الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.مهدى محمد خير(Dr Mahdi Mohammed Kheir)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-23-2006, 08:27 AM

Dr Mahdi Mohammed Kheir
<aDr Mahdi Mohammed Kheir
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 5328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ (Re: Dr Mahdi Mohammed Kheir)


    يواصل الدكتور أحمد عز الدين فى كتابه "الإمامة والقيادة" , ساردا :

    إن ما حدث في السقيفة ـ إذا نظرنا إليه بعين الخائضين في السياسة وأردنا تقديمه إلى الناس في القرن العشرين ـ لا يمكن اعتباره إجراءً سليماً يتفق ومباديء الإسلام السياسية، لأنه لم يعط صوتاً لكل مواطن بل أعطى صوتاً لكل قبيلة حضرت، دون معاملة بقية القبائل والقوى السياسية الأخرى بنفس المعاملة، ومن ثم تجاهل القطاع الأعرض من الشعب، وحرمهم حقهم في المشاركة في اتخاذ القرار واختيار القيادة.

    رابعاً: إذا أخذنا بشروط الأهلية التي ذكرها كل من أبي بكر وعمر (رض) لمن ينبغي أن يكون في منصب القيادة بعد رسول الله عليه وآله السلام، وجدنا أنها لم تكن تنطبق على أي منهما قدر انطباقها على آل البيت، فلقد قال أبوبكر (رض) (وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لحي من قريش وهم أوسط داراً ونسباً)وقال (أول من عبدالله في الأرض وهم أولياؤه وعشيرته . وقال عمر (رض) (العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، ووليُّ أمورهم منهم، ولنا بذلك على من أبى الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدلٍ بباطلٍ أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة ؟) .

    فإن كانت هذه شروط الأهلية كان الأولى بالقيادة بعد محمد آل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام، إذ لم يكن في العرب أوسط منهم داراً ونسباً، وكانوا هم أولياء النبي وعشيرته، وفيهم النبوة والقيادة، وبيتهم مهبط الوحي ومحف الملائكة.

    ثم إن مقالة عمر (رض) بذاتها تثبت أن من نازع من هم بهذه المواصفات منصب القيادة فهو (مدل بباطل ومتجانفٍ لإثم ومتورط في هلكة) أفلا ندرك ما في هذه العبارة من معان ؟

    إن مرشح الأنصار لم يكن بالشخصية التي يجمع عليها المسلمون آنذاك، كما لم تكن شروط الأهلية المذكورة متوفرة في مرشح المهاجرين، رغم إدعائهم هذه الصفات لأنفسهم، ومع ذلك حسم الأمر في غياب الحزب الذي لو أعطى رئيسه الفرصة لترشيح نفسه ما نازعه أحد، وهو علي بن أبي طالب عليه سلام الله، كما صرح بهذا الصحابي الجليل المنذر بن الأرقم .

    وحتى لو أخذنا برأي ابن خلدون في قيام الدول وما اشترط من العصبية، وهي نظريته التي يرى بها القرشية ضرورة لازمة لتأسيس الدولة من وجهة نظر السياسة والعمران، لأنها عصبية، فإن العصبية كانت أكثر في آل البيت إذ فيهم اجتمعت عصبية القبيلة وهي القرشية، وعصبية الفكر والعقيدة لكونهم بيت النبوة وصاحب الرسالة، وعلى هذا فكون الإمام من آل البيت ـ وفق نظرية ابن خلدون ـ أمر تقتضيه قوانين السياسة والعمران التي ذكرها، بل ان الإمام في هذه الحالة يكون أكفأ وأقدر، مما يجعل الدولة أرسخ وأقوى، لكن الرجل قدم نظرية ثم حاد عن الحق وهو يطبقها. هكذا حسمت القيادة في غياب الأصلح، مما أسفر عن شرخ كيان الأمة شرخاً عانت منه الويلات على مدى القرون الأربعة عشر الماضية، ولا زالت، لأن عامة المهاجرين وجل الأنصار ما كانوا يشكون أن علياً هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

    خامساً: إن أسلوب التعامل مع المعارضين والمخالفين في الرأي خلال هذه الأزمة الدستورية، لم يكن متسقاً ومباديء الإسلام وروحه العامة التي نسيناها ووضعنا مكانها أمامنا تصرفات البعض كنموذج يحتذى، فغطت ظلالها حياتنا حكاماً ومحكومين في العصر الحديث.

    نعم كان كبار الجيل الأول وهم في السلطة لا يغضبون إن أمسك بتلابيب أحدهم رجل من العامة وطالبهم بحق من حقوقه، لكن هذه كانت نماذج فردية تتعلق بأمور غير السلطة والشرعية، فأما حين كانت المعارضة للسلطة من حيث هي كذلك، وجدنا أسلوبهم مختلفاً، فأصل في مجتمعاتنا التجبر واضطهاد المخالفين وانتهاك الحرمات في ذلك ولو كانت حرمة بنت رسول الله !

    فسعد بن عبادة (قتله الله) لأنه عارض رأي بعضهم، وهو منافق يستحق القتل لأنه رفض البيعة، ولم يستريحوا حتى قتلوه لأنه يشكل خطراً سياسياً، غير أن مؤرخينا انقسموا فمنهم من استحى أن يذكر واقعة قتله، لأنها تشكل مخالفة شرعية لأحكام الإسلام الذي لا يبيح قتل من اختلف في الرأي أو عارض السلطة، ومنهم من استخف بعقولنا فنسب قتله الى الجن , لكنه فشل في تقديم سبب عداء الجن له، فهل كان الجن في السلطة ورفض سعد مبايعتهم ؟ . ليس هذا فحسب بل إن محاولة إحراق المعارضين بالنار وفيهم بنت رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، وابن عمه وغيرهما من صلحاء الأمة، لمعارضتهم شرعية بيعة أبي بكر (رض) كما سبق تفصيله، كان أبشع نموذج لقمع المخالفين واضطهاد المعارضين، حتى أن أبابكر (رض) ظل يندم عليه ويقول (ليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو كان أغلق على حرب) .

    هذه التصرفات التي ارتكبها الأوائل لم تمر هكذا بلا أثر، بل حفرت بأظفارها في عقل الأمة الباطن ونقشت فيه روحها، فإذا بمن علينا من حكام يقلدونها، فإن ذهبنا الى التنظيمات الإسلامية التي تريد إعادة الخلافة وجدناها لا تتحمل رأياً مخالفا أبداً، وتسارع في إصدار الفتاوى وإهدار الدماء، فأصبح الجو العام السائد في مجتمعاتنا جواً إرهابياً، يخشى أصحاب الرأي فيه على أنفسهم، فيعتزلون الناس، ويقبعون في بيوتهم، لأن المعارضة الواعية لا يتحملها أي طرف من الأطراف الموجودة في السلطة أو خارجها، ولأن قمع المعارضين وقتلهم وإحراقهم ممارسات غير شرعية، أضفينا عليها الشرعية بتقديسنا لمن ارتكبوها عبر قرون، ولسنا الآن على استعداد لأن نناقض شرعيتها وموقف الإسلام الحقيقي منها، لأننا لو فعلنا ذلك اضطررنا الى تخطئة الأشخاص وهم أقدس عندنا من الإسلام نفسه.

    سادساً: أنه لو قيل أن سبب التعجيل بحسم مشكلة القيادة ببيعة أبي بكر (رض) وجوب ألا تبقى الأمة والدولة بلا قيادة يوماً واحداً، وهو ما ذكره عمر، وأن هذه قاعدة عامة في الإسلام من أجل المصلحة القومية العليا، قلنا فلماذا أبقى هو نفسه على الدولة ثلاثة أيام بلا قيادة، لإعطاء فسحة للتشاور في أمر القيادة كما سيأتي بيانه ؟

    فإن قيل أن مجلس الشورى آنذاك كان في محل القيادة، قلنا فكيف بقيت الدولة بلا قيادة حوالي أسبوع بعد وفاة عثمان (رض) مع أن الظروف وقتها كانت تستدعي فرض الأحكام العرفية بلغة عصرنا، إذ كانت الأمصار قد انتفضت على الخليفة في ثورة عارمة، وحاصره الثائرون أربعين يوماً كما في بعض الروايات، وأرادوا خلعه، ثم أخيراً قتلوه . فقاعدة المصلحة ـ إذا تمسك بها البعض في بيعة أبي بكر ـ لم يجد لها وجوداً فيما تلاها من ظروف اقتضتها، وبالتالي فلم تكن قاعدة، أو كانت قاعدة، لكنها طبقت وفق المزاج والهوى.

    سابعاً: أن الإهتمام بالقيادة وتعيينها أساس في الإسلام إذا نظرنا الى روحه، إذ كل قوم لابد لهم من قيادة حتى الكفرة (فقاتلوا أئمة الكفر) التوبة ـ 12، وقد اهتم الرسول عليه وآله أفضل الصلاة والسلام بتعيين القيادات في حياته، فكان يؤمر أصحابه في البعوث والأسفار والحج وغير ذلك، ووضع الإسلام تفاصيل الأمور العادية، كالغسل وتكفين الموتى واللباس والطعام والشراب، فكيف يهتم بهذا ولا يهتم بتعيين القيادة بعد وفاة مؤسس الدولة ؟ وكيف يشغل هذا الأمر أبابكر وعمر (رض) فيعين كل منهما القيادة بعده، في حين لا يهتم الله ورسوله بشيء من هذا ؟

    ونحن إن أغمضنا أعيننا عن وجهة نظر الشيعة في أن الوصية بقيادة الأمة بعد النبي كانت لعلي عليه السلام، بل افترضنا ـ من أجل إراحة إخواننا الذين قد يشمون في كلامنا رائحة تشيع ـ أن جميع أهل البيت لم يكن لهم وجود في التاريخ أصلاً، فإن أهمية منصب القيادة في الإسلام، وروح هذا الدين، وطبيعة نظريته السياسية، تقتضي أن يكون الرسول قد ترك في مسألة تعيين القيادة شيئاً، ونذهب بخيالنا أبعد من هذا، فنفترض من أجل سواد عيون إخواننا ـ أن مؤسس الدولة أوصى بالقيادة بعده لهذا أو ذاك من الصحابة، أو بتشكيل مجلس، أو بشكل آخر من أشكال تعيين القيادة، ولو جملة تكون لها منزلة الدستور الذي تسير عليه الدولة، كأي دولة من الدول في التاريخ عند النصارى واليهود والبوذيين والمجوس والهندوس وكل أمم الأرض، لأن دستور الدولة أيا كان مسألة طبيعية بل بدهية في تاريخ الأمم والشعوب،وأول مافي الدستور تحديدقيادة الدولة، إذ من المستحيل عقلاً وشرعاً أن يكون الإسلام وحده من بين أديان البشر قبل الميلاد وبعده، وثنية وثانوية وتوحيدية وتثليثية قد ترك الفصل في القيادة لمزاج الناس، وعصبيات القبائل، وضغائن النفس البشرية.

    أقول اذا افترضنا أن مؤسس الدولة ترك لها دستوراً يحدد القيادة، كان اجتماع من اجتمعوا في السقيفة، والإجراء الذي اتخذوه أول مخالفة دستورية، وأول درجة من الإنحراف الذي ما فتيء ينفرج ويزداد، حتى أصبح ثورة مضادة كاملة المعالم، شاخصة أمام الأبصار.

    ثامناً: أنه لو صحت روايات المؤرخين التي ذكرت أن من اجتمعوا في السقيفة استدلوا في شأن أبى بكر (رض) باستخلافه في الصلاة على استخلافه في القيادة، وقالوا: ارتضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا ؟ , وقعنا في عدة إشكالات:

    الأول:

    أن القيادة وفق هذا الرأي من أمور الدنيا لا من أمور الدين، وهذه مقولة نشأت فيما بعد، وأدخلها المؤرخون في فكرنا السياسي، وما دامت القيادة من أمور الدنيا، فلماذا نسعى لها اليوم ونطالب بإبعاد الطواغيت عنها ؟ لذلك أظن ـ وليس كل الظن إثماً ـ أن هذه الرواية محشورة حشراً في تاريخنا، لأنها تعلوها مسحة من فكر السلطة السياسي، الذي نشأ بعد قرون من انتهاء الخلافة.


    الثاني:

    أن هذه الرواية لو صحت كانت أول درجة من درجات فصل الدين عن الدولة والسياسة إذ معناها أن القيادة أمر دنيوي والصلاة أمر ديني، وهذا تفريق لا يعرفه الإسلام.


    الثالث:

    أن إمامة الصلاة أهم من إمامة الدولة وقيادتها، وهي النتيجة التي انتهى إليها ابن خلدون بناء على هذه الرواية , واعتقادي أن العكس هو الصحيح، فمن يصلح لإمامة الصلاة بمعايير الإسلام لا يصلح بالضرورة لقيادة الأمة، أما من ينفع لقيادة الأمة ـ أيضاً وفق معايير الإسلام ـ ينفع بالضرورة لإمامة الصلاة.

    ولو سلمنا بأن كل من يصلح للصلاة إماماً يستطيع قيادة الدولة أنجر ذلك بنا الى فساد عظيم يعرفه كل أحد.

    ومن الأسف أن هذا الرأي اخترق أجيالاً ووصل إلينا في الدم، فصار كل من استطاع أن يؤم الناس في ركعتين مفتياً وأميراً وقائداً.

    وللشاعر الثائر محمد إقبال شعر في هذا يقول فيه:

    ما الذي أدرى إمام الركعتين المسكين بالشعوب وإمامتها؟

    واعتقاد البعض بأن من يصلح لإمامة الصلاة يصلح لقيادة الدولة، يوقعنا في تناقض عظيم، فالصلاة ـ عندنا أهل السنة ـ جائزة خلف كل مسلم برّ وفاجر , بينما إمامة الفاسق والفاسد لا تجوز لقوله تعالى (إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة ـ 124

    وبالفعل عندما جاء الخليفة الجديد نهضت هذه المجموعة لاستقباله فقال عمر بن الخطاب: (ما لي أراكم حلقا شتى، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار) .

    وكأن كلام عمر (مسحة رسول) فقام عثمان بن عفان والأمويون فبايعوا الخليفة الجديد، وقام سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا الخليفة الجديد، ولم يبق من ذلك الجمع لم يبايع إلا علي بن أبي طالب والعباس ومن معهما والزبير بن العوام الذي انضم لهما . وهكذا عزل الهاشميون وآل محمد كما خطط الانقلابيون ونجح القسم الذي وضع في المسجد وحوله بأداء دوره على أكمل وجه!!!

    ب - قسم آخر يتحرك إلى منطقة الأنصار، ويتجمعون في سقيفة بني ساعدة كأنهم زوار لسعد بن عبادة الذي كان مريضا وطريح الفراش بإجماع كل المؤرخين، ومهمة هذا القسم أن ينتظر قدوم قادة الانقلاب، وأن يشترك بالحوار وكأنه لا علم له بما دبروا، حتى إذا ما نجح قادة الانقلاب بجر الحاضرين إلى الخوض في حديث من يخلف النبي، أمسكوا بالحديث فتابعوه حتى يتم تنصيب الخليفة المتفق عليه وهو أبو بكر، عندئذ ينهض أفراد هذا القسم ويبايعوا أبا بكر كأول خليفة للنبي، فيذهل الحاضرون من غير الانقلابيين، ويجدون أن من الحكمة مبايعة الخليفة الجديد باعتباره واقعا، وحتى يشركهم في ما بعد بالمنافع والأدوار، ويحافظوا على مصالحهم باعتبار أن هذه الخليفة هو رأس الحكومة الواقعية!!

    3 - افتعال اجتماع سقيفة بني ساعدة:
    في وقت يطول أو يقصر سيكتشف المسلمون بإن اجتماع سقيفة بني ساعدة كان مفتعلا وقد حوله الانقلابيون من مجرد اجتماع لزوار عند مريض إلى اجتماع سياسي . فسعد بن عبادة كان مريضا بالإجماع، وقاعد على فراش المرض في منزله المجاور لسقيفة بني ساعدة، ولأن سعد سيد الخزرج بلا كلام فمن الطبيعي أن تأتي وجوه الخزرج لعيادته والاطمئنان على صحته، ومن الطبيعي أن يتعرض الزوار في حديثهم العادي لوفاة الرسول، والفراغ الذي سيتركه، وفجأة حضرت الأوس المتفقة مع قادة الانقلاب، والمحصورة مهمتها بمبايعة الخليفة في اللحظة المناسبة عند ترشيحه من قبل قادة الانقلاب، وليس في حضور الأوس أو جزء كبير منهم أو حتى مجموعة من الأوس لزيارة سعد بن عبادة ما يثير الريبة، فسعد مريض وعيادة المريض وزيارته مرغوبة في الجاهلية والإسلام، وهذه الزيارة من حيث الظاهر مبادرة نبيلة من الأوس. لقد جلس الجميع واطمأنوا على صحة المريض سعد بن عبادة ومن غير المستبعد أن الجميع قد تطرقوا إلى عصر ما بعد النبوة، ويجمع المؤرخون أن الحضور قد قالوا لسعد بن عبادة أن الأمر لك، فما كنت فاعلا فلن نعصي لك أمرا، بمعنى أن سعد بن عبادة يتولى توجيه الأنصار إلى ما يمكن عمله وكيف يتم ذلك، وليس المقصود تولية سعد خليفة على المسلمين، فلو أن المقصود تولية الخلافة لسعد لبايعه الحاضرون خليفة، ولوضعوا المسلمين تحت أمر واقع كما فعل الانقلابيون!! لكن سعد لا يقبل ذلك، ولا يقبل الخزرج ذلك ولا تقبل الأوس ذلك أيضا، لأن الأنصار كانت تعرف أن الرسول قد استخلف الإمام علي بن أبي طالب، وطوال عهد الرسول المبارك وهو يؤكد هذه الحقيقة وقبل شهرين من وفاته نصبه الرسول وتوجه إماما للمسلمين في غدير خم وبايعه المسلمون وقدموا له التهاني بحضور الرسول، كأن مسألة خلافة النبي محسومة ومعروفة عند الجميع خاصة الأنصار، وحتى بعد أن نجح الانقلابيون بتنصيب خليفة في سقيفة بني ساعدة قالت الأنصار " لا نبايع إلا عليا أو قال بعض الأنصار: " لا نبايع إلا عليا " , وعلى غائب، لأن عامة المهاجرين والأنصار كانوا لا يشكون بأن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله . ولكن كان من الطبيعي أن ينشرح خاطر سعد مما عرضته الأوس حول تنسيق المواقف إن العرض غريب ومدهش، لكن تقبله سعد، وتقبلته الخزرج بحسن نية وبارتياح، لأن الخزرج كانت خالية الذهن تماما من موضوع الانقلاب، ومن تواطؤ أعداد كبيرة من الأوس فيه!!
    4 - حضور أبي بكر وعمر وأبي عبيدة: بينما كان الزوار مجتمعين في منزل سعد بن عبادة حضر أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، كان حضورهم مستهجنا من جميع الوجوه فهم أصهار الرسول، وقد جرت العادة أن يساعد الأصهار أهل الميت بتجهيزه ودفنه، إن ترك الثلاثة لرسول الله يثير الدهشة والاستغراب لكن سعد والخزرج تصوروا لأول وهلة أن زيارة الثلاثة تعبير عن المحبة والتقدير لسعد، ولفتة نبيلة تجاه الخزرج، وأن الزيارة لوجه الله تعالى! ولم يعلم سعد، ولا علمت الخزرج ساعتها أن الثلاثة اختاروا هذا المكان وهذا التجمع بالذات لينصبوا خليفة بديلا للخليفة الذي اختاره الله ورسوله!! من الطبيعي أن ينهض الجميع أو يفسحوا المجال على الأقل للزوار الثلاثة ثم يجلس الجميع، من الذي وصل الحديث!! من الذي بدأ الحديث!! كيف تطور الحديث عن خلافة النبي المحسومة! لا أحد يعلم ذلك على وجه اليقين، لم تعد الروايات التاريخية التي " هندستها " وسائل إعلام دولة الخلافة التاريخية مقبولة عقليا ولا قادرة على الوقوف أمام أي تحليل منطقي!! لكن المؤكد أن اجتماع السقيفة بالمعنى الذي تقدمه وسائل إعلام الخلافة التاريخية كان مفتعلا، وأنه لم يكن بالأصل اجتماعا سياسيا لغاية انتخاب خليفة من الأنصار كما يزعمون!! وأن الثلاثة وأعوانهم هم الذين استغلوا وجود بعض الناس عند سعد بن عبادة، وحولوا ذلك الاجتماع إلى اجتماع سياسي لغاية تنصيب الخليفة بديل للخليفة الذي نصبه الله ورسوله، ومواجهة آل محمد وصاحب الحق الشرعي وكافة المسلمين بأمر واقع لا طاقة لهم على دفعه إلا بالقتال وتفريق وحدة المسلمين!!

    5 - الثلاثة وأعوانهم يتجاهلون بالكامل الإمام الذي اختاره الله ورسوله ليخلف الرسول: بعد أن نجح الثلاثة وأعوانهم بتحويل الاجتماع عند مريض إلى اجتماع سياسي، تجاهلوا بأن الرسول قد عين خليفة، وتجاهلوا سنة الرسول التي نظمت عصر ما بعد النبوة، وتجاهلوا نظام الحكم في الإسلام وانطلقوا من نقطة الصفر قافزين عن كل الأحكام الشرعية التي أعلنها النبي، فقال أبو بكر للحاضرين، نحن عشيرة الرسول... وقال عمر: " إن العرب لا ينبغي أن تولي هذ الأمر إلا من كانت النبوة فيهم من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته " , وقال أبو عبيدة: " يا أيها الأنصار كنتم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدل وخالف " . أنت تلاحظ أن الثلاثة كانوا يحتجون بحجة أهل بيت النبوة، ويتصرفون كأن الرسول لم يعالج هذا الموضوع، لقد فهم الأنصار أن الثلاثة يريدون أن ينصبوا خليفة، ويضعوا الناس أمام أمر واقع، فقالت الأنصار أو قال بعض الأنصار: " لا نبايع إلا عليا " , وكان علي غائب، وقال المنذر بن الأرقم: " إن فيكم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازله أحد " يعني علي بن أبي طالب .

    تجاهل أبو بكر ما قالته الأنصار فقال: " هذا عمر وهذا أبو عبيده بايعوا أيهما شئتم، فقال عمر لأبي بكر أبسط يدك أبايعك، وكثر اللغط وكثر الاختلاف، أهل الشرعية من الأنصار يقولون لا نبايع إلا عليا والثلاثة يريدون أبا بكر والمندسون يترقبون الفرصة. لما رأى بشير بن سعد أن الثلاثة لم يقبلوا بولاية علي أدرك أن البيعة لأحدهم واقعة لا محالة، فأراد أن يكون له السبق فقال إن محمدا من قريش وأهله أحق بميراثه وتولي سلطانه... ثم قفز وبايع أسيد بن حضير ومن حضر من الأوس، وحتى ينال الخزرج جزاءا من هذا الشرف ولا يأخذه الأوس وحدهم بايع أكثرية من حضر... " .

    6 - استقدام المرتزقة من الأعراب: استقدم الانقلابيون أعدادا كبيرة من الأعراب، وطلبوا منهم أن يتواجدوا في الوقت الذي حدوده قرب بيت سعد بن عبادة، فجاءت قبيلة أسلم قال الطبري: " إن أسلم أقبلت بجماعة حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر " , قال عمر بن الخطاب في ما بعد: " ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر " , قال عمر هذا الكلام وهو في سقيفة بني ساعدة، وهو بحاجته ماسة إلى مؤيدين ينتصر بهم على سنة الرسول وعلى صاحب الحق الشرعي!! فكيف عرف أن هذه القبيلة التي لا تسكن المدينة ستكون من المؤيدين له! إن لم تكن هنالك علاقة أو اتفاق مسبق معها، ثم ما هي مصلحة هذه القبيلة باندفاعها الذي وصل إلى درجة التهور في تأييدها لذلك النفر!! قال ابن الأثير فجاءت أسلم فبايعت . وقال الزبير بن البكار: " فقوي بهم أبو بكر " , وقال المفيد: " إن القبيلة كانت قد جاءت لتمتار من المدينة " , لقد حسمت الأعراب الموقف وأجبرت المترددين على الاعتراف بالأمر الواقع، وهذا ليس وليد صدفة، إنما كان ثمرة تخطيط اتفاق مسبق!!

    7 - زقة الخليفة الجديد: بايع أبا بكر الانقلابيون من المهاجرين والطلقاء والأنصار والمنافقين والمرتزقة من الأعراب في سقيفة بني ساعدة، وبعد أن تمت بيعتهم له أحاطوا به وزفوه زفا إلى المسجد . ولما وصل موكب الخليفة الجديد المسجد استقبله الأمويون برئاسة عثمان بن عفان فبايعوا، وبنو زهرة برئاسة سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف فبايعوا، وتبعا لهم بايعت بطون قريش باستثناء بني هاشم والزبير وخالد بن سعيد الأموي، وهكذا واجه الانقلابيون الأمة بأمر واقع لا سبيل إلى دفعه ، إلا برجوعهم إلى الحق وهذا غير وارد فلو أرادوا الحق لما خرجوا منه، أو بحرب غير متكافئة تفرق وحدة المسلمين.

    8 - توقع الخليفة الجديد وأعوانه المباركة الفورية من آل محمد عامة ومن صاحب الحق الشرعي خاصة: بعد ما نصب الانقلابيون الخليفة الجديد وحشدوا ذلك الحشد الهائل من الأتباع والأعوان ومن أعداء الله ورسوله وواجهوا صاحب الحق الشرعي وآل محمد بهذا الواقع المر، توقع الخليفة الجديد وأعوانه بأن يسكت صاحب الحق الشرعي، وأن يسكت أهل بيت النبوة وأن يبادروا على الفور للاعتراف بهذه الأمر الواقع وإن يبادروا إلى مبايعة الخليفة الجديد خاصة وأنه قد استعرض قواته أمام بيت العزاء!!

    لكن ما توقعه الانقلابيون لم يحدث ولم يتقدم الإمام علي بن أبي طالب ولا أحد من بني هاشم إلى مبايعة الخليفة الجديد أو إظهار الاعتراف بالأمر الواقع بل اعتبروه عملا غير شرعي بل ومعدم شرعا!! كذلك فقد توقع الخليفة وأعوانه أن تتقدم الفئة القليلة المؤمنة فتبايعه، وتبارك له وتعترف بالأمر الواقع، وتتناسى كل ما قاله رسول الله!! ولكن ذلك لم يحدث، فقد رفضت القلة المؤمنة الاعتراف بالأمر الواقع، وبالوضع الجديد!! قال عمر بن الخطاب في ما بعد: " وإنه كان من خبرنا حين توفي نبينا أن عليا والزبير ومن معهما - سلمان الفارسي، وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وأبي بن كعب - تخلفوا عنا في بيت فاطمة .


                  

العنوان الكاتب Date
الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-13-06, 09:55 AM
  Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ محمد عادل08-13-06, 10:07 AM
    Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ محمد عثمان الحاج08-13-06, 11:42 AM
      Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-14-06, 01:29 PM
    Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-14-06, 07:44 AM
      Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-15-06, 04:43 PM
        Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-23-06, 08:27 AM
  Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ adil amin08-16-06, 03:30 AM
    Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-21-06, 05:16 AM
      Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ محمد الامين محمد08-21-06, 09:31 AM
        Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-22-06, 04:46 PM
  Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ عبد الحي علي موسى08-16-06, 06:06 AM
    Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-21-06, 05:19 AM
      Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ عبد الحي علي موسى08-21-06, 05:42 AM
        Re: الحرب الضروس بين السنة والشيعة .. الى أين ؟؟ Dr Mahdi Mohammed Kheir08-22-06, 05:19 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de