بدون أجاويد .. الحكم فى قضية إتحاد الكرة .. والوزارة .. والهلال .. وكل الوسط الرياضى

Quote: القانون بين الوزارة واتحاد كرة القدم د. صلاح معروف: قرارات الوزير ملزمة وواجبة التنفيذ والاحترام قضية الهلال مع اتحاد الكرة اخذت منحى خطيراً في الفترة الأخيرة وذلك نتيجة لان الخلاف الآن اصبح بين وزير الثقافة والشباب والرياضة واتحاد الكرة، فقد اتخذ الجانبان عدداً من القرارات وكل لا يتسق مع الآخر، حول هذه القضية وملابساتها والجدل الدائر حولها قدم لنا الدكتور صلاح حسين معروف افادات مهمة عن تلك القضية التي شغلت الرأي العام الرياضي، وبوصفه قانوني ضليع فقد اوفى القضية حقها حسب القانون وجاء حديثه على النحو التالي: أصدر السيد وزير الثقافة والشباب والرياضة القرار رقم 8 لسنة 8002م بموجب المادة 7 «4» من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 3002م، وتبعه القرار رقم «44» عندما اتضح عدم تنفيذ كامل بنود القرار 8، وذلك لصيانة المصلحة العامة والمحافظة عليها وحل الخلاف بين الاتحاد السوداني لكرة القدم ونادي الهلال العاصمي بشأن لاعبيه المجنسين داريوكان وسولي شريف، وما ترتب على ذلك من اثر وظرف استثنائي تعذر حله من قبل الاجهزة المعنية بالطرق القانونية وتم اصدار القرار بعد التشاور مع السيد رئيس المجلس الاعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم، والاستماع لوجهات نظر الاتحاد السوداني لكرة القدم، ونادي الهلال الرياضي، وذلك حسبما اشارت ديباجة القرار. وقد نص القرار على مجمل حل المشكلة وهي: 1/ تسليم الاتحاد السوداني لكرة القدم، بطاقات لاعبي نادي الهلال العاصمي خلال 21 ساعة من التوقيع على هذا القرار. 2/ يعمل الاتحاد السوداني لكرة القدم على حل مشكلة لاعبي الهلال المجنسين خلال اقرب وقت ممكن. 3/ اعادة جدولة مباراة الهلال العاصمي والنيل الحصاحيصا نسبة للظروف القاهرة التي احاطت بتسليم البطاقات، مما أعاق سفر الهلال الى الحصاحيصا لاداء المباراة. 4/ على نادي الهلال رفع مظلمته للاتحاد السوداني لكرة القدم خلال 21 ساعة من التوقيع على هذا القرار. 5/ إلزام نادي الهلال العاصمي بعدم اشراك اللاعبين موضوع الخلاف داريوكان وسولي شريف في اية مباراة لحين حل المشكلة. وكما هو واضح قد نصت الفقرة «3» منه وهي موضوع الخلاف اليوم والذي صدر على اثره القرار الوزاري رقم 44 نسبة لعدم تنفيذه بالرغم من نهائية القرار وحجته بمرور مدة استئنافه. «إعادة جدولة مبارة الهلال العاصمي ونيل الحصاحيصا نسبة للظروف القاهرة التي أحاطت بتسليم البطاقات مما أعاق سفر الهلال الى الحصاحيصا لاداء المباراة». ولعل السؤال الذي يسأل هنا هل للوزير سلطة في اصدار مثل هذه القرارات والقرارات التابعة لها مثل القرار الوزاري رقم 44؟، وهل من سلطة الوزير اصدار اية ضوابط من أجل اعادة الامن وتحقيق الصالح العام؟. ولعلنا نحاول الاجابة وتوضيح سلطات وزير الثقافة والشباب والرياضة، كوزير قومي وفق احكام الدستورالانتقالي لسنة 5002م ووفق قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 3002م. أولاً: سلطات الوزير بموجب الدستور: يعتبر الوزير هو الرئيس الاعلى في الوزارة حيث نص الدستور لسنة 5002م في المادة 37 «1» منه «الوزير القومي هو المسؤول الاول في وزارته وتعلو قراراته فيها على اية قرارات». والواضح ان الدستور خص الوزير القومي بالمسؤولية العليا في وزارته وفق المادة 47 «1» من الدستور، هو مسؤول امام رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء القومي والمجلس الوطني، ووفق المادة 37 «1» من الدستورلا يجوزلاية جهة كانت مراجعة او تعليق قرارات الوزير فيما عدا مجلس الوزراء القومي ورئيس الجمهورية الذي يجوز له تعليق قرارات الوزير القومي لحين مراجعته». القرارات الوزارية الادارية تقوم دائماً على قاعدة وقرينة قانونية تعترض صحة القرار وسلامته ووجوب تنفيذه اذ ان هدفه وغايته هو المصلحة العامة، ويجوز سلوك الطرق والوسائل القانونية لمراجعته وبعد نفاذ تلك الطرق يجوز الطعن فيها امام القضاء. لذا فإن القرار الصادر من وزير الثقافة والشباب والرياضة في نطاق وزارته وهيئات الشباب باعتباره الوزير المختص تكون سليمة وواجبة التنفيذ والتقييد. ثانياً: سلطة الوزير وفق قانون هيئات الشباب والرياضة: وزير الثقافة والشباب والرياضة هو الوزير المختص وفق نص المادة 3 من قانون هيئات الشباب وقد خوله القانون واللوائح سلطات عديدة يمارسها في الظروف العادية وأخرى في الظروف الاستثنائية او عند الضرورة، والقانون ليس بغاية في حد ذاته وانما وسيلة لضبط حركة المجتمع وامنه وسلامته ومجتمع الرياضة كوحدة اجتماعية محكوم بالقانون فطوعية الحركة الرياضية يحكمها القانون، وديمقراطية الحركة الرياضية يحكمها القانون واهلية الحركة الرياضية ايضاً يحكمها القانون واذا غاب القانون كانت الفوضى في الظروف العادية والاستثنائية. أ/ سلطات الوزير في الظروف العادية: نصت المادة 7«1» من قانون هيئات الشباب والرياضة على الآتي:«بالاضافة لاية اختصاصات ممنوحة للوزير بموجب احكام الدستور، تكون له الاختصاصات الآلية. ونصت المادة على العديد من الاختصاصات لعل الذي يهمنا فيها هي الفقرة «أ» التي تخوله «الرعاية والاشراف العام على هيئات الشباب والرياضة باستثناء القرار الفني» بهذه الفقرة التي تخول للوزير سلطة ارساء الشرعية والهيمنة على النشاط الرياضي واصدار القرارات التي تضمن حسن ادارته وشرعيته وفق مبدأ الشرعية القانونية العادية، اي كل ما يطابق القانون ولا يجوز للوزير التدخل في مجال القرارات الفنية المتعلقة بالنشاط والقرارات الفنية المحددة في المادة 3 من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 3002م، هي «القرارات» المتعلقة بمسابقات الانشطة الشبابية او بمباريات ومنافسات الالعاب الرياضية ونتائجها وما يترتب عليها من صعود وهبوط وانتساب وتسجيل اللاعبين وتنقلاتهم وما يتعلق بالجوانب الفنية في التدريب والتحكيم». والواضح ان سلطات الوزير في الظروف العادية غير مطلقة وانما هي محدودة ومقيدة اذ لا يجوز له التدخل في تطبيق القانون في المجالات الخاصة بالقرارات الفنية. وهدف المشروع من هذا التحديد هو تحقيق ديمقراطية الحركة الرياضية واحترام اهليتها في حدود التزامها بالقوانين والانظمة الحاكمة وعدم تجاوزها او انتهاكها بأي عمل مادي أو قانوني. وحتى لا يتصف بالجمود والتخلف ولان المشرع مهما كان لديه من قوة وبعد نظر والتنبؤ لا يمكن له ان يصل الى درجة الكمال، لذا استلزمت القرارات وضع نصوص تحكيم الشرعية في الظروف الاستثنائية. ب/ سلطة الوزير في الظروف الاستثنائية: لقد ذهب الفلاسفة وفقهاء القانون الى القول بأن الامن العام او الامن القانوني هو القيمة الاجتماعية الاولى في كل مجتمع سليم، وهي الاساس لكل تقدم ورقي ولا يتوفر هذا الا اذا كانت القاعدة القانونية مقرونة بالالزام والقهر بما يحقق الامن القانوني والسكينة الاجتماعية والمصلحة العامة، فاستخدام القهر ضرورة قانونية في الظروف الاستثنائية حيث يتغول على الشرعية ويتحدى القانون وينعدم التسامح والثابت ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ان الخروج على القانون هو خروج على الشرعية واهدار للمصلحة العامة وفي هذه الحالة تنهار فكرة القانون من اساساها، وتصبح القواعد القانونية فارغة المحتوى، وبما ان القاعدة القانونية يفترض الالتزام بها من الكل وهو ما يعرف بمبدأ الشرعية في الظروف العادية، الا انه عندما تطرأ حالة استثنائية او حالة ضرورة فإن الادارة تجد نفسها ملزمة بالخروج عن القواعد العامة العادية وتطبيق ما يعرف بالشرعية الاستثنائية او مشروعية الازمات. والظروف الاستثنائية هي حالة غير طبيعية تعجز القوانين العادية والوحدات الادارية المختصة عن حلها. وقد نظم المشرع هذه الحالة في قانون هيئات الشباب والرياضة حيث خوّل للوزير سلطات واسعة تمكنه من معالجة الظرف الاستثنائي الذي يتعرض له النشاط الرياضي، وقد نصت على ذلك المادة 7 «4» من قانون هيئات الشباب والرياضة:- «يجوز للوزير استخدام سلطاته لفرض القانون والنظام العام في امور هيئات الشباب والرياضة التي يترتب عليها الاخلال بالأمن العام او تضييع المصلحة العامة متى ما تبين له عجز الهيئة عن السيطرة على الموقف واحتوائه في حدود سلطاتها، ويكون قراره نهائياً». فالسلطة المخولة للوزير وفق هذه المادة سلطة استثنائية مطلقة وواسعة تشمل كل مجالات النشاط الرياضي والشبابي الفني وغير الفني، وتجيز للوزير اتخاذ كافة اجراءات القهر والالزام لاعادة النظام والامن وتحقيق المصلحة العامة، ويتضح هذا من صياغة المادة التي فرضتها الضرورات العملية والحرص على النشاط الرياضي وكل مكوناته حيث اعطى المشرع، الوزير القدرة والسلطة لمعالجة الوضع الصعب وغير العادي الذي يؤثر على نشاط هيئات الشباب والرياضة، فالوزير هو الحاكم والمهيمن على المشروعية القانونية في مثل هذه الحالات وسلطته تشمل الجوانب الفنية والادارية والمالية، ولا تحدها اية قيود، ولعل هذا كان واضحاً لدى سلطات اتحاد كرة القدم عندما قبلت ونفذت جزئية بنود بعض بنود القرار 8 ،ثم عادت ورفضت تنفيذ البند 3 منه بحجة انه من القرارات الفنية. القيود التي تحد الوزير هنا هي القيود الطبيعية التي تراعي في كل قرار، وهي القيود العقلانية والاخلاقية وقواعد العدالة والتي تحكم الوقائع وملاءمة القرار وتقديره، وصدور القرارات في الظروف الاستثنائية لا يعني الخروج عن الشرعية، بل مجرد تكييف لقواعد الشرعية واحكام القانون بعقلانية لمواجهة الظرف الاستثنائي والمحافظة على كيان الهيئات الشبابية والرياضية ونشاطها والنتائج المترتبة على وجود الظرف الاستثنائي. 1/ اتساع اختصاص السلطات الادارية بحيث تشمل مجالات لم تكن تشملها من قبل ولها سلطة فرض الضوابط اللازمة لفرض النظام. 2/ الظروف الاستثنائية تبرر منح اختصاصات جديدة للادارة اساسها القانوني الشرعية الاستثنائية. 3/ التحرر من القواعد الاجرائية والشكلية العادية. رابعاً: الطبيعة القانونية لقرار الوزير في الظرف الاستثنائي: المادة 7«4» من قانون هيئات الشباب والرياضة حددت الطبيعة القانونية لقرار الوزير واعتبرته نهائياً لا معقب عليه لان الهدف الذي ينشده المشرع هو اعادة الشرعية العادية والامن والنظام سريعاً ونود ان نوضح الآتي: أولاً: ان قرار وزير الثقافة والشباب والريضة رقم 8 لسنة 8002م واي قرار تابع له لمعالجة الحالة يعتبر نهائيا وملزما، خاصة وان الوزير حسبما جاء في ديباجة القرار 8 قد شاور رئيس المجلس الاعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم واستمع لوجهات نظر الاتحاد السوداني لكرة القدم ونادي الهلال الرياضي. ثانياً: القرار اشار الى وجود حالة استثنائية تعذر معها الحل الودي للمشكلة عبر الوساطات وصوناً للمصلحة العامة صدر القرار ومن ثم جاءت توابعه. ثالثاً: بالنظر في القرار الوزاري رقم 8 نجد انه قد مس القرارات الفنية المتعلقة بتسجيل اللاعبين وتم تنفيذه جزئياً من قبل اتحاد كرة القدم، وسار بموجبه الموسم الكروي ولا يعقل عدم تنفيذ جزئية منه وهي الفقرة 3 بعد اكتسابه الحجية وانتهاء فترة استئنافه. رابعاً: إن القرار المذكور وتوابعه تعتبر ملزمة وواجبة التنفيذ والاحترام من الاتحاد السوداني لكرة القدم واية جهة اخرى يعنيها القرار ولا يجوز مراجعته من اية جهة داخل وخارج الاتحاد، وان قرار اللجنة المنظمة لا يؤثر في قانونية قرارالوزير باعتباران قرارها صادر من جهة غير مختصة بمراجعة قرارات الوزير، ويجوز للوزير اتخاذ اية اجراءات ووضع ضوابط يراها في مواجهة قرارات اللجنة المنظمة اذ تعتبر في ذاتها نوعاً من انواع الخروج على السلطة الادارية المشروعة داخل الوزارة وهي سلطة الوزير. ولعل هذا يوضح ان قرارالوزير قد جاء موافقاً ومتفقاً مع صحيح القانون.