|
قبـُـل ما يركب - الى عبد الواحد محمد نور . . .
|
أرض المليون ميل مربع تعبير ألصقوه بالسودان . وأنت لاتدري هل هذا وصف للسودان لا تتم معرفة السودان إلا به أم هو تمييز للسودان من بين بلاد الله الأخرى حتى يرفع من شأنه بمثل هذا التمييز . وكيفما كانت أسباب إلصاق كلمتي المليون ميل مربع بالسودان فإن السودان في الواقع الجديد ما عاد أرض المليون ميل مربع . وكيف بالمليون ميل مربع أن تظل مليونا كاملا وسودان اليوم قد تفتت فصار أكثر من سودان تضل فيه كما ضلت العقاص بين مثنى ومرسل في شعر رأس تلك العربية . الجنوب من أرض السودان كانت له الريادة في تقـسيم السودان ، و ها هو الغرب يدافع اليوم لو يصطف خلفه ، وأنت لا تدري على ماذا ينطوي أهل الشرق والشمال الآن ، أما الوسط فقد ظل هو هو منذ شرعت تنهشه الإنقلابات المتتالية ، ولعله بإزائها كانت له الريادة في تقسيم السودان ولم تكن لغيره . قبل نيفاشا زار الإمارات عن الجبهة الشعبية السيد دينق ألور وزير الخارجية الحالي ـ وفي معيته رفيق آخر له . كانت زيارة عمل في ما بدا ، فلقد كانا ضيفين على الدولة . السيد دينق ألور ، إن لم يعدك الإسم إلى جنوب السودان ، لا يخالجك شك أين يكون إنتماؤه . لغته العربية لا تخالطها لكنة بأي قدر . عن تعليمه حدثني أنه كان بين رجل الفولة في جنوب كردفان ، ومدني عاصمة الجزيرة ، ثم الجامعة وقد ذهبت به إلى القاهرة في مصر . السيد دينق جمعته بنفر من أهل السودان هنا مفاكرة بشأن السودان وأوضاعه ، ودور التجمع الديمقراطي في المعارضة ، ومكان الحركة الشعبية في تلك الظروف ثم مكانها من الآخرين ومعهم . لم يقلها في كلمات صريحة ولكن السيد دينق لم يخف أن انضمامهم للتجمع كان اتخاذا للتجمع مطية يصلون على ظهرها إلى غايتهم ، وأبدى في غير مواربة أنهم سيهجرون التجمع و ينحازون إلى الإنقاذ ممسكين بها بالعشرة لو وجدوا عندها غايتهم ، ولعلهم قد عقدوا معها الصلح لأنهم وجدوا عندها غايتهم ، أما ماهي غايتهم ، فيبدو في تعبير للوداعيات ، " حمدو في بطنو " . وحين يكونون في الركاب مع الإنقاذ فإلى الجحيم ـ كما يقول التعبير الإنجليزي ـ ببقية زملاء النضال ! من المنضمين تحت راية التجمع . قيل إن الجبهة الشعبية لم ترض عن د. لام أكول لأنه كان وزيرا لكل السودان فأبدلته بالسيد دينق ، ترى كيف السيد دينق اليوم ؟ وزير لكل السودان أم هو وزير للحركة فقط يتدرب على العمل الوزاري ليؤهل نفسه لدولة الجنوب ؟ وماذا فيها إن تعلم الحجامة في رؤوس اليتامى ؟ بعد نيفاشا أطل علينا السيد عبد الواحد محمد نور . إصراره على ترداد كلمة " شعبي " إبتذل الكلمة وجعلها مفردة منفرة ، ولأنه يملك كل الحقيقة ففي الأخبار أنه افتتح لشعبه مكتبا في إسرائيل وبشر أنه سيعترف بإسرائيل يوم يمسك بزمام السلطة . ظني أنه لا يتكلم عن زمام السلطة في أرض الملـيون ميل مربع لأن الجنوب الذي قيل إنه يمثل ثلث البلاد أرضا وشعبا ، قد أفلت منه . ترى هل باعترافه بإسرائيل هو ملزِم ما بقي من السودان بعد أن قرر أنه مقيم دولة " شعبي " فيه ، أم أن اعترافه بإسرائيل قاصر على دولة " شعبى " التي سيقيمها في دارفور بعد أن يكون قد اكتمل لديه " تحريرها " ؟ دارفور كانت سلطنة لا أعرف إن كانت تضم أرض دارفور الحالية بأكملها ، أم هي كانت سلطنة للفور وحسب ، ومن تلك الحقيقة استقت إسمها ؟ ودارفور كانت سلطنة دويلة قبل أن يقضي عليها الفتح التركي للسودان ومليشيات الزبير باشا . سلاطين باشا كان الوالي عليها من قبل حكام السودان في الخرطوم ، وخلفه زقل يوم قامت للمهدية دولة في السودان . عبد الواحد محمد نور ، لا أدري كيف يفكر يوم يخاطب أهل دارفور بكلمة شعبي ! ترى هل فيه بقية من سلاطين الفور الأقدمين حتى يرث عنهم شعبي هذه ! أومادرى أن الزمن قد تبدل وأنه في أدبيات السياسة اليوم الناس إما أهلنا أو مواطنونا ، أو الأحباب في بعض الخطاب ؟ عبد الواحد يذكرني بمثل سوداني يقول : قبل مايركب لولح ساقيه ـ قبل أن يصبح في موقع السلطة افتتح لدولته مكتبا في إسرائيل وأعلن أنه سيعترف بإسرائيل . ترى أي منعة أو قوة سيضفيها عبد الواحد على إسرائيل بإعترافه بها ! ومهما يكن ، مع دارفور ومن قبلها الجنوب ربما ضاع أكثر من النصف من المليون ميل مربع ، وقد نستبين . . ربما " في ضحى الغد " ماذا بشأن كردفان فلقد كانت فيها للمسبعات ولتقلي سلطنات ، وماذا بشأن الشمال فلقد كانت فيه للعبدلاب سلطنة ، وماذا بشأن الشرق فلأهله مع من جاورهم صلات وأرحام و و والبركة في الإنقاذ فإن لهم توجها حضاريا . وعود على بدء ، في الأخبار أنباء هذا التدافع من أحزاب الشمال نحو الجبهة الشعبية . الميرغني ادعى ولا زال على إدعائه أن حلفا استراتيـجيا ـ كما يصفه ـ يجمع في عروة وثقى بينه وبين قرنق ( ولعله قد يحول حلفه لورثة قرنق الآن ) ، والأمة سعى قبل اليوم ويسعى الآن لإبرام المواثيق مع الجبهة فالجبهة هي السنجة لإمالة ميزان القوة ، وهي مع ما تريد على نحو ما أفصح عنه الســيد دينق ألور يوما ما ، فهل لا كان في هؤلاء القوم رشد حتى يعوا اين يسيرون ؟ إن إبرام الإتفاقات والمواثيق و و قد شبعنا منه ، وليتني كنت أحفظها حتى أعددها إبتداء باتفاق وفد أحزاب السودان للقاهرة سنة 1946 . أكدوا لنا أن هذه الإتفاقات والمواثيق قد عملت حتى تثبتوا أنها ليست عبثا لا طائل منه ، وإن كان لها بريق فإنه لا يلبث أن يخبو . . ربما قبل أن يــجف الحبر الذي كتبت به . أما الجهد في ابتداعها فهو هدر اعتاده باذلوه ، فالبذل قديمهم ، ومن نسي قديمه تاه . لعله الخوف من التوه هو عزاء جماعة الإتفاقات والمواثيق هؤلاء في ما يذهبون إليه . صالح فرح ، السوداني . .
|
|
|
|
|
|