|
Re: الاسلام في الاسر ( الصادق النيهوم ) كتاب يستحق القراءة (Re: Sabri Elshareef)
|
والدين يحرم القتل، ويتوعد القاتل بالخلود في النار، لكن المواطن المجند لحراسة رجل اقطاعي، لا يعرف كيف يطيع هذا الدين، من دون أن يخالف ديناً آخر. إنه لا بد من أن يحمل سلاحه ذات يوم، لكي يدافع عن سيده ضد الجياع والمظلومين بالذات. وهي مسيرة افتتحها الاقطاع في تاريخ المسلمين، بإبادة أسرة النبي شخصياً، وقصف بيت الله بالمنجنيق. والدين يحرم الكذب، ويهدد الكذابين بقطع ألسنتهم. لكن "رجل الاعلام" الذي يعمل في خدمة نظام اقطاعي، لا يستطيع أن يكفّ عن نشر الأكاذيب، حتى إذا كان أخرس. إنه ملزم بتسويق بضاعة بدائية فاسدة، وملزم بمخاطبة زبائن غاضبين لا يريدون الشراء. وفي ظروف تجارية من هذا النوع، يبيح رجل الاعلام لنفسه أن يتكلم لغة الحواة، ويعتبر خداع الزبون شطارة، ويسمي الكذب سياسة اعلامية، بغض النظر عما سماه الله. والدين يحرم حكم الطاغية، ويسمي الطاغية نفسه باسم (فرعون). لكن المواطن الذي يعيش تحت سلطة فرعون شخصياً، لا يستطيع أن يردد هذا اللقب، حتى في منشور سري. إنه يعرف لغة الواقع، ويعرف أن الطاغية اسمه (صاحب السعادة)، ويهنئه بعيد ميلاده سنوياً، في إعلانات ملونة على صفحتين. والدين يحرم أكل السحت، ويعتبر تبذير أموال الناس، جريمة عقابها الحرق بالنار. لكن الحاكم الاقطاعي لا يستطيع أن يتوقف عن أكل السحت، إلا إذا كان الدين يريده أن يموت من الجوع. فهذا رجل شبه معوق، لا يجيد حرفة مفيدة، ولا يصبر على مشقة العمل، يحتاج يومياً إلى ثروات طائلة، لدفع نفقات حراسه، وتغطية طلبات مساعديه، وشراء مديح الشعراء الذين تزايدت أسعارهم عصراً بعد عصر. إن الدعوة إلى تطبيق الشريعة في مجتمع غير شرعي، مثل مجتمعنا العربي الحالي، فكرة تعوزها روح العلم والورع معاً. لأنها مجرد شعار حزبي، مفصّل على مقاس حزب سياسي، يريد أن يكسب معركة السياسة بسلاح الدين.
|
|
|
|
|
|