لا زلت أذكر ذلك البيك أب الفضي وبجواره الأسطوانات الكثيرة والذي كان الخال محمد وفي رواية أخرى ( هاشم ) لا يدع أي أحد يقترب ولو لمسافة متر واحد منه .... ولكني كنت أنتظر ذهابه بعد المغرب لأصدقائه وذهاب جدي الخليفة عثمان ليفتح ( حوش السيد علي ) ويؤم المصلين ... لأذهب بدوري إلى ( الديوان ) وأمارس هوايتي في تشغيل الأسطوانات وكنت ( حريفاً ) جداً في الإختيار ..... فلقد كنت استرق السمع في المرات التي يحضر فيها أصدقاء خالي ويبدأون في ذكر الفنانين وأسمائهم ..... كنت أسمعهم يذكرون إسم تينا شارلز وبكثرة ...كان خالي قد عاد للتو من موسكو حيث درس هناك الهندسة لخمس سنوات وحينما عاد عمل بمصنع النيل الأزرق وبعدها استقر في الهيئة العامة للكهرباء .... أحضر معه من روسيا عدد ضخم من الأسطوانات ، ايضاً طاف بعدد من الدول الأوربية وأحضر منها ما تيسر ... ولكن كنت استشف من حديثة مع اصدقائه عن تينا شارلز الكثير رغم صغر سني آنذاك فصرت أترقب خروجه لأجد راحتي ... "تينا شارلز بقت سمينة ياخ " كان هذا هو حديث أحد أصدقاء خالى سمعته وأنا ارقبهم من ( الزقاق) الفاصل بين الديوان و الشارع والمؤدي إلى حوش النسوان ومن بعده ( الأوضة الصغيرة ) والتي - مجازاً - كانت تتبع للأطفال ولكن نسبة لبرودتها كنا قليلا ما نجد فيها الراحة ... المهم أخرج صديق خالي من حقيبته اسطوانة جديدة لتينا شارلز وكانت كل العيون تنظر ناحيته ثم تناولوها واحداً تلو الآخر .. وكان كل من ينظر لها تظهر الدهشة على وجهه ويمد يده بحركة ( زهجانة كدة ) لمن بجواره لكي ينظر ... إستقرت الأسطوانة في يد خالي الذي أخذها وذهب للديوان وأتى بجهاز البيك أب ووضعه على طاولة كبيرة وأداره .... إنبعثت موسيقى الديسكو والتي كانت العلامة السائدة آنذاك .... المهم حفظت شكل الأسطوانة جيداً ولكني عطست فجأة فجاء خالي وسألني " داير شنو يا ولد ؟" قلت له بأنني كنت أتفرج فقط "أمش بهناك لي امك " قالها وهو يمسك بكتفي ويدفعني ناحية حوش النسوان .... المهم ذهبت للنوم وأنا أحلم بهذه التينا السمينة وعندما إستيقظت سمعت محرك سيارة ( الإدارة ) وهي تتحرك ذهبت لجدي وسألته فقال " عندهم عطل في محطة بري الحرارية الظاهر الليلة خالك حا يقعد لحدي المساء هناك " زادت دهشتي فاليوم هو جمعة ولكني تحمست جداً فسوف يذهب جدي لبحري لصلاة الجمعة وسيكون ( الديوان ) فاااااضي .... وفعلاً هذا ما حدث وإنتظرت إلى أن خرج جدي ودخلت للديوان ووجدت الأسطوانة بجانب جهاز البيك أب وفعلت كما يفعل خالي : مسحت الأسطوانة على قميصي .. نفختها ثلاثة نفخات وضعتها على الدائرة رفعت إبرة الجهاز وضعتها على الأسطوانة وأدرت الجهاز ....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة