الذاكرة والتأريخ والنسيان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2008, 05:47 PM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الذاكرة والتأريخ والنسيان

    الذاكرة والتأريخ والنسيان
    المعرفة الجماعية ليست بعيدة عن الإنتقادات

    بول ريكور
    ترجمة: جودت جالي
    الحلقة الاخيرة
    هذه المحاضرة ألقاها بول ريكور في المركز الأوربي في جامعة بودابست عام 2003 ونشرت في عدد خاص به من مجلة ( أيسبري) الفرنسية عام 2006 لشهري آيار ونيسان. أرجو أن يلاحظ القارئ اللبيب بدقة تصنيف ريكور لقضية أضطهاد اليهود ، بمنتهي الذكاء والحذر في الألفاظ، ضمن التأريخ الثقافي وهذا النمط أشار أليه في موضع سابق للمثل بأعتباره أسوأ أنماط كتابة التأريخ لأنه يجعل من الذاكرة مادة للتأريخ وليست قالبا له أي تتحول الشهادة من (وثيقة) الي (قصة) يتغير معطاها حسب الصياغة الأدبية . بهذا الخصوص يمكن أن نلتفت الي مايقوم به عدد من مثقفينا تحت عنوان (الذاكرة) حيث يميلون في (توثيقهم) لفترات تأريخية ماتزال تفاصيلها نضرة في ذاكرتنا الي الأنشاء الفني وليس التوثيقي مايدخله ضمن (التأريخ الثقافي) ومثل هذه النصوص لابأس بها أذا وضعت تحت عناوين أخري كالتأمل والأدب مثلا.
    أن الذاكرة يجـري تشذيبها في نقطة التقاطع بين التأريخ بوصفه عملا أدبيا والقراءة بوصفها وسيلة تلق مفضل بالمعني التأويليHermeneutique للتلقي، أنها تشذب بهذين السياقين، سياق الكتابة وسياق القراءة. سوف يفوتنا هذا الأقتران الأساسي أن لم نعرض لآخر مرحلة من عملية كتابة التأريخ التي هي أنتاج أدب تتميز به. أن المشروع التأريخي طبعا يقوم علي الكتابة من جهة لجهة أخري كما يؤكده الدور الذي تلعبه الشهادات المكتوبة والموجودة في أراشيفنا، نحن تجرأنا حتي علي ربط ولادة التأريخ بولادة الكتابة غير أن التأريخ يفرز أنواعا جديدة من الكتابات.. كتب ومقالات وتنسيق خرائط وأنطباعات وصور فوتوغرافية وغيرها من التدوينات. عند هذا الجانب بالضبط يشذب عمل المؤرخ الذاكرة بكل مافي الكلمة من معني. هذا الأقتران بين الكتابة والقراءة يجد نفسه في تجربة السرد المشتركة أذ حتي التأريخ الأقتصادي والديموغرافي يصف تغييرات ودورات زمنية وتطورات مروية وهو ماينطوي علي نمط قسري من القصص يسهل للمؤرخ جعل النص مقروءا وأمكانية وضوح للأحداث التي يرويها، وأحيانا يكون مايبينه مجرد تعقيد وعتامة الماضي التأريخي.
    ينضاف الي هذا الجانب الأكثر سرية الذي يلعبه القسر البلاغي الذي يفاقم بعضه من خطر أقتراب التأريخ من البلاغة أكثر من أقترابه من العلم. أن فكرة النزاهة التأريخية تستحق أن يدافع عنها ضد أشكال الطرح النسبي التي تجرد عمل المؤرخ من طموحه الأول وهو تقديم تمثيل للماضي صالح للعمل. هذا التأكيد علي الصلاحية يجب أن يجدد ليس فقط ضد التعامل البلاغي مع المعرفة التأريخية بل أيضا ضد أدعاءات أقرت مبدأيا claim Alledged والتي تفرزها وتغذيها الذكريات الجماعية. دون هذا الطموح Truth claim للمعرفة التأريخية لن يلعب التأريخ دوره في مواجهة الذاكرة. سأواصل حديثي بهذا الأتجاه خلال دقيقة. أن التأريخ محروم بالتأكيد من (نعمة) الأستعراف الذي يمنح نوعا من الألهام الي الذاكرة. غياب الأستعراف هذا يخلق أنحراف التأريخ ولكنه لايؤدي الي الحكم علي هذا الأنحراف بالأدانة، نستطيع فقط أنتظار أنشاءات تجري بوصفها أعادات أنشاء ( أو تمثيلات للأحداث الماضية بتعبير آخر- المترجم) وفق منطق الترجيح حسب تعبير (كارلو غينزبيرغ) بصدد النموذج الذي يقدمه عن الحقيقة التأريخية.
    ثلاث مسائل أساسية
    سأركز في الجزء الأخير من محاضرتي علي ثلاث مسائل أساسية فيما يخص مشاكل الذاكرة التي شذبها التأريخ. سوء الفهم المحتمل بين المؤرخين وبين محامي الذاكرة، والمسألة المختلف بشأنها والمتعلقة بواجب الذاكرة، وأخيرا، سياقات وهفوات الذاكرة. عالجت المسألة الأولي الأصطدام المحتمل بين الأغراض التي تجد في طلب المعرفة التأريخية وبين أغراض الذاكرة سواء كانت هذه الذاكرة شخصية أم جماعية. أن التأريخ يشمل أفقا من الأحداث الماضية أوسع من أفق الذاكرة التي يكون معطاها أكثر أختزالا ويبدو مبتلعا في حقل الزمن التأريخي الواسع، وأكثر من هذا يمكن للتأريخ أن يدخل موازنات تميل الي جعل الحس المشترك العام بالحدث التأريخي نسبيا، هذا الحس بالذكريات المؤلمة الذي لايمكن مقارنته بشيئ آخر. ينضاف الي هذا تعددية المنظور الذي يسلطه التأريخ علي الأحداث الأقتصادية والأجتماعية والسياسية والثقافية، وأخيرا الجهد الذي يبذل للفهم يمكن أن يعطي أنطباعا أننا محال بيننا وبين أصدار الحكم، وبيننا وبين الأدانة بعكس القاضي أو المواطن العادي. أن المؤرخ ليس معاقا عن الأستنتاج. همه أن يفهم، أن يفسر، أن يناقش ويناظر. كل هذه الأسباب تجعل من الممكن وجود سوء فهم ثابت بين المعرفة التأريخية وبين الذاكرة. أن الذاكرة الجماعية ليست بعيدة عن الأنتقادات. أن أعمال المؤرخين المكتوبة ليست هي المصادر الوحيدة لتمثيل الماضي فهي تتعارض مع أنماط الكتابة الأخري كالقصص الخيالية والمسرحة والمقالات والبيانات. ولكن يوجد أيضا أنماط تعبير غير كتابية هي الصور واللوحات، وخصوصا الأفلام (نستذكر بصدد هذا عمل Shoah لكلود لانزمان في فيلم قائمة شندلر للمخرج سبيلبيرغ) أكثر من هذا أن النوع الخطابي الأستذكاري المناسب للتأريخ يدخل في تعارض مع الخطاب المستقبلي، مع مشاريع الأصلاح، مع اليوتوبيات، وبأختصار، يتعارض مع الخطابات الموجهة نحو المستقبل. يجب علي المؤرخين أن لاينسوا أن المواطنين هم صناع التأريخ الفعليين، وعمل المؤرخين لايتعدي قول هذا التأريخ، ولكنهم أيضا مواطنون مسؤولون عما يقولوه، خصوصا، حين يكون عملهم في تماس مع الذاكرة المجروحة. أن التأريخ لايشذب الذاكرة فقط بل ويجرحها أيضا.
    هذه الملاحظة تقودني الي المشكلة الثانية وهي مشكلة واجب تحقق الذاكرة كما يسمي أي واجب أن لاننسي، لكي نستشرف تأملنا الأخير في الأحداث. أن واجب الذاكرة غالبا مايكون هو تلك المطالب التي يتقدم بها ضحايا تأريخ أجرامي، وتسويغه الأعلي هو التحريض علي العدالة المستحقة للضحايا. هنا يكون سوء التفاهم بين محاميي الذاكرة وبين أنصار المعرفة التأريخية علي أشده في نطاق التعارض المثار بحدة حول المقاصد. يوجد من جهة الحقل الصغير تماما للذاكرة أزاء الأفق الواسع للمعرفة التأريخية، ويوجد من جهة أخري ألحاح الجروح التي سببها التأريخ علي الذاكرة. يوجد من جهة أستعمال الموازنة في التأريخ، ومن جهة أخري تأكيد الحس المشترك للعذابات التي قاستها جماعة معينة أو شعب بكامله. لايمكن بالنسبة الي المؤرخين أستخلاص نتائج علي صعيد البعد الذي لايمكن مقارنته بشيئ آخر ألا بعد تقييم التشابهات والأختلافات. للحكم في هذه المطالب المتعارضة يمكن أن يكون اللجوء الي مفاهيم التحليل النفسي مفيدا. أدخل فرويد في عمله (الأستذكار والتكرار مختبريا) مفهوم (عمل الذاكرة) ليحدد الصراع الذي لابد أن يجري مع القسر علي التكرار الواقع تحت ضغط المقاومات راسخة البنيان. نستطيع أن نحتفظ بشيئ من هذا وننقله الي حقل الذاكرة التأريخية، خصوصا أذا أكملنا مفهوم عمل الذاكرة بمفهوم عمل الحزن المستعارعنده الي بحث آخر مكرس للحزن والكآبة. أقترح أن نوحد مفهوم واجب الذاكرة، وهو مفهوم أخلاقي، مع مفهوم عمل الذاكرة ومفهوم عمل الحزن السايكولوجيين. أن فائدة هذا التقريب هو أنه يسمح بأدخال بعد المعرفة التأريخي النقدي الي عمل الذاكرة وعمل الحزن. ولكن الكلمة الأخيرة يجب أن تبقي للمفهوم الأخلاقي لواجب الذاكرة الذي يتصل كما قلنا بمفهوم العدالة المستحقة للضحايا. مشكلتنا الثالثة والأخيرة تخص مكان النسيان في الحقل المشاع بين الذاكرة والتأريخ. تنشأ المشكلة من القيام بواجب الذاكرة وهو مانعبر عنه بوصفه واجب أن لاننسي. أن النسيان بكل تأكيد هو موضوع مستقل بحد ذاته يتعلق بمفهوم الأثر الذي سبق وتحدثنا عنه وتثبتنا من تعددية أشكاله وهي آثار عقلية متطلبة أنتباها شديدا وبصمات نفسانية ووثائق مكتوبة في أراشيفنا. أن كان مفهوم الأثر والنسيان مشتركا فلأنه قبل كل شيئ مفهوم الأندثار، مفهوم الهدم. لكن تحليلنا بأستخدام سيرورة الأندثار التي لايمكن تجنبها لايحيط بمشكلة النسيان. أن النسيان يمتلك أيضا قطبا فعالا مرتبطا بسيرورة الأستذكار عند البحث للعثور علي الذكريات الضائعة التي لم تمح حقيقة بل جعلت غير قابلة للتصرف. أنعدام قابلية التصرف هذه تجد تفسيرها، في نطاق معين، علي مستوي الصراعات غير الواعية. أن واحدا من الدروس الثمينة للتحليل النفسي بهذا الخصوص هو أن نسياننا لمانفكر فيه أو نخشاه يكون بدرجة أقل من نسياننا لغيره. يمكننا أستعادة تجربة جرحية من زمن الطفولة بمساعدة أجراءات محددة موافقة لما ندعوه المعالجة بالمحادثة cure Talking أن فرويد يعزو الي المقاومات راسخة البنيان القسر علي التكرار بدلا من أعادة التذكر. أعادة التذكر هذه شكل من أشكال العمل، أن شكل الحزن الذي يخصص له فرويد بحثا آخر مهما هو (الحزن والكآبة) ليس بعيدا عن موضوعنا هذا.
    لكن هذا التناول بالتحليل النفسي لأشياء النسيان الغامضة لايجب أن يمنعنا من أستكشاف أشكال أخري للنسيان يمكن تأكيدها. فلنبدأ بهذه الملاحظة البسيطة التي هي أن التذكر هو سرد علي نحو ما، والسرد يكون أنتقائيا بالضرورة. أذا كنا غير قادرين علي تذكر كل شيئ فنحن غير قادرين علي رواية كل شيئ. أن فكرة السرد الوافي هي لامعني خالص. نتائج هذا فيما يخص أعادة حيازة الماضي التأريخي هائلة. أن أدلجة الذاكرة وكل أنواع الأستعمالات التي من نظام الأدلجة نفسه تكون ممكنة بالتنويع الذي يوفر لنا تشكيلات قصصية لسردنا. أن أستراتيجيات النسيان تدخل مباشرة في عمل التشكيل هذا بهدف تجنب الحقيقة وتلافيها والتهرب منها. بعد أن تحدثنا عن أعادة حيازة الماضي التأريخي علينا أن نتحدث عن سلب سلطة الممثلين الأجتماعيين الأصيلة وحرمانهم من حقهم في الرواية المباشرة. من الصعب فرز المسؤولية الشخصية للممثلين الأفراد من الضغوط الأجتماعية التي تشغل سرا الذاكرة الجماعية. هذا السلب مسؤول عن خليط من هفوات الذاكرة هنا وعن نسيان هناك. أنها مسؤولية المواطن أن يحافظ علي توازن بين هذين المحورين. لاأريد أن أنهي هذه الملاحظات حول حيل النسيان دون أن أذكر البعد القضائي والسياسي لهذه المشكلة. تأتي ممارسة العفو في المقدمة. بدأت هذه الممارسة بالمرسوم الصادر في أثينا عام 403 قبل ميلاد المسيح الذي منع بموجبه ذكر الجرائم المقترفة من قبل الطرفين، جرائم نسميها ((تعاسة)) فقد نص التعهد الذي يجب أن يعلنه المواطنون واحدا واحدا (( لن أذكر التــــــعاسات)) nesikaken M التذكر - الضد Le souvenir-contre .
    يستعمل عدد من الديمقراطيين المعاصرين هذا النوع من النسيان المفروض بأمر لدواع مشرفة تهدف الي المحافظة علي السلام الأجتماعي، ولكن تبقي لدينا مشكلة فلسفية : أليست ممارسة العفو ضارة بالحقيقة والعدالة؟ من أين يمر الخط الفاصل بين العفو وبين الفجوة في الذاكرة؟ أن الجواب علي هذه الأسئلة لايوجد علي المستوي السياسي ولكن علي المستوي الحميم الخاص لكل مواطن بفضل عمل الذاكرة، مكملا بعمل الحزن، لايملك كل منا فقط واجب أن لاينسي بل أيـــــضا أن يقول مامر بــه رغم كونه معذبا، وفق نمط مطمئن للآخرين، يقوله دون لون.
    أحب أن أنهي محاضرتي بعبارة متأثرة بالبيت الشعري الذي ندين به الي أسحاق دينيس والذي وضعته (حنـــــــة أرنت) في مقدمة فصــلها المكرس لمفهوم الفعل (وضع الأنسان الحديث): كل الأحزان يمكن أن تحتمل أذا صغتها في قصة أو رويت عنها قصة.


    Azzaman International Newspaper - Issue 2636 - Date 6/3/2007

    جريدة (الزمان) الدولية - العدد 2636 - التاريخ 6/3/2007

    AZP07
                  

العنوان الكاتب Date
الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi02-27-08, 05:47 PM
  Re: الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi03-05-08, 07:55 AM
  Re: الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi03-05-08, 07:57 AM
  Re: الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi03-05-08, 08:03 AM
  Re: الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi03-06-08, 08:05 AM
  Re: الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi03-06-08, 08:20 AM
  Re: الذاكرة والتأريخ والنسيان zumrawi03-12-08, 07:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de