كو... كو... كو... أمسكوا العنزة ...

Quote: كان في إحدى البلاد البعيدة رجل ميسور الحال يعيش مع أسرته المكونة من ولدين وثلاث بنات، الأولاد كبار، أما البنات فواحدة كبيرة والأخريان صغيرتان، وكان يعيش معهم في البيت بعض الخدم الذين يقومون على خدمتهم ورعاية متطلباتهم المنزلية، وفي البيت حظيرة لبعض الحيوانات المنزلية مثل الأبقار والأغنام والدواجن، فهي تؤمن الغذاء اللازم لأهل البيت. في يوم من الأيام وُلِدَتْ لديهم في البيت عنزة صغيرة ، كانت بشعة المنظر قبيحة، كما أنها كبرت بشكل سريع وغريب، وقد لاحظت أصغر بنات الرجل غرابة تلك العنزة و بشاعتها، وأخبرت أختها التي تكبرها قليلا بهذه الملاحظة.مرت بعض الأيام وحان موعد أخذ تلك المواشي إلى المراعي الخضراء القريبة من المدينة لترعى هناك. بعد انتهاء نهار ذلك اليوم عادت المواشي إلى البيت دون عودة الخادم الذي كان مكلفاً بأخذها إلى المرعى، لكن أحدا لم يلحظ هذا الموضوع، وظنوا بأن الخادم ربما يكون قد هرب أو ذهب إلى حيث وجد بعض أصحابه وأنه عائد لا محالة. في الأسبوع الذي يليه خرج خادم آخر إلى المرعى وحدث ما حدث في الأسبوع الفائت فلم يعد الخادم ولم يدقق أهل البيت كعادتهم في أمر غياب الخادم. لكن عندما قدمت المواشي لوحدها إلى البيت طلب الأب من بناته الصغيرات أن يعتنين بالمواشي ويدخلنهن إلى الحظيرة، ففعلن ذلك! لكن المفاجأة عندما همّت البنت الصغيرة بربط تلك العنزة الغريبة، تحدثت إليها العنزة وقالت لها: لا توثقي الرباط كثيرا على عنقي لأنه يؤلمني. فزعت البنت من حديث العنزة وصرخت.. وهرعت إلى أبيها مسرعة لتخبره بما حدث، فالعنزة تتكلم، وربما تكون من الجن، أو عنزة مسحورة. لكن الأب لم يعر الموضوع أي اهتمام، بل سفه كلام ابنته وقال لها: كل الصغار الذين في مثل سنك يحدث لهم ذلك، حتى أنا عندما كنت صغيرا كانت تتهيأ لي أشياء كثيرة وأتخيل بأني أسمع أصواتا وما شابه ذلك، لكن هذه الأشياء لا تعدو أن تكون خيالات أطفال. أصر الوالد على قناعته تلك ولم تفد الفتاة الصغيرة توسلاتها المتكررة للشكوى ضد تلك العنزة الملعونة. ظل الحال على ما هو عليه، كلما ذهب أحد الخدم مع العنزة للمرعى لا يعود حتى لم يعد في البيت خادم واحد، ثم بدأ الأخوة والأخوات يذهبون برفقة العنزة إلى المرعى ولا يعودون حتى اختفوا الواحد تلو الآخر. العجيب في الأمر أن العنزة رغم ما يحدث بسببها واختفاء مرافقيها إلى المرعى، إلا أنها كانت تدر كميات كبيرة من الحليب، ذلك الحليب الذي كان مصدر سعادة للأب وسبيلاً لغض طرفه عنها. جاء الدور على البنت الصغرى وأختها التي تكبرها قليلا لأخذ العنزة إلى المرعى، وبالفعل خرجتا مع العنزة وقبل الوصول إلى المرعى وفي زحمة المدينة وبين الناس هربت البنتان وتخلصتا من لعنة العنزة المسحورة، فقد عرفت البنتان بأن دورهما قد حان، لكنهما لن يسمحا لهذه العنزة بالقضاء عليهما، وعلى والدهم أن يتحمل تبعات إهماله وخطئه. عادت العنزة وحيدة إلى البيت بعد أن اكتشفت بأن البنتين قد هربتا من قبضتها، وعندما وصلت كان الأب موجودا في البيت رآها وحيدة فقال لها: أراك عدت وحيدة، يبدو ان البنتين قد خافتا منك، يظنون بأنك سوف تأكلينهن. ردت العنزة: أنت أيضا يجب أن تخاف، فأنت أيضا سوف تؤكل. صعق الأب! فالعنزة تتكلم مثل البشر، كما إنها تهدده بالقتل، إذا فكلام ابنته الصغيرة صحيح، هذه العنزة مسحورة، يا للهول ما العمل الآن، أين المفر؟ هجمت العنزة على الأب فأكلت يده، فصاح من الألم الفظيع الذي ألم به، تركته العنزة قليلا ثم هجمت عليه مرة أخرى وأكلت قدمه، وتركته أيضا في ألمه وصراخه.