الأستاذ محمد ابراهيم نقد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-22-2024, 12:23 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة متولى عبدالله ادريس(elsharief)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-26-2007, 05:12 AM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد (Re: elsharief)







    نقد.. حكاوى المخابيء وأحاديث العلن.. (1)

    نميري كان صديقي.. وهو مهذب وودود

    حوار/ضياء الدين بلال

    الراي العام - الاحد ا ابريل 2007

    الوقت يمضي والسؤال ينتج مجموعة من الاسئلة،سجارة البينسون تشتعل بين اصابع الاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، والاكتفاء بنصف ملعقة من السكر على الشاي، عندما تتقدم الاسئلة اكثر مما يجب، وتصبح الاجابة ملزمة والهروب معيباً، وصوت جرس الهاتف الثابت في مرات كثيرة يقطع الحوار الذي استمر لايام متباعدة ومتصلة على امتداد أشهر، فللرجل طريقته الخاصة في السرد والحكي، وجرابه ملئ بالاحداث والقصص والاسرار.. مواضيع كثيرة لم يتحدث عنها من قبل، رأينا الدخول عليه من مختلف الابواب بحثاً عن مادة توثيقية تجتمع عليها الفائدة بالمتعة، لم يخيب الرجل المسعى، جاد بما ضن به من قبل، ''الضحك'' عند الاستاذ نقد محطات انتقال من موقف لآخر وباقة اعتذار عند ارتفاع درجة حرارة الكلام. و''السخرية'' تأتي لتعميق الفكرة بابراز المفارقة، رحلة الحوار مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد تبدأ من مدينة القطينة متنقلة من العام الى الخاص، تجارب مضت وذكريات ساخنة وشخصيات ومواقف جديرة بالتوقف..!

    × قلت له : استاذ محمد..كيف تنظر الى الماضي.. بغضب ام بسرور؟

    = في هذه العمر أنظرللماضي بحنين، لا لايام الطفولة والشباب التي عشتها،ولكن لان الزمن السوداني في ذلك الوقت كان به تميز وبراح لا اجده الآن.

    × اذاً ..كيف كانت الطفولة ؟

    = طفولة عادية.. (الشيطنة وعدم المسؤولية).. وقتها - انت كطفل- تحت الرعاية الكاملة لاهلك، وأغلب اخطائك تقابل بالغفران والبقية منها تجد الزجر، والانجازات الصغيرة تجد احتفاءً كبيراً.

    × كأنك كنت طفلاً ''مشاغبا''؟

    = كنت مشاغباً..( لكن ما ممكن تسميني الولد الشباك) الذي يأتي كل يوم لاسرته بمشكلة او يجر معه الى المنزل مصيبة..مع هذا كنت كثيراً أجد نفسي في حالات زجر،نعم .. فقد كنت كثير اللعب قليل المذاكرة..أغيب من المنزل لساعات طويلة،وان كنت مواظباً على الانتظام في المدرسة.

    × تكوين الاسرة ووضعك من حيث الترتيب؟

    = كنت كأقراني بالقطينة في ذلك الوقت اعيش في اسرة ممتدة،ليس هنالك مؤدب واحد.. انت تحت رعاية الجميع تتابعك عيونهم وتصلك ايديهم بالثواب والعقاب، والدي كان واحداً من سبعة أخوان كلهم رجال،في اسرتنا الصغيرة كنا ثلاثة ابناء وست بنات، لكني كنت دائماً بعيداً عنهم، الوسطى قضيتها مع عمي بحلفا و الثانوي بحنتوب ، قضيت سنتين بجامعة الخرطوم الى ان تم فصلي من الجامعة، فذهبت الى شرق اوربا لاقضي ست سنوات هنالك، ظللت مختفياً لسنوات طويلة في عهد عبود وسنوات مايو والانقاذ.. هل تصدق أطول فترة قضيتها مع الاسرة هى في هذا المنزل بعد خروجي من الاختفاء الاخير.

    × ما تأثير غيابك -أغلب العمر - عن الاجواء الاسرية وعلى شخصيتك ومزاجك؟

    = هل تظن ان ذلك خلق جفوة بيني والاجواء الاسرية؟..لا بالعكس لي حنين دائم لهذه الاجواء،كنت اغيب هذه السنوات وأخرج من الاختفاء، فأجد للاسرة أطفالاً لم احضر ولاداتهم،وأطفالاً لم اواكب دخولهم مرحلة الشباب، وشباب اتفاجأ بأنهم أصبحوا رجالاً وبنات اصبحن نساء، التعامل مع كل هؤلاء تصحبه كثير من المفاجآت والمفارقات المضحك منها والمحرج.

    × ''السياسة''.. اخذت منك الكثير.. أليس كذلك؟

    =طبعاً... اخذت كل الوقت.

    × كأن بك ندماً على ذلك؟

    = ابداً..ابداً

    لا اظن انني كنت سأستمتع بمهنة أخرى غير السياسة ،بكل ما فيها من شقاء ومعاناة وعذابات.

    ×رغم ذلك هي ممتعة بالنسبة لك؟

    = جداً.

    × ما هو الممتع فيها؟

    = التحدي..التحدي.

    × من تجربتك.. التكوين الشخصي والاسري للفرد، ما مدى تأثيرهما على خياراته السياسية؟

    = شوف ''الخيار'' فعل ،والفعل في حاجة الى شحنة،والشحنة والفعل لابد لهما من هدف يقصدانه، لحظة الاختيار تحتاج لشجاعة، هنالك من ابناء جيلنا عدد كبير جداً منتمي للسودان وللحركة الوطنية وللحركة الطلابية أو النقابية، لكنهم لم يكونوا يرغبون في التفرغ السياسي.

    × هنالك من يرى في التفرغ السياسي ضرراً بالمتفرغ كشخص، وبالسياسة كممارسة؟

    = اذا لم يكن هنالك تفرغ لن تكون هنالك احزاب.. من الاستحالة ان تدير الاحزاب عملها دون متفرغين.

    × نترك موضوع التفرغ الآن.. ماذا اذا عدنا الى القطينة، ومحمد ولد ابراهيم نقد في ذلك الزمان يتأمل فى الامكنة والناس.

    = طيب.. القطينة فى ذلك الوقت كانت واحدة من البنادر التي تشكلت منذ التركية كمركز تجاري واداري عندما كان النيل الابيض مديرية والمديرية في الدويم، اوائل مدارس البنين والبنات انشئت في القطينة في نفس مستوى رفاعة وحلفا والابيض، عدد المتعلمين فيها كان كبيراً جداً مقارنة بالمناطق الاخرى،ولكن في النهاية هي بلد تجار ومزارعين، الموظفون والمعلمون هم ابناء التجار والمزارعين.تجار القطينة كانوا منتشرين على امتداد السودان (اللواري) تذهب الى الغرب والجنوب، كنا ونحن صغاراً كنا نسمع من رواة التجار عن اماكن لم نرها وعن اشخاص لم نلتق بهم.

    × كان من الممكن ان تصبح محمد افندي.. موظفاً حكومياً أو معلماً في واحدة من تلك المدارس، أو تاجراً بنيالا؟

    (ضحك ثم قام بتقليب أوراق كانت على التربيزة)

    = قال: لكنني اخترت السياسة.

    × من من اصدقاء الطفولة في الذاكرة؟

    = جزء من طفولتى كانت مع جدي وجدتي حيث كانت لهما زراعة غرب النيل الابيض،كان ذلك قبل ان يغمر خزان جبل اولياء الاراضي هنالك، فمع انحسار النيل تصبح آلاف الافدنة قابلة للزراعة حيث يزرع ما يعرف بعيش الصفراء، ذهبت مع عمي محمد علي نقد الى حلفا لاقضي جزءاً من طفولتي هنالك درست الاولية والوسطى بحلفا.

    × أأنت من اسرة انصارية ام اتحادية؟

    = اسرتي اسرة انصارية..(نحنا دناقلة من حفير مشو هاجرت الاسرة من هنالك الى القطينة، لا يزال لنا أهل هنالك).

    × ألم تقترب من الانصار قليلاً؟

    = لم اكن انصارياً اوحزب أمة، بالعكس في الوسطى والثانوي كنت اميل للاحزاب الاتحادية ولمؤتمر الخريجين لموقفهما الرافض للجمعية التشريعية وللمجلس الاستشاري، فقد كان موقفها المناهض للانجليز موقفاً واضحاً.

    × ............؟

    = كنت في المدرسة ضعيفاً في مادة الرياضيات، الامر الذي دفعنى للاهتمام بالمواد الادبية،كما أنني كنت مصاباً ''بالازمة الصدرية''.. لذا لم يكن لي نشاط رياضي،وكنت اعوض ذلك بالميل لانشطة الجمعية الادبية، وكنت ميالاً أكثر للمسرح وفي حلفا الوسطى كنت مسؤولاً عن جمعية التمثيل والمسرح،وشاركت في كثير من المسرحيات، مثل مسرحيات خالد ابو الروس وشكسبير وجرجي زيدان، وكان جمهور كبير من حلفا يأتي لمشاهدة تلك الاعمال المسرحية.

    × هل كنت ممثلاً بارعاً؟

    = لم اكن بارعاً الى ذلك الحد، ولكنني في مرة قمت بدور قيس في مسرحية (مجنون ليلى)، وقمت بدور جورج في تاجر البندقية، وكنت كثيراً ما ألقي شعر الحاردلو كان ذلك يسعد صديقي أبو سليم، وكنت في اكثر من مرة امين المكتبة بحلفا الوسطى.

    × بمناسبة قيس بن الملوح.. هل انت رومانسي ام واقعي؟

    = في نشأتي كنت رومانسياً بحكم قراءتي.. في حلفا الوسطى انا والمرحوم ابو سليم قرأنا كل الكتب التي كانت بمكتبة المدرسة.

    × .........؟

    = فى حلفا الوسطى اول مرة اشارك في مظاهرة ضد الاستعمار كان ذلك عام 1946 دعماً لتوجهات مؤتمر الخريجين ودعماً لوفد السودان ، كانت الوفود السودانية تأتي عبر حلفا في طريقها لمصر.

    × هل كنت تشارك كثيراً في المظاهرات؟

    = اول مظاهرة كانت بحلفا، ومنذ ذلك الوقت شاركت في اغلب مظاهرات الخرطوم وقدمت للمحاكمة ثلاث مرات.

    × ........؟

    = استفدت جداً من التعرف على مجتمع حلفا فهو مجتمع غني بالمعارف، وحلفا كمدينة على النيل كانت جميلة جداً، منظمة ومخططة، تعرفت على سكانها الاصليين من دبروسة الى حلفا دغيم، مدرسة حلفا الوسطى كان بها كل ابناء الشمال.

    × في حلفا لم تحدث لك ملامسة مع الفكر الاشتراكي؟

    = كنا نطالع بعض الصحف اليسارية القادمة من مصر،ونسمع عن اعتقال الطلاب الشيوعيين هنالك، ولكن لم يترك ذلك فينا أثراً مباشراً، كانت اهتماماتنا في اتجاه مؤتمر الخريجين، بحلفا كان معي بالمدرسة الراحل ابو سليم والبروفيسور حسين السيد عثمان استاذ بكلية الزراعة ومحمد صالح ابراهيم والمرحوم صالح عباس فقيرى وعبد الواحد عثمان محجوب كنا اربعين طالباً بالفصل، وكنت وحدي من وسط السودان.

    × .....؟

    = مما أسهم في تشكيل شخصيتي بحلفا الوسطى، الاسلوب التربوي الذى كان يتبعه الناظر شيخ الخليفة الطيب وضابط المدرسة المرحوم محمد توفيق والاستاذ عبد العزيز حسن علي والاستاذ علي صالح داؤود والمرحوم المعلم عبد الرحيم الامين وهو كان حزب امة وعمل بالصحف الاستقلالية وقد اسهم في تحفيظنا كل القصائد الوطنية (اناشيد المؤتمر واناشيد التني وعلي نور)، كما ان عمي محمد علي نقد الذي كنت اقيم معه في المنزل كان في لجنة مؤتمر الخريجين بحلفا،وكانت الاجتماعات تتم بمنزله، كان ذلك اول دخول لي لاجواء العمل السياسي.

    × كيف كان دخول حنتوب الثانوية؟

    = كانت مفاجأة غير متوقعة... فقد امتحنت من الوسطى للثانوي من حلفا وتوقعت ان يتم توزيعي الى مدرسة وادي سيدنا، وعندما اطلعت على جدول المقبولين بوادي سيدنا لم اجد اسمي، فاعتقدت انني لم اقبل لدراسة الثانوي، وكنت حزيناً جداً لذلك،وبعد خمسة عشر يوماً من ظهور النتائج التقيت في الخرطوم بعدد من ابناء دفعتي الذين أخبروني بأنني الوحيد من حلفا الوسطى الذي تم قبوله بحنتوب،اتصلت بمصلحة المعارف وقلت لهم (انا قدمت وادي سيدنا وتم توزيعي بحنتوب)..قالوا لي هذا الامر يعالج من حنتوب.. اذاً كان علي الذهاب الى هنالك و محاولة الانتقال الى وادي سيدنا للالتحاق بزملائي الذين كانوا معي بمدرسة حلفا الوسطى، فقد كان ابناء النيل الابيض يتم توزيعهم بمدرسة حنتوب، وقد كانت المعلومة المودعة بمدرسة حلفا انني من القطينة، لم اكن سعيداً بالدراسة بحنتوب ومن أول يوم ذهبت الى نائب الناظر المرحوم احمد محمد صالح قلت له: (انني ارغب فى الانتقال لوادي سيدنا) رد علي بالقول: ( ذلك امر غير مسموح به الا اذا كان هنالك طالب بوادي سيدنا من نفس دفعتك له الرغبة في الانتقال لحنتوب).. لا أزال اذكر تلك الايام ،السنة الاولى بحنتوب كانت مملة بالنسبة لي ولكن في السنة الثانية اصبحت ابدو منسجماً مع الاجواء هنالك.

    × صداقاتك الاولى بحنتوب؟

    = جعفر نميري والخير ساتي و المرحوم برير الانصاري، عمر كرار وطه صالح.

    × نميري كان صديقاً شخصياً بالنسبة لك؟

    = قالها بحماس: جداً..!

    نميري كان صديق كل المدرسة، فقد كان يتمتع بشخصية محبوبة (تصدق.. نميري ما حصل شاكل زول في المدرسة، كان في غاية التهذيب والوداعة كان محبوباً جداً).

    × هذا غريب... الصورة المنقولة عنه أنه كان شرساً ومشاكساً؟

    = هذا غير صحيح.. (نحنا كنا في داخلية واحدة، كان ودوداًومهذباً بالعكس كان دائماً مبتسماً وضاحكاً، كان الرياضي الاول في المدرسة).

    × هل صحيح كان متأخراً أكاديمياً ؟

    = (موش بالدرجة البقولوها، الراجل عندو قدرات، قلت لك انو كان الرياضي الاول في المدرسة بلا منازع).

    × سنعود لنميري مرة اخرى.. حدثنا عن بداية اهتمامك بالعمل السياسي بحنتوب؟

    = في سنتي الثانية كان اضراب الجمعية التشريعية، شاركنا فى المظاهرات،في ذلك الوقت كانت لنا لقاءات بالطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون بمصر عندما يعودون للسودان لقضاء الاجازات، كانت افاقنا تتسع باحاديثهم عن الاقطاع في مصر وعن الاستعمار البريطاني، هؤلاء هم الذين انتقلوا بنا من الاهتمام بالشؤون المحلية الى الاهتمام بما هو عالمي.

    × ما الذى جعلك تتجه يساراً،الاهتمامات أم الاصدقاء؟

    = كان بشكل او آخر سأصبح يسارياً، كنا مندفعين لنضال أكبر من الذى كان مطروحاً في الساحة، لذا كان بالنسبة لي من الطبيعي في ذلك الاندفاع ان التقي بالافكار اليسارية في نقطة ما، كنا نطالع في ذلك الوقت الادب الماركسي من كتب بعض طلاب ودمدني الذين كانوا يدرسون بمصر، ابناء الابيض بحنتوب كانوا أكثر تقدماً في الوعي السياسي، كنا نطالع صحف اليسار المصري ونحتفي بالشعر اليساري.

    × ........؟

    = في حركة الطلبة بحنتوب من المؤكد ان الشخصية القيادية الاولى كانت محمد عبد الرحمن شيبون لم ينصبه احد، لكنه كان هو القائد الطبيعي، كنا نذهب اليه لحل المشاكل التي تواجهنا، كان معه اسماعيل حسن أبو من ابناء الابيض، وعبد الوهاب سليمان (شقيق أحمد سليمان) وكان يلقب بتلاجة.

    × حدثنا قليلاً عن شيبون؟

    (كان عليه ان يوقد سجارة وهو يتحدث عن شيبون).

    = قال:شيبون رجل ذكي جداً وشاعر مجيد.. لكن كانت تنتابه حالات، فيظل بالداخلية لا يذهب الى فصل الدراسة.

    × هل كان يعاني من الاكتئأب؟

    = لم أكن اعرف تفسيرها،كنا نستحثه على الذهاب للفصل لانه كان يمكن ان يفصل من المدرسة، كان يجد تعاطفاً من الاستاذ عبد الحليم علي طه، شيبون كان في مرات يخرج فجأة اثناء الحصة.

    × هنالك من يقول انه من ضحايا الحزب الشيوعي؟

    = باستياء واضح=

    = قال: هذا غير صحيح..لم يكن اطلاقاً هنالك عداء بينه والحزب، دخلنا سوياً كلية الآداب جامعة الخرطوم وتم فصلنا معاً.

    × ماذا مثل انتحاره بالنسبة لك؟

    (بدأت نبرات صوته تتغير)

    = قال : مثلت لي صدمة وغضب (ليه ينتحر؟..قبل ما يذهب لرفاعة التقيت به في الخرطوم، وجلست معه لفترة طويلة وذهبنا بعد ذلك للسينما,طلبت منه ان يظل بالعاصمة عشان يكتب، ففي فترة اشتغل في الجرائد، وهو صاحب قلم متميز).

    × استاذ محمد .. هل الانتحار ظاهرة في الحزب الشيوعي؟

    = كل الاحزاب بها انتحارات لكن (حقتنا بتجد ضوء زيادة).. انتحار شيبون لا علاقة له بالحزب الشيوعي (انصحك تقابل العميد فاروق هلال كل اوراق القضية عندو).

    × هل هنالك ضغط نفسي فى الانتماء للحزب؟

    = لا افتكر ذلك (شيبون لم يكن له نشاط في الحزب يمكن ان يمثل ضغطاً نفسياً عليه).

    × هل التركيبة النفسية لكادر الحزب تقترب به من خيار الانتحار و....؟

    (كان كأنه يسخر من السؤال..وغير راغب في المضي أكثر).

    = قال: (في حالة زي دي ممكن تمشي تسأل طبيب نفساني، انتحار شيبون ما خارج من نمط حياتو).

    × قلت: ليس شيبون وحده هنالك عبد المجيد شكاك وعبد الرحيم ابو ذكرى و..؟

    = قال: هذه ليست ظاهرة ، كل حالة لها سياقها الظرفي المحدد.

    × قد يكون تبني الفكرة في واقع مناقض يمثل ضغطاً نفسياً على الكادر؟

    (أطلقها ضحكة لاذعة).

    = ثم قالانت قايل الافكار دي بكبوها للعضو بي صبابة زيت؟ كلنا دخلنا للحزب بباب السياسة موش لاننا قرينا راس المال، دا كلو بجي في ما بعد).!


    --------------------------------------------------------------------------------

    الراي العام الاربعاء 4 أبريل2007م

    مع محمد ابراهيم نقد... حكاوي المخابئ وأحاديث العلن (2)

    عبد الخالق كان قاسياً مع هؤلاء(.....)..!

    حوار/ضياء الدين بلال

    الوقت يمضي والسؤال ينتج مجموعة من الاسئلة، سيجارة البينسون تشتعل بين اصابع الاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، والاكتفاء بنصف ملعقة من السكر على الشاي، عندما تتقدم الاسئلة اكثر مما يجب، وتصبح الاجابة ملزمة والهروب معيباً، وصوت جرس الهاتف الثابت في مرات كثيرة يقطع الحوار الذي استمر لايام متباعدة ومتصلة على امتداد أشهر، فللرجل طريقته الخاصة في السرد والحكي، وجرابه ملئ بالاحداث والقصص والاسرار.. مواضيع كثيرة لم يتحدث عنها من قبل، رأينا الدخول عليه من مختلف الابواب بحثاً عن مادة توثيقية تجتمع عليها الفائدة بالمتعة، لم يخيب الرجل المسعى، جاد بما ضن به من قبل، ''الضحك'' عند الاستاذ نقد محطات انتقال من موقف لآخر وباقة اعتذار عند ارتفاع درجة حرارة الكلام. و''السخرية'' تأتي لتعميق الفكرة بابراز المفارقة، رحلة الحوار مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد تبدأ من مدينة القطينة متنقلة من العام الى الخاص، تجارب مضت وذكريات ساخنة وشخصيات ومواقف جديرة بالتوقف..!

    × أحد المفكرين السياسيين وصف في يوم ما يحدث بالسودان بأنه (شكلة اولاد دفعة) بل اولاد عنبر واحد وهو عنبر ''أبي عنجة'' بداخلية حنتوب؟

    (بنصف ابتسامة)

    = قال: هذا صحيح..هذا العنبر - لقدرما - لعب دوراً كبيراً في تاريخ السودان.

    × ما هى حكاية هذا ''العنبر''؟

    = قصة غريبة.. (الداخلية دى الطلاب الكانوا فيها رؤساء كلهم أصبحوا وزراء ورجال دولة).

    × أهي الصدفة؟

    =لا.. بل لانهم كانوا مؤهلين في مجالاتهم وكان ظرفهم وزمانهم يسمح بذلك. هذا العنبر كان به جعفر نميري والترابي والجزولي دفع الله وأنا، والنور علي سليمان وهارون العوض، العنبر كان عادياً جداً مثله وبقية العنابر، كانت العلاقة بيننا ودودة، والسلوك كان به قدر كبير من الانضباط، لم تكتب تقارير سيئة عن طالب بالعنبر، المستويات الاكاديمية كانت مستويات جيدة، الصراع السياسي بحدته جاء في ما بعد، بعد ان اختار كل طالب مساره السياسي، وبدأت الحياة تشكل المواقف السياسية لكل فرد تقارب بينهم وتباعد.

    × ألم تكن هنالك تجارب ورواسب شخصية بينكم اثرت على طبيعة العلاقة في ما بعد؟

    = لا اعتقد ذلك.. العلاقة بيننا كانت مستقرة وعادية والاختلافات السياسية لم تكن حادة كما اصبحت في ما بعد، لم تكن هنالك تلك الرواسب والتجارب التي تشير اليها، بعد 1950 بدأت التصنيفات السياسية تصبح اكثر وضوحاً.

    × هل كان بينكم تنافس من اي نوع؟

    = التنافس عادة ما يكون في علاقات الانداد، ولكنه في تجربتنا بعنبر أبي عنجة لم يكن التنافس بيننا تنافساً عدائياً حتى تكون له رواسب سيئة تنتقل معنا الى اعمار متقدمة .

    × ألم تتعرض لاستقطاب من قبل الاخوان المسلمين؟

    = كانت بيننا مناقشات، كانت عادة ما تتم بينى وبابكر كرار وميرغني النصري وهما اللذان قاما بتأسيس حركة الاخوان المسلمين بحنتوب (أذكر جيداً في 1948 -1949) وبينما نحن بسفرة الطعام فى وجبة الافطار قام بابكر كرار وبصورة مفاجئة ودعا بصوت مرتفع الحضور لاجتماع بإحدى القاعات بالمدرسة، وبدأ يتحدث عن الحركات الاسلامية والاسلام الجديد، حسن البنا في مصر وآية الله كاشاني في ايران وحزب ماشومي في اندونيسيا، ودعانا جميعاً للانخراط في الحركة الاسلامية.

    × كيف كانت استجابتك وقتها.. هل كنت مُسيساً تماماً؟

    ك= كنت أميل يساراً ولا اجد نفسي في اليمين.. وكنت احترم ''بابكر'' جداً الى وفاته كانت بيننا علاقة جيدة، أكرر لك مرة اخرى الصراع لم يكن حاداً في ذلك الوقت، المناقشات والعلاقات الاجتماعية كانت تمتص كل التوترات.

    × أنتم فى حنتوب وخور طقت، هل كان لكم احساس بأن الانجليز يعدونكم لحكم السودان؟

    = الاحساس الذي كان سائداً هو أن من واجب جيلنا ادارة البلد بعد الانجليز كل في مجاله، أذكر في السنة الثانية لي بحنتوب واثناء وجبة غداء جاء مستر براون مدير المدرسة وقال إنه قد تم فتح باب القبول للكلية الحربية، وعلى من له الرغبة، الذهاب الى جنوب السفرة، خرج عدد كبير من الطلاب وكنت منهم.. نظر لي مستر براون جيداً، ثم قال وهو يمزج الجد بالممازحة: (يا نقد ارجع مكانك الكلية الحربية ما فيها مظاهرات)..!

    × هل فهمت من ذلك استبعاداً سياسياً؟

    = لم يكن يخلو من رائحة السياسة.. تم اختيار نميري وصلاح عبد السلام وعبد الله محمد آدم وآخرين كنت اتمنى ان أكون بينهم.

    × هل لك حب للعسكرية؟

    = والله ما عارف.. (لكن لمن مشينا لي قدام دفعتنا الدخلو الكلية الحربية كلهم كانوا ناس مميزين عبد البديع علي كرار أُعدم في انقلاب علي حامد والطيار الصادق محمد الحسن من جهات المناقل اعدم هو كذلك.. وكان هنالك اسماعيل مراد العوض سقط بطائرته في النيل الازرق اثناء استعراض جوي في واحدة من المناسبات الوطنية وهو من اوائل الطيارين السودانيين.. كنا نتابع أخبارهم يوماً بيوم ونستمتع بسرد تفاصيل حياتهم العسكرية، كنا مهتمين جدا بهم نزورهم، في الاجازات ويزورونا، العلاقة كانت مفتوحة نحن عارفنهم بعملوا في شنو وهم عارفننا بنعمل شنو).

    × هل كان في تصورك ان الكلية الحربية يمكن ان تنتج ثواراً سياسيين؟

    = لم نربطها ببعد سياسي مباشر، ولكن ربطناها بسيطرة الجيش الوطني.

    × ماذا لو لم يستبعدك مستر براون، كيف كان سيكون مصير الضابط محمد ابراهيم نقد؟

    = (يمكن ان تتصور ذلك، اذا علمت ان دفعتي كلهم رفدوهم او اعدموهم من اول انقلابات).

    × اذاً كنت ستكون انقلابياً؟

    = ضحك من أعماقه =

    = ثم قال: طبعاً.

    × الصداقات بينكم والعسكريين.. هل قربت لكم خيارات الانقلاب؟

    = نعم.. كل الذين اشتركوا في الانقلابات كانوا دفعتنا.. (اقول ليك حاجة.. قبل انقلاب شنان ومحيى الدين بيوم وانا كنت ماشي في شارع المحطة واحد من الضباط كان معنا بحنتوب كان راكب عربية جيش صغيرة ناداني وقال لي الليلة بعدين تنتظرنا في الحتة الفلانية يمكن نحتاج ليك، ما سألتو بتحتاجوا لي في شنو؟ مشيت واستنيت في الزمان والمكان المحددين ولم يحضر احد وفي الصباح وانا بجوار الكشك بتاع كلزيوم كلمني واحد بالانقلاب وقال لي ناس شنان استلموا البلد، وقبل انقلاب علي حامد بمدة وجيزة قابلت عبد البديع علي كرار وقال لي بكل تفاؤل الجماعة ديل حيطيروا قريب جدا.. قلت لك العلاقة كانت مفتوحة جدا نحنا عارفين هم بعملوا في شنو وهم عارفننا كذلك).

    × هنالك رأي بأن ازمة السياسة السودانية.. هي اقتراب السياسيين من العسكر أو العكس، والدخول في صفقات مشتركة؟

    = (اديني بلد في العالم الثالث والوطن العربي تكون فيه المؤسسة العسكرية غير مسيسة، القداسة الفيها شنو البتخليها ما تتسيس؟).

    (.........)

    × ننتقل الى مرحلة جديدة.. وأنت تدخل جامعة الخرطوم؟

    = كان ذلك في العام 1951 حيث قبلت بكلية الآداب.. الجامعة كانت هادئة تماماً النشاط السياسي لم يكن بالكثافة التي عليها الوضع الآن، كانت الاهتمامات تتوزع بين قاعات الدرس والمكتبة ودار الاتحاد.. رغم انشغالي بالعمل السياسي بعض الشئ الا انني كنت اعطي وقتاً مقدراً للمكتبة، عدد الطالبات كان محدوداً جداً، كانت هنالك ندوات سياسية في المناسبات المختلفة....

    × ....؟

    = اول ندوة شاركت فيها بالجامعة كانت بعد اضراب الفنانين الشهير تحدثت فيها عن تاريخ الاغنية السودانية، حضرها عدد كبير من الفنانين فى تلك الايام وكان سيد خليفة قد عاد من مصر وقتها وكان من ضمن الحضور.. هل تصدق لقد افتقدت المسرح في الجامعة حيث لم تكن هنالك جمعية خاصة بالفنون المسرحية.. وفي الفترة بين الثانوي والجامعة من (ديسمبر الى يوليو) تم قبولي برابطة الطلبة الشيوعيين، في السنة الاولى في الجامعة قررت الرابطة تصعيدي للحزب (اذكر في واحد من تلك الايام بعد الثالثة ظهراً جاءني احد الزملاء وقال لي ان هنالك من ينتظرك بالخارج، خرجت معه فوجدت المرحوم ابراهيم زكريا وكان سكرتير التنظيم بالحزب والمرحوم عباس عبد المجيد وكان معلماً وسكرتير الحزب بالعاصمة، لم يأخذوا معي وقتاً طويلاً، حددا لي موعد اجتماع في الرابعة عصراً بالسجانة ذهبت للاجتماع، كانت المناقشات تدور حول وثائق المؤتمر الثاني الذى كان قد عقد.. وقتها كان الخلاف مع مجموعة عوض عبد الرازق كنا على علم بتفاصيله، ولكن في ذلك الاجتماع كان لابد ان تدلي برأيك، هنالك تعرفت على المناضل عبده دهب فهو متحدث مجيد، وارتبطت بالسجانة واصبحت اميل للعمل في السجانة اكثر من ميلي للعمل في الجامعة.. السجانة كانت نشطة جدا بحركة العمال والطلاب والحرفيين.

    (ضحك وصمت لفترة كأنه يستدعي عبق تلك الايام)

    (.....)

    = ثم واصل: (عارف يا ضياء .. السجانة دي كانت اسهل حتة ممكن تطلع منها مظاهرة، المهم انني انجرفت أكثر فى النشاط السياسي في السجانة، في مرة وانا بالجامعة جاءني بوليس سري وكان يرتدي جلباباً وقال لي بصوت منخفض: سعادتو بابكر الديب داير يقابلك في مكتبه ضروري، فذهبت اليه، قال لي: (انت دفعت توفيق ولدي في حلفا وانا بعرف عمك محمد علي نقد انا داير احذرك.. اي نشاط ليك في الجامعة نحنا ما عندنا مشكلة معاك فيهو.. لكن ان تقوم بنقل نشاطك لداخل المدينة وللسجانة تحديداً دا ما حنسكت عليهو).. لم ارد على حديثه.. وكانت تلك اول ملامسة لي مع الاجهزة الامنية، كانت ملامسة ناعمة وان لم تخل من خشونة التهديد، ومن السجانة اخرجنا عشرات المظاهرات... اذكر جيداً في تلك الفترة تمت الاطاحة بالملك فاروق في مصر من قبل ثوار ثورة يوليو وكان هذا الحدث موضوع نقاش بيننا وجدال لفترة طويلة.

    × متى أول مرة التقيت فيها بعبد الخالق؟

    = كان ذلك في العام 1951 في اجتماع حضره هو والوسيلة، وكنت التقي به في مرات عديدة بصحيفة «الجهاد الاسبوعية».

    × هل كانت لعلاقتكما طابع شخصي؟

    =( لا.. ما كان فيها طابع شخصي).

    × قيل انه كان ديكتاتورياً؟

    = من يقولون ذلك لم يتحدثوا عن ديكتاتوريته الا بعد ان اختلفوا معه أو اختلف هو معهم.. نعم عبد الخالق كان قاسياً مع الاتجاهات الانحرافية داخل الحزب يميناً او يساراً (دي حاجات ما بتنفع فيها الاجاويد، كان لابد من ضربها)..!

    × استاذ نقد نرغب في ان تحدثنا أكثر عن علاقتك بعبد الخالق؟

    = في مرات كثيرة وجدت منه مناقشة هادئة وحازمة ومبدئية ساعدتني في التغلب على بعض المصاعب السياسية والفكرية والانتقال من اللا موقف الى اتخاذ موقف محدد، وهو كان في الاشياء المبدئية لا يتنازل ابداً ويخوض الصراع الى نهايته دون وضع اعتبار كبير للعلاقات الشخصية فأكثر ما يميزه الوضوح في المواقف والمثابرة والمتابعة.

    × كم كان الفارق العمري بينك وعبد الخالق محجوب؟

    = الفارق بيني وعبد الخالق اربع سنوات، لم يكن فارقاً كبيراً كنا جميعاً في العشرينات، لم تكن هنالك علاقات ابوية.

    × من اكبركم سناً وقتها؟

    = الاستاذ حسن سلامة كان في الثلاثينات.

    × مواقف من الجامعة؟

    (مبتسماً)

    = قال: (طلعنا مظاهرات كتيرة جداً، في كل الاحداث الوطنية و...)

    (مقاطعاً)

    × قلت: ألم يسبق لك الخروج في مظاهرت تأييد؟

    (ضحك)

    = كل المظاهرات كانت يسقط .. يسقط (مافي عاش فلان... ما بتذكر طلعت في مظاهرة فيها عاش.. عاش).

    = أكمل ضحكته =

    × ما هي حيثيات فصلك من الجامعة؟

    = كان ذلك ابان موقف الحزب من اتفاقية الحكم الذاتي، وهو كان موقفاً لحد كبير متفقاً مع تحفظات الحزب الاتحادي في الداخل، لكن الاتحاديين غيروا موقفهم، و.....

    (مقاطعة)

    × هذا من المواقف المحسوبة عليكم؟

    = صحيح.. ولكن حيثيات موقفنا لا تقول اننا ضد الاستقلال، الاتفاقية كانت بها عيوب وثغرات تمكن الحاكم العام من الغائها بقرار.

    × هل الرفض أملته الطبيعة الثورية للحزب (كلو وللا بلاش)؟

    ل= لا.. ولكن ذلك لعدم ادراكنا لتوازن القوى الدولي كنا معزولين جداً لم تكن لنا علاقة بالاتحاد السوفيتي، كانت علاقتنا بالحزب الشيوعي الانجليزي وهو حزب ضعيف جداً كانت له لجنة صغيرة تتابع، على انشطة المنظمات الشيوعية في المستعمرات، كنا نتلقى العون من المنظمات الشيوعية المصرية (هم العلمونا فنون العمل السياسي دربوا كوادرنا كيف نطبع بالرونيو وكيف نطبع بدون رونيو، وما هو المنشور وما هو البيان).

    × هل كنتم تتلقون منهم دعماً مادياً؟

    ضحك ساخراً

    = (الناس ديل كانوا تعبانين جدا من ناحية مالية).

    × التمويل كان بجيكم من وين؟

    = من الاشتراكات (فى مرات كنا نأخذ توكيلاً بصرف مواهي بعض كوادر الحزب لاخراج الصحيفة.. ومرات تسدد المبالغ كاملة ومرات لا تسدد).

    × المجتمع وقتها كان مجتمعاً تقليدياً.. وانتم تحملون اطروحة فكرية اذا لم تكن مناهضة للدين، فهي لها موقف سلبي منه؟

    = هذه التحفظات كانت واردة ولكنها لم تكن تمثل العائق الاكبر امامنا.

    × ألم تعانوا من عزلة شعورية؟

    = لم نكن نعاني من عزلة، لأننا كنا في اوساط الحركة الجماهيرية نحيا بنبضه، كنا في اتحادات المزارعين والنقابات وتنظيمات الطلبة... فمن اين تأتي الينا العزلة اذاً؟

    × عندما كنت تذهب ''للقطينة'' هل تترك ''شيوعيتك'' بالخرطوم؟

    = في تلك الفترة قلت جداً زياراتي للقطينة، فلم اجد فرصة لتجنيد زول من القطينة (دا كويس وللا كعب؟)... قالها ضاحكاً

    =نواصل =


    --------------------------------------------------------------------------------

    الراي العام 7 أبريل 2007

    مع محمد ابراهيم نقد... حكاوي المخابيء وأحاديث العلن.. (3)

    المرحوم قاسم أمين أخطأ..واعترف بذلك

    لا توجد منطقة وسطى تجمعنا مع هؤلاء (.....)

    حوار/ضياء الدين بلال

    الوقت يمضي والسؤال ينتج مجموعة من الاسئلة، سيجارة البينسون تشتعل بين اصابع الاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، والاكتفاء بنصف ملعقة من السكر على الشاي، عندما تتقدم الاسئلة اكثر مما يجب، وتصبح الاجابة ملزمة والهروب معيباً، وصوت جرس الهاتف الثابت في مرات كثيرة يقطع الحوار الذي استمر لايام متباعدة ومتصلة على امتداد أشهر، فللرجل طريقته الخاصة في السرد والحكي، وجرابه مليء بالاحداث والقصص والاسرار.. مواضيع كثيرة لم يتحدث عنها من قبل، رأينا الدخول عليه من مختلف الابواب بحثاً عن مادة توثيقية تجتمع عليها الفائدة بالمتعة، لم يخيب الرجل المسعى، جاد بما ضن به من قبل، ''الضحك'' عند الاستاذ نقد محطات انتقال من موقف لآخر وباقة اعتذار عند ارتفاع درجة حرارة الكلام. و''السخرية'' تأتي لتعميق الفكرة بابراز المفارقة، رحلة الحوار مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد تبدأ من مدينة القطينة متنقلة من العام الى الخاص، تجارب مضت وذكريات ساخنة وشخصيات ومواقف جديرة بالتوقف..!

    ×هل وجدتم معاناة في التغلغل في الريف السوداني؟

    = على العكس من ذلك نحن ذهبنا للمزارعين والعمال بمطالبهم (بقولو ليك ديل شيوعيين وملحدين لكن بطالبوا بحقوقنا) ..كانت لنا قيادات بارزة في اوساط المزارعين مثل شيخ الأمين وبرقاوي ويوسف احمد المصطفى، والآن في قرى الجزيرة لا تزال لنا كوادر مهمة من المزارعين وابنائهم....

    ضحك

    = ثم واصل:''الخير باسط''.

    × لكنكم لم تنجحوا في خلق تحالف قوي بين العمال والمزارعين؟

    = هذا غير صحيح.. الا اذا كنت تقصد ان يكون ذلك التحالف بالطريقة التى تمت في روسيا، نعم ذلك لم يحدث و لكن خذ مثلاً في عطبرة عندما تتعطل طلمبات المياه عمال السكة الحديد هم الذين يقومون باصلاحها، ونقابات عمال الري والمحالج والسكة الحديد في الجزيرة اسهموا في تكوين اتحاد المزارعين.

    × لكن الحزب فى مرات كثيرة كان يبدو اقرب للطبقة الوسطى من قربه للعمال والمزارعين ؟

    = هذا صحيح ومرد ذلك لأن مستوى الوعي والتعليم أعلى في صفوف الطبقة الوسطى.

    × هل كان ذلك مبرراً لأن تصبح قيادة الحزب من البرجوازية الصغيرة؟

    = القيادة ضمت برجوازية صغيرة ولكن كانت بها قيادات عمالية بارزة ذكرتها لك من قبل.

    × ذكرت قاسم أمين.. بمناسبة قاسم أمين قيل انه تعرض لعمليات اغتيال معنوي؟

    صمت فترة

    = ثم قال:قاسم كان رئيس الحزب وعضو لجنة مركزية وعضو مكتب سياسي وهو قيادي مميز وله قدرات و لكنه اخطأ في ايام الاختفاء، وكان الرأى الغالب بدلاً ان يخرج للعلن ان يذهب الى خارج البلاد وهذا ما حدث.. وفي الخارج حصل على كورسات وتأهيل مفيد بالنسبة له،وقبل «19» يوليو حضر وشارك فى التحضير للمؤتمر العام للحزب وتولى لجنة الكادر، قاسم كان له نشاط مهم في الحركة العمالية العالمية فقد كان سكرتيراً لاتحاد النسيج العالمي.

    × كان ذلك ابعاداً له بسبب صراعات التنافس بينه وعبد الخالق؟

    = هذا غير صحيح.. فقبل «19» يوليو حضرقاسم للسودان وشارك فى التحضير للمؤتمر العام وتولى لجنة الكادر (مازحلقو لأن قاسم ما الزول البزحلقو هو اخطأ واعترف بخطئه، كان ذلك قبل اكتوبر بفترة وجيزة وتم قرار سفره للخارج بموافقته و التى بدونها ما كان سيحدث ذلك، فقد خرج عبرافريقيا الوسطى وبعد اكتوبر عاد مرة اخرى وقضى اياماً بالسودان.)

    × استاذ نقد هذه حقيقة ثابتة ..الحزب الشيوعي شرس تجاه مخالفيه من المنشقين أو المعتزلين يميل لاغتيال شخصياتهم وحرقهم معنوياً؟

    = في مجموعات وافراد خرجوا من الحزب وصمتوا( وديل ما عندنا معاهم شئ لكن في ناس حاولوا يقسموا ويشقوا الحزب وديل ما عندنا أي رحمة ليهم ديل نحن ما بنتعامل معاهم بتهاون.. كل الصعاب والاعتقالات والتعذيب يمكن تحملها الا الانقسام دا زي ما تقطع شريان وتخلي فاتح).

    × هذه هى الطريقة التي تعاملتم بها مع عوض عبد الرازق ومجموعته؟

    = نعم.. في عام 1952 عوض عبد الرازق كان يرى ان يصبح الحزب يسار الحركة الوطنية أو ان يصبح حركة تقدمية مفتوحة، ونحن رأينا ان هنالك طبقة عاملة في السودان- صغيرة ومحدودة ما مهم- المهم ان لها مطالب تناضل من اجلها، فمن حقها ان يكون لها حزب، الحزب الشيوعي وقتها كان في مرحلة التكوين والنشأة لم يكن يحتمل مثل تلك النزاعات( ما في منطقة تصالح وسطى هم خرجوا وكونوا

    الجمعية الوطنية واتخذوا من نادي الخريجين فى امدرمان مقراً لهم باعتبارهم يسار الاحزاب السياسية).

    × هنالك من يرى ان آراء عوض عبد الرازق كانت اجدى وأنفع للحزب من حيث الانتشار والانشراح الحركي والحيوية وان مراجعات الحزب الاخيرة قد تقود الى مواقف عوض التي رفضت من قبل؟

    = تجربته لم تنجح والدليل على ذلك ان الحزب الذى كونه غير موجود الآن، وكل الاحزاب فى المنطقة العربية والافريقية التى سارت في هذا الاتجاه لم تجد النجاح في طريقها، خاصةً التى رأت انها يسار القوى الوطنية او أنها تمثل الحركة الاشتراكية التقدمية الواسعة (عوض ما خرج لانو في ناس عاكسو أو ضايقو هو خرج ومعه طلبة وشوية عمال ولكن مع الزمن لم يستمروا ونحنا واصلنا واستمتنا ما بي الهين).

    × نرجع مرة آخرى لحيثيات فصلك من الجامعة؟

    = في تلك الفترة من عام «53» وابان رفض الحزب لاتفاقية الحكم الذاتي ونحن بالجامعة دعونا لجمعية عمومية، فاللجنة التنفيذية للاتحاد كان بها تسعة من الشيوعيين وواحد اسلامي و....

    مقاطعاً

    × قلت:من هو؟

    = قال: هو محمد محمد أحمد علي استشهد في الجنوب..المهم في تلك الفترة كان لابد من عقد جمعية عمومية وكان رئيس الاتحاد هو جعفر الحسن وهو فى السنة النهائية بكلية الزراعة وكان نائبه محمد عبد الرحمن شيبون وهو الذي قدم خطاب الاتحاد، عملنا مظاهرات بعدها واعتقلنا وحكمنا بالجلد على طلاب الثانوي وثلاثة ايام وأكثر لطلاب الجامعة (انا حوكمت بشهر لان لي سابقة،تصور ونحن في السجن جاءت خطابات الفصل).

    × كيف كان وقعها عليك؟

    = كنت اتوقع ذلك (انا اصلاً ما كنت عاوز استمر في الجامعة كنت ارغب في الذهاب لمصر كان وجودي بالجامعة مؤقتاً فقط).

    × وكيف كان وقع الفصل من الجامعة على الاسرة؟

    = كان وقعه صعباً جداً فقد كنت مفصولاً ومسجوناً معاً(عندما التقيت بالمرحوم الاستاذ براهيم أحمد قلت ليهو: ما كان ممكن تنتظروا لمن اخرج من السجن؟).

    × كان وقتها الكادر السياسي نجماً في الجامعة..أليس كذلك؟

    = طبعاً.. داخل الجامعة وفي المجتمع.

    × في حنتوب كان النجم هو الطالب الرياضي؟

    = وصول نميري للحكم هو الذي رسخ ذلك الانطباع..الشاهد في الأمر أنني بعد خروجي من السجن وانا مفصول جاءني المرحوم فاروق مصطفى مكاوي وقال لي ان رابطة الطلبة الشيوعيين رأت ان تفرغك للعمل السياسي،قلت له: سأفكر في الامر، لكنني سأذهب للقطينة لان عمي مريض،و بعد وصولي بساعتين توفي عمي وفي ايام العزاء كثرت اسئلة الاسرة عن ماذا سأفعل؟ وكانوا ضد سفري لمصر ،كنت اجيب عليهم باجابات تسويفية.

    ........

    وعندما جئت للخرطوم قال لي عبد الخالق: هنالك فرصة للدراسة في الخارج، قلت له: أفضل الذهاب الى مصر. قال لي: الدراسة هنالك عالية التكلفة وهنالك مطاردات واعتقالات وغير ذلك، لكن في الدول الاشتراكية ستجد دراسة مستقرة.و أنا في السجن كنت قد التقيت بتاجر نصحني بالسفر للخارج وعندما علم انني لا املك جوازاً وعدني باستخراجه بطريقة يعرفها هو، وفعلاً جاءني بالجواز واخذ مني خمسة جنيهات ، اثنان ثمن الاستخراج (وثلاثة لزوم الحلاوة).

    ضحك

    × هل كان الجواز مزوراً؟

    = لا ابداً..ولكن كان بطريقة غير رسمية.

    المهم ومن هنالك بدأت الاستعداد للسفر ،صادف ذلك انعقاد مهرجان اتحاد الشباب و الطلاب العالمي ببوخارست ( قالوا لي امشي للتجاني الطيب خليهو يديك عنوان زول في مصر وامشى لابراهيم زكريا خليهو يديك قروش السفر..و في شاب تاني معاي قالوا لي ما تقيف معاهو فى القطر لانو ما معروف).

    × كنت تتوقع منعك من السفر؟

    = نعم.. دخلت لمحطة القطر بطريقة (خفية) حتى لا يراني احد المعارف فقد كنت اعرف مداخل المحطة ومخارجها جيداً.. عمي محمد علي نقد كان يعمل بالجمارك.

    × اذاً من هنالك أصبح نقد يخطو أولى خطواته في عالم الخفاء؟

    ضحك ولم يعلق

    = واصل حديثه: كان المطلوب من الشخص الذي سأصل اليه في مصر اعطائي عنواناً لشخص فى ايطاليا وهو بدوره يعطيني عنواناً لشخص فى النمسا (الحكاية كانت ملولوة جداً)..

    .......

    = كانت المشكلة انني كنت معروفاً في حلفا، عمي كان بالجمارك واسمي واضح وأغلب ضباط الجمارك يعرفونني، قدمت الشاب الذي كان معي، كنت أعرف خفايا صالة الجمارك من القطار الى الباخرة، واخترت ان ادخل فى زحمة مجموعة من الاغاريق والصعايدة والسودانيين.. تقدمت كأنني تابع لهم وملت نحو اليمين قليلاً حتى اصبح بعيداً عن الاعين ولم أكن احمل معي غير حقيبة صغيرة، نجحت فى ذلك بعد ان تم ختم جوازي وذهبت للباخرة الدرجة الثاني(حاجة غريبة.. انا عندي ازمة كنت شايل البخاخ إلى أن فقدته في اسوان و منذ ذلك لم اصب بها يبدو لتغيير الجو)....

    = (التقيت وقتها بمحمد علي محسي وواحد اسمو مجذوب من ناس الدامر.. كانوا مطاردين مطاردة شديدة من البوليس المصري ،والزول الذى من المفترض ان اقابلو كان مختفياً وكان لابد ان اقابل الجنيد علي عمر، لانو كان راجع السودان، التقيت به وبعد فترة التقيت بالرجل المختفي وسهل لنا امر السفر الى ميلانو).

    = واجهتنا بعض الصعاب وتغلبنا عليها، وصلنا ينا التي كان قد انعقد فيها مؤتمر للشباب والطلاب للتحضير للمهرجان.. كانت هنالك عدة اشهر حتى تبدأ الدراسة، عدد من الاخوة المصريين اقترحوا علىّ ان اقضي هذه الفترة معهم بباريس، بباريس كانت توجد اعداد مقدرة من اليهود المصريين الذين طردهم عبد الناصر وعدد من الشيوعيين واليساريين المصريين منهم يوسف ادريس وعبد الرحمن الشرقاوي وعبد الرحمن الخميس ونبيل سلامة موسى، كانت المناقشات تدور لساعات متواصلة عن الاوضاع فى السودان ومصر والجزائر.. كان هنالك عدد من اسلاميي المغرب العربي (هل تصدق كنا نقوم بتعليمهم اللغة العربية وقراءة القرآن، كان الجهد الاكبر يقوم به عبدالرحمن الشرقاوي ..كانت بيننا مناقشات مفيدة بالنسبة لي.. وفى باريس نزلت فى ضاحية فرساي، وكنت اقضي بعضاً من الوقت في التجول داخل قصر فرساي.

    ×صلتك بالحزب بالسودان؟

    = كانت عبر خطابات ترسل الى لندن ومنها للسودان.. في فترة ذهبت للندن لمدة عشرة ايام التقيت بعدد من السودانيين المبعوثين من قبل الحكومة السودانية(كانوا آخر راحة)..

    .........

    = فى ذلك الوقت بدأ التحضير للمهرجان الثالث لاتحاد الشباب العالمي ببخارست ذهبنا بالقطار وكانت هى المرة الاولى التي ندخل فيها خلف الستار الحديدي كان ذلك في يونيو 1953م.

    = في المجر كان هنالك اجتماع لمجلس السلم العالمي ببودابست وهي من اجمل مدن العالم الوفود كانت كبيرة ،هنالك بدأنا نتسقط اخبار الاتحاد السوفيتي في الفترة بعد رحيل ستالين كانت الجرائد تصل الينا وهى تحمل اخباراً عن المحاكمات، اهم خبر كان هو عزل بيريا رئيس البوليس السري واعدامه ، وبعده تدفقت المعلومات عن فترة ستالين واستمرت حتى تفجرت في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي فى ما قدمه خورتشوف في ما عرف بالتقرير السري عن فترة ستالين.

    × هل اصابكم احباط مس قناعاتكم؟

    = كانت الاخبارمثيرة للدهشة،ولكن كل يوم كنا نستقي معلومات جديدة.

    × ألم تشعروا أن النظرية في تطبيقها تنتج كثيراً من العنف؟

    = في تلك الفترة كان هنالك احساس بالازمة،قمعت المظاهرات في برلين والمظاهرات في بوزنان في بولندا وغيرها، كانت هنالك حالة من القلق والتململ والضجر في الدول الاشتراكية. كنا نصاب بالدهشة لاننا لم نكن نتلقى من قبل هذه الشحنة من المعلومات عن سلبيات التجربة الاشتراكية.. ولكن اتضح لنا ان الجماهير في كل الدول الاشتراكية كانت تتوقع اصلاحات أعمق وأشمل بعد وفاة ستالين واعدام بيريا.

    × كيف كنتم تنظرون للمجتمع الاشتراكي هنالك؟

    = بيننا والمجتمع كان هنالك حاجز اللغة، الذين يتحدثون الانجليزية عددهم قليل، بانتهاء المؤتمر وسفر الوفود كانت الايام تمضي بملل،نحن فى نوفمبر و الدراسة في الصيف .

    × من كان معك من السودان؟

    = (ولا واحد. وان كان طلبت امشي مكان لا فيهو طلبة افارقة ولا عرب).

    × لماذا؟

    = ما بخلوك تقرأ.

    وضحك.

    = نواصل =


    --------------------------------------------------------------------------------

    مداد الذكريات (سلسلة وثائقية)

    الراي العام 12 أبريل 2007

    مع محمد ابراهيم نقد... حكاوي المخابئ وأحاديث العلن (4)

    إنقلاب شنان تم بعلم ''الحزب'' وكان به ضباط شيوعيون

    حوار/ضياء الدين بلال

    تمضى حلقات الحوار التوثيقي مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني وتأتي هذه الحلقة مصحوبة بصور نادرة تنشر لأول مرة، صورة كان فيها الاستاذ نقد طالباً عشرينياً بكلية الآداب جامعة الخرطوم في العام 1952 ،، تتناول هذه الحلقة تفاصيل فترة مهمة في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني وتجربة الاستاذ نقد، وهي فترة حكم الفريق ابراهيم عبود،في هذه الحلقة يتكرم نقد بمعلومات وتفاصيل جديدة ستمثل اضافة مفيدة لسجلات تاريخنا المعاصر وجزءاًمهماً يوفر جانباً من مكعبات الحقائق الضائعـة!

    كيف كان نشاطك الاجتماعي ''كشاب'' في الجامعة ببلغاريا؟

    = الجامعة كانت تأخذ الكثير من الوقت، في كلية الفلسفة المحاضرات كانت قليلة، ولكن ما يترتب عليها كان كثير من الجهد في المذاكرة والاطلاع.. ما عدا ذلك كنت أشارك في كل أنواع النشاط المسائي للشباب.....

    (قالها ضاحكاً)

    * نتحدث عن عودتك للسودان بعد انتهاء الدراسة الجامعية ببلغاريا؟

    = انتهيت من آخر امتحان في يونيو.1958 ذهبت بعدها الى براغ.. كان ابراهيم زكريا هنالك امضيت معه فترة من الزمن.. كانت هنالك اشياء كثيرة في حاجة لترجمة ومراجعة ومتابعة.. ابراهيم زكريا كان هو ممثل النقابات في اتحاد النقابات العالمي، وهو من المؤسسين للحزب واحد قياداته، ومن هنالك عدت الى السودان.. كان ذلك فى شهر سبتمبر 1958وفي نوفمبر وقع انقلاب عبود.

    * ما هي المتغيرات التي لاحظتها بعد عودتك؟

    = سبق وان عدت الى السودان في 1956 فقدت طالبت بالعودة لغيابي عن السودان لثلاث سنوات وكنت فيها مقطوعاً عن اخبار السودان وعن مجرى الحياة السياسية والاجتماعية.. كان من الضروري بعد عودتي النهائية أن اجلس مع أكبر عدد من الاصدقاء والمعارف من كل الاتجاهات للتعرف على الاوضاع أكثر، وقبل ان اتمكن من ذلك جاء انقلاب عبود وقلب كل شئ رأساً على عقب.

    * ماهي وضعيتك في الحزب في ذلك الوقت؟

    = كنت في الجبهة الثقافية ومتعاوناً مع صحيفة الميدان التي كانت علنية وقتها.. وكان تركيزي اكثر على الجبهة الثقافية وعلى العلاقات الخارجية.

    * في ذلك الوقت كنتم تتلقون دعماً ''سخياً'' من المعسكر الاشتراكي.. أليس كذلك؟

    = المعسكر الاشتراكي ساعدنا في البعثات الاكاديمية التى كنا نختار لها شيوعيين وغير شيوعيين، وكل الدول الاشتراكية كانت تقدم منحاً لحكومة السودان وللحزب الشيوعي، كما اننا استفدنا من الدعوات لحضورالمؤتمرات والمهرجانات، استفدنا من تدريب الكوادر وتأهيلهم وتوسيع مداركهم بالاحتكاك مع شباب من جنسيات مختلفة، نعم.. كنا نشرك في المنح طلاباً غير شيوعيين.. هذه حقيقة.

    * قد يكون ذلك لاستقطابهم؟

    = الامر كان في مرات كثيرة يتعلق بأسر قدمت لنا كثيراً من الدعم، كما كان هنالك طلاب شيوعيون يرشحون بعض زملائهم لتلك البعثات، وكنا نقدم الفرص لبعض الطلاب الذين تم فصلهم من الجامعات لاسباب سياسية.

    * كيف نصدق انكم لم تكونوا تتلقون دعماً مباشراً من المعسكر الاشتراكي؟

    = (دعم بالمعنى دا ما كان موجود، الناس كانوا بقولو الكبريت ابو مفتاح الموجود في الاسواق مرسل من تشيكوسلفاكيا لدعم الحزب الشيوعى، كانت تلك اشاعات فولكلورية.. دعم مالي في ذلك الوقت لم يكن يقدم لنا ،نحنا ما كنا محتاجين ليهو، رغم انو حزبنا حزب فقير لكن صلتو بالناس وفرت له ما يعينه على تأدية مهامه).

    * نعود لانقلاب عبود؟

    = نعم.. في ذلك الوقت قدمت لاول محاكمة عسكرية، سأحكي لك قصتها: الشفيع كان في مصر ويعتزم السفر للعراق للتوسط بين مجموعة عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي العراقي فالخلاف بينهم كان على اشده.. وذهب ليقول لهم ان الصراع سيكون في مصلحة الاستعمار والقوى القديمة ولكن وهو في مصر حدث الانقلاب في السودان فاضطر للعودة للخرطوم، بعد علمي بعودته ذهبت له في اتحاد النقابات للسلام والتحية، وهو ذهب لهنالك لجمع اوراقه بعد ان قام نظام عبود بحل الاتحاد.. وعندما كنا نتبادل اطراف الحديث جاء رجال البوليس و قالوا لنا: انتم في اجتماع غير مشروع.. قدمنا للمحاكمة انا تمت تبرئتي والشفيع حوكم بخمس سنوات وقاسم امين ومحمد احمد عمر وشاكر مرسال بأقل من خمس سنوات.. في 1959بعد فترة وجيزة من كل ذلك جاء انقلاب شنان الاول والثاني.

    * ما علاقة الحزب الشيوعي بهذين الانقلابين؟

    = (كنا بنؤيد ناس شنان.. ومن أول يوم كنا ضد حكم عبود).

    × تأييد فقط ام مشاركة؟

    = كان رأينا في انقلاب عبود انه من تدبير عبد الله خليل و لمصلحة الامريكان، في بداية تحرك انقلاب شنان في مارس 1959 كان معهم ضباط شيوعيون هذه حقيقة.

    * بعلم الحزب؟

    = نعم.

    (نحنا كل زول بعمل انقلاب ضد ناس عبود كنا سنقيف معه).

    * قيل ان الحزب الشيوعي أول حزب ابتدر النشاط السياسي داخل الجيش؟

    = (دا خليهو هسع .. حنجيهو براه عشان نتكلم بوثائق).. لكن بعد المحاولة الانقلابية لمجموعة شنان الاوضاع هدأت نسبياً وبدا هنالك انفراج نسبي.. كانت هنالك محاولة لتطوير فكرة الانقلاب الاول ولكن المحاولة الثانية فشلت كذلك، عندها اضطررنا للاختفاء.

    * كان ذلك أول عهدك بالاختفاء؟

    ضحك وصمت قليلاً

    = ثم قال (كانت حكاية كوميدية انا طبعاً وقتها ما كنت معروف نسبة لوجودي لفترة طويلة خارج البلاد لكن برضو البعرفوني ما كانوا شوية.. الاختفاء كان بسيطاً وبدائياً.. نمشي نؤجر البيت بأنفسنا، البيوت كانت سهلة وكان في زول بجيب ليك الاكل وواحد بجيب ليك الجرائد، كان الاختفاء بقرار من الحزب، عادة المتفرغين في تلك الظروف من الافضل لهم الاختفاء فميزة المتفرغ انه يستطيع العمل تحت الارض وفوقها، اختفينا في 1959 الحياة كانت سهلة وجبهة العداء لنظام عبود كانت واسعة وجبهة التعاون لاسقاطه كانت واسعة ايضاً.. انا ما كنت بعرف الطبيخ لأنو ما عشت عزابي، كنت إما عائش مع اسرة او في الداخلية، وفى الاختفاء تعلمت من ناس عطبرة من سمير جرجس ومن محمد احمد سليمان، تعلمت منهما ''دبارة'' المعيشة والسكن).

    * كيف كانت الاجهزة الامنية في عبود؟

    = كانت في اغلبها من كوادر البوليس السري.

    * كيف كانت كفاءتها؟

    = كفاءتها لم تكن متدنية، البوليس السري كان قادراً على الرصد والمتابعة والتحليل والامساك بالخيوط والصبر عليها وتتبعها للوصول الى الهدف.. لكن البوليس السري كانت طبيعته الوظيفية تفرض عليه انماطاً من سلوك الخدمة المدنية، مثل تناول وجبة الغداء في البيت، فكانت هنالك فرص متاحة للحركة بالنسبة لنا، والمشاكل تأتي من ان يلتقي بك صدفة من يعرفك ويرفع صوته منادياً لك باسمك.

    * هل كنت تتنكر؟

    = (هل تصدق إنو في كل سنوات اختفائي في زمن عبود والنميرى والجماعة ديل لم اتنكر رغم ان كل الوسائل موجودة ومتوفرة.. أنا كنت بلبس جلابية وعمة فقط لم أكن احتاج للتنكر).

    * كيف كان قلق الاختفاء الاول؟

    = كان هنالك قلق مصدره عدم علمك بمدة الاختفاء. فقد كنا شباباً لنا رغبة في الحركة (بنستنا الليل اجي عشان نطلع.. نطلع نمشي وين؟ دا شئ تاني، ولكن المهم ان نخرج ونلتقي بالاصدقاء وذلك لم يكن متاحاً في أيام الاختفاء لكن في مرات كنت اطلب مقابلة بعض الاصدقاء فيرتب لي ذلك، الصحف كانت توفر قدراً معقولاً من المعلومات.

    * هل استطاع بوليس عبود اختراقكم؟

    = نعم.. حدث ذلك، كانت هنالك اختراقات وبلاغات وخسائر، وهذا يحدث في كل تجارب العمل السري.

    * احكي لنا تجربة؟

    = في مرة في عهد عبود كان هنالك ''بلاغ''. البلاغ كشف محطة محددة كنا نوزع منها منشورات لبعض الاقاليم وتم الهجوم على البيت ووجدت المنشورات بالمنزل، الاختراقات لم تكن تتم من جانب عضوية الحزب في ما عدا حالة واحدة في عطبرة، ولكن كانت تتم من بعض المقربين للحزب او من شخص او مواطن عادي رأى شيئاً ما فقام بتبليغ الجهات الامنية.

    * السوفيت هم الذين دربوكم على العمل السري والاختفاء؟

    = لم يكن في عهد عبود. تم ذلك بعد ثورة اكتوبر حيث أصبحنا نستعد لمواجهة أي انقلاب عسكري.

    × هل كانت أجهزة عبود تجد عوناً امريكياً لمواجهتكم؟

    = كانت تدعم من المخابرات الامريكية.. تقدم لهم الدعم وتحلل لهم الوثائق وترتب لهم قوائم الاعداء والمخاطر المحتملة.. لكن في الاخير أسلوب البوليس لم يتغير، فروح البوليس كانت طاغية والبوليس تسود فيه ثقافة الخدمة المدنية.

    * هل كنت تذهب للقطينة؟

    = في كل فترات الاختفاء لم اذهب للقطينة لأن من السهولة التعرف علي هنالك، في أيام مايو ذهبت للقطينة مرة واحدة فقط، قضيت هنالك ليلة وغادرتها صباحاً، فقد كانت والدتي مريضة وكان لابد لي من زيارتها.

    * هل اقتربت أنفاس السلطات منكم في مرات؟

    = اقتربوا في مرات كثيرة لكننا دائماً نكون نحن الاسرع في تغيير المواقع.

    * هل كنتم مخترقين بوليس عبود؟

    = لا أستطيع أن أقول لك نعم أو لا..!

    (لكن ناسم كانوا معروفين بالنسبة لنا، الشيوعيون كانوا في كل مكان، واذا البيت الذى كنت تختفي فيه بجواره ناس ما مضمونين، بجوا ناس وبكلموك ويقولو ليك احسن تتخارج).

    * علاقتك بعبد الخالق وقتها كيف كانت؟

    = كان يحضر الينا في منزل الاختفاء بود نوباوي لانجاز بعض التقارير والدراسات.

    * كم كان عدد الشيوعيين وقتها؟

    = في ايام السرية في عهد عبود كانوا عدة مئات.

    * حينها تجددت الخلافات داخل الحزب مرة أخرى؟

    = نعم.. في عام 1963 ظهرت الخلافات الصينية السوفيتية، كان في اللجنة المركزية للحزب المرحوم احمد شامي والمرحوم يوسف عبد المجيد وكانا قد اعلنا تأييدهما للجانب الصيني. وفي العام 1964 وقع الانقسام قبل اكتوبر فقد كان رأي شامي وعبد المجيد انتهاج اسلوب الكفاح المسلح على الطريقة الصينية وكنا نحن مع الاتحاد السوفيتي.

    * في ذلك الوقت كنتم ضد العمل المسلح؟

    = كان هنالك عمل مسلح، لكن ليس على طريقة الثورة المسلحة، الصعود الى جبال النوبة والهبوط من هنالك للزحف على الخرطوم، كما كانت ترى مجموعة المرحوم أحمد شامي.

    * لكن كان الخيار الانقلابي هو خياركم؟

    = طوال العام 1959الى أوائل العام 1960جميعنا كنا في انتظار انقلابات تخلصنا من نظام عبود، ولكن بعد انقلابات مجموعة شنان ومحيي الدين والتصفيات التى تمت في العام 1960 داخل الجيش فكل تكوينات القوى السياسية أُزيلت من الجيش، فلم يعد خيار الانقلاب ممكناً، حزبنا في يوليو1961 قرر اسقاط نظام عبود بالاضراب السياسي لا بالانقلابات.

    * التصفيات لحقت وجودكم داخل الجيش؟

    = (نعم نحنا وقتها انضربنا ضربة كبيرة، محمد محجوب وحسن ادريس تم فصلهما من الجيش).

    * محمد محجوب هو شقيق عبد الخالق لذلك من الطبيعي فصله من الجيش، وهو هدف مكشوف لماذا اعتمدتم عليه؟

    = هذا الامر كان لا يفرق كثيراً .. في ذلك الوقت كونه شقيق عبد الخالق ليست قرينة يفصل بها من الجيش، لكن محمد محجوب اشترك في انقلاب علي حامد لذلك تم فصله من الجيش.

    * اقالة ضابط هل كانت تحتاج لقرائن؟

    = كانت تحتاج لحيثيات. كل شئ كان يتم بالقانون واللوائح ناس عبود كانوا جزءاً من الخدمة المدنية وهى خدمة منضبطة (الفوضى دي جات فيما بعد) حتى عندما يريدون فصل واحد من كبار الموظفين كان يفصل بالقانون (31ب) مثل داؤود عبد اللطيف الذى نقل لعبود انه كان يسخر منه، فتم فصله بالمادة (31ب) مع حفظ كل حقوقه، نظام عبود لم يأخذ الطابع السياسي ولم يسع لتكوين تنظيم سياسي.

    * عبود لم يسع لتكوين حزب سياسي؟

    = (أبداً. ابداً لم يسع لذلك).

    * المسألة دي ريحتكم؟

    ضاحكاً

    = جداً ..!

    عبود حاول ان يحكم بمجلسه العسكري فقط، وفي فترة طرح من أفكار أبورنات فكرة تكوين مجلس تشريعى (عبود كان رجلاً تقليدياً حتى ما كان بعرف يخطب امام الجماهير كان ممكن ينزل المعاش بهدوء، لولا الهدية التي تلقاها من عبد الله خليل).

    * انتم قاومتم عبود لانه جاء من جهة يمينية؟

    = نعم.. عبود جاء من جهة يمينية وسار في اتجاه اليمين (هو ما ممكن كان أبقى يساري ابداً)، الدينمو المحرك للمجلس كان هو احمد عبد الوهاب (وهو حزب أمة وعسكري متميز ولمن جو ناس شنان ومحيي الدين أول زول شالو كان أحمد عبد الوهاب لأنو كان رجلاً خطيراً).

    * انتم انتقلتم من السعي لاسقاط نظام عبود للاشتراك في النظام؟

    = (زي ما دخلنا في البرلمان دا، الحقيقة المهمة ان البرلمان في السودان مكان مهم، اذا وجد البرلماني الجيد وهو يتيح لك فرصة لقول رأيك وتسجيل مواقفك والتعريف بكوادرك. نحن في نظام عبود اشتركنا في المجالس البلدية و...).

    مقاطعة

    * كيف تم اتخاذ القرار؟

    = الامر طرح للنقاش.

    * من الذى طرحه؟

    = ناس عبد الخالق وقاسم.

    هم زهدوا في الانقلابات فقد كان الحديث والونسة اليومية عن الانقلابات (الناس كانوا جالسين ومنتظرين انقلاب يأتي من الباب أو يدخل من الشباك).

    * منتظرين أم ساعين لتحقيقه؟

    = كيف ما ساعين لتحقيقو؟..

    (ضحك)

    = ثم قال: (المرحوم صلاح عبد السلام كان مسجوناً في كوبر ومع ذلك كان يخطط لانقلاب، ناس عبود كانوا معزولين، الضباط الصغار لم يكونوا معهم كانوا ضدهم).

    * المشاركة في المجالس البلدية هل كان هنالك اعتراض عليها داخل الحزب؟

    = كانت هنالك مناقشة.. هنالك من قبل وهنالك من رفض.

    * أنت كان موقفك شنو؟

    بحزم

    = قال: مع الدخول للمجالس البلدية.

    * هل كنتم تسعون لاسقاط النظام من الداخل؟

    = ابداً ابداً.

    (نحن كانت رغبتنا كيف نتعلم نخدم المواطنين عبر هذه المجالس، نحن كنا لسع ماعندنا تجربة تصدق.. نحن مرشحنا للبرلمان قاسم أمين رفض من الترشح لانو لم يبلغ السن القانونية).

    * هل كانت لكم مفاوضات مع نظام عبود؟

    = لا..

    لانهم قيادات تقليدية كانوا يفاوضون السيد عبد الرحمن والسيد علي فقط.

    * ألم يكن هنالك أي تفاوض بينكم؟

    = عبد الخالق كان يلتقي بحسن بشير بحكم انه من الحلفايا، ولم يسع لهم ولم تكن له علاقة شخصية مع قيادي بمجلس عبود.. وعندما كان عبود يرتب للسفر للاتحاد السوفيتي طلب مقابلة عبد الخالق وحدث اللقاء، لان أي تحسن في العلاقة مع الاتحاد السوفيتي ستحد من التغول الاميركي وذلك لمصلحة السودان. هذا اللقاء تم من تلك الزاوية. هو لم يترتب عليه حتى اطلاق سراح معتقلي الحزب.

    * اذاً.. ماذا تم في اللقاء؟

    = قلت لك عبد الخالق كان ينصح عبود بأن التعاون مع الاتحاد السوفيتي سيعود للسودان بفوائد عديدة.

    * هل كانت تلك محاولة لتغيير اتجاه نظام عبود نحو اليسار؟

    = ابداً ابداً..!

    * اذاً لماذا ينصح عبد الخالق رئيس نظام كان الحزب الشيوعي يسعى لاسقاطه؟

    = عبود كان مسافراً لروسيا والتقارب بين السودان والاتحاد السوفيتي سيكون في مصلحة السودان كدولة من ناحية اقتصادية وعسكرية.

    * كأن الحزب الشيوعي يقدم اجندة الخارج (مصالح السوفيت) على أجندة الداخل (معارضة عبود)؟

    = الدليل على عدم صحة هذا التحليل بعد اسبوعين فقط.. عبود قام باعتقال عبد الخالق ومعه آخرون.

    (نواصل)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مع محمد ابراهيم نقد... حكاوي المخابيء وأحاديث العلن.. (5)

    اعترف.. هنالك قصور في موقف الحزب الشيوعي من الدين..!

    حوار/ضياء الدين بلال

    الراي العام 14 أبريل 2007

    في هذه الحلقة نتناول مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي قضايا ذات اهمية وحساسية كبيرة متعلقة بفترة ثورة اكتوبر وما بعدها خاصةً قصة حل الحزب الشيوعي وعلاقة الحزب بموضوع الدين..ورأيه في مواقف بعض الزعماء في تلك الفترة..!

    * متى شعرتم باقتراب لحظات انهيار نظام عبود؟

    - بعد فشل كل المحاولات الانقلابية كان الخيار المتاح هو اللجوء لخيار الاضراب السياسي.. وبدأ الترتيب لذلك عبر كل اشكال العمل السياسي، واستطاعت القوى الوطنية بمختلف اتجاهاتها ومواقفها ان تسير في هذا الاتجاه الى ان وصلت لغايتها باسقاط النظام.

    * قيل ان دوركم في اكتوبر ليس بالحجم الذى تدعيه ألياتكم الاعلامية؟

    - حتى لا يكون ما تقول فتحاً لباب المغالطات فقط.. ارجو ان تعود لكتاب «ثورة شعب» هنالك ستجد مواقف الحزب من نظام عبود ودوره في اسقاط النظام ستجد ذلك موثقاً تماماً.

    * اكتوبر صنعها الاسلاميون؟

    - اذا ادعوا ذلك (فمبروك عليهم).

    * لولا ندوة الترابي بجامعة الخرطوم لما كانت اكتوبر؟

    - هذا نسخ لدور كل القوى الوطنية الاخرى وهي ليست محصورة في الاحزاب السياسية فقط، هنالك العمال والمزارعون والمهنيون والطلاب والنساء والحركة الجنوبية السياسية والعسكرية وحركات دارفور وحركة اهالي وادي حلفا ضد التهجير جميعهم اسهموا فى اكتوبر..فليس من الانصاف تسجلها باسم شخص واحد او حزب واحد.

    * قيل انكم ادعيتم ان الترابي عضو في الحزب الشيوعي بعد ندوة الجامعة؟

    - ذلك لم يحدث.

    * صدر ذلك من فرعية الحزب بعطبرة؟

    - ذلك غير صحيح هنالك احياء من اعضاء الحزب بعطبرة يمكن الرجوع اليهم.

    * قلتم كذلك ان القرشي عضو بالحزب الشيوعي؟

    بحزم:

    - القرشي عضو بالحزب الشيوعي قامت اكتوبر أو لم تقم..ارجو ان تسأل الاستاذ تاج السر مكي كان معهم في تنظيم الحزب بالجامعة ولكنه لم يكن كادراً جماهيرياً معروفاً.

    * حاولتم السيطرة على جبهة الهيئات؟

    - الهيئات كانت تنتخب مندوبيها وانتخبت عدداً من اعضائنا نسبةً لمواقفنا وشعاراتنا،وكان بها ممثلون للاخوان المسلمين والاتجاهات السياسية الاخرى.

    * وتم حل حكومة سر الختم الخليفة؟

    - نعم ..كانت تلك انتكاسة لاكتوبر لانها ابعدت ممثل العمال والمزارعين.

    * كانت نكسة لحزبكم؟

    - ذلك غير صحيح.

    الحركة السياسية في السودان ليست كالحركة السياسية في انجلترا محصورة في احزاب محددة، الحركة السياسية في السودان تضم النقابات والاتحادات والطلاب وكل القوى الحديثة وحتى المنظمات القبلية والجهوية.

    * حزبكم بعد اكتوبر؟

    - قال :الفترة التي أعقبت اكتوبر ابرز ما يميزها فوزنا في دوائر الخريجين باثنتي عشرة دائرة و فوزنا بـ «25%» من الاصوات في دوائر العاصمة، فقد استطاع الحزب ان يصل لمناطق كانت بعيدة عن نشاطه الحزبي،وكان من المهم جداً لنا الاسراع في اصدار صحيفة الميدان، فالحزب في فترة السرية كان في حالة كمون وضعف ترتب عليها تساقط العضوية، لذا كان لابد من التواصل مع الجماهير عبر الندوات والاجتماعات الموسعة،وقتها طرحنا مشروع الحكم الذاتي لجنوب السودان وظهرت مشاكل المناطق المتخلفة وبرزت جماعات للتعبير عن تلك المناطق،نعم اكتوبر هزت ساكن الحياة السودانية، ظهرت الروابط الاقليمية وامتلأت العاصمة الخرطوم بالجمعيات والروابط الاقليمية واصبحت تلك الروابط جزءاً من الحركة السياسية .

    * كانت لكم اذرع داخل تلك التنظيمات..أليس كذلك؟

    ابتسم

    - ثم قال:اذا كان هنالك شيوعي في تلك الروابط فقد كان عليه ان يسير معهم في اطار مطالبهم (موش عشان يبلشفهم).

    * مؤتمر البجا..كان على قيادته شيوعيون معروفون؟

    - مؤتمر البجا.. تأسس قبل اسبوع من انقلاب عبود، وحضر اجتماعه التأسيسي السيد عبد الله خليل رئيس الوزراء آنذاك ،المهم تلاحظ ان ذات مطالب البجا وقتها هي مطالبهم اليوم، نعم بعض قيادات المؤتمر كانوا شيوعيين وكوادر الحزب المتفرغة في كسلا وبورتسودان ساعدوا في تأسيس العمل السياسي للمؤتمر وأهل المؤتمر يعرفونهم بالاسم.. لكن نحن لم ندع ان هذا المؤتمر من اذرعنا السياسية.

    * * يبدو انكم وجدتم صعوبة في تقديم حزبكم باطروحاته الماركسية للريف، فاخترتم استخدام الكيانات الجهوية كواجهات لانشطتكم..هذا فشل يحسب عليكم؟

    - الحزب لا يذهب للجنوب او دارفور أو الشرق بمقولات كارل ماركس، ولكن يذهب اليهم بمطالبهم ،فالاطروحة لابد ان تكون مسودنة ومعطونة في بيئة العمل السياسي.

    * لكن أنتم كنتم وراء تكوين أول حركة مسلحة في دارفور وهي حركة سوني ؟

    - هذا غير الصحيح، نحن طالبنا بمعرفة من وراء هذه الحركة، نحن تعاملنا مع روابط وتكوينات دارفور المدنية ومع احمد ابراهيم دريج وغيره خاصةً في المطالبة بالفيدرالية.

    * مشاركتم في تجربة المجالس البلدية في عهد عبود ساعدتكم فى نتائج الانتخابات..أليس كذلك؟

    - المشاركة قربتنا من المطالب الجماهيرية واعطتنا خبرة اضافية في مجال العمل الخدمي.

    * اذاً استفدتم كما استفادت الجبهة الاسلامية في المشاركة مع مايو وانعكس ذلك في عدد الدوائر التي احرزتها بعد انتفاضة ابريل.. وايضاً كانت في دوائر الخريجين والمدن؟

    - الجبهة كانت تعمل في كل انحاء السودان بسماح ورضا من النميري، ونحن كنا مطاردين من نظام عبود حتى ونحن مشاركون في المجالس البلدية، فاروق أبوعيسى كان مرشح الحزب في ام درمان و كان عادةً يتم القبض عليه بعد كل ندوة.

    * انتم فزتم في دوائر الخريجين واطروحاتكم كانت تخاطب العمال والمزارعين..أليس في ذلك مفارقة؟

    - انت تعلم كان لنا وجود كبير في الاوساط الطلابية.

    * فوزكم في دوائر الخريجين والعاصمة اعطاكم بعداً صفوياً.. كأنكم حزب مثقفين وحزب مدينة فقط لا حزب للطبقة العاملة؟

    - فوزنا في دوائر الخريجين جاء لدورنا في اكتوبر، وقد ظللنا متمسكين بشعارات اكتوبر ،حتى عندما بدأت الاحزاب التقليدية والاخوان المسلمون يتراجعون عنها وينقلبون عليها،الشخصيات التي قمنا بتقديمها للجماهير كانت معروفة على نطاق واسع،نواب الحزب كانت لهم مشاركة واسعة داخل البرلمان يسعون للحفاظ على شعارات اكتوبر وتنزيلها للواقع ومراقبة الحكومة وتقديم مقترحات لها لتجاوز الازمات لا الاكتفاء بالنقد فقط.

    * هذا النشاط داخل البرلمان ..هل أزعج الاحزاب؟

    - نعم ازعجهم جداً ازعج اليمين المحلي والامريكان.

    * الامريكان..؟!

    - نعم..الامريكان.

    * كيف عرفتم انزعاج الامريكان؟

    - عبر صحفهم ومجلاتهم وعبر بعض الرسائل التي ترسل الينا عبر بعض اصدقائهم الذين كانوا يقدمونها لنا بشكل مغلف، الاحزاب التقليدية انزعجت جداً عندما تحركنا في المساحات الممنوعة عندما ترشح عبد الخالق ضد ازهري.

    * لماذا اخترتم تلك المواجهة..أقصد مواجهة الزعيم ازهري بكل رمزيته؟

    - الثورة كانت ثورة قوى حديثة ( ما في قداسة لاي شخص ليس نكران ولكن من حق الآخرين المشاركة في التنافس).

    * كان الأفضل لكم ان تضمنوا لسكرتير الحزب فوزاً سهلاً؟

    - كان ذلك ممكناً حتى داخل ام درمان، ولكن الرسالة المراد ارسالها كانت تقول ان اكتوبر لن تقبل بالوضع الابوي للقيادات القديمة.

    * حتى ولو بالمجازفة بموقع سكرتير الحزب داخل البرلمان؟

    - نعم لابد من الاقتحام ..لابد ان تعرف يا ضياء هنالك معارك لابد من خوضها بغض النظر عن النتائج المترتبة عليها فوز ام خسارة.

    * ازهري غضب من ذلك؟

    - (كان زعلان مننا الى ان مات)..لذلك لعب دوراً كبيراً في حل الحزب الشيوعي.

    * ما هو وضعك داخل الحزب وقتها؟

    - فزت في دوائر الخريجين و دخلت البرلمان وكان عمري 34 عاماً.. بدأت أشعر أكثر بالمسؤولية تجاه ما أكتب وأقول و تجاه سلوكي الشخصي كذلك، كانت تلك فرصة مهمة بالنسبة لي للتعرف والاقتراب من شخصيات سياسية مهمة والتعرف على عمل جهاز الدولة وعلى العمل البرلماني، ساعدنا في ذلك كثيراً المرحوم عزالدين علي عامر والمرحوم حسن الطاهر زروق .

    * أول مشاركة لك في النقاش داخل البرلمان؟

    - كانت عن صراع نشب بين المعاليا والرزيقات، وكانت هنالك مناقشة عن الاوضاع على الحدود السودانية الاثيوبية.

    * استاذ نقد ..من هو شوقي؟

    - هو شاب كان من المجموعة التي انشقت مع القيادة الثورية مجموعة أحمد شامي قبل اكتوبر ولكن كان معروفاً للناس انه شيوعي.

    * هل كانت لك معرفة به؟

    - لم اكن اعرفه وقتها ولا الآن.. هو ظهر فجأة بذلك الحديث ''السخيف'' ..في تلك الايام سبق وتحدثت ثلاث مرات في معهد المعلمين مع ازهري ومحمد جبارة العوض و الاميرنقدالله نحن نعرف كيف نخاطب الناس.

    * كيف علمت بما قاله شوقي؟

    - اطلعت عليه من صحيفة «الراية» التابعة للاسلاميين، شعرت وقتها ان هنالك أزمة قادمة، ذهبت لدار الحزب وهو كان مجاوراً لنادي العمال بالخرطوم سعينا سريعاً في جمع المعلومات، سمعنا ما قيل في خطب الجمعة، و في اليوم الثاني بدأنا في معالجة الامر .

    * هل كانت هي مؤامرة عليكم؟

    - القوى السياسية وجدت فرصة واستغلتها لتصفية حساباتها معنا.

    * ماذا دار في اول اجتماع داخل الحزب بعد حديث شوقي؟

    - عقدنا اجتماعاً عصر الجمعة ،اصبحنا نعبئ - بدون توتر-عضوية الحزب بأن تلك مؤامرة الغرض منها مصادرة ديمقراطية الحزب ومن ثم مصادرتها من الجميع ،ووضحنا موقفنا الثابت من احترام الدين الاسلامي ورموزه واحترام الديانات الاخرى، الالحاد ليس من شروط الانضمام للحزب.

    * لكنه موجود داخل الحزب؟

    - ليس هنالك ملحد داخل الحزب الشيوعي.

    * هل يتدخل الحزب في الخيارات العقدية لعضويته؟

    - كثيراً جدا كان الحزب يتدخل في حالة استفزاز احد الشيوعيين للمشاعر الدينية (الناس البسبو الدين ما بنخليهم)..سلوكنا يقوم على عدم الشذوذ عن المجتمع..من قبل حل الحزب كنا في نقاش مستمر حول موضوع السلوك،لم نضع موجهات محددة ولكن كنا نركز على السلوك المستقيم.

    * ما هو معيار الاستقامة في نظركم؟

    - الا نستفز مشاعر الآخرين مثلاً (ما ممكن تفطر في رمضان،لا يمكن ان تكون في الريف وما تصلي.. في المدينة ما في زول بشتغل بيك).

    * هل ذلك يتم بأوامر تنظيمية؟

    ضحك

    - (نحنا ما عندنا قوائم فيها أفعل ولا تفعل..ولكن هنالك التزام بالسلوك العام).

    * هل هنالك محاسبة على التجاوزات في هذا الجانب؟

    - نعم أقلاها التنبيه ..يتم ذلك دون تزمت.

    * نعود مرة اخرى لما حدث بمعهد المعلمين ..شعرتم بالخطر بعد التحركات التي اعقبت حديث شوقي؟

    - نعم.. ولكن الخطر الأكبر كان على الديمقراطية لم نكن وحدنا في مواجهة الموقف كل القوى التي شاركت في صناعةالثورة وقفت معنا ،حتى داخل حزب الامة وفي الحزب الاتحادي وجدنا مساندة من محمد جبارة وموسى المبارك وحسن بابكر ،هنالك من صوتوا ضد قرار الحل رغم ان ازهري هددهم بالفصل.

    * ازهري وجد فيكم الفرصة؟

    - نعم (لكن ما جا راجع لينا تاني.. السياسة السودانية دي لازم ما تغلق الباب خليهو متركش،بتحتاج ليهو).

    قالها ضاحكاً.

    * ما تقييمك لموقف الصادق المهدي من حل حزبكم؟

    - موقفه لم يكن حاداً (لكن كان ماشي مع التيار،وعندما جاء حكم المحكمة اعتبره حكماً تقريرياً).

    * وماذا عن الترابي؟

    - مؤكد كان وقتها متحمساً جداً لقرار الحل (قد يكون اعاد تقييم موقفه في ما بعد).

    * تبدو علاقتكم ببابكر عوض الله علاقة غامضة بعض الشئ؟

    - لا غموض فيها.. كانت علاقة عادية جداً (نحنا عارفينو هو شنو وهو عارفنا نحنا شنو).

    * هل كانت لكم اتصالات معه؟

    - أنا لم أكن جزءاً منها.

    * هي موجودة اذاً؟

    - طبعاً..منذ ان كان قاضياً بالابيض في ايام الاستعمار (هو راجل وطني جداً ما تنسى ذلك).

    * أهو صديق لحزبكم؟

    - هو من الوطنيين ..يميل لخيار الوحدة مع مصر وبالتالي التعامل مع جمال عبد الناصر.

    * كانت لكم علاقة خاصة به؟

    - ليس معي ولكن مع ناس عبد الخالق.

    * قد تكون العلاقة اثرت على موقفه القضائي من قرار حل الحزب؟

    - ابداً..ابداً.

    هو ليس من هذا النوع من القضاء وذلك بشهادة زملائه .

    * لماذا صدقت الجماهير أنكم تحملون مواقف مناهضة للدين الاسلامي ورموزه وتجاوبت مع قرار الحل أو على الاقل لم تسع لرفضه؟

    - داخل الحزب كانت لنا مناقشات حول موضوع الدين حتى لا يستغل من قبل اليمين ضدنا،ولكن شغلتنا الاحداث السياسية اليومية عن المضي فيها الى المنتهى (وهذا العيب مستمرالى اليوم .. الجانب السياسي أصبح هو الطاغي،نحنا قصرنا في هذا الجانب،ولكن مع هذا لم نعزل عن الشارع السوداني).

    * هل بحثتم عن شوقي وقتها لتعرفوا لماذا قال ذلك أو من وراءه؟

    - لا و الله.. هو كان طعماً استفادوا منه أناس آخرون.

    * كأنك تشير الى ان الحادثة لم تكن صدفة؟

    - ( شوقي مزاجو كان مزاج زول ما هاميهو شئ ..ديل كانوا كتار دخلوا الحزب في الفترات الاولى).

    * كيف كنتم تتعاملون معهم ؟

    - (عادة ما بصبروا ..وبخرجوا من الحزب لانهم ما بلقو مزاجم فيهو).

    (نواصل)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مع محمد ابراهيم نقد... حكاوي المخابئ وأحاديث العلن (6)

    عندما دخل عزالدين السيد.. صمت عن الحديث..!

    نميري.. لن يعترف بهذه الحقيقة (....)..!

    حوار/ ضياء الدين بلال

    الرأي العام 18-4-2007

    يواصل الأستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني بطريقته الشيقة في السرد وصراحته التي ادهشت الكثيرين من الذين ظلوا يتابعون هذه السلسلة الحوارية، التي نريد عبرها وبعدها ان نستجلي كثيراً من المواقف والآراء من وجهات نظر مختلفة، بحثاً عن حقائق تناثرت على طرقات الزمان، وذلك للاستفادة من التجارب السياسية التي كثيراً ما نلدغ من أجحارها بلا اعتبار.. يواصل نقد ما انقطع من مداد الذكريات.

    * ماذا كانت خياراتكم بعد حل الحزب الشيوعي؟

    = قررنا ألا نتوقف عن العمل وقمنا بتأجير مبانٍ جديدة، واصدرنا صحفاً وعقدنا ندوات الحزب باسم القوى الاشتراكية. فقد احتفظ الحزب بكل هياكله.

    * فكرتم في العمل في جبهة عريضة من خلال مشروع الحزب الاشتراكي؟

    = نعم.. كان ذلك هو خيارنا المتاح وهو خلق تحالف بين الشيوعيين والديمقراطيين لكنه كان اقرب للتأثر بالتجربة المصرية، وهذا هو مصدر ضعفه ومنبت ازماته لذلك لم يستمر.

    * هل ذلك لأن القوميين العرب كان صوتهم هو الاعلى من صوتكم؟

    = تجربة عبد الناصر لم تستطع ان تنتقل لخارج مصر لانها اعتمدت على كاريزما الزعيم وجماهريته أكثر من اعتمادها على الفكرة ومقدرتها على تغيير الواقع.

    * اذاً.. فكرة التحالف الاشتراكي والتحرك تحت مظلة واسعة.. كانت موقفاً اضطرارياً؟

    = كانت هنالك نقاشات بعد اكتوبر.. هل نعمل كحزب ام في اطار تحالف عريض. ولكن بعد حل الحزب كان الخيار المتاح هو العمل تحت مظلة عريضة، لذا جاءت فكرة الحزب الاشتراكي، وهذه الفكرة بدأت بأزمة وانتهت بأزمة.. في الطريقة التي اعلن بها والاجتماعات والمؤتمرات التي تمت، ومن ثم التراجع عن الفكرة.. أداؤنا فيه لم يكن منظماً ولامحكماً لذلك لم نوفق.

    * لماذا كان أداؤكم، غير منظم؟

    = لم تدرس الخطوات كما ينبغي ان تدرس.

    * كان خيار أزمة بالنسبة لكم؟

    = كان خيار ازمة في تنفيذه لا في فكرته، فالفكرة كانت اسبق.

    * ما هي التأثيرات النفسية التى سقطت عليكم من قرار الحل؟

    صمت

    = ثم قال: الشعور بالمرارة .. الاحزاب التي كنا ننافسها سياسياً وديمقراطياً انقلبت علينا باستخدامها اساليب الضرب تحت الحزام الـ (foul play).

    * ما تأثيرها على العضوية؟

    = كثير من العضوية انكمشت وبعضها اصبح يتردد في التزامه تجاه الحزب، ولكن الحزب ظل محتفظاً بجسده التنظيمي، وقياداته قادرة على التنافس الانتخابي والفوز بدوائر مهمة في البرلمان.

    * ما هي الأسباب المباشرة لفشل تجربة الحزب الاشتراكي؟

    = كنا حريصين ألا يحل الحزب الشيوعي نفسه ويذوب داخل التنظيم الجديد، وهذا الامر وجد اعتراضاً من قوى مؤثرة داخل الكيان الجديد تم التعبير عنها في الاجتماعات التي كانت تعقد بحي المقرن بالخرطوم.

    * ومن هنالك بدأ التفكير في الخيار الانقلابي؟

    = نعم.. كتحالف بين الشيوعيين والقوميين العرب والاشتراكيين.

    * من بادر بفكرة الانقلاب؟

    = البادرة كانت من التيار الناصري داخل التحالف الذي ظل يتحدث عن ان القوى التقليدية ستكتسح الانتخابات، ولابد من التحرك الاستباقي للقوى الاشتراكية وكانت الفكرة تجد الدعم من داخل الجيش. وقد طرح عبد الخالق سؤالاً مهماً لم يجد المتابعة والاهتمام وهو: كيف يستطيع الحزب الشيوعي أن يحافظ على كيانه داخل الحزب الجديد وبعلم الجميع.

    * هل فكرة الانقلاب جاءت من الجيش للمدنيين ام العكس؟

    = ''داير تبري منو فيهم؟''

    ضحك

    * قلت: داير أفهم.. نحن نوثق للتاريخ؟

    = الجيش كان به نشاط سياسي من قبل اكتوبر، وهنالك ضباط ضغطوا على المجلس العسكري كي يستقيل. وفي أوج اكتوبر تم اعتقال ضباط بينهم جعفر نميري والرشيد نور الدين..بدأ النقاش حول الخيار الانقلابي داخل منبر القوى الاشتراكية الذي تكون في 1968 في الانتخابات البرلمانية في ذلك الوقت وكان يضم بابكر عوض الله وامين الشبلي وعبد الخالق محجوب، وكان الاتفاق على ان الانقلاب ليس وحده هو الحل لابد من العمل السياسي الجماهيري الذي يجد مساندة من الجيش.

    * اذاً تم الاتفاق على الانقلاب؟

    = نعم، ولكن الجيش يساند العمل الجماهيري.

    * الجيش يتحرك والشارع يساند ام العكس؟

    = المساندة تأتي من الجيش.

    * هذه فكرة الحزب الشيوعي؟

    = (يا اخي ما كل شئ الحزب الشيوعي ما في ناس آخرين)

    * طيب ماذا عن فكرة الانقلاب داخل الحزب الشيوعي؟

    = الفكرة قديمة.. ولكن تجدد النقاش حولها ابان المناقشة حول فكرة الجمهورية الرئاسية 1968 كان رأينا ان التجديد داخل الاحزاب ماضٍ الى الامام، وكانت هنالك مجهودات الشريف حسين داخل الحزب الاتحادي، والصادق المهدي داخل حزب الامة، كما ان هنالك وعياً بدأ يسري في الرأي العام. وفي مارس 1969 طرح موضوع الانقلاب ووجد مساندة من مجموعة احمد سليمان وسورج.

    * هل هذا اول ظهور لمواقف احمد سليمان الانقلابية؟

    = هذه المواقف كانت لها جذور في الماضي فهي لم تظهر فجأة.

    * هل كان هو المسؤول عن الاتصال بالجيش؟

    = نعم.. وقتها كان هو المسؤول عن الاتصال بالجيش.

    * احمد سليمان انقلابي صريح.. هل مجموعة عبد الخالق كانت ضد الفكرة ام انها ترى الظرف غير مناسب؟

    = قلت لك كان الرأي ان هنالك مظاهر تقدم واستنارة داخل الاحزاب التقليدية وفي الرأي العام يجب الصبر عليها حتى تصل نهاياتها، هنالك حركة جماهيرية يمكن ان تحدث تغييراً والتفكير الانقلابي سيجهض كل ذلك.. ولكن بدأ طرح فكرة الانقلاب داخل تنظيم الضباط الاحرار وعندما طرح للتصويت سقط. ولكن القوميين العرب اصروا على القيام بالانقلاب.

    * كنتم على متابعة لكل المناقشات داخل تنظيم الضباط الاحرار؟

    = كنا على متابعة دقيقة جداً. وفي يوم 24 مايو ارسل لي عبد الخالق وذهبت اليه ووجدت معه الشفيع. عبد الخالق قال لي انه كان على موعد مع فاروق حمد الله للوقوف على تفاصيل المناقشات حول الانقلاب ولكنه لم يحضر،الشفيع قال انه التقى باحد الضباط واخطره انه تم اختيار جعفر نميرى ليكون على رأس الانقلاب.

    * هل كان هنالك تحفظ عليه عندما ورد الاسم؟

    = ابداً.. لم نكن نفضل ضابطاً آخر عليه.

    * هل صحيح أن نميرى قدم طلباً بمدني للانضمام للحزب ورفض؟

    = هذا غير صحيح (كان قدم طلب كان اداني ليهو أنا بحكم العلاقة التي بيننا). هو كان استقلالي أقرب لحزب الامة.

    * ألم تكن هنالك دراسة لشخصيته واحتمال ان يكون ضابطاً مغامراً؟

    = نميري وسط دفعته كان معروف عنه انه رجل منضبط وعلى صلة جيدة بزملائه الضباط وبجنوده، فهو متواضع و غير متعالٍ وهذا معروف عنه في كل الوحدات التي عمل بها.

    * بحكم علاقتك الشخصية هل كنت تسعى للتقريب بينه والحزب الشيوعي؟

    =لم يكن هنالك وقت لذلك اللقاء، فقد كان قبل التحرك بيوم.

    * كنتم على علم بموعد الانقلاب؟

    = نعم .. لنا ضباط وصف ضباط في الجيش، كما ان نميري وهو في طريقه لخور عمر التقى بعبد الخالق.. واقتنع النميري بعد المناقشة بينه وعبد الخالق بفكرة تأجيل الانقلاب، وقال للقوات المعسكرة بخور عمر: (لم استطع ان أقنع حتى صديقي محمد ابراهيم نقد)..ورد عليه الضابط محجوب برير محمد نور بأنه قد قام بتعبئة الجنود واذا لم يقرر النميري التحرك فسيتحرك هو نحو الخرطوم فقد وثق محجوب لهذه الواقعة في احد كتبه .

    * نميري.. هل كان يمكن ان يتراجع عن الانقلاب؟

    = اذا التقينا به قبل فترة كان يمكن ان يقتنع بفكرة التراجع عن الانقلاب.

    * لماذا لم تسعوا لحماية الديمقراطية؟

    =(تقصد ان نبلغ عليهو؟)...

    ''المجالس امانات''.

    * وماذا عن امانة الحفاظ على الديمقراطية؟

    = ليست بهذه الطريقة (الزول ائتمنك تمشي تبلغ عليهو؟..تاني حتشتغل سياسة كيف؟.. اياك ان تفعل ذلك لا في السياسة ولا في الصحافة).

    * هل كان ذلك اول لقاء بين الرجلين نميري وعبد الخالق؟

    = كانت هنالك لقاءات اجتماعية في منزل المرحوم بابكر كرار ولم تكن في اطارعمل سياسي.

    * نقطة مهمة ارجو التوقف عندها قليلاً..هل كانت هنالك اصابع للمخابرات المصرية في الانقلاب؟

    = ليس لديّ معلومات عن هذا الامر.. لكن من الناحية السياسية العامة وارداً ان يكون لهم علم.

    * عن طريق من؟

    ضحك ساخراً.

    = ثم قالما يصحش).

    * الخلاف بينكم ومايو ،أنكم كنتم تريدون سيطرة الحزب على الحكومة على الطريقة السوفيتية؟

    = هذه تحليلات وتخرصات ..من الافضل ان يتم التعامل مع الحقائق كما هي، نحن كنا نرفض الدخول في الحلقة الشريرة للانقلابات.

    * ولكنك قلت من قبل انكم فى تجمع القوى الاشتراكية كنتم تتناقشون حول الخيار الانقلابي..ألم يكن ذلك جزءاً من الحلقة الشريرة التي تشير اليها؟

    = لا تخلط الاوراق مع بعضها البعض، الحديث داخل اجتماعات القوى الاشتراكية كان الهدف منه اعادة تجربة اكتوبر مرة اخرى عبر عمل جماهيري يجد مساندة من قبل القوات المسلحة،وقبل ان تكتمل هذه المناقشات سارع القوميون العرب لتنفيذ الانقلاب.

    * اكتوبر كانت ضد نظام عسكري، وانتم ترتبون لاسقاط نظام ديمقراطي؟

    = في اجتماعات القوى الاشتراكية لم يكن الانقلاب هو الخيار الاول (اذا رجعت لدار الوثائق القومية ستجد نسخاً من ميثاق القوى الاشتراكية الذى صدر العام 1968).

    * لكنكم تنازلتم عن موقفكم وسارعتم لتأييد النظام والعمل من داخله ورتبتم لمسيرة 2يونيو؟

    = عبد الخالق كان يرى الانتظار للتأكد من مدى التزام النظام بالاطروحات التي نادى بها ولكن كان هنالك رأي بتقديم الدعم الجماهيري للنظام لإعانته على تطبيق الشعارات التي جاء بها.

    * لكنكم سعيتم لتوفير دعم للحزب من الاتحاد السوفيتي؟

    = الاتحاد السوفيتي كان له موقف من مايو مستقل عن موقف الحزب بالداخل..فهو كان أميل لمراعاة مصالح مصر وتأمين ظهرها أكثر من اي شئ آخر.

    * عبد الخالق في مؤتمر الاحزاب الشيوعية بموسكو العام 1969 دعا لدعم حكومة مايو واعتبرها امتداداً لأكتوبر؟

    = هو كان يتحدث عن تقييم التجربة ومدى التزامها بالشعارات التى رفعتها.

    * هو تحدث عن دعمها سياسياً واقتصادياً ضد الاستعمار الحديث؟

    = ارجو ان ترجع لنص الخطاب وهو موجود في ارشيف عدد من الصحف. الخطاب تم بعد مناقشة السوفيت وتمت مع عبد الناصر.

    * عبد الخالق ظهر في عدة منابر لمايو؟

    = ظهر في ليلة سياسية واحدة فقط..كانت في الندوة التي اقيمت بنادي العمال ببحرى من قبل القوى الاشتراكية و.

    * ولكنه تحدث بعد النميري وفي ذلك تجاوز للبروتكول وتأكيد لدور الحزب داخل مايو؟

    = (حقيقة لانو الجمهور دا جمهورنا.. النميري كان داير يتحدث براه، وداير عبد الخالق يتحدث قبالو عشان اضطر لمدحه والثناء عليه).

    * العلاقة بينهما هل كانت تعاني من اعراض الحساسية بين العساكر والمدنيين؟

    = هذه الحساسية موجودة بين اطراف الحزب الواحد، لكن الخلاف كان حول المواقف والآراء.. (في تقديري الشخصي ان جعفر نميري لديه حساسية تجاه السياسيين من اليسار او اليمين.. قد لا يعترف بذلك).

    * لماذا لم تحاول التقريب بين الرجلين كما جمعت بينهما من قبل؟

    = كنت مقتنعاً ان النميري لن يقبل بالحزب الشيوعي الا ان يكون تحت يده.(ومع ذلك حاولت وذهبت للنميري وفي اثناء الحديث، دخل عزالدين السيد فقد كان صديقاً للنميري منذ ان كانا في الفاشر، واستأذنت بالانصراف.. وعند الباب قلت للنميري: رأيك شنو في اللقاء بعبد الخالق؟ قال لي: انا بيتي فاتح.. قلت له عبد الخالق ما جاي اتغدى معاك!.. ودعته وذهبت لعبد الخالق وقلت له: اصرف النظر عن هذا اللقاء).

    * هل كانت هنالك محاولة لايجاد طريق ثالث بينكم والنميري؟

    = حاولنا ذلك على ان يقوم التفاهم على استمرار البرنامج المعلن، وان يحافظ الحزب على وجوده المستقل والا يذوب في الاتحاد الاشتراكي مع استمرار التحالف الواسع.

    * كان الاولى ان يكون الاهتمام ببرنامج الحزب لا باسمه، التمسك بالاسم يدل على عدم المرونة؟

    = هنالك فرق بين الدخول في تحالفات واسعة وبين الدعوة لإذابة الحزب..نحن مع التحالفات وضد التذويب.

    * ماذا كان دورك وقتها؟

    = كنت نشطاً في جوانب العمل السياسي والتنظيمي.

    * متى رأيتم ان العلاقة مع مايو قد بلغت قمة التوتر؟

    = في 16 نوفمبر 1970 بعد عزل بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله.

    * قبل ان اختم هذه الحلقة .. هل التقيت بنميرى قريباً؟

    = ولا حا أقابلو أبداً.


    --------------------------------------------------------------------------------

    مع محمد ابراهيم نقد... حكاوي المخابيء وأحاديث العلن.. (7)

    الحـزب لم يقــرر انقلاب «19»يوليو!

    نميري لم يضع «السم» في طعام عبد الخالق!

    حوار/ضياء الدين بلال

    الراي العام 22 أبريل 2007

    تمضي حلقات (حكاوي المخابئ وأحادث العلن) مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد الى ذروة التوتر والقلق في الاتجاه نحو الختام،ونعد الذين اتصلوا بنا للتعليق على بعض ما قيل أوالرد على بعض ما ورد، بأننا سنفسح مساحة مقدرة لنشر ردودهم وتعليقاتهم..فقد اتصل بي الاستاذ نقد وطلب مني ضرورة ان تتاح الفرصة لآخرين ليرووا الاحداث كما يرونها حتى تكتمل اوجه الحقائق..وذلك ما سنفعله ان شاء الله.

    * بعد وصول العلاقة بينكم والنميري نقطة اللا عودة بطرد الضباط الثلاثة (بابكر وهاشم وفاروق)..ما هو الدور الذي كنت تقوم به داخل الحزب انت محمد ابراهيم نقد؟

    - كنت مشغولاً بالمساهمة في ترتيب الاوضاع الداخلية للحزب.. وفي العمل السياسي كنت أذهب الى الندوات وأقول رأيي.. ولم أحاول ان التقي بالنميري وكنت أعرف انه لا سبيل للتفاوض معه ، ثانياً كنا مشغولين بالعمل وكيفية تأمين عملنا في مختلف مواقع العمل الجماهيري وكيف نؤمن الحزب نفسه، من تلقي ضربات موجعة.

    * هل كنتم تتوقعون أن تأتي اليكم ضربة مباشرة من مايو ؟

    - كان نشاطهم يقوم على التضييق على الحزب والحد من مساحة حركته..

    * ألم تختف أنت في ذلك الوقت؟!

    - لا.. لا.. لم أختف.. ولكن لم أكن أظهر بشكل علني، ولم أكن مستقراً بالمنزل ، وقتها عقد السوفيت وساطة بين الحزب وسلطة مايو لتجاوز الأزمة القائمة... وكان قد تقرر ان أشارك في الوفد و لكن كان هنالك أمر قبض صادر في حقي.. تصادف ذلك مع احتفالات «حنتوب».. وأذكر تدخل برير الانصاري «عليه رحمة الله» بحكم أننا كنا أصدقاء أنا وبرير الانصاري وجعفر نميري ومجموعة اخرى، وكان برير في لجنة التحضير للاحتفال ومعه المرحوم عبدالعزيز شدو، وكان الاحتفال يبدأ من داخلية أبوعنجة «وهذه هى الداخلية الكنا فيها أنا والنميري والترابي» فاتصل بي برير وقال لي: (نحن قابلنا نميري وبما أن الاحتفال يبدأ من داخلية أبوعنجة فطبيعي أن تكون كل مجموعة أبوعنجة موجودة) ... نميري قال لي شدو والانصاري: (ما عندي مانع نقد يطلع وما يتم القبض عليه ،خلاص يطلع لكن يجي يمشي معانا بالقطر) .. رفضت ذلك و قلت لهم: «.. أنا بصل بي طريقتي».. وفعلاً هم ذهبوا بالقطار بالليل وأنا ذهبت صباح اليوم التالي. واتصلت بجوزيف قرنق ونقلت اليه ما دار بيني وشدو والانصاري.. وقلت لهأنا من خلال معرفتي بالبوليس لابد ان يكون هناك أمر كتابي يلغي امر القبض فالبوليس لن يتركني.. فأرجو ان تتصل بوزير الداخلية أبوالقاسم محمد إبراهيم لايجاد معالجة) ،فاتصل به، فقال له أبوالقاسم فعلاً لقد جاءنا قراربرفع أمر القبض عن نقد). فاتصلت بأبي القاسم فقال لي: (لقد أخبرت جوزيف بالقرار)،. فقلت لأبي القاسم: (إنت في هذه الحالة يجب ان تتصل بمدني لأن البوليس لا يقبل كلاماً عبر التلفون ) وعدني بأنه سيتصرف ، وذهبت لحنتوب وشاركت في الجزء الثاني من الاحتفال ''كحكم راية'' في المباراة الرئيسية في الاحتفال وكان كل تفكيري كيف استطيع ان اغادر مدني قبل مغيب الشمس .

    * اذاً قابلت النميري؟!

    - قابلته.. و ذهبنا الى المكان الذي كنا مستقرين فيه بالداخلية....

    * ماذا دار بينكما؟

    - حياني بطريقته المعروفة (كيف ..يا نقد).

    * النقاش كان متعلقاً بنشاط سياسي؟

    - طبعاً...

    * بأي نشاط؟

    - طبعاً.. نشاط الحزب الشيوعى.

    المهم ..بعد انتهاء الاحتفال حاولت الخروج من مدني قبل مغيب الشمس، وأنا احاول ترتيب الامر جاءني رجلان من الشرطة وقالا لي انت في امر قبض صادر في حقك لابد ان تذهب معنا لمركز الشرطة)..ذكرت لهما ماتم الاتفاق عليه مع ابو القاسم ،اتصلت بمنير حمد سكرتير مجلس الثورة وتدخل مشكوراً وتم اطلاق سراحي...ولا اعرف الى الآن ان كان الرجل قد اتصل بالنميري أو بأبي القاسم أو لم يتصل وتصرف بشكل منفرد؟!.

    ×هل كان هنالك سوء نية مبيتة لاصطيادك بعد الاحتفال؟

    = لا ادري ولكن ''الحدث'' توزع دمه بين ابو القاسم والنميري وشرطة مدني..لا اعرف من اين جاء سوء النية من النميري ام من أبو القاسم أم من شرطة مدني..ام ان الامر كان التباساً عفوياً...كل الاحتمالات واردة.

    * طيب يا أستاذ.. هل في ذلك الوقت بدأتم في التفكير في الانقلاب على النميري؟

    - مؤكد في تلك الفترة لم تكن مجموعة هاشم العطا تفكر في الانقلاب.. لكن من وقت لآخر إذا كانت هناك معلومات أو رقابة عليهم أو أحداث في الجيش كانوا يخبروننا بها، وحقيقة كانت هناك أكثر من قوى سياسية تعمل في الجيش،. وفي تلك الفترة كان الحزب يمضي في نشاطه السري وكنا نضغط في موضوع إطلاق سراح عبدالخالق، وكنا نحس ان «ناس نميري» يريدون أن يتركوا عبدالخالق في السجن لاطول فترة ممكنة.. فبدأنا التفكير في تهريبه مستعينين بالشيوعيين الموجودين في سلاح الذخيرة و هم أبدوا استعدادهم منذ أول أسبوع أعتقل فيه عبد الخالق، وكانت الصلة بعبد الخالق منتظمة ،وفي هذه المدة يبدو لي أنه بدأت تتكثف الرقابة على هاشم ومحجوب إبراهيم وغيرهما.

    * الى تلك الفترة لم يتم التفكير في أي عمل نقلابي؟

    - لم يكن مطروحاً.

    * بالرغم من ان الحزب الشيوعي أصدر بيانات بعد بيان النميري الشهير ضد الشيوعيين ، يدعو فيها الحزب الجماهير للإطاحة بالنظام..؟

    - لم تكن هناك دعوة لإسقاط السلطة.. و«يمكن ان تعود للبيانات مرة اخرى»، وكانت البيانات تدعو لعودة الديمقراطية والشعارات الأولى لمايو التي قام عليها التحالف ولحرية المنظمات الجماهيرية واستقلالها، والتحذير من موضوع الحزب الواحد. و من الديكتاتورية العسكرية.. ولو رجعت الى الكثير مما كتب في تلك الفترة خصوصاً عن بيت الضيافة «19 يوليو» وما قبلها وما بعدها ستجد أنك تستطيع ان تلمس: ما هي الجهات التي كانت تحضر لإنقلابات ؟

    صمت

    ثم قال :لابد أن ترجع أنت كمؤرخ وتعرف الذين كانوا يحاولون عمل إنقلابات عسكرية. نحن كنا مشغولين بوضع عبدالخالق فقد أخذوه أولاً الى السجن الحربي في أمدرمان ثم منها الى الذخيرة، وكنا مطمئنين على صحته وأحواله، لكن كنا نحس أنهم يريدونه ان «يرتمي في السجن» فبدأنا التفكير في موضوع تهريبه..

    * و ماذا عن الحديث الذي قيل عن ان نميري كان يريد التخلص منه عبر تسميمه.. هل هذه إشاعة أخرجها الجناح العسكري ليمرر خيار الانقلاب؟

    - لا.. الجناح العسكري كان متأكداً أنه مثلما تم نقل عبد الخالق من السجن الحربي الى الذخيرة كمحطة مؤقتة ،يمكن ان يذهبوا به الى مكان آخر يصعب علينا الاتصال به..

    * لكن ألم يكن هناك احتمال لاعدامه؟...

    - لا.. لم يكن موجوداً.. ولم تخرج إشاعة بهذا المعنى.

    * الغريب انني قرأت في عدة مصادر ان هنالك معلومة سربها الجناح العسكري تقول ان نميري يريد اعدام عبد الخالق عبر التسميم البطئ؟.

    - لا.. هذا غير صحيح.. طالما أنه في سجن مصنع الذخيرة نحن نكون مطمئنين لأن لدينا مجموعة تابعة للحزب هناك.

    * طيب فكرة التهريب.. هناك حديث بأن هناك سيناريو خاصاً بسكرتارية الحزب وهناك سيناريو آخر خاص بالجناح العسكري ؟

    - كان هنالك سيناريو واحد متفق عليه وكانت هنالك لجنة مكونة للقيام بالمهمة بمسؤولية المرحوم عبد المجيد شكاك ، هذه في الجانب المدني وقرار التهريب طرح في اجتماع من اجتماعات اللجنة المركزية وقامت السكرتارية بالمتابعة مع مجموعة سلاح الذخيرة ومجموعة هاشم العطا التي لم تحاول تهريب عبد الخالق بل حاولت الاتصال به.. العسكريون بدأ دورهم بعد خروج عبد الخالق من مصنع الذخيرة .

    * هناك كثيرون يحاولون الربط بين تهريب عبدالخالق من مصنع الذخيرة والسيناريو المرتب لـ «19 يوليو» على أساس ان التهريب جزء من الترتيب لـ «19 يوليو»؟

    - محمد محجوب ومحجوب إبراهيم.. (محمد محجوب بحكم أنه أخ عبدالخالق ومحجوب إبراهيم قريب عبدالخالق وكان يعمل في مصنع الذخيرة ) هما ارادا الذهاب اليه بالذخيرة لمشاورته وليس لتهريبه لأنهما يعلمان ان الحزب يتابع موضوع تهريب عبد الخالق ويرتب له.. فلم يتمكنا من الالتقاء به و كل ما قيل غير ذلك استنتاجات لا أكثر.. وتهريب عبدالخالق تم بواسطة مدنيين ومن العسكريين كان هنالك محجوب إبراهيم والخطة تمت بسهولة وبمساعدة العريف عثمان عبد القادر..وعندما التقى العسكريون بعبد الخالق نقلوا اليه رأيهم بأن الوضع في الجيش ما عاد يحتمل الصبر عليه .

    * هل كان هذا أول طرق لموضوع الانقلاب على مايو؟

    - نعم.. لذلك هو أصر على مقابلة كل مجموعات الضباط الشيوعيين وغير الشيوعيين الموافقين على فكرة الانقلاب هذا أولاً، وثانياً قال لهم بأنه لن يعطي أي رأي ولن يصدر قراراً ما لم يطرح الموضوع على المكتب السياسي للحزب.. وهذا تأخر لاننا كنا في ظروف صعبة وكان هناك حصار ورقابة على الشفيع وغيره من القيادات .

    * الاستاذ محمد إبراهيم نقد كيف كنت تتابع المسألة والى أي مدى كنت تشارك في العملية؟

    - أنا لم أشارك في تنفيذ العملية ، لكن كنت أتابع مساراتها عن قرب .

    * هل عرفت أنه كان في منزل أبوشيبة بالقصر الجمهوري؟

    - لم أحب أن أسأل.. لكن كنت أعرف انه مع العسكريين.. (وهناك أشياء أنت لا تسأل عنها).

    * سيناريو التهريب.. هل وضعه عبدالخالق أم وضعتموه أنتم؟

    - كان لابد ان يتم تشاور على خطة التهريب بين الاطراف المشاركة في التنفيذ.

    * الفكرة المركزية في التهريب والطريقة من حددها؟

    - الطريقة وصلنا اليها بالتعاون مع عسكريي الحزب في سلاح الذخيرة.

    * هل يعني ذلك ان عبد الخالق كان عليه التنفيذ فقط؟

    - عبد الخالق تشاور مع مجموعة الذخيرة..فهو كان يمثل طرفاً ومجموعة العسكريين في الذخيرة طرف اخر ونحن في الخارج طرف ثالث، والاطراف الثلاثة تلاقت جهودها في هذه المهمة.

    * ألم تضعوا أي احتمال ان تكون هذه فرصة لمايو للتخلص من عبدالخالق إذا تم اكتشاف الخطة في لحظات التنفيذ؟

    - رغم كل شئ كان لابد من التحرك السريع قبل ان يرحلوه من الذخيرة الى مكان آخر ويتعذرالاتصال به .

    * هل صحيح ان عبدالخالق وقتها كان هو المسؤول المباشر عن الجناح العسكري للحزب؟!

    - كان هناك مسؤولون آخرون.. وبعد أن أبعد هاشم وبابكر من مجلس قيادة الثورة آلت لهما المسؤولية.

    * وماذا عن عبد الخالق سكرتير للحزب؟

    - نعم كانت الصلة بين الحزب والعسكريين تتم عن طريقه هو وعن طريق آخرين مثل المرحوم شكاك.

    × وهل صحيح انه صنع علاقة مستقلة عن سكرتارية الحزب مع هذه المجموعة العسكرية؟!

    - قال بتعجب: كيف ذلك..؟!!

    وإذا حدث ما تقول كيف كان يمكن عقد اجتماع يضم مدنيين وعسكريين هاشم وبابكر والشفيع وانا.. (يا أخي هناك الكثير من الكلام يُقال ..بلا علم وبلا معرفة).

    * قد يكون بحكم السرية لم يخبركم عبد الخالق ببعض الامور..أو على الاقل لا يريد ادخالكم في التفاصيل؟

    - السرية التي كان يخشى اكتشافها هي صلته بالجيش و«خلاص المعلومة انكشفت» .

    «يضحك».

    - ثم قال: أليس كذلك؟

    (.........)

    - يواصل: وإذا كانت أصلاً هي امراً سرياً فيجب ألا تكون معروفة حتى بالنسبة لنا ..لكن هناك مدنيين غيره كانوا يعملون مع الجيش في التثقيف أو التنظيم أو غيره..

    * هل عملت في الجيش؟

    - لا.. أنا مكشوف لعدد كبير جداً من الضباط «دفعتنا والقدامنا والورانا».

    × ماذا تم بعد تهريب عبد الخالق؟

    - تكرر الضغط على هاشم داخل الجيش للاسراع بالعملية الانقلابية.. وعدهم بالرجوع للحزب ورجع للحزب.. التقينا في منزل في الخرطوم وقتها وتم الاتفاق على عقد اجتماع للمكتب السياسي. فاستغرقنا عدة أيام لنجد منزلاً مناسباً لقيام اجتماع المكتب السياسي.. وفي الآخر أجرينا اجتماعاً في الحلفاية لأننا لم نكن مطمئنين كثيراً لكل الأماكن الأخرى.. وطرح فيه رؤية تنظيم الضباط الاحرار وفيه الشيوعيون حيث يعتقدون أنه ليس هناك سبيل غير ان يتحركوا وهم يريدون أن يصححوا الأخطاء التي وقعت فيها مايو لأنهم كانوا جزءاً منها.. فما هو رأي الحزب؟ وكان رأي الحزب بأنهم كحركة تصحيحية من حيث المبدأ مقبولة ولا اعتراض عليها، لكن يجب الا تكون الحجة قائمة على ان الضباط الوطنيين أو الديمقراطيين سيفصلون من الجيش فهذه ليست حجة لأنه سيأتي غيرهم لاحقاً.. أما إذا كان الغرض تصحيح مسار الحركة العسكرية بحيث تكون علاقتها مع الحركة السياسية والنقابية مستقيمة فهذا شيء معقول ومقبول ، وثانياً كان لابد من التأكد من اشياء مهمة جداً اولها الحفاظ على الحريات و قراءة المواقف العربية، و الافريقية وتوقع ردود افعالها .

    * اذاً تم التأمين على الفكرة؟!

    - المكتب السياسي عندما اتخذ القرار لم يتخذ القرار (بنحن موافقون )، كانت الموافقة من حيث المبدأ مع التأكيد على ان الخطوة تحتاج الى بحث أكثر..

    * لكن محمد محجوب كتب في كتابه عن «19 يوليو» أن المكتب السياسي أيد هذه المسألة وتبقت اعتبارات زمنية وترتيبات فنية؟!

    - محمد محجوب لم يكن موجوداً وكان وقتها في ألمانيا، ذهب هو وفاروق الى هنالك.. نعم..كونه كان في قيادة التنظيم هذا صحيح وكان على علم بكل ما يدور ..أنا وقتها كنت حلقة الوصل بين هاشم والمكتب السياسي للحزب.

    * ولكن....؟

    - اعطني فرصة.. هم نقلوا الينا الاوضاع داخل الجيش بأن هناك ضغطاً مستمراً عليهم كشيوعيين بأن يتحركوا ..فما هو رأي الحزب؟.. وضعنا كل الاحتمالات موضع النقاش وطلبنا منهم ان يحاولوا الضغط لإقناع الضباط المطالبين بالانقلاب بالصبر قليلاً، لأن الاستعجال غير مفيد و لابد أن يكون برنامج التغيير واضحاً فلا يمكن ان نقول «والله نحن شلنا نميري وبعد داك نقعد نتلفت» ، وأن يعطونا أجوبة على اسئلة محددة وعلى ضوء اجوبتهم نقرر: هل سيطاح بمجلس الثورة كله؟، وهل ستكون هناك اتجاهات مختلفة في مجلس الثورة الجديد أم اتجاه واحد؟..أسئلة يمكن ان يسألها أي شخص.. وأبلغنا هذا الكلام لهاشم فقال أنا خارج الجيش والذين يمسكون بالعمل في الداخل هم الذين يضغطون، أنا سأحاول ان أذهب اليهم بهذا الكلام وأقنعهم).. وكان هذا الحديث حوالي منتصف يوليو واتفقنا على ان نلتقي مرة اخرى، و ذهبت الى عبدالخالق وحكيت له ما حصل فقال لي: (متى ستلتقي بهاشم؟) فقلت له بعد غد) .قال لي (طيب.. نحاول نضغط عليه مرة ثانية) ثم اضاف (محمد..لازم هاشم يقابلني) وعدته بذلك.. (والغريبة أن ميعادي مع هاشم كان يوم «19» يوليو نفس يوم الانقلاب)، وكان يفترض ان نلتقي الساعة «8» مساء في سوق العمارات بجانب مدرسة البنات (هناك في شارع أسفلتي وكان مفترض أن يأتي من العمارات بجهة الشرق وأنا آتي بشارع محمد نجيب من الغرب للشرق سائراً على الاقدام وهو من الشرق للغرب وكلانا يرى الآخر ويرى كل منا إن كان الآخر مراقباً أم لا؟. والى ذلك الوقت لم نتلق الرد من هاشم ولم نلتق به، ولذلك يوم «19» لم يكن يدري هاشم أين يجدني فقد قام بالانقلاب نهاراً .. وموعده معي كان ليلاً ولذلك قام بجولة طويلة ليعرف أين أنا و أين عبدالخالق؟ ولم يصل الينا إلا ليلاً..!

    نواصل


                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-12-07, 05:49 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-12-07, 05:54 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-12-07, 05:57 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-12-07, 05:59 AM
        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-12-07, 04:05 PM
          Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-12-07, 05:05 PM
            Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد sultan04-12-07, 05:45 PM
              محمد إبراهيم نُقُد وإخفاء وصية عبد الخالق محجوب الاخيرة Abdel Aati04-12-07, 06:56 PM
                Re: محمد إبراهيم نُقُد وإخفاء وصية عبد الخالق محجوب الاخيرة Abdel Aati04-12-07, 06:57 PM
                  Re: محمد إبراهيم نُقُد وإخفاء وصية عبد الخالق محجوب الاخيرة Abdel Aati04-12-07, 06:59 PM
                    مالم يقله الاستاذ نقد في ندوته بالديوم Abdel Aati04-12-07, 07:07 PM
                      Re: مالم يقله الاستاذ نقد في ندوته بالديوم Abdel Aati04-12-07, 07:09 PM
                        Re: مالم يقله الاستاذ نقد في ندوته بالديوم Abdel Aati04-12-07, 07:10 PM
                          العصبة الشيطانية ومنهج البقاء في قيادة الحزب الشيوعي Abdel Aati04-12-07, 07:15 PM
                            Re: العصبة الشيطانية ومنهج البقاء في قيادة الحزب الشيوعي رؤوف جميل04-12-07, 08:04 PM
                              Re: العصبة الشيطانية ومنهج البقاء في قيادة الحزب الشيوعي elsharief04-13-07, 05:15 AM
                                Re: العصبة الشيطانية ومنهج البقاء في قيادة الحزب الشيوعي Abdel Aati04-15-07, 00:57 AM
                Re: محمد إبراهيم نُقُد وإخفاء وصية عبد الخالق محجوب الاخيرة elsharief04-14-07, 11:09 PM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Atif Makkawi04-12-07, 08:39 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-12-07, 09:54 PM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-13-07, 05:56 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Abdel Aati04-15-07, 01:04 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Abdel Aati04-15-07, 01:02 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد TahaElham04-13-07, 08:15 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-14-07, 05:24 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-14-07, 10:58 PM
        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-14-07, 11:21 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Abdel Aati04-15-07, 01:07 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-15-07, 07:36 AM
        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد طلعت الطيب04-15-07, 04:52 PM
          Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-15-07, 08:06 PM
            Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد طلعت الطيب04-15-07, 09:10 PM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد EHAB ALI04-15-07, 10:39 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Raja04-15-07, 11:59 PM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد طلعت الطيب04-16-07, 03:10 AM
  الاستاذ محمد ابراهيم نقد عادل طه04-16-07, 11:58 AM
    Re: الاستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-16-07, 03:56 PM
      Re: الاستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-16-07, 06:15 PM
        Re: الاستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-16-07, 07:33 PM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد طلعت الطيب04-17-07, 00:17 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-17-07, 01:54 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-17-07, 06:17 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-18-07, 05:31 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-18-07, 05:44 AM
        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-19-07, 05:27 AM
          Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-19-07, 05:37 AM
            Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-19-07, 05:39 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد عمر ادريس محمد04-19-07, 02:42 PM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد عمر ادريس محمد04-19-07, 02:45 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-21-07, 05:36 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Atif Makkawi04-20-07, 04:14 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-21-07, 05:34 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Atif Makkawi04-21-07, 05:58 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-21-07, 11:39 PM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد الجيلى أحمد04-22-07, 00:22 AM
        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-22-07, 00:51 AM
          Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد الجيلى أحمد04-22-07, 01:13 AM
            Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-22-07, 04:21 AM
              Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-22-07, 04:29 AM
                Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد HAYDER GASIM04-22-07, 07:57 AM
                  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-23-07, 05:29 AM
                    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-23-07, 05:31 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-23-07, 06:53 PM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-24-07, 04:19 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-24-07, 04:31 AM
        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-24-07, 04:34 AM
          Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-24-07, 04:52 AM
            Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-26-07, 05:12 AM
              Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-26-07, 05:16 AM
                Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief04-29-07, 00:58 AM
                  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد طلعت الطيب04-29-07, 06:30 AM
                    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد Atif Makkawi04-29-07, 06:53 AM
                      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-29-07, 08:34 AM
                        Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد طلعت الطيب04-29-07, 04:18 PM
                          Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد رؤوف جميل04-29-07, 05:30 PM
                            Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief05-04-07, 04:59 AM
                              Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief05-09-07, 05:03 AM
                                Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief05-12-07, 06:33 PM
                                  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief05-12-07, 11:52 PM
                                    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد elsharief05-13-07, 04:21 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد BAKTASH05-13-07, 09:18 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد BAKTASH05-13-07, 09:31 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد A.Razek Althalib05-13-07, 10:04 AM
      Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد BAKTASH05-13-07, 10:30 AM
  Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد BAKTASH05-13-07, 09:42 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد A.Razek Althalib05-13-07, 11:02 AM
    Re: الأستاذ محمد ابراهيم نقد A.Razek Althalib05-13-07, 11:06 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de