|
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية (Re: emad altaib)
|
القسم الثاني: قضية الدين والفن. الجمال من مقاصد الكون لأنه موجود بكثرة بحيث لا تفسره الصدفة. ومتحرر من الوظيفة بحيث لا تفسره الضرورة.إنه مقصود لذاته. والقرآن كتاب يمتاز على غيره من الكتب المقدسة بأنه نص فني آسر: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)[1]
وكان كثير من المشركين يقعون في أسر التعبير الفني القرآني حتى لا يملكون التصرف، فقد حكى ابن اسحق أن ثلاثة من عتاة المشركين كانوا يذهبون ليلاً خلسة ليستمعوا للنبي وهو يقرأ القرآن وهم أبو سفيان، وأبو جهل، والأخنس بن شريعة. القرآن استخدم كل فنون البلاغة، والموسيقى والتصوير الفني. عندما تتألف الأصوات بالطريقة التي درسها علماء الموسيقى فإنها تحدث آثاراً عميقة في نفس الإنسان بل الحيوان أيضا. فالأدب يذكر لنا أن أحد الحداة ساق ناقته حادياً حتى سقطت ميتة. وروى أن الفارابي دخل على سيف الدولة ووجد مجلسه يتحدث عن الموسيقى. فأخذ آلته وركبها بطريقة معينة فعزف عليها فأضحكهم، وغير النغم فأبكاهم، وغيره فناموا!. موسيقى القرآن غنة، وإدغام، وإظهار، وقلب، وهمس الحروف، وتضخيمها، وترقيقها، إن التجويد هو نوع من التلحين. ثم لا يكتفي القرآن بوصف الأشياء بل يصورها تصويرا فنيا آسرا يحبس انتباه السامع مثلما حبس المعشوق عاشقه:
وقف الهوى لي حيث أنت فليس لي متقدم عنه ولا متأخر
يبحر الأستاذ جمال البنا في كتابه نحو فقه جديد في هذه المعاني موضحا أساليب القرآن الجمالية.(مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ)[2]. روت السيدة عائشة[3]: "كان عيد يلعب السودان بالدرق والحراب في المسجد فقال النبي: تشتيهن تنظرين؟ فقلت: نعم. فأقامني وراءه، خدي على خده يسترني بثوبه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون. فزجرهم عمر، فقال النبي: أمناً بني أرفدة، دونكم بني أرفدة. حتى إذا مللت قال حسبك؟ قلت نعم. قال فاذهبي".[4] وروى السائب بن زيد أن امرأة جاءت للنبي (ص) فقال: "يا عائشة أتعرفين هذه؟ قلت لا يا نبي الله. قال: قينة بني فلان تحبين تغنيك؟ فغنتني."[5] أحاديث تحريم الغناء والسماع مجروحة جرّحها في القديم بن حزم[6] وفي العصر الحديث د. محمد عمارة في كتابه الإسلام والفنون الجميلة.كذلك الصور والتماثيل فإنها محرمة إذا وجدت شبهة وثنية أما إذا كانت للجمال وللزينة أو لأية منفعة حياتية ولتنمية المشاعر الإنسانية فلا حرمة. كذلك جاء في الكتاب: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا)[7] والشعر قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم "إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا"[8] وقال: "إنما الشعر كلام فحسنه حسن وقبيحه قيبح"[9] وقال لحسان: "قل وروح القدس معك".[10] وعندما نزلت الآية: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ)[11] جاءه الشعراء المسلمون عبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت،وقالوا: هلكنا يا رسول الله. فنزلت الآية (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون)[12]َ. الإسلام دين الفطرة والفطرة الإنسانية متعلقة بعشرة مطالب: روحية، مادية، خلقية، معرفية، جمالية، اجتماعية، عاطفية، بيئوية، ترفيهية، رياضية.
والإسلام يلبي هذه المطالب بصورة موزونة ولكن العقلية المنكفئة أقامت باجتهادها تناقضاً بين الإسلام وبين بعض هذه المطالب فعارضت بذلك مقاصد الشريعة، وأجبرت كثيرين لاستنتاج أن الإسلام عقبة في سبيل الحياة العصرية هذا ما قاله ابن القيم الجوزية[13]: "وهذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضنك ومعترك صعب. فرطت طائفة، فعطلوا الحدود، وضيعوا الحقوق، وجرءوا أهل الفجور على الفساد. وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد محتاجة إلى غيرها. وسدوا على نفوسهم طرقاً صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له، وعطلوها مع علمهم وعلم غيرهم قطعاً أنها حق مطابق للواقع، ظناً منهم منافاتها لقواعد الشرع. ولعمر الله أنها لم تناف ما جاء به الرسول، وإن نفت ما فهموه هم من شريعته باجتهادهم. والذي أوجب لهم ذلك نوع من تقصير في معرفة الشريعة، وتقصير في معرفة الواقع، وتنزيل أحدهما على الآخر" [14]
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 09:48 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 09:55 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 09:59 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:04 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:08 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:12 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:17 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:23 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:25 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:29 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:51 AM |
|
|
|