|
Re: سماسرة السلام في السودان (Re: خالد عويس)
|
المحور الأول:
الحركة الشعبية لتحرير السودان
Quote: لست مفرطا في التشاؤم، لكني لا أستطيع الزعم بأنني متفائل.
فالحركة الشعبية من جانبها لم تطرح حتى الآن ما يؤكد قدرتها على التعايش في " جنوب السودان" خصوصا وفي خضم الحياة السياسية السودانية "في الداخل " بشكل عام. وستكون تقديرات قادة الحركة مثيرة للشفقة إذا زعموا بأنهم قادرون على تحويل حركتهم المسلحة، المقاتلة طيلة عشرين عاما إلى جسم سياسي مرن وقابل للتنازلات السياسية التي تفرضها المعادلات السودانية. وسيكون نوعا من التخدير، زعمهم بقدرتهم على امتصاص شحنات الغضب الهائلة المتولّدة عن سنوات طويلة من القهر والظلم الذي مورس على الجنوبيين ما لم تكن هناك خطط واضحة وشفافة لتمكين مقاتلي الحركة من تجاوز ذهنية "الانتصار" و"الانتقام"،
|
Quote: إن المطلوب من العقيد قرنق نفسه أن يقرن ثقافته الثورية بالأفعال. مطلوب منه أن يشرع في تحويل الحركة المسلحة إلى جسم سياسي قادر على المساومة السياسية وتقديم التنازلات. |
برغم ادعائنا جميعا باننا استوعبنا الدرس جيدا وبرغم ادعائنا علي فهم طبيعة الخلاف الدائر في السودان وبرغم كل الحوارات التي ادرناها في الجامعة عن الهوية والاختلاف والثقافات المتعددة وتصعيدنا لمسالة الدولة القومية وحق المواطنة الا اننا لا زلنا في طور الفهم البسيط ولم يتم حقا ترجمة هذه المفاهيم الي سلوك عملي وهذا الأمر يظهر في كل منحني ومنعطف نمر به ... وانا شخصيا مررت بأكثر من تجربة مشابهة جعلتني اتوقف عندها كثيرا كيف ان المفاهيم التي نتحدث عنها لا يتم تحويلها الي سلوك تلقلئي ... واذكر حواري مع الدكتور ابكر ادم اسماعيل واعتقد ان له فيها رأيا ... اتمني ان نسمعه مرة اخري ...
ليست هذه هي المرة الأولي التي اقرا او اسمع تعليقا مشابه عن وصف ( للحركة الشعبية لتحرير السودان ) ومقدراتها بل واعتقد انني في فترة ما بدأت اتبني ذات المفهوم حتي توقفت وطرحت علي نفسي الاسئلة مرة أخري ولم تكن ايضا المرة الاولي التي افكر فيها في الحركة الشعبية وطرح السودان الجديد ... وما وصلت اليه الحركة وما أ نجزته وما اخفقت فيه .... واعتقد انني لا احتاج الي الكثير لاوضح ان الحركة الشعبية اصبحت في الفترة الاخيرة رقما صعبا لا يمكن تجاوزه ...
ان مثل هذا الحديث الذي سقته هنا لتبرير عدم تفاؤلك بقولك ان تقديرات قادة الحركة مثيرة للشفقة إذا زعموا بأنهم قادرون على تحويل حركتهم المسلحة، المقاتلة طيلة عشرين عاما إلى جسم سياسي مرن وقابل للتنازلات السياسية التي تفرضها المعادلات السودانية ... لهو حديث لا يخلو من استعلاء فمثل هذا الحديث صدر منذ ان كانت الحركة الشعبية مجرد ( متمردين دخلوا الغابة ) ... او ( اختلاف في مسالة جمع السلاح في الاستقلال ) ... لنري الان الحركة الشعبية هي الفارس الأوحد في الساحة السياسية وجميع الاحزاب ( الكبيرة ) تخطب ودها وتتملقها .... فخلال السبع و الاربعون عاما الماضية حققت الحركة الشعبية تقدما ملحوظا علي مستوي تركيبتها ومفاهيمها وقضاياها المحورية ... وظهرت مقدرتها علي الصمود وتطوير دفاعاتها واليات عملها لتصبح الان وفي هذه المرحلة بالتحديد اكثر الاجسام السياسية اثارة للجدل وجذبا للكثير من المثقفين السودانيين ... بل وهدفا استراتيجيا لكل تحالفات التنظيمات السياسية ... والقسمة الأخيرة للسلطة والثرة جعلت منها الرابح الأوحد ( ماديا ) في سباق التسلح بالسلطة والمال ... اذ خسرت الجبهة الاسلامية نصف رصيدها لصالح الحركة وتم استبعاد البقية من المفاوضات الدائرة وحتي في لحظة حضورهم كان امرا شكليا لاتمام ( البيعة او الصفقة كشهود علي الجريمة التي ترتكبها جميع الاطراف في حق الوطن وشهدائنا بمباركتهم المكافأة التي تم تقديمها للجبهة الاسلامية ... ما الذي حدث داخل تنظيماتنا السياسية والاحزاب ( الكبيرة ) خلال هذه السبع واربعون عاما ... لا انكر حقا حجم التغيرات الايجابية التي حدثت في داخل التنظيمات السياسية ومدي الوعي الذي بدا تتتمتع به ... ولكن مقارنة بالتطور الهائل للحركة الشعبية اعتقد ان التغييرات داخل احزابنا تتضائل ... شيئا فشيئا ... فما زالت البيوتات الكبيرة مهيمنة ومسيطرة علي قيادات الاحزاب الطائفية حتي وان بدا ان هنالك مساحة اكثر حرية واكثر ديمقراطية فيها الا ان خطواتها تجاه التطور لا تزال بطيئة ... واذا ما تساءلنا عما فعلته الحركة الشعبية باربعين اوخمسين او فلنقل الف متمرد دخلوا الغابة في ظرف السبع واربعون عاما الماضية ( باعتبار كل التمرد الذي حصل في الجنوب هو امتداد طبيعي للحركة الشعبية – تجاوزا للدخول في تفاصيل لا تغير شيئا من محصلة الحوار ) ... جاز لنا ان نتساءل بنفس المقدار اذا افترضنا افتراضا غير دقيق ( لانني لا املك احصائيات علمية ) بان حزب الامةيضم قرابة الست ملايين والاتحادي ما يقارب 4 ملايين اضافة الي الحزب الشيوعي وبقية الاحزاب في التجمع الوطني الديمقراطي طوال فترة حكم الجبهة الاسلامية .... ماذا فعلت هذه الملايين من الحزبيين والمنتمين تحت راية هذه الاحزاب ... انا حقا لا انكر علي الاطلاق الدور الكبير الذي لعبته الاحزاب السياسية والتجمع في صمودها ونضالها ضد الجبهة الاسلامية وليس هذا ما يعنيني هنا ولا اتحدث عما قدمته علي مستوي النضال ولكني اتحدث عما انجزته في داخل الاحزاب وما وصلت اليه ك ( تجمع معارض ) ... اليس هو الانقسامات الي احزاب توالي ... واجنحة ثم اخيرا موقف المتفرجين وتوقيع المواثيق الحالي ... اقول حتي هذه المحصلة التي وصلت اليها الحركة الشعبية غير مؤكدة من غير الدعم والعمل المعارض الذي مارسته الاحزاب السياسية في داخل وخارج التجمع داخل وخارج السودان ولكن محصلة عملها واذا تحدثنا بلغة الربح والخسارة استفادن منه الحركة الشعبية واصبح موقفها الاقوي من بين كل الفصائل السودانية ... ان النقطة الجوهرية هنا هي مشروعية التساؤل الذي تم طرحه عن المراهنة علي مقدرة الحركة الشعبية علي تحويل هذا الفصيل المقاتل الي فصيل مدني سياسي يخضع لشروط اللعبة السياسية وتقديم التنازلات .... اقول ان هذه نظرة استعلائية لانها لم تنظر الي المرونة التي ابدتها الحركة ومقدرتها علي الصمود والتفاوض للوصول الي الوضع الحالي مما يدعنا نطرح السؤال بصورة معكوسة واتمني ان كان ذلك السؤال قد ادي الي عدم تفاؤل ان يودي سؤالي الي احباط عام ... وهو هل بمقدرة الاحزاب السودانية ان تطور نفسها خلال خمسين عاما اخري لتلحق بالتطور السريع جدا للحركة الشعبية وهل ستسمح هذه الاحزاب للحركة بصورة ديمقراطية ان تنافس علي السلطة في اية فترة ديمقراطية قادمة ام ان هذه النظرة هي التي ستكون سائدة ....
ختاما لهذا المحور وفي الحقيقة لست مؤرقا من مواقف ومقدرات الحركة الشعبية بقدر ما انا مؤرق من مواقف الاحزاب السياسية القادمة خصوصا واننا نري التهافت ( وسماسرة السلام ) يبداون بحجز مواقعهم منذ الان ... وفي مقابل توجيه مناشدة الي جون قرنق بان يقرن ثقافته الثورية بالافعال ( وانا اناشده معك ) متفقا في كل ما اشرت اليه الا ان هنالك ايضا مناشدة لا يتسع المجال لها هنا يجب ان تقال توجه للاحزاب السياسية بخصوص تركيبتها الداخلية وتكوينها وتوزيع السلطة فيها ...
في ختام المحور اتمني ان نكون اكثر قدرة ومقدرة علي تحويل شعارات الدولة القومية والمواطنة الي سلوك لا يؤثر في كتاباتنا لا شعوريا فهذا هو ما يجعل المثقف السوداني حينما يصل الي السلطة لا يتعامل مع الاخر الا باعتبارات وقتية وكتجميل لوجوه الاحزاب او الحكومة وليست كقناعات كاملة ... ولكني اقول في النهاية ان المسالة تحتاج الي وقت ولكن يجب ان نكون اكثر انتباها ..
يتبع
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-27-03, 08:58 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-28-03, 10:49 AM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-28-03, 11:46 AM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-29-03, 12:01 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-29-03, 12:03 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-30-03, 11:40 AM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-30-03, 12:13 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-30-03, 12:20 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-30-03, 05:19 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-30-03, 05:48 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-30-03, 07:51 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-31-03, 10:12 AM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-31-03, 10:52 AM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 12-31-03, 11:24 AM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 12-31-03, 06:05 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Bakry Eljack | 01-01-04, 02:05 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Bakry Eljack | 01-01-04, 05:21 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Bakry Eljack | 01-01-04, 05:21 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 01-02-04, 09:03 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | إسماعيل وراق | 01-03-04, 04:14 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | خالد عويس | 01-03-04, 04:34 PM |
Re: سماسرة السلام في السودان | Abo Amna | 01-03-04, 04:55 PM |
|
|
|