عامان على "مجزرة" اللاجئين بالقاهرة.. هل من تحقيق مستقل؟ من صحيفة السوداني :

Quote: عامان على "مجزرة" اللاجئين بالقاهرة.. هل من تحقيق مستقل؟ تقرير: عادل فضل المولى بعد مرور عامين من "مجزرة" المهندسين بالقاهرة التي نفذتها أجهزة الشرطة والأمن المصرية تجاه اللاجئين السودانيين والتي راح ضحيتها – حسب التقارير الرسمية – حوالي 30 لاجئاً وأكثر من (156) حسب مصادر اللاجئين، تأتي احدى نيابات القاهرة لتبرئ الشرطة المصرية من اية مسؤولية في مقتل هؤلاء اللاجئين ، الأمر الذي وجد استنكاراً شديداً من المعنيين والناشطين في مجال حقوق الانسان وطالبوا الحكومة المصرية باعادة التحقيق في الحادثة عن طريق هيئة مستقلة. وللتذكير فإن حادثة مقتل اللاجئين السودانيين، الذين كانوا يعتصمون لمدة (3) اشهر بميدان مصطفى محمود بالقاهرة، احتجاجاً على "تلكؤ" المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في توطينهم باستراليا وكندا، وقعت منتصف ليل الـ30 من ديسمبر العام 2005 ، بعد أن قررت اجهزة الأمن المصرية فض اعتصام اللاجئين الذين يصل عددهم الى حوالى (3.500) لاجئ، بقوة مكونة "من (15) ألف من العساكر المدججين بالهروات وقنابل الغازات المسيلة للدموع و الغازات المخدرة وحوالي 250 عربة مدرعة وغير مدرعة ومايقارب 12عربة مطافئ "، الامر الذي انتهى الى كارثة، وكانت اغلب الوفيات – حسب رواية اللاجئين الناجين – بسبب "الضرب بالهراوات على الرأس بما في ذلك الأطفال والنساء حيث تم الدوس على رؤوس الأطفال بأحذية العساكر.." وتأكيداً للرواية: "قام رجال الأمن بضرب من يقع على الأرض في رأسه مباشرة مثلما تقتل الحيات السامة..". لكن التحقيق الاولي الذي اجرته نيابة حي الدقي بوسط القاهرة وتم الكشف عن نتائجه الاسبوع الجاري بالتزامن مع مرور الذكرى الثانية للحادثة المأساوية، انتهى الى "عدم وجود ادلة على اخطاء ارتكبتها الشرطة أو الموظفون الرسميون". وعليه قررت النيابة العامة في الدولة المصرية "حفظ التحقيق" بعد ان خلص تقريرها الى ان "جميع الوفيات نتجت عن التدافع والتزاحم". وجاءت ردة الفعل من المنظمات الدولية والتي في مقدمتها منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش رافضة للتقرير جملة وتفصيلا بل انها دعت الرئيس المصري محمد حسني مبارك الى "انشاء لجنة تحقيق قضائية مستقلة في الحادثة. وطالبت في الوقت نفسه الحكومة المصرية بفتح تحقيق مستقل من "اجل تحديد هوية الاشخاص الذين اصدروا الاوامر بمهاجمة اللاجئين السودانيين وتحميلهم المسؤولية عن الاستخدام غير الضروري والمفرط للقوة". باعتبار ان النيابة العامة المصرية "لم تبذل اي جهود جدية للتحقيق" . إذ تشير نائبة مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية حسيبة حاج صحراوي الى ان "محققي النيابة كانوا اكثر اهتماما بحماية الشرطة وتشويه صورة الضحايا من معرفة حقيقة ما حدث فعلا". وتأتي هذه التطورات في وقت لزمت فيه الحكومة السودانية الصمت تجاه القضية، بل وان ردة فعلها، منذ وقوع الحادثة كان محط تساؤلات عند كثير من المراقبين، إذ اكتفت أولاً بإبداء الأسف تجاه مقتل مواطنيها في المصادمات "جراء استخدام الشرطة المصرية العنف المفرط". وقبل ابداء الأسف اشارت الحكومة السودانية حسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية ، آنذاك، الى إنها "تحترم حق مصر في الدفاع عن أمنها".وزادت ان "أبواب البلاد مفتوحة للراغبين في العودة"، وانها طلبت من كل مواطنيها الذين ما زالوا في القاهرة الرجوع إلى بلادهم". ورغم ردود الفعل العنيفة الناتجة عن الصدمة الشديدة لسلوك السلطات المصرية تجاه اللاجئين العزل، حيث نقلت معظم وسائل الاعلام العالمية بما فيها وسائل الاعلام المصرية الرسمية، صوراً حية عن الحادثة، وتظاهر العشرات من ناشطي حقوق الإنسان في مصر للتنديد بأسلوب قوات الأمن والشرطة، لم تطالب الحكومة السودانية بالتحقيق في الحادثة او تشكيل هيئة من جانبها لإجراء تحقيقات بل اكتفت بتسمية لجنة تضم وزير الدولة بالداخلية لـ"متابعة" القضية مع الجانب المصري، لكنها انتهت الى اغلاق الملف دون الاجابة على الاسئلة "المثيرة لتوتر العلاقات بين الطرفين". أسئلة من شاكلة العدد الحقيقي للضحايا وكيفية حماية الباقين منهم..ومطالبة القاهرة بمحاكمة من تثبت مسؤوليته في الكارثة..، ويشير المراقبون هنا الى نقطة مهمة تتعلق بالمسار المرسوم قبلاً لـ"نتائج" الحادثة حيث رفضت السلطات المصرية القبول بهيئة مستقلة للتحقيق الامر الذي يتيح لها امكانية اصدار التقرير الحالي والمرفوض من قبل المنظمات، فيما اتهم البعض مفوضية اللاجئين بـ"التواطؤ" مع القاهرة والسكوت عن ما حدث عدا التصريح المنسوب للمفوض السامي لشؤون اللاجئين والذي قال فيه إنه "لم يكن هناك مبرر لمثل هذا العنف".وردت عليه الخارجية المصرية ان المفوضية "هي من طلبت الى السلطات فض الاعتصام بالقوة..". ولما لم تكن للحكومة السودانية طرفاً في الصراع الذي نشب وقتها بين الحكومة المصرية والمدافعين عن حقوق الانسان في هذه الحادثة، يرى بعض المراقبين ان تدخل الحكومة في الوقت الحالي بات مطلوباً بعد صدور التقرير الأولي، وتصدي المنظمات الدولية بالرفض لما جاء فيه من نتائج، حيث يمكن للحكومة ان تدعم موقف المنظمات بالمطالبة بفتح تحقيق مستقل، إذ ان الاتهام بممارسة التعذيب والاستخدام المفرط للقوة في أروقة أجهزة السلطات الأمنية لم يعد من الأمور "المسكوت عنها" واذا كانت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تؤكد أن التعذيب "اصبح منهجاً في استجواب المتهمين بمراكز الشرطة والمؤسسات الأمنية بمصر"، فإن (العالم) كان شاهداً على ما جرى للاجئين السودانيين بميدان مصطفي محمود بالمهندسين..فهل تعيد الحكومة فتح الملف في الذكرى الثانية للمجزرة بعد ان مرت الذكرى الأولى في غيابت النسيان..؟