|
|
 السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين
|
(1) عند الصباح يحمدُ القومُ السُّرى..
هكذا قلنا بعد عناء السهر الذي توالت لياليه على مدى ثمانية أيام متصلة
امتدت من الخميس 20 يناير إلى الخميس 27 يناير 2000..
الحديث يطول عن أطوار الإعداد والبرمجة والتوفيق الصعب
بين دوام العمل ووهب الطاقة والجهد لإنفاذ هذا الأسبوع الوطني
الثقافي الفني الرياضي المقام على شرف الذكرى الرابعة والأربعين
لاستقلال السودان الذي كان وخلد كائناً منذ صباح الأحد الأول من يناير 1956، وعلى
شرف فنان السودان الكبير عثمان حسين..
النادي الاجتماعي للجالية السودانية بمسقط، سلطنة عمان، مجلس إدارته
واللجنة المنظمة للاحتفال ولجانها الفرعية المتخصصة، وأعضاء النادي نساءً ورجالاً
وقفوا وعملوا كتفاً إلى كتف ويداً فوق يد حتى وافى الحمد والنجاح وزهو الإنجاز..
إلا أن ذلك معنى التضامن والتكافل في أعلى مراتب الحاكمية السودانية التي أسَها تاريخ
حضارة لا يسبر له غور عبر مئين الآلاف من عمار الإنسانية..
شكّلت هذه القيمة العليا سمة ميزت الخصيصة السودانية-وتأصلت، وبقيت في أزمان عصيبة
لكل إمريء فيها شأن يغنيه..
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
(2)
لمسة الوفاء
خطىً على الدرب ستبقى ما بقي الزمن..
قصة حياة دَفوقها كدم الحياة في شرايين
وطن باهر، مدهش ، رائع
يمتشق من غمد الزمن كبرياء كلّما ذكر الوفاء..
رواية عن إنسان رائع، فنان موهوب،
فنان جميل جمال الباسق من نخيلنا..
جمال الدعاش الذي نستافه حين يدغدغ
الطل حبات الثرى في بلد يعتلي قلب افريقيا
رواء خلاسياً..
رواية لا يطيقها سرد ليلة إلا إذا الليلة كتاب الزمن..
يقول من نحتفي به الليلة –أيها الأحباب-عن أرض
النشأة إنها قرية مبروكة..يقولها بولَه لا يعرف مدىً..
إنها قرية مقاشي الصغيرة الوادعة في ديار بني شايق..
أنجبت من المشاهير وذوي الطَّوَل عدداً عديداً وإياك أن تحصي..
فوق الثلاثين طبيباً وقبيلاً من المهندسين ورهطاً ممن زانهم علمٌ وافر
نافعٌ وحصين..كان منهم رائد مؤتمر الخريجين الوطني المناضل الأستاذ
أحمد خير المحامي والسياسي والوزير.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
(3)
قال لي وعقارب الساعة تتسارع نحو منتصف الليل
في بهو فندق مسقطي فخيم :
حتى الخامسة أو السادسة ظل يتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن
في خلوة الشيخ محمد أحمد ود الفقير..لينتقل رفقة والدته وأخته حيث والده
وشقيقاه عوض وطه هناك في العاصمة الخرطوم..واصل الخلوة في ديم التعايشة
ثم أكمل دراسته الابتدائية في الديم شرق التي كان ناظرها المعلم علي الإمام..
كان والده عاملاً بسيطاً في حرفة توارثها أبناء الشمالية عن بيئة زراعية رسخت
في تاريخهم الطويل..
ولضيق ذات اليد توجه مع عدد من زملاء الدراسة إلى تعلم الصنعة فاختار
مجال الحياكة وبرع في وقت قصير، وكان عمله بدءاً في دكان محمد صالح زاهر
صبياً متتلمذاً لمدة عامين..
والده بلغ سن التقاعد عن العمل وحصل على مكافأته البسيطة..ولأنه كان يشيم في ابنه
بوادر التفوق والنجاح أوقف حصيل مكافأته في شراء ماكينتي حياكة "سنجر" واستئجار
دكان له في حي السجانة..عمل كترزي للزي السوداني المعروف ومصصماً
ومنفذاً لأزياء السيدات على وجه واكب متطلبات العصرنة آنذاك.
إضاءة الدكان كانت ب"الرتائن" فلم تكن هناك كهرباء.. تطور مع الصنعة
فأصبح "ترزياً أفرنجياً"..أصبح رجل البيت وعماد إعاشته..
دكانه صار كالنادي يؤمه الشباب في الأعياد والمناسبات..
في مرحلة سابقة ولما كان مع معلمه في الصنعة (زاهر باشا) بدكانه قرب
عمارة غطاس، وكان يمضي لبعض شؤون المعلم من إحضار لوجبات الطعام
وغيرها..
قال لي إنه كان يسارق الخطى لقهوة العيلفون ويستمع إلى الخليل في أسطوانات عزة
وعبدة أو إلى عائشة الفلاتية واسماعيل عبد المعين وكرومة..
قال لي وهو يحكي البدر مبتسماً: كم نلت من "علقات" ساخنات على يد معلمه..
ولأنه كان عنيداً (يابس الراس) لم تُجدِ سياط المعلم..
فكان أن "أصيب" بعشق الفن في ذلك الوقت المبكر من عمره..
في دكانه تردد عليه الفنان الكبير عبد الحميد يوسف
(غضبك جميل زي بسمتك)..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
(4)
الساعة تشير الآن إلى الحادية عشرة ليلة الخميس 27 يناير 2000..
على يميني يجلس الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي وعلى اليسار جلس
الكابتن أمين زكي..الفنان القامة عثمان حسين يطلب مني بأدب جم أن ألح
على الكابتن أمين زكي أن يشارك الفنان في مقاطع معينة من أغنية يعرف
الفنان مدى أثرها على نفس الكابتن أمين..الشاعر الدكتور الزين عباس عمارة
يحرضني على إشراك أمين في الغناء مع عثمان حسين..
وقد كان..
الكابتن أمين يأخذ مقعده بجوار الفنان الكبير..ويبدأ الفنان الكبير
في العزف بأنامل عشقت الأوتار كما عشقتها الأوتار..
وتنطلق الهتافات..من الحضور نساء ورجالاً.. حين بدأ
الصيدح يشدو ويردد معه هرم الرياضة الأكبر أمين زكي:
نسمتُ شذاها وطيب رياها
وسحر هواها جرى في دمي..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
(5)
شاركنا احتفالنا-ذاك- بتكريم هذا الفنان القامة نخبة من مبدعي بلادي
نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
الفنان عبد الكريم الكابلي والمبدع الموسوعي يحي فضل الله
والمؤرخ ضرار صالح ضرار..والشاعر الزين عباس عمارة..
والكابتن المرحوم الهادي صيام والكابتن نجم الدين حسن..
والشاعران العمانيان سعيد الصقلاوي وعبد الله الحاردان..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
(6)
إسدال الستار
المكان: النادي الإجتماعي للجالية السودانية بمسقط..
الزمان: التاسعة من مساء السبت السابع من يونيو 2008 ..
دموع الحزن هي سيدة الموقف الآن..وحديث الصمت يستعيد
شريط ذكريات رائعات من ذاكرة لم تعد أهلاً بالثقة!!
الفنان فيصل الصحافة يتوسط الحضور بعينين اغرورقتا بالدموع..
هذا الفنان الشاب الذي يحترم فنه كأفضل ما يكون الاحترام كان لنا معه موعد
لاحياء بعض الحفلات الغنائية في مسقط..
إلا أن أسى الفقد كان أكبر من ساحة الأحداق..
هذا الفنان الوفي أبت نفسه إلا أن يشارك أهل الفقيد أحزانهم فاستقل أول رحلة للخرطوم
بعد أن تلقى العزاء في فقده وفقيده، من أناس يكنون لعثمان حسين احتراماً وتقديراً..
فقد النادي السوداني بمسقط وأعضاؤه وكل أفراد الجالية السودانية بمسقط
صوتاً ظل يوقظ فينا-لسنوات وسنوات- أملاً في الجمال الآتي..
ألا رحم الله الفنان الكبير عثمان حسين وأسكنه فسيح جناته
وألهم آله وذويه الصبر والسلوان بقدر ما أثرى الساحة الفنية بفن راق..
"إنا لله وإنا إليه راجعون"
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
شكرا اخي الزاكي على هذا السرد الرائع .
صحيح لقد صاغ بازرعة - اخي الزاكي - أعذب الكلمات وأسهم بها إسهاماً كبيراً في صياغة وجدان ملايين أبناء الشعب السوداني على مر الأزمان منذ منتصف الخمسينات وهو طالب وقتها في مدرسة وادي سيدنا الثانوية حين تغنى له الأستاذ الراحل المقيم عثمان حسين برائعته( الوكر المهجور )
أتذكري في الدجي الساجي مدار حديثنا العذب
وفوق العشب نستلقي لنطوي صفحة الغيب
وإذ ما لاح نجم السعد نطوي صفحة الغيب
تفرد شاعرنا الكبير بربطه ( دائماً ) حبه لحبيبته بحبه للوطن في إمتزاج لا انفصال له حتى أن المستمع لا يتخيل بازرعة إلا ذلك المتيم بحب حبيبته والمسكون بحب وطنه فنراه في أغنية ( قصتنا ) يقول
بالمعزة بالمودة البينا بى أغلى الصلات
بالعذاب الشفتو والسر الكتمتو وباقي الطيبات
اترك سبيلي وسيبني لوحدي أقاسي مر الذكريات
إلى أن يقول
كل طاير مرتحل عبر البحر قاصد الأهل
حملتو أشواقي الدفيقة
ليك يا حبيبي وللوطن
لترابو لشطآنو للدار الوريقة .
ويظهر ذلك الربط البديع أيضاً في رائعته ( عشقتك ) التي يقول فيها
عشقتك وقالوا لى عشقك حرام
يا مجدد نور عيوني
يا مبدد نار شجوني
ليتهم عرفوا المحبة
وعرفوا أسرار الغرام
إلى أن يقول
حبي نابع من بلادي من جمالها وانطلاقا
أودعت حسن حبيبي من صباها كل باقا
من صفاء الطيبة والكلمة الحبيبة والطلاقا
كل رعشة حرف فيها ترجمت سر العلاقا
يا عوازل كيف تكون الدنيا لو عز الغرام
يتوج شاعرنا كل ذلك الهيام بحبه لوطنه بأغنيته الوطنية بالغة الروعة ( بلادي أنا )
بلادي أنا
لثمت شذاها وطيب رياها
وسحر هواها جرى في دمي
معزتي
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
صحيح اخى الزاكي فمن منا لا يكرم من يقول انا شلت من اجلك هموم الدنيا
قاسيت من جراحها وكل ضيقه. يا الاهييييييييييييييييي :
بالمعزه بالموده البينا بي اغلي الصلات
بالهوي العشناهو بي اعصابنا خمسه سنين ومات
بالعذاب الشفتو والسر الكتمتو مات
وباقي الطيبات استحلفك اترك سبيلي
وسيبني وحدي اقاسي وابكي مر الذكريات
++++++++++++
انا بي حناني الغالي (خصيتك) وحبيتك
بكل جوارحي وعواطفي العميقه
انا شلت من اجلك هموم الدنيا
قاسيت من جراحها وكل ضيقه
لسعادتك انت كم ضحيت وإتغربت وماخليت طريقه
وفي مسيري المضني من اجل الحقيقه
كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الاهل
حملتو اشواقي الدفيقه
ليك ياحبيبي للوطن لترابو لشطآنو للدار الوريقة
لكن حنانك لي او حتي مشاعرك نحوي ماكانت حقيقة
كانت وهم كانت دموع
مسفوحه بي احرف انيقه
مابايدي لوضباب الغيره اعماني
وزيفلي الحقيقه انت نبع حناني انت كياني
انت الدنيا بهجتا ونورا وشروقا وان حصل ذلت خطايا معاك
او ضلت طريقه
هل تصدق تنتهي قصتنا يا اجمل حقيقه
نحن عشناها بدموعنا وبالضني في كل دقيقه
ياحبيبي لم تزل قصتنا قصة حب اقوي من الحقيقه
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السابع والعشرون من يناير 2000 والفنان عثمان حسين (Re: الطيب شيقوق)
|
الفنان عثمان حسين ، اخي الزاكى ، سيظل خالدا في وجدننا بكل ذلك الابداع فتراه - كما روى عنه احد الكتاب - في (لا تسلني ) يسترجع الذكريات القدامى بلهجة مؤثرة و منفعلة , و تراه في ( عشرة الأيام ) يشدد على أهمية الوفاء نابذا سوء العشرة و تناسي الألفة , و تراه في ( لا وحبك ) يعبر عن ألم المحبة العمياء , تراه في كل ذلك كالطير مغردا يتنقل من غصن إلى غصن وسط رجاء و أماني قد حال الدهر بينه و بينها .
تراه في المصير يقر الإجلالات العاطفية و مدى إنشغال الخاطر و قسوة التمرد على من يحب , و تراه في (قصتنا) يروي مواقف إستثنائية أحاطتها أجواء العتمة و الوحدة و الغربة و اللهفة , و هي رائعة فنية إمتزجت فيها الأمنيات بالنائبات و شكلت منعطفات و رؤى واقعية باتت مألوفة خاصة في عالمنا المعاصر .
تراه في (طيبة الأخلاق) يحيط بالجمال الروحي و يعبر عن مكنونات النفس الشاعرية , و تراه في ( الدرب الأخضر) يصف مسيرة الخطى و طول السفر و تأصل الذكريات الوردية .
معزتي
| |
|
|
|
|
|
|
| |
الزاكى عبد الحميد
الطيب شيقوق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست