|
قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره
|
قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره
قرأت قصة من الأثر القديم ، وهي قصة لقمان بن عاد والذي دعا الله أن يمنحه عمراً طويلاً ، فسمع منادياً من السماء أنه لا سبيل إلي الخلود ، ولكن يمكنه الإختيار بين عمر سبعة نوات تمر لا يبلغهن التلف أو عمر سبعة نسور متعاقبة ، فأختار عمر النسور ، لأن النسر في الاسطورة العربية يُمكن أن يعمر خمسمائة سنة ، فكان لقمان يمضي إلي الجبل فيأخذ النسر الصغير ويطعمه ويرعاه حتى يبلغ آجله ، وعندما يموت يختار غيره حتى أنقضت النسور الستة ، النسر الأخير أو السابع عاش ألف سنة ، أنتهت الفرصة الأخيرة ، وفي ذلك اليوم لم يقوي النسر الأخير على الطيران فمكث في عشه فشعر لقمان بالوهن والضعف الرجل : أتى لُبد على لُبد ، رحل النسر عن الحياة ورحلت معه أحلام إنسان حاول مقاومة الأجل بكل السبل . وقد تناول النابغة الذبياني هذه القصة بأبيات من الشعر فقال : أمستْ خلاءً وأمسى وأهلها احتملوا ** أخنى عليها الذي أخنى على لبد في السودان أتي لُبد على لُبد ، إنهارت الإنقاذ وشاخت ، لم تُعد تملك نفس اللسان القديم عندما أستلمت السلطة في يونيو 1989م ، بدأ الإنهيار واضحاً للعيان بعد أحداث العاشر من مايو من عام 2008م ، فقد أكتشف الشعب السوداني أنه لا يملك قوات مسلحة ، وقد أكتشف أيضاً أنه في حالة وقوع الكارثة ، أن الأولية المطروحة هي الحفاظ على بيض النعام وليس بيض عصافير الدوري البريئة ، يملك رجال الإنقاذ من حضارة العصر فقط جهاز التلفاز الذي وضعوا فيه نسائهم ومحاسيبهم وعليهن الماكياج الذي لا يخفي تعرجات الزمان ، فقد أخنى عليهن الذي أخنى على لبد ، توالت عليهم الكوارث ، وفي حقيقة الأمر أن الكوارث توالت على الشعب السوداني ، حصرياً قناة الشروق ، مباشر من تلفزيون السودان ، والمشهد المنقول هو طائرة الأيربص التي أحترقت بين حصرياً ومباشر ، يحرصون على توثيق المحرقة ولكنهم لا يحترمون مشاعر الأسر التي كانت تتفرج على حفل الشواء البشري المنقول على الهواء ، ناشد التلفزيون السوداني الناجين بتسليم أنفسهم للسلطات ، وهي كانت حملة ليوم واحد أنتهت بإنتهاء مراسم الدفن ، فالصلاة الرئاسية تعني أن الملف قد طُوي ونحن في إنتظار مولود الكارثة القادم ، لم ننتظر طويلاً ، لم يجف ثرى الذين دفناهم من ضحايا طائرة العاشر من يونيو فأفاق الناس على كارثة طائرة ملكال ، لم يحوم الإعلام السوداني كثيراً حول هذه الحادثة بحكم أن الواقع الحالي تتحكم فيه الجهويات ، والعبرة فقط بما يحدث في الخرطوم وللأطراف ربٌ يحميها ، وقد أستندنا في قراءة هذه الحادثة على إفادات الناجي الوحيد ، وقد أختفى أيضاً هذا الشاهد ثم سطعت في السماء رواية البرق الحارق ، زمجرة الطبيعة والقضاء والقدر هما وراء سقوط الطائرة ، وقد تبادلت كل من جمهوريتي روسيا وأوكرانيا الإتهامات حول هوية الطيارين ، موقع أخبار روسي أكد أن الطيارين كانوا من أوكرانيا ، أما الملاحين فكانوا من جمهورية أرمينيا ، أنه السودان ، جمهورية الموز الجديدة التي جمعت المتناقضات من جمهوريات أسيا الوسطى ، أنه الذهب الأسود الذي جمع كل هذا اللفيف ، أنهم المستكشفين الجدد في بلد خاوٍ من أهله تديره مليشيا عن طريق دفع الأموال . يقول مؤرخي الإنقاذ أن ليلة الثلاثين من يونيو هي بداية تاريخ السودان الحقيقي ، سودان العزة والكرامة والسيادة وغيره من الكلام المعسول الذي كان يردده يونس محمود ، بدأ تاريخ السودان لينتهي كضيف ثقيل حلّ على كل عواصم أفريقيا ، عُرضت الأزمة السودانية في المزاد ، بيع وشراء والدفع عن طريق الأقساط المؤجلة ، تحوّلَ السودان إلي بقرة حلوب تدر لبنها فقط للذين يعيشون في حي كافوري ويثرب ، هذه القلة لا تريد أن تخسر شيئاً ، ولا يفزعهم عامل السن حتى ولو عاشوا بعمر صاحب النسور السبعة ، ولأول مرة أحس بأن لعيد الثورة في هذا العام حسنةً ، عندما سقطت طائرة الأبابيل كانت الشوارع خاوية من المارة والسيارات ، هذا بفضل عيد الثورة للذين لا يحسنون تقدير قيمة المناسبات الوطنية ، طائرة الأبابيل كما يقول شهود العيان أنها أقلعت بنمرة ( 4 ) ، سقط منها الجناح الأيسر فأنحرفت لتصطدم بأعمدة الكهرباء ، تحوّلت إلي كرة من اللهب ، ومن حسن الحظ أنها وجدت قبراً جاهزاً فقبعت فيه وودعت هذه الدنيا الكئيبة بعبارة حفظتها من أحد الأفلام الأمريكية "Good bye cruel world" . سقطت الطائرة في الساعة السابعة صباحاً ، وقتها كان صانعي الإثارة من مفردات عاجل وحصرياً كانوا يغطون في نوم عميق ، هرعت سيارات الإطفاء إلي موقع الحادث ، هذه المرة كان رجال الإطفاء يرتدون الزي الكامل للطوارئ والسيارة كانت معبأة حتى الغطاء بالماء ، لكن للأسف لم يجد فريق الإنقاذ الوفي ما ينقذه ، فقد أتت النار أم سليمان على كل شيء ، فعاد الفريق بخفي حنين كما يقول المثل العربي ، وقد تمكن من إستعادة جثتين ، أما بقية الجثث فكما قال جون ريد في فلم الجلاد "Dust & air" ، ولا زلنا ننتظر بيان من جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق والتي أصبح يموت مواطنيها في السودان كما يموت المهاجرين الأفارقة على شواطي أوروبا ، يموتون بلا هوية ، ويموت معهم حلم الثروة وإكتناز المال وأماني العيش الرغيد . تذكرت في هذه العجالة مقولة سيدنا عمر بن الخطاب ، أنه كان يخاف الله إذا عثرت بغلة بالعراق أن يسأله لماذا لم تسوي لها الطريق ؟؟ ولي قناعاتي بهذا الخصوص أن المنهج الإسلامي لو طُبق كما ينبغي سوف يجد الجميع متسعاً فيه ، ولكن للأسف من ينفذ إلي التطبيق هو مدارس ممسوخة مثل حزب المؤتمر الوطني ، نعم أصدروا أمراً واقالوا الوزير المعني من منصبه ، أنهم يقدمونه ككبش فداء "escape goat " ، وكلنا نعلم أن الوزير المقال ما كان ليجرؤ على مواجهة مافيا شركات الطيران الخاصة ، هذه الطائرات يديرها متنفذون في الدولة وتعمل خارج سلطة الدولة والقانون ، ومعظمها طائرات مدنية ولكنها تعمل في المجال العسكري مثل نقل الذخائر والجنود ، ليس من شيم الإنقاذ فصل الوزراء المُقصرين عن العمل ، بل المعروف عنها ترفيعهم ووضعهم في مقامات أكبر من المناصب التي كانوا يشغلونها ، فالإنقاذ تتمسك بوزرائها حتى وإن ثبت تورطهم في جرائم ضد الإنسانية كما فعلت مع الوزير أحمد هارون ، إذاً لماذا تم إعفاء هذا الوزير على وجه التحديد ؟؟ هل لأن الحادث كدرَ إحتفال الإنقاذ بعيدها التاسع عشر ؟؟ أم السبب أن سعادة الوزير المعفي لا يملك أوراق رابحة يساوم عليها مثل السند الجهوي الذي يُمكن أن يضع إنسان أمي مثل موسى هلال في مرتبة وزير ؟؟ أم السبب أن هناك وظيفة أكبر تنتظر الوزير المُقال ؟؟ سارة عيسى
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | SARA ISSA | 07-01-08, 08:08 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Ashraf el-Halabi | 07-01-08, 08:22 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Murtada Gafar | 07-01-08, 08:47 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | عادل فضل المولى | 07-01-08, 02:03 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | قرشـــو | 07-01-08, 08:37 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Yasir Elsharif | 07-01-08, 10:11 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | صديق عبد الجبار | 07-01-08, 11:09 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | مزاحم الضوي | 07-01-08, 02:45 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Adil Osman | 07-01-08, 02:31 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | عاصم ابوبكر حامد | 07-01-08, 03:04 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Kamal Mirghani | 07-01-08, 04:53 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | عمران حسن صالح | 07-01-08, 05:49 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Murtada Gafar | 07-01-08, 05:56 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | عادل فضل المولى | 07-01-08, 06:19 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | SARA ISSA | 07-01-08, 09:31 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | sami Alzubair | 07-01-08, 10:22 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Adil Osman | 07-01-08, 09:56 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | البحيراوي | 07-02-08, 08:19 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Adil Osman | 07-02-08, 09:19 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | عبده عبدا لحميد جاد الله | 07-02-08, 09:54 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | Adil Osman | 07-02-08, 10:39 AM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | العوض المسلمي | 07-07-08, 12:52 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | محمد مكى محمد | 07-07-08, 01:29 PM |
Re: قصة طائرة الأبابيل وسر إعفاء الوزير المغلوب على أمره | على بدرى حاج | 07-07-08, 02:27 PM |
|
|
|