياسة الدولة، او سائل الاعلام بكل اشكالها ، او المناهج التعليمية في المراحل المختلفة، حيث كان الضوء مسلطاً علي مشروع الجزيرة و انتاجه للقطن و آثار ذلك علي الخزينة و الدخل القومي و من ثمّ علي التنمية في السودان بشكلٍ عام.

    هنالك عوامل تاريخية لا يستقيم بدونها الحديث عن مشروع الجزيرة و مسألة زراعة القطن فيه. إن الانبهار بذلك النجاح الساطع الذي حققه مشروع الجزيرة في تبني زراعة القطن خلال زمن طويل من تاريخه ، لايرجع فقط الي الانتاجية العالية التي حققها المشروع في ذلك المحصول خلال جزءٍ كبير من عمره، و انما يرجع ايضاً و تاريخياً الي فشل التجارب السابقة لمحاولة زراعة القطن في مناطق مختلفة من السودان، و في عهود تاريخية مختلفة كذلك. فمثلاً، في ستينيات القرن التاسع عشر و ابان الحكم التركي فشلت محاولة ممتاز باشا لزراعة القطن في دلتا القاش و طوكر، و ذلك لاسباب تتعلق بالتربة و المياه و المناخ و الامن في تلك المنطقة. ولبعض الاسباب المشتركة مع تجربة ممتاز باشا ـ التربة و المناخ ـ فشلت ايضاً تجربة المستثمر الامريكي " لي هنت" في منطقة الزيداب في عامي 1906م و 1907م.

    و للمرة الثانية، ايضاً، فشلت التجربة في دلتا القاش و طوكر ، و التي قامت بها شركة كسلا الزراعية اثناء الحكم الثنائي و لنفس الاسباب التي ادت لفشل تجربة ممتاز باشا.

    في العام 1911م اتجهت انظار ادارة الحكم الثنائي نحو الجزيرة . بدأت بالفعل التجربة بواسطة شركة السودان الزراعية ، و ذلك بزراعة 250 فدان في منطقة طيبة لتروى بالري الصناعي عن طريق الطلمبات. ادى نجاح هذه التجربة الي زيادة تدريجية في الرقعة الممنوحة من الارض لشركة السودان الزراعية.

    تضافرت عوامل كثيرة في نجاح التحربة و من ثم ميلاد و تطور مشروع الجزيرة. و يمكن تلخيص هذ العوامل في الآتي /

    اولاً/ خصوبة التربة، اوضحت انه لن يكن هناك احتياج كبير للسماد و للمخصبات.

    ثانياً/ طبيعة التربة و تماسكها قلل من تسرب المياه و ساعد علي بقائها لري القطن.

    ثالثاً/ القرب من النيلين ـ الازرق و الابيض ـ ساعد وأدى الي بناء السدود و زيادة و تنظيم عملية الري.

    رابعاً/ طبيعة الارض المنبسطة ساعدت ، و هذه من اهم الاسباب، علي الري الانسيابي الطبيعي. و قد ادى ذلك ، بالطبع ، الي تقليل تكلفة الانتاج مقارنةً بالري الصناعي.

    خامساً/ العامل المناخي حيث ساعد فصل الصيف بحرارته العالية جداً و جفافه علي القضاء علي كثير من الآفات و الحشرات في المشروع و قلل بذلك من الاعتماد علي المبيدات.

    سادساً/ الكثافة السكانية في منطقة الجزيرة كانت معقولة ، ثم انه كانت لهم خبرة حيث مارس معظمهم الزراعة المطرية.

    سابعاً/ موقع الجزيرة في وسط السودان سهّل من هجرة مزارعين آخرين و كذلك عمال موسميين. كما و انه سهّل الوصول اليها من الخرطوم، و نقل القطن منها الي الخرطوم و من ثم الي بورتسودان و منها بحراً الي مصانع الغزل و النسيج في لانكشير ببريطانيا و التي كانت تنتظر بفارغ صبرٍ و نهمٍ شديد الي نجاح تجربة مشروع الجزيرة.

    واضحٌ انه و مما لاشك فيه ان وجود عوامل كهذه لايمكن ان تؤدي الا لاختيارٍ امثل ، و بالفعل كان اختيار منطقة الجزيرة لاجراء التجربة، ومن ثمّ لقيام المشروع، اختياراً موفقاً.



    التطورات التي لازمت قيام المشروع/



    بعد موسمين من بدأ تجربة طيبة في العام 1911م، بدأت الإدارة البريطانية في السودان في الاقتناع بنجاح تجربة زراعة القطن في منطقة الجزيرة. و شرعت الادارة في التفاوض مع لندن و القاهرة لاجل اكمال انشاء المشروع. تركز التفاوض علي نقطتين اساسيتين /

    الاولى / التفاوض مع لندن علي ضرورة الحصول علي قرض وذلك لبناء خزان سنار لاجل ري المشروع ومن ثمّ التوسع فيه.

    الثانية/ التفاوض مع القاهرة لاجل تأمين موافقتها علي كمية المياه التي يمكن استعمالها لري المشروع من خزان سنار علي النيل الازرق.

    فيما يخص النقطة الاولى وافقت لندن و بعد مفاوضات طويلة علي منح الخرطوم قرضاً بمبلغ ثلاثة مليون جنيه استرليني و هي تكلفة بناء الخزان، إلا ان الحرب العالمية الاولى اوقفت التحضيرات لبنائه ، و لم يبدأ العمل فيه الا بعد انتهائها. اكتمل العمل في الخزان في العام 1925م، و هو التاريخ الرسمي لبداية مشروع الجزيرة.

    اما فيما يخص النقطة الثانية فقد وافقت مصر علي بدء العمل في مشروع الجزيرة و بناء خزان سنار شريطة الا تتجاوز مساحة الارض المروية 300,000 فدان (ثلاثمائة الف فدان). و كُفل لمصر الحق في بناء خزان جبل اولياء. و هنا يبقى من الضروري الاشارة الي، و كذلك تسجيل الملاحظة الهامة ، ان بدء الري في مشروع الجزيرة و كذلك كل اطوار التوسع في الرقعة المروية فيه اعتمدت اعتماداً كاملاً علي موافقة مصر بسبب ان مياه الري تسحب بكاملها من النيل الازرق.

    التزمت ادارة الحكم الثنائي بهذه المساحة حتى عام 1929م عندما تم توقيع اتفاقية مياه النيل لعام 1929م و التي حددت حصة السودان في مياه النيل بـ 1,3 مليار متر مكعب، إرتفعت فيما بعد لتصل الي 4 مليار متر مكعب، مقابل 24 مليار متر مكعب لصالح مصر، ارتفعت فيما بعد لتصل الي 48 مليار متر مكعب. و نتيجةً لذلك بدأت الادارة البريطانية التوسع في المساحة المروية في مشروع الجزيرة. و قد تدرج التوسع خلال المراحل التالية/

    1- في العام 1926م كانت المساحة 300,000 فدان،

    2- في العام 1929م وصلت المساحة الي 379,000 فدان،

    3- في العام 1931م وصلت المساحة الي 527,000 فدان،

    4- في العام 1953م كان ان وصلت الي مليون فدان.



    إثر توقيع اتفاقية مياه النيل بين مصر و السودان في العام 1959م ارتفعت حصة السودان الي 18,5 مليار متر مكعب مقبل 55,5 مليار متر مكعب لصالح مصر. ادى ذلك الوضع الي بناء خزان الروصيرص الذي اكتمل العمل فيه في العام 1964م، و من ثمّ بدأ التوسع في مشروع الجزيرة ليشمل امتداد المناقل و لتصل بذلك مساحة المشروع الي 1,800,000 فدان في العام 1966م. استمرت المساحة في التوسع حيث وصلت الآن، العام 2008م ، الي 2,200,000 فدان.

    يُلاحظ انه خلال اربعين عاماً اي من 1926م و حتى 1966م كان ان زادت مساحة المشروع بما يعادل مليون و نصف فدان في حين انها لم تزد في الاربعين سنة الماضية سوى باربعمائة الف فدان فقط، اي باقل من نصف المليون فدان.

    من اهم التطورات التاريخية و التي انبنت عليها تحولات ضخمة في مسار المشروع ماحدث في العام 1950م ، حيث انتهى العقد الموقع بين حكومة الحكم الثنائي و شركة السودان الزراعية التي كانت تدير المشروع. و قد حلّ محل الشركة "مجلس ادارة مشروع الجزيرة"، و المكون معظمه من سودانيين. ذلك كان هو الوقت الذي صدر فيه قانون مشروع الجزيرة للعام 1950م.

    في الفترة من 1950م و حتى 1955م ادار المشروع كل من البريطانيين "آرثر جيتسكل" و "جورج ريبي" ، حيث كانت فترة الاول من 1950م الي 1953م، و الآخر من 1953م الي 1955م. و لقد كان السيد مكي عباس اول محافظ سوداني لمشروع الجزيرة، و بلغة الادب السياسي فيما بعد الاستقلال كان هو اول من بدأت به سودنة الادارة العليا في مشروع الجزيرة.

    هنالك محاور اخرى يمكن تلمسها في مسار التطورات التي حدثت في مشروع الجزيرة. و هذه المحاور تتلخص في الآتي/

    المحور الاول، علاقات الانتاج/

    ارتكزت فكرة مشروع الجزيرة علي علاقةٍ و شراكةٍ ثلاثية بين الحكومة، الشركة و الزراع، و ذلك باعتبار الآتي،

    الحكومة هي التي تملك السد و القنوات و الاراضي ( ياتي موضوع بحث ملكية الاراضي لاحقاً) . الشركة هي التي تقوم بادارة المشروع و ايضاً التمويل ـ بالطبع للقطن فقط و لا يشمل اي محصول آخر ـ ، و تشرف كذلك علي انتاج القطن. و اخيراً، الزراع و هم الذين يقومون بزراعة القطن في الحواشات تحت اشراف الشركة.

    و تجدر الاشارة الي انه من المسائل، ذات الطابع المعقد، التي واجهت الحكومة و الشركة هي محاولة تحديد اسم لهولاء الزراع. و قد ذهب التفكير فيها مناحي مختلفة ، اولاً ، هؤلاء الزراع لا يملكون الارض ، و ليست لديهم حرية القرار فيما يزرعون و لا حرية تمويله او حتى تسويقه، فلذلك لا يمكن تسميتهم "مزارعين". ثانياً، برزت فكرة تسميتهم "شركاء" ، إلا ان النظر صُرف عن ذلك الاسم لان طريقة تقسيم الارباح التي كانت تُطبق لم تكن تعكس الفكرة الحقيقة للشراكة، لان الارباح كانت توزع بعد خصم تكلفة الانتاج من الزراع. ثالثاً، تناولت بعض المكاتبات امكانية تسميتهم بـ "عمال زراعيين" ولكنه لم يتم اعتبار هذا الاسم لان العامل يستحق "اجراً ثابتاً" او التزاماً باجر من مستخدمه نظير عمل محدد و ليس جزءاً من الارباح كما هو مُطبق وقت قيام المشروع، حيث كانت الارباح توزع علي اساس النسب. و لقد كانت تلك النسب توزع كالآتي/

    الحكومة نصيبها 40%، الزراع نصيبهم 40% ، و الشركة الزراعية نصيبها 20%. ظلت تلك النسب سارية من العام 1925م و حتى العام 1950م و هو العام الذي انتهى فيه العقد مع الشركة السودانية للزراعة. و تمّ فيه تعديلُ هذه التسب.

    و أخيراً استقر الرأي علي تسمية هؤلاء الزراع "مستأجرين" . و هي تسمية، برغم استقرار الرأي عليها،فإنها ليست دقيقة، لان المستاجرين انفسهم، وكما هو معلومٌ، لديهم شيئٌ من الحرية في شأن الارض التي يستأجرونها ، علي الاقل في كيفية استخدامها، إلا ان الزراع في مشروع الجزيرة لا يتمتعون بأي قدر من هذا القبيل.

    اما التعديل المشار اليه اعلاه فقد رفع نسبة ارباح الزراع الي 42% و الحكومة الي 42% و حدد نسبة ارباح ادارة مشروع الجزيرة بـ 10%. كما اضاف البنود التالية وهي الخدمات الاجتماعية و المجالس المحلية و صندوق الاحتياطي و حدد نسبة 2% لكل منها. و في العام 1965م و تقديراً لدور المزارعين في ثورة اكتوبر تمّ رفع نسبة ارباحهم الي 48% و خُفضت نسبة ارباح الحكومة الي 36%.

    و في العام 1981م تم استبدال الحساب المشترك ( و الذي يتم بقتضاه خصم التكلفة الاجمالية لكل الزراع من العائد الاجمالي لمحصول القطن و يوزيع الباقي علي الزراع) بالحساب الفردي (و الذي يتحمل فيه كل زارع تكلفة انتاج قطنه منفرداً). و تبع هذا التغيير ادخال نظام الرسوم الادارية و التي يدفع بمقتضاها كل زارع رسوم الاراضي و المياه. و هذا تحولٌ اثار الكثير من الجدل.

    و لابد من ملاحظة ان نظام توزيع الارباح بعد خصم كافة تكاليف الانتاج ينقصه العدل تجاه المزارعين، خاصة في السنوات التي تدنى فيها انتاج القطن كما حدث ذلك في الثلاثينيات من القرن الماضي. و لمعالجة هذا الوضع كان ان سُمح للمزارعين بزراعة 5 افدنة من الذرة و 5 اخرى من اللوبيا وذلك لاستخدامهم الخاص دون شراكة مع الحكومة او الشركة الزراعية و ادارة المشروع لاحقاً.

    إن اتفاقية الايجارة التي اقرت الشراكة مبدأً قد اعطت الشركة الزراعية الحق في ان تقوم باي دورٍ للمستأجر حال فشله القيام به علي ان تخصم التكاليف المترتبة علي ذلك من ارباح المستأجر.

    و يلاحظ كذلك ان التركيبة المحصولية للدورة الزراعية في المشروع قد شهدت هي الاخرى تغييرات مختلفة قبل ان تستقر في الفترة بين تسعينيات القرن الماضي و حتى العام 2005م علي زراعة (1) القطن، (2) القمح، (3) الفول السوداني و الخضروات، (4) الذرة، و (5) البور .



    المحور الثاني، الاراضي/

    بعد أن استقرت الامور لادارة الحكم الثنائي ، بدأت في تسوية و تسجيل الاراضي التي استطاع مستعملوها اثبات ملكيتها. وجدت الادارة ان جزءاً من الاراضي التي سيقوم عليها مشروع الجزيرة هي ملك حر لبعض الافراد. و بناءاً عليه و بعد عدة مداولات قررت الادارة الا تنزع هذه الاراضي من اصحابها للصالح العام و تعوضهم كما يقر القانون. جاء القرار بشكله ذلك لعدة اسباب ، منها ، اولاً/ الخوف ان يؤدي نزع هذه الاراضي الي اضطرابات وثورات. ثانياً/ الخوف الا تنجح زراعة القطن ، و التي هي الاساس الذي قام عليه المشروع، و ثالثاً/ التكلفة العالية للتعويضات التي كانت ستدفع لملاك الاراضي في حالة نزع هذه الاراضي. و قد كان ان نزعت الحكومة بعض الاراضي لاقامة المباني و القنوات و فامت بدفع تعويض و قدره جنيهاً واحداً عن كل فدان.

    لهذه الاسباب تقرر ان يتم تاجير الاراضي الملك الحر من ملاكها ايجاراً قسرياً بواقع عشرة قروش ـ اي ريال ـ للفدان في العام الواحد. و من ثمّ تضاف تلك الاراضي الي الاراضي الحكومية، علي ان يتم تاجير هذه الاراضي كلها في شكل حواشات للمزارعين حتى ولو كانوا ملاكاً.

    علي إثر ذلك صدر قانون "اراضي الجزيرة" لعام 1927م لاجل تقنين و تنظيم ايجار الاراضي الملك الحر للحكومة و لمدة 40 عاماً، انتهت في العام 1967م. وهو العام الذي طالب فيه بعض الملاك ـ هم وراث في غالبيتهم ـ باعادة اراضيهم اليهم، في حين طالب آخرون منهم بزيادة الايجار ليواكب الاسعار وقتها. كونت لجنة لهذا الغرض ، إلا انها لم تصدر تقريرها حتى قيام انقلاب 25 مايو 1969م. و منذ ذلك التاريخ ظلّ موضوع "اراضي الجزيرة الملك الحر"، و هي 900 الف فدان، موضوعاً تتناقله ايدي اللجان حتى يومنا هذا. و من اميز اللجان التي تناولته هي اللجنة التي ترأسها المستشار القانوني الاستاذ عبدالله احمد مهدي و التي اصدرت تقريرها عام 2003م. و يمتاز هذا التقرير بالدقة و العمق في تحليل مسألة الاراضي هذه.

    رفض الملاك استلام الـ 10 قروش منذ العام 1972م مطالبين بتعديلها الي ما يعادل القيمة الحقيقية للـ 10 قروش في العام 1927م. فبرغم تكوينهم لجمعيتهم المعروفة بـ "جمعية ملاك مشروع الجزيرة"، و تمثيلهم في عدة لجان ، بل و برغم صدور قانون 2005م ، (و الذي يؤكد الملكية و لكنه ينزع هذه الاراضي مقابل تعويض عادل) فإن مسالة الاراضي في مشروع الجزيرة لم يتم حسمها بالشكل الكافي بعد!!!. و هنا لابد من القول بانه ما لم تتم معالجة هذه المسالة و بقدر الحاحها فإنها ستكون حجر عثرة في طريق تطور المشروع...
                  

10-10-2008, 07:08 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    اضواء علي مشروع الجزيرة

    التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م



    تقديم الخبير في البنك الدولي

    الدكتور سلمان محمد احمد سلمان

    عرض صديق عبد الهادي


    الجــــــــــــزء الثــــــــــــــالث





    مختصر الجزء الاول /



    استعرضنا في الجزء الاول الذي تمّ نشره، الاسباب التي دعتنا الي الاهتمام بهذه الندوة و نشرها علي القراء و في ذلك اشرنا الي اهمية مشروع الجزيرة خاصة الدور الذي يمكن ان يلعبه في مستقبل الامن الغذائي في السودان ، و كذلك اشرنا الي ان مقدم الندوة دكتور سلمان محمد احمد سلمان قد اولى هذا الموضوع اهتماماً خاصاً انعكس بشكلٍ واضح في الجهد البحثي الذي دبّج به موضوعه، ثم ان الاراء التي تقدم بها، غض النظر عن الاتفاق او الاختلاف معها، فقد ابانت انها جديرة بالتناول. اشرنا كذلك الي علاقة مقدم الندوة بمشروع الجزيرة و ما هي مرتكزات اهتمامه بذلك المشروع. بحثت الندوة في اسباب الاهتمام الكبير و المفاجئ الذي حظي به مشروع الجزيرة في الآونة الاخيرة و من قِبل اطراف عديدة. و لقد عزى دكتور سلمان ، كما ثبت في وقائع الندوة، ذلك الاهتمام بشكل اساس الي ازمة الغذاء التي تجتاح العالم اليوم و تسد افقه. عرضنا الي مظاهر تجلي تلك الازمة والتي انعكست في الارتفاع الجنوني للاسعار،و كذلك تخوف كثير من الدول مما حدا بها الي وقف تصدير المواد الغذائية الي الدول الاخرى التي تحتاجها، و اخيراً كانت قلة العرض والتي ادت و تؤدي بالنتبجة الي ارتفاع الاسعار. عرضنا ايضاً و باستفاضة للاسباب التي كانت وراء ازمة الغذء العالمية تلك. وجملنا الاسباب في زيادة سكان العالم، المتغيرات المناخية و تاثيرها السالب علي انتاج المحاصيل،استخدام الحبوب في انتاج الوقود الحيوي، ارتفاع اسعار المحروقات و تاثيره في تكاليف مدخلات الانتاج،ضعف الدولار و تاثيره عالمياً، اجراءات الحد من تصدير المواد الغذائية بواسطة بعض الدول، الدور المدمر الذي يمارسه دعم الدول الصناعية لمزارعيها علي مزارعي البلدان الفقيرة و النامية، و اخيراً شملت الاسباب تدني الاستثمارات العالمية في المجال الزراعي. كان ذلك هو المدخل الذي فسر الاهتمام الوطني و كذلك الاقليمي بمشروع الجزيرة، و ذلك علي ضوء ما يواجهه العالم اليوم في مسألة الامن الغذائي.



    مختصر الجزء الثاني/



    تمت الاشارة في هذا الجزء من الندوة الي العوامل التاريخية التي ادت الي ارتباط مشروع الجزيرة بزراعة محصول القطن. و التي من اهمها نجاح التجربة بعد فشل متكرر لزراعة نفس المحصول و علي مرّ حقبٍ تاريخية عدة و في مناطق مختلفة من البلاد، منها تجربة ممتاز باشا و تجربة المستثمر الامريكي لي هنت. تم العرض للتطورات التي حدثت في المشروع، و هي تطورات كما بان، انها إلي جانب التوسع الملحوظ في الرقعة المزروعة ظلت تدور حول محورين اساسين هما محور علاقات الانتاج و محور ملكية الاراضي. بالنسبة للمحور الاول مرت علاقات الانتاج بمرحلتين الاولى حينما كانت شركة السودان للزراعة طرفاً، و الثانية عندما انتهى عقد الشركة و حلّ محلها مجلس إدارة مشروع الجزيرة كطرف بديل ثالث الي جانب الحكومة و الزراع، و قد تاثرت نسب الشراكة حيث كانت مختلفة في كل مرحلة عن الاخرى. بل ان بنوداً جديدة تم ادراجها في المرحلة الثانية و رُصِدت لها نسب من صافي دخل المشروع وذلك مثل الخدمات الاجتماعية، المجالس المحلية و صندوق الاحتياطي حيث تم رصد نسبة 2% لكلٍ منها. اما علي صعيد محور ملكية الاراضي فقد تمت الاشارة الي القوانين التي حاولت معالجة المسألة و كذلك اللجان التي تعاطتها طيلة تاريخ المشروع. و قد جاءت خاتمة هذا الجزء من الندوة ملمحةً الي الحاح و ضرورة معالجة "ملكية الاراضي بمنطقة الجزيرة"، و ذلك لما لها من تاثير في تطور و مستقبل المشروع لا يمكن تجاهله او التقليل من خطورته.



    الجــــــــــــزء الثـــــــــــــــــــالث



    الملامح العامة و الوضعية الحالية لمشروع الجزيرة





    1- تنظيم المشروع/



    من الملامح الاساسية لمشروع الجزيرة هي مساحته و التي تبلغ 2,2 مليون فدان. تم تنظيم هذه المساحة في 18 قسم تراوحت مساحة كل قسم بين 60 الف الي 190 الف فدان. تمّ تقسيم كل قسم الي عدة تفاتيش ـ و هي جمع تفتيش . تفاوت عدد تفاتيش الاقسام بين 4 الي 8 تفاتيش للقسم الواحد.و كذلك تمّ توزيع التفتيش الواحد الي نِمر و مفردها "نمرة"، و مساحة النمرة الواحدة تساوي 90 فداناً. ينتهي التنظيم في تقسيم النمرة الواحدة الي حواشات، و تتفاوت مساحة الحواشة بين 10 و 40 فدان في الجزيرة رغم ان معظم الحواشات مساحتها 20 فدان. اما في المناقل فتتراوح مساحة الحواشة الواحدة بين 7,5 الي 30 فدان رغم ان معظم الحواشات مساحتها 15 فدان. من بين اشكال التنظيم نكتفي بتفصيل الاقسام لانها اكثر الوحدات تلخيصاً لملامح المشروع كما و انها تلعب دورهاً في الطريقة التي يعتمد عليها في انتخاب و اختيار الممثلين في تنظيم الزراع النقابي و المعروف بـ "اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل". تلك الاقسام، حسب ترتيبها المعروفة به ، هي/

    (1) القسم الجنوبي (2) قسم الحوش (3) القسم الاوسط (4) قسم المسلمية (5) قسم وادي شعير (6) قسم ود حبـوبه (7) القسم الشمالي (8) القسم الشمالي الغربي (9) قسم ابو قوته (10) القسم الشرقي (11) قسم المكاشفي (12) قسم الشوال (13) قسم الجاموسي (14) قسم الماطوري (15) قسم معتوق (16) قسم المنسي (17) قسم التحاميد ،و اخيراً (18) قسم الهـدى.

    و يلاحظ ان القسم الشرقي هو القسم الوحيد الذي يقع خارج منطقة الجزيرة و لا يروى من الخزان، حيث انه يقع في منطقة شرق النيل ، و يروى بالطلمبات. يتبع هذا القسم ادارياً لمشروع الجزيرة و يضم كل من ود الفضل، حداف، و الحرقة/ نور الدين.

    ويعتقد البعض ـ وهذا فهمٌ سائد ـ ان مشروع الجزيرة هو اكبر مشروع زراعي في العالم تحت ادارة واحدة. وهذا الاعتقاد ليس صحيحاً، إذ ان هناك عدة مشاريع اكبر منه مساحةًً تحت ادارة واحدة.



    2- التركيبة السكانية للمشروع

    و القوى العاملة فيه/



    يضم المشروع حوالي 128 الف زارع ، و يكِّونون مع اسرهم حوالي مليون نسمة. هناك حوالي 150 الف عامل موسمي و يكِّونون مع اسرهم اكثر من مليون نسمة، و يعيشون في اوضاعٍ سيئة و معظمهم في معسكرات تعرف بـ"الكنابي"، و الواحد منها "كمبو". وضعهم بشكلٍ عام أسوأ من وضع الزراع و الذين يعيش معظمهم أيضاً في حالة من الفقر.

    هنالك 5 الف عامل و موظف يتبعون او يعملون في ادارة مشروع الجزيرة ، و لقد كان هذا العدد يبلغ حوالي 10 الف عامل و موظف خلال الثمانينيات من القرن الفائت، خصوصاً بعد الانتقال الي الحساب الفردي و الذي احتاجت الادارة بسسببه الي عددٍ كبيرٍ من المحاسبين. و يمكن ان يعتبر هذا النقص واحداً من المؤشرات علي التحولات التي مرت بالمشروع.

    يقع ثلث ولاية الجزيرة تحت ادارة المشروع و يتأثر 80% من سكان الجزيرة و البالغ عددهم 6 مليون بشكل مباشر او غير مباشر بالمشروع. تُمثل ولاية الجزيرة في مجلس ادارة المشروع.و لابد من الاشارة الي ان بالمشروع ثروة حيوانية تُقدر ب حوالي 3 مليون رأس من المواشي.





    3- أصول المشروع/



    تتكون اصول المشروع و التي تمتلكها الدولة ممثلة في وزارة المالية من الآتي:

    أ- الاراضي التي تملكها الحكومة و التي تبلغ مساحتها حوالي 1,3 مليون فدان. (يجب ملاحظة ان الـ900 الف فدان المتبقية هي اراضي ملك حر، كما اشرنا سابقاً).

    ب- مراكز الخدمات ، او مراكز التكلفة ، و التي تشمل:

    * 14 محلجاً ، 7 منها في مارنجان،6 في الحصاحيصا و محلج واحد في الباقير.

    * الورش الهندسية

    * سكك حديد الجزيرة، و تغطي 1300 كيلو متر ، و

    * شبكة الاتصالات.

    ج- اسطول من السيارات و الآليات(تركتورات و حاصدات).

    د- مخازن سعتها التخزينية تُقدر بحوالي 2,5 مليون طن.

    هـ- مباني سكنية و مكاتب و شبكة للطرق.

    و- هيئة البحوث الزراعية ، و التي كانت فيما سبق تعرف بـ "محطة ابحاث الجزيرة"

    ز- شبكة الري و طولها حوالي 150,680 كيلو متر و هي بدورها تتكون من :

    * قناتين رئيسيتين طولهما معاً 260 كيلو متر

    *11 قناه فرعية ، (تعرف محلياً بـ"الميجر") ، و طولها 650 كيلو متر

    * 107 قناة كبرى ( و تعرف محلياً بـ "الكنار")و طولها 1,650 كيلو متر

    * 1,570 قناه صغرى ( و تعرف محلياً بـ "الترعة") و طولها 8,120 كيلو متر

    * 29,000 ابو عشرين و طولها 40,000 كيلو متر ، و اخيراً

    * 350,000 ابو ستة و طولها يبلغ حوالي 100,000 كيلومتر.

    هكذا كان مشروع الجزيرة علي قدرٍ عالٍ من التنظيم، إلا ان هذه الشبكة و التي كانت تمثل شريان الحياة لمشروع الجزيرة اصابها الكثير من التدهور. و بالنتيجة لحق ذلك التدهور بمجمل نشاط المشروع و عملية الانتاج فيه.



    4- القوانين التي نظمت و تنظم عمل المشروع/



    خضع العمل بالمشروع منذ قيامه لقوانين منظمة له و منظمة كذلك للعلاقة بين اطرفه المعروفة و هي حكومة السودان ، ادارة مشروع الجزيرة و التي جاءت خلفاً لشركة السودان الزراعية في العام 1950م ، و الزراع و الذين يمثلهم اتحاد المزارعين. لم تكن تلك القوانين ثابتة و انما تحولت و تطورت حسب مراحل التطور التي شهدها المشروع عبر تاريخه. إنها لم تكن مرتبطة بتلبية احتياجات التنظيم في المشروع فحسب و انما و بنفس القدر او اكثر قد ارتبطت بالظروف و بالتحولات السياسية التي شهدها السودان.

    سنشير اجمالاً للقوانين التي نظمت العمل في مشروع الجزيرة مع التركيز بشكلٍ خاص علي آخر تلك القوانين و هو قانون العام 2005م. و يمكن تتبع تلك القوانين كما يلي/

    منذ البداية قام المشروع و خضع لبنود اتفاقية 1925م التي تمت بين ادارة الحكم الثنائي و شركة السودان الزراعية.و التي اوضحت حقوق و واجبات كل طرف. في العام 1926م صدرت اتفاقية الاجارة بين شركة السودان الزراعية و المستأجرين (الزراع)، و تمّ تطويرها في العام 1936م. و اعقبها في العام 1927م صدور قانون اراضي الجزيرة و الذي بمقتضاه تمت الإجارة القسرية لاراضي الملك الحر بمشروع الجزيرة ، والذي حلّ مكان قانون العام 1921م.

    و كذلك صدر قانون مشروع الجزيرة للعام 1950م، حيث انتقلت بموجبه ادارة مشروع الجزيرة من شركة السودان الزراعية الي ادارة مشروع الجزيرة. و بعده صدر قانون للعام 1960م لتقنين اضافة امتداد المناقل ليصبح جزءاً من مشروع الجزيرة. و تلك هي الفترة التي شهد فيها مشروع الجزيرة توسعاً كبيراً في مساحته و زيادة في عدد زراعه، و بالطبع اثر ذلك في سير تطور المشروع في جوانب عدة اقلها قوة و اتساع نفوذ اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل.

    و في العام 1984م صدر القانون الذي قنن الحساب الفردي الذي طُبِق عملياً في العام 1981 م، عند الغاء الحساب الجماعي. و يعتبر الغاء الحساب الجماعي المشترك واحداً من التحولات المؤثرة في مسار المشروع. اثار ذلك التحول جدلاً واسعاً إن كان داخل مشروع الجزيرة و بين اطرافه او خارجه.

    اما آخر قانون صدر بشأن تنظيم العمل في مشروع الجزيرة فهو قانون مشروع الجزيرة للعام 2005م و الذي وافق عليه و اجازه البرلمان الحالي اي المجلس الوطني. و سيكون الجزء الخامس من هذه السلسلة مكرس لعرض و تناول ذلك القانون.



    5- دور مشروع الجزيرة في التحول الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي
    في الســــودان/

    إن الحديث في هذا الجانب فيما يخص المشروع ـ و الاشارة لدكتور سلمان ـ شائك و معقد و طويل، حيث ان استجلاءه قد يحتاج الي جهودٍ متضافرة، كذلك، من ذوي الاختصاصات في حقول الاقتصاد، علم الاجتماع و علوم السكان و غيرها. و في هذا الصدد اود إضاءة الحقائق التالية/

    اولاً/ احدث مشروع الجزيرة طفرة كبرى في المناحي الاقتصادية و الاجتماعية بمنطقة الجزيرة. و ساهم كذلك مساهمة بينة في الاقتصاد السوداني ككل حتى بداية السبعينيات من القرن المنصرم.

    ثانياً/ صار المشروع قبلة للسودانيين من كل انحاء البلاد، و بل من دول غرب افريقيا حيث اصبح بالتالي نقطةً للتداخل بين هذه المجموعات المختلفة.

    ثالثاً/ ساهم المزارعون و العاملون بالمشروع من موظفين و عمال في إرساء العمل النقابي في السودان و تطويره ليساهم بشكل فاعل في نيل السودانيين لاستقلالهم، حيث نفذ العمال و الموظفون اضراب العام 1941م و كذلك نفذ المزارعون اضراب العام 1946م بواسطة تنظيمهم المعروف بـ "جمعية المستأجرين بالجزيرة" و ذلك، بالطبع، قبل ان يتحول تنظيم المزارعين ليعرف بـ "اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل" كما هو الآن. كان شيخ احمد بابكر ازيرق اول رئيس لجمعية المستأجرين ، في حين ان شيخ الامين محمد الامين كان اول رئيس لاتحاد المزارعين.

    لعب اتحاد المزارعين ( لاحظ انه لم يحمل اسم اتحاد المستأجرين) دوراً رائداً في ثورة اكتوبر 1964م ، و الذي علي اثره كان ان أُختير شيخ الامين محمد الامين وزيراً لحقيبة الصحة في حكومة اكتوبر 1964م. و قد كان في ذلك اعترافٌ واضحٌ بدور المزارعين في انجاز ذلك التحول السياسي الذي انتظم البلاد وقتها.

    هكذا كان مشروع الجزيرة و بكل قطاعاته دائماً في قلب التحولات التي شهدها السودان، و قد اهله لذلك الموقع ليس فقط العمل النقابي القوي الذي كانت تقوم به قيادات المزارعين و العمال و الموظفين ، و انما اهله ايضاً السند الحقيقي الذي كان يقدمه لدعم الاقتصاد الوطني في كل عمومه. اعقب ازدهار المشروع تدهورٌ بدأت بوادره تلوح في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. و هو تدهورٌ قعد بالمشروع من ان يلعب ذلك الدور الذي كان ان قام به و لعقودٍ من الزمن.

    كانت هنالك اسباب كثيرة وراء ذلك التدهور. و سيكون ذلك هو محل تناولنا في الجزء القادم.
                  

10-10-2008, 07:13 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    اضواء علي مشروع الجزيرة
    التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م

    تقديم الخبير في البنك الدولي

    الدكتور سلمان محمد احمد سلمان

    عرض صديق عبد الهادي نقلاً عن جريدة اجراس الحرية

    الجــــــــــــــزء الرابــــــــــــــــــع


    تــدهـــــور المشــــــــــروع و اسبــــــــــابه /

    بدأ مشروع الجزيرة، تاريخياً ، يشهد تدهوره الملحوظ منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي. ادى ذلك التدهور الي تفاقم المشاكل التي كانت موجودة اصلاً، ثم ان هناك مشاكل اخرى استجدت علي اثره مما سارع في وتيرة تراجع المشروع و علي كل المستويات. و ما تكوين اللجان المختلفة و في الفترات التاريخية المختلفة الا دليل علي احساس الحكومات المتعاقبة، و القائمين علي امره بخطورة الوضع السيئ الذي يواجهه المشروع.

    كانت هناك عدة اسباب وراء تدهور مشروع الجزيرة و التي يمكن تلخيصها فيما يلي/

    اولاً/ ان عمليات صيانة قنوات الري كانت متخلفة و دون التحدي الذي كانت تفرضه مشكلة الطمئ الوارد من الهضبة الاثيوبية و بكميات كبيرة، حيث بدأ يتراكم في القنوات المختلفة مما ادى الي تكاثر الحشائش و بالتالي اثر علي اداء تلك القنوات و أدى في النهاية الي ضعف أدائها في عملية الري.

    ثانياً/ أثّر وجود الطمئ أيضاً علي أداء خزاني سنار و الروصيرص، حيث فقدا نصف طاقتيهما التخزينية بسببه. و هنا لابد من الإشارة الي الأثر السلبي لاحتدام التنافس علي استغلال مياه خزان الروصيرص بين الاستعمالات لاغراض الري و الاستعمالات لأجل توليد الطاقة الكهربائية إذ أن الخزان لم يكن، في الأصل، مصصماً لاداء الاثنين معاً.

    ثالثاً/ كان لزيادة اسعار المحروقات عالمياً، و التي بدأت في العام 1973م، آثاراً واضحة علي المدخلات الزراعية و الوقود حيث فشلت الحكومة في توفير العملة الصعبة لأجل إستيرادها.

    رابعاً/ أدت زيادة الانتاج من القطن في آسيا الوسطى و الصين و الهند الي تدني أسعاره عالمياً. و قد كان لذلك أثره علي دخل المشروع من محصول القطن.

    خامساً/ أدت الزيادة الكبيرة في تكاليف الانتاج الي إضعاف رغبة المزارعين في الزراعة مما أدّى الي هجرة عددٍ كبيرٍ لها و كذلك الي توقف الكثيرين منهم عن العمل فيها.

    سادساً/ تحت هذه الظروف غير المواتية لم يؤد التغيير من نظام الحساب الجماعي المشترك الي الحساب الفردي للنتائج المتوقعة، خاصة و أنه كانت هناك أصلاً ليس فقط تحفظات و إنما معارضة من عددٍ من المزارعين لذلك.

    سابعاً/ دخل المشروع عملياً فيما يسمى بالحلقة المفرغة او الدائرة الجهنمية، و التي تبدأ بالري الضعيف الذي يساهم فيه الاداء الضعيف لشبكة الري و عدم اشراك المزارعين في عملية الري. وذلك الري الضعيف يؤدى بالتالي الي تدني الانتاج و الذي ينعكس بدوره في مداخيل منخفضة و غير مجزية مما يتسبب في تفشي حالة من عدم الرضا بين المزارعين، هذا من جانب ،اما من الجانب الآخر فإنه يودي الي عجز في استرداد تكاليف الري و بالتالي الي ضعف تمويل الصيانة و التشغيل ، و معلومٌ ان عدم القيام بالصيانة و ضعف التشغيل لا يؤديان في نهاية الامر إلا الي وجود شبكة للري متهالكة ، و دون وظيفتها مما يؤدي الي ضعف عملية الري، و من هنا تبدأ الحلقة الشريرة في التكرار و الدوران الجهنمي!!!.

    ثامناً/ التخبط في السياسات الزراعية و قصر فترات وزراء الزراعة و مديري المشروع زاد الوضع سوءاً. في فترة السبعينيات كان متوسط فترة خدمة وزير الزراعة عام و احد، كما و اننا نجد انه و منذ العام 1955م تعاقب علي المشروع عشرون محافظاً و مديراً عاماً بالاضافة الي عددٍ كبيرٍ من المديرين بالانابة.

    تاسعاً/ لم تؤد محاولات اعادة تاهيل البنية التحتية للمشروع في العام 1983م الي نتاشج ايجابية بسيبب غياب الاصلاح المؤسسي.

    جرت عدة محاولات في التصدي لتدهور المشروع، و كونت عدة لجان و في فترات مختلفة كما اسلفنا. و قد اعتمدت تلك اللجان بشكلٍ اساسٍ علي كتاب آرثر جيتسكل " الجزيرة ـ قصة تنمية في السودان"، و الذي صدر في عام 1959م و لكنه ما زال المرجع الاساس لقصة قيام و تطور مشروع الجزيرة. و من اهم تلك اللجان و التقارير/

    (1) تقرير محطة أبحاث الجزيرة الذي صدر عام 1963م و تناول بشكلٍ اساسٍ القضايا المتوقع حدوثها بعد إكتمال العمل في إمتداد المناقل.

    (2) تقرير البنك الدولي لعام 1966م و الذي أُطلق عليه "تقرير ريتس" إشارةً الي السيد "ليونارد ريتس" رئيس فريق العمل الذي أعدّ التقرير.

    (3) تقرير "اللجنة العاملة لمشروع الجزيرة" لعام 1967م. و قد ترأس تلك الجنة الدكتور حسين ادريس و قد ساهم معه في إعداد التقرير البروفيسر سمسن أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة.

    (4) تقرير البنك الدولي لعام 1983م، و الذي تمّت بموجبه إعادة تأهيل مشروع الجزيرة بقروض ميسرة من البنك الدولي و الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الحكومتين الايطالية و اليابانية. و قد كان شرط المانحين لتقديم عونهم إصدار قانون مشروع الجزيرة لعام 1984م، و هذا ما حدث.

    (5) التقرير الوزاري في العام 1993م الذي جاء إثر التحولات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة في تلك الفترة.

    (6) تقرير لجنة عام 1998م، و التي ترأسها الدكتور تاج السر مصطفى، و قد تعرضنا لهذا التقرير في الحلقة الاولى، و قد أوصى ذلك التقرير بقيام شركة مساهمة تؤول إليها ملكية مشروع الجزيرة.

    (7) تقرير الفريق المشترك بين البنك الدولي و حكومة السودان لعام 2000م، و الذي أعقبه صدور قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م.

    (8) تقرير لجنة الإصلاح المؤسسي لمشروع الجزيرة برئاسة الدكتور عبدالله احمد عبدالله لعام 2004م.

    (9) تقرير ورشة العمل الاولى التي انعقدت عام 2004م حول مسودة قانون مشروع الجزيرة.

    (10) تقرير ورشة العمل الثانية التي ترأسها الدكتور مامون ضوء البيت ، و التي إنعقدت عام 2005م حول تطبيق قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م.

    (11) تقرير لجنة عام 2007م ، و التي ترأسها الدكتور عبد الوهاب عثمان . وقد ناقش تقريرها المعوقات التي تقف في طريق تنفيذ قانون العام 2005م.

    و نسبةً للطبيعة الصُحفية لهذا العرض و لضيق المساحة لن نعرض بالتفصيل لكل التقارير، و لكنا سنكتفي بالقاء بعض الضوء علي ثلاثة منها.

    اولاً/ تقرير "ريتس" لعام 1966م:

    كان البنك الدولي قد موّل بعض تكلفة البنية التحتية و الآليات و الدراسات الخاصة بامتداد المناقل عام 1960م. و موّل ايضاً الجزء الاكبر من تكلفة خزان الروصيرص عام 1961م بعد توقيع اتفاقية مياه النيل في العام 1959م. و عليه فقد وافق البنك الدولي علي الطلب الذي قدمته حكومة عبود في اوائل العام 1964م لدراسة مسألة التركيبة المحصولية لمشروع الجزيرة، إضافة الي الي تكوين و تحديد صلاحيات مجلس ادارة مشروع الجزيرة. و قد واصلت اللجنة اعمالها بعد قيام ثورة اكتوبر 1964م، و اصدرت تقريرها في العام 1966م. و قد عمل مع فريق البنك الدولي مجموعة من الخبراء السودانيين علي رأسهم البروفيسر "النذير دفع الله" مدير جامعة الخرطوم وقتها.

    ركّز التقرير عموماً علي علاقات الانتاج داخل المشروع، و انتقد بشدة نظام الحساب الجماعي وقتها، و أشار إلي أن نظام الشراكة يقلل كثيراً من حوافز الانتاج بالنسبة للمزارع. و قد إقترح التقرير إدخال حرية إختيار المحاصيل. و لكن هذه التوصية رُفِضت بشدة بواسطة الحكومة و إدارة المشروع. اقترح التقرير ايضاً إدخال تجربة تربية الحيوان بالمشروع، و كذلك تنظيم المزارعين في جمعيات تعاونية.

    ثانياً/ تقرير لجنة د. حسين إدريس:

    إتفقت هذه اللجنة مع لجنة البنك الدولي في مقترح حرية اختيار المحاصيل و رأت ايضاً ان صغر مساحة الحواشة ليس اقتصادياً و أن الحيازات الكبرى أقل تكلفةً من الصغرى. و اقترحت اللجنة تجميع الحيازات في منطقة واحدة للمزارع الواحد، و رفع الحد الادنى بالنسبة للحيازة، كما و اقترحت أيضاً إلغاء نظام الشراكة و الاستعاضة عنه برسوم سنوية علي الارض. و اوصت اللجنة ايضاً بادخال اللامركزية في ادارة الاقسام، و اعطاء كل قسم الصلاحيات في ادارة العمليات الزراعية.

    ثالثاً/ تقرير البنك الدولي لعام 2000م:

    أعدّ هذا التقرير فريق العمل المشترك بين البنك الدولي و حكومة السودان. أشار التقرير إلي ضرورة الإجماع حول رؤية محددة عن البنية المستقبلية و التشغيلية لمشروع الجزيرة.و قد ورد في التقرير ما يلي/

    " إن الرؤية لمشروع الجزيرة في هذا التقرير هي أنه سوف يصبح مركزاً لنشاط إقتصادي و إجتماعي متزايد حيث يكون القطاع الخاص قد قام بالإستثمار و إنشاء مؤسسات لمقابلة متطلبات خدمات الإنتاج الزراعي للمزارعين. و تشمل الرؤية في نهاية المطاف إنشاء سلطة مستقلة ذات إدارة خاصة تقوم بتشغيل المشروع بربح. و سوف تقوم سلطة المشروع بجعل المسئوليات عن بعض النشاطات الإدارية لا مركزية تتولاها مجموعات المزارعين ذات الكفاءة. أما مسئوليتها (بالتعاون مع الوزارات المختصة مثل وزارة الري و الموارد المائية، وزارة الزراعة و الغابات و هيئة البحوث الزراعية) فهي أن تقوم بتنظيم عملية تقديم مجموعة أساسية من الخدمات المؤسسية مثل الري، الإرشاد الزراعي و توفير و نشر المعلومات عن السوق للمزارعين علي أسس بيئية مستدامة. أخيراً فان سلطة المشروع بالتعاون مع حكومة الولاية سوف تضمن تقديم خدمات إجتماعية أفضل لكافة أعضاء مجتمع الجزيرة."

    و قد جاء في التقرير أيضاً " أن النتيجة الرئيسية التي توصل إليها التقرير هي أن مشاكل المشروع يمكن معالجتها بنجاح و لهذا فإن الرؤية التي وصفت أعلاه يمكن تحقيقها عبر شراكة بين القطاع العام و القطاع الخاص". و في توضيح أمر هذه الشراكة ورد في التقرير،" أن مشروع الجزيرة كمؤسسة عامة يستطيع زيادة فعاليته بدرجة كبيرة إذا ركز علي بناء و صيانة البنيات التحتية الرئيسية، التخصيص العام ( بالتشاور مع مجموعات من المزارعين) للمنطقة المروية لدورات المحاصيل المختلفة، توزيع مياه الري عن طريق القنوات الرئيسية لمقابلة الطلب علي المياه، و تقديم مجموعة خدمات أساسية مساندة للمزارعين مثل الإرشاد الزراعي، و معلومات عن السوق للسلع المنتجة في مشروع الجزيرة.

    إن القطاع الخاص (و بالتحديد مجموعات المزارعين و رجال الاعمال الآخرين) يمكنه المساهمة في الكفاءة الإجمالية و عدالة المشروع و ذلك بقيامهم بتحمل المسئوليةالأساسية (عن طريق مجموعات مستخدمي المياه) عن قرارات مجموعات المزارعين حول دورات المحاصيل المفضلة، توزيع المياه عن طريق الترع الصغيرة لإشباع مطالب مجموعات المزارعين لإستخدام أمثل للمياه و إسترداد فعال لتكاليف الري و كذلك تقديم خدمات مثل الحراثة و مبيعات السماد."

    و لتنفيذ تلك الإستراتيجية أشار التقرير إلي ضرورة إتخاذ جملة خطوات تتعلق بقيادة العمل في المشروع، العون الإداري، توفير الكميات الكبيرة من المياه، تحفيز القطاع الخاص، حرية إختيار المزارعين للمحاصيل، تسويق الأقطان و كذلك إتاحة الفرصة للمزارعين في بيع و شراء حقوق الملكية داخل المشروع.

    و في شأن التغييرات المشار إليها أعلاه يقول التقرير،" هي تغييرات مؤسسية في المدى المتوسط و الطويل الأجل بالرغم من أن التنفيذ يمكن ان يبدأ نسبياً بسرعة. رغم كل ذلك فإنه من الضروري تحسين فعالية و كفاءة المشروع باسرع ما يمكن. و توصل الفريق المشترك إلي أن ذلك يمكن فعله بتطبيق مجموعة من الأفعال القصيرة الأجل لتحسين الحافز للمزارعين و إدارة مشروع الجزيرة مما يؤدي إلي تحسن يكاد يكون فورياً في الأداء التقني و تدفقات الدخل. و هناك دعم قوي لهذه الأعمال بين إتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل، إدارة مشروع الجزيرة و الإداريين من الحكومة."

    و من توصيات التقرير/

    " تحديد سياسة الحكومة:

    1- عملية إتخاذ القرارات و التشاور: نظراً للمشاركة الكبيرة لموظفي الخدمة المدنية في إعداد هذا التقرير يوصي بأن تصدر الحكومة قراراً حول مبادئ و أسس سياسة الإصلاح المؤسسي في مشروع الجزيرة لكي تحرك عملية التشاور و التخطيط لتطبيق الإصلاحات. يوصي الفريق المشترك بأن عملية الإصلاح السياسي و المؤسسي بمشروع الجزيرة يجب أن تتضمن مشاركة مكثفة من أصحاب المصلحة بما في ذلك حكومة الولاية.

    2- توصية أساسية:

    يوصي التقرير بأنه في المدى القصير و المتوسط يجب أن تستمر الحكومة في الإتجاه في السنوات الأخيرة نحو تحويل العديد من مهامها للقطاع الخاص. يجب إقامة شراكة تكون فيها إدارة مشروع الجزيرة مسئولة عن بناء و صيانة منشئات البنية التحتية الرئيسية و أن يسمح لروابط مستخدمي المياه بأن تكون مسئولةً عن إدارة المياه في الترع الصغيرة و تقديم خدمات معالجة الإنتاج. و في المدى البعيد يجب أن يصبح مشروع الجزيرة هيئة مستقلة لا تربطها صلات رسمية بالحكومة."

    و يرى التقرير أن هناك خطوات لابد من إتخاذها في المستقبل المنظور/

    " اولاً: قرار من الحكومة حول الرؤية المتوسطة و الأبعد مدى و التي سوف تصبح سياسة الحكومة.

    ثانياً: قرار من الحكومة حول النتائج التي توصل إليها الفريق المشترك ، حول التغيير المؤسسي لتحقيق تلك الرؤية و حول أي موجهات ترغب في وضعها حول مسائل مثل السياسة العامة و توقيت و تسلسل عملية التغيير المؤسسي.

    ثالثاًً: أن تعين الحكومة هيئة تكون مسئولة عن تنفيذ هذه السياسة. توصل الفريق المشترك إلي أن مجلس ادارة مشروع الجزيرة هو الهيئة المناسبة و يجب أن يساعده فريق عون إداري.

    رابعاً: أن تؤكد الحكومة بأن اللجنة الوزارية الموجودة لتنفيذ مشاريع الري سوف تكلف بمسئولية مراجعة تقدم تنفيذ قرارات الحكومة الخاصة بسياستها تجاه مشروع الجزيرة كجزء من إلتزامات اللجنة الوزارية الدائمة.

    خامساً: يجب أن تخصص الحكومة اموالا ً لتمويل أعمال الهيئة المكلفة بتطبيق قرارات الحكومة و إستكشاف مصادر تمويل للدراسة التفصيلية عن تكلفة و فوائد تاهيل البنية التحتية لمشروع الجزيرة.

    سادساً: أخيراً يجب أن يكون هناك نشر واسع لقرارات الحكومة حول سياسة المشروع بين المزارعين و أيضاً مجتمع الجزيرة الواسع و إنشاء إطار للتشاور المستمر حول الخطط المستقبلية للتغييرات المؤسسية و الإدارية في مشروع الجزيرة مع أصحاب المصالح و يشمل ذلك حكومة ولاية الجزيرة."

    و قدم التقرير العديد من التوصيات حول العديد من جوانب البنية التحتية للمشروع.

    في ختام هذا الجزء من الندوة لابد من الإشارة إلي حقيقة أنه أصبح واضحاً من محاولات التصدي لمشاكل مشروع الجزيرة و من خلال تكوين اللجان و تقديم الدراسات المتعددة أن قضايا هذا المشروع كبيرة و معقدة، و أنها تحتاج إلي جهدٍ أكبر و تبني سياساتٍ معقولة تؤدي في مداها البعيد إلي إستقرار المشروع و إستقرار العلاقة بين كل أطرافه، زراعاً ، إدارةً و حكومةً. و في ضوء ذلك سيكون تناولنا لقانون العام 2005م في الجزء القادم ..
                  

10-10-2008, 07:18 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    اضواء علي مشروع الجزيرة

    التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م

    تقديم الخبير في البنك الدولي
    الدكتور سلمان محمد احمد سلمان
    عرض صديق عبد الهادي نقلا عن صحيفة أجراس الحرية

    قانــــــــون مشروع الجزيرة للعام 2005م

    الملامح الاساسية للقانون/

    يعتبر صدور قانون مشروع الجزيرة فى يوليو عام 2005 من أهم التطورات التي شهدها مشروع الجزيرة منذ انشائه، ان لم نقل أنه أهم تطورٍٍٍٍٍٍٍ فى تاريخ المشروع. فقد أدخل هذا القانون تغييرات جذرية على وضعية المشروع و على نمطى الانتاج و الادارة بالمشروع. الغى هذا قانون و حلّ محل قانون 1984م، كما الغى ايضاً قانون اراضي الجزيرة لعام 1927م.
    يُعرِف القانون فى المادة 4 مشروع الجزيرة بانه مشروعٌ اقتصادي و اجتماعي ذو نشاطٍ متنوع، يتمتع برعاية قومية للتنمية، وله شخصية اعتبارية مستقلة ادارياً و مالياً و فنياً و صفة تعاقبية مستديمة وخاتم عام وله حق التقاضى باسمه. كما أكّد القانون ملكية الدولة ـ ممثلة في وزارة المالية و الاقتصاد الوطنى ـ لأصول المشروع. و حدد تكوين المشروع من (1) المزارعين (2) الحكومة ممثلة فى وحداتها التى تقدم الخدمات الأساسية ومن ضمنها الرى والسلع العامة التى تشمل البحوث و وقاية النباتات والتقانة و الارشاد و الدراسات الفنية و التدريب اضافةًًً الى الادارة الاشرافية و التخطيط، و (3) القطاع الخاص بما يقدمه من خدمات تجارية مساعدة.
    سنّ القانون عدداً من المبادئ الاساسية المهمة، يمكن تلخيصها في الآتي/

    المبدأ الاول هو مبدأ حرية اختيار المحاصيل الذى تضمنته المادة (5) الفقرة (هـ) من القانون، حيث اوردت،"كفالة حق المزارعين في ادارة شأنهم الانتاجي و الاقتصادي بحرية كاملة في اطار المحددات الفنية و استخدام التقانة للارتقاء بالانتاجية و تعظيم الربحية منها". هذا النص يحتوي علي اهمية خاصة . فهو يعني ببساطة الآتي/
    اولاً: فك الارتباط التاريخي بين مشروع الجزيرة و انتاج محصول القطن. ثانيا:ً انهاء الحلقة الاساسية في علاقات الانتاج داخل المشروع بين المزارعين و ادارة مشروع الجزيرة والتى تمثلت فى زراعة القطن و الاشراف عليه و تمويله. و هذا بالطبع تحولٌ كبير و جذري، و هو بلا شك اكبر تحول يمر به المشروع منذ انشائه قبل ثمانين عاماً. و رغم ان القانون كان ان صدر في العام 2005م، إلا ان تطبيق هذا المبدأ لم يتم حتى موسم 2007 ـ 2008م، كما سياتي ذلك لاحقاً في هذا المقال.
    كان هذا التحول مثاراً للجدل و الخلاف حيث انتقده البعض، بل و رفضوه، باعتبار انه ينهي الدور التاريخي للمشروع في زراعة القطن، هذا من الجانب الاول، و يلغي، من الجانب الثاني، دور الدولة في تحديد اولوياتها بالنسبة للمحاصيل التي سوف تتم زراعتها، اما من الجانب الثالث فإنهم يرون ان هناك مخاطرة في زراعة محاصيل قد يكون المشروع غير مهيأ لها. واما علي صعيد المرحبين به فإنهم اولاً يرون ان المستأجر في المشروع ولأول مرة يتحول الي مزارع له حرية اتخاذ القرار فيما يريد زراعته و تحمل تبعات ذلك كاملةً. ثانياً، إنه ينهي الامتياز القسري لمحصول القطن، اما ثالثاً فإنه يضع حداً للنظام السلطوي لادارة المشروع بواسطة مجلس الادارة الذي درج علي تحديد المحاصيل و تمويل القطن و الاشراف العام عليه.

    المبدأ الثاني الذي اقره القانون في المادة (16)، هو تمليك الاراضي للمزارعين. و في هذا الشأن وردت ثلاث معالجات كما يبين من الفقرة (2)، و هي/
    "أ. المزارعون أصحاب الملك الحر الذين خُصصت لهم حواشات بموجب تلك الملكية تسجل لهم تلك الحواشات ملكية عين بسجلات الأراضي.
    ب. الملاك الذين لم ُتخصص لهم حواشات عند التفريقة والذين لهم فوائض أرض وفق الفقرة (أ) تؤول أراضيهم للمشروع مع تعويضهم تعويضاً عادلاً.
    ج. يملّك بقية المزارعين في المشروع من غير أصحاب الملك (الحواشات) التي بحوزتهم ملكية منفعة لمدة تسعة وتسعين عاماً."
    واضحٌ ان هذه المادة قد انهت الايجار القسري للاراضي الملك الحر ، و قامت بتمليك الاراضي بالمشروع للمزارعين إما ملكية عين او ملكية منفعة. كما و انها قضت بنزع الاراضي من غير المزارعين و تعويضهم تعويضاً عادلاً. هذا هو الآخر تحولٌ جذري ينهي الاجارة القسرية التي استمرت ثمانين عاماً، غير انه ما زال تطبيق هذه المادة بعيد المنال و ذلك لمطالبة المالكين بمبالغ ضخمة تمثل كل من اولاً الايجار منذ عام1972م و ثانياً التعويض عن اراضيهم. و في صدد الايفاء بدفع هذه المبالغ ، ترى وزارة المالية انه يجب علي إدارة مشروع الجزيرة و المزارعين القيام بذلك. و لكن الواقع ان ادارة المشروع تغالب صعوبات حقيقية في دفع استحقاقات العاملين، كما و ان المزارعين ليسوا في وضعٍ يسمح لهم بدفع هذه المبالغ.

    المبدأ الثالث هو اعطاء المزارع الحق في التصرف في الحواشة بالبيع او الرهن او التنازل وفق الموجهات التى يضعها المجلس. و قد ورد هذا المبدأ في المادة (17) و اثار الكثير من الجدل حيث اعتبره البعض امتداداً لحرية المزارع في ترك الزراعة ببيع حواشته و من ثمّ التحول الي عملٍ آخر ان أراد ذلك. كما رأى البعض ان ضمان حق الرهن يقتح امكانيات تمويل كبيرة للمزارعين. من جانبٍ آخر هناك منْ رأى ان اقرار مبدأ كهذا سيشجع المزارعين علي هجر الزراعة و سيؤدي بهم الي خسارة اراضيهم المرهونة في حال عجزهم عن سداد ديونهم.
    لابد من الاشارة هنا الي امرين الاول هو ان تطبيق هذا المبدأ لم يتم بعد لان نقل ملكية الارض للمزارعين لم يتم بعد هو الاخر، اما الامر الثاني فهو ان ملكية الحواشة قد تمّ تقييدها بشروطٍ محددة فى المادة 16 من القانون نفسه تلخصت في استغلال الحواشة لاغراض الزراعة فقط، عدم تفتيت الملكية و اخيراً في حالة بيع الحواشة او التنازل عنها يتم تطبيق احكام الملكية بالشفعة.

    المبدأ الرابع وهو انشاء روابط مستخدمي المياه لادارة و صيانة وتشغيل قنوات الحقل بالمشروع. و هذا المبدأ اقرته المادة (19) حيث نصت، "(أ) تُنشأ روابط لمستخدمي المياه تحت إشراف المجلس على مستوى المشروع تمثل الإدارة الذاتية للمزارعين ذات شخصية اعتبارية وتسلَّم لها مهام حقيقية في إدارة استخدامات المياه بالتعاقد مع وزارة الري والموارد المائية في مجال الإمداد المائي والاستشارات الفنية."
    "(ب) تنشئ وزارة الري والموارد المائية إدارة خاصة لري مشروع الجزيرة."
    تعرضت فكرة روابط مستخدمي المياه الي نقدٍ عنيف، و من ضمن ما قُدم في ذلك النقد اولاً ، انها فكرة غريبة علي السودان و لم تطبق من قبل فى أى مشروع زراعى. ثانياً، انها فكرة تخص و ترتبط بالدول التي تعاني من شح المياه و مصادرها. ثالثاً، ان تطبيقها يلغي دور وزارة الرى و مجلس الادارة و يحيله الي المزارعين. و رابعاً، إن المزارعين غير مؤهلين للقيام بهذا الدور. و من ضمن النقد أن هذه الروابط تخلق وسيطاً جديداً بالاضافة الي وزارة الري و مجلس الادارة، و أنها ستؤدى ً الي فصل الشبكة الصغرى عن الشبكة الكبرى.
    حريٌّ بالاشارة، ان فكرة روابط او اتحادات مستخدمي المياه ترجع في بروزها الي سبعينات القرن الماضي و قد تمّ تطبيقها في عدة اقطار من العالم. تعتبر الدراسة التي قدمها دكتور سلمان محمد احمد سلمان ـ " الاطار القانوني لاتحادات مستخدمي المياه"ـ و التي قام البنك الدولي بنشرها في عدة لغات - واحدةً من الدراسات المقارنة القليلة التي تناولت تلك الفكرة. فالبرغم من ان الدراسة كان ان عالجت الاطار القانوني لروابط و اتحادات مستخدمي المياه، الا انها و من ضمن ما خلصت له هو ان مشاركة المزارعين عبر اتحادات مستخدمي المياه المنتخبة ديمقراطياً و المسجلة كشخصية اعتبارية قانونية في ادارة و تشغيل و صيانة اجزاء من انظمة الري، قد ادت فعلياً الي الآتي/
    1- الاستخدام المرشد للمياه و الذي ادى و بالنتيجة الي وفورات فيها.
    2- ازدياد امكانية الصيانة الجيدة لمرافق الري.
    3- تقليل تكلفة التشغيل و الصيانة بصورةٍ كبيرة.
    4- وضع الحد لمركزية تقديم الخدمات.
    5- تمليك المزارعين و تمكينهم من صلاحيات ادارة شئونهم.
    اشار مقدم الندوة الي نتائج دراسة اخري قام بنشرها في العام الماضي تحت عنوان " الاطار القانونى لادارة الموارد المائية". تبين من نتائج تلك الدراسة ان هناك اربعة عشر دولة من ضمن الستة عشر دولة التي شملتها الدراسة قد قامت بتبني فكرة "اتحادات مستخدمي المياه" و طبقتها بصورة مكثفة و تأكد نجاحها في تحقيق اهدافها، وأن الاصلاح المؤسسى فى قطاع الرى فى معظم أنحاء العالم قد تبنى فكرة انشاء روابط مستخدمى المياه. بل ان بعض الدول قد شكلت اتحادات لهذه الروابط وأناطت بها مسئولية تشغيل و صيانة القنوات الكبرى و الرئيسية، وأنه فى دولة شيلى قامت هذه الروابط بشراء القنوات والخزانات من الدولة وتقوم بادارتها كمالك وليس فقط تحت عقد ادارة.
    نصّ قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م في المادة 28.(4) علي ان " يتم تسليم قنوات الحقل لروابط مستخدمي المياه بعد تأهيلها". ولكن، و بما ان التاهيل لم يتم بعد فإن انشاء الروابط و تسليم قنوات الحقل لها لم يتم بعد هو الآخر.

    المبدأ الخامس: تقليص دور مجلس الادارة: تعرض القانون لتشكيل و تحديد اختصاصات و سلطات مجلس ادارة مشروع الجزيرة. ويتكون المجلس من رئيس يعينه رئيس الجمهورية وأربعة عشر عضواً. و يُمثل المزارعون فى المجلس بنسبة لا تقل عن 40% من عضوية المجلس. و يشمل المجلس أيضاً ممثّل للعاملين بالمشروع و ممثلين للوزارات المختصة (تشمل المالية، الزراعة، الرى، التقانة، بنك السودان، و وزارة الزراعة باقليم الجزيرة.) قلص القانون دور المجلس تقليصاً واضحا, و تتضمن المادة 9ً اختصاصات مجلس الادارة والتى تتلخص فى:
    (‌أ) وضع الأسس العلمية للدراسات البحثية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لحسن استخدام موارد المشروع لتحقيق أعلى معدلات ربحية ممكنة.
    (‌ب) وضع السياسات التشجيعية العادلة لتنفيذ سياسات الدولة الإستراتيجية للمحاصيل الزراعية.
    (‌ج) إدارة وتطوير الخدمات الأساسية المتمثلة في البحوث ووقاية النباتات والتقانة والإرشاد وإكثار البذور والتدريب والطرق الداخلية.
    (‌د) إرساء نظام تكافلي يسمح بتعويض المزارع المجد حال تعرضه للآفات والكوارث الطبيعية.
    (‌ه) وضع المحددات الفنية للتركيبة المحصولية والدورة الزراعية.
    (‌و) اعتماد الخطط والبرامج المرفوعة من المدير العام (و الذى يقوم بتعيينه المجلس).
    (‌ز) تحديد فئة خدماته التي يؤديها بالتنسيق والاتفاق مع الجهات المختصة ويتم تحصيلها من المزارعين بواسطة روابط مستخدمي المياه.
    يتضح من هذا العرض أن دور المجلس قد تقّلص و ينحصر فى البحوث و الاستشارات و الدراسات و وضع السياسات الزراعية، و أن عليه أن يتحصل على فئة خدماته من المزارعين. كما تجدر الاشارة أيضاً الى أن الغاء نظام زراعة القطن القسرية أدىً الي التقليل من اعتمادات المجلس المالية بسبب تناقص دخل المجلس من عائدات تمويل محصول القطن و المدخلات الزراعية.

    هذه هى المبادئ الخمسة الأساسية التى يرتكزعليها القانون. و لابد من الاشارة هنا الي انه من بين هذه المبادئ لم يتم غير تطبيق مبدأ حرية اختيار المحاصيل، و الذي طُبِق في هذا الموسم 2007م/2008م. وبمقارنة بينه و الموسم السابق 2006م/2007م نجد ان المساحة المزروعة قطناً قد تقلصت الي حوالى 90 الف فدان هذا الموسم بدلاً عن حوالى 250,000 فدان في الموسم السابق، بينما زادت المساحة المزروعة قمحاً لتصل الي حوالى 427,000 فدان و قد كانت حوالى 294,000 فدان في الموسم الماضي. و هذا الابتعاد الكبير عن زراعة القطن لا بد أن يكون مؤشراً على تجربة المزارعين مع محصول القطن من النواحى الاقتصادية و الفنية و الادارية و غيرها من المناحى.
    كذلك تم اعادة تشكيل مجلس الادارة حسب مقتضيات المادة 6 من القانون. و يُلاحظ أن وزير الزراعة لم يعد رئيساً للمجلس وهذا تأكيدٌ للوضع الذى ساد فى السنوات الخمس الماضية وألغى رئاسة وزير الزراعة للمجلس والتى كانت قد تضمنتها القوانين السابقة للمشروع.
    تبقى مسألة ادارة المياه و قضية الأراضى و كذلك المشاكل و العقبات التى تقف فى وجه تطبيق و تفعيل القانون، وهذا ما سنتعرض له فى الحلقة القادمة والاخيرة من هذه السلسلة من المقالات.
                  

10-10-2008, 07:25 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    أضواء على مشروع الجزيرة

    التطورات و المتغيرات و قانون 2005

    تقديم الخبير فى البنك الدولى
    الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان
    عرض صديق عبد الهادى
    (نقلاً عن أجراس الحرية ـ 17 يوليو 2008م)
    الجزء السادس و الأخير – الخاتمة


    اوضحت الحلقات الخمس الماضيه أن مشروع الجزيرة مرّ خلال سنواته الثمانين الماضيه بعدّة مراحل. وقد انتظمت كل مرحلةٍ جوانبُ من التطورات و المتغيرات. و يمكن تقسيم هذه المراحل الي اربعة:

    أولاً: مرحلة نشأة المشروع و تطوره - 1925 – 1950
    تم خلال هذه المرحلة وضع القواعد الآساسية التي تنظم العمل بالمشروع و تقنن علاقات الانتاج به. و هذه العلاقات تميزت، فيما تميزت به، بالخلط بين نظامٍ رأسماليٍ و آخر اشتراكيٍ. برزالنظام الرأسمالي في تركيبة الشركة الزراعية السودانية وطريقة ادارتها للمشروع. فالشركة شركة مساهمة مسجلة فى الآسواق المالية فى لندن و لها آلاف المساهمين من مؤسسات وأفراد يملكون فيها أسهماً و يتوقعون عائداً وفيراً منها كل عام. لذا كان هم الشركة الأساسي تحقيق أكبر قدر من الأرباح ارضاءً لهؤلاء المساهمين. و قد كان هذا هو السبب الأساسي الذى جعل الشركة تحمّل الزراع تكلفة الانتاج بدلاّ من تحملها بواسطة الشركاء الثلاثة – الحكومة و الشركة و الزراع ــ، و تبذل قصارى جهدها فى تقليل تكلفة الانتاج و تعزيز أرباحها.
    من الناحية الأخرى كان نظام العلاقات بين الزراع أنفسهم نظاماّ اشتراكياّ تكافلياً يتحمّل فيه الزراع كمجموعةّ تكلفة زراعة القطن و توزّع الأرباح عليهم بعد خصم التكلفة الاجمالية، و ليس الفردية، لزراعته. و لكن تحت هذا النظام استوى المزارع الدؤوب الجاد بنظيره الذى لا يملك نفس المقومات. اذن فقد كان اطار علاقات الانتاج اطاراً رأسمالياً و كان المضمون اشتراكياً تكافلياً.
    تميزت العلاقة أيضاّ ببعدٍ انضباطىٍ سلطوىٍ اشبه ما يكون بالنظام العسكرى. فالأوامر تصدر من موظفى الشركة للزراع في كل صغيرة و كبيرة تخص زراعة القطن بدءًا باعداد الأرض، و استلام التقاوى و السماد، و متى تتم الزراعة و متى تتم ازالة الحشائش و كذلك أوقات الرى و الرش و استعمال السماد و المبيدات و متى يتم جنى القطن و تسليمه للشركة و استلام الأرباح، بعد خصم التكلفة. و ليس هنالك اشراكٌ للزراع فى تفاصيل أىٍٍٍ من هذه العمليات، وليس لديهم بديلٌ غير اطاعة هذه الأوامر. و لتأكيد هذا النمط السلطوى فقد أعطت اتفاقية الاجارة بين الشركة و المستأجر الحق للشركة فى القيام بأىٍ من هذه الأعمال اذا فشل أىٌ من الزراع فى القيام بها وتحميله التكلفة المالية كاملةّ، و قد إنعكست ممارسة ذلك الحق في تطبيق ما عُرِف بين المزارعين بنظام "الطُلبة".
    بعد أعوام قليلة من ادخال هذا النظام السلطوى لزراعة القطن بالمشروع بدأت بعض الثقوب تظهر فيه – ماذا يحدث اذا كان العائد للزراع ضعيفاّ أو لم يكن هناك عائد بسبب قلة الانتاج أو ضعف الأسعار؟ جاءت الاجابة فى تليين ذلك النظام قليلاً باعطاء الزراع حق زراعة الذرة واللوبية فى مساحة صغيرة اخرى، و يكون الناتج كلّه حقاً للزراع، و لكن بدون تمويل من الشركة. فهذان المحصولان قُصِد منهما امتصاص عدم رضاء الزراع وايضاً تحسين التربة. و قد قامت الشركة أيضاّ فى أواخر الأربعينات بانشاء صندوق الاحتياطى لمساعدة الزراع فى السنوات العجاف. غير هذا فقد ظل النظام السلطوى لعلاقات الانتاج كما هو طوال هذه الفترة.
    امتد هذا النظام السلطوى الي ادارة الأراضى أيضاّ. فملاك الأراضى الذين أُعطوا أراضيهم أو جزءاً منها كحواشات اُعطيت لهم هذه الأراضى تحت عقد اجارة نزع منهم كل حقوق الملكية، وأصبح هؤلاء الملاك أجراء لأرضهم تحدد لهم الشركة ما يجب أن يفعلوه فى أرضٍ هى ملكهم. و قد كان الغرض وراء هذا الاجراء الغريب وضع أراضى المشروع كلها من الناحية القانونية و العملية تحت ادارة و سيطرة الشركة و تجريد الملاك من اى حقوقٍ تتصل بملكيتهم لهذه الأراضى. فالأجرة التى يتقاضاها هؤلاء الملاك أسقطت حقوقهم فى الأرض و فرضت عليهم اطاعة أوامر الجهة التى تدفع لهم الأجرة.
    ترسّخ هذا النظام السلطوى خلال ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضى و أصبح نظام العمل المعروف و المألوف بالمشروع حتى بعد أن انتهى عقد الشراكة و آلت ادارة المشروع لمجلس الادارة السوداني. و كما ذكرنا فقد لعب العمل النقابي دوراً كبيراً في مشروع الجزيرة نتج عنه زيادة نسبة ارباح المزارعين، و لكنه لم يُحدث تغييراً ذا شأن فى علاقات الانتاج.

    ثانياّ: مرحلة التوسع فى المشروع – 1950- 1975
    انتهى عقد الادارة بين شركة السودان الزراعية و حكومة العهد الثنائى عام 1950 وانتقلت الادارة فى ذلك العام الى مجلس ادارة مشروع الجزيرة. وقد صدر فى ذلك العام قانون مشروع الجزيرة لعام 1950 والذى كان أول قانون ينظم العمل بصورة متكاملة فى المشروع.
    تسمى بعض الكتب والتقارير هذه النقلة بانها "تأميم للمشروع"، و هذه التسمية ليست دقيقة لأن الأراضى و الخزان و القنوات بالمشروع لم تكن ملكاً للشركة حتى تؤمم، بل كانت ملكاً للحكومة، تديرها الشركة بمقتضى عقد ادارة انتهى ذاك العام ولم يتم تجديده. نتج عن هذا التغيير زيادة نسبة أرباح المزارعين و الحكومة بعد أن قلت نسبة أرباح مجلس ادارة المشروع. و زادت نسبة أرباح المزارعين مرّةً ثانية بعد ثورة اكتوبر ولكن هذه المرة على حساب نصيب الحكومة. عدا هذا فقد استمرت علاقات الانتاج على ما كانت عليه ابان فترة ادارة الشركة للمشروع.
    كانت مساحة المشروع قد وصلت الى حوالى مليون فدان عام 1950، و كانت الدراسات الخاصة بامتداد المناقل قد قاربت الاكتمال. و فى عام 1954 بدأت المفاوضات مع مصر بغرض السماح للسودان ببناء خزان الروصيرص لرى امتداد المناقل. و رغم أنه تمّ الاتفاق بين السودان و مصر على بناء خزانى الروصيرص و أسوان، الاّ ان الخلافات حول حصة السودان ظلت عالقة و لم تحسم الاّ بعد عام من وصول الفريق عبود الى السلطة وتوقيع اتفاقية مياه النيل عام 1959. مع اكتمال خزان الروصيرص بدأ التوسع فى امتداد المناقل و بلغت مساحة المشروع اثر ذلك مليون و ثمانمائة الف فدان وتوسعت البنية التحتية من قنوات رى وطرق ومبانى و ارتفع عدد موظفى المشروع بصورةٍ كبيرة. و صدر قانون مشروع الجزيرة لعام 1960 لينظم هذا التوسع. و بذاك التوسع أصبح مشروع الجزيرة من أكبر المشاريع فى العالم تحت ادارة واحدة. و كما ذكرنا من قبل فالمشروع ليس أكبر مشروعٍ فى العالم كما يعتقد الكثيرون. فهناك عدة مشاريع فى العالم أكبرمنه مساحةً.

    ثالثاّ: مرحلة التدهور و البحث عن حلول - 1975-2005
    مع هذا التوسع بدأت مشاكل المشروع فى البروز الى السطح. فقد بدأت البنية التحتية التى تمّ إنشاؤها قبل أكثر من أربعين عاماّ فى التآكل والتدهور، و بدأت أسعار القطن العالمية فى التدنى و ارتفعت تكلفة الانتاج بصورة حادة بسبب ارتفاع أسعار الوقود. وإزداد الوضع سوءاّ بسبب التقلب فى السياسات الاقتصادية و الزراعية فى السودان فى السبعينات.
    برزت أيضاً فى هذه الفترة مشكلة الأراضى الملك الحر. فقد انتهى عقد الايجار عام 1967 و طالب بعض الملاك باعادة اراضيهم اليهم بينما طالب آخرون برفع قيمة الايجار ليواكب الغلاء و تدهور الجنيه السودانى، و فى بداية السبعينات توقف الملاك عن استلام الايجار حيث أنه لم تعد له قيمة.
    امتد التدهور ليشمل خزانى سنار والوصيرص. فبسبب كميات الطمى التى يأتى بها النيل الأزرق من الهضبة الاثيوبية فقد خزان سنار جزءاً كبيراً من امكانياته التخزينية وبدأت هذه المشاكل نفسها تعترى خزان الروصيرص و قنوات الرى بالمشروع، ولم تعد مياه الرى تصل بعض الحواشات بسبب تراكم الطمى و الأعشاب فى هذه القنوات.
    تكونت فى هذه الفترة عُدة لجان، الواحدة بعد الأخرى، لدراسة هذه المشاكل ومحاولة ايجاد الحلول لها. و قد كان من ابرز التوصيات توصية الغاء نظام الحساب الجماعى واستبداله بالحساب الفردى و التى طُبقت عام 1981. أثار ذلك التغيير جدلاً حاداً فى أوساط المزارعين والمهتمين بأمر المشروع، بين مؤيدٍ يرى فى ذلك التغييرأملاً فى حلحلة مشاكل المشروع، و معارضٍ يرى فيه طعنةً لنظام التكافل الاجتماعى الذى ساد المشروع لأكثر من نصف قرن من الزمان.
    و على الرغم من أن البنك الدولى والصندوق العربى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية و مانحين آخرين قد مولوا اعادة تأهيل المشروع بمبلغ فاق المائتى مليون دولار، الا أن هذا الجهد لم يكن كافياً لأن يعيد للمشروع فاعليته بسب عدم مصاحبته بالاصلاح المؤسسى. و لم يغير صدور قانون مشروع الجزيرة لعام 1984 شيئأ فى أمر هذا التدهور على الرغم من زيادة تمثيل المزارعين فى مجلس الادارة.

    رابعا:مرحلة قانون 2005 وآثاره و مستقبل المشروع
    اتسمت تقارير اللجان المختلفة التى كُونت للنظر فى أمر مشروع الجزيرة بالاختلافات فى مرتكزاتها و تحليلاتها لمشاكل المشروع، وعليه فقد اختلفت وتضاربت توصياتها. غير أن عددًا من هذه اللجان اتفقت على ضرورة اعادة النظر فى مسألة الشراكة وأيضا على دور الزراع فى علاقات الانتاج خصوصا مسالة التركيبة المحصولية. فى هذا الأثناء كانت مشاكل زراعة القطن آخذةً فى الازدياد و أسعاره العالمية آخذة فى التدهور.
    عليه لم يكن أمراً مستغرباً بالنسبة للذين تابعوا تطورات و متغيرات المشروع أن يقوم قانون 2005 بادخال و تقنين مبدأ حرية اختيار المحاصيل. هذا التغيير الجذرى لم ينه فقط الارتباط التاريخى بين المشروع و محصول القطن و انما أنهى أيضاً ما تبقى من محاور علاقات الانتاج و قّلص بصورةٍ كبيرة دور مجلس ادارة مشروع الجزيرة فيما يختص بتمويل القطن و الاشراف على زراعته.
    طُبق مبدأ حرية اختيار المحاصيل عام 2007 رغم صدور القانون فى عام 2005، و نتج عنه انخفاضٌ حادٌ فى المساحات المزروعة قطناً و زيادةٌ ملحوظة فى المساحات المزروعة قمحاً و ذرةً، ولكن كان هناك انخفاض فى المساحة الكلية المزروعة بالمشروع. فقد تمّ فى موسم 2007 -2008 زراعة حوالى مليون ومائتى الف فدان فقط من مساحة المشروع الكليّة البالغة مليونين و مائتي الف فدان (أى أن المساحةالمزروعة بلغت حوالى 55% فقط من مساحة المشروع). يُلاحظ أيضا الانخفاض في انتاجية الفدان بالنسبة للقمح مقارنة بالموسم السابق من قرابة الطن للفدان فى موسم 2006 – 2007 الى حوالى ثلاثة أرباع الطن هذا الموسم. و يعود هذا الانخفاض فى رأى مقدم الندوة الى عوامل عدة تتلخص فى التمويل و التسويق و الضرائب و نظام الرى.

    (*) بالنسبة للتمويل فإنّه بالرغم من وجود البنك الزراعى و بنك المزارع فى أجزاء كبيرة من المشروع الا أن التمويل لمزارعى المشروع ما زال ضعيفا. و مع التوقف عن زراعة القطن فسوف يتوقف التمويل من ادارة المشروع الذى كان مرتبطاً أساساً بالقطن. عليه فإنّ مسألة التمويل تحتاج لحلول سريعة و فعّالة. و يُؤمّل أن يلعب البنك السودانى الأردنى المزمع انشاؤه فى ولاية الجزيرة دوراً قيادياً فى التمويل بأن يكون بنكا تنمويا و ليس تجاريا.

    (*) بالنسبة للتسويق فقد كانت شركة أقطان السودان تقوم بتسويق القطن و يقوم المزارع بتسويق المحاصيل الأخرى. و الآن مع حرية اختيار المحاصيل فلا بد من ايجاد سبلٍ لمساعدة المزارعين فى تسويق هذه المحاصيل حتى يحصد المزارع ثمار جهده بدل أن تذهب هذه الثمار الى الوسطاء سواءً كانوا بنوكاً أو شركاتٍ أو أفراد.

    (*) بالنسبة للضرائب فقد بلغت ذروتها عام 1996م عندما قاربت نصف انتاج المزارع. و على الرغم من الغاء الكثير من الضرائب المركزية، الاّّ أن الضرائب و الأتاوات و الجبايات الولائية و المحلية و كذلك رسوم الجمارك المركزية على بعض مدخلات و آليات الانتاج عالية جداً مما جعل المزارعين يضجون بالشكوى منها . و قد أثيرت هذه المسألة عدة مرات فى المجلس الوطنى واللجان المختلفة التى أُوكل اليها أمر تطوير ونهضة الزراعة، وعليه لا بد من ايجاد حلول فورية و فعالة لها. لقد تم اعداد مجموعة من الدراسات حول مواضيع التمويل و التسويق و الضرائب و تم تقديم بعض هذه الدراسات خلال ورشتى العمل الخاصتين بمشروع الجزيرة اللتين عُقِدتا فى العامين 2004م و 2005م. و تشمل هذه الدراسات مجموعة من المقترحات البناءة و التى يمكن الاستفادة منها فى هذه المجالات.

    (*) بالنسبة لنظام الرى فقد أشار قانون 2005م الى أن تسليم قنوات الحقل لروابط مستخدمى المياه يتم بعد تاهيل هذه القنوات، و هذا اعتراف واضح من القانون (والمسؤولين) بالوضع غير الفعال لهذه القنوات. ان قنوات الرى هى شريان المشروع، كما يجب الاشارة الى أن المشروع يستهلك سنويا حوالى 8 مليار متر مكعب من المياه من حصة السودان البالغة 18,5 مليار تحت اتفاقية مياه النيل لعام 1959م (أى أن المشروع يستهلك حوالى 40% من حصةالسودان). و لكن الاستعمال غير المرشد و غير الكفء لهذه الكمية الكبيرة من المياه بسبب تدهور القنوات و مشاكل ادارة المياه سيظل عقبةً كبرى ليس فقط للمشروع و انما للسودان نفسه فى نقاشه و مفاوضاته مع الدول المشاطئة الأخرى لنهر النيل. و كما هو معروف فان هذه الدول بدأت تطالب بحقوقها فى مياه النيل.
    من ناحيةٍ اخرى فقد أشار مقدم الندوة د. سلمان الى الدور الفعّال الذى تقوم به هذه الروابط فى دولٍ كثيرة من العالم فى ادارة مياه الرى، و أوضح أنه فى بعض الدول يتم تكوين اتحادات لهذه الروابط، و تقوم هذه الاتحادات بإدارة القنوات الكبرى و الرئيسية (وليس الصغرى فقط)، و تعرّض كذلك للوفورات التى نتجت فى المياه و فى تكلفة الصيانة والتشغيل إثر تولى روابط مستخدمى المياه لهذه المهام. و لابد من التأكيد أن هذه الروابط ليست سوى جمعيات تعاونية ينتخبها أعضاؤها بطريقةٍ ديمقراطية ويحاسبونها وفق اللوائح المنظمة للرابطة. و لابد كذلك من الاشارة الى أن ادارة قنوات الرى بواسطة هذه الروابط تحكمها اتفاقية مع وزارة الرى و أن هذه الروابط ملزمةٌ بتطبيق بنود الاتفاقية.

    (*)لابد من الاشارة هنا الى مشكلة الأراضى الملك الحر فى المشروع، و ايجاد حلٍ لها وفق قانون 2005م الذى اعترف بالملكية و سنّ نزْع هذه الاراضى مقابل التعويض العادل. ان توصيات لجنة 2003م تعرض حلاً وسطاً بين مطالب الملاك الشاسعة و تجاهل السلطات لهذه المشكلة و يمكن الرجوع الي هذه التوصيات و الاهتداء بها. و لابد لذلك الحل ان يكون حلاً توفيقياً يأخذ في الاعتبار، أولاً، ان هذه الاراضي ملكٌ لاصحابها و أنهم لم يتلقوا عنها إيجاراً لاكثر من 35 سنةً، ثم ثانياً، و بالمقابل لابد من من الاخذ في الاعتبار ان تلك الارض كانت ارضاً تروى بالامطار ، و ان بعض اصحابها مُنِحوا حواشات و ان آخرين مُنِحوا إيجاراً لمدة 45 سنةً. فهاتان النقطتان لابد من إعتبارهما في أي سعيٍ يُرجى نجاحه في الوصول الي اي صيغة توفيقية تخص معضلة الاراضي في مشروع الجزيرة.

    و نختتم هذه المقالات من حيث بدأناها. إنّ العالم يواجه اليوم أزمة غذاء حادة تتمثل فى الارتفاع الجنونى لاسعار السلع الأساسية بسب قلة العرض. وقد تأثرت حتى الآن أكثر من 22 دولةً بهذه الأزمة، و يتعرض أكثر من مائة مليون نسمة فى هذه الدول للجوع بسبب نقص الغذاء. و قد بلغت هذه الأزمة مداها عندما أوشك محصول الأرز على الاختفاء من الأسواق العالمية بسبب توقف الدول المنتجة (تحديدا تايلاند و الهند و الصين و فيتنام) عن تصديره. وقد ارتفع سعر الطن من الأرز خلال العام الماضى من 300 دولارً الى حوالى 1000 دولارً. أما بالنسبة للقمح فقد قلت الكميات المنتجة فى استراليا و الصين بسبب الجفاف و توقفت الأرجنتين و أوكرانيا عن تصدير القمح لفترة من الوقت وعاودت التصدير لاحقاً و لكن بكميات محدودة. نتج عن هذا ان تضاعف سعر الطن من القمح خلال العام الماضي من 200 دولار الى حوالى 400 دولار. و قد حدث نفس الشىء بالنسبة للذرة الشامية و فول الصويا و انعكست هذه الزيادات في الاسعار كذلك على السلع الغذائية الاخرى.
    لقد أوضحت الأمم المتحدة الشهر الماضى أن 29 دولةً قد أوقفت تماماً أو قللت بقدرٍ كبير تصدير المواد الغذائية خارج حدودها أو فرضت عليها رسوم جمركية عالية أو قيود أخرى مثل تحديد الكميات التى يمكن تصديرها. حاولت بعض الدول مثل اليابان و سويسرا اللجوء الى منظمة التجارة العالمية لارغام هذه الدول على وقف هذه الاجراءات الحمائية و لكن اتضح أن معاهدة المنظمة لا تعطيها الحق فى التدخل فى مثل هذه الاجراءات، وأن كل ما تفرضه المعاهدة على هذه الدول هو أن تقوم تلك الدول باخطار المنظمة نيتها في اتخاذ هذه الاجراءات لا أكثر. و كان قد اتضح من قبل محدودية امكانية المنظمة فى التدخل لوقف ذلك الدعم الضخم الذى تقدمه الدول الصناعية لمزارعيها والذى أفقد مزارعى الدول النامية القدرة على التنافس.
    لقد بدأت الدول المختلفة تتعامل مع هذه الأزمة بشتى السبل. فقد قررت الصين، بسبب الجفاف والنمو السكانى و ازدياد الطلب على المواد الغذائية بازدياد الطبقة الوسطى، اتخاذ كل الاجراءات المطلوبة لرفع معدّل انتاجية الفدان الواحد من طنٍ واحد للقمح لتصل الآن الى قرابة الطن و نصف الطن من القمح للفدان، بينما اتخذت الكثير من الدول مثل الهند و المكسيك و الفلبين قرارات متعددة لترشيد استهلاك المياه فى مجال الرى. و تسارعت وتيرة الاصلاح المؤسسى لقطاعى الزراعة و الرى فى عددٍ كبيرٍ من دول العالم. و بسب شح المياه فى كثير من هذه الدول فقد تركزت الجهود على تحسين أداء الأراضى المعمّرة أصلاً بدلاً من استصلاح أراضى جديدة تحتاج الى استثماراتٍ ضخمةٍ و مياه جديدة قد لا تكون متوفرةً أصلاً.
    ان مشروع الجزيرة بتجربته التاريخية الطويلة و الثرية، ومساحته الواسعة، و امكانياته المتاحة الهائلة يستطيع ببعض الجهد و الإرادة السياسية أن يوفر للسودان احتياجاته الغذائية من القمح و أن يوفر لولاية الجزيرة احتياجاتها من الذرة، علي ان يكون ذلك وفقاً لمبدأ حرية اختيار المحاصيل للمزارع و الذي كفله قانون 2005م. فاذا استطعنا أن نرفع انتاجية الفدان الى 1,2 طن (و هذا متوسط انتاج الفدان فى معظم الدول) ونجحنا فى زراعة ثلثى المشروع قمحًا فان هذا سيوفر احتياج السودان كله من القمح كاملاً، بينما يمكن ان يوفر الثلث المتبقى من أراضى المشروع احتياجات ولاية الجزيرة من الذرة والمواد الغذائية الأخرى.
    ولكن هذا الحلم لن يتحقق إلاّ باتباع السياسات السليمة فيما يتعلق بادارة المياه (بعد تأهيل قنوات الرى تأهيلاً كاملاً) و الضرائب و التمويل والتسويق، و توضيح ما تبقى من علاقات الانتاج بين المزارعين و ادارة مشروع الجزيرة. وقتها سيجد المزارع ما يكفى من الحوافز لكى يضع جلّ طاقته فى الانتاج و يساهم مساهمةً فعّالةً فى حلحلة مسألة الأمن الغذائى و التى هى بلا شك هاجس كل الشعب السودانى. ...
                  

10-10-2008, 10:11 PM

محمد نجيب عبدا لرحيم
<aمحمد نجيب عبدا لرحيم
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 4405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    الاخ العزيز فتحي كل عام وانتم بخير

    حكوكة الولاية مسؤولة مسؤلي كاملة عن تدمير بنيات المشروع الاساسية منذ استيلاء حكومة الانقاذ السلطة وحكومة الولاية تنفذ سياسة المركز ولا يتذكروا يوماً كانت فيه ولاية الجزيرة تمثل محور توازن السودان الحضاري الذي جمع كل مناقب السودان وطبائع أهله في نسيج متين ومتماسك وثقافة محورية شكلت إنسان السودان اليوم.....
    كما ظلت ولاية الجزيرة ميدان الاقتصاد الفاعل في تاريخ السودانيين ومصدر ثروته وقوته وغلته وأعطت لأكثر من قرن دون أن تميز نفسها، أو بنيها فيما تنتجه من زرع وتمتع بخيراتها كل أبناء الوطن من شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وقامت الجامعات والمدارس والمستشفيات والمؤسسات المدنية والعسكرية في كل أنحاء السودان من ريع ما تزرع وتحصد وساهمت في بناء وانجازات الكرة السودانية في الماضي والحاضر وهى ترمومتر الكرة السودانية وأدى هبوط المستوى فيها إلى هبوط المستوى العام في السودان....

    اخي فتحي لا بد من مواصلة قضية الجزيرة وهي ليست اقل اهمية من قضية دارفور ولكن اهل دارفور عرفوا الطريق القصير الى اخذ حقوقهم بالكامل ولكي يعود مشروع الجزيرة الى سيرته الأولي لا بد من تكاتف وتحالف جميع ابناء الولاية في الداخل والخارج ومن هنا تكون البداية والبحث عن الية لمتابعة ملف القضية التي لم تتعامل معهاالدولة اسوة بالقضايا الاخرة التي توليها اهتمام بالغ
    ولك عاطر التحايا
    في انتظاركم
                  

10-10-2008, 11:39 PM

محمد نجيب عبدا لرحيم
<aمحمد نجيب عبدا لرحيم
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 4405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    الاخ العزيز فتحي كل عام وانتم بخير

    حكوكة الولاية مسؤولة مسؤلي كاملة عن تدمير بنيات المشروع الاساسية منذ استيلاء حكومة الانقاذ السلطة وحكومة الولاية تنفذ سياسة المركز ولا يتذكروا يوماً كانت فيه ولاية الجزيرة تمثل محور توازن السودان الحضاري الذي جمع كل مناقب السودان وطبائع أهله في نسيج متين ومتماسك وثقافة محورية شكلت إنسان السودان اليوم.....
    كما ظلت ولاية الجزيرة ميدان الاقتصاد الفاعل في تاريخ السودانيين ومصدر ثروته وقوته وغلته وأعطت لأكثر من قرن دون أن تميز نفسها، أو بنيها فيما تنتجه من زرع وتمتع بخيراتها كل أبناء الوطن من شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وقامت الجامعات والمدارس والمستشفيات والمؤسسات المدنية والعسكرية في كل أنحاء السودان من ريع ما تزرع وتحصد وساهمت في بناء وانجازات الكرة السودانية في الماضي والحاضر وهى ترمومتر الكرة السودانية وأدى هبوط المستوى فيها إلى هبوط المستوى العام في السودان....

    اخي فتحي لا بد من مواصلة قضية الجزيرة وهي ليست اقل اهمية من قضية دارفور ولكن اهل دارفور عرفوا الطريق القصير الى اخذ حقوقهم بالكامل ولكي يعود مشروع الجزيرة الى سيرته الأولي لا بد من تكاتف وتحالف جميع ابناء الولاية في الداخل والخارج ومن هنا تكون البداية والبحث عن الية لمتابعة ملف القضية التي لم تتعامل معهاالدولة اسوة بالقضايا الاخرة التي توليها اهتمام بالغ
    ولك عاطر التحايا
    في انتظاركم
                  

10-11-2008, 01:00 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: محمد نجيب عبدا لرحيم)

    الحقوق تنتزع انتزاعا أخي نجيب..
    معا من أجل الجزيرة وانسان الجزيرة...
                  

10-11-2008, 01:03 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    تجدون في الأسطر التالية تعقيب الأستاذ صديق عبدالهادي على ما ذكره الخبير بالبنك الدولي الدكتور سليمان والذي سبق نشره أعلاه..

    يعتبر ، و دون شك، البحث الذي قدمه دكتور سلمان محمد احمد سلمان حول مشروع الجزيرة من البحوث القلائل، هذا إن لم يكن اميزها، التي تناولت قضايا ذلك المشروع بعلمية و بعمق. إستند فيه ليس فقط الي حقائق تاريخية و إنما استدعى فيه و بشكل سلس القدر الكبير من ارث المعالجات ، التي تصدت الي قضايا هذا المشروع. و هو استدعاء لا يخالجني شك في ان كثير من القراء و المهتمين بامر المشروع قد يكون و لاول مرة اتيحت لهم، من خلاله، فرصة الاطلاع علي فحوى جهد اللجان و الفرق المختلفة التي حاولت معالجة إشكالات المشروع و عبر تاريخه المديد. و ذلك بالقطع امرٌ لابد من تثمينه لانه يساعد المرء علي الاختلاف او الاتفاق علي بينة و بمعرفة، إن كان مع الباحث سلمان او مع غيره من الباحثين و المهتمين. و ذلك ايضاً في جوهره سيقلل من فرص الهرج السياسي و الابتزاز و ادعاء الاحاطة الكلية بقضايا المشروع. هذا كله من جانب ، اما من الجانب الآخر فهناك حقيقة لابد من لي من تكرارها و هي ان ما قال به الباحث، خاصة حول مشروع الجزيرة، لا يمكن المرور عليه عابراً إذ لابد من الوقوف عنده إن كان من جهة الاتفاق معه او الاختلاف لانه ، اي د. سلمان، يقف واحداً من الرواد المعروفين علي مستوى العالم الذين ارتبطت جهودهم بموضوع البحث في مسألة المياه، و تلك واحدة من القضايا الاساسية التي يدور حولها ليس فقط الجدل في مشروع الجزيرة و انما يُعوّل عليها في حسم الصراع بين وجهات النظر و الروئ المتعلقة بمستقبل المشروع.
    هناك اتفاق عام بين كل الناس علي الاهمية التي إكتسبها و لا يزال يكتسبها مشروع الجزيرة بالنسبة الي الدور المرجو منه إن كان في مستقبل السودان و في توفير امنه الغذائي او ما سيلعبه علي المستوى الاقليمي و العالمي، إلا ان الخلاف كان دائماً متعلق بالسياسات التي يتم تبنيها في مواجهة المشاكل التي يعانيها المشروع و التي اصبحت تتفاقم و تزداد خاصة في العقود الاخيرة. نجح د. سلمان في تقصي تلك المشاكل و تلمسها حيث اجملها في تسعة بنود. هناك ملاحظتان لابد منهما في هذا المقام، الاولي هي إشارته المهمة الي دخول المشروع فيما يعرف بالحلقة الجهنمية و التي تبدأ بالري الضعيف و منه ياتي تدني الانتاج و الذي ينعكس في المداخيل المنخفضة و الذي بدوره يؤدي الي حالة عدم الرضا بين المزارعين، هذا بالإضافة الي ضعف استرداد تكاليف الري و الذي يؤدي الي ضعف الصيانة و التشغيل و الذي يؤدي تلقائياً الي ضعف الري ، و هكذا تكتمل الحلقة و تبتدئ من جديد. و هنا يمكننا ان نقول إن الضحية الاساس و الذي تطحنه تروس هذه الحلقة الشريرة و بشكل مباشر هو المزارع!!!. اما الملاحظة الثانية وهي انه و قد تكون من المرات النادرة جداً ان يتم فحص اسباب تدهور المشروع و بشكلٍ موضوعي دون اللجوء و بتحامل الي حشر المزارع حشراً كأحد اسباب التدهور كما درج البعض علي ذلك، إن كان لاسباب سياسية معلومة او لمصالح اخرى مبطنة، و الاغرب من ذلك ان بعضاً من قيادة اتحاد المزارعين نفسه، أحياناً، يذهب في ذلك الاتجاه . علي اية حال،هذه ملاحظة لها اهميتها ايضاً حينما نأتي الي موضوع إختلاف وجهات النظر حول مستقبل المشروع.
    فإذا ما إستثنينا من اسباب تدهور المشروع إزدياد اسعار المحروقات عالمياً و تاثيرها في زيادة اسعار المدخلات الزراعية و كذلك زيادة الانتاج من القطن في آسيا الوسطى و الصين و الهند و تدني اسعاره عالمياً، فإننا نجد ان كل اسباب التدهور المتبقية لها علاقة وطيدة بالسياسات الحكومية كالتمويل و التسويق و غيره، و كذلك لها علاقة بالاداء الإداري لولاة امر الإدارة في المشروع!!!. هذا التوضيح مهم جداً هو الآخر خاصةً حينما ناتي الي المعالجات التي طرحتها الحكومة من خلال قانون 2005م الذي لم يكن موفقاً في اهم اجزائه.
    ارى ان تاريخ مشروع الجزيرة ينقسم الي مرحلتين قبل صدور قانون 2005م، و الذي دشن المرحلة الثالثة في تاريخ هذا المشروع. المرحلة الاولى امتدت من تاريخ تاسيس شركة السودان للزراعة التجريبية و التي اقامت مشروع الزيداب في عام 1904م و من ثمّ تحولت الي الشركة السودانية الزراعية بعد ان تخلى عن رئاستها مؤسسها الامريكي "لي هنت" لتنشئ مشروع الجزيرة، و ذلك حتى نهاية عقدها في العام 1950م. اما المرحلة الثانية فتمتد من عام 1950م و حتى صدور قانون 2005م و المصادقة عليه في ذلك العام، و حيث مثل صدوره بداية تدشين المرحلة التاريخية الثالثة لمشروع الجزيرة. يستند هذا التقسيم علي الشكل الذي اتخذته و تتخذة "علاقة الشراكة" بين الاطراف المعنية بالمشروع. و لا اقول "علاقات الانتاج" بينهم ، لان استخدام مفهوم "علاقات الانتاج" كما هو سائر لوصف "علاقة الشراكة" لايكون دقيقاً من الناحية المفهومية لعلم الاقتصاد. فلو حاولنا ان نعالج المسألة من خلال مفهوم "علاقات الانتاج" كما هو معرفٌ إقتصادياً ،فإن كل اطراف المشروع، بمنْ فيهم المزارعون، قد تقف علي جانب واحد في مقابلة العمال الزراعيين و في مقابلة منْ لا يملكون حواشات او ارضاً في مشروع الجزيرة، علي الجانب الآخر. و لكن علي اية حال صارت "علاقات الانتاج" تعني في ادب الكتابة عن مشروع الجزيرة وفيما تعني "علاقة الشراكة".هذا التوضيح نحا نفس المنحى الذي ذهب اليه د. سلمان من ناحية المفهومية القانونية و الاقتصادية في معالجته للمعضلة التي برزت عند بداية المشروع في تحديد اسم للزراع، حيث ان ما كان مطروحاً هو هل هم "شركاء" ، "عمال زراعون" ام "مستأجرون"؟. و قد استقر الرأي علي استخدام "مستأجرين" وذلك لقرب انطباق ما هو سائد في العلاقة علي مفهوم "مستأجرين".
    منذ قيام المشروع و حتى عام 1950م كان هناك وجود حقيقي للقطاع الخاص و بمعنى الكلمة، حيث كانت علاقة الشراكة تقضي بتوزيع الارباح ـ كما اورد د. سلمان ايضاً ـ بأن يكون نصيب الحكومة 40% ، المزارعين 40% و شركة السودان الزراعية 20%. إن شركة السودان الزراعية لم تكن تمثل قطاعاً خاصاً عادياً و انما "عابراً للقارات"!!!. إن الشركة الاصلية ، شركة السودان للزراعة التجريبية، قبل ان تتحول الي شركة السودان الزراعية ، كانت تضم سبع عشرة مستثمراً. ثمانية منهم يقيمون في لندن ببريطانيا، ستة منهم من نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية، اثنان من ايرلندا و واحدٌ من باريس بفرنسا.و من بين هؤلاء السبع عشرة مستثمر لم يكن هناك غير بريطاني واحد وهو السيد "ليونيل فيليبس"، و لم يكن يملك غير 5000 سهم من جملة اسهم الشركة البالغة 80000 سهماً. و كان اكبر عدد من الاسهم هو 19000 سهم و يمتلكه الامريكي "لي هنت" المؤسس الفعلي للشركة، و الذي ظلّ يتجول بين القارات المختلفة وقتاً طويلاً لاقناع المستثمرين بجدوى الاستثمار في السودان!!!. إننا سنعرف و بتاكيد قاطع ان "لي هنت" لم يكن مستثمراً هاوياً يتحرك في الظلام و إنما فعل ما فعله علي ضوء معرفة مسنودة بتحقق واقعٍ جديدٍ كان ان بدأ يتمخض في السودان تاريخذاك. كتب "جون ج. لانق" قنصل الولايات المتحدة الامريكية في القاهرة الي "ديفيد ج.هيل" مساعد وزير الخارجية الامريكي في 13 اغسطس 1902م، قائلاً ،"تسعى حكومة السودان بشدة الي تطوير الموارد الزراعية في البلاد علي اسس اكثر ليبرالية لتشجيع راس المال و الهجرة. لقد اصبح السفر الي المدن الواقعة علي النيلين الازرق و الابيض اكثر ملائمةً إذ يمكن لاي مسافر ان يترحل، في الشتاء القادم، بشكل آمن و مريح ليس فقط بين الخرطوم و امدرمان ، و انما الي فشودة و الي ما بعدها "، و إلي ان يقول ، " هناك احتياجٌ للادوات و الآليات الزراعية....عليكم القدوم باكراً لتامين موقعٍ راسخ في اسواق البلاد". يمكننا القول بأنه علي ضوء ذلك ، و من هنا تاصل قدوم جزءٍ من ذلك القطاع الخاص المتعدد الجنسيات الذي اسس لمشروع الجزيرة، و بالتالي اسس لعلاقة الاقتصاد السوداني بالسوق الراسمالي العالمي و من تاريخه.
    هذه الخلفية تاتي ضرورة ذكرها من محاولتنا التأكيد لحقيقة ان مشروع الجزيرة لم ينشأ إعتباطا ًاو نتاج الصدفة، هذا من جهة اما من الجهة الثانية، فان معالجة قضاياه ، و مهما كان حجمها، لابد من وجود مرجعية لها، علي الاقل ، لاجل إتاحة مقارنة معقولة و مفيدة. و في هذا الصدد نشير الي ان شركة السودان للزراعة التجريبية حينما كانت تدير مشروع الزيداب كانت تستأجر المزارعين و ذلك بواقع اجرة تساوي ثمان سنتات لليوم الواحد ( الدولار يساوي مائة سنت). ولكنها قبل الانتقال الي مشروع الجزيرة إعتمدت نظاماً للشراكة بديلاً للاجرة و ذلك لنفعه و لجدواه الاقتصادية. و قد تمّ تطوير تلك الشراكة الي النسب التي أُشير اليها من قبل و التي تمّ ، كذلك، التمسك بها حتى العام 1950م وقت انتهاء عقد شركة السودان الزراعية حيث تمّت إعادة توزيعها من جديد و بنسب مختلفة. و هو توزيعٌ إقتضته التطورات التي حدثت في المشروع و هي تطورات ايجابية إنعكست في حقيقة ان المزارع في مشروع الجزيرة قد اصبح شريكاً اصيلاً بانتاجه و ليس بعطف الحكومة. و كذلك كان من الاستجابات المتقدمة للتطورات الايجابية ان خُلِقت بنود جديدة للصرف علي الخدمات الاجتماعية، المجالس المحلية و الحساب الاحتياطي. لابد من النظر لهذه المتغيرات داخل "علاقة الشراكة" بانها كانت خطوات متقدمة جداً وبكل المقاييس حيث انها جاءت مستوعبة للتطورات الاقتصادية و الاجتماعية التي بدأت بالفعل تنتظم المجتمع الانساني في مشروع الجزيرة. فحينما نقارن ذلك بالنتائج الكارثية المتوقعة الحدوث وفق ما هو مخطط له الآن من بيعٍ للمشروع بناءاً علي قانون 2005م ، و الذي سيتحول بفضله المزارعون الي أجراء و ليس شركاء ، فإنه لايسعنا إلا ان نقول ان في ذلك ردة ما بعدها ردة!!!،(سنأتي الي ذلك حين العرض للقانون).
    (*) إقتصادي سوداني مقيم في الولايات المتحدة . عضو جمعية الاقتصاد الامريكية.
                  

10-11-2008, 01:09 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    هناك إفتراضٌ اساس تبنته معظم تقارير اللجان التي تصدت لمشاكل المشروع، إن كان ذلك بشكلٍ او بآخر، و خاصة تقارير البنك الدولي. و ذلك الافتراض هو ان نهج الخصحصة سيحل مشاكل المشروع و بشكل حاسم. نحن لا نتحفظ فقط علي خصخصة مشروع الجزيرة و حسب و انما نؤمن بانها ستعيق تطوره وستمزق نسيجه الاجتماعي و بل ستهدد امن الوطن في المدى البعيد. اعتقد انه من المفيد ان نشير و باختصار شديد الي من اين جاء مفهوم الخصخصة بشكلٍ عام و الي اي سياسة اقتصادية يستند؟.
    هناك مفهومان معروفان و يتداولهما المهتمون و غير المهتمين بامر الاقتصاد،وهما "التثبيت الهيكلي للاقتصاد" و "التعديل الهيكلي للاقتصاد". الاول يتم عن طريق تقليص الانفاق الحكومي برفع الدعم عن السلع الاساسية و رفع الدعم عن القطاع العام، و كذلك عن طريق تقليص العرض من النقد ورفع اسعار الفائدة و اخيراً عن طريق إلغاء التزام الدولة بالتوظيف و من ثمَ تخفيض الاجور الحقيقية. أما الثاني و هو "التعديل الهيكلي" فيتم انجازه عن طريق الغاء رقاية الدولة علي الاسعار، و ان يتم تخفيض سعر العملة المحلية و اخيراً و هذا هو الاهم ان يتم نقل ملكية المنشآت و المؤسسات العامة و الحكومية الي القطاع الخاص. إن مهمة "التثبيت الهيكلي للاقتصاد" يُعنى بها " صندوق النقد الدولي"، اما "التعديل الهيكلي للاقتصاد" فهو من مهام "البنك الدولي". إذن فإن واقع ان "الخصخصة" هي واحدة من اعمدة سياسة "التعديل الهيكلي للاقتصاد" يفسر لنا اهتمام "البنك الدولي " بامر مشروع الجزيرة و اشتراكه في سير عدة لجان تصدت لقضاياه. علّ هذه الاشارة المختصرة تجيب و لو جزئياً علي تساؤل السوداني العادي عن اسباب اهتمام البنك الدولي بمشروع الجزيرة، او الاقتصاد السوداني بشكل عام.ا
    قبل ان نذهب في التصدي الي موضوع خصخصة مشروع الجزيرة لابد لنا من الاجابة علي سؤالٍ قد يلح في ذهن الكثيرين، و هو هل بالفعل هناك نية او تخطيط لخصخصة مشروع الجزيرة؟. الاجابة عن هذا السؤال هي نعم. و ذلك بالإستناد الي الآتي:
    اولاً/ إن المادة 17.البند (1) من قانون 2005م و التي هي ـ في اعتقادي ـ من اسوأ مواد ذلك القانون تمهد لخلق الوضع الطبيعي و الظرف المواتي لانجاز الخصخصة حيث نصت علي الآتي "مع مراعاة الفقرة (5) ج. من المادة 16 يجوز للمزارع المالك التصرف في الحواشة بالبيع او الرهن او التنازل وفق الموجهات التي يضعها المجلس".
    و هذه مادة تفتح الباب واسعاً في ظل الفقر الذي يحيط بمعظم المزارعين الآن الي ان يسعوا الي التخلص من ملكية حواشاتهم، وهذا امرٌبالقطع لن توقفه "الشفعة" المرجوةٌ مراعاتها و التي نص عليها القانون في مادته (16) ج (5).!!!.
    برغم من منعه للبيع، كان الرأسماليون في السابق يتحايلون علي القانون و يشترون حواشات الفقراء من المزارعين و المعسرين منهم. فما الحال الذي يمكن تصوره في ظل وضعٍ اصبح فيه البيع الآن مشروعاً و ممكناً بنص القانون؟. إن النتيجة الكارثية نفسها سيقود اليها الرهن، خاصة و ان البنوك التي تعمل الآن في السودان و بكل ارثها المعروف في التعامل غير المتكافئ قد دخلت الي هذه "الملجة"!!!.

    ثانياُ/ إن التعامل الذي تتبناه الحكومة الآن مع قضية الاراضي و خاصة مع اصحاب الملك الحر و بنص قانون 2005م قد صادر حق الاختيار الطبيعي لاصحاب الملك الحر حيث انهم لم يعطوا غير خيار واحد و هو ايلولة اراضيهم للحكومة مع التعويض العادل لهم!!!. و السؤال البديهي هنا هو أوليس من حق المالك ان يختار تأجير ارضه للحكومة بدلاً عن التنازل عنها مقابل تعويض، حتى ولو كان ذلك التعويض عادلاً؟.و لنا ان نتساءل ايضاً ، فإذا كان و في نهاية المطاف سيتم تخصيص المشروع، اي تمليكه للقطاع الخاص، فلماذا لا تترك الارض لاصحابها الاصليين؟.
    اشار د. سلمان الي ان هذا القانون قد انهى" الايجار القسري للاراضي الملك الحر". في حقيقة الامر ان الايجار كخيار لم يرد اصلاً في قانون2005م فلذلك كان لابد ان ينتهي. كان من الممكن جداً ان تضع الحكومة الخيارين ـ البيع او الايجار ـ امام الملاك إلا انها إختارت هي نيابة عنهم بان يكون الخيار واحد وهو التنازل و التنازل فقط لقاء التعويض!!! فذلك في جوهرة تنازل قسرى و لو في لقاء تعويضٍ عادل لان لا خيار غيره!!! فبناءاً عليه من حق المرء ان يقول بان ليس هناك ما يمنع من التفكير بان هناك اجندة اخري وراء مصادرة هذا الحق الاصيل، اي حق الاختيار من بين عدة خيارات.

    ثالثاً/ إن هذا الوقت بالتحديد من الفترة الانتقالية و الذي يتم فيه التعرض لمناقشة و تقييم الكثير من القوانين و من بينها قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م، و ما ترتب عليه حتى الآن، يمثل و بكل المقاييس السياسية وقتاً مثالياً للمساومات السياسية ، خاصة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية، وذلك لانه يمثل الوقت المناسب لتبادل "الاجندة" الاسرى !!! و إلا فما الذي يمنع من إعادة النظر في هذا القانون الذي غيّب مشاركة المزارعين الذين هم اهل الامر و المعنيين به في نهاية الامر؟.

    رابعاً/ هناك ليست مؤشرات و انما وقائع فعلية للخصخصة سبقت و مهدت لصدور القانون. وقائعٌ لا تخطئها العين تمثلت في مآلات سكة حديد الجزيرة، مطاحن الغلال و الجزء الكبير من اصول المشروع التي اصبحت كلها اثراً بعد عين،و ذلك بعد ان تمّ بيعها في المزاد و آلت ملكية غالبيتها بالفعل للقطاع الخاص. و ايضاً نقول ان العمل يجري الآن للتخلص من المحالج بعد ان تمّ جردها و تقييم الاراضي التي تقوم عليها.

    خامساً/ إن مشاكل المشروع و اسباب تدهوره تمثلت في التمويل و التسويق و الضرائب المرهقة التي فرضتها الدولة و التي وصل بها الامر، و كما هو معلومٌ في بعض السنوات، الي حد مصادرة المحاصيل من المزارعين. تخلت الدولة عن اوجب واجباتها. السؤالان اللذان يأخذان برقاب بعضهما هما ، لماذا لم تحاسب الدولة نفسها؟و لماذا تسعى الدولة و طيلة تاريخ تعاملها مع قضايا مشروع الجزيرة الي استصدار القوانيين كخيارٍ وحيد؟!!!
    الاجابة قد تكون معلومة عن هذين السؤالين، و هي ان الدولة ممثلة في حكومتها المركزية تعتبر نفسها فوق عقد الشراكة الذي بينها و بين المزارعين و كذلك فوق مسئوليتها الاخلاقية، واما في لجوئها لاستصدار القوانيين فإنما لا ترمي هي لحل المشاكل و رفع المعاناة و انما تسعى الي خلق الوضع المناسب لتمرير "حلم الراسمالية الطفيلية" المتمثل في خصخصة المشروع.
    إن موضوع الخصخصة ليس امراً جديداً و انما كان ميداناً للصراع بين المزارعين و الحكومات المختلفة منذ زمنٍ طويل في مشروع الجزيرة. نجح اهل المشروع من مزارعين و اداريين و مهنيين وطنيين و مهتمين و نشطاء في الحفاظ علي المشروع برغم مشاكله التي لا يمكن نكرانها او المكابرة بصددها.
    السؤال الذي يحتاج الي توضيح هو لماذا الوقوف امام خصخصة المشروع طالما انها قد تساهم في حل مشاكله؟. في الاجابة عن هذا السؤال لابد من تأكيد حقيقة انه من الضروري اخذ الطبيعة الخاصة بأي قطاع إنتاجي في الاعتبار قبل السعي او الشروع في خصخصته. فمشروع الجزيرة و بطبيعته الاقتصادية، مثلاً، ليس استثماراً في مجال الفندقة او في مجال الصناعات الخفيفة. هناك حقائق لابد من مراعاتها و هي تخص مشروع الجزيرة لوحده و لا يشبهه و لا يشاركه فيها اي مجال اقتصادي آخر في البلاد. لخص د. سلمان هذه الحقائق بشكلٍ جلي حيث اشار الي وجود 128 الف مزارع و مع اسرهم يصل تعدادهم الي مليون نسمة، و 150 الف عامل و مع اسرهم يصل تعدادهم الي اكثر من مليون، و هذا بالاضافة الي وجود 5 الف عامل و موظف يتبعون لادارة المشروع و قد يصلون مع اسرهم الي 25 الف نسمة. إن وجود هذا العدد من البشر ليس وجوداً عرضياً و إنما هم مرتبطون بشكلٍ عضوي و يومي مباشر بالمشروع و مرتبطون بعملية الانتاج فيه. نقول و بإطمئنان انه ليس هناك في السودان من قطاع اقتصادي او وحدة انتاجية تتوفر فيها هذه السمة ، مليونان من البشر مستوعبون في قطاع انتاجي واحد في موقعٍ جغرافي واحد و تحت إدارة واحدة!!!. إن مشروع الجزيرة بهذه الصفة يمثل ظاهرة اقتصادية كونية، مثيلاتها تحسب علي اصابع اليد الواحدة في العالم!!!. هذه الحقائق لوحدها كافية لان تكون مدعاة للتأني في اتخاذ اي قرار يخص مشروع الجزيرة، سيما إن كان يتعلق بأمرٍ خطير مثل الخصخصة.
    إن مشروع الجزيرة عملياً هو قطاع خاص حيث يمتلكه المزارعون كأفراد، في حين ان ملكية الحكومة "العقدية" للارض لا تمثل سوى ضمان لحماية الاسر من خطر فقدان الارض بسبب البيع الذي قد يمارسه من باسمه ملكية الحواشة. كانت تلك هي القيمة الاساس في علاقة الشراكة بين الحكومة و المزارعين و هي التي حافظت علي وحدة و وجود المشروع منذ العام 1950م. فهذا الانجاز هو بالضبط ما استهدفه قانون 2005م بالتصفية و في مادته 17.(1). و هو استهداف يرمي الي خصخصة مؤسسية، بمعنى ان تؤول ملكية المشروع بالتدريج و عبر الزمن الي مؤسسات او شركات ضخمة محدودة العدد، تتمتع بحيازات كبيرة علي قرار المؤسسات التي تمتلك و تدير مزارع العنب في ايطاليا و كلفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية ، و مزارع الـ "هاسيندا" في امريكا اللاتينية.
    نرى انه من المهم الاشارة الي أن القطاع الخاص السوداني المرشح بان تؤول اليه ملكية مشروع الجزيرة هو قطاعٌ خاصٌ مصنوعٌ صناعةً ، لا تاريخ له و لا جذور و لا تقاليد. إنه قطاعٌ خاصٌ "مسيس" لم يكن تطوره تطوراً طبيعياً،إذ لا صلة له و لا شبه بالراسمالية السودانية الوطنية العريقة، إن كانت تلك التي إجترحت مأثرة مؤسسات التعليم الاهلي في محازاة التعليم الحكومي، و رموزها من امثال الشيخ مصطفي الامين و غيره ، أو الراسمالية الوطنية التي تجشمت مخاطرإستقدام الصناعات الحديثة الي البلاد من مصانع نسيجٍ و محالج و غيرها، متمثلة في رموزها من امثال المرحوم دكتور خليل عثمان و المرحوم فتح الرحمن البشير. إن الراسمالية الاسلاموية الطفيلية الحالية هي المعنية بتهيئة هذا المناخ، و هي المرشحة للهيمنة علي مشروع الجزيرة.
    إن قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م إنبنى و بشكلٍ اساس علي توصيات تلك اللجان التي كان البنك الدولي طرفاً فيها. يمكن إستشفاف ذلك في كثيرٍ من محتويات القانون، إلا ان ابرز شاهدين علي ذلك هما، اولا،ً مبدأ الخصخصة كما اوضحنا سالفاً، و ثانياً ، مبدأ روابط مستخدمي المياه.
    إنه و بقدر وقوفنا ضد مبدأ الخصخصة بالنسبة لمشروع الجزيرة فاننا نرى ان مبدأ "روابط مستخدمي المياه" قد يمثل نقطة مضيئة في حق قانون 2005م.
    إن إستحداث روابط مستخدمي المياه في مشروع الجزيرة قد يحدث تحولاً في المشروع. و كما ذكر د. سلمان ان كون الفكرة جديدة علي السودان لا يمكن ان يؤخذ ذلك عليها و لايقف بالتالي دليلاً علي امكانية فشلها. اتضح حتى الآن ان فكرة روابط مستخدمي المياه تحمل الكثير من مقومات النجاح، إن كان ذلك علي ضوء تجارب البلدان الاخرى مثل دولة شيلي او حتى علي مستوى تجربة السودان المحدودة في تفتيش عبدالحكم في مشروع الجزيرة. حسبما تمّ نشره حول تقييم تجرية تقتيش عبدالحكم و حتى الآن وضح الاثر الايجابي للتجربة و الذي انعكس في زيادة انتاجية الفدان بالنسبة لمحاصيل مختلفة ضمت القطن، الفول و الذرة. من جانبٍ آخر اعتقد أن فكرة هذه الروابط يجب ان تعطى الفرصة لتأخذ حظها من التجريب.
    في اعتقادي ان هناك سببين، بالاضافة الي عامل تحسن الانتاج، يشجعان علي تجريب روابط مستخدمي المياه/
    اولاً/ ان طبيعة و طريقة تكوين هذه الروابط تنطوي علي مشاركة فعلية للمزارعين و فيها انعكاس لارادتهم في إختيار المسئولين عن إدارتها. فكل نشاطٍ يستدعي توسيع مشاركة المزارعين و تقريبهم اكثر من التأثير في قرار و عملية الانتاج لهو جديرٌ بالتشجيع و بالتعامل الايجابي معه.
    ثانياً/ و هذا سببٌ مرتبطٌ بالاول وهو انه و بتوسيعها للمشاركة فان روابط مستخدمي المياه تتيح بذلك مجالاً آخر لممارسة و تعزيز القيم الديمقراطية بواسطة المزارعين إلي جانب المجالات الاخرى مثل انتخاب مندوبي و ممثلي المزارعين علي مستوى التفاتيش و الاقسام و من ثمّ إختيار اعضاء الاتحاد في القمة. كما و انه ومن الممكن جداً ان تفتح هذا الروابط آفاقاً اوسع لاشكالٍ متطورة من التنظيم بالنسبة للمزارعين. هذا بالاضافة الي ما تنطوي عليه الفكرة من بعدٍٍ تعاوني و روحٍ جماعي لتقاسم ليس فقط التكاليف و انما تحمل مسئولية الحرص علي المياه كعنصر اساس لوجود المشروع. و بهذا المعنى فإن مستقبل المشروع يكون قد ارتبط بالنشاط الواعي للمزارع. و لا ارى هناك من سببٍ واحد يجعل المرء يرفض ما من شأنه ان يوصل لمثل هكذا نتيجة اي الربط بين هتين القضيتين، مستقبل المشروع و دور المزارع فيه.
    هناك، و علي جانبٍ آخر و بنفس القدر، ملاحظات فنية و مخاوف تحف بفكرة و بتجربة روابط مستخدمي المياة، و منها علي سبيل المثال/
    اولاً/ طالما ان هناك تكاليف لقاء الحصول علي المياه، فإن المياه تكون قد اصبحت بذلك سلعة من الناحية الاقتصادية مثلها و جميع السلع الاخرى. معلومٌ إقتصادياً انه من الممكن حساب تكاليف انتاج اي سلعة الي ان تصل للمستهلك، و بالتالي يصبح من الممكن تحديد سعر بيعها له. ففي حالة المياه هذه ما هي المدخلات و العوامل التي تدخل في حساب تكاليف انتاج سلعة المياه و تحديد سعر بيعها الي المزارع حين وصولها اليه عند نقطة انتظاره، و هي القنوات الحلقية ـ ابو عشرين و ابو ستة ـ ؟
    ثانياً/ و بما انها اصبحت سلعة إقتصادية، هل ستخضع المياه لقوانين السوق و للعوامل المؤثرة فيه، ام ان تكاليف انتاجها ستكون ثابتة؟
    ثالثاً/ من اكبر المخاوف التي تحيط بامر روابط مستخدمي المياه، هو ان لا محصن لها من الاستهداف و الترصد، لانه كلما زاد نجاحها و ثبتت جدواها الاقتصادية فأنها ستفتح شهية الراسمالية لاجل تدجينها ثم إبتلاعها او علي اسوأ الفروض السعي لاضعافها و من ثمّ وراثتها كما فعلوا مع جمعيات المزارعين التعاونية السابقة من مطاحن و سكك حديدية و ورش و غيرها حيث استولوا عليها و بثمنٍ بخس!!!.
    هذه الملاحظات و المخاوف نحتاج التوقف عندها لتقييمها و الاجابة عليها بالقدر الممكن.
    هناك تساؤلٌ كثيراً ما الحّ علي اثناء التعقيب علي هذا البحث. نعلم ان د. سلمان واحدٌ من المنظرين علي مستوى العالم لمسألة المياه و لروابط مستخدميها علي وجه الخصوص. التساؤل هو كيف سيتسنى له حل التناقض او بالسوداني حل "الشِبْكة"، علي الاقل، علي المستوى النظري بين حُلمِه بان تضع "روابط مستخدمي المياه " و بما لها من طبيعة تضامنية و تعاونية مسألة المياه بين ايدي المنتجين و العامة من الناس و بين مبدأ سياسة الخصخصة التي يتبناها البنك الدولي كوسيلة للتعديل الهيكلي للاقتصاد و يحاول بشتى السبل الضغط علي الدول النامية و الفقيرة الالتزام بها كشرط لمنح المساعدة؟. اسأل هذا السؤال و اضعاً في الاعتبار طبيعة الملكية الحالية للارض ـ الحواشات ـ في مشروع الجزيرة و التي تؤهله دون شك لتطبيق فكرة روابط مستخدمي المياه حيث يوجد حوالي 128 الف مزارع. و ذلك وضعٌ ستلغيه الخصخصة حين يصبح المشروع مملوكاً لمؤسسات رأسمالية ضخمة محدودة العدد!!!. وامر خصخصة مشروع الجزيرة اصبح اليوم ممكن الحدوث اكثر من اي وقتٍ مضى و بنص قانون 2005م الذي استند في صياغته علي توصيات البنك الدولي.
    يلاحظ من البحث ان اهم القوانين التي اثرت و تؤثر في مسار مشروع الجزيرة كانت تتم صياغتها و المصادقة عليها في فترات سياسية تتسم بانعدام الديمقراطية و تحت انظمة اقل ما يمكن قوله عنها انها شمولية، صدر قانون 1961م والذي قنن لامتداد المناقل، في ظل نظام عبود ـ الحكم العسكري الاول ـ . صدر قانون 1984م و الذي استبدل الحساب المشترك بالحساب الفردي في ظل نظام نميري ـ الحكم العسكري الثاني، و اخيراً جاء قانون 2005م و الذي دشن المرحلة التاريخية الثالثة لمشروع الجزيرة و ذلك بان سمح للمزارعين ببيع و رهن و التنازل عن اراضيهم مما فتح الباب امام المؤسسات لشراء المشروع و تحويل المزارعين الي اجراء بدلاً عن شركاء. هذا القانون بدأ الاعداد له منذ نهاية التسعينات باعتماده علي تقارير اللجان التي كونت وقتها. فبرغم صدوره الا ان الطريقة التي اُجيز بها لا تختلف كثيراً عن تلك التي تمت بها اجازة قوانين مشروع الجزيرة في ظل النظامين العسكريين السابقين.
    إن الضمان الوحيد لحماية مشروع الجزيرة و سد الطريق امام محاولات التخلص منه كمشروع عام له دوره الناجز في التغيير ليس الاقتصادي و الاجتماعي فحسب و انما السياسي ايضاً هو اشاعة الديمقراطية في البلاد بشكل عام و اتاحة الفرصة للاطراف المشاركة في عملية الانتاج في مشروع الجزيرة بمنْ في ذلك العمال الزارعيين لان يشتركوا في مناقشة و وضع السياسات التي تخص المشروع و تصيغ مستقبله. إن الفترات التي نعِم فيها المزارعون و المنتجون في المشروع بممارسة الديمقراطية في إدارة شئونهم كانت قصيرة كما هو الحال في السودان بشكلٍ عام، إلا انه و برغمه كانوا لا يستكينون و لا ادلّ علي ذلك من كسبهم الاخير لمعركتهم القانونية التي خاضوها ضد تزوير إرادتهم في آخر انتخابات لاتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل.
    في الختام الشكر لدكتور سلمان محمد احمد سلمان علي هذا البحث الذي مثل اضافة حقيقية الي ادب البحث و الكتابة عن مشروع الجزيرة و فتح آفاقاً اخرى تستدعي تناولاً غير تقليدي لقضايا المشروع. و الشكر ايضاً لجريدة اجراس الحرية علي ما تقوم به من تعزيز لقيم نشر الوعي.

    صديق عبدالهادي
                  

10-11-2008, 02:16 PM

محمد نجيب عبدا لرحيم
<aمحمد نجيب عبدا لرحيم
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 4405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    مشروع الجزيرة انشاء الله سيعود

    بعزيمة ابنائه الخلص
                  

10-11-2008, 11:25 PM

محمد نجيب عبدا لرحيم
<aمحمد نجيب عبدا لرحيم
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 4405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: محمد نجيب عبدا لرحيم)

    *
                  

10-15-2008, 12:20 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    سنعود.. ...
                  

10-23-2008, 11:00 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    *
                  

10-24-2008, 06:01 PM

صديق عبد الهادي

تاريخ التسجيل: 11-02-2005
مجموع المشاركات: 705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    كلام في الاقتصاد/

    مشروع الجزيرة
    و
    المادة سيئة الذكر
    (جريدة اجراس الحرية 13 اكتوبر 2008م)

    [email protected] صديق عبد الهادي

    تواترت بشكلٍ مقلق في الايام الاخيرة و من خلال العديد من الصحف اليومية اخبار غير مبشرة عن الحال في مشروع الجزيرة و المناقل. و قد حملت بين طياتها تفاصيل قاتمة و محزنة عن تدهور الاوضاع فيه، للحد الذي قد يدفع بالكثيرين من العاملين بالمشروع الي قاع الفقر و المذلة. العاملون بالمشروع لم تدفع لهم مرتباتهم لفترة طويلة و المعاشيون ليسوا بافضل حالٍ. هل سألت ادارة المشروع و الحكومة المركزية، التي تمدد رجليها في الخرطوم و بإطمئنان لم يتوفر عليه ابو حنيفة، نفسها عن كيفية مباصرة هؤلاء الناس لحياتهم اليومية و حياة اطفالهم؟. لا اعتقد ، لا الادارة و لا الحكومة، انهما معنيتان بنوع هذه الاسئلة!!!.
    الحكومة راضية عن نفسها و يملأ جوانحها سرورٌ كبير بعد ان نجحت في توظيف كل مقدراتها و سطواتها المالية منها و التشريعية و الامنية لاجل اجازة قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م. إن ما يحدث الآن للعاملين الذين توظفهم الحكومة و المعاشيين الذين كانوا في خدمتها لامرٌ جلل، و لكن ما سيحدث للمزارعين و المفترض انهم شركاء، في مستقبل ايامهم القريبة، جراء قانون المشروع لعام 2005م يصيب النفس بالرعب و يهدد العقل بالجنون!!! و خاصة المادة 17. البند (1) و التي تقول بلغة فصيحةٍ مُرةٍ/
    " مع مراعاة الفقرة (5) ج. من المادة 16 يجوز للمزارع المالك التصرف في الحواشة بالبيع او الرهن او التنازل وفق الموجهات التي يضعها المجلس".
    هذه المادة التي تتكون تقريباً من حوالي 24 مفردة قد عٌني بها تصفية نضال دام ما يقارب اربعة عقود لاجل ان تكون ملكية الحواشة محروسة بقوة القانون لاجل الجماعة و الاسر و ليس الفرد، لاجل ان تكون معنيةٌ بها الدولة و الوطن و ليس الاثرياء و المؤسسات القادرة علي الاغراء. إن ما يحدث الآن في المشروع امرٌ مقصود و مخطط له. و هو تهيئة، مرسومة بعناية، للظروف التي تجعل تطبيق و ممارسة المادة 17 البند(1)، سيئة الذكر، امراً ممكناً.
    حين اقر قانون 2005م مبدأ الملكية الخاصة بالنسبة للحواشة لم يكن القصد هو الاقرار بحق هو بالاصل من صلب حقوق الانسان و إنما اراد ذلك القانون التمهيد و بشكلٍ ماكر لامكانية انتزاع هذه الملكية و بنصه، و في ذلك بالتأكيد إفراغٌ لمبدأ الحق نفسه إذ كيف يمارس المالك الاستمتاع بحق الملكية و هو غير قادر علي توظيف ما يملك في ان يوفر له لقمة العيش الضرورية؟!. فإذا كانت كل الظروف و التي تساهم الحكومة في خلقها و اختلاقها لا تساعد المزارع علي الانتاج و لا علي الاستخدام الفاعل للارض ، فهل سيكون هناك بديلٌ لذلك المالك غير التخلص من عبء هذه الحواشة و من عبء ملكيتها؟ و هل هناك اي نتيجة غير هذه إبتغاها قانون 2005م و مادته سيئة الذكر (17)(1)؟
    فإن كان هناك اي شخص ، و خاصة من مواطني الجزيرة، يعتقد ان ما يمر بمشروع الجزيرة الآن هو امرٌ طارئ و غير متوقع فإنه مخطئ. إن قرائن الاحوال تقول بغير ذلك. و منْ اراد ان يتحقق فعليه ان يسأل كم من افراد الادارة العليا في مشروع الجزيرة لم يتحصلوا علي مرتباتهم حتى الآن؟ بالرغم من معرفتنا بان هناك اكثر من خمسة الف عامل حرموا ليس فقط من مرتباتهم بل صودرت الفرحة من عيون اطفالهم في ايام العيد!!!
    زبدة القول، واضحٌ ان هناك منْ يعتقد و يأمل في اعادة صياغة تاريخ هذا المشروع بل و التخلص منه جملة و تفصيلاً وفق خططٍ و اجندة جديدة. و فيما يبدو ان هناك منْ عزم علي ذلك و لكنه ،بالقطع، لم يتوكل!!!.
                  

11-11-2008, 09:13 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)


    لك الشكر الوافر أستاذ صديق على هذه المشاركة التي أضاءت الكثير مما خفي..
                  

11-12-2008, 06:22 AM

abuguta
<aabuguta
تاريخ التسجيل: 04-20-2003
مجموع المشاركات: 8276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)



    الاخ فتحى

    تحياتى

    تسجيل حضور

    الجزيرة


    ......انى
    ..محيكم ياعقولنا
    ..النيرة مرحبا بكم
    ..فى ذكرى الجزيرة..
    .واصالة كمنت..فى تلك البقاع
    فباقية ما بق....يت. شمس الظهيرة..
    وبساط .موشى......للجلوس.والممشى
    وزغرودة ام ......عند... الضريرة..
    فانحدر الازرق.......من تلك..الهضاب
    بصوته الهادر فى........زمن الدميرة..
    كانه.. اختُ.............تزف ...اخها
    ترقص فرحا تحمل ...........الشيلة...
    والابيض الوادع .............يموج الهوينى
    فى ليلة زفافه ................لبس الحريرة..
    فكان ..العناقُ....................عند..الخرطوم
    وموعد الحب ..............................وموكب..السيرة...
    فتدفق...الماء................................فولدت..الخضرة
    واكتمل الجمال.. ............................فى بنت مهيرة...
    فكانت... الدنيا ............................وتكون الكون
    فوجدت...بحار......................................واناسى.. كثيرا...
    فصارت... قارتنا...............................فى قلب...عالمنا
    وفى قلب..افريقا..................................سودانا..شهيرا..
    وقلب المرء.. ما....................................دام.. فى الصدر
    فكل الدنيا قد........................................صارت....جزيرة

    ابقوتة
    الهند
    بونا
    يوم الروابط
    94
                  

11-12-2008, 08:22 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: abuguta)

    أليس في الجزيرة من أبنائها المهمومين بأمرها من يصلح والياً ويعيد الجزيرة إلى سيرتها الأولى ؟!!
                  

11-12-2008, 10:00 AM

Yousif A Abusinina
<aYousif A Abusinina
تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 2003

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    تحدث الجميع عن مشروع الجزيرة وما تعرض له هذا العملاق العظيم على مر السنين وعلى مرمى ومسمع كل الحكومات المتعاقبة والتى جميعها وضعتة نصب اعينها ولكن فى الاتجاة المضاد والعمل على انهاء هذا العملاق .
    كل هذه التساولات والاستفسارات اتمنى ان توجه الى السادة / اعضاء اتحاد مزارعى الجزيرة والمناقل با عتبارهم ممثلى مزراعى الجزيرة والمناقل و الشريك الاساسى فى دمار المشروع .
    للجميع اتحاد مزارعى الجزيرة والمناقل يتناوب الجميع على كراسية لفترة قاربت الاربعين عاما وهم نفس الاسماء والوجوه وهم اعضاء فى مجلس ادارة المشروع وشركاء فى كل القرارت التى اصدرت وهى جملة وتفصيلا ضد المشروع واصحاب المشروع من اهلنا الكادحين بقايا البلهارسيا وغذاء الملاريا(الباعوض) اليوم .
    نحن لن ندخل فى ماضى المشروع وما قدمة من خدمات كثيرة يعجز الانسان عن ذكرها على سبيل المثال لا الحصر بناء المدارس نقاط الغيار والمراكز الصحية والكهرباء والمياة متمثلة فى ادارة الخدمات الاجتماعية والتى يتم تمويلها بنسبة 2% من عائدات المشروع والادارات الاخرى البساتين وغيرها ولكن السؤال المهم من منا لم يستفيد ويتمتع من خيرات هذا العملاق على مستوى الجزيرة والمناقل بصفة خاصة والسودان بصفةعامة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    ثم ماذا كان رد الجميل !!!!!!!!!!

    الاجابة مفتوحة ولن تكون لها نهاية .................


    يوسف عبد الرحيم ابوسنينه

    عضو جديد
                  

11-12-2008, 10:29 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    أهلا بك أخي يوسف في فضاء الحرية هذا.وننتظر منك الكثير عن المشروع وعن بشريات الثورة التي أراها قريبة جدا..أكرر الترحيب بك وأنتظرك هنا.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de