من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 02:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد قاسم(ودقاسم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-24-2004, 11:56 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟

    كان يخيّل إلىّ أن الحائط الغربي لمنزلنا القديم – كنا نسميه بيت حبّوبة - أطول مما عداه من حيطان المنزل . كنا نجلس هناك كما يحلو لنا ، في أي وقت ، طيلة النهار . الظل لا يغادر المكان ، وكنت أظن – وأنا صغيرة – أن ذاك الحائط يتمدد ليغطي وجه الشمس أينما حل . كانت حبوبة تنتقل عند حوالي الثامنة صباحا إلى الجلوس على العنقريب الذي لا يغادر ذلك المكان ، وهو من النوع القصير ذو الأرجل المخروطة ، نسجت حباله بعناية فائقة ،، وقد اعتاد عم عبد الجليل – هكذا كنا نسميه – أن يزورنا في فترات متباعدة فيصلح ما انقطع من حبال عنقريب حبوبة .. سألت حبوبة مرة عن تاريخ ذاك العنقريب ، فقالت لي أنه موجود قبل أن تفتح عيونها على الدنيا .. إذن هو عنقريب مورّث أمّا عن جدة . كنا نتحلّق حول حبوبة ولم يكن يجالسها أحد على العنقريب ، فقط كانت تنشر أطراف ثوبها ذات اليمين وذات الشمال فتبدو وكأنها تشغل العنقريب بكامله ،، حتى أمي وأخواتها كنّ يأتين ببنابر أو مقاعد من النوع الخشبي فيجلسن قبالة جدتي . كنت عندما أستمع في الراديو لقصة من تلك القصص التي كانوا يسردونها لنا عبر برنامج الأطفال ، وتتعرض القصة لملكة عظيمة أو أميرة مهابة ، كنت أتصور أنها تماما مثل حبوبة ، وكنت أتصور أن ذاك العنقريب هو العرش الذي تجلس عليه الملكة ..
    جدتي تصر على تسمية ذاك المكان من بيتنا بظل الضحى ، لكن الجلسة عادة كانت تطول وتتمدد حتى بعد انقضاء الضحى ،، بل أحيانا كانت الجلسة تستمر غالبية ساعات النهار دون أن ينحسر الظل ، أو تغادر جدتي المكان . ويقبع أمام جدتي موقد ( كانون ) لا تنطفي ناره إلا بعد انتهاء جلسة الضحى الممتدة تلك . وعلى بعد أربعة أو خمسة أمتار كانت تقف شجرة النيم الضخمة التي ألفناها وألفتها العصافير وألف أهل الحي جزءا منها يتمدد خلف السور فيمنح المارين ظلا وخضرة .. وفي الداخل تمددت شجرة النيم حتى لامست بعض أغصانها حائطنا الغربي . لم أكن في عمري ذاك منتبهة إلى الدور الذي تلعبه هذه الشجرة في زيادة مساحة وزمن الظل ،، كنت فقط أظن أن الحائط الغربي هو الذي يمنحنا الظل لأنه يدير ظهره للشمس ويرتفع كلما ارتفعت ،، ولم أكن عادة أشغل نفسي بتساؤلات عن مصدر الظل ، فقط أعرف أنه ظل الضحى ، وأعرف أن لي علبة هي في الأصل علبة حلوى تم شراؤها في واحد من أفراح أسرتنا . تلك العلبة مليئة بأشيائي الصغيرة ، عرائسي وحاجتهن من الزينة والكماليات ( الاكسسوارات ) . كنت لا أمل أبدا من إقامة المناسبات لعرائسي ، أزوجهن يوما ، وأطلقهن يوما آخر ، وأحتفل بختان هذه ، واقيم حفلات الزار لتلك ، أعيد إصلاح ما انكسر من رؤوسهن أو أيديهن أو أرجلهن ، وأغير لهن الفساتين ، وافصّل فساتين جديدة لمن يكبرن منهن .. وأصنع عريسا ، أو ابا ، أو أخا لهن .. ما كنت أكترث أبدا لملابسي التي اعتادت أمي أن تغسلها لي كل يوم ،، فكنت أجلس على التراب مباشرة رغم تحذيرات أمي المتكررة من أنها ستضربني إذا اتسخت ملابسي ،، لكن لم تكن جلسة الضحى تلك تصل إلى نهايتها حتى تضطر أمي لاستبدال ملابسي بأخرى نظيفة .. ولم تكن جدتي تهتم بهذا الأمر ، فقط كانت تنبهني فقط أن ابتعد قدر الإمكان عن الموقد ( الكانون ) حتى لا يحرق شرره المتطاير ملابسي ..
    سنوات الطفولة مرت سريعا ، ومرت بعدها جدتي ، مرورا لم تعد إلينا بعده ،، ودّعناها ببكاء مر ، ولبست أمي وأخواتها السواد زمنا ليس بقصير ،، ولم تعد جلسة الضحى كما كانت ،، العنقريب ذاك انتقل إلى إلى غرفة في بيتنا كنا نسميها المخزن ، بعض حباله تقطعت ، وعم عبد الجليل لم يعد يزورنا ،، ولا أعلم أين هو ، هل ذهب مع جدتي أم أنه باق وعاجز ،، وانتقلت اثنتين من خالاتي لبيوت أزواجهن ، وخالي سافر ،، سافر بعيدا ،، أمي تقول أنه اغترب ، وأخذ زوجته معه ،، تلك العروسة الجميلة التي لم تبق معنا إلا أياما قلائل ، غادرتنا بعدها إلى بلاد بعيدة ،، كنت أراها وكأنها إحدى عرائسي ، لكنها كانت العروسة الوحيدة التي لم تبق معي طويلا ، وقد ظلت في مخيلتي وكأنها تلبس ثوب زفافها ذاك في كل المواسم ..
    سنين طويلة مرت ،، هجرنا خلالها ظل الضحى ، والحائط الغربي باق على حاله يتمدد فيعطي ظلا ، لكن أحدا لا يجلس تحت هذا الظل ،، وشجرة النيم تلك تداعب أغصانها ذاك الحائط ، وأنا أروح وأجئ بين الجامعة والبيت ، وأتلقى مصروفي اليومي من يد والدي ، وهو يكدح طيلة النهار ليجلب لنا السعادة ،، لم يكن أبي يأبه بالحائط الغربي ، ولم يكن يأبه بشجرة النيم ،، وما عرف أبي طعما لظل الضحى ،، لكني فوجئت به في ضحى يوم من أيام إجازته الأسبوعية ينادي على أمي ، وسمعته يطرح عليها فكرة ما .. اقتربت منهما وهما يقفان في مواجهة الحائط الغربي ويديران ظهريهما لشجرة النيم ،، فهمت أن أبي يفكر في هدم الجزء الغربي من بيتنا القديم ( بيت حبوبة ) وقطع شجرة النيم ليقيم مكانهما بناء جديدا ،، في تلك اللحظة ولأول مرة في حياتي انتبهت فجأة إلى أن لشجرة النيم تلك تسهم مساهمة ضخمة في تمديد ظل الضحى ،، فقد كانت هي التي تمنحنا ذاك الظل عندما تتخطى شمس الضحى حائطنا الغربي ، ولأنّ أغصانها كانت تصنع سقفا فوق رؤوسنا فلم تكن الشمس تجد طريقا لتمديد حرارتها إلى جلستنا تلك ،،
    اتفقت أمي مع أبي على المشروع الجديد ، وانسحبت أنا إلى داخل منزلنا ، لا أدري كيف ، ولماذا ،، لكن إحساسا بالفرقة يتملكني ،، أحسست في تلك اللحظات أنني سأفارق اثنين من أعز الأخلاء في هذا المنزل ،، الحائط الغربي وشجرة النيم ،، ووجدت نفسي أطرح تساؤلي على والديّ ، ألا يمكن أن يقا م مشروع تحديث لهذا البيت دون إزالة الحائط الغربي وشجرة النيم ؟ لكن أحدا لم يكترث ولم يهتم بالإجابة على تساؤلي ،،
    كان خالي الذي هاجر بعيدا هو صاحب الخطة ، وهو من قام بتمويل تكلفة الهدم وإعادة البناء ، لكنّ خالي لم يستطع أن يعوضني عن فقدي الذي أحسه . لم أكن سعيدة بالبناء الجديد ، ولم أكن سعيدة بتلك الزهريات الصغيرة التي حلت محل شجرة النيم ، ولم أكن سعيدة بالمستأجرين الذين سكنوا في هذا الجزء من منزلنا ،، لكن حد معاناتي تمدد كما ظل الضحى ذاك ،، فوالديّ قررا مغادرة الوطن ، وإلى بلاد أبعد هذه المرة ،، وها أنا ذي أكتب لكم من تلك البلاد البعيدة ،، انتقلت إليها وتركت روحي هناك في ظل الضحى ،،، الأشجار هنا في هذه البلاد ضخمة وظليلة ، وعصافيرها عديدة وزاهية الألوان ،، لكن طعم ظل الضحى ، ولون التراب فوق ملابس ، ونكهة قهوة جدتي ، واللوحة البديعة التي يرسمها ويجددها عم عبد الجليل ، وشجرة النيم التي تعطى ظلا في الداخل وآخر في الخارج ،، كل هذا لا أجده هنا ،،


    إذن ذهبت جدتي ، وتبعها عم عبد الجليل ، واختفى العنقريب ، ورحل خالي ، وذهب الحائط الغربي ، ورافقته شـجرة النيم ، ورحلنا أنا ووالديّ ،، كلهم رحـلوا إلى عوالم مختلفة ،، لكن يا ترى هل هم سـعداء بعوالمهم الجديدة ؟؟ هل يمكن أن يعود هؤلاء إلى عالم اعتادوه وعشقوه وارغموا على مفارقته ،،
    من يعيدنا إلى رائحة جدتي ، إلى رائحة بيتنا القديم ، إلى رائحة الوطن ،،
                  

07-25-2004, 00:59 AM

omer almahi
<aomer almahi
تاريخ التسجيل: 03-25-2004
مجموع المشاركات: 1507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: ودقاسم)



    يا سلام عليك يا ود قاسم....... يا سلام
    ...............................
    ..............................
                  

07-25-2004, 05:44 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: omer almahi)

    شكرا لك قريبي عمر الماحي ،،
                  

07-25-2004, 07:14 AM

Salwa Seyam
<aSalwa Seyam
تاريخ التسجيل: 04-12-2004
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: ودقاسم)

    من يعيدنا يا ود قاسم لدلك الزمن الجميل والمكان الأجمل...

    من يعيد الي سمعنا صياح الديكه وصوت آدان الفجر حيث ننفلت من الفراش لنجلس

    ونشرب الشاي...ونحن نستمع لحكايات الحبوبات التي لم تكن لتنقطع الا بعد ان تخبو

    نار الموقد... من يعيدنا لتلك الصباحات النديه

    من يعيدنا الي تلك الدروب الضيقه التي تعلو حيطانها شموخا وعزه...

    ومن يعيدنا لزخات المطر التي كانت تسقط علينا لترطب الروح والجسد ...

    من يعيدنا لما ضيعته رياح الأيام منا ...

    من يعيد لنا الشكل والطعم ... هل تري أن العوده باتت مستحيله وأن الزمن الجميل

    والمكان الأجمل قد ابتعدا كثيرا؟؟

    (عدل بواسطة Salwa Seyam on 07-25-2004, 07:16 AM)
    (عدل بواسطة Salwa Seyam on 07-25-2004, 07:23 AM)

                  

07-25-2004, 10:52 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: Salwa Seyam)

    سلوى
    لك التحية
    لا أقول باستحالة العودة ، وجمال المكان في رأيي يصنعه الإنسان ،، لكن الإنسان المبدع هو من يستطيع صنع المكان الجميل ، ولو تركت للإبداع حرية أن يعمل لما زارنا قبح أبدا ،،
    أثق في أن أبناء وبنات وطني يمكن أن يصنعوا المعجزات وأن يغيروا الوجه القبيح الذي عانوا منه زمانا ، لكن الذين يقودون القبح لابد أن يذهبوا أو يتغيروا ،،
    شكرا لزيارتك ،،
                  

07-26-2004, 02:53 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: ودقاسم)

    موضوع رباح \ رودا ضيّع المنبر خالص ،،
                  

07-26-2004, 06:41 AM

Salwa Seyam
<aSalwa Seyam
تاريخ التسجيل: 04-12-2004
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: ودقاسم)

    Quote: موضوع رباح \ رودا ضيّع المنبر خالص ،،


    ليه ؟؟؟؟
                  

08-23-2004, 10:48 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من يعيدها إلى رائحة جدتها ؟؟؟ (Re: Salwa Seyam)

    نبش من الذاكرة ،،
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de