|
|
|
 Re: الخاتم عدلان ذلك الانسان (مقال) + صور من احتفالية ذكرى رحيله الثالثة (Re: Amjad ibrahim)
|
الخاتم عدلان ذلك الإنسان
حركتنا بسكونك أيها الملك
في حياة كل إنسان يمر أناس وتمر مواقف, بعضهم ينغرس في الذاكرة والضمير,لا تحتاج إلى تذكرهم لأنهم يتواجدون في كل ثنية من ثنايانا, ويومضون بأنفسهم, ذلك لأنهم جذّروا وجودهم في كياننا في كياننا ... في أفعالنا ...في ذاكرتنا...
ما أصعبه أن تكتب عن شخص كانت صنعته الكتابة برع فيها أيما براعة ...أكتب والقلب يخفق حزناً...
أكتب والكتابة مجال رئيسي لممارسة النضال وللنضال سوح آخر
أكتب وقد كان فقيدنا المقيم طاقة دافعة لتفجير الينابيع والعمل و زيتاً للسراج يرعى المواهب يشجعها يحفزها ..
كقصائد العشق المنتقاة نادرة التقاسيم والفواصل ..كان الزمان مفضفضاً بالسحر ومخضلاً بالإيقاع .. اكتب مجتراً لنتف من ذكريات وأيام كانت جميلة الإيقاع مورقة .. متوهجة شموسها الأخاذة وممتدة أنهر ضياؤها ....
وشأن الحروف أن تترجم الدواخل .. والدواخل مجروحة نازفة .. قدر الحروف أن تسجل اللحظات النادرة وأن تخرج لتتشكل في مجامر الوجد.
أناس يعيشون وتعيش في وجدانهم كمسيرات فرح دونما نهايات..هم سبب العطش ومنهم الارتواء ..والذي لايتلظى بنار الحروف لا يعرف عذابها ..لا يعرف معنى السلم إلا المقاتل.. ولا يعرف معنى العدل إلا المظلوم ..ولا يعرف قيمة الصحة إلا العليل .
إنسربت عقود من الزمان وطيفها جائل أمام الأبصار ..يسحقك حنين وشوق جارف لها ..دواخلنا تتمزق بالفقد تلو الفقد ..نكاد نتحول إلى أشلاء منثورة على شواطئ ومواني ومناف ومتاهات نتجرع آلامنا وأحزاننا وإخفاقاتنا.
أناس كأنهم من كوكب آخر يعطونك الأمل عندما تتعثر خطاك.. يشرعون لك الصدور عندما تغلق الأبواب والنوافد ويضيق بك الكون .. يشعون عندما تظلم الدنيا أمامك.. يصافحونك فيعطونك قوة العالم.
إبان دكتاتورية الإمام الأفاك جعفر نميري والتي قضى الخاتم في سجونها حوالي 12 عاماً معتقلاً أو ملاحقاً, كنا نزوره في السجون ونحن أطفال هناك يكون الاحتفال حقيقياً يتحلق حوله الأصدقاء والصديقات الرفيقات والرفاق الأهل والأحباب, يوزع وقته القليل ما بين هذه الجموع ويخص كل فرد منهم ببعض وقتاً يخفف عنهم مواسياً كأنهم الأسرى وهو الطليق.. يخصنا نحن الصغار بجل وقته سائلاً عن الدراسة وسيرها ويدهشك عند الزيارة القادمة حيث توقفتم آخر مرة. عقب الانتفاضة المجيدة في السادس من ابريل 1986 أقمنا في الحاج يوسف مع إدريس عبد الله وبتول عباس والمنزل مزار للجميع يحتشد فيه الناس في كل الأوقات. نحاول أن نسرق بعض الوقت للانفراد بالخاتم لطرح الأسئلة المؤجلة عن 19 يوليو وعن حقيقة هتاف أضرب ..أضرب.. يا أبو القاسم وكان يقول إنها فرية إخوانية أرادوا بها النيل منه, وقد نفى ذلك قبل رحيله بفترة قصيرة في موقع سودانيز اون لاين وراح يعدد الشهود الذين نفوا الواقعة وأكدوا صحة ما قاله الخاتم منهم الدكتور حسين نابري زميل دراسة الخاتم وصديقه.. وهناك من اثر الصمت البائس حتى يكون الأمر محسوباً على الخاتم. كتب الخاتم عن ذلك الهتاف قائلاً (انه هتاف مخنث) فهل يسمع من يعلكون هذا الكلام الآن ويتوقفون عن ترديده؟.
عقب نجاح الانتفاضة وصلت رسائل تهديد من جماعة المأفون جعفر نميري مهددةً وكان أن وصلت للخاتم واحدة من هذه الرسائل, رفض الخاتم فكرة أن توفر له حماية من أي جهة وكان يتحرك وفق ما يرى.
بتول عباس كانت ممتحنه للشهادة السودانية وهي أم لثلاث بنات كلهن في المراحل الدراسية المختلفة, عقدنا اجتماع اسرياً تقرر بموجبه أن يقوم كل واحد منا بواجب منزلي بموجب ذلك تولى الخاتم مراجعة الدروس معها ولارتباطاته الشائكة اختار غسل الأواني بنهاية اليوم, كان يأتي منهكاً عقب ندوة أو اجتماع حزبي أو مدرسة كادر, يقوم بغسل الأواني كلها لا يمل ولا يتضجر, يرفض حتى مبدأ مساعدته في رص الأواني..أكملت بتول تخصصها في اللغة الإنجليزية وتخرجت من جامعة النيلين.
رضوان الهادي الأخ الأصغر يطلب المساعدة في أي مادة دراسية يجد العون وقتما شاء.بفضل مجهودات الخاتم يتحدث رضوان اللغة الإنجليزية بطلاقه.
لا يتردد الخاتم في البحث لفرص عمل لمن يود.. يرافق المرضى إلى المستشفيات ويكتب لمعارفه من الأطباء طالباً مساعدتهم.. يقضي الكثير من الحوائج وهو سعيد بذلك..يتفقد الجيران ويتواصل معهم يبدون إعجابهم من بساطته وتواضعه.
يحتفي بأصدقائه وصديقاته ينفرد بكل منهم ومنهن إذا دعي الأمر يتردد عليه رفيق دربه فيصل مصطفى ..عبدالجليل حسن.. محمد عبدالقادر هلال.. الراحل الفاتح الرشيد..سليمان خضر..عبد الفتاح زيدان..الطيب إبراهيم..عمر النجيب..عواطف سيد أحمد..سلوى سعيد..علية العاقب.. أمال كنه..ندى وأمامة مجذوب يحى...حدالريد..طه سيد أحمد.. الراحل علي الماحي السخي..روبن مشوي..جوزيف مديستو..الراحل ازيدورو عيسى.عديلة الزيبق.
يحتفي بخلصائه المغادرين للخارج محجوب عباس ..عبدالقادر محمد سعيد(قدورة) الراحل علي عبد القيوم..الشاعر الراحل جيلي عبدالرحمن الخ.. ويصر على إعداد كل شيء بنفسه.
نتحرك صباح الجمعة من كل أسبوع وهو اليوم النهائي لإعداد وطباعة جريدة الشبيبة لسان حال اتحاد الشباب السوداني, غالباً ما يأتينا الأخ بحيري عبدالله بحيري لننطلق ثلاثتنا يطمئن الخاتم على إعداد الصفحة الأولى ويقول(طيب المصيبة حتكون كلمة العدد) ونحن داخل عربته نتناقش في أمور مختلفة فجأة يلتقط موضوع ما يكتب عنه ليكون كلمةً للعدد يمررها على جميع أعضاء هيئة التحرير لا يكتب كلمة لا يوافق عليها الجميع, يطلب الرأي والمشورة في كل صغيرة وكبيرة.
في ليلة ظلماء وعند نهاية كوبري القوات المسلحة ونحن في رفقة عمنا الهادي احمد رجب ينفذ وقود العربة نتحرك هو وأنا ويجلس صديق مع عم الهادي داخل العربة, في طلمبة البنزين نواجه بموقف عصيب, امرأة في رفقة طفلين فقدت كل ما عندها وتريد الوصول إلى أهلها وأطفالها يصيحون من الجوع, لم يتردد الخاتم في دس المبلغ داخل جيب طفلها, نعود إلى العربة نروي لعم الهادي وصديق ما حدث, يقفز عم الهادي طرباً ويقول(أنا أبوك يا الخاتم حرّم نمشي بكرعينا) يوقف العربة أمام مبنى شرطة كوبر نقطع المسافة الطويلة إلى الحاج يوسف(الإسكان الشعبي) راجلين والكل سعيد ومسرور.
عادةً ما يفوق عدد المتواجدين في المنزل على عدد أسّرته ويحدث الأمر بشكل شبه يومي يقوم الخاتم بتوزيع الضيوف على الأسّرة ويشرف على كل شيء وبهدوء تام يسحب مقعد عربته إلى الخلف ليستلقى داخلها ويكون أول المستيقظين صباحاً.
ووجهت جريدة الشبيبة عند صدورها بحملة إعلامية ضارية من قبل إعلام الجبهة الإسلامية والطريق لإخراسها هو البلاغات وأستاذنا الجليل عبد الفتاح زيدان تولى رئاسة مجلس إدارتها واستشارتها القانونية, تفتح البلاغات ضد الجريدة نتوجه إلى مراكز الشرطة لنفاجأ بأن الخاتم قد ذهب أمامنا وأعلن مسئوليته حول المادة مسار البلاغ.
تقول الأستاذة سعاد ادم وهى من المقربات إلى الخاتم (إن الخاتم كان يظهر عواطفه ولا يستحي في إظهار دموعه وهو الذي يصمد كالجبال) .
في مارس 1987 تمتد الأيادي الغاشمة بإطلاق النار على المفكر اللبناني الشهير الدكتور حسين مروة, سكب الخاتم دموعه السخان حتى أغمي عليه, وكتب ناعياً حسين مروة معدداً مآثره في مقال رصين أعلنت عنه جريدة الميدان لأيام قبل نشره. بعدها قرر الخاتم التصدي لإكمال السفر العظيم (النزعات المادية للفلسفة العربية الإسلامية) وهو الرسالة التي نال بموجبها حسين مروه درجة الدكتوراه في الفلسفة بعد عشر سنوات من البحث, حسم الخاتم أمر ذلك وقطع شوطاً بعيداً وهذه المعلومة لا يعرفها سوى المقربين منه منهم رجل الأعمال السيد سليمان الخضر رفيق درب الخاتم وصديقه لفترة تجاوزت الأربعين عاماً .
الخاتم الوفي لا ينسى وفاء الأصدقاء والأهل تجاه ينهض واقفاً كل ما ذكر اسم السيد إبراهيم رضوان وزير الصناعة في العهد الديمقراطي وقد أوى الخاتم في منزله في أيام كالحات السواد عقب فشل انقلاب 19 يوليو 1971 , وفاءً للسيد إبراهيم احمد رضوان أطلق اسم رضوان على احد أخوة الخاتم.
انتهز هذه الفرصة و أرجو السيد إبراهيم رضوان إعادة النظر في أمر انضمامه إلى صفوف المؤتمر الوطني حتى لا يلوث تاريخه الحافل وهو القيادي السابق في الحزب الاتحادي الديمقراطي.
يفقد الخاتم كل ما قام بكتابته وترجمته داخل السجون نتيجة لكسر تعرضت سيارته لا يتأثر كثيرا للأمر ربما مستهدياً بالقول نفسي التي تملك الأشياء ذاهبةً فكيف ابكي على شيء إذا ذهب.
يحتفي بأخيه عدلان متخرجاً وعريساً.. وبناصر طبيباً .. وبصديق قائداً نقابياً, يتحدث بإعجاب بالغ بجسارة ابن خاله محمد رجب الذي رافقه سيراً على الأقدام في مسيرة يوم ونصف كان ذلك مساء يوم 22 يوليو 1971 والإذاعة تردد اسم الخاتم ضمن قائمة المطلوب إلقاء القبض عليهم.
في 21 اكتوبر1988 يقترن بالأستاذة تيسير مصطفى ويقضي معها فترة لا تزيد على الثمانية أشهر وعقب ذلك ينعق البوم يوم 30 يونيو 1989 يحضر الأستاذ جوزيف مديستو لتبليغ الخاتم بخبر الانقلاب طالباً منه التحرك على عجل, يرتب الخاتم أمره بهدوء تام ليغادر المنزل مختفياً تاركاً زوجته الحبلى في شهرها السابع.
تلتقيه أثناء فترة الاختفاء يبث فيك روح التفاؤل بقرب يوم الانتصار وكلما يطلبه هو كتاب أو مجلة لا شيء آخر.
يغادر السودان خلسة في منتصف نوفمبر 1993 وهذه قصة طويلة سيأتي يوم الحديث عنها وكيف تجاسر البعض حاملاً روحه بين يديه مرافقاً للخاتم في رحلة الخروج على ظهر عربة تحفها المخاطر من كل الاتجاهات وهنا لا بد من الإشادة والتحية والإجلال إلى روح المرحوم الدكتور الفاتح حاج التوم الذي لم يتردد في مرافقة الخاتم هو وزوجته بعد اقل من أسبوع من زواجهما له التجلة ولأرملته ولأبنائه التحية .. ويجبن آخرين في مبلغ لا يزيد على الخمس وعشرين دولار.
توافد خلصاء الخاتم ورفاقه لزيارته عند وصوله للقاهرة في أواخر نوفمبر 1993 محمد عبد العاطي من سلطنة عمان , محمد سليمان من الدوحة, محجوب عباس من السعودية وآخرين.
ذهبت إلى القاهرة من دمشق أقمنا في مدينة نصر والمنزل مكتظ بالزوار وقادة العمل المعارض حينذاك وظروف القاهرة... القاهرة ينفق الخاتم كلما يملك للمساعدة في دفع إيجار منزل أو لعلاج قادم من قهر الجبهة الإسلامية وسجونها. العدو معروف ومكشوف يأتي ابن الشرق المناضل الأستاذ إبراهيم آداب القيادي في جبهة الشرق حالياً بالخطط والمشاريع بل وبالقوة الضاربة للإطاحة بنظام الجبهة الإسلامية, يضع الخاتم نفسه رهن إشارته مقاتلاً في الصفوف الأولى وعوامل كثيرة تقف حائلاً دون نجاح الأمر.
في 10 يناير 1994 نتحرك سوياً إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب, وكنت احمل في يدي كتاب الأستاذ محمد إبراهيم عبده كبج بعنوان خمس سنوات من الإفقار والدمار في ظل حكم الإنقاذ رجل الأمن المصري البليد الواقف عند مدخل المعرض يطير فرحاً ر غم أن العنوان واضح كالشمس في رابعة النهار, يقرر أن الكتاب يبشر بفكر الإنقاذ, يتدافع رجال الأمن نحونا وفي فترة لا تزيد على العشرة دقائق نحاط الخاتم وأنا بأكثر من أربعين شخصاً, يتم إدخالنا لغرفة محتشدة بأصحاب الذقون المتطرفين المصريين, يرفض الخاتم رفضاً قاطعاً الدخول إليها ويقول نحن غادرنا السودان من اجل أمثال هؤلاء ولا يمكن أن ندخل معهم في مكان واحد, يبدأ التحقيق بالأسماء مصطفى طه وهو الاسم الذي دون في الجواز الذي غادر به الخاتم السودان يأتي دوري اسمك ويمتد التحقيق لقرابة العشرين ساعة يفاجئني الخاتم إن هذا الكتاب يخصه هو ولا يخصني رغم أن الكتاب عثر عليه بين يدي, وبعد عدة اتصالات يتم تحويلنا من ارض المعارض إلى لازوغلي حيث مباني امن الدولة وهناك تصل وشاية بان الأسماء غير صحيحة والمحقق هو المسئول عن القسم السوداني برتبة مقدم, يصر على أن نمده بكيفية استخراج جواز الخاتم ولماذا ضحك على الأمن المصري ولماذا حذفت أنا اسم والدي نذهب لنعاود الحضور لعدة مرات في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر وفي الأخير يحيي ضابط الأمن المصري الخاتم على جلده ويقول أشياء ...
أنا أتحدث الآن عن شخص يمنح دونما ضجيج واستعلاء شان العالم المفكر المتواضع بتواضع وهدوء وأنت الشامخً فكراً المتسلح بالخلق والأدب كنت تسير راسخ القدمين غير مساومً على القيم .. منفتح العقل والقلب على آفاق أرحب.
نهرً من العطاء هادئاً كالنيل الأبيض يروي الأرض ويسقي الغرس دونما منِّ من اجل العطاء ومن اجل الخير.. ومن اجل الديمقراطية والحرية.. حرية الاختيار لرؤية الواقع ورؤية قواه الثورية, أو رؤية هذا الصراع في حركته الدائمة داعماً بل ومتحدا مع القوي المناضلة وتحريض الجماهير في اتجاه تحريرها وخلاصها من هوان الاستعباد, وهوان الذل والجهل, وهوان الجوع والمرض. مسترشداً بالعلم ومستضيئاً به في رؤية الإنسان والكون والمجتمع والحياة..
أنت أحد الذين أسهموا في إثارة الوعي وخدمة قضايا الوطن والمواطن, مهتدياً بالعقل والفلسفة التي اعتنقتها لحقيقة التناقضات التي كانت ولا زالت تصطرع مستوعباً تحولات عصره, ومنحازاً إلى الجوهر الثوري الذي تحويه هذه التحولات, صادحاً بالوقوف إلى جانب التطور ومؤمناً بأن التطور هو السمة الوحيدة لحركة التاريخ وانه ليس هناك تكويناً أبديا جامداً وأن كل شيء ماض في سيرورة التغير الدائم وأن البشر هم صناع أقدارهم وسعادتهم لم تنكص يوماً في تصويب سهامك بالكلمة المسموعة أو المقروءة وأنت المقاتل الأكثر حماسة وتوقداً وثباتاً ونفاذ بصيرة وقدرة تعبيرية وشمول ثقافة للتصدي للقوى التي تتدثر بلباس الدين تحت مسميات مختلفة وتوجهات متنوعة جبهة إسلامية... أنصار سنه... تكفير وهجرة.. إنقاذ ... مؤتمر وطني.. مؤتمر شعبي ..الخ من أضاليل وأباطيل, تتلاقى في محصلاتها الأخيرة على التقليل من دور العقل في معرفة الكون ومن قدرة العلم على خدمة تقدم البشرية جمعاء..
لقد قارعتهم يا خاتم بدراية وشجاعة دون يأس أو كلل أو ملل على امتداد حياتك العامرة الفاعلة.. كشفت و بتعابير رائعة زيف مرتكزاتها الفكرية, وخطر وخطل مفاهيمها وأنت على وعي كامل بما ستجره عليك من ويلات مع أصحاب هذه المفاهيم الموغلة في غياهب التخلف وهي قوى فاجرة في خصومتها.
أنت الآن هناك لا احد يفقه لغة الصمت ويستنكه بلاغته ولا احد يجيد قراءة الداخل متصفحا أغواره مثلك.
الوطن يا خاتم مثخن بالخرائب والأشلاء يغطيه الدمار.. أبناء الوطن الخلصاء يصطفوا الصف الأول صفاً للشهداء البواسل الذين غاصوا في ترابه واصلبوا عوده وعززوا صمود شعبهم, وآخرين اكتظت بهم السجون وشرع القتلة في تعذيبهم وسحلهم داخل الأقبية وبيوت الأشباح, بعضهم يمم وجه شطر الهجرة والمنافي لكنهم تدافعوا لقيادة العمل المعارض والإطاحة بحزب أتى ليلاً وأذاق شعبه الأمرّين, لكنهم أحبطوا فالمغانم الشخصية والحزبية حجبت عنهم رؤيا الوطن الذي تحول إلى فسيفساء.. كان قائد هذه المعارضة يصلح لكل شيء لكنه لا يصلح لقيادة هذا العمل الضخم الذي وجد نفسه فيه بلا مؤهلات ....الحكومة الآن تعد عدتها لاستقباله,لا مجتثا لجذورها كما وعد بل داعما لها وربما مندغما فيها.... بفضل هؤلاء وأمثالهم لا زالت الإنقاذ تتشبث بالسلطة حيث الثراء الفاحش للبعض والسيادة المطلقة للتافهين والتنمر للزائفين.. هي الإنقاذ التي قلت عنها منذ قرابة العشرة أعوام ياخاتم( أنها لا تصلح ولا تصالح) .
وأنت تتأمل من أي اتجاه تطل على الخاتم عدلان, وأنت جالس إليه تحتار كيف ومتي ومن أين تبدأ وعندما يبدأ هو في الاسترسال تتوه أنت في لججه, وتتأمل وتفكر في كنوزه وصخوره.. مع أمثاله وهم قلة يصبح الإيجاز مستحيلاً وهو الذي لم يجوز عطاياه علينا , في كافة المجالات والأصعدة, موسوعة في إنسانيته, تجد نفسك تصغي إليه طائعاً لتنهل بعض من معينه. وعندما ينصت هو إليك يقضي معك ساعاته الطوال دونما كلل أو ملل وهو العصامي الصلب.. المناضل الثوري والثورة تعني له الحب الكوني.
انه الصديق المتواضع الوفي.. الرفيق المقاتل الشرس.. رفيق شطر زاه مخصب من العمر.. المفكر واسع الأفق ..الكاتب المجيد.. المترجم البارع .. الخطيب اللسن.. جاهر الصوت واضح المخارج والعبارة .. دقيق الوصف.. الإنسان النابض بالخير المؤانس المتوقد وبقية الصفات المنقرضة في هذا الزمان.
هذا هو الخاتم كعهده حتى في الموت تقدم صفوفنا انه الآن سبقنا إلى ثرى السودان في عالم آخر انتصر المرض على جسد الخاتم , لكن الخاتم انتصر على الموت بفكرة .. الخاتم عدلان يكرم الأرض بجسده الطاهر وفكره النير..الخاتم الشجاع حتى في موته وموقفه من الوجود قال بعبارات واضحة..لو عشت ليومين أو ساعتين أو دقيقتين سأظل داعيا للوعي والاستنارة!!!!!!!!!!!!! من يتزعزع ولم يجزع وقال..نعم أنا أحب الحياة لكني لا أجزع من الموت. وقد كان يواجه الأم الداء العضال بثبات أسطوري..
الخاتم داخل مركزه المشع بالفكر ونحن في حضرته يصغي إلينا .. يفكر ..يحاول أن يقول ولكن في صمت.
لقد أعطى الخاتم وأوفى وزاد .. كان عطاؤه نضالياً صموده إبداعيا..وفكره نيرا
ترك لنا كل ذلك وغادر لنتعلم من حياته الماجدة والباسلة .
سأكتب عن الصديق؟.. لا..سأكتب عن إنسانيته الفذة سخية الشموس ؟ لا.. سأكتب عن صموده الأسطوري أمام قناعاته؟..لا سأكتب عنهم جميعاً ؟..لا لن اكتب ......
هل يمكنني تسوير العاصفة ؟... قبض المجرة أو الزلزال؟ هل يمكنني حجب قرص الشمس ؟ هل يمكنني إن ادخل الفيل في سم الخياط ؟ ..لا..لا..لا.. اذاًٍ يجب أن أتوقف...
أنها رفقة عمر طويل لا تترجم بكلمات يا خاتم..
عبد الوهاب همت
[email protected]
22ابريل 2008-04-22
(عدل بواسطة Amjad ibrahim on 04-24-2008, 04:11 PM)
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الخاتم عدلان ذلك الانسان (مقال) + صور من احتفالية ذكرى رحيله الثالثة (Re: Amjad ibrahim)
|
التاريخ اسفل الصورة ( 6 يناير 1984) هل هو تاريخ صحيح؟ هل غلط الخطاط فى تاريخ ميلاد الراحل الخاتم عدلان؟
وللخرطوم فى غياب الخاتم عدلان حضور. وسور. ومركز يتجاوز اسوار الموت الى رحابة العقل الوضئ المنير.
حافظوا على مركزه واجعلوا منه فروعآ فى كل مكان. فى الجزيرة. فى كردفان. فى الجنوب. فى ظلال البركل والنخيل. وهناك على فنارة الميناء.
الوعى
المعرفة
الاستنارة
التنمية
العلم
النقد
الحرية
الانتماء للجذور الشعبية
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الخاتم عدلان ذلك الانسان (مقال) + صور من احتفالية ذكرى رحيله الثالثة (Re: Amjad ibrahim)
|
الفنانة اسرار بابكر تصدح في تلك الامسية
لله درك يا باقر نعم الصديق انجزت صرحا حلمنا و حاولنا اقامته مرارا
مركز لثقافة الديمقراطية و السلام و التنمية البشرية امل راود
الخاتم كثيرا، لكنها سخرية القدر ان يرحل و أن تنجز حلمه هذا و أن يحمل اسمه
يوم شكرك ما يجي
اهازيج فرح بالافتتاح الرسمي للمركز و تبدو صور الفقيد و كأنه يأبى إلا ان يشارك الناس
غبطتهم بهذا الانجاز
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الخاتم عدلان ذلك الانسان (مقال) + صور من احتفالية ذكرى رحيله الثالثة (Re: عبدالوهاب همت)
|
Quote: شكرا لتجولك حتى بين سطور خلفية الحفل التأريخ الصحيح هو 1948 ويبدو ان الجزء الاول قوس كتب التأريخ بداخله عن طريق الخطأ.
أضم صوتي لصوت امجد مطالبا بمدنا بتلك الرساله وأعلم أنك فاعل دونما تردد |
الاخ عبد الوهاب همت
السلام والرحمة
الجزء الاول من كلامك مقصود به انا عادل عثمان. والجزئ الثانى مقصود به عادل عبد العاطى حين خاطبه امجد ابراهيم وطلب منه نشر خطاب الراحل الخاتم عدلان.
| |
|
|
|
|
|
|
| |
Marouf Sanad
Adil Osman
الجندرية
Abdel Aati
عبدالوهاب همت
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست