رواية ....... فقاعات زمن التصحر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 03:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة نزار ابراهيم الخواض(Elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2002, 07:30 PM

Elkhawad

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر (Re: رومانسي)


    الفصل الثاني


    لم تكن لمجذوب فراسة بتقلبات الطقس وهو القادم من طقس تتنازعه الحرارة وقليل من البرد والرمال. حين حزم حقائبه بعد استلامه الأمر الإنذاري تنازعته مشاعر شتّى لم يكن بينها التردد في التنفيذ. فقط سؤال ملحٌّ سيطر على ذهنه … هل سيلتقي عمه الغائب منذ سنوات ؟! لشدة تعلقه به لا تزال ملامحه عالقة في ذاكرته … هي ناصعة واضحة التقاطيع كما رآها آخر مرة، لا تنمحي ولا يصيبها الهرم.

    علاقته به امتدت منذ تجاوزه أولى عتبات الوعي ويراه يحمل له كثيراً من الهدايا ويروي له من الحكايات عن عالم يكتنفه الغموض والمتعة. لكنه دائم الغياب ولفترات طويلة، والى حين عودته يعيش عالمه متقمصاً شخصه … يحلم بفضاءات تذخر بالرحيق ومذاق الهواء الرطب وحورية تخرج من عمق الماء وعلى جسدها فقاعات ملونة تزيدها رونقاً وبهاء.

    اختار السفر إلى موقعه الجديد بعبّارة نهرية - كان يعلم أن عمه يعشق السفر بالعبّارة النهرية رغم الوقت الذي تستغرقه. هي أول تجربة له في السفر بعيداً وبوسيلة جديدة، وهي أولى الخطوات في تقفّي اثر عمه. هذا ما عزم عليه قبل أن يلحّ عليه أبيه في فعل شيء كهذا. كانت عينا والده دامعتين … ما درى أن كانت من اجل سفره - وهو الضنين بها ولم يفعلها من قبل - أم هي لذكرى عمه الذي طالما قسي عليه محاولاً كسر جموحه وانطلاقه. وقتها فقط أدرك سرّ دمعة حبيسة إلى درجة التجمد كثيراً ما أطلت تحت جفني والده كلّما جاءت ذكرى عمه المختفي منذ سنوات.

    - مجذوب … لن أوصيك. كانت آخر جملة قالها والده قبل أن يغادر الدار.

    كانت الحرب قد أنزلت بيارقها منذ زمن ، من وقتها غاب عمه زروق ولم يسمع أحد عنه شيئاً . لكنه مازال على قيد الحياة وكثيراً ما يتناقل القادمون الأساطير عنه دون رؤيته. طافت في ذهن مجذوب صورة عمه بلون بشرته الأسمر ليس كبشرة العائلة المائلة إلى السمرة الداكنة، وجسده الفارع الطول في متانة تناسبه. لا يزال يذكر وجهه الذي تكسوه مسحة ساحرة هي خليط من التوتر والسكينة، لا يكاد يستقر على أيٍّ منهما. لماذا راودته فكرة أن يراه الآن بين هذا الجمع المتزاحم على قاعة الطعام . طرد الفكرة بابتسامة ساخرة مستجمعاً ما تبقى له من لا مبالاة يواجه بها ذروة القلق المتصاعدة، وألقى ببصره إلى مياه النهر الهاربة من جحيم الاختناق .

    عندما غادر زروق أول مرّة إلى تلك الأنحاء كان برفقة أخيه الحاج سلمان، هكذا وفي لحظات تجليّ نادرة استمع مجذوب لرواية أبيه . وقتها كان العبور صعباً إلى تلك الأنحاء، ليست الأسلاك الشائكة المغروسة في الدواخل هي السبب بل ما لازم الطقس أثناء الرحلة التي اتخذت طريقاً برياً ودليلاً يميز الطرقات بصورة مأساوية. الحاج سلمان معتاد على ما يصاحب تلك الرحلات لذلك لم يكترث كثيراً لارتياده تلك الطرقات اكثر من مرّة.

    وعندما اقتربت القافلة من سلسلة الجبال الفاصلة بين السهل والغابة ترجل عشرون رجلاً – من بينهم الحاج سلمان وزروق- يرتدون جلابيب موزعة الوانها، على مشارف (لقيتو) القرية الكبيرة بعض الشيء تتناثر مساكنها هنا وهناك. كانت الشمس قد مالت قليلاً في اتجاه الغرب ، وسوق القرية في أواخر أوقات ازدهاره . تملكت زروق الدهشة لهذه البلدة العامرة بأهلها وسوقها المكتظ بعكس ما صادفه أثناء رحلته وخلال مسيرته من قرى. اضطر لسؤال أخيه عن الأمر.

    -أظنه يوم الاثنين .. يوم السوق. ليس كل الذين تراهم من أبناء لقيتو … كثيرون قادمون من القرى المجاورة للتسوق أو التجارة.

    قبل الاهتمام بالمضارب حيث سيقضون الليلة دون شك، اتجه سلمان بصحبه زروق وأحد رجاله ومعهم الدليل إلى موقع السوق. لم يكن سوقاً فقط لتبادل وبيع السلع وإنما بداخله عالم متكامل وفيه تتساقط الأخبار من كل المناطق. كثيراً ما يجد المرء ضالته قبل بلوغ وجهته فيعود بها مفضلاً عدم تكبد مشاق سفر أطول. أما سلمان ما كان يستسلم أبداً لذلك، رغم معرفته بأهل لقيتو وتوفر مطالبه في سوقها. إن اختراق الغابات والخوض في مياه الأنهار له متعة خاصة في داخل نفسه، ثم أن السعر هناك لا يقارن يستحق قضاء شهر آخر.

    اتجه الركب إلى حيث القوم على ربوة تطل على السوق.. لم يكن يميز داره سوي اتساعها وكثرة الصبية والصبايا فيها.. وتعدد القطاطي المتناثرة داخل أرجاء الحيز الذي يسيطر عليه.

    -الشيخ عطرون سلام عليك.

    -سلمان..؟! سنة كاملة لا نراك فيها!! لقد كدنا أن ننساك.

    -يبدو أن الأحوال جيدة فالسوق عامر.. ليس كالسنة الماضية .

    -الحمد لله وكل شئ متوفر حتى سن الفيل وريش النعام.

    -وجلد النمر أيضاً .واضح من ما ترتديه يا شيخ.

    -اعلم أن كل هذا لن يغريك ولكن قل لي أليس هذا ما تونق.

    -إنه جاد الرب الآن.

    -أ أسلمت يا ماتونق سبحان الله لكم أتعبني هذا الصبي..

    وقبل أن يكمل جملته دخلت صبية اندهش لملاحتها زروق وقد اختلط عليه الأمر إن كانت تستر عورتها فقط أو هي عورتها تلك التي تسترها . وضعت قدح كبير كانت تحمله في وسط المجلس ثم أخرجت عدة أقداح صغيرة دارت بها على الجميع بعد أن ملأتها . انصرفت بعدها تلاحقها نظرات زروق.

    قال عطرون ضاحكاً وهو يحتسى قدحه في تلذذ حتى سال بعض منه على شفتيه:-

    - إنها من محصول هذا الموسم.

    مطّ سلمان شفتيه وهو يقول:-

    -أدامها الله من نعم..

    ثم واصل بعد أن تجشأ رائحة الذرة الخميرة:-

    -إن هذا زروق ابن أخي.. أرجو أن تهتم به إذا حضر في غيابي.

    -وهل تنوى الغياب؟

    -حسب الظروف.. ربما أعود بين فترة وأخرى.

    -انحنى الشيخ عطرون وهو يعدل من جلد النمر حول رقبته إلى أذن سلمان هامساً:-

    -لدى فتى يضاهى جاد الله قوة.. أنت صديقي طبعاً لذلك أفضل أن تأخذه… سيفيدك كثيراً.

    -لا بأس ولكن عندما أعود من رحلتي.

    ومع استقرار الشمس في برزخها الأبدي تراءى القمر باهتاً في بادئ الأمر.. آخذاً في فرض سطوة بريقه مع إيقاعات نقارة ترامت من بعيد مخترقة حواجز الفضاء.

    إن للنقارة سحر غريب تنتفض له الدواخل في هذه الساعة.. جلدها يتأوه من وقع العصا عليه. ليس كإيقاع طبل الصحارى.. هنا كل شئ ينتفض. حتى وقع الأقدام السائرة على الأرض مختلف..لا ترغب في السير مستكينة وإنما راقصة. وبدا الكون مهتزاً مع كل دفقه إيقاع تحملها موجات النسيم.

    ارتعشت دواخل زروق مبتلعاً قدحاً من مريسة[iv] الذرة دون أن يتذوق له طعم.. والقمر القادم من الشرق كأنما يمد إليه لسانه ويدعوه إلى حفل من نوع خاص. ولكن بدا له القمر شاحباً رغم صفاء السماء. ليس كما كانت تحكى له جدته. ربما لأنه اكتمل بدراً وآخذ منذ الآن في التآكل . لم يمارس زروق الانتباه وسط صخب المدن، ولكن بين السهل وقمم الجبال الباهتة الملامح تملكه تساؤل عن ما جعله يتوغل عكس التيار.

    تلاشت كل التساؤلات مع ارتفاع إيقاعات النقارة. ولم يعد القمر قمراً وإنما نفذ ضوءه إلى أعماق أغور، نافياً الظلال باسطاً سيطرته على كل الممالك. ارتفعت الأرجل وتعالت الصدور وساد غبار حلبة الرقص .وما بين إيقاع النقارة وتعالى صيحات الراقصين وتساقط ضوء القمر رآها زروق وسط الحلبة تحكم على خصرها بإزارٍ متدلٍ حتى أعلى ركبتيها بينما نهداها يداعبان الهواء. ومع كل قفزة تشهق روحه إلى أن أخذته الحمى.. فصارت قدماه ترتفعان وتهبطان وجسده يزداد سخونة. بعدها حمله جاد الرب وأثنين من رفقاء الرحلة من وسط الحلبة إلى أطراف القرية حيث مضاربهم والحمى تلهب جسده.

    مع بواكير الفجر انطلقت القافلة حيث ينتظرها اختراق سلسلة الجبال في رحلة تمتد لثلاث ليالٍ قبل عبور النهر وبلوغ أطراف الغابة … والأفق يحمل لون ما يترامى من أنباء. الغابة تعمها الفوضى .. والقتل والذبح هما سيدا الموقف فيها الآن … محاولة اخيرة من الشيخ عطرون لاثناء سلمان عن مواصلة الرحلة وشراء بضاعته من عنده.

    انه الوضع الأكثر ملاءمة لسلمان ، لذلك ارتسمت على شفتيه ابتسامة ارتعدت لها فرائص زروق. قبل عام كان الوضع كما هو عليه الآن … واستطاع سلمان اختراق حواجز الخوف والرعب ليتمكن من الحصول على ما ملأ به قافلته من سن الفيل وريش النعام بأسعار قفزت به إلى مرتبة ما كان بالغها بسهولة .

    الآن قرر التنحي وإفساح الطريق لزروق بعد أن استطاع تأسيس قاعدة مالية ستغنيه عن كل تلك المخاطر . على أخيه الأصغر تولي مسئولية العمل منذ الآن . يكفيه عشرة أعوام من الترحال والمقامرة … عليه أن يرتاح ويلتفت إلى مصالحه التي بدأت تتزايد .

    كان سلمان سعيداً وهو يرى زروق إلى جانبه في هذه اللحظات ، وكانت سعادته اكبر لمشقة الرحلة . طاف في خياله ذكرى والده الحاج الحمراوي الذي تسلم منه الراية قبل وفاته …أولاده يستلمونها، عليهم الانتقال إلى عالم آخر لا علاقة له بكل ما جرى. والده كان يمتلك اكثر من خمسمائة رجلٍ يدير بهم شئون مملكته وكم من النساء والفتيات خاضعات لسيطرة امه. كل ذلك تلاشى عندما امتدت الأسلاك الشائكة واحكم اغلاق الطرق المؤدية الى اتجاه الغابة.

    مع عبور النهر واختراق أطراف الغابة سيطرت على زروق موجة من الحرية ورغبة في ولوج عمق الغابة دون مرافقة الآخرين. انه حنين غريب لمملكة كانت تراود أحلامه بعيداً عن عالم مفروض عليه.

    لعلم مجذوب بأن الرحلة ستستغرق اكثر من أسبوع زادت متعته رغم اكفهرار السماء ووجه ربان العبّارة العابس الذي اطلّ من السياج. ومع اقتراب النهار من منتصفه انطلقت صافرة طويلة معلنة الاستعداد لبدأ الرحلة. استغراقه في عالم السفر أضاع عليه فرصة قراءة تلك

    العيون المتحفزة لرؤيته منذ احتلاله حيز من الرصيف، رؤيتهم لبزّته العسكرية وتلك النجوم المتلألئة على كتفه ووجه المليء بنضارة العشرينيات. كما جنّبته الانتباه إلى حملة النفور التي برزت إلى سطح عالمه في اليوم التالي من بداية الرحلة ، أثناء تجواله على سطح العبارة محاولاً التعرف على ملامح المنطقة في الاتجاه المعاكس لتيار النهر. الكثيرون على سطح العبارة واقفون على الجزء الغربي تفادياً لأشعة الشمس الساطعة في سفور. فعل مثلهم متجها ببصره إلى الشاطئ.

    هذا الاحتفاء الأخضر يزداد كثافة كلما اخترقت العبّارة جداراً اعمق من جدران الماء والفضاء. عمه كان يقول له من بين ما يقول أنه يعشق الخضرة والماء والوجه الحسن ، وهاهو متوغل داخل خضرة لا متناهية . التفاتة منه أدرك بعدها انه محط اهتمام لا بد من الانتباه إليه ، وهو ما أكده سؤال مفاجئ من رجل خط الشيب رأسه . نظر إليه من أسفل إلى أعلى وفي نظراته ترقب وابتسامة لم تكتمل مثيرة للقلق وتدعو للتساؤل:-

    -هل ستنشب الحرب من جديد؟!

    والموجات المتولدة من حركة العبّارة كأنما تلقي عليه بذات التساؤل مما زاد من حالة التوتر داخله، أنقذه منها الإعلان عن موعد الإفطار. استغراقه في طقس السفر وامتداد الحلم وتلك الدموع الخارجة قسراً والمتجمدة عند ذاك الحد في عيني والده سلبت منه الإثارة المتوفرة داخل القاعة يوم أمس. وهو جالس في ركن متميز عكس اتجاه التيار متربص بمدخل القاعة منتظراً، دون معنىً، وجهاً مألوفاً أو أحد ضباط الجيش يزيل عنه ما يتصاعد أعلى صدره من غازات ساخنة.

    قال آخر اصغر سناً يرافق ذا الشعر الذي خطه الشيب وفي نبرته ذات رائحة الابتسامة:-

    -تبدو وديعاً وأنت لا ترتدي بزتك العسكرية.

    انتابت روح مجذوب ثورة لؤم فوجد نفسه يرد في حدة:-
    -وأيهما ترغب فيه وداعتي أم بزتي العسكرية ؟!

    ضحك ذو الشعر الذي خطه الشيب هذه المرة وهو يقول:-

    -البزة العسكرية تدخل في نفوسنا توجس من شر قادم نلمح نذره في الأفق ، ونحن عانينا من الحرب ما فيه الكفاية. ووداعتك تذكرنا بتاريخ … لم يكمل حديثه مكتفياً بهز رأسه.

    مجرى النهر يزداد ضيقاً والخضرة متكاثفة ومساحات الود في اتساع كلما توغلت العبارة عميقاً حتى ذا الشعر الذي خطه الشيب ورفيقه اتسعت رقعة الابتسام على وجهيهما مما خفف من سخريتها رغم إنّ ملامح طعمها لم تختف. وعلى ظهر العبارة بعض من التجار وموظفون حكوميون وسياح من دول أوربا.وعادت متعة الرحلة طاغية على تكاثف حالات التوجس والتردد الذين لازما مجذوب منذ بداية الرحلة ، ليطل عمه زروق برأسه من بين براثن الغموض والسحر.

    علم مجذوب فيما بعد أنّ ذا الشعر الذي خطه الشيب يدعى الأب سريليو ، أحد اشهر رجال الدين عكس اتجاه النهر لذلك دعاه في أول سانحة لتناول وجبة العشاء معه برفقة صاحبه. وما أن جمعتهما المائدة التي ضمت آخرين حتى صبّ الأب سريليو لنفسه كأساً من الويسكي اندهش له مجذوب متسائلاً:-

    -كيف يستقيم أيها الأب تعاطيك الخمر مع وضعك الديني؟!

    -يا أبني إن أئمتكم يشربون الدماء … وكثيرون منهم يمزجونها بالويسكي، أم انك لا تقرأ التاريخ ولا تعيش الواقع.

    كان أبوه يقول عن زروق انه عربيد أو زنديق ، لا يذكر ، ولا يؤمن بالله كثيراً ما كانا يشتجران. لكنه رآه مرّة يدس مصحفاً صغيراً بين أمتعته بعد أن قبله مرتين، هذا غير الاحجبة التي تحيط بزنده والتي يلوح بها كلما وقفت الأسرة في طريق سفره. لا يزال مجذوب يذكر كيف يتمسكون به لأطول فترة ممكنة متشبثون بتوسلات جدته لكي لا ينسل هارباً، ثم لا يلبث أن يحزم أمتعته لتفرد غيمة حزن أجنحتها على البيت لأيام بعدها تعود الأمور إلى طبيعتها وتسير في رتابة يكسرون حدتها بتتبع أنباء الحرب من جهاز الراديو أو الصحف وبعض القادمين.

    الشمس اكتسبت غلالة باهتة اثر تتابع غيم شفيف وعينا الأب سريليو اكتسبتا لوناً وردياً بفعل سريان الويسكي وطعم آخر بدأ في التسرب من داخله …

    -هل ستتزوج إحدى بناتنا ؟

    قال مجذوب مازحا:-

    -وهل لديك مانع إذا ما حدث شيء كهذا ؟

    -أتعلم أنّ معظم من يستقر به المقام إلى حين هناك يتزوج من بناتنا ؟ .. لا هو ليس زواجاً كما عندكم وهذا ما يزعج الجميع.

    -وما المزعج في الأمر أيها الأب؟

    -المزعج أنّ هنالك نسل مشوه الدواخل يتنازع داخله تحديد الانتماء. كان هذا جلياً إبان فترة الحرب وهاهي نذرها تلوح مرة أخرى في الأفق.

    -ولكنها ليست مشكلة هذا النسل فقط ، إنها مشكلتنا نحن أيضا … نحن متنازعون بين الغابة والصحراء ، لا الصحراء تعترف بنا ولا الغابة تقبلنا كجزء منها. فقراء كما السافنّا الفقيرة. هم احسن حالاً … اكثر من نصف دمائهم تنتمي للغابة ويقف النيل شاهداً على ذلك رغم محاولات التشويه.

    لم يزعج مجذوب كل هذا بقدر ما أزعجه إصرار الأب سريليو على نذر الحرب التي تلوح في الأفق … لم تسعفه شجاعته وغروره على سؤاله عن تلك الحرب التي تلوح وقد انقضت سنوات على توقفها. اشتم رائحة عمه في كل ذلك وتساءل داخله إن كان هو المسئول عن كل ما يقال. ودّ لحظتها لو يسأل الأب سريليو عنه لكنه فضّل الوصول الى موقعه ليبدأ رحلة الاستكشاف. وسطعت الشمس دون أن ينتبهوا إليها بعد انزياح الغلالة ، ولم يتبق سوي صوت أنين الماء المحتج على قهر العبّارة وصوت مغنيٍ تحمله الريح ممزوج بهدير الماكينات.

                  

العنوان الكاتب Date
رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:00 PM
  Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:09 PM
    Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر رومانسي06-09-02, 07:23 PM
      Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:30 PM
    Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر banadieha06-09-02, 07:26 PM
      Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:35 PM
        Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:37 PM
          Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:38 PM
            Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:42 PM
              Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 07:44 PM
                Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر khider06-09-02, 08:15 PM
                  Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر bunbun06-09-02, 08:28 PM
                Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر هوارى06-09-02, 08:21 PM
                  Re: رواية ....... فقاعات زمن التصحر Elkhawad06-09-02, 10:14 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de