|
|
 Re: عبد الرسول النور.......الصادق المهدي ديكتاتورا في بعض القضايا (Re: Abdelrahman Elegeil)
|
تبقى العديد من الأحداث الكبيرة التي دارت على أرض هذا الوطن طي الصدور وتحتاج إلى العديد من الإضاءات حولها حتى تبرز الحقيقة كما هي وتسجل وقائعها بعيداً عن التزييف والتضليل التاريخي. من هذا المنطلق نبتدر محاولة إعادة كتابة تاريخ السودان من جديد في فترة كان الـإعلام يرزح تحت وطأة القيود الـأمنية الثقيلة... وأحداث يوليو 1976م واحدة من أهم وأكثر المحطات التي تحتاج للبحث والتحليل ،من ثم التوثيق لاسيما وأنها حظيت بوصف نظام مايو لها بأنها حركة (مرتزقة) تخدم مصالح الأجنبي ولكنها أيضاً من وجهة نظر من صنعوها تمثل مشروعاً نضالياً جم الفدائية نهضت به الجبهة الوطنية التي عارضت نظام نميري و كانت مشروع ثورة وأدتها ظروف وأخطاء قهرت حلم المحاربين والمناضلين مما أدى إلى إطالة عمر نظام مايو وأخّرت ميلاد التغيير. ونحن في هذا الحوار نلتقي أحد الذين شاركوا في أحداث تلك الحركة وأدخلواإلى داخل حدود الوطن ـ المحظور علي البعض آنذاك ـ قائد الجانب العسكري مدججاً بالبيان الأول وخطة الإنقضاض . السياسي المعروف عبد الرسول النور كان هو الوسيط الذي إرتضى هذا الدور أمام فوهة المدفع في مواجهة ترسانة الأمن المايوي كثيفة الحضور آنذاك .. فإلى حصيلة هذا التوثيق
:-
دعنا أستاذ عبد الرسول نواصل رحلة أصطحابك لقائد حركة 19 يوليو محمد نور سعد وكيف تعرفتم على بعض وانتما لم تلتقيا من قبل؟
كما قلت لك كانت العلاقة التي اتفقنا عليها هي أن يلبس كلانا ساعة في اليد اليمنى حيث كان محمد نور نازلاً في بيت قرب الحلة. في ديوان (خلوة) رجل كريم حتى الآن لم أعرف اسمه, وكان الناس بعد العشاء ينصرف كل منهم إلى بيته ومن يبقون بالديوان هم الضيوف الذين سيبيتون, فلو كان العدد كبيراً ستكون هنالك مشكلة لأنني كنت أبحث عن شخصٍ محدد وهو أيضاً يتوقع حضوري فكل منا يترقب ويراقب الآخر
.
إذاً هو ترقب الحذر؟
نعم أنا كنت ألبس زي رعاة المنطقة وهو (سروال طويل وعراقي وصديري) وذلك لأغطي على وجودي في المنطقة, بينما كان محمد نور سعد يلبس (عراقي) وله لحية كبيرة ويلبس كمية من (الحجبات) وأذكر أنه بعد تناولنا وجبة العشاء التي كانت عبارة عن (كول) كانت هناك بروق وزخات من المطر, ولذلك ذهب غالبية أهل القرية إلى منازلهم وبقيت أنا ومعي ثلاثة أشخاص أثنان يظهر أنهما من أبناء المنطقة وشعرت أنهما ليس لديهما أي إهتمام بما يدور, فانسحبا إلى داخل القطية وبقيت أنا ومحمد نور سعد الذي لم يعرفن ( طبعاً) وقال لي: ( الأخ من وين) فمن ظاهر شكلي أعتقدَ أنني أريتري أو أثيوبي أو من عناصر تلك المنطقة فقلت له: ( أنا جئت من أم درمان) فقال لي: جئت من أجل ماذا؟ وفي هذه اللحظة ومجرد أن بدأ يسألني ( شكيت) لكنني لم أتصور شخصاً في مكانة محمد نور سعد أن يكون قصير القامة حيث كنت اتخيل له صورة أخرى
.
ماذا حصل بعد أن دار بينكم هذا الحوار؟
قلت له أنا عندي أخ خرج من البلد منذ مدة طويلة وقيل لي إنه في هذه الأيام يقيم في هذه البلدة فجئت باحثاً عنه بناء على رغبة وطلب أهلي
.
بمعنى أنك تريد أن (تسوقه) في إتجاه البحث عن لغة مشتركة للتعريف على بعض بحذر؟
نعم وقال لي: هو ما اسم أخوك قلت: اسمه بشرى, وفي هذا الوقت وضع يده لأرى أنه يلبس الساعة في يده اليمنى فقال لي: ( من أين هم الذين قالوا لك إن أخاك هنا) فقلت له: نعم فعمي عبد الله أتى إليه (ناس) وقالوا له رأينا (بشرى) في هذه المنطقة وأعطاني الوصف فقال لي محمد نور من هو عمك عبد الله؟ فقلت له عرفته عن طريق شخص آخر اسمه ( عبد الواحد) وكنت أعني بها السيد الصادق المهدي -الذي كما ذكرت لك- كان اسمه الحركي (عبد الواحد) وبعد ذلك سألني محمد نور وقال لي هل أنت عابد؟ فقلت له: نعم فهب واقفاً وسلم علي وأخذ شنطته وطلب مني أن نذهب من غير استئذان أو اعلام مضيفنا الكريم وفعلاً حدث ذلك وأنطلقنا ولكن في الطريق شعرت بأنه مصاب بـ ( خيبة أمل) لأنه وقف وسألني ألم يجد هؤلاء الجماعة غيرك ليبعثوه لي؟ ولكني عرفت فيما بعد أن محمد نور سعد معروف بالعصبية, ولكنه دائماً ما يثور ثم يهدأ سريعاً, ولكني قلت من المحتمل إن الرجل يريد أن يختبرني ويعرف قدرتي على التحمل
.
ما هو ردك عليه بعد أن قال لك هل الذين أرسلوك بيلعبوا؟
قلت له لا أدري ولكنهم قالوا لي أذهب وذهبت
.
ما هو رده عليك بعد ذلك؟
قال لي ولكنهم أعطوني مواصفات لمن يرافقني وهي لا تتوفر فيك. فقلت له أنا لدي ثلاثة اقتراحات والثالث لا أظن أنك تفعله. فقلت له الأول هو: أن تفارقني من (هنا), فلا أنا رأيتك ولا أنت رأيتني وأنا أعطيك الضمان بقَسمي ألا أذكر أية كلمة عن هذا اللقاء الذي تم بيننا, فقال لي ( ماهو الاقتراح الثاني) فقلت له: إن تأخذني معك ونرجع الحبشة وتقول لمن أرسلوني لك أن من أرسلتموه غير مناسب وأنا (قبضته) فقال لي: ما هو اقتراحك الثالث الذي لا استطيع فعله؟ فقلت له: أن ( تعفيني) ( كلب جاءك في محلك وراح) فقال لي ( من أين أنت) فقلت له ( أنت تشك فيّ فما فائدة أن تعرف من أين أنا؟) وإذا قلت لي أرجع الآن (منفرداً) سارجع وأعرف كيف أتصرف بعد رجوعي ولن أذكر ما قلته, وأقول لمن أرسلوني أنني قد ضللت الطريق فقال لي: إذن نذهب معاً
.
كيف واصلتم الرحلة؟
أذكر أنه عندما (مشينا) قليلاً في الطريق أعطاني جزءاً من ( الحجبات) التي كان يلبسها وقال لي هذه الحجبات كبيرة جداً فإذا داهمنا أي خطر أول ما تفعله هو التخلص منها وكان ينتظر أن أقول فيها شيئاً لكنني لم أقل, لأنني كنت مدرباً جيداً على مثل هذه الاشياء!! فقال لي: هذه الحجبات فيها ( بيانات الثورة) التي ننوي القيام بها فقلت لا يهمني ما فيها فأنا لا أريد أن أتعرف حتى على ما فيها, ولا ما تريد فعله لكنني مكلف فقط باحضارك
.
هل كانت هذه محاولة للتغابي منك؟
نعم حاولت أن اتغابي معه وقلت له: أن الذين أرسلوني لك لم يخبروني عما تريد فعله وأنا نفسي لا أريد أن أعرف فقال لي ( أنا عارف أنك تعرف) لكنه (أصر) على أن يعرف مني من أين أنا وجعلها شرطاً للذهاب معي, فقلت له: أنا من المسيرية وأعرف أعمامك ناس (الشامي
).
إلى أي القبائل ينتمي محمد نور سعد؟
هو من المسبعات وهم جزء من المسيرية الموجودين في ريفي الفولة
.
هل أطمأن محمد نور لك بعد ذلك؟
نعم وقال لي ( الجماعة) أعطوني عنك فكرة جيدة لكنني فسرت كلامه في سياق أنه اختبار لي
.
لاحقاً ماذا اكتشفت من حديثه؟
بعدها كان يسألني عن اشياء وأنا لا أرد عليها
.
ماهي هذه الاسئلة التي طرحها عليك؟
كانت الاسئلة من (شاكلة) هل أموركم الأخرى (مجيهة؟) فاقول له أنا مسؤوليتي أن أحضرك فيعاود السؤال هل عندكم إذاعة؟ فارد عليه بأنه لا فكرة لي عن أي موضوع ثم سألني الجماعة الغبش الذين يتبعون لي هل هم في أماكن مؤمنة؟ وهو يقصد المهاجرين الذين دخلوا السودان فأقول له: أنا لا أعرف وكل مهمتي إيصالك إلى هناك
.
هل كان لك غرض محدد من اجابتك تلك؟
نعم وقد كانت لدي تعليمات تتمثل في أن لا يعطي أي شخص معلومات لآخر غير الموكل بها والمطلوبة. وقد كان الحس الأمني مهم وفي تلك الفترة كنت أدرس بالسنة الرابعة.. وجزء كبير من السنة النهائية عن الاستخبارات في حرب اكتوبر 1973 ماذا كان يفعل البدو وكيف يوصلون الرسائل, وعندي كثير من الكتب عن الاستخبارات وقرأت أغلب المذكرات لسياسيين وقادة عسكريين وسيرتهم الذاتية التي كتبت أمثال مونتقمري وروميل وهتلر فكأن حاستي الأمنية في ذلك الوقت أقوى منها الآن, وفي النهاية كنت أضع نسبة كبيرة للوقوع في قبضة من يتربص بنا, حيث كنا كلنا في منطقة القيادة الشرقية, وبالتالي أي نقطة تفتيش ربما نكتشف فيها فنحن لم نرجع عن طريق القضارف, وإنما رجعت عن طريق سنار لأن عندي محطة الأخ أحمد يوسف مفتش أول الصحة الذي سيأخذنا بالعربة الحكومية اللاندروفر حتى يوصلنا سنار, حتى نطلع من القيادة الشرقية والنقاط التابعة لها, حدث لنا موقف واحد تعرضنا فيه للخطر عندما بتنا في الطريق كانت لدينا عربة لاندروفر بالقرب من مزرعة شيخ النور في كومشتا كوم شتا..هذا كله جنوب القضارف أقرب إلى دوكة والقلابات فكان من المفترض أن أحضر لاجد المفتاح معلقاً على شجرة والشخص الذي ترك اللاندروفر والمفاتيح على هذه الصورة لا يعرف ماذا سيحدث بعدها, ولا من الذي سيأخذه وحضرت ووجدت اللاندروفر بتلك الهيئة وقمت بقيادته وفي هذه اللحظة تصادف وجود دورية تطوف بالمنطقة كان ذلك يوم 20 فعندما ركبت اللاندروفر أختبأ محمد نور سعد بمكان فيه حشائش ليقف لي بعد أن اتحرك على الشارع مثله مثل أي مواطن عادي, وعندما تحركت جاءت عربة الدورية وهي في حالة جيئة وذهاب.. وعندما أوقفتني عربة الدورية وسألوني من أين جئت قلت لهم جئت من المشروع، أبي شيخ النور صاحب هذه المزرعة وقد ضللت الطريق فقال لي قائد المجموعة, نحن خط سيرنا من هناك ولا نستطيع أن نفعل لك شيئاً فقلت لهم أعطوني (علبة طحنية ومربة) ورغيف وقالوا لي نسمح لك وطلبت منهم أعطائي ورقة لأنني تائه (هنا) حتى تكون لي بمثابة تصريح من جانبكم إذا تعرضت لمساءلة أخرى فأعطوني ورقة فيها تقرير أنهم وجدوني بتفاصيل كذا وكذا وفيها توجيه للوحدات الأخرى على أنني تائه
.
هل كانت هذه الورقة تحمل توقيعاً و ختماً؟
أذكر أن فيها توقيع ملازم أول لا اتذكر اسمه ولم يكن لي سبيل لسؤاله وكل هذه الأوراق والمستندات بعد فشل الحركة أخذوها وحرقت (للأسف), وعندما جئت بعدها لأخذ محمد نور سعد المختبئ قال لي ( لو تأخرت كثيراً في مجادلتهم كانت ستنتابني حالة عصبية وكنت ساطلق عليكم النار و(اضحكنا
)..
وقلت إنه من الجائز أن يكون قد قال ذلك مداعباًً
.
هل وصلتم إلى بيت أحمد يوسف الذي ينتظركم كما ذكرت؟
نعم وصلنا إلى دار أحمد يوسف وأكرمنا بفطور وكان معه الشخص المكلف بارجاع اللاندروفر وجهز عربته اللاندروفر التابعة لوزارة الصحة, ليأخذ الأخ مفتش أول الصحة وهذا سيكون بمثابة تغطية كبيرة جداً حتى نصل الخرطوم. ولكننا وجدنا مشكلة في سنار حيث تسرب خبر رحلتنا هذه وأنني ذهبت لاحضار محمد نور سعد و أنني في سنار في طريقي للخرطوم وتسرب هذا الخبر لشريكنا الحزب الاتحادي الديمقراطي وتجمع عدد منهم في اجزخانة إشراقة لصاحبها مكي وكان في تقديرهم أن (تخرج) معنا عربة تصاحبنا حتى لا يفوتهم شرف المشاركة في إيصال صاحب الحركة. فقلت للعم أحمد يوسف سأذهب لهؤلاء الجماعة أخبرهم بمجئ وأنني قابلت محمد نور سعد في الحدود ولكن تسرب إليه أنه قد (إكتشف ) بحضوره فرجع وجئت لوحدي وعرفت أنني متابع من قِبل الأمن, فأريد منكم أن تخرجوني من هذه ( الاجزخانة) إلى الطريق لانتظر أحمد يوسف في مكان يأتي إليّ فيه ليرجعني للخرطوم من غير أي مشاكل لأنني كما قلت لكم متابَع فانسحب الجماعة سريعاً. وقد حدث ذلك فجاءوا وأخذوني بعربة سريعاً فذهبت لمنزل أحمد يوسف بحي الموظفين وخرج أحمد بعربته اللاندكروزر وسرت اشاعة في مدينة سنار بأن محمد نور سعد رجع والحركة ستتأخر وتحركنا وأخذنا معنا ما جهزه لنا أحمد يوسف من طعام
.
هل كان محمد نور سعد متابعاً لكل هذه الاشاعات؟
لا لم أخبره بها لأنه لو علم سيغضب جداً
.
أين اتجهتم بعد أن غادرتم سنار؟
بعد ذلك خرجنا وكان اللاندروفر يحمل اللوحة الصفراء (لوحة الحكومة) وكان ( طبعاً) سائقه أحمد يوسف النسيبة مفتش أول الصحة وعلى يمينه محمد نور سعد بزيه البلدي ويلبس (عمة) صغيره على رأسه وشنطته مكتوب عليها ( الفكي مهدي آدم سبيل) وبها اللوح والدواية وكنت أنا راكباً على الباب وارتدي البنطلون والقميص وتحركنا من سنار وكان لزاماً علينا أن ندخل الخرطوم بعد المغرب ووصلنا عند الساعة الثانية والنصف أو الثالثة منطقة ( العيكورة) حيث كان شمالها يوجد وادي فيه (قبة) معزول هي ضريح الشيخ طه الأبيض البطحاني ونزلنا تحت شجرة ظليلة شمال القبة في ذلك الوادي -وهذه الشجرة مازالت موجودة- وكلما ذهبت لتلك المناطق اتذكر هذا الحدث
.
أين تركتم العربة اللاندروفر التي تحمل لوحة الحكومة الصفراء؟
تركناها على الشارع وبإمكان أي شخص أن يرى اللوحة الصفراء للعربة, وبعد ذلك قمت بالطواف حول القبة لا ستكشف المنطقة وتعاطينا الشاي وكنا في حالة استرخاء لكننا لم ننم
.
متى تحركتم من العيكورة؟
قدرنا أن ندخل الخرطوم بعد المغرب وتحركنا وفعلاً دخلناها ليلاً
.
أين كانت أقامتكم بالخرطوم؟
توجهنا إلى منزل السيد عبد الله الفاضل المهدي الذي يسكنه مبارك الفاضل حالياً ( البيت الموجود بشارع البلدية
).
حيث كان في الطرف الآخر مبارك (المستلم) وكان معه أخوه ( الفاضل) الذي جهز غرفته الأعلى للفكي مهدي آدم سبيل وقد اشيع في المنزل وسط العمال وغيرهم أنني جئت ومعي فكي من سنار, وقد ربط بين حضوره ومصادرة نميري لأراضي عبد الله الفاضل في تلك الفترة في منطقة بتري وصار كل الناس يعرفون الفكي الذي جاء وله لحية ومعه لوح وسعينا لتعميق هذا الفهم, وكان يلزمنا هذه التغطية وأن هذا الفكي حضر بخصوص مسألة أراضي السيد عبد الله الفاضل ودخل خلوة
.
ما هي الفترة التي قضاها قائد الحركة محمد نور سعد بمنزل السيد الفاضل متخفياً في صورة الفكي مهدي آدم سبيل؟
.
كنا نعتقد أن الفترة بسيطة ولكن الحركة تأجلت بعد أن كان مقرراً لها يوم 25 مايو
.
ما هو السبب في هذا التأجيل؟
السبب هو أن كتيبة من المدرعات كانت في طريقها للبنان كانت مجتمعة في منطقة وادي سيدنا ولا يمكن لحركة عسكرية أن تنجح إذا كانت هنالك قوة جاهزة
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
Abdelrahman Elegeil
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست