كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
أرغب في التفاوض مع الحكومة
|
الحكومة ، أصيبت بحمى التفاوض ، وانتقلت العدوى إلى غالبية التنظيمات التي عارضت الإنقاذ . والآن يتفاوض أبناء السودان في بلدان عدة على موضوع واحد ، إضافة ألى تلك المفاوضات التي تدور بين الحكومة والمواطنين داخل السودان ، عن طريق الصحف ، المظاهرات ، الضغوط ، الممارسات الشعبية المختلفة ، الإعلان عن الفقر والجوع والمرض ،، موضوع التفاوض هو التحول الديمقراطي ، آلياته ، ومآلاته ، وسماته .. والمفاوضون دائما من وفدين ، الوفد الحكومي ، والوفد الشعبي .. الوفود التي تتفاوض الآن لا تمثل كل السودان ، لكن الأزمة تطال كل السودان .. لذا فمن المؤكد أنه سيأتي آخرون يعلنون عن نيتهم الدخول في تفاوض ، أو أنهم سيلوحون باللجوء إلى العنف بشكل ما . والقضية واحدة ، وهي أن الوطن مثقل بالهموم ، وبالمظالم ، وليس في الإمكان الاستمرار في الظلم ،، تعب الظالم والمظلوم ،، وكل أبناء السودان لديهم الاستعداد التام للجلوس إلى بعضهم للتوصل إلى حلول نهائية لكل قضايا الوطن ،، بعضهم نظموا أنفسهم في أحزاب ، ومجموعات ، وبعضهم لا يعجبهم هذا ولا ذاك ،، لكن الوطن يهم الجميع ، وليس في مقدور أحد أن يلقي بهذا الهم على أكتاف الآخرين ، ولا أحد يرغب في ذلك .. الوطن لا يمكن بناؤه بلا أسس وأركان ،، والركن الأساسي لبناء الوطن هو تراضي أبنائه للعيش في وطنهم بسلام ،، لكن كيف يكون السلام وأنانية الفرد تقوده للتعدي على حقوق الآخر ؟ دائما أنظر إلى أن الحركة الشعبية كانت على حق عندما رفضت الدخول تحت مظلة الديمقراطية الثالثة وطالبت بالمؤتمر الدستوري . ذلك لأن مثل هذا المؤتمر سيطرح القضية برمتها ، وسيأتي بكل الإخوة الخصوم ، ويجمعهم على طاولة واحدة ، فينظروا جميعا إلى جثة الوطن وهي ترقد أمامهم ، تنتظر منهم أن يدفنوها في قبرها ، أو يحيوها حياة طيبة ،، هذا المؤتمر هو الذي يرسي الحقوق ويحدد الواجبات ، وهو الذي يضمن لكل مواطن تمثيلا عادلا ، سواء كان هذا المواطن عضوا في حزب أو لم يكن ،، لأن المؤتمر الدستوري ستحضره كل منظمات المجتمع المدني ، وكل مواطن لابد أنه ممثل في إحدى هذه المنظمات ،، هذه الجلسات المتفرقة التي تدار في بلدان عديدة لن توصلنا إلى الحل النهائي لقضايانا ، ولن تحل حلا جذريا حتى قضايا الجهات الداخلة في التفاوض ، حكومة كانت أو حركات مسلحة أو معارضة سياسية .. وبالرغم من كل ما يمكن أن نحصل عليه من هذه المفاوضات المتفرقة ، إلا أن فيها إهدار للزمن وإهدار للمال وإهدار لكرامتنا ،، هل يستبدل أبناء السودان هذا التفرق بالاجتماع على صعيد واحد ، لمناقشة هموم الوطن الواحد ، والمشكلة الواحدة ، للخروج باتفاق واحد ، يضمن حقوق كل مواطن في هذا البلد ..
|
|
|
|
|
|
|
|
|