|
سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية
|
اليوم السادس من يوميات سمير الكوز في إجازته السنوية في الصباح الباكر من ذلك اليوم نقر ابن عم سمير الباب نقرا خفيفا ، وكان سمير جالسا على كرسي في وسط الحوش يضع خديه بين كفيه ، فقفز سمير فجأة حين سمع الطرق على الباب ، واتجه للباب مكبرا ، الله أكبر ، الله أكبر ، أكيد ديل ناس الشرطة قبضوا الجماعة . الحاجة لحقت بسمير وهي تقول : يا سمير يا ولدي الله يستر حالك ، شرطة شنو وجماعة شنو القبضوهم . أكيد يا أمي ، والله الإنقاذ عينها ساهرة . ياسمير كدي أقعد في وطاة الله دي ، وأنا بفتح الباب . تراجع سمير في تردد واضح وعيناه مسمرتان نحو الباب ، حيث فوجئ بأن الطارق هو ابن عمه ، لكن سمير ظن أن ابن عمه جاء برفقة الشرطة ، وأن رجال الشرطة من شدة حيائهم اصطفوا على أحد الجوانب حتى لا تقع عيونهم على من هم داخل البيت قبل استئذانهم بالدخول . تصور سمير ذلك ، وانطلق مكبرا وهو يسأل ابن عمه : أها خلاص لقيتوهم ؟ مين هم يا سمير ؟ جماعة المعارضة ، قصدي الحرامية ؟ يا سمير يا أخي قول بسم الله . وين هم ما جو معاك ؟ مين هم يا سمير ؟ جماعة بسط الأمن الشامل ؟ يا سمير أمن شامل وين يا أخي ، أنت بتضع ليك افتراضات ، وتصدقها بدون ما تختبرها ؟ يا أخي والله أنت ذاتك يظهر عليك معارضة . سمير يا أخي انت راجل مؤمن بالله والرسول ، كدي أقعد واستغفر ربك . يعود سمير إلى شئ من رشده ، ويستغفر الله ، ثم يجلس قبالة ابن عمه . الحاجة دخلت لتحضر كوبا من الشاي لابن عم سمير ، لكنه ناداها بصوت مرتفع : يا حاجة أنا شربت الشاي والله ، كثر خيرك . يا ولدي ما تشرب معانا . لا والله ، شكرا يا حاجة أنت عارفة أنا ما بشرب شاي اللبن مرتين ، بس قلت آخد سمير للجماعة ديل يمكن نطلع منهم بحاجة . يقفز سمير ويقف منتصبا أمام ابن عمه ، ويقول : بالله ، يعني خلاص لقيتوهم ؟ نمشي ليهم طوالي . الحاجة لاحظت أن سمير لم يعد في توازنه ، وخشيت على عقله أن يلحق بجواز سفره ، فقالت لابن عم سمير : يا ولدي امشي أنت ، وممكن تسوق معاك حاج أحمد ، وتسيبوا سمير هنا في البيت أحسن . والله يا حاجة مافي مانع لو سمير ممكن يقعد في البيت ، بس أنت عارفة الجماعة ديل عايزين حقهم على طول . ما في عوجة يا ولدي ، اللي يريدو ربنا كلو خير . لكن سمير لم يعد يفهم شيئا ، ويذهب به عقله إلى أن من حوله يتآمرون عليه ، ويعود في كل مرة يتهمهم بأنهم مع المعارضة ، ويشك في أنهم مشاركون في حادث السرقة . اخوة سمير يراقبون الموقف ، ويتهامسون ، يتعاطفون أحيانا مع سمير كونه أخوهم ، ويشمتون عليه أحيانا حينما يتذكرون أنه لم يوزع الهدايا عليهم ، وهم يعدون أنفسهم للخروج إلى مدارسهم ويعلمون أن زملاءهم سيمطرونهم بوابل من الأسئلة حول حادث السرقة ، وقد طلبت منهم أمهم أن لا يتحدثوا مع أحد حول هذا الموضوع . اقتراح الحاجة على ابن عم سمير بأن يذهب هو برفقة حاج أحمد كان اقتراحا عمليا ، إلا أن سمير أصر على أن يرافقهما ، مما اضطر ابن عمه أن يشرح له الخطة . أصلا ياسمير الحرامية ديل عبارة عن عصابات ، بعضهم يسرق ، وبعضهم يرد المسروق . كيف يعني ؟ أنا والله ما فاهم حاجة . يا سمير أنا بعرف بعض الناس الواحد منهم عامل فكي ، ويدعي المقدرة على إعادة المسروق وبمقابل مادي يتناسب وقيمة المسروق ، لكنه في الأصل جزء من العصابة نفسها . طيب والشرطة وين ؟ يا أحي سيبك من حكاية الشرطة دي ، خليك في همك وحاول رجّع حاجاتك المسروقة وأنسى خالص موضوع الشرطة وبسط الأمن الشامل . طيب والناس مادامت بتعرف العصابة وتقدر تصل ليها ، ليه ما بتبلغ السلطات ؟ يا سمير يا خوي السلطات عارفة وشايفة . والله ده كلام معارضة عديل كده . يا سمير أنت عايز ترجّع حاجاتك وللا عايز مشاكل ؟ لا أنا بفتكر الإنقاذ ممكن ترجع لي حاجاتي بدون اللجوء للعصابات والخضوع لشروطها . والله كده عمرك ما ترجّع حاجة ، ولو عايز ترجّع المسروقات بالطريقة دي نحن ما عندنا مانع ، بس لعلمك أي زمن يضيع مش حا يتعوض . الحاجة تدخلت حرصا منها على كسب الوقت : يلا ياسمير يا ولدي اكسب الزمن ، ابن عمك عارف البلد وفاهم كل حاجة ، وحاج أحمد واقف معانا ومستعد لمساعدتنا والأهل والجيران كلهم ما قصروا ، وربنا يسوي اللي فيها خير . خرج سمير مع ابن عمه وانضم إليهم حاج أحمد بعد أن ترك أحد أبنائه ليدير أمر البقالة ، واستغل الجميع سيارة ابن عم سمير مخترقين الشوارع والأحياء إلى أن وصلوا إلى أطراف المدينة ، وهناك توقف ابن عم سمير أمام أحد المنازل ، وهو منزل عادي لا فرق بينه وبين المنازل الأخرى ، إلا أن سمير قد لاحظ أن هناك أشخاصا يقفون موزعين على مسافة تزيد عن الكيلومترين ويحمل كل واحد منهم جهاز اتصال بيده . طرق ابن عم سمير الباب فرد عليه صوت امرأة : مين ؟ قال : ضيف . قالت : عايز مين ؟ قال : فكي ابراهيم . قالت: عايزو في شنو ؟ قال : لو ممكن أقابلوا . قالت : انتظر شوية ، معاهو ناس . وبعد انتظار دام حوالي عشر دقائق فتح الباب وظهر شاب ممتلئ صحة وعافية وطلب من الزوار الدخول . في الداخل كان الفكي إبراهيم يجلس فوق سرير عليه ملاءة حمراء ، وحوله كراسي مكسوة باللون الأحمر يبدو أنها خصصت لزواره ، وفي وسط الغرفة مبخرة ينطلق منها بخور اللبان . ويبدو المكان نظيفا ومرتبا وكأنه أعد من قبل مختصين . سلم الجميع على الفكي إبراهيم الذي قابل ضيوفه ببشاشة ظاهرة ، إلا أن سمير كان مكشرا ومستاء ، مما جعل الفكي يعرف أنه صاحب الحاجة ، وأنه غريب لا يفهم ما يدور في بلاد الإنقاذ . أجلس الفكي ضيوفه وأمر ذلك الشاب أن يقدم العصير والشاي للضيوف . سألهم الفكي عن حاجتهم بطريقته المعهودة : إن شاء الله خير ؟ رد الحاج أحمد : الحمد لله يا مولانا . ثم واصل ابن عم سمير : والله يا شيخنا أخونا سمير ده مغترب في أمريكا ، جاء في إجازة وبعد ثلاثة أربعة أيام من بداية إجازته انسرقت حاجاته كلها . الحاجات المسروقة زي شنو كده ؟ والله كل حاجاته ، ملابس ، قروش ، أدوات كهربائية ، كمبيوتر ، وجواز سفره كمان . طيب شنو الحاجات اللي هو عايزها ترجع ؟ يرد سمير وهو في ذهول تام : طبعا كل الحاجات يا مولانا . بس كل الحاجات بتكلفك كثير ، أنا شايف إننا ممكن نرجعلك بعضها وتترك البعض الآخر. هي عندكم وللا شنو يا مولانا . عندنا كيف يا ولدي ، يعني نحن حرامية ؟ يتدخل حاج أحمد لتهدئة الأمور : معليش يا مولانا سمير ولدنا ما هو فاهم الأمور في البلد عشان غيبتو الطويلة ، كدي خلينا نقول نرجع الجواز والقروش . سأل سمير بانفعال واضح : يعني كلها ممكن تكلفنا كم ؟ ممكن تصل مائة مليون . طيب والجواز والقروش كم تكلفنا ؟ الجواز بعشرة مليون ، والقروش نأخد منها نسبة عشرين بالمائة . يتدخل ابن عم سمير : بس يا مولانا ده كثير ، ممكن تخفض لينا شوية ؟ والله يا جماعة شوفوا ، أنا بشوف جماعتي وبشاورهم ، إن كان الموضوع ساهل وبسيط فأنا مستعد أساعدكم ، وإن كان فيهو صعوبة فلازم تدفعوا . الجماعة ديل مين هم ؟ يسأل سمير . يا ولدي ده شغلنا نحن وانتو ناس أمريكا ديل ما بتفهموا غير شغل المخابرات ، نحن عندنا مخابرات بس جماعتنا كلهم من الجن . من الجن ؟ أعوذ بالله . نعم يا ولدي من الجن ، كان ماك عايز ، شوف شغل المخابرات . يتدخل ابن عم سمير : خلاص يا سمير ، خلاص يا مولانا ، توكلنا على الله . طلب الفكي إبراهيم من اين عم سمير أن يسجل له رقم تلفونهم ليرد عليهم خلال ثلاثة أيام . ثم خرج الثلاثة يرافقهم الفكي إبراهيم ، الذي أوصلهم إلى الباب الخارجي ، وودعهم متمنيا لهم أن يستردوا مفقوداتهم . انطلق الثلاثة متجهين إلى حيث أتوا ، وفي الطريق طلب حاج أحمد من ابن عم سمير أن يدلف به إلى سوق الجملة ويتركه هناك ليشتري بعض احتياجات البقالة ، إلا أن سمير وابن عمه فضلا أن ينتظران مع الحاج أحمد نظرا لما ظلّ يقدمه لهم من معونات ، وقد جلس سمير منتظرا داخل السيارة بسبب الإرهاق الذي يتملكه ، أما ابن عمه فقد نزل مع الحاج أحمد وساعده في شراء حاجياته ثم رفعها في صندوق السيارة . وبعد أن أنزلوا بضائع حاج أحمد ، اتجه سمير وابن عمه إلى البيت حيث وجدا الحاجة في انتظارهم وهي قلقة عليهم إذ الشمس أذنت بالمغيب قبل أن يعودوا . فتح أحد اخوة سمير الباب ليدخل سمير وابن عمه ، ويسلمان على الحاجة ، التي تبدأ بالسؤال عن ماذا حدث لهم في مشوار هذا اليوم . وتراقب الحاجة سميرا وترى أنه ما زال متوترا ومستاء ، لكنها تحاول أن تطمئنه أن الله سيعوضه خيرا إن صبر على مصيبته . تناول ابن عم سمير وجبة أعدتها الحاجة للغداء ، لكنها صادفت العشاء لتأخرهم ، ثم خرج ابن عم سمير عائدا إلى داره .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-11-03, 12:31 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | Yasir Elsharif | 09-11-03, 01:04 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-11-03, 04:54 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | Amin Elsayed | 09-11-03, 06:16 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-11-03, 07:22 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | haneena | 09-11-03, 09:30 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | aba | 09-11-03, 10:07 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | SAMIR IBRAHIM | 09-13-03, 03:14 AM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | sari_alail | 09-11-03, 10:15 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-12-03, 00:13 AM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | abdelgafar.saeed | 09-12-03, 02:38 AM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | Alsawi | 09-12-03, 08:55 AM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-12-03, 05:58 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-13-03, 08:21 AM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | Nada Amin | 09-15-03, 10:49 PM |
Re: سمير الكوز في اليوم السادس من إجازته السنوية | ودقاسم | 09-16-03, 12:39 PM |
|
|
|