|
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... (Re: الكيك)
|
أحمد الميرغني الكاتب/ د. أماني الطويل Sunday, 09 November 2008 فارس يترجل.. وحزب يتبدل
لم أتعود أن أنعي زعماء سياسيين ولا أن أكتب مرثيات في مناسبات الغياب لهؤلاء الطائفه من الناس, لأنني أعلم تماما أن لهم دائما من المريدين في أحزابهم ومن التابعين لرؤيتهم السياسية من ينبري لأن يعدد المآثر بالحق أحيانا وبالباطل أحيان
أخرى, كما أن هذا النوع من الكتابة يسهل معه, خاصة في السودان, أن يتم تصنيف الكاتب من ألوان الطيف السياسي السوداني الذي لا يعطي, غالبا, وزنا كبيرا لفكرة الكاتب المستقل عن الاستقطابات السياسية الزلقة في السودان, ويتم الإصرار على التصنيف مرة مع الحكومة ضد المعارضة أو العكس, ويمكن أيضا أن يتم هذا التصنيف داخل الحزب السياسي الواحد بين الانشقاقات أو التيارات فيه. هذا الاختيار من جانبي وجدت أنه يجب أن أفارقه مع رحيل السيد الرئيس أحمد الميرغني القطب الاتحادي والرمز القومي المنير في وادي النيل وذلك لعدد من الأسباب والدلالات الرمزية التي نرى أنه من المطلوب توطينها في تربتنا السياسية في الوطن العربي والتي تعاني أمراضا ومشاكل لا حصر لها تقف عائقا حقيقيا أمام عملية التطور السياسي والتحول الديمقراطي.
وأول الدلالات الرمزية في شخصية السيد الراحل هو القدرة على الفصل بين ما هو حزبي وما هو قومي, ففي غالب دولنا رئيس الحزب هو رئيس الدولة والفصل بين مصالح الحزب ومصالح مؤسسات الدولة ومستقبل نظامها السياسي فكرة تبدو غائبة في وادي النيل خاصة. عشرات الكتاب أفردوا فصولا في الملمح القومي في شخصية الفقيد الراحل ولعل ما أورده الزميل محمد لطيف في هذا السياق في حادثة تعيين ميرغني نصري والجدل السياسي الذي دار حول هذا التعيين بسبب انتماء الرجل لحزب الأمة وقول السيد أحمد لسائله حول الواقعة اذهب للحزب الاتحادي واضعا الخطوط الواضحة بين انتمائه الحزبي وموقعه الرئاسي. هذا الأداء السياسي الرفيع كان له عظيم الأثر في رأب كثير من التصدعات والشقوق في أوساط التجمع الديمقراطي قبل عقد اتفاقية القاهرة في 2005 وبعدها, فقد كنت اشهد شخصيا الوفود تلو الوفود تستطلع رأي أحمد الميرغني وتلتزم بهذا الرأي سواء في مجمل الحركة السياسية للتجمع أو المشكلات السياسية للحزب الاتحادي.
هذا الملمح التوافقي في شخصية السيد أحمد الميرغنى تتوازى معه مكارم التسامح أزاء الإساءات وإزاء الرأي الآخر وهو مكون كان من سمات الحياة السياسية السودانية, ولكنه للأسف كاد أن يغيب في وقتنا الراهن. وأذكر في هذا المقام أنه في 1992 حينما كنت أعتزم زيارة السودان للمرة الأولى في حياتي سألت الأستاذة الفاضلة عايدة العزب موسى وهي الكاتبة المرموقة في مجلة (روز اليوسف) عن الشؤون الأفريقية وكان لها الباع الطويل في زيارة السودان ومعرفة رموزه ونخبه كافة, وهي أيضا زوجة لرمز من الرموز المصرية المستشار طارق البشري.
وكان مبعث سؤالي والرغبة في تجميع المعلومات حول الأوضاع في السودان هو هذا المناخ السياسي الذي كان يعاني من جدل يصل لدرجة التراشق بالاتهامات بين الحكومة في الخرطوم والمعارضة في القاهرة بحيث يصعب على المراقب من الخارج أن يكتشف حقائق الأوضاع بين الأطراف ويصل الى رؤية موضوعية ومستقلة, خاصة وأن فعل الانقلاب العسكري لم يكن مؤثما في الضمير السياسي الجمعي للنخب العربية على النحو الذي هو عليه الآن, كما انه يكاد يكون الوسيلة الناجعة مع غياب وسائل التغيير الديمقراطية في منطقتنا.
المهم أن إجابة الأستاذة عايدة تمحورت حول أن هذا الجدل الحاد لا ينسحب على الحياة السياسية السودانية, فالجميع يتعارك في الصباح ليلتقي مع خصمه السياسي في المساء بفندق الجراند أوتيل سابقا (الڤيلا حاليا) طمأنتني, ولكننا في هذه الزيارة التي صاحبتني فيها الأستاذة عايدة اكتشفنا معا غياب هذا التقليد, فقد كان الجراند أوتيل خاويا على عروشه, وكانت الحياة السياسية السودانية قد قفزت من حالة التسامح الى حالة العداء متجاوزة حتى حالة الاستقطاب السياسي.
فضيلة التسامح لدى الساسة السودانيين كانت سمة واضحة للحياة السياسية في السودان, ارتبطت بجيل أحمد الميرغني وأقرانه, ونخشى القول إنها غابت تقريبا خلال السنوات الماضية ولكننا نعلي من أمل أن يكون ملتقى أهل السودان المناسبة التي يغلب فيها التسامح على التراشق.
ولعل الدلالة الرمزية الأهم في شخصية السيد أحمد الميرغني هي هذه القدرة على خلق مساحة من التوافق بين الفرقاء, ولعلي لا أذيع سرا بالقول إن السيد أحمد كان يتم اللجوء إليه من جانب قيادات مصرية لدفع جهود الألتقاء في صفوف الحزب الاتحادي بعد أن أصبح تشرذمه بين نخبه السياسية وقياداته التاريخية في الهيئات والجبهات أمر يندي له الجبين ويصيب من يعلم مكانة الاتحاديين في الحركة الوطنية السودانية بألم ومرارة.
ساهم الرجل التوافقي والقومي بوفاته في أن يكسر الحاجز النفسي والسياسي الذي كان يحول دون عودة مولانا محمد عثمان الميرغنى مرشد الختمية وزعيم الحزب وأظن أنه منذ هذه اللحظة يستطيع أن يدفع بفاعلية جهود بناء الحزب, فالإشارة الملهمة التي قال فيها مولانا الميرغني أن مواقع الحزب ليست شأنه, تكاد تكون إشارة البدء للفصل بين ما هو ديني من شؤون الطائفة ومرشدها وبين ما هو زمني يخص القادة السياسيين, وهو فصل أصبح مطلوبا بإلحاح في هذه المرحلة من عمر الحزب الاتحادي ومن التطورات في المشهد السياسي السوداني, ولعل هذا القول من جانب مولانا يعطي إشارة البدء للقادة السياسيين الاتحاديين أن يعيدوا أمجاد حزبهم على زمن زعيمه التاريخي الأزهري الذي أعطى للحزب وجهه المدني والسياسي واستند على الطائفة ونخبها المستنيرة في دعم هذا الوجه المدني والسياسي للحزب. لقد آن الأوان أن يتبدل حال الحزب الاتحادي فيعاد بناء مؤسساته ويتم الفصل بين جبهاته المتحاربة والمتراشقة بأجندة سياسية ضيقة دفعت رموزه الى القفز من ماعونه والافتئات على تاريخه بعد أن قزم الحزب نفسه بالانشقاقات والمؤامرات
إن الحشود التي ودعت السيد أحمد الى مثواه الأخير لابد وأن تعطي إشارة البدء للاتحاديين أن يكونوا اسما على مسمى, وأن يلعبوا دورهم التاريخي كحزب وسط قومي منوط به المساهمة في عملية التحول الديمقراطي في وقت تعصف أنواء الجهوية والقبلية وكثره السلاح بمستقبل السودان. وبطبيعة الحال تعطي هذه الحشود ذاتها مؤشرا مهما لكافة الفعاليات في السودان أن لهذا الحزب وزنا باقيا وهو مطلوب في أية عملية تحول ديمقراطي لها مصداقية وفاعلية على الصعيدين الداخلي والخارجي
رحم الله أحمد الميرغني رحمة واسعة وجعل مسيرته ومساره ملهما للسودان وللسوادنيين بكافة مشاربهم وأطيافهم لأن يعيدوا وجه السودان الذي نعرفه, متسامحا متصالحا ومتوافقا.. فهذا هو الإنقاذ الحقيقي الذي نتطلع إليه.
[email protected]هذا الاخبار السودانية
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-03-08, 05:08 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | jini | 11-03-08, 05:22 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أحمد الشايقي | 11-03-08, 06:46 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | othman mohmmadien | 11-03-08, 08:04 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-04-08, 08:56 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أبو الحسين | 11-03-08, 08:14 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | البحيراوي | 11-03-08, 08:26 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-03-08, 10:35 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-03-08, 10:45 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | badr alkalika | 11-03-08, 10:51 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-03-08, 11:02 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | عبد الواحد أبراهيم | 11-03-08, 11:03 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-03-08, 11:23 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | Ahmed al Qurashi | 11-03-08, 11:35 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | ماجدة عوض خوجلى | 11-03-08, 12:44 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | Abdlaziz Eisa | 11-03-08, 01:33 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | فيصل محمد خليل | 11-03-08, 02:11 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | ناجى أحمد البشير | 11-03-08, 02:19 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-04-08, 04:11 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-04-08, 06:07 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أبو الحسين | 11-04-08, 06:37 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أحمد الشايقي | 11-04-08, 07:05 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-04-08, 10:38 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-04-08, 11:18 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أبو الحسين | 11-04-08, 10:50 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-04-08, 08:19 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | ابوعبيدة حسن محمد | 11-04-08, 09:01 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | مامون أحمد إبراهيم | 11-04-08, 10:29 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-05-08, 04:17 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-05-08, 05:03 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-05-08, 06:41 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-05-08, 09:41 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-05-08, 10:00 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-05-08, 08:43 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-06-08, 04:33 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أبو الحسين | 11-06-08, 09:44 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أبو الحسين | 11-06-08, 09:47 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | نصر الدين عثمان | 11-06-08, 09:51 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-06-08, 10:22 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-06-08, 09:49 PM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-07-08, 11:38 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-08-08, 11:13 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أحمد الشايقي | 11-08-08, 11:22 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | أبو الحسين | 11-09-08, 08:01 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-09-08, 10:36 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-09-08, 11:01 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | الكيك | 11-10-08, 05:42 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | malamih | 11-10-08, 07:45 AM |
Re: مات احمد الميرغنى ...مات ملك الاخلاق الحميدة ... | منى على الحسن | 11-10-08, 08:52 AM |
|
|
|