عمارية دارفور وخرابها، بأبنائها: حوار حول خيار الصراع المسلح ومآلاتة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 07:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-03-2008, 06:59 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عمارية دارفور وخرابها، بأبنائها: حوار حول خيار الصراع المسلح ومآلاتة

    عمارية دارفور وخرابها، بأبنائها: حوار حول خيار الصراع المسلح ومآلاته
    ورقة بقلم: د. علي بحر الدين علي دينار
    محاضر ومدير مشارك لبرنامج الدراسات الإفريقية بجامعة
    بنسلفانيا.
    [email protected]


    Quote: افتراضية:
    هذا الحوار تم بناؤه على الآتي:
    حقيقة الظلم الحائق بإقليم دارفور في شتى المجالات: اقتصادية، اجتماعية، سياسية، منذ
    الاستعمار وحتى الآن.
    خطل وتجاهل كل الحكومات المركزية المتعاقبة في سياساتها لإزالة الظلم والنقل بالإقليم لعالم
    أرحب.
    إن ما عانته دارفور حاليًا من خطل هذه السياسات الحكومية، وما يشهده الإقليم الآن من دمار
    فيما هو زائل ومن وشائج، لم يتم حدوثه منذ نشوء الدولة في دارفور في القرن الثالث عشر.


    المرجع
                  

01-03-2008, 07:04 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمارية دارفور وخرابها، بأبنائها: حوار حول خيار الصراع المسلح ومآلاتة (Re: AnwarKing)

    انور سلامات

    ورقة الدكتور علي دينار ورقة مهمة جدا
    وقد ساهمت في تكوين وعينا كليبراليين فيما يتعلق بالتعامل مع الماساة في دارفور

    اتمنى ان تحظي هنا بحظها من النقاش ..
                  

01-03-2008, 07:07 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمارية دارفور وخرابها، بأبنائها: حوار حول خيار الصراع المسلح ومآلاتة (Re: Abdel Aati)

    العزيز عادل عبد العاطي...
    سلام وتحايا...
    فعلاً الورقة مهمة جداً في التعريف بالمشكلة وكيفية التعامل مع المشكلة ككل...

    الشكر موصول لمجلة إحترام على نشرها مؤخراً


    خالص الودّ
    أنور
                  

01-03-2008, 07:05 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول الخراب والمعمارية (Re: AnwarKing)

    حول الخراب والمعمارية
    Quote: أن المتتبع لتاريخ دارفور يشهد لها بالاستقرار والسلامة طوال تاريخها التليد وقبيل إدغامها في
    دولة الحكم الثنائي عام 1916 . إلا أنه وفي ذات الوقت فإن في تاريخها العديد من الثورات
    ضد السلطات المركزية، محلية كانت أم خارجية. فدارفور خلال تاريخها لم تنكفئ على نفسها
    في رقعتها الجغرافية. وفي ذات الوقت وللإقليم علائق دبلوماسية اقتصادية مع كل دول
    الجوار. وإبان الهبة الاستعمارية في مناطق الغرب الأفريقي، كانت المكاتبات الدبلوماسية
    سائرة بين هذه الكيانات المهددة في ركونها لحكام دارفور طلبًا للمشورة والتنسيق.
    وعظمة دارفور وعماريتها يمكن استشفافه من مدونات الرحالة الذين زاروا الإقليم في حقب
    مختلفة بدء بعام 1798 ، وأيضاً من خلال التاريخ الشفاهي للمنطقة ومن حالات الاستقرار السياسي
    المتفرد المتمثل في التداول السلطوي وسلسلة حكامها لخير دليل على الاستمرارية
    والحس السياسي المرهف. وهو إقليم متعددة جنسياته منذ الخليقة، وهي تشمل سكانًا خلط بين
    مستعربين وأصليين قاطنين في مناطق عديدة؛ متفردة مناخيًا بين صحراء وشبهه، إلى مناطق
    السافنا الغنية وشبه الاستوائية، وتحت درجات متفاوتة من المعاش بين رعاة رحل، وزراع
    مستقرين، وأماكن حضرية ذات كثافة سكانية عالية. ودارفور قد قسمها حكامها إداريًا إلى ديار
    أربعة و لها نظامها الإداري المحلي المتفرد الحاوي علي تسميات محددة لشاغري كل وظائف
    الدولة. وهي أيضًا لم تكن دولة قاصرة على الفور، بل كانت جامعة للكل طوال تاريخها حسب
    شاغري عال المناصب. كل هذا يعني بأن عمارية دارفور في هذا الوقت هو نتاج محلي
    صرف، له الكثير من الوشائج والإرث مع نظائره في غرب أفريقيا، أكثر مما له مع مناطق
    حدوده الشرقية، وهذه المفخرة هي صنيعة كل سكان دارفور ولكل منهم إسهاماته في الخلق
    والتطبيق وإمكانية جعل هذا الأنموذج الإداري يعمل بكفاءة عالية. وتحت هذه الظروف كانت
    دولة دارفور، وهي لم تكن متفردة سياسيًا فحسب، بل وثقافيًا أيضًا مردها حالات الاستقرار
    واستتباب الأمن في أرجائها و فيض المهاجرين إليها، والمستقرين فيها، وليس أصدق على ذلك
    من تفرد دارفور في مجالات الأطعمة والأشربة، اللباس، الأحذية، المشغولات اليدوية،
    والموروث الديني من كثافة للخلاوي ومكانة رفيعة للعلماء (الفقرا) وانحسار كثيف للاعتقاد في
    الأولياء والصالحين وهو نقيض ما عليه حال ثقافة السودان النيلي.

    واختلاف حتى في احتفالات الزواج، الميلاد، والمآتم، تكفين الميت كل هذا إرث خاص بدارفور، تسرب بعضه لمناطق
    السودان الأخرى وقبلت كموروث محلي، إلا أن هنالك الكثير من العادات هي من خصوصية
    الإقليم ويمكن ردها إلى سيل الهجرات الوافدة إلي الإقليم وانفتاحها محليًا وعالميًا. وتحت هذه
    الظروف شهدت دارفور حقبة من العمارية في حواضرها، ليس أدل على ذلك مما اختطه
    الرحالة لما اندثر الآن من نماذج عمرانية في كوبي، عين فرح، أوري، وكبكابية.
    إلا أن هذه العمارية، قد لازمتها أحيانًا فترات من الخراب يعود بعضه لحروب أهلية بين
    السلطة الحاكمة و"الخارجين" عليها، وأحيانًا بين قبائلها المتناحرة. إلا أن فترات الخراب الهائلة
    التدمير كانت جميعها تالية لهزيمة السلطة الحاكمة من قوى خارجية. فالخراب الأول لدارفور
    تم عام 1874 أثر هزيمة سلطانها إبراهيم قرض على يد الزبير باشا، وتلى ذلك سبي ونهب
    للديار وتهجير لمصر، وقد سارت على هذا المنوال كل الإدارات التركية المتعاقبة على حكم
    دارفور، وما تبع ذلك من ضنك في سبيل القضاء على ثورات متتالية من المنادين بالسلطة من
    أبناء دارفور. وهذه فترة كان ديدنها الخراب والقهر وليس عمرانًا وأمنًا كما كان في الماضي.
    و ُ خرِبت دارفور ثانية إبان الحكم المهدوي، فرغم أنها ناصرت الثورة منذ اندلاعها، إلا أنها
    ذاقت الأمرين نتيجة هذه "الطاعة" بسبب سياسة الخليفة للتهجير القسري مما أدى إلى إخلاء
    المنطقة سكانيًا، وهو أيضًا ما يفسر وجود الملايين الآن من أبناء الإقليم في مناطق وسط
    السودان. وقد ثارت دارفور كلها ضد الحكم المهدوي، ليس رفضًا للمهدوية، ولكن لجِورها
    وظلمها، وقد كان في قمة السلطة الحاكمة آنذاك الكثير من أبناء دارفور المهدويين، وهم ينفذون
    سياسات الخليفة. وقد تجسدت نقمة دارفور ضد المهدية في ثورة أبو جميزة من سبتمبر 1888
    إلي فبراير 1889 . وهي ثورة حقيقية التف حولها الآلاف من شتى قبائل دارفور وألحقت
    بالقوات المهدوية العديد من الهزائم العسكرية مما دفع بالكثيرين للانضمام إليها، إلا أنها
    تلاشت بعد وفاته بالجدري. وبعد زوال دولة المهدية كان الاهتمام ثانية بعمارية دارفور
    الخاربة، وكان اهتمام السلطة حينها هو إعمار دارفور بتهجير أبنائها من وسط السودان إليها،
    وتشجيع هجرة العلماء وغيرهم، وكان من أهم وطائد تنفيد هذه السياسات هو استتباب الأمن في
    شتى أرجاء الإقليم، وبسط سلطة الدولة.
    وأثر ضم دارفور لبقية السودان عام 1916 ، لم تكن لدولة الحكم الثنائي من بديل إداري فعال
    سوى النهج الإداري المتوارث ولكن بألبسة جديدة. ولم تنتهج من سياسات جذرية اقتصادية
    وتنموية في هذا الإقليم وهذا يأتي أساسًا من أن سعى الحكومة لضم "فتح" دارفور كان
    قسريًا مرده تداعيات الحرب العالمية الثانية وإعلان علي دينار الجهاد عليها، إضافة إلي توغل
    القوات الفرنسية في مناطق كانت أساسًا هي تابعة لدارفور، وزحفها شرقًا بعد أن أوضحت
    لبريطانيا بأنها لن تعترف بالحدود الجغرافية لدارفور ما لم تقم بريطانيا بفرض سيطرتها الفعلية
    عليها، أي قهرها سياسيًا. وإبان الحكم الاستعماري كانت هنالك ثورة الفكي عبد الله السحيني
    عام 1921 ، وهي أيضًا ثورة شاركت فيها قبائل متعددة، وألحقت خسائر عديدة ضد القوات
    البريطانية حيث نجحت في ضرب الحامية العسكرية في نيالا وقتلت مفتش المركز الإنجليزي
    ومعاونية، إلا أن السحيني وقع في الأسر وتم شنقه مع بعض رفاقه علنًا في سوق نيالا من قبل
    السلطات الاستعمارية.
    أن المتميز في ثورتي السحيني وأبو جميزة، كونهما ثورتان مسلحتان ضد سياسات الظلم
    المتبعة من قبل السلطات الحاكمة، وهما قد ضمتا قبائل عديدة كثيرة مختلف جذورها، أجمعتا
    على إنهاء الظلم، وهذه البواكير الأول للثورة والعمل المسلح كانت رد دارفور تجاه جبروت
    الدولة، ولم يشهد الإقليم عم ً لا مسلحًا آخر ضد سلطة حاكمة إلا في حركة داؤود بولاد عام
    1991 ، وحركة تحرير السودان الآن.
                  

01-03-2008, 07:09 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول حمل السلاح في مواجهة الظلم: حركة داؤود بولاد (Re: AnwarKing)

    Quote:
    يذخر التاريخ الإنساني بالكثير من الأمثلة حيث للسلاح دور كبير في إحداث التغيير وخير
    دليل لذلك يمكن ملاحظته إبان الهجمة الاستعمارية الأوربية في مسعاها لقهر الشعوب. وتحت
    هذا يمكن درج حركات التحرير المسلحة ضد المستعمر كما في أنقولا، إثيوبيا، زمبابوي؛ حيث
    استطاعت هذه الحركات من هزيمة مستعمريها ونيلها استقلالها. وفي ذات الوقت هنالك
    حركات تحرير مسلحة لها صنوها السياسي فلحت في تحقيق التغيير المنشود ليس فقط عسكريًا
    بل وسياسيًا كما حدث في يوغندا، جنوب أفريقيا، إريتريا وجنوب السودان. والقاسم الأعظم بين
    كل هذه الحركات المسلحة هو وضوح الرؤيا السياسية وهي جديرة بالتفاف أو انفضاض الناس
    من حولها.
    ففي تاريخ دارفور هنالك أمثلة مشابهة تم فيها استخدام السلاح لدرء الظلم كما في حركتي أبو
    جميزة والسحيني وهما في تقديري ثورتان حقيقيتان ناجحتان ليس فقط في انتصاراتهما
    العسكرية المتواضعة، ولكن في كونهما حركات جامعة، التف حولها الجميع، فهي ليست ثورات
    بالوكالة. وفي هذا لا يمكن مطالبتهما بوضوح أجندتهما السياسية سوى المناداة برفع الظلم،
    وهما في تقديري لشيء كاف ومستوف لشرط الثورة. وإزاء هذا، يمكن ملاحظة ضعف تأثير
    حركة داؤود بولاد في دارفور، رغم حماسه في إحداث التغيير المنشود. وهي تعكس أيضًا
    خطورة منطق الأمر الواقع، بأن لا طريق لخلاصه إلا الانقياد القسري لكل حركة مسلحة. إن
    تداعيات حركة بولاد على الإقليم، وعلى منطقة جبل مرة في ذات الخصوص، لهي أكبر بكثير
    من أي "حسنات" تذكر، فهي قد أعطت الحكومة "حليفة بولاد بالأمس" اليد الطولى في جر
    المنطقة إلى الكثير من الويلات ولعبت على حبل الصراع القبلي بين جماعات كانت هي حتى
    بالأمس القريب المثال الحي للتمازج والتعايش، ليس تنظيرًا ولكن فع ً لا وعم ً لا، إلى جماعات
    متناطحة الآن.
    كان رد فعل الحكومة تجاه حركة بولاد، ليس فقط عسكريًا، بل ودراميًا أيضًا حيث لجأت في
    الاستعانة بجيش من "الفرسان العرب" على صهب مسرجة في محاولة لإعادة واجترار الماضي
    الإسلامي العروبي حيث الجيوش المسلمة سائرة في دك معاقل الشرك، وهي الآن في نظر
    الحكومة سائرة في دك معاقل "الوثنية/التمرد/الشيوعية" ممثلة في شخص بولاد "الكافر" الذي
    باع نفسه "للشيطان" قرنق. ولعل السرعة التي حسمت بها حكومة الإنقاذ حركة بولاد، نقيض
    لما هو دائر الآن، مرده أيضًا البعد الشخصي داخل تنظيم الأخوان بانسلاخ بولاد عنها وتبعات
    ذلك على آخرين من أبناء المنطقة. فهي أيضًا إشارة لكل من تسول له نفسه بالانسلاخ من
    التنظيم والمجاهرة بعصيانها. لذا فلم يكن من دافع للحكومة في تطويل المواجهة مع خصم
    يعرف عنها الكثير، ولهذا لم تتطلع الحكومة في استغلال هذه المناسبة لبلبلة كل الإقليم بل في
    سريع استئصالها وعزلها. هنالك الكثير من العبر يمكن أخذها من حركة بولاد:
    أهمية خلق أرضية جماهيرية واعية تعي بقضاياها وفتح حوار مع أبناء الإقليم، وتنويع مصادر
    العمل المعارض وليس اختزاله في العمل العسكري، كأهم وأقصر الطرق؛
    الافتطان إلى مرامي الحكومة المركزية في شن حرب عنها بالوكالة بتأليبها لجماعة ضد
    أخرى، والاحتراز لإبطال هذا المخطط والتبصير به كأحد الوسائل التي يمكن للحكومة اللجوء
    إليها؛
    في واقع دارفور، أي عمل يرجى له النجاح كمشروع سياسي لا بد من شموله لجميع الإثنيات
    المتعددة، قو ً لا وعم ً لا. فأي تجربة أحادية الجانب، وأن كانت حسنة الغاية، يمكن بسهولة
    محاصرتها ورميها بكل النعوت من الأطراف الأخرى.

                  

01-03-2008, 07:13 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول حمل السلاح في مواجهة الظلم: حركة تحرير السودان (Re: AnwarKing)

    حول حمل السلاح في مواجهة الظلم: حركة تحرير السودان

    Quote:
    شهدت الفترة بعيد مقتل بولاد الكثير من حوادث الاحتراب القبلي في أرجاء عديدة من دارفور،
    وهي جميعها بين مجموعات قاطنة في موقع واحد حيث الكثير من التداخل والتمازج. وجرت
    صراعات عديدة، منها على سبيل المثال: بين المعالية والرزيقات في الستينات، وقبل عامين،
    بين الرزيقات والمسيرية، بين الزغاوة والعرب في الضعين، بين التعايشة والسلامات في
    1987 ، بين الفلاته والقمر حول - أوائل الثمانينات، بين الزغاوة والمهرية ضد الفور 1983
    المجالس الريفية، بين المساليت والعرب منذ عام 1996 وحتى الآن، ومرتين بين الفور
    والعرب في منطقة جبل مرة في الثمانينات والدائرة الآن منذ 1998 . جميع هذه النزاعات
    كانت تتم بين مجموعات قاطنة في ذات الرقعة الجغرافية لسنين طويلة، وهي لم تكن غارات
    بين قبائل متباعدة، مما يعني أن هذه المنازعات يمكن احتواؤها، الكثير من هذه الصراعات
    في مجملها إنذارات ورد فعل لسياسات التهميش السياسي والاقتصادي والذي أكتوي به الإقليم
    تحت ظروف الضيق المعيشي والندرة وغياب الدولة وهي مهمومة بحرب الجنوب ونفخ جيوب
    محسوبيها من مدخلات البترول، ولم تع ولم تكن جادة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء حدوث
    هذه المسائل وكيفية العمل المستقبلي لمواجهتها. شهدت هذه الفترة أيضًا تزايد أعمال النهب
    المسلح وهي قد صارت الخيار المعاشي للكثيرين من قبائل دارفور المختلفة. ولكن عوضًا عن
    السعي لمعرفة أسباب ودوافع أعمال النهب، قامت الحكومة المركزية بوصم قبيلة الزغاوة
    بكونها وراء هذه الأحداث وأمرت بشن غارات مسلحة ضدها، ورغم ذلك لم تتوقف أعمال
    النهب. وهذا المسلك الحكومي لهو أمر عجب: كيف يمكن لحكومة "قومية" الإشارة إلي
    مجموعة سودانية واصمة إياها بأعمال السرقة؟ اللهم إلا إن كانت الحكومة بأشخاصها تتصرف
    في سياساتها بالرجوع إلي مخيلتها الشعبية المتوارثة بتصنيف قاطنيها كل حسب ما وصل إلي
    سمعها شفاهة، وهذه هي الطامة الكبرى.
    ومع وجود كل هذه الصراعات القبلية، إلا أن أي منها لم يتطرق بكثافة عن ضلوع الحكومة
    في مساندة مجموعة ضد أخرى كما في النزاع الجاري الآن بين الفور والعرب في منطقة جبل مرة،
    وبين المساليت والقبائل العربية في منطقة الجنينة. ورغم كون منطقة دار مساليت
    وعاصمتها الجنينة لم تضم فعليًا لحكومة السودان إلا عام 1922 ، باتفاقية وقعت بين الحكومة
    البريطانية والحكومة الفرنسية. ولدار مساليت جهاداتها غير المدونة في منهجنا التعليمي في
    ذودها عن الحمى في الثغور الغربية، أقلها مقتل القائد الفرنسي مول والسلطان تاج الدين في
    معركة دروتي في نوفمبر 1910 .
    وجاءت حكومة الإنقاذ، وهي ليست بأحسن من غيرها مما
    تعاقب من حكومات في سياساتها تجاه دارفور، فقامت بتقليص سلطات سلطان المساليت،
    وبمؤازرة فاضحة وصريحة لبعض الانتهازيين المحسوبين علي القبائل العربية. وكان لغياب
    الدولة كحامية للمواطن، حتى في وجود نزاعات قبلية، كل علامات الاستفهام بأن المقصود هو
    تمكين عنصر بعينه ضد آخر. وتحت هذه الظروف لا يمكن إعفاء الحكومة المركزية من
    تحيزها، خاصة وأن النزاع القبلي يمكن وقفه إن أرادت الحكومة بكل ما في يدها من إمكانات،
    إلا أنها لم تقم بعمل شيء، خاصة وأن هذه الغارات تتم جميعها بحرق للقرى ونهب للأموال
    والأنعام وقتل للأنفس. طوال هذه الحقبة لم يكن المطلب هو إقامة مصنع أو مدرسة، أو
    مستشفى، وجميعها مهمة؛ وإنما استغاثات للدولة بالحماية؛ إلا أن للدولة فهمها الخاص في كيفية
    الاستجابة لهذه الاستغاثة، بما هو صائر الآن في دارفور من دمار.

    وما يحدث الآن بين المساليت والقبائل العربية، هو يحدث الآن بين الفور والعرب في منطقة
    جبل مرة حيث تتم أعمال حرق القرى وقتل الأنفس ولفترات طويلة. وترجع الإفادات هنا أيضًا
    بضلوع الحكومة وراء هذه الأحداث وتأجيج الصراع بموالاتها لأطراف ضد أخرى؛ و إن كان
    بعدم تدخلها لنصرة فريق ضد آخر. ورغم وضوح هذه الاستغاثة ولسنين، لم تعمد الحكومة
    جديًا لوقف الاحتراب وبسط الأمن، بل كانت مهمومة بتصوير هذه النزاعات كنشاط سياسي
    لأبناء الفور ضدها. وفي تقارير منظمات حقوق الإنسان رصد كافٍ لكل هذه الاعتقالات من أبناء الفور في زالنجي ونيالا.
    وحينما بلغ انفراط العقد الأمني أشده من نهب مسلح وهجوم على قوات الحكومة، تم عقد
    مؤتمر صلح في الفاشر لمداركة هذا "الانفراط الأمني"؛ وأثناءه تم احتلال قولو في جبل مرة
    من جماعة أطلقت علي نفسها "جبهة نهضة دارفور"، ورفعت علمها إيذانًا ببدء الكفاح المسلح.

    هنا يمكن بوضوح التفريق بين موقف حاكم دارفور وهو من أبناء الإقليم في مسعاه لحل هذه
    الأزمة سياسيًا ودون استخدام القوات الحكومية، بالتفاوض، وبين خط الحكومة المتشدد، شكل
    المؤتمر لجنة لمقابلة مظالم الفور الزغاوة العرب. ومع سير هذه المفاوضات قامت
    الحكومة بمهاجمة قولو مما أدى لتعنت محاربيها برفض الحوار. كانت تلك محاولة مضمونة
    النتائج من جانب الحكومة لإجبار المحاربين بالمضي قدمًا في حربهم. وهذا أيضًا تأريخ
    لمرحلة جديدة للمواجهة العسكرية بين الحكومة وحاملي السلاح في جبل مرة. وقد سارعت
    الحكومة في البداية للبحث عن مسوغات لهذه الحرب، بأن المدعو عبد الواحد محمد أحمد نور،
    وهو محام من أبناء زالنجي بأنه شيوعي؛ مما يعني ضمنيًا مشروعية محاربته ومجاهدته.
    ورغم دعاوي الحكومة بوصم المحاربين ضدها بالفيلق الشيوعي، بادر الدكتور خليل إبراهيم
    (من قيادات الإنقاذ سابقًا) زعيم حزب العدالة والمساواة من مقره في ألمانيا معلنًا بأن حركته
    وراء كل هذه الأحداث في دارفور.
    ومضى في التعريف بحركته بمسعاها في "إنهاء الاستعمار
    المحلي" وبأنها حركة "قومية" تسعي لخير كل السودان. ودكتور خليل، كالأخ بولاد، كان
    انشقاقه/لفظه من التنظيم الأم جاء بعد شغره للعديد من المناصب على المستويين القومي
    والولائي وكال ً ة عن حكومة الإنقاذ. ورغم وجود هذه الظلامات وسياسات التهميش وتأجيج
    الصراع القبلي في دارفور إبان تقلده لهذه المناصب، إلا أنه لم يجاهر بمعارضته لخطل هذه
    السياسات حيث كان مشاركًا ومنفذًا؛ إلا أنه وجد الآن ضالته في هذه الحركة المناهضة
    للحكومة، وهي حتى ذلك الوقت لم تفصح عن نفسها وكيانها سوى كونها جبهة نهضة دارفور.
    هذا التسارع من جانب حركة العدل والمساواة، بنسبة أحداث جبل مرة إليها، تلاه بيان من
    الحزب الفدرالي السوداني ممث ً لا في نائبه د. شريف حرير، بأن قواته وأشخاصًا أسماهم في
    بيانه الأول بأنهم القادة الحقيقيين لهذه الحركة وأن المحامي عبد الواحد هو عضو بالتنظيم
    الفدرالي. هذا أمر عجب، ويمكن أدراجه في باب الانتهازية السريعة، فبد ً لا من مؤازرة الحركة
    الوليدة، كان دافع الكل هو نسبة هذه الحركة إليها.

    أصدر محاربو جبل مرة بيانًا في مارس 2003 ممهورًا باسم سكرتيرها يوسف أركوي مناوي
    أعلنت فيه تغيير اسمها إلى حركة تحرير السودان. ورغم سيادة الجو التحاوري في مؤتمر
    الفاشر في حل الأزمة، إلا أن الحكومة بادرت بضرب معاقل الحركة، وقد ردت هي
    باحتلال الطينة، مما دفع بعلي عثمان محمد طه للتصريح باستخدام السلاح دون غيره لحسم الحركة.

    وفي 25 أبريل 2003 ، قامت الحركة بشن هجومها علي أهداف عسكرية في الفاشر، وتلى ذلك
    هجوم لاحق على مليط. أ  رخت هذه الفترة لنقل الصراع المسلح إلي مناطق آمنة نسبيًا وبعيدة
    عن مواقع الصراع القبلي التقليدي. وفي يوليو 2003 ، قامت قوات الحركة بضرب أهداف
    عسكرية في كتم؛ وعلى أثره كان الرد الحكومي أكثر إيلامًا وجبنًا بإطلاق العنان لمليشيات
    قامت بتسليحها وتزويدها من أفراد بعض المحسوبين على القبائل العربية، وأطلقت لها العنان
    بالعيث فسادًا في المدينة بنهبها وقتل وترويع الآمنين من أهلها دفعت بهم للسير آلافًا إلي الفاشر
    طلبًا للحماية. تمثل حادثة كتم بداية جديدة للصراع الدائر في دارفور بلجوء الحكومة لسياسة
    هي أدري بها بتسليح مليشيات ودفعها للحرب إنابة عنها.
    أن لجوء الحكومة لتسليح مليشيات محاربة معها، ليس هو بالأمر الجديد أو المستغرب، وهي
    تدرك تمامًا تداعيات هذه السياسة على البنيات الاجتماعية والمعيشية؛ بتسميم العلائق حاليًا
    ومستقبليًا بين سكان إقليم واحد لابد لها من التعايش. أن تصوير مآلات الأحداث الجارية من
    شجب لأعمال (الجنجويد) ووصفها بالعدو اللدود، لهو أساسًا ما ترمي إليه الحكومة؛ ليس
    إحراجًا لجماعات الجنجويد، بل ولشغل سكان الإقليم بتوجيه عين الملامة والغضب إلي مجمل
    القبائل العربية، وهي جزء أصيل من تركيبة دارفور السكانية، وفي ذات الوقت هي ساعية في
    تأليب جماعات خارجة واعدة إياهم بمزيد من الأراضي والامتيازات على حساب المجموعات
    الأخرى.
    إن كان مقصد الحركة هو دفع الظلم عن دارفور وإرغام الحكومة على الاعتراف بها كحركة
    سياسية لها مطالب محددة وتبصير المجتمع الدولي بقضايا الإقليم، فإن الحكومة وبخبث
    سياساتها قد نجحت في تصوير هذا الصراع بكونه قبليًا، وبد ً لا من لفت نظر المجتمع الدولي
    إلى دارفور كإقليم متخلف مهضوم الحقوق، صار الآن جل الاهتمام بدارفور كمنطقة كوارث من صنع الإنسان،
    وصارت الأولوية في كيفية إيصال الإغاثة لسكانها المتضررين من طعام
    وكساء وخيام.

                  

01-03-2008, 07:15 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نقد الخطاب السياسي والعسكري لحركة تحرير السودان: (Re: AnwarKing)

    نقد الخطاب السياسي والعسكري لحركة تحرير السودان:

    Quote:
    منذ ظهور حركة تحرير السودان إلي العلن، قامت بإحراز الكثير من الانتصارات العسكرية
    ضد القوات الحكومية، عتادًا وأفرادًا. وقد خلقت عناصر المباغتة والجرأة التي نفذت بها هذه
    العمليات أمثلة جديدة في حرب العصابات في كيفية إلحاق الأذى بالخصم وبأقل ما يمكن من
    خسائر؛ من تدمير لطائرات جاثمة وقتل مئات العسكر (رغم كونهم أيضًا من دارفور). إن ما
    حققته الحركة في زمانها القصير، لم تستطع جميع حركات المعارضة السودانية المسلحة بكل
    ما توفر لديها من إمكانات من تحقيقه في فترة مشابهة. إلا أن الزهو بالانتصارات العسكرية
    السريعة، قد أغرت الكثيرين بالتهليل دون عميق تفكير في إمكانية تجنيد الحكومة لمليشيات من
    أبناء دارفور ذاتها لمحاربة إخوتهم. ورغم هذه الانتصارات فات على الحركة بذل اليسير ممن
    أتت "لتحريرهم" لتنويرهم ببرنامجها السياسي والذي من أجله ركنت للسلاح. فالبرنامج
    التأسيسي المعلن "المانفستو" هو إعلان لعموم السودان، وليس فيه من خصوصية للمشكل
    الدارفوري خاصة فيما هو حادث في الإقليم. ويبدو غلبة الطابع العسكري للحركة وعدم تشدقها
    سياسيًا واضحًا من خلال المفاوضات الأولى التي أجريت مع قيادات الحركة والتي وصفها
    الوزير الإقليمي في الفاشر بأن "مطالبهم" بسيطة وقابلة للتنفيد وليست تعجيزية. ففي 19 مارس
    2003 أعلنت الحركة من موقعها في جبل مرة لوفد الفور الموفد من قبل المؤتمرين في الفاشر
    بأن لها خمسة مطالب، أهمها إصدار عفو عام للجماعة المسلحة، ومطالبة للحكومة بتنفيذ برامج
    تنموية في إقليم دارفور. إن "بساطة" هذه المطالب بمنظور كل حصيف على مستقبل السودان
    كان يمكن للحكومة المركزية الاعتراف بها، حقنًا للدماء و ليس ضعفًا، وهي في مجملها
    مطالب عادلة ومشروعة.
    أتيحت للحكومة فرصة أخرى لتجنب الحرب إبان التقاء وفد كبير من أبناء دارفور وبعضهم
    وزراء في الدولة، بقيادات الحركة في الطينة، وفي هذه المرة تقدمت الحركة باثني عشر مطلبًا
    أعلن عنها مطالبتها للحكومة للاعتراف بها كحركة سياسية، وأن تكف الحكومة عن تسليح
    الجنجويد؛ وكان روح التفاوض إيجابيًا، وكان من المفترض أن تعلن لجنة الوساطة عن نتائج
    مسعاها في مؤتمر صحفي في الخرطوم إلا أن السلطات الحكومية لم تسمح لها بذلك. وهي
    تدرك سلفًا بأن تحركهم ما كان له أن يتم دون مباركتها. هذا يعني أيضًا بأن الحكومة لم تكن
    مستعدة لأخذ الحركة بجدية، واحتواء الحرب الدائرة، وهي تعلم سلفًا بأنها الغريم المعني في
    هذه الحرب. وحينما تتالت الهزائم على جند الحكومة وآلياتها، وازدياد الانفراط الأمني، ركنت
    الحكومة، وعلى مضض، لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار مع الحركة في تشاد. حينها، لم ير
    أهل دارفور المكتوين بنيران الحرب أي تغيير في خطاب الدولة السياسي، ولم تفلح الحركة
    التي أتت "لتحريرهم" من ضمان حمايتهم دائمًا من أيادي الحكومة المتسربلة بعباءة الجنجويد.
    ضعف خطاب الحركة سياسيًا، ربما يعكس أيضًا محدودية الفهم الجامع لقضايا دارفور وإمكانية
    الخروج بها إلى آفاق أرحب لإقليم متعدد الأعراق والثقافات؛ كما يعكس أيضًا بساطة ما تسرب
    من مطالب بأن الحركة هي الآن في لحظات نضج وهي لم تصل ذات النضج سياسيًا يوم
    كشفت عن ساقها، عسكريًا. وعدم هذا النضج يمكن أيضًا ملاحظته في قصور الواجهة
    الإعلامية السياسية في عدم إبرازها لتعدد كافٍ لكل فعاليات الإقليم الإثني لدحض أي افتراء
    بأنها حركة للبعض وليس للكل؛ فهي لم تظهر تنوعًا إقليميًا أو قوميًا في واجهتها الإعلامية.
    فالحركة وإن كانت تحمل كل النوايا الطيبة، فهي غير معصومة من الخطأ شأنها شأن أي عمل
    سياسي من صنع البشر؛ ولذا لابد من نقدها من أجل إصلاحها وتقويمها كلما دعا الداعي،
    وليس تدليسًا وانتهازية.
    أن مردود المظاهرات التي  سيرت في دارفور إبان تقسيم الأقاليم في العهد النميري، حيث
    ألبست دارفور وكردفان في ثوب الإقليم الغربي، قد أرغمت نظام النميري، وهو في قمة
    جبروته، على الانصياع للهبة الجماعية من كل مواطني دارفور وأرغمتها للتراجع عن
    قرارها. إن دلائل تلك المظاهرات الشعبية وما أفرزته من مظاهر وعي علي الصعيد
    الجماهيري، لهي أعمق ويمكن دائمًا الأخذ بها كإحدى الوسائل اللازمة في إحداث تغيير لزيادة
    الوعي الكيفي بقضايا الإقليم وخلق رصيد كمي واعٍ بقضاياه.
    أن إنسان دارفور اليوم ليس في حوجة للتذكير بظلمه وتهميشه، فهذا أمر واقع ولا يحتاج
    لجلسات تنويرية لإقناعه بعدالة قضاياه، ولكنه في حوجة إلى التفكير معه في وسائل تغيير هذا
    الواقع المضروب عليه لكي تأخذه الحكومة بجدية للعمل علي رفع معاناته؛ وفي هذا يجب
    توجيه الخطاب لأهالي دارفور أو ً لا للتفاكر ليس فقط في علاقة الحكومة المركزية بدارفور،
    ولكن في التفكير جماعيًا حول قضايا الإقليم المحلية. وعلى هذا، فالخيار العسكري الذي ركنت
    إليه الحركة يمكن أن يكون هو أحد وسائل الضغط، إلا أن ضخامة العمل العسكري للحركة قد
    خلق واقعًا أكثر تعقيدًا وشائكًا مما كانت عليه الأحوال من قبل. فجل القضية الآن بمنظور
    أهالي دارفور هو استتباب الأمن وحماية أنفسهم من غارات الحكومة متسترة في مليشيات
    مناوئة من أبناء الإقليم؛ وليس هذا هدف الحركة ولكن نتيجة منطقية حال الأخذ بالخيار
    العسكري إلى أقصى نهاياته.
    لا يمكن بحال من الأحوال النظر منهجيًا إلي قضية دارفور بمعزل عما حولها إقليميًا، قوميًا
    ودوليًا. فقوميًا فالقضية مرتبطة أيضًا بذهنية الطبقة الحاكمة في الخرطوم في رؤيتها لقضايا
    الإقليم، وهو موروث ثقافي للكثيرين من على دست الحكم من يمينيين ويساريين. هذه الأزمة
    تمت بمشاركة فعلية من بعض أبناء الإقليم، حلفاء النظام بالأمس، وأعداؤه اليوم، متلحفين بدثار
    قضايا دارفور للنفاذ ببني جلدتهم لمراكز صنع القرار على جثث الأبرياء. فالالتحاف بدثار
    دارفور لحسم قضايا الاختلاف بين فصائل الإنقاذ الآن ليس هو بجديد. ففي أحداث الفاشر في
    سبتمبر 2000 ، إبان الخلاف بين البشير والترابي، أحرقت في هذه المظاهرات العديد من
    المباني الحكومية وأصيب العديد من المواطنين وأحرق أرشيف الولاية الإعلامي. وعين هذا
    المسلسل في جعل إقليم دارفور ضيعة "رخيصة" لحسم قضايا الإنقاذ بفئاته المتصارعة، لهو
    خراب لكل الإقليم، والمؤسف أن فعاليات هذا التنظيم من بعض أبناء الإقليم هم من المشاركين
    في هذا المخطط، وقد أدى ضعف الخطاب السياسي للحركة بأن الكل الآن يزعم بأنه وراء هذه
    الأحداث. إن هذا الإدعاء هو النتاج المنطقي الحتمي في حالة غياب وضعف الخطاب السياسي
    لحركة تحرير السودان. فهذه الفجوة الإعلامية قد دفعت بالكثيرين لتوفيرها. ففي حال غياب
    الخط السياسي الناضج المرئي باسم الحركة، تصبح دعاوي الآخرين لها الغلبة، ويظل التساؤل قائمًا عن كنه الخط السياسي للحركة، وليس مجرد بيانات صحافية عما يجري في مناطق
    العمليات الحربية. فإن كان حقيقة أن جنود "الفدرالي" و"العدل والمساواة" هي من ضمن
    الفعاليات المسلحة؛ ألا يعني هذا بأن مواطن دارفور من حقه أن ينور عن البرنامج السياسي
    الجامع لهذه الفئات، وضرورة توحيد الواجهة الإعلامية؟

                  

01-03-2008, 07:19 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نحو رفع الظلم وتحسين الخطاب: (Re: AnwarKing)

    نحو رفع الظلم وتحسين الخطاب:

    Quote:
    أن ظهور حركة تحرير السودان إلى السطح لم يتم عن فراغ، والمتتبع لسياسة العنف السائدة
    في الإقليم منذ الثمانينات يرى أنها نتيجة حتمية الظهور مع التزايد المتسارع للأحداث دوليًا
    وإقليميًا. فأحداث دارفور لا يمكن بالطبع عزلها عما جرى ويجري في تشاد، وللحكومتين
    السودانية والليبية كل الدور في تنصيب وعزل من تريد من حكامها؛ ولا أيضًا يمكن إغفال
    التركيبة الإثنية في تشاد وصراعاتها القبلية خاصة مع قبائل ذات وشائج لها في دارفور، ولا
    يمكن أيضًا التقليل من انعكاسات تدفق السلاح الناري وبكثافة في المنطقة متاجرًة وتسليحًا مما
    أدى لتفشي سياسة العنف كخيار أول لحسم القضايا، كما ابتلي الإقليم بظهور تنظيمات تعمل في
    العلن، أحادية، مستعدية للآخر، احتضنتها الحكومات المتعاقبة لمقاربة خطابها العروبي
    بمشروعها "الحضاري".
    كل هذا، إضافة إلي الظروف البيئية المتغيرة، ونزوح مجموعات
    الرحل لمناطق الزراع المستقرين، والتخلف الاقتصادي المزري وغياب الدولة في الإيفاء
    بالتزاماتها تجاه أكثر الأقاليم كثافة سكانية.

    وأزمة دارفور هي أيضًا أزمة السودان كله في
    سيادة ذهنية لا تعترف بالآخر سياسيًا وثقافيًا. وفي هذا لا يمكن بحالٍ من الأحوال إعفاء
    الحكومة عن مغبة ما يحدث وحادث الآن في دارفور فهي برعونة سياستها دفعت ببعض
    مواطنيها لإشهار السلاح في وجهها لمواجهة كيدها في إقليمهم، ويدفع الآن سكانها ثمن عدم
    "رضاء" الحكومة عليهم. وفي خضم هذه الحالة والتسارع في حرب الحكومة، كرد فعل
    مشروع، لم تأخذ الحركة في الحسبان "خبث" الحكومة وانعكاس ذلك على سير المعارك وأمن
    المنطقة. فعسكريًا هل الأجدى محاربة الحكومة بشن حرب عصابات عليها أم الأجدى توفير
    السلاح للآمنين للدفاع عن أنفسهم؛ أم الاثنين معًا؟ إن تصوير الحكومة للعمل المسلح في
    دارفور بأنه ساعٍ لإسقاط نظامها، وليس للذود عن سكان دارفور، قد أعطتها كل المسوغات
    التي تريدها للعمل في دحر هذه الحركة رغم وصمها بأنها حركة "قطاع طرق وعصابات نهب
    مسلح".
    فالحكومة الآن قد أفلحت في مرماها، أكثر من الحركة، في تمرير مخططها الرامي لتفتيت
    وحدة النسيج الاجتماعي للإقليم بتأجيج الصراع القبلي بتدمير وقتل وحرق. كل هذا من تنظيم
    يمثل أبناء الإقليم فيه رصيدًا عاليًا على مستوي القمة والقاعدة؛ فإقليمهم الآن يدمر من ذات
    التنظيم الذين هم حماته والذائدين عنه، وليس بأيدي حركة تحرير السودان أو الجنجويد.
    والحديث الجاري الآن عن الجنجويد والنظر إليهم كالطوفان المدمر لكل ما هو جميل في
    دارفور، لفيه الكثير من قصر النظر في رصد الأيادي الخفية وراء هذا الصراع.
    ففي زمان
    كهذا ليس بالأمر العسير وجود ضعاف النفوس ممن يمكن إغداق المال والسلاح عليهم لتنفيذ ما
    تخجل من القيام به علانية. وفي تاريخ السودان القديم والحديث، هنالك الكثير من حالات
    "الجنجويد" استخدمتهم السلطات الحاكمة في جيوشها النظامية وكقوات صديقة للحرب عنها
    بالوكالة مجندة إياهم من شتى أجناس وبقاع السودان.

    فالجنجويد نجدهم في جيش إسماعيل باشا
    الغازي عام 1821 ، وفي صفوف الجيش الانجليزي المصري في حربه ضد القوات
    المهدوية، وليس أدلَّ على ذلك من صور مقتل الخليفة في أم دبيكرات وهي مصحوبة بصور
    لجنود سودانيين (سود البشرة)؛ ونجد الجنجويد أيضًا ضمن القوات الإنجليزية الفاتحة لدارفور
    عام 1916 ، وفي صور مقتل سلطانها بعد عام؛ وذات القوات كانت موجودة يوم قضت على
    حركة السحيني عام 1921 . وحديثًا، نجد "الجنجويد" ضمن القوات العربية التي جندتها
    حكومات سودانية متعاقبة للحرب عنها في جنوب السودان.

    كما نجد الجنجويد ممثلة في أفراد
    من بعض القبائل الجنوبية الأصل، جندتهم الحكومة لمحاربة الحركة الشعبية. فجنجويد دارفور
    اليوم هم امتداد لذلك الإرث، غير الناصع، للدولة حينما تلجأ في لحظات ضعفها لخلق كيانات
    موازية لجيشها النظامي للحرب عنها بالوكالة. إن النظر إلي جنجويد اليوم كأداة لما يسمى
    ب"التجمع العربي" ونسبتهم إليه، لفيه الكثير من التسرع وقصور النظر إن كان الداعي أساسًا
    هو خلق مشروع يستوعب جميع مواطني دارفور. إن ما يجري الآن من احتراب قبلي
    حكومي سياسي يسعى بعض المفتونين باستخدامه عرقيًا، ليس هو بالأمر الفريد.
    فهنالك
    تجارب مشابهة في التاريخ المعاصر لخطل وانهزام مثل هذه المشاريع كما في كوسوفو،
    رواندا، بوروندي حيث تم مؤقتًا دحر مشروع التمازج العرقي مصاهرة وثقافة أمام
    الطامعين سياسيًا باستخدام العرقية كأداة لتحقيق مكاسب سياسية. أن ما يجري الآن من
    محاكمات دولية لمهندسي مثل هذه السياسات في محاكم العدل الدولية في بلجيكا وتنزانيا من
    ملوسوفيتش وخلافه، نرجو أن تكون هي المرجعية لكل ساعٍ لاستغلال العرق كقيمة عند
    الصراع. فالحكومة الآن قد سعت وبمكر في إدغام هذا البعد في الصراع المسلح الجاري، ولن
    يتسنى لها تنفيذ هذا المخطط إن تدارك أبناء الإقليم، باختلاف أعراقهم، بأن قوتهم في وحدتهم.
    أن احتواء السلطات الحكومية لمحسوبي دعاة النقاء العرقي، وهي أقلية ناشزة، أيًا كانت، وعدم
    إدانة مثل هذا التوجه، لفيه الكثير من الخطورة، ليس فقط لمستقبل إقليم معين، ولكن للسودان
    عامة وأفريقيا قاطبة.

    وبما أن المعارك الآن قد طالت جميع مواطني دارفور، إما كضحايا مباشرين لهذه الحرب من
    قتل وتشريد، أو كمتضررين ثانويين من جريرة أعمال البعض على الكل، وهم منه براء؛ فليس
    هنالك من منتصر في هذه الحرب. وعليه، فإن كانت النية هي صافية في العمل لرفع الظلم
    والضيم عن كاهل المواطنين فلا بد لأبناء الإقليم من الاعتراف بأن أقوالهم وأفعالهم لها عظيم
    الأثر في مآل مستقبل دارفور؛ أن تكون أو لا تكون، رغم عبطية هذا الافتراض؛ فعمار
    دارفور وخرابها، بأبنائها، رغم كيد الحاقدين
    .
                  

01-09-2008, 11:50 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمارية دارفور وخرابها، بأبنائها: حوار حول خيار الصراع المسلح ومآلاتة (Re: AnwarKing)

    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de