الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-20-2024, 08:02 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-06-2008, 04:12 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Ahmed Abushouk)

    الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك (3/3)

    د. أحمد إبراهيم أبوشوك

    وإذا انتقلنا من البُعد الساكن إلى البُعد المتحرك للانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في السودان عام 2009م، فإننا نلحظ أن القوى السياسية قد ثـمَّنت الجوانب الإيجابية لمشروع قانون الانتخابات لعام 2007م، الذي أُسست مفرداته على مبادئ اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي لعام 2005م، إلا أنها اختلفت حول بعض القضايا المرتبطة بإدارة الانتخابات، وتحديد النسب المئوية الجامعة بين نظام الانتخاب الفردي ونظام التمثيل النسبي القائم عليهما نظام الانتخاب المختلط، وكيفية تحديد الوعاء الجغرافي لدوائر التمثيل النسبي: هل تكون على المستوى القومي أم المستوى الولائي؟ وكيفية تمثيل المرأة، هل عن طريق قوائم منفصلة أم قوائم خاصة بالنساء؟ أم تشرك المرأة في قوائم التمثيل النسبي على المستوى الولائي بنسبة 50%؟
    كل هذه القضايا ومثيلاتها قد طُرحت على موائد الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني، وأثار طرحها علامات استفهام تصب في خانة البُعد المتحرك الذي يؤثر إيجاباً في كسب الانتخابات القادمة إذا وُظِّف توظيفاً موضوعياً وفق قراءة فاحصة للإرث الانتخابي في السوداني وشفافية مُحكمة، وبخلاف ذلك سيكون كسب العملية الانتخابية كسباً بخساً. وفي خانة البُعد المتحرك وحراكه الإيجابي ناقشت مجموعة من الأحزاب السياسية المعارضة مشروع قانون الانتخابات، واقترحت بعض التعديلات على المفوضية القومية للمراجعة الدستورية، ونذكر منها: اعتماد الولاية دائرة انتخابية للتمثيل النسبي، وأن يكون انتخاب نصف أعضاء المجالس الولائية، والمجلس التشريعي لجنوب السودان، والبرلمان الوطني عن طريق الانتخاب الفردي ذي الأغلبية البسيطة، والنصف الآخر عن طريق التمثيل النسبي (القائمة المغلقة)، وأن تمثل المرأة في البرلمان الوطني والمؤسسات التشريعات الأخرى بعدد لا يقل عن 25%.
    وبشأن اختيار أعضاء المفوضية القومية للانتخاب فقد اقترحت مذكرة الأحزاب السياسية أن يكون ترشيح أعضاء المفوضية التسعة عن طريق الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني، وأن تقوم تلك القوى بتقديم قائمة تحوي خمسة عشر مرشحاً، يختار رئيس الجمهورية منهم تسعة، ويتم اعتماد تعيين كل منهم بعد نيله موافقة ثلثي أصوات أعضاء المجلس الوطني، وإن تضم عضوية المفوضية ثلاثة نساء على الأقل. فلا شك أن هذا المقترح سيُضفي على المفوضية القومية للانتخابات نوعاً من قومية التمثيل، والحياد الإيجابي في أدائها الوظيفي، ويبعدها عن دائرة الانتماء الحزبي الصارخ. فلا جدال أن توفر هذه المواصفات سيسهم في إدارة الانتخابات بكفاءة مهنية عالية، وشفافية ونزاهة ترقي بها إلى مصاف أداء اللجان الانتخابية السابقة، التي أشرفت على انتخابات عام 1953م، و1965م، 1968م، ونفذت مهامها الوظيفية على أحسن ما يكون، دون أن تكون عرضة لانتقادات القوى الحزبية المتصارعة، التي أجمعت على شفافية عطائها المهني، الذي كان يمثل البُعد المتحرك في العملية الانتخابية.
    لكن النـزاهة المهنية تحتاج إلى مناخ سياسي قوامه الحرية بمعناها الشامل، ويبدو أن تلازم هذين المصطلحين لتحقيق أية انتخابات ديمقراطية قد كان واحداً من الأسباب التي دفعت الأستاذ محجوب محمد صالح لعقد مقارنة بين واقع الانتخابات القومية القادمة والانتخابات البرلمانية الأولى التي أُجريت عام 1953م، وحجته في ذلك أن أياً منهما ينطلق من اتفاقية تهدف إلى تقرير مصير ينشده أهل الجنوب (السودان) سواء كان ذلك في إطار علاقتهم مع مصر والحكومة البريطانية حسب ما جاء في اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير لعام 1953م، أو في إطار علاقة الجنوب مع الشمال وفق مقتضيات اتفاقية السلام الشامل لعام 2005م. إذاً الانتخابات البرلمانية ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لإعداد المسرح السياسي السوداني تجاه خطوة مصيرية تقضى باستمرار وحدة السودان المستدامة، أو انفصال الجنوب عن الشمال عبر استفتاء عام. فالوحدة المستدامة هي الخيار المنشود والأفضل، لكن لا يتم تحقيقها إلا في ظل حكومة منتخبة راشدة ومدركة لسلبيات الانفصال. فالحكومة الراشدة لا تؤسس إلا في ظل مناخ سياسي تسوده الحرية وسماع الرأي الآخر، وعدالة القسمة في السلطة والثروة. فإذا كانت قضية السودنة، وجلاء القوات الأجنبية من السودان من متطلبات إجراء الانتخابات البرلمانية الأولى لعام 1953م، فإن إلغاء القوانين المقيدة للحريات (قانون الأمن الوطني، والإجراءات الجنائية، وقانون الصحافة والمطبوعات، ورفع حالة الطوارئ) من أولويات المرحلة الحالية، لأن إلغاءها يسهم في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تعبر نتائجها عن الأوزان الحقيقية للقوى السياسية المشاركة فيها.
    وفي مرحلة التحضير للانتخابات يجب أن يجرى التعداد السكاني في كل أنحاء السودان وخارجه حيث يقطن المغتربون، وأن تشترك كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في عملية التعبئة له، ومراقبة الإجراءات الفنية، وذلك لضمان مشاركة كل القوى السياسية في العملية الانتخابية من واقع يضمن سلامة تمثيلها. وقد نظمت المواد 214 و215 من الدستور الانتقالي لعام 2005م عملية تكوين مجلس الإحصاء السكاني وتحديد مهامه الوظيفية، وبموجب ذلك التفويض الوارد في المادة 214/1 أصدر السيد رئيس الجمهورية مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل مجلس الإحصاء السكاني برئاسة الفريق بكري حسن صالح، وأمانة الدكتور يسن الحاج عابدين، مدير الجهاز المركزي للإحصاء، وعضوية وزير المالية الاتحادي، ووزير مالية الجنوب، ومدير مفوضية الإحصاء والتعداد بالجنوب، وممثل المجلس الوطني، وممثل مجلس الولايات، واثنين من الخبراء في مجال الإحصاء. وعلماً بأن هذا التعداد السكاني الخامس المقرر انطلاقه في منتصب أبريل 2008م يتصل بعدد من القضايا المهمة المختلف حولها سياسياً، وتأتي في مقدمتها قضية تقسيم الدوائر الانتخابية، وتحديد معايير تقسيم الثروة بين أقاليم السودان المختلفة، وتوزيع الخدمات طبقاً للكثافة السكانية، ومعرفة طبيعة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على التركيبة الديمغرافية في السودان بسبب النـزاعات الأهلية والظروف الطبيعية، والهجرة إلى الخارج، ومردود العائد النفطي على المشهد الاقتصادي، وتأسيساً على ذلك فقد شكك بعض الخبراء القانونيين والأحزاب السياسية في حيادية مجلس الإحصاء السكاني، متعللين بأن تكوينه قد جاء على نسق حكوميٍّ مسيسٍ أفقده الصفة الحيادية. ويبدو أن هذه الانتقادات قد أثارت حفيظة القائمين على أمر المجلس، ودفعتهم إلى إصدار بيان يؤكدون فيه أن الإحصاء السكاني "عمل فني محايد ينفذه محايدون محليون ودوليون بناءً على إجراءات قياسية ودولية، ولا علاقة له البتة بالحكومة، وإن لجنة المراقبة في مجلس التعداد السكاني تضم أكاديميين وأحزاب تراقب العملية" الإحصائية. فلا شك أنهم محقون فيما ذهبوا إليه، لكن الضمانات الفنية التي أكدوا عليها لا تمنع الخوف من طغيان نفوذ الجهات الإدارية ذات اللون السياسي الصارخ على حساب الجوانب الفنية، وبذلك سيأتي الإحصاء مشوهاً وفاقداً للشرعية، لأنه لا يلبي الأهداف الكلية التي أُسس عليها. ولا جدال أن هذه الذريعة تصب في خانة البعد المتحرك للعملية الانتخابية، ومن ثم يجب على الجهات المختصة في الدولة أن تنظر إليها بعين الاعتبار، لأن الإحصاء السكاني إجراء مفصلي في العلمية الانتخابية، وتحديد مسار السودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الحاضر والمستقبل.
    والتحدي الآخر يرتبط بتباين مواقف الحكومة والأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني حول إجراء الإحصاء السكاني والانتخابات في دارفور، فالدكتور نافع علي نافع، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، يشدد على ضرورة إجراء التعداد السكاني وانعقاد الانتخابات في موعدها في كل أنحاء السودان بما فيها دارفور، وحجته في ذلك أن "الأمن مبسوط في 99%" من أنحاء دارفور، وأن هذه "النسبة أكثر من كافية لإجراء الانتخابات" في الإقليم المنكوب، في وقت يرى الدكتور كمال عبيد، أمين أمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني ووزير الدولة للإعلام، أن "قضية دارفور لا علاقة لها بقيام الانتخابات، وأن السودان جرب في حقب مختلفة عدم إجراء الانتخابات في كل أنحاء البلاد، ورغم ذلك قامت برلمانات مسؤولة." وفي الاتجاه المعاكس لموقف الحزب الحاكم يبرز موقف الحركات والتنظيمات الرافضة لإجراء التعداد السكاني في دارفور دون التوصل إلى سلام عادل، ويأتي في مقدمة الرافضين حركة تحرير السودان بقيادة كبير مساعدي رئيس الجمهورية، مني أركو مناوي، وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، اللتان ترفضان إجراء التعداد السكاني والانتخابات قبل إحلال السلام وإعادة توطين النازحين والمشردين بسبب الحرب في دارفور. ويتجسد بين هذين الموقفين المتناقضين موقف الحركة الشعبية المشاركة في الحكم، الذي يمثله ياسر عرمان، معتبراً "إن التقرير بشأن قيام الانتخابات في دارفور من عدمها يحتاج إلى مناقشة في أجهزة الدولة، وبين كافة الأحزاب، ومع أهل دارفور خاصة، وعلى صعيد الحركة فإنه من المبكر إصدار حكم في قضية تقع في دائرة الاستراتيجيات وتحتاج إلى تقييم دقيق ... لكن قيام الإحصاء السكاني والانتخابات بدون دارفور سيكون حدثاً جللاً تترتب عليه تعقيدات كبيرة." كل هذه المواقف المتناقضة والمرتبكة سياسياً تذكرنا بواقع الحال في الجنوب عام 1965م، عندما عجزت لجنة الانتخابات العامة من إعداد قوائم الناخبين في المديريات الجنوبية بالصورة المرجوة، وانسحاباً على ذلك نبعت فكرة المفاضلة بين إجراء انتخابات جزئية في السودان أو تأجيل العمليّة الانتخابية برمتها. وانقسم الرأي السياسي حول هذه القضية بين الإجراء الجزئي والتأجيل، وكانت كفة المؤيدين للإجراء هي الراجحة، السبب الذي أدى إلى مقاطعة حزب الشعب الديمقراطي للانتخابات الجزئية التي أُجريت في شمال السودان، ودفعه إلى اتهام المشاركين فيها بـ"الخيانة الوطنية"، لأنهم من وجهة نظره قد مهدوا الطريق لانفصال الجنوب عن الشمال. فلا غرو أن إجراء الانتخابات في الشمال دون الجنوب كان له انعاسكاته السالبة على المشهد السياسي، كما بينا ذلك في الفصل الثالث من هذا الكتاب، وكان أيضاً واحداً من الأسباب التي أربكت العمل الديمقراطي داخل الجمعية التأسيسية وخارجها، ووسَّعت الشقة بين الشمال والجنوب، وعجلت بحلِّ الجمعية التأسيسية قبل انتهاء دورتها القانونية، دون أن تنجز الدستور، وتحلّ كثير من القضايا السياسية العالقة، بل شغلت نفسها بإجراءات حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان، وتداعيات الصراع الذي نشب بين رئيس حزب الأمة السيد الصادق المهدي وعمه السيد الهادي المهدي راعي الحزب وأمام الأنصار.
    والتحدي الثالث، كما يرى الأستاذ المحامي إبراهيم علي إبراهيم، يتمركز حول إمكانية توعية الناخب السوداني، لأن الذين لم يشتركوا في انتخابات عام 1986م أصبحوا الآن مؤهلين للمشاركة في الانتخابات القادمة، إلا أنهم لم يشهدوا أية انتخابات ديمقراطية، وليس لهم إرث انتخابي تاريخي أو معرفة واسعة بثقافة الانتخابات الديمقراطية تأهلهم لأداء الدور الانتخابي المناط بهم حسب الصورة المرجوة، فلا جدال أن هذا الواقع يضع تحدياً حقيقياً أمام الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، لتقوم بتوعية هذه الأجيال التي تشكل الثقل الانتخابي في الانتخابات القادمة، وإليها يستند محور التغير السياسي في السودان. زد على ذلك أن الإرث الانتخابي السوداني بالرغم من تاريخه الطويل الذي يرجع إلى عام 1953م إلا أنه أرث تاريخي متقطع بفعل الانقلابات العسكرية، ولا يشكل منظومة تراكمية يمكن الاستفادة من مرجعيتها الفقهية والسياسية في حل المشكلات والنـزاعات السياسية التي تبرز إلى حيز الوجود أثناء العملية الانتخابية وبعدها، ولكن هذا الواقع المعقد يجب أن لا يمنع تنظيمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية من قراءة أحداث الماضي السياسي بوعي تاريخي، والاستئناس الموضوعي بتجارب الآخرين، لطرح حلول مناسبة لمشكلات السودان الآنية، لأن تقدم الشعوب والأفراد يقاس بمدى قدرتهم على فهم التحديات ووضع الحلول المناسبة، علماً بأن كل فعل إنساني يقوم على درجة من التحدي والاستجابة التي تمكنه من تجاوز ذلك التحدي إذا كانت استجابته استجابةً مدروسةً، أو تقوده إلى الخضوع والإذعان لسلطان التحدي القاهر إذا كانت استجابته استجابةً رخوةً ونابعةً من وحى تنجيمه وحدسه القاصر، فالمسافة بين التجاوز والإذعان هي المعيار الفاصل في تحديد درجة تقدم الشعوب والأفراد في إطار منظومة الزمن المتغيرة والمتجددة دوماً.
    ويرتبط التحدي الرابع بالتغيرات الأساسية التي طرأت على الخارطة السياسية وتضاريسها الديمغرافية، حيث بينت نتائج الاستطلاع الذي أجرته وحدة قياس الرأي العام بمعهد أبحاث السلم بجامعة الخرطوم أن الحركة الشعبية ستكتسح الانتخابات القادمة في ولايات الجنوب بنسبة 98% من أصوات الناخبين، ومنطقة جبال النوبة بنسبة 94%، ومنطقة أبيي في جنوب كردفان بنسبة 97%؛ وسيحقق المؤتمر الوطني تفوقاً في شمال السودان بنسبة 42%، وذلك باستثناء ولايات دارفور التي ستكون الغلبة فيها للحركات الجهوية بنسبة 97%، وفي شرق السودان ستحصل جبهة الشرق على نسبة 93%؛ وبناءً على هذه الاستنتاجات سيحصل حزب الأمة القومي على 23% من أصوات الناخبين بالمديريات الشمالية؛ والحركة الشعبية على 20%؛ والمؤتمر الشعبي على 6%؛ والحزب الشيوعي السوداني على 5%؛ والاتحادي الديمقراطي (المرجعيات) على 4%. وبالرغم من الإشكاليات الفنية التي تعتري نتائج هذا الاستطلاع وتشكك في صدقيتها، إلا أنه يعطي أيضاً بعض المؤشرات التي تؤكد أن الانتخابات القادمة، إذا أُجريت بحرية ونزاهة، ستحدث تغيرات واضحة على الخارطة السياسية، بما في ذلك وضع الأحزاب الحاكمة والمعارضة. بالنسبة للأحزاب الحاكمة ستُعدل النسب التي أقرتها اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا): 52% للمؤتمر الوطني، و28% للحركة الشعبية، و14% للقوى الشمالية، و6% للقوى الجنوبية، وفي المقابل ستفقد الأحزاب التقليدية (الأمة والاتحادي) عدداً من الأصوات في أماكن ثقلها السياسي لصالح الحركات الجهوية، والمؤتمر الوطني، والحركة الشعبية. إذاً اختلال الموازنة السياسية بهذه الكيفية سيطرح حزمة من علامات الاستفهام حول مستقبل اتفاقية السلام الشامل ذات الصبغة الثنائية، وحول موقف التنظيمات الجهوية في دارفور والشرق من معايير قسمة السلطة والثروة التي أقرتها اتفاقية نيفاشا، وطبيعة التحالفات السياسية الجديدة التي ستفرزها الحملة الانتخابية ونتائج الانتخابات بين طرفي اللعبة السياسية: الحكومة والمعارضة.
    فالتحديات التي أشرنا إليها أعلاه تحتاج إلى قراءة ثاقبة من الأحزاب الحاكمة والمعارضة على حد سواء، لأن بعضها يقدح في فاعلية البُعد الساكن للعملية الانتخابية، نسبة لغياب بعض القيم المهنية، وتعاظم النفوذ الحزبي في المؤسسات المرتبطة بإدارة الانتخابات والإعداد لها، وتلك المؤسسات التي كان يفترض أن تُوصف بالحياد والشفافية، الأمر الذي أثار جملة من الشكوك حول نزاهة الانتخابات القادمة وشفافية إدارتها. ويرتبط بعضها الآخر بالبُعد المتحرك للعملية الانتخابية والمتمثل في النظرة الحزبية الضيقة لأهمية البُعد الساكن، وفاعلية البُعد المتحرك في معالجة بعض القضايا الاستراتيجية، مثل قضية إجراء الانتخابات في دارفور أو تأجيلها، فالجدل الدائر الآن في أوساط النخب السياسية يستند إلى مماحكات قطاعية ضحلة لا تفضي إلى إفراز حلول استراتيجية، بل تسهم في تعقيد المشهد السياسي ووضع عربة الكسب الحزبي المحدود أمام حصان المصلحة العامة دون الوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية، تشكل الإطار السياسي للعملية الانتخابية في مناخ تسوده حرية الحراك السياسي وشفافية الأداء الحزبي. ونأمل أن لا تكون الانتخابات المزمع عقدها في 2009م عبارة عن مساحيق لتجميل القيم الشمولية على حساب أدبيات الديمقراطية الرحبة، وأن لا تكون خطوة تجاه خيار تشظي السودان إلى كينونات سياسية متناحرة على حساب الوحدة المستدامة في إطار التنوع.

    .

    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 04-14-2008, 10:01 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-01-08, 10:29 AM
  Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-01-08, 10:40 AM
    Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-01-08, 04:46 PM
      Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-02-08, 10:02 AM
        Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-06-08, 04:12 AM
          Double Jeopardy Adil Al Badawi04-06-08, 07:10 AM
          Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-14-08, 04:49 PM
  Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Nasr04-06-08, 07:23 AM
    Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك kabbashi04-06-08, 07:42 AM
      Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-06-08, 02:50 PM
        Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك ابوهريرة زين العابدين04-06-08, 04:52 PM
          Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-07-08, 10:23 AM
  Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Kabar04-07-08, 05:39 PM
  Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك بدر الدين اسحاق احمد04-12-08, 11:42 AM
    Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-14-08, 10:06 AM
      Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك Ahmed Abushouk04-15-08, 01:21 AM
        Re: الانتخابات السودانية بين جدلية البُعد الساكن والمتحرك: أحمد إبراهيم أبوشوك كمال علي الزين04-15-08, 08:35 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de