|
|
 دموع التماسيح !!
|
دموع التماسيح
ابتدآء يعصر الالم قلب كل مسلم وكل ذي ضمير انساني , ويتملكه الأسي لما يحدثه الصهاينة الاسرائيليين في الفلسطينيين من تقتيل يومي بكل الاسلحة جواً وبراً وبحراً , وتدمير للبيوت والانفس والزرع , ولم توفر في الشعب الفلسطيني طفلاً او امرأة او شيخاً في مجازر مروعة غابت منها الرحمة والشفقة والانسانية , وللأسف الشديد ظلت حكومات العرب والمسلمين ودول العالم تتفرج دون تحرك او فعل لايقاف هذه المأسآة سوي كلمات الشجب والادانة .
وفي هذا الجو المكفهر آثرت حركة تحرير السودان ان تفتح لها مكتباً في تل ابيب . وخرجت الخرطوم في تظاهرة كبيرة تستنكر هذا الفعل , واستضاف التلفاز الحكومي رجالاً من الاحزاب المتوالية فيما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية , وعدداً من الصحفيين كنت اعدهم من الاخيار , وكذلك افراد من دارفور من المنتفعين الذين ألّفَ قلوبهم المؤتمر الوطني , وكال الجميع السباب والاتهامات الغليظة لعبدالواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان مع انه لم يفعل سوي ما فعلته بعض الدول العربية والاسلامية قبل ذلك من تطبيع دبلوماسي مع اسرائيل والتي يرفرف علمها فوق سفاراتها في قلب عواصم هذه المدن , ومن لم يطبع علاقاته مع اسرائيل له علاقات حميمة مع امريكا سراً وجهراً وهي حامية اسرائيل وراعيتها وهي التي تمدها بالاسلحة الفتاكة التي تقتل بها الفلسطينيين . ومن هذه الحكومات حكومتنا السنية التي جاهرت بعلاقتها الوثيقة مع الس آي ايه والاف بي آي الامريكية , ومن السخرية استنكار ممثل الجامعة العربية فتح مكتب لحركة تحرير السودان في اسرائيل بينما يحتل مقاعد الجامعة العربية دول لها علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل !
ولقد عودنا اهل الجبهة او المؤتمر الوطني وكلاهما سيان ان يستغلوا عواطف السودانيين الدينية الصادقة , فيحشدون البسطاء والدراويش وصبية واطفال المدارس وبعض المنتفعين المتاجرين بالدين ورجال الامن , ويخرجونهم في مسيرات مرتبة ومصنوعة مرددين شعارات موضوعة سلفاً , ويفتعلون هذه المسيرات كلما حزبهم امر او وقعوا في ورطة , او ليستثمروا مثل هذه الامور والازمات وان حدثت اقليمياً او عالمياً .
ولنسأل انفسنا او بالاحري اسألوا انفسكم لو تجردتم من الهوي والغرض : ما الذي دفع عبدالواحد لأن يفتح مكتباً لحركته في اسرائيل ؟ والاجابة صارت معلومة لكل العالم , فأنتم حكومة الجبهة اهرقتم دماء اهلنا انهاراً في دارفور , واحرقتم زروعهم وبيوتهم وسويتموها بالارض , وهتكتم اعراض النساء بأغتصابهن وسلبتم ممتلكاتهم ! فقد اعتمد جيشكم ومعاونوه من الجنجويد سياسة الارض المحروقة . ولا احد يستطيع ان يزايد علي اهل دارفور فهم اهل القرآن والدين من قبل قرون . ونسأل كل مسلم مؤمن موحد بالله ورسوله :
هل من الدين قتل الابرياء من غير المقاتلين من النساء والرجال والاطفال ؟
وهل من الدين اخراج الناس من بيوتهم واحراقها ؟
وهل من الدين اغتصاب النساء والفتك بهن ؟
وهل من الدين اجلاء الناس من ارضهم واحلال اغراب محلهم ؟
ام انتم التمساح ينهش لحم فريسته بينما تجري دموعه ؟! ام تقتلون القتيل وتمشون في جنازته ؟ ولكن , وآحسرتاه ان قتلي دارفور لم تكن لهم جنازات ولم يصلِ عليهم احد في حرب ابادة ازهقت فيها ارواح آلاف الالوف منهم بلا ذنب جَنوْه .
كان النبي (صلعم) اذا بعث بسرية اوصاهم بل امرهم بألا يقتلوا شيخاً او امرأةً او طفلاً , ولا يقطعوا شجرة او يقتلعوا زرعاً , ولقد سار علي نهجه الشيخان ابوبكر وعمر رضي الله عنهما .
ولقتل امرئ مسلم اكبر عند الله من هدم الكعبة , ومن قتل مؤمناً كأنه قتل الناس جميعاً .
مالكم كيف تحكمون ؟!
لقد تلفت عبدالواحد يمنة ويسرة لعله يجد النصرة من اخوته المسلمين او من العرب المسلمين ولكن ارتد بصره خائباً , بل قتلت قوات الامن بعض اللاجئين من اهله في ميدان مصطفي محمود بالقاهرة ومن بقي منهم ضّيقت عليه في معيشته , ولم يجد عملاً , ولم يجد ملجأً او نجاة ليحفظ حياته من الموت سوي ان يهرب الي العدو في اسرائيل والتي احتضنته وهيأت له المأوي والعمل والعيش الكريم , فالغريق يمسك بالقشة .
وقال تعالي : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين . انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا علي اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) (سورة الممتحنة – آية 8 و 9) .
وقد اجار مشرك في مكة النبي (صلعم) وكذلك اجاره شقيقان مشركان في الطآئف عندما أذوه اهلها .
وللمفارقة ان من أذوا وقتّلوا اهل دارفور ليسوا اسرائيليين وانما مسلمين سودانيين من اهل الجبهة الذين يزعمون انهم اسلاميين وقائمين بأمر الدين ؟ وقد يقول قائل ان وراء عمل اسرائيل كيد او اغاظة للعرب والمسلمين او لاطماع , ونقول فليكن ما يكون فلماذا تتيحون الفرصة لأسرائيل لتفوز بالفضل وتبوءون انتم بالاثم , ولماذا انتم تجرحون واسرائيل تداوي الجراح ؟! ان ما احدثتموه في دارفور سيبقي سُبة الدهر لكم وعار الابد .
واهل الجبهة الاسلامية بعد ان كسدت بضاعتهم الدينية المغشوشة , وانكشف زيفهم وخداعهم بأسم الدين لجأوا الي تأجيج النعرات القبلية واشعال الفتن , وحاولوا ان يستعدوا قبيلة الفور علي ابنها عبدالواحد , ولكن هيهات فلن يعركم اهلنا في دارفور آذان صاغية وهم من شردتموهم في المعسكرات في البرية داخل خيام مهترئة ورواكيب لا تقيهم حراً ولا برداً ولا مطراً ولولا اغاثات دول الغرب لفتك بهم الجوع والامراض . واذا استحضرنا التاريخ فأن اول من لبّي نداء الجهاد في فلسطين عام 1948 ضد الصهاينة كان كثير منهم من اهل دارفور وتطوعوا للقتال وكان علي رأس المتطوعين السودانيين الصاغ زاهر سرور الساداتي , وكانت القوة السودانية رأس الرمح وهي التي ابتدرت الهجوم الاول علي العدو وكان قتالهم وبسالتهم مما سارت به الركبان واشادت به جميع الصحف العربية , واشتكي من قتالهم الشرس مندوب اسرائيل في الامم المتحدة , وكان قائدهم زاهر يقاتل مع جنوده في المقدمة حتي وقع مثخناً بالجراح واخذوه اسيراً , واستشهد الملازم اول علي رمضان بوريه والملازم اول علي محجوب وعدد من الجنود وارتوي ثري فلسطين بدمائهم .
وودت ولو ان الاخ عبدالواحد لم يفتح مكتباً لحركته في هذا الوقت بالذات الذي تعمل فيه اسرائيل فتكاً وتدميراً بالفلسطينيين كل يوم .
ويحقد ناس المؤتمر الوطني حقداً طاغياً علي عبدالواحد لانه لم يوقع معهم اتفاقية ابوجا المعيبة ولم يخضع لشروطهم المُهينة , وحتي الموقعين علي تلك الاتفاقية لم يجنوا منها سوي بضعة مناصب شرفية , ولم يتغير الحال في دارفور فالجنجويد يعيثون فساداً والقتل والقصف مستمر بالطائرات واهلنا مشتتين في معسكرات الايواء البائسة او لآجئين في تشاد واخيراً اسرائيل .
واما المتباكين والمستغلين الدين من ناس الجبهة فنقول لهم : اتقوا الله , وكفاكم تلاعباً بالدين , وان لم تستحوا من الناس فاستحوا من الله .
هلال زاهر الساداتي
|
|
 
|
|
|
|
هلال زاهر الساداتي
معتصم ود الجمام
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست