|
Re: تصحيح ما هو مصحح ......انقسام جديد فى صفوف الاخوان (Re: الكيك)
|
عزيزي .. كلنا نازحون ..!! د. حسن الترابي في حواره الذي أجرته معه الاستاذة اسماء الحسيني الصحافية في صحيفة الأهرام المصرية .. قال إن السوداني الذي يختلف مع زوجته - في جبال النوبة - يلجأ الى الجندي الأمريكي هناك لحل المشكلة .. ويريد الترابي أن يقول بصورة عامة إنه يؤيد التدخل العسكري الأجنبي في دارفور طالما أن الأجانب أصلا موجودون في أكثر من مكان في السودان وطالما أن وجودهم صار في درجة (المرجعية( التي يحتكم اليها لحل النزاعات حتى مستوى النزاع الأسري..
وحديث الترابي خطأ من الزاوية التي يبرر فيها التدخل العسكري الأجنبي في دارفور .. لكنه .. وبكل أسف وحسرة .. صحيح )جداً( في زاوية فقدان المواطن للمرجعية التي يحتكم اليها في مختلف شئونه ...
الإنتماء.. من حيث هو .. إلى الاسرة أو العائلة أو القبيلة أو المنطقة أو الوطن .. ليس مجرد حمل الاثباتات الرسمية بذلك ولا بالخضوع قهرا أو طوعا لقانون الاسرة أو القبيلة أو الوطن .. وإنما بالإحساس أنها تمثل مرجعية معنوية يتنازل لها طوعا بقدر من حريته وسلطانه الفردي.. بل للدقة الإنتماء هو درجة من )عقيدة( الفرد ..في المدى الذي يستسلم فيه لسلطان الاسرة أو القبيلة أو الوطن..
وتكون الطامة الكبرى عندما يفقد المرء هذه )العقيدة( تجاه الوطن .. أن يصبح الوطن في خاطره هو مجرد المكان - الجغرافيا - الذي يقيم فيه كُرهاً بينما يمنح ولاءه الى )المرجعية( التي يطمئن اليها ..
حدث ذلك في السودان في أواخر القرن التاسع عشر في عهد الخليفة عبدالله التعايشي عندما منح كثير من السودانيين ولاءهم - طوعاً - للجيش البريطاني الغازي وحطموا الدولة السودانية )المهدية( تحت طائلة بند المرارات.. فقدوا )عقيدة( الوطن الذي لم يتبق منه في وجدانهم غير الجغرافيا التي يعيشون فيها..
الآن السودان يتعرض الى ابتلاء عظيم مشابه لذلك .. هناك حالة نزوح )وجداني( كبير.. النزوح لا يشترط فيه أن يكون بالجسد .. حالة النزوح الوجداني أخطر من النزوح الحسي.. نزوح أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند (على حد قول الشاعر في ظلم ذوي القربى).. وكثير من السودانيين الآن نزحوا بوجدانهم .. وربما يبحثون عن معسكرات إيواء (وجدانية( تلتقط ولاءهم المبعثر..
السودانيون في حاجة الى )مشروع مارشال( أخلاقي يسترد وجدانهم )النازح(.. وصدقوني.. ليست القضية في تفتت الوطن الى دويلات بل في بعثرة الوجدان السوداني ومكابدة حالة الانفصام الوطني ..
اتفاقيات وبروتوكلات السلام هي مجرد أوراق .. لا تصنع وطناً واحداً .. وواهم من ينتظر التغيير وسوداناً جديداً محمولا على هذه الأوراق..
بكل أسف نحن نعيش أكذوبة كبرى إذ ظننا ان السودان الجديد سيقوم على كل مفردات الواقع القديم..!! APER
|
|
|
|
|
|