|
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! (Re: مدثر محمد عمر)
|
عنف اللغة.. ولغة العنف في شعر عبد الرحيم ابو ذكرى بقلم: عبد القدوس الخاتم جريدة الرأي العام 26 مارس 2008
فانتفض النادل، ثم تسمرت عيونه. وهذا السكون الذي يلف المقهى والبراد الذي يتجمد في الهواء، تعبير بليغ عن الدهشة الطفولية التي يتمتع بها الشاعر، وهي في جوهرها دهشة شعرية مفاجئة تجد نظيرها في مجموعة (الزورق السكران)لرامبو. حيث تكمن الصور الغرائبية لتعيد الاشياء إلى صورتها البدائية، وكأن العالم قد خلق لتوه، مما يزيده ابهاراً. كما نجدها في لوحات سيزان حين تتلاعب الاضواء والألوان في تفاصيلها الدقيقة وتشهق اللوحة بالدهشة التشكيلية فتعود فجأة الى عالم البراءة الأولى، كما يفعل ابوذكرى ورامبو في شعرهما الناضج حين تفشل الكلمات في مطر البدايات: شعر حبيبي الضاحك المستبشر الثرثار ابداً أحب ان اهرب منه من مكان غرقي فيه.. سدى كيف؟.. وفيه امسيات تحمل الرعود للأماسي الرائدة فهذا الشعر المسترسل تنطوي فيه اقانيم الطبيعة برعودها وضجيجها ومافيها من بوح وثرثرة. كان ابو ذكرى رغم ما اكتنف حياته من شقاء وبؤس يتمتع بشجاعة اليائس ويدين له الشعر السوداني بضرب من البسالة المخنوقة الجديرة باكثر الشعراء موهبة واصالة. في المنفى تكمن مأساة ابي ذكرى خاصة ان رحلته كانت في الليل بلا هادٍ ولا دليل، كما يكمن ابداعه وتميزه في تلك الرحلة الطويلة على الارض وفي الخيال، للشاعر قصيدة جميلة ينصحه فيها شيوخه بالبقاء في الارض الطيبة. ساءلني الشيوخ ما الذي تريد؟ والحياة صعبة والنفي والرحيل قطعة من الجنون وعندنا هنا الزروع والشجر وعندنا النبات ما يميت همة المسافرين أجلس بني ها هنا ريع يديك عندنا غير ان الشاعر ذهب بعيداً لا يلوي على شيء. ومن المؤسف ان رحلته العلمية المظفرة لم تسعفه بزاد يجدد به نظرته اليائسة، وارتد كما تنبأ هو بنفسه عصفوراً صغيراً يتعلم الطيران من جديد. واكتسى شعره بصورة جليدية من صميم البيئة الروسية التي تموت من البرد حيتانها. ويستنجد العصفور الصغير بالطيور القوية الجناحين ولكن:ـ غير ان الطيور الكبيرة نفضت ريشها ثم طارت الى ان يلتهمه الشتاء القارس في تلك البلاد البعيدة وتطارده الهواجس المحيرة. في الصمت تستطيع ان تسمع غرق الحناجر في اللحم تستطيع ان تسمع وقع قدم الهواجر فوق الحقول ان تبصر في السقف المجاور اللهب الحارق، وابل سماء فيها تنهض الاسوار وينفض الشتاء شعره الشتائي على الاشجار وتجهد الجذوع ان تمسح وجهها في قاتل الامطار نسمعها فتقشعر.. ثم تحفر القبر ويحتمي الشاعر بدفء العواطف الجياشة: فلندخل وحين تهدأ السماء نامي.. اغطيك انا بشعرك المسدول يدفيء راحتيك لحمى القليل نامي فقد نام الندى في رحم الهواء نامي وقد باض الدجاج الذهبي فوق الماء ورجع العفريت متعباً الى المغارة وابحرت اميرة الجن على قوارب الاصداف للمنارة وهو هنا يستخدم الاسطورة واغاني الهدهدة بنجاح تام بعيداً عن الاقحام لندخل بسهولة في النسيج الحي للنص. وهي معضلة عاني منها الشعر الحديث كثيراً. ورغم هذا التوفيق والتطور في البناء المعماري للقصيدة، فقد ظل في حياته الخاصة عرضه لنوبات اليأس من الانسان الغارق في الخطيئة الجهنمية. باب إلى باب.. ومن هناك للجحيم الاصدقاء القدماء يدفعوننا للاحتضار واصبحوا لا يلهموننا الرغبة والصمود وحتى الصداقة التي يتعكز عليها الانسان في دروب الحياة اصبحت بلا قيمة ولا جدوى: عبثاً نخدعهم بالابتسام وبالعيون الضيقات ملؤها الشرود صاروا مساكين معدمين دونما اسرار لنضغط زراً فاذا الضحكة نفسها القصة نفسها، النظرة نفسها والانكسار ينفتحون كالجمرة كالبلور كاللؤلؤ لحظة ثم تموت النار وهذه قمة اللا مبالاة وانطفأت وقدة الاحاسيس التي تجعلنا نقبل على الحياة وتفتح لنا ابواب الأمل. وحتى المارون على الطريق والذين لا نعرفهم اصبحوا لا يلهموننا بشيء: رحنا نحدق في المتاجر والممرات الصغيرة وبصدورنا حرج وضوضاء وغيم من غبار يأتي الينا الضوء لكنا نحدق بانكسار بعيوننا المهزومة المتآكلة وبنا يمر السابلة نفس الرجال ذوو العيون القاتلة فيسلمون يثرثرون فلا نرد يتناثرون ويصبح العالم أحجيه متكررة ومملة تنذر بالثبور مثل الخرابات القديمة رحنا نسير مبعدين نتتبع الخالي من الطرقات والظل المعار وهنا نموت على الرصيف بلا صديق من غير دار من غير نار غير المساء والبرد والعطش الغزير غير الحصار
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-06-08, 09:41 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | احمد العربي | 04-06-08, 09:46 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-06-08, 10:19 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-06-08, 10:41 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | Yasir Elsharif | 04-06-08, 12:17 PM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-06-08, 03:04 PM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-06-08, 07:33 PM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | احمد العربي | 04-07-08, 03:39 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-07-08, 12:27 PM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-08-08, 07:38 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | Yasir Elsharif | 04-08-08, 09:32 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | mutwakil toum | 04-08-08, 09:54 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-08-08, 03:09 PM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | suliman ibrahim | 04-09-08, 00:53 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-09-08, 06:27 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | احمد العربي | 04-14-08, 03:26 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-14-08, 07:28 AM |
Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! | مدثر محمد عمر | 04-17-08, 05:55 AM |
|
|
|