|
د. الافندى ....الحكومة تسير نحو الهاوية
|
حكومة الخرطوم الانتحارية ssد. عبد الوهاب الأفنديsss ppيستغرب الكثيرون ما يصفونه بالتشاؤم الزائد في تحليلاتنا للوضع السوداني. ففي وقت بدت فيه تباشير السلام القريب تظهر في الافق، وكثر فيه الحديث عن فترة ما بعد السلام، ظللنا نعبر عن تشككنا بالوصول الي الهدف المنشود. وقد واجه هذا الرأي استغرابا، بل مقاومة، من الكثيرين حتي ان احد الاصدقاء البريطانيين اتهمني مرة بأنني بعيد عن التفكير الجديد في المسألة السودانية. وقد قلت لصاحبنا وقتها ان المسألة ليست كوني شخصيا من اهل التفكير القديم او الجديد، وانما الامر يتعلق فيما اذا كان من بيدهم الامر لهم تفكير جديد، وهو ما اشكك فيه.ppp هذا التشكيك قائم علي معطيات واضحة، ولا يتعلق بمزاج تشاؤمي من قبلنا، او قراءة للنوايا واستطلاع لما في الصدور. وكما هو الحال في الشؤون العربية عموما والسودانية خصوصا، فان تطورات الاحداث تصدق اشد التوقعات تشاؤما، وتزيد عليها. وكلما قال قائل فانه ليس بالامكان اسوأ مما كان، جاءت الاحداث لتثبت ان الامور يمكن ان تصبح اسوأ بكثير. في الحالة السودانية كان من الواضح ان الحكومة لا تتصرف من منطلق من يريد او يتوقع سلاما قريبا. ذلك ان اي اتفاقية سلام في السودان تعني بالضرورة حلول الديمقراطية وفتح حريات التنظيم والتعبير. فاذا كانت الحكومة تواصل اغلاق الصحف، كما فعلت مع الايام و خرطوم مونيتور و الوان ومكتب الجزيرة في الخرطوم او تعتقل الصحافيين، وتحظر الاحزاب السياسية فان هذا تصرف من يريد الانفراد بالسلطة الي الابد. ثم تجيء احداث الايام الاخيرة، والاعلان عن محاولة انقلابية واعتقال قادة حزب المؤتمر الشعبي وحظر نشاط الحزب لتؤكد هذا المنحي. وقبل ذلك كانت احداث دارفور وما واكبها من تصعيد اشارة الي عمق الازمة واستمرار الاتجاه الصدامي خاصة وان الحكومة اتهمت الجيش الشعبي، شريكها في مفاوضات السلام، بدعم تمرد دارفور. هذه التطورات الاخيرة تشير الي احد امرين: اما ان الحكومة كعادة الانظمة العربية لفقت التهم المذكورة للمعارضين داخل الجيش وخارجه بقصد تصفية الخصوم وتحجيمهم، واما ان هناك صحة في الاتهامات، وفي الحالين فان الانطباع الذي تعطيه التصرفات الرسمية هو ان هناك تهديدا خطيرا لاستقرار البلاد وان قبضة الحكومة قد اهتزت في الخرطوم كما اهتزت في دارفور والجنوب، او انها ستهتز اكثر بفعل هذا التصعيد غير المبرر. وفي كثير من الاحيان فان التصرفات الحكومية التي تعطي الانطباع بعدم الاستقرار، تؤدي بالفعل الي عدم الاستقرار. وهذا هو بالضبط ما حدث في اخر ايام حكم الرئيس الاسبق جعفر النميري حين اخذ يتخبط يمينا وشمالا ويعتقل الخصوم الحقيقيين والمتوهمين مما اعطي الانطباع بهشاشة وضعه وجرأ الخصوم للانقضاض عليه. تصعيد الصراع في اوساط الاسلاميين الذين يشكلون السند الاساسي للنظام، خاصة داخل الجيش، سيعطي الانطباع (سواء اكان هذا التصعيد حقيقيا ام مفتعلا) بان الحكومة قد فقدت كل سند حقيقي. وهذا بدوره سيجعل المتمردين يتشددون في موقفهم التفاوضي مع الحكومة، لانهم يدركون ان اي اتفاق سلام سيكون بمثابة طوق الانقاد لحكومة توشك علي الانهيار. وقد يعطي هذا بدوره بقية المعارضة الجرأة لتصعيد المقاومة الشعبية للنظام، وهي معارضة لا تستبعد ان تتطور بسرعة الي انتفاضة مثل تلك التي اطاحت بالرئيس النميري عام 1985. الامر اذن لا يتعلق بتشاؤم او تفاؤل، وانما بحكومة انتحارية يبدو انها تسير بتصميم وثبات نحو الهاوية وتبتكر وتصطنع في كل يوم عدوا جديدا. 9
|
|
|
|
|
|