تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.امجد إبراهيم سلمان(Amjad ibrahim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-13-2003, 02:08 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية



    سلام جميعا
    قرأت هذا الموضوع اليوم في اعلى صفحة سودانيز اون لاين و نظرا لانه قد يختفي سريعا آثرت نقله الى المنبر لان فيه العديد من التساؤلات التي يمكننا التمعن فيها و محاولة متابعتها و مقاربتها مع الاحداث التي تتوالى سريعا هذه الايام
    تحياتي


    معاوية يس يكتب: موسم الفُرجة على "الجبهة" الإسلامية تتحول حزب "بهجة" إسلامية
    سودانيز اون لاين
    10/13 2:40am
    أذكياء" السودان "الجديد" الذين لم ينجحوا في شيء سوى البقاء
    نيفاشا وافتقار نظام البشير الى الصدقية والمعركة الشمالية-الشمالية المقبلة
    موسم الفُرجة على "الجبهة الإسلامية" تتحول الى حزب "البهجة الإسلامية"!

    كتب معاوية يس:
    تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن طرفي الحرب الأهلية السودانية ماضيان الى اتفاق وإن طال التفاوض، ومهما استعصت المساومات والتنازلات، لأن العصا الأمريكية مرفوعة على رقاب مفاوضي الجانبين، ولأن جزرة العام سام لن تأتي إذا بدرت أي دلائل على عدم الرضا أو النقمة من اتفاق القسمة الثنائية المقبل. بات واضحاً أن السواد الأعظم من الشعب السوداني، بما في ذلك أتباع الحزبين الكبيرين، لن يكسبوا شيئاً سوى غياب الحرب الأهلية التي لم يشعل شرارتها أي منهم، ولم يقم أي منهم بتحويلها حرباً بدثار جهادي ولا حرباً من أجل النفط والموارد.
    صحيح أن الناس سيأكلون ويشربون ويتزاوجون ويتناسلون ويغتربون، مثلما هي حالهم اليوم، لكن السياسة سيديرها نيابة عنهم طرفان فحسب، هما اللذان سيتفضلان – تفضلاَ – بالمناصب والامتيازات على من لا ينتمي الى تنظيميهما السياسيين. وحتى ذلك المن لن يتم إلا في إطار العلاقات العامة التي تستهدف إرضاء القوة العظمى التي تعرف فحسب منطق القهر والقوة الذي لم تستخدم حكومة الجبهة الإسلامية شيئاً سواه منذ انقلابها على الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في 1989. لقد انقلب السحر على الساحر.
    حتماً هذه المرة سيطول نضال السودانيين من أجل حرية يجدون فيها كرامتهم التي افتقدوها طوال سنوات النظام المتسلط، الذي سيزيد تسلطاً بعد تحالفه مع الجيش الشعبي لتحرير السودان. وهو منظمة لم يعرف لها السودانيون خصلة ديمقراطية، اللهم إلا إذا استمدتها من تمرغها في وحل تحالفها مع أحزاب المعارضة الغافلة المغلوبة على أمرها، التي أضاعت مُلكاً وضيعت شعباً وتاريخاً بأسرهما، جراء استهتارها وتكالبها على المقاعد النيابية والحقائب الوزارية والامتيازات الحرام، حتى لقد أضحى الفساد رديفاً لأسماء العائلات الكبيرة ذات النفوذ الممتد منذ العهود الاستعمارية. وتلك قصة يطول التلجيج فيها.
    هل يعقل أن يبدأ بعض السودانيين، وكاتب هذه الأسطار أحدهم، مهاجمة السلام قبل أن يحل فعلياً؟ هل هو فرط التشاؤم؟ أم غبن الاستبعاد من المشاركة في صنع الحرب والسلام معاً؟ لا هذه ولا ذاك. لكنها القراءة الواعية التي تستشف ما هو آت. إذ إن السلام لن يحدث تغييراً في الفريق عمر البشير وأعوانه. لو كانوا قابلين للتغيير لفعلوا منذ أن اكتشفوا في نهاية عامهم الأول في السلطة المغتصبة أن دولاب الدولة لن يدور بأظلاف ثور الجبهة الإسلامية وحدها. ومن أشهر ما قاله العقيد جون قرنق في كمبالا أن نظام البشير لا يمكن إصلاحه بل تجب إزالته! فما هي مظاهر إصلاحه؟ أم أن قرنق يخفي بنداً للتفكيك بضمانات أمريكية؟
    الخوف والغضب من أكاذيب البشير ورجاله يعزيان أساساً الى أن هوة المصداقية بينهم وبين رجل الشارع العادي غير المنتمي الى تنظيمهم، وغير الطامع في مكسب من وراء تملقهم ومداهنتهم، أضحت عميقة وواسعة جداً، ولن تضيق وتتضاءل حتى لو أهيل عليها تراب الصحراء الإفريقية الكبرى بحالها! فقد جاءت هذه الجماعة الى السلطة لتحكم بإشاراتها المتناقضة عمداً لإرباك الشعب السوداني وتشويش الصورة أمام عينيه. وما فتئت تبث الإشارات المتناقضة والملغومة حتى يومنا الذي فينا هذا.
    ولو احتاج المرء الى تعداد أكاذيب النظام وقادته ورفاقهم لما كفاه أثير الانترنت لينشر تلك الأباطيل التي دُثِّرت بغطاء التدين، وزينت بنطاق الحق. تلك حصيلة 14 عاماً عاشها السودانيون كذبة كذبة، وتغييباً لا يزال مستمراً حتى على رغم "بشريات السلام" كما يقول الإعلام "الرسالي القاصد". فحين أراد البشير أن يعطي شعبه "عيدية" لمناسبة انعقاد المؤتمر العام لحزب الجبهة الإسلامية القومية (المؤتمر الوطني حالياً)، قال إنه يطلب من هيئات الحزب أن توصي برفع حال الطوارئ فور توقيع الاتفاق النهائي للسلام! حتى الفترة الانتقالية القصيرة بين المفاوضات النهائية وتوقيع الاتفاق يريد أن تبقى فيها قوانينه القمعية، وسجونه التي تغص بالمعتقلين، ومظالم زبانية أمنه الذين يريدون بأي حال أن يُطوع الاتفاق الوشيك ليحول بينهم وبين من سيطالبون بنبش قبور أحبائهم الذين غدر بهم غمداً وغيلة وخطأ، ومن سيطالبون بتعويضهم عما لحق بهم من ضرر معنوي ومادي نتيجة مصادرة حقوقهم وقطع أرزاقهم وإحالتهم الى التقاعد في ميعة صباهم.
    إنه تاريخ طويل من التسويف والخداع المزوق بالعبارات الدينية. كأن النظام "الثعلبي" يحسب أن الزمن كفيل بأن يمحو من ذاكرة السودانيين أباطيل القرود التي تحارب مع ميليشياته ضد مقاتلي الجيش الشعبي، والسحب التي سُخرت لتعمي أبصار "الخوارج". إن إطلاق صفة الأكاذيب على النظام ليست من قبيل سوء الأدب، بل الحقيقة التي ينبغي أن تقال. لمصلحة من ينبغي أن يستمر الرياء والنفاق؟ يجب أن يعرف السودانيون كل الحقيقة، لأن خدعة السلام أكبر من كل الأباطيل السالفة. وهم يجب أن يعرفوا، لأن النظام لا يتيح أي هامش من الحرية في صحافته لمن يريد أن ينتقد. إلا إذا كان مطبلاً يجيد إسباغ الألقاب على من أضحوا شيوخاً بلا مؤهلات المشيخة، ومن صاروا دكاترة من دون درجات جامعية، ومن صاروا أبطالاً بلا بطولات. وهو ليس سوء الأدب، ببساطة لأن بالامكان إثبات حقيقته.
    في مقابل كل من الإنجازات التي يحتفي بها النظام الأصولي المتعصب المخادع طوال أعوامه الـ 14 في أعياده ومناسباته، انتفخت جيوب وبطون، وفسدت أسر نساء ورجال وأطفال، وتعددت الشركات والوكالات والمكاسب المحرمة، وزاد شقاء الغالبية القاطبة من عباد الله، حتى أصبح السودانيون – أعرق الأسر وأثراها وأزكاهاً تاريخاً ونضالاً ـ يتسولون ويمدون أياديهم بحثاً عما يسد رمقهم ويلبي حاجات صغارهم. حتى لقد انحدر خلق كثير من السودانيين الى درك أسوأ مما لو كانوا يعيشون في قارة بوهيمية لا قيد فيها على السلوك والأخلاق.
    لقد جاءت الجبهة الإسلامية الى السلطة لتبيع للشعب أوهاماً. تبجحت بأنها حزب مثقفين ومتعلمين وخريجين جامعيين، وانتهى بها الأمر الى تدمير التعليم، والمجتمع، والتخبط في السياسات والرؤى والاستراتيجيات. ولم تنجح طوال سنواتها في شيء سوى اختبار البقاء. وحتى هذا الاختبار وجدت نفسها محصورة أمامه، محشورة إزاءه في زاوية ضيقة، ولم يكن أمامها بد من بيع كل ثوابتها، بما في ذلك الشريعة الإسلامية التي أوهمت العالم كله، في سنوات بطشها وتخويفها للأنظمة، بأنها جاءت لتحميها وتطبقها وتؤسلم من خلالها الجنوب. وها هي ذي مقبلة على سلام لن يبقي من ثوابتها تلك سوى الجلابيب البيض والعمائم التي يعتمرها دهاقتنها، إلا إذا كان ذكاؤها الغبي سيجعلها تفرض على عقول السودانيين أنها ستزين الإسلام لقرنق ليصبح نائب الإمام... العقيد الدكتور "الشيخ" جون قرنق! كل شيء جائز لدى الجبهة مهندسة الإنقلابات و"ترزيّة" الدساتير وصانعة الأكاذيب.
    والحديث عن أكاذيبها لا ينتهي، لكن الذاكرة الجماعية السودانية مجبولة على النسيان والسماح. فقبل أن يجف المداد الذي سال على صحائف الفترة الديمقراطية عن فضائح رجالاتها وفسادهم، وقصورهم وشركاتهم وأحابيلهم وسقطاتهم، جاء نظامها مستهلاً عهده بكذبة بلقاء عن هويته. تفنن في تلوينها وتلحينها وتغيير إيقاعاتها، حتى ظن أنه ببطش السلطان جاعلٌ للكذب حبلاً طويلاً، وليس قصيراً كما يجري المثل السوداني. غير أنه لما انكشفت سوءاته، بعد بداية الإنشقاق بين جناح عقله المدبر السابق الدكتور حسن الترابي وتلاميذه العاقّين الذين قذفوا به في كافوري ليستأثروا بالسلطة التنفيذية، اضطر الى الاعتراف بالحقيقة التي ظل يتسترها عشراً عجافاً: أن رئيسه عضو في تنظيم الجبهة الإسلامية. وهو اعتراف لم يُدس على النظام دساً، ولم يُفترَ عليه إفتراء وبهتاناً، بل خرج البشير بنفسه على الملأ أجمعين، وعبر شاشات التلفزة، ليعلنه أمام الشعب. الشرائط موجودة والصحف التي كتبت ذلك موجودة. هل ثمة افتئات على الحقيقة؟
    كان من الممكن أن يقلب البشير المائدة على رؤوس شيوخه لو أنه في ذلك المؤتمر نبذ انتماءه الحزبي الضيق، وقدم نفسه الى الشعب السوداني باعتبار أنه تحرر من عبودية القيد العقائدي، وافتك نفسه من أسر التبعية لمنظومة شريرة. كان ذلك كفيلاً بأن يكسبه قدراً كبيراً من احترام الشعب الذي لم يبتلع غصة "الإنقاذ"، إلا لأن غصة المهازل الحزبية في سني العهد الديمقراطي الثالث كانت لا تزال تسد حلقه. غير أن البشير لم يفعل. كلما فعله هو الانتقال فحسب من الازدواجية مع "شيخ حسن" الى ازدواجية مع "شيخ علي". وسرعان ما تغيرت عقيدة البقية المتشبثة بالسلطة والجاه الذي جاءها من وراء السلطة المغصوبة. هذه هي حقيقة المجموعة الصغيرة الخطيرة التي تحكم من وراء الرئيس-الواجهة، وتسخّر الأجهزة الأمنية ومراكز القوة وأجهزة الدعاية الديماغوجية لمصالح العصبة الشريرة التي اختطفت أقدار السودان وثرواته ومقدّراته. وتلك هي محنة السودان:
    * خرج من مخازي ديمقراطية 1986 ليقع في قبضة نظام الرأسين ذي البطش الشديد. والشعب منقسم، بين مصدق ومكذب لعينيه. وبين ناقم وشامت. وبين مشفق وخائف.
    * وخرج من نطاح الرأسين في نهاية العقد الماضي ليقع تحت قبضة رأسين أكثر تفاهماً على سلبه حقوقه واقتياده الى غياهب المجهول.
    * وها هو خارج من ديكتاتورية الرأسين ليقع في جحيم تحالف مستحيل بين طرفي نقيض: قرنق-علي عثمان، "الإنقاذ"-الجيش الشعبي، حزب عقائدي-حركة علمانية. مزيج يعلم الله وحده الى أين سيمضي بالسودان والسودانيين المغيبين تغييباً تاماً.
    ومن المفارقات أن البشير الذي قال في يوليو 1989، في مقابلة نشرتها صحيفة كويتية، أنه لو كان يريد إصلاح الأوضاع وإعادة السلطة الى الأحزاب لما عمد الى الإنقلاب عليها، يدعو الآن – أمام المؤتمر العام لحزبه الحاكم – الأحزاب التي أطاحها الى تكوين جبهة وطنية موحدة معه، لاجتياز تحديات المرحلة الانتقالية. نسي أنه هو الذي أوهى تلك الأحزاب، وطارد ناشطيها، وسام قادتها شتى صنوف العذاب والتعذيب، وأغلق جميع أبواب الحريات بوجهها. ويقف نائبه الأول بطل هندسة اتفاق بقاء الإنقاذ في نيفاشا أمام مؤتمر الجبهة الإسلامية ليقول إنه حريص على عودة السودانيين من الشتات ليحاربوا المرض والجهل والتخلف. ماذا فعل هو طوال سنوات حكم "الإنقاذ" ليحارب في تلك الجبهات؟ ومن مِن السودانيين في الشتات يثق بنائب البشير وكل قادة النظام حتى ينخدع ويعود؟
    لن ينفع البشير ونائبة الأول علي عثمان طه، الذي أشاعت الجبهة الإسلامية عمداً، منذ الفترة السابقة لعقوقه لشيخه الترابي، أنه غاية في الذكاء والدهاء ويجمع بين يديه كل الخيوط، ويفهم كل شيء حتى لو كان طائراً يحلق في السماء … لن ينفعهما ذلك الذكاء "الغبي"، لأنه – ببساطة – دهاء كُرّس من أجل البقاء، وببطش سياط السلطان، وسطوة المال المغصوب. ولم يُكرَّس لبسط العدل وتحقيق مقاصد الشريعة. أليس مخزياً أن تتنادى الجبهة الإسلامية للإنقلاب على حكم ديمقراطي منتخب بدعوى أنها تريد حماية الشريعة وهي لم تطبقها منذ استيلائها على السلطة؟ وهاهي تتحول تحت رعاية الرئيس المسيحي المؤمن جورج دبليو من عقيدة الجهاد والحزب الجامع، الى عقيدة الفصل بين الدين والدولة والتنازل عن الثوابت. ولديها الجسارة لتخدع نفسها أمام الملأ أجمعين بأنها بطلة السلام ولولا بحثها عن السلام لمت تحققت ماتشاكوس ولا جاءت نيفاشا. لتكذب ما شاءت، فتلك طبيعتها وفطرتها، لكن الشعب السوداني ليس كذلك، ولذلك لن يسمح – طال الزمن أو قصر – أن تستمر الأكاذيب والحيل، حتى لا تنشأ أجيال مفطورة على الكذب السياسي والدجل الديني والتمثيل الفطير.
    صحيح أن السودانيين سيدفعون ثمن أخطاء سياسات الجبهة سنوات وعقوداً، مثلما ظلوا يدفعونها طوال عهد الإنقاذ، عزلة دولية وإقليمية، وتصنيفاً جماعياً للأمة بشبهة الإرهاب، وتهجيراً لأبناء الأمة وبناتها بالآلاف وعشرات، بل مئات الآلاف. وقد يكتب عليهم أن يقبلوا تحت وطأة تلك الأخطاء الفاحشة أن يذهب الجنوب في سبيله. كونفيدرالياً أو فيدرالياً أو تحت أي ستار سياسي حديث يحقق له الإنفصال. عندئذ سيكون الشمال وحده ساحة المعركة الضيقة بين الجبهة بتنظيماتها الهلامية المتقلبة وحجمها الحقيقي الضئيل حقاً، وبين المقاومة التي ستشارك فيها الأجيال التي زجت بها الجبهة نفسها في أتون الدفاع الشعبي والتجييش والخدمة الإلزامية ودورات ذلة السودان. لقد فهم السودانيون الدرس جيداً: إذا أردت لنفسك مكانة واحتراماً ووزناً فلتحمل السلاح بوجه الدولة. هل فعلت الجبهة بطلة السلام شيئاً أكثر من أنها فتحت على نفسها "صندوق باندورا" (Pandora Box) الذي ستخرح منه الثعابين المدربة جيداً على التهام هذا العدو التاريخ للشعب السوداني المحب للحرية.
    هذه الجماعة لا يريدها أحد. تلك هي الحقيقة التي قد لا يستطيع غالبية السودانيين في الداخل المجاهرة بها. إنها الحقيقة التي لن تستمع إليها الجبهة في غمرة نشوتها بالسلطة والتحكم في مصائر العباد. لكنها الحقيقة التي تمثل نبض الشارع وهمسه وأحلامه. هل يعقل أن إغواء السلطة يمكن أن يعمي قلب الجبهة وبصرها الى درجة تعتقد فيها بأن إدارة وصقور الحزب الجمهوري الأمريكي الذين يصنعون الأفكار الجهنمية لبوش يريدون للسودان مستقبلاً يهيمن عليه البشير وعلي عثمان؟ هل صدّقت الجبهة الإسلامية حقاً أن أمريكا لا اعتراض لديها على ديكتاتورية دينية أصولية ذات بنود خفية خطيرة، وبطش شديد وتكميم للأفواه، وسرقة لمال الشعب وثرواته؟ هل تريد أمريكا "تسمين" "طالبان" أخرى في قلب إفريقيا بمشروعهم الحضاري الخرافي وشبقهم الشهواني الى دولة إسلامية لا تعرف الحدود الجغرافية؟ "طالبان" حقيقية لم يردعها عن انتهاج سياسة تغيير النظام في أريتريا وأثيوبيا ويوغندا ومصر سوى قصف مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم بحري العام 1998، وهي سنة التحولات الرهيبة في حياة هذا التنظيم "الثعلبي" الماكر.
    من أسف أن السودانيين أضحوا تحت وطأة السواد الحالك الذي يعشي أبصارهم حيال المستقبل يفكرون بمنطق "ليذهب الجنوب في أي اتجاه أراد". على الأقل ستكون جبهات المعركة الآتية محدودة ومعروفة. يكفي الشماليين أن جبهات الحرب الأهلية في بلادهم ما تزال مفتوحة في الشرق وعدد من نواحي الغرب، وستصل عاجلاً أو آجلاً الى الوسط. والخصومة في السودان – وهذا ما لا يعرفه بوش ولا جامعة الدول العربية، ليست بين الشماليين والجنوبيين، إنها فقط بين السودانيين ومفرزة منهم تعمل تحت لواء الجبهة الإسلامية القومية، وما دام السلاح سيتيح فرصة لتلك القوى لالتقاط أنفاسها واستجماع شتاتها، فليس من شك في أن الأيام القادمات حلبيات بشتى صنوف الوعود والوعيد.
    لقد وقع قرنق اتفاق نيفاشا نيابة عن الدائرة التي يمثلها في جنوب السودان، لكنه لم يحصل على صك موافقة من مؤتمر البجا، ولا من قبائل دارفور الثائرة، ولا من أهل كردفان الذين بدأوا يدرسون في عواصم عربية وغربية التمرد بوجه السلطة المركزية. وما دامت "بشائر" الحل المقبل توحي بأنه سيكون جهوياً وملبياً لتطلعات القوميات، فما أكثر المظالم بين أهل الشمال، وما أشد الحزازات بين قبائل الشمال العربية والإفريقية. اللهم إنه باب من الفتنة كبير وواسع فلا تفتحه ليزيد شأن بلادنا خراباً وإدماءً وتخلفاً.
    قد يقبل السودانيون الخضوع لنظام أهانهم وبطش بهم وقمعهم، لكنهم لن يركعوا لنظام يستغفلهم و"يستعبط" عقولهم. ومهما كانت دولة السلام المقبلة مضمخة بالوعود، فهي لن تعدو، في نظر غالبية السودانيين الذين غيبهم نظام "الإنقاذ" بمنطق القهر والقوة، ويريد أن يواصل تغييبهم بمنطق القوة العظمى الراضية عنه، أن تكون شهر عسل قصير تتفجر بعده الثورات، بالمنطق الجهوي نفسه الذي غذاه النظام وارتضاه في تعامله مع مناطق البلاد.
    منذ أن جاء نظام ما يسمى "ثورة الإنقاذ الوطني" ظل السودانيون يتفرجون عليه، وهو يمارس عبادته لذاته، ويصفق لنفسه، يعقد المؤتمرات ليحاور نفسه، ويخصص البرامج التلفزيونية لقضايا الأمة لينتهي المطاف بتلك البرامج مونولوجاً نرجسياً مع الذات. ومثلما فعل السودانيون حين ظلوا يتفرجون على دولة مروي القديمة تهوي وتدفنها الكثبان، سيتفرجون على "الجبهة الإسلامية" وهي تتحول الى حزب "بهجة إسلامية"، تتحلل من ثوابتها، وتكابد وحدها مشقة الزواج الكاثوليكي المستحيل بينها وبين قرنق، بعدما أضحت عنينة مقعدة جراء انشقاقاتها وترهل بطون الفاسدين من رجالاتها.
    ويود كثير من أولئك المتفرجين أن يطرحوا أسئلة على أذكياء الجبهة وأغبيائها، وهم يدركون أن لهيب التجربة والتطبيق كفيل وحده بتوفير الإجابات:
    * ماذا سيكون مصير المشروع الحضاري وما رافقه من إجراءات وسياسات إجتماعية وقوانين تتحكم في الأزياء والعلاقات بين أفراد المجتمع؟
    * هل يعني قبول الجبهة السلام المفروض أمريكياً نهاية الجهاد؟ هل ستقبل الجبهة تعطيل هذا الركن المهم؟ أم أن فقه الضرورة وضرورات التقيّة ستوفر تخريجات جاهزة أصلاً لدى شيوخ الجبهة؟
    * كيف ستتحكم الجبهة في برلمان تنص اتفاقية ماتشاكوس الإطارية على أن تكون غالبية تمثيله جهوية؟ وإذا كان البروتوكول المذكور يفترض أن ذلك التمثيل يجب أن ينعكس بشكل أو آخر على الجهاز التنفيذي، فكيف ستحتال على هذه العقبة؟ أم أنها الآن ستعتبره التمثيل الحقيقي الذي دمرته بيدها حين انقلبت على الشرعية المنتخبة في 1989؟
    * ما مصير "قوات" الجمارك و"قوات" حرس الصيد وغيرهما من الأجهزة المدنية التي تمت عسكرتها لتصب في صالح النظام وميليشياته؟ * ماذا سيكون موقف الحكومة اذا طالبت الولايات المتحدة – راعية السلام المنحازة لأحد طرفيه حسب أدبيات الجبهة الإسلامية القومية - باعادة النظر فى تعاقدات البترول؟
    * ماذا ستفعل الحبهة فى حال مطالبة الحركة الشعبية بوزارة الطاقة؟
    * ماذا ستفعل الجبهة بـ "الدبّابين" وميلشيا "قوات الدفاع الشعبي"؟ هل ستقوم بتسريحها كما قال وكيل وزراة الخارجية مطرف صديق؟ أم ستبقيها كما قال الفريق البشير أمام الجلسة الختامية لمؤتمر حزب الجبهة الحاكم؟ ولماذا ستبقيها إذا كانت الغرض الذي أنشئت من أجله قد زال؟
    * ماذا ستفعل الجبهة إزاء تمرد دارفور؟ هل تنتظر الى أن يتحالف معها قرنق ليحاربا سوياً "المتمردين الجدد"؟ أم أنها ستستخدم تمرد درافور وسيلة للضغط على قرنق ليتنازل عن جانب من حصته في كعكة السلطة والثروة لتلافي مشكلة قد تكون وخيمة العاقبة؟
    * ماذا ستفعل حكومة الجبهة الإسلامية مع القوات التي سينشرها قرنق في الخرطوم لحمايته وحماية كوادر حركته؟ هل ستسحب منهم السلاح؟ هل ستفرض عليهم رقابة مستمرة وتجسساً دائماً؟
    * ماذا ستفعل بمئات المساجد التي أقيمت في المصالح والوزارات وحلقات تحفيظ القرآن في أماكن العمل إذا طالب الشريك الجديد بإزالتها طبقاً لأحكام الاتفاق على عاصمة قومية علمانية وبموجب الاتفاق على الفصل بين الدين والدولة الذي قبلته الجبهة على رؤوس الأشهاد في نيروبي ونيفاشا وكارن وماتشاكوس؟
    * ماذا ستفعل الجبهة إذا تقدم أحد قادة الحركة الشعبية بطلب للحصول على ترخيص لفتح حانة في العاصمة القومية؟
    * إذا حدث أي تمرد عسكري أو عشائري في جنوب السودان، وتورطت قوات "الجيش القومي" الثاني فيه. هل ستنقل الحكومة قوات من الشمال لإخماده؟ أم تترك مواطنيها يذبحون على أيدي "الجيش القومي" الذي يهيمن على الجنوب بموجب نصوص اتفاق نيفاشا الأمني؟
    * من الواضح حسبما تم استقاؤه من تصريحات محافظ بنك السودان أن الجنوب سيكون له مصرفه المركزي المستقل. ماذا ستفعل الجبهة حين يعتمد المرف المركزي الكونفيدرالي سياسات ائتمانية ونقدية أكثر إغراء للمستثمرين الأجانب؟ هل سيدخل الشمال في تنافس مدمر في السياسات النقدية والإقتصادية؟
    * ماذا سيكون مصير المنشقين من الحزبيين الذين باعوا أحزابهم بالتحالف مع الجبهة؟ هل ستكفي النسبة المئوية التي تنص عليها اتفاقية المحاصصة لإيجاد شواغر للحلفاء "المتوالين"؟ أم أن الجبهة ستستأثر بحصتها لنفسها لتدخر لمستقبل لم تعد تملك السيطرة على صياغته أو رسم ملامحه؟
    * إذا اعترض قرنق على عضوية السودان في الجامعة العربية ماذا هي فاعلة؟ أو إذا اعترض على عضوية السودان في منظمة المؤتمر الإسلامي؟
    * إذا طالب وزير الخارجية المنتمي الى الجيش الشعبي بضرورة السماح له بزيارة اسرائيل أو إقامة علاقات معها أو تأمين مساعدات زراعية لكونفيدرالية الجنوب...
    ستكتشف الجبهة الإسلامية القومية – بعد فوات الأوان – أن سلاماً من دون أهل السودان قاطبة لن يغير شيئاً من المناخ العدائي الذي هي فيه. صحيح أن غالبية أهل السودان ليسوا راضين عن أحزابهم العتيقة المهلهلة، ولا عن زعاماتها الفاشلة التي لم تتطور قط، لكن حب السودانيين للديمقراطية والمشاركة السياسية كفيل بضمان تحطيم كل مخططات الثنائية والانفراد بشأن البلاد. حينئذ سيقول دهاقنة النظام: "لات وقت مندم". اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، بل اللطف فيه، إنه لا راد لقضائك.

                  

العنوان الكاتب Date
تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Amjad ibrahim10-13-03, 02:08 AM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Zaki10-13-03, 09:57 PM
    Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Elmekki10-14-03, 05:06 AM
      Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية بهاء بكري10-14-03, 07:13 PM
      Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Zaki10-15-03, 07:08 PM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية kamalabas10-15-03, 00:29 AM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Moawia Yassin10-15-03, 00:57 AM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Deng10-15-03, 05:26 AM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية ahmad almalik10-15-03, 12:08 PM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Amjad ibrahim10-16-03, 03:00 AM
    Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Elmekki10-16-03, 04:35 PM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Moawia Yassin10-17-03, 00:19 AM
  Re: تساؤلات معاوية يس و حزب البهجة الاسلامية Moawia Yassin10-18-03, 01:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de