الصادق المهدي لجريدة البيان الاماراتية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 03:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-26-2007, 02:45 PM

معتصم طه صالح


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدي لجريدة البيان الاماراتية

    لا مخرج لنزاع »ابيي« سوى اللجوء الى محكمة العدل الدولية
    = استبعد الانتخابات في موعدها و »الشريكان« يدفعان فاتورة الانفراد باتفاق السلام
    = لن نتحالف مع حزب على انفراد.. ولن نغلق الباب أمام التحاور مع أي من كان
    = نحذر من تكرار »حماقات« دارفور في كجبار وامري
    =رحلاتي لصالح السودان ولا انشغل بـ»ناس ود ابرق.. الطير المحلق«
    = المغامرات السياسية لا الأطماع الغربية وراء تفاقم مشكلة دارفور
    = حزبنا أقوى من دون المنشقين ومعياران يحكمان عودتهم :البراءة من الفساد والبطش
    = حزب الترابي وحركة قرنق استثمرا في عنف دارفور
    = إدارة بوش جاهلة وميئوس منها والحديث عن حرب مياه قادمة »كلام فارغ«

    حاوره في دبي : محمد خليل كاره
    يحتار من يحاور الزعيم السوداني الصادق المهدي في اختيار وترتيب محاور النقاش وكيفية إدارة دفته مع شخصية ذات كاريزما طاغية، يعتمر أكثر من قبعة ويلتحف بأكثر من عباءة..سياسية ودينية.. وفكرية..
    فهو قائد سياسي خاض اتون السياسة منذ بواكير سني حياته، حتى أنه تولى رئاسة الحكومة انتخاباً وهو شاب يافع في ستينات القرن الماضي، وعاد ليتولاها انتخابا ايضا في حقبة الديمقراطية الثالثة في منتصف الثمانيات...ومابين الحقبتين وبعدهما , اثبت جدارة مشهودة في زعامة المعارضة وادارة معاركها...
    وهو في الآن نفسه، امام أكبر طائفة في السودان »طائفة الانصار«، الرافد الديني لأكبر حزب سوداني هو »حزب الأمة« الذي يتولى رئاسته أيضا.
    ويعيش تحت جلد السياسي المحنك، الذي يجلس على إرث جده المهدي الكبير , مفكر إسلامي لا يشق له غبار، يتولى عبء التنظير والترويج لحركة التنوير الديني الوسطي والحداثي حاملا بصلابة راية التوفيق بين »الأصل والعصر«, ولا يكف عن ارتياد المحافل الدولية والاقليمية حاملا هذه الراية.
    كل هذه الأدوار يلعب أوراقها المهدي بحنكة وحركية وكفاءة يعترف بها حتى الد أعدائه قبل مريديه الكثر..الى جانب أن الجميع يعترف له بنظافة اليد ولطافة اللسان.. فهو خطيب مفوه.. مرتب الأفكار ..عفيف لا يجنح للاساءة التي كثيراً ما تعرض لها..
    واذا كان البعض يأخذ عليه تكرارالاطلالة الإعلامية وكثرة الخطابة ,فإن البعض الآخر يطرب لهذا الحديث ويستزيده متجاوباً مع طريقته الفريدة في نحت العبارات الجديدة الجاذبة وله معين في هذا لا ينضب ,متكئا عي مخزون وافر وعلم واسع بالتراث الشعبي السوداني.
    على اعتاب ذكرى ميلاده الثالثة والسبعين (25 ديسمبر الذي يصادف عيد ميلاد المسيح عليه السلام) ..وفي غمرة انشغاله باجتماعات مكثفة استقطع لنا جزءاً من وقته داخل جناح في فندق فخيم في دبي.. وفيما كان طاقم من إحدى القنوات الفضائية منهمكاً في إعداد استوديو في إحدى غرف الجناح تمهيداً لإجراء حوار معه، كانت »آخر لحظة« تحاوره في غرفة مجاورة.
    وفي ثنايا الحوار الذي كانت وتيرته ترتفع احيانا وتخبو حينا، من خلال مقاطعات ومداخلات اتسع لها صدره ,استبعد المهدي إجراء الانتخابات العامة في الموعد المفترض، لكنه قال ان حزبه يستعد لها »كما لو كنا سنخوضها غداً«. كما استبعد العودة إلى الحرب في جنوب البلاد ملمحا إلى أن تطورات الأحداث ربما ترجح ان الجنوب أقرب إلى الانفصال »رغم أن الوحدة أفضل«. وطرح ربما لأول مرة، ان يحسم النزاع حول تبعية منطقة ابيي باللجوء إلى محكمة العدل الدولية، مؤكداً أن لا وجود لحل ثنائي أو عسكري أو دولي للأزمة التي قال ان الأطراف الدولية جاهلة بأبعادها فضلا عن أنها غير محايدة.
    واسهب المهدي في الحديث عن مشكلة دارفور مشيراً إلى أن اسباب تفاقمها تعود إلى »حماقات سياسية« من الأطراف السودانية اكثر من كونها نتاج اطماع خارجية في مواردها، رغم أنه اشار إلى تنافس أميركي صيني للفوز بنفط السودان.وفي إطار تحليل عميق عن العلاقة بين استثمار الموارد وتفجر الأزمات، حذر المهدي تلميحا من ثمة علاقة بين ما يجري في دارفور وما قد ينجم في أقصى شمال البلاد في إطار الجدل والاحتكاك حول سد كجبار وسد مروي.. وشدد على ضرورة التشاور مع السكان قبل تنفيذ أي مشروع تنموي في أي مكان.
    وفي إطار حديثه عن الموارد اعتبر المهدي ان ما يتردد عن حرب مياه قادمة في المنطقة لا يعدو كونه »كلام فارغ«. وفيما يخص شؤون حزبه قال ان الباب لن يغلق أمام عودة المنشقين ولكن وفق التوصيات التي ستخرج بها ورشة عمل يجري الإعداد لها في هذا الخصوص, مشيراً إلى أن معيارين صارمين سيحكمان عودة المنشقين خصوصا ممن انضموا إلى الحكومة للتأكد من نظافة أيديهم من الفساد المالي واكل السحت ثم عدم تورطهم في البطش والتعذيب. وانتهاك الحقوق. غير أنه أكد ان تجربة الخمس سنوات الماضية التي أعقبت الانشقاق أثبتت تماما أن الحزب خرج أقوى وأكثر فعالية في ظل غياب المنشقين.. إذا أمكن عقد المؤتمرات وتنظيم الهيكل القيادي عبر الديمقراطيين، فضلا عن المساهمة الفاعلة في الساحة السياسية وحتى في مجال توطيد العلاقات الخارجية إلى جانب تمكن الحزب من إصدار صحيفته.. ولذلك »فإن المؤسسية ستكون لها الأولوية حتى داخل الحسابات الخاصة بالانتخابات المقبلة«.
    ودافع المهدي عما يثار حول كثرة رحلاته الخارجية في غمرة الأزمات.. وقال إن كل رحلاته واتصالاته هي لصالح السودان »ولا يهمنا ما يقوله (ناس ود ابرق الطير المحلق) , أي ذوي الآفاق الضيقة الذين لا يجيدون التحرك حتى على الصعيد المحلي.. »من أم بدة إلى الكلاكلة«. وعلى الصعيد نفسه أكد المهدي أنه لا مانع لديه من زيارة الولايات المتحدة إذا استجد ما يدعو إلى ذلك، لكنه قال إن الإدارة الحالية ميئوس منها لأنها »جاهلة بشؤون السودان والمنطقة عموماً«.
    تاليا نص الحوار الذي لم يخل في بعض فقراته من بوح خاص »اوت اوف ريكورد« طلب خلاله محاورنا وقف التسجيل حول مواقف وقضايا ربما تجد طريقها إلى النشر يوما ما مرهونا بموافقته:

    حرب الموارد
    * ما الأمر الذي أتى بك إلى دبي؟
    ــ أنا عضو في هيئة خبراء عربية مهتمة بشؤون المياه وأتيت لحضور اجتماع دوري يخص هذه الهيئة التي تعنى برسم برامج لسياسة مستقبلية قومية مائية وإدارة مشتركة للموارد المائية بغرض الضغط في الطلب والزيادة في العرض وتحديد السياسات المطلوبة في اتجاه تحقيق هذه الأهداف.
    * هل من علاقة تربط بين هذا المجلس والجهات الرسمية في الدول العربية؟
    ــ لا سوى أن وزراء الري في الدول العربية اعضاء في المجلس بحكم مناصبهم.
    * يدور الحديث كثيراً عن أن الحرب القادمة بالمنطقة ستكون حرباً من أجل المياه، ما رأيكم؟
    ـ الكلام عن حرب مائية لا يعدو أن يكون »كلام فارغ« .يمكننا أن نتحدث عن احتكاكات على الموارد ــ كل الموارد ــ الماء والطاقة والأرض والمعادن.. ولا شك في الإحساس بوجود تنافس حول الموارد.. وفيما يخص المياه تدور الفكرة الأساسية بشأنها حول تجنب الاحتكاكات المحتملة عن طريق الاتفاقيات.. خصوصا حول أمرين مشتركين هما الأنهر المتعددة المنبع والمصب (مثل النيل والفرات ودجلة) , والأحواض المائية الجوفية، مثل الحوض النوبي على سبيل المثال.
    * من الملاحظ أن أهم الانهار في الوطن العربي تنبع في مناطق غير عربية على سبيل المثال الفرات ودجلة، من تركيا والنيل من دول إفريقية ما أثر ذلك في الاحتكاكات التي أشرت إليها؟.
    ــ نعم.. وهذا مدعاة لضرورة الأخذ بفكرة الاتفاقات، على مستوى العالم كله مع الإشارة إلى أن العالم كله يعاني من مثل هذه المشاكل وليس الأمر قصراً على العرب.
    *لكننا نلاحظ ان حدة هذه الاحتكاكات تختلف من مكان إلى آخر ..في أوروبا مثلاً.. قد توجد خلافات لكنها تدار بعقلانية.. أليس كذلك؟
    ــ أوروبا شبعت حربا في تاريخها الحديث.. الأوروبيون هم أكثر الأمم في العالم الذين اختلفوا وتعاركوا وتحاربوا حول كل شيء.. فقد شهدت هذه القارة حرب المائة عام وحرب الثلاثين سنة والحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.. وهذه كلها تمت خلالها مجازر , ما يجعلهم (الأوروبيين) أكثر خلق الله اقتتالا فيما بينهم، ولانهم كذلك اتعظوا في آخر المطاف.
    *هل ننتظر في منطقتنا اقتتالا من هذا النوع حتى نتعظ في آخر المطاف؟
    ـ العاقل من اتعظ بغيره..
    من كجبار إلى دارفور
    *بمناسبة الإشارة التي أوردتها حول الحوض النوبي كان قد طفح إلى السطح قبل نحوعامين جدل واسع حول تقارير اشارت إلى اتفاق بين الحكومتين المصرية والسودانية لتوطين بضعة ملايين من المصريين في هذه المنطقة داخل الأراضي السودانية.. وتحرك في هذا الاطار ناشطون نوبيون في المنافي إلى درجة رفعهم مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة »السابق« كوفي عنان لإيقاف ما اسموه »بالتعدي المصري التواطؤالحكومي« على أراضيهم.. ولاحقا تراجع المسؤولون في البلدين عن تصريحات سابقة تؤكد مضيهم قدما في هذا الاتجاه.. الأزمة تلاشت فجأة.. هل من معلومات تضيفها في هذا الجانب... وما رأيكم تحديداً؟
    ــ ما أعلمه أن هنالك حديثا عن الدلتا النوبية وضرورة تكثيف الاستثمار فيها خصوصا بعد التغيرات التي أحدثها قيام السد العالي في هذه المنطقة.. إذ أن هذا السد تسبب في ترسيب دلتا في مناطق شمال حلفا القديمة، مما يجعل هذه المنطقة أخصب بقاع الأرض.. ودار حديث حول ضرورة الاتجاه لاستثمار مشترك سوداني ليبي مصري ..وأنا أعتقد ..
    *عفواً.. سؤالي يتعلق بمشروع قيل أنه كان قيد التنفيذ لتوطين مصريين في الحوض النوبي داخل حدود السودان..ورد ذلك في ندوة نظمها مركز الدراسات في صحيفة »الأهرام«..هل تابعتم ذلك؟
    ـ الحوض النوبي الذي أتحدث عنه أنا يتعلق بمنطقة مياه جوفية.
    * أعلم ذلك.. لكن هذه المياه كامنة تحت الأرض في مساحة جغرافية محددة في حدود سيادية.
    ـ هذه المساحة التي تتحدث عنها هي نفسها التي أتحدث عنها ونسميها الدلتا النوبية... في السابق كانت مياه النيل تأتي من الجنوب محملة بكميات من الطمي.. بعد إنشاء السد أصبح هذا الطمي محجوبا عن كل مصر ما خلف السد.. ما افقد الأرض خصوبتها.. فضلا عن أن المياه التي »تفلترت« في السد أصبحت صافية خلال جريانها شمالا بعد السد مما خلق مشكلة جديدة تتمثل في نحت الشواطئ.. على كل حال نعود إلى الدلتا النوبي.. وما سمعت بشأنه يتعلق باتجاه نحو استثمار سوداني ليبي مصري مشترك. في كل الأحوال نحن نشدد على الا يتم تنفيذ مشروعات استثمارية كبرى في منطقة ما الا بالتشاور مع أهلها.. وهذا موقفنا حيال السكان في كجبار وامرى »سد مروي« وغياب هذا الأمر في الواقع هو ما تسبب بنصيب وافر من مشكلة دارفور.. ففي دارفور حدث تعدٍ على أراضٍ لسكان مستقرين من أناس وافدين.
    * كيف تم ذلك؟.. اشرح لنا هذه النقطة..
    ــ على مر الزمان، كان قد ترسخ عرف في دارفور يتعلق بإدارة 16 حاكورة كانت مسؤولة عن إدارتها قبائل بعينها منذ القدم منذ عهد السلطان علي دينار وقبل ذلك، واستمر الأمر على ما هو عليه حتى مجيء نظام جعفر نميري ، الذي أصدر. ضمن حماقاته المعتادة, قانوناً بأن تتبع الدولة أي أرض غير مسجلة باسم فرد.. وعندما أتينا إلى الحكم في حقبة الديمقراطية الثالثة تعاملنا مع هذا الأمر الذي استحدثه نظام نميري باعتباره »كلاماً فارغاً«.
    * ماذا تعني بــ»كلام فارغ«؟ كيف تعاملتم مع القرار؟
    ـ أهملناه تماماً وأرجعنا الأمر إلى ما كان عليه عرفاً..أي أن تدار الحواكير بواسطة العشائر، حيث ينظم زعماؤها حقوق توزيعها لأغراض الزراعة والاحتطاب وغيرها، ورغم ذلك ظل القانون الذي ابتدعه نظام نميري مستمراً،.. ولما جاء نظام الإنقاذ عمد هذا أيضاً »ضمن مغامراته« إلى سيطرة الحكومة على الحواكير عبر إعادة تطبيق القانون الذي كان مجمداً، ونتيجة لذلك بدأوا يمنحون الحواكير لقبائل بعينها، ومن هنا بدأ الاحتكاك.
    *هذا عن دارفور ماذا عن كجبار وامري؟
    ــ نعود فنقول.. لا ينبغي أن يقام مشروع تنموي قبل التفاهم مع أهل المنطقة المستفيدين منه أولاً. وبالمناسبة فإن جون قرنق »الزعيم الجنوبي« الراحل الذي أنجز اتفاق السلام مع الحكومة الحالية، كان قبل تمرده أنجز أطروحة أكاديمية حول مشروع قناة جونغلي، أشار فيها إلى ضرورة أن يسبق تنفيذ القناة إيجاد حياة بديلة للسكان في المنطقة والذين يعتمدون على المستنقعات في حياتهم.

    دارفور والغرب
    * قبل أن نغادر محطة الحديث عن الموارد.. ما حقيقة ما يتردد حول أن الأزمة في دارفور سببها أطماع الغرب في مواردها المكنونة من نفط ويورانيوم وغير ذلك من معادن نفيسة.. هل دارفور تزخر بهذه الثروة فعلاً؟
    ــ مما لا شك فيه أن الدول الغربية لها حسابات.. لكن مشكلة دارفور الآن لم تنشأ بسبب طمع الغرب في ثروات الاقليم .. مشكلة دارفور في جانب الموارد تتعلق بوجود استثمارات نفطية ضخمة في دولة تشاد المجاورة خصوصاً من جانب الشركات العالمية، وبالتالي تولد لديها الخوف على استقرار تشاد.. ودارفور مشابهة كثيراً للتركيبة السكانية في تشاد وبالتالي فإن أي اضطراب هنا ينعكس على الاستقرار هناك وبالعكس، وهذا يصعد من درجة الاهتمام والحرص على ألا يؤثر الاضطراب في دارفور على الاستقرار في تشاد.
    *عفواً.. سؤالي عن مدى صحة توافر هذه الموارد في دارفور فعلاً.. هل لديك معلومات موثوق فيها؟
    ــ أعتقد أن الجيولوجيين يقولون ذلك.. لكنني لا أعتقد الآن أن وجود هذه الموارد يلعب دوراً في أزمة دارفور حالياً.
    * الجيولوجيون يقولون ماذا تحديداً؟
    ــ يقولون إن المنطقة بها معادن ويورانيوم.. ولكن حتى الآن هذا الموضوع لم يلعب دوراً في الصراعات في رأيي.. الدور الرئيسي في الصراعات يتعلق بموضوع الاستقرار في تشاد.. هذا أولاً.. ثانياً موضوع البترول السوداني الذي بادرت الشركات الأميركية إلى اكتشافه قبل أن ترفع يدها عنه لأسباب بعينها وبانسحاب الشركات الأميركية انفتح الباب أمام الشركات الآسيوية خصوصاً الصين، للاستثمار في النفط السوداني.
    *ما المشكلة في ذلك؟
    ــ لا شك أن الأميركان قد توصلوا إلى أن السبيل إلى تغيير هذا الوضع لن يتم إلا إذا كان النفط تحت إدارة جنوبية.. باعتبار أن نظام الإنقاذ دخل في تحالف استراتيجي مع الصين التي تقف مع هذا النظام وتحميه.
    *(عفواً للمقاطعة) هل تشير إلى ثمة صراع أميركي ــ صيني في تدور فصوله في السودان ؟وفي هذه الحالة ..هل تدور في الجنوب أم في دارفور؟
    ــ ما أدخل دارفور في الصراع هو أن التطورات التي حدثت فيها جعلت الصين تقف إلى جانب الحكومة والإدارة الأميركية ضدها.. لكنني أعود وأؤكد كل أزمة دارفور هذه كان يمكن تجنبها.. نعم كانت هناك مشاكل في دارفور وكان يمكن أن تنفجر في أي وقت.. لكن الذي نقل مشكلة دارفور من مشكلة تقليدية إلى أزمة بهذا الحجم هو:
    أولاً: النزاع حول الموارد. ثانياً: الصراع بين القبائل. ثالثاً: النهب المسلح. كل هذه المشاكل مشاكل تقليدية غير أن تغير هذه المشاكل من طابعها التقليدي إلى طبيعة أخرى يعزى إلى أولاً: الاثنية المسيسة. ثانياً: الفصائل المسلحة ضد الدولة التي ظهرت حديثاً مثل »حركة تحرير السودان« و»العدل والمساواة«.
    * بل كانت هنالك كيانات قبل هذه الفصائل، على سبيل المثال جبهة دارفور التي نشطت في الستينات ..وغيرها؟
    ــ تلك كانت حركات مطلبية لكنها لم ترق إلى درجة الاثنية المسيسة.أعود إلى الأسباب.. ثالثاً: المأساة الإنسانية المتعلقة بمئات الآلاف من النازحين . رابعاً: التدويل..هذه عناصر جديدة.
    * هل للولايات المتحدة يد في هذه التطورات؟
    ــ كل هذه العناصر استجدت نتيجة سياسات خاطئة.. أما عن أميركا. فانهم (الأميركان) في بداية اندلاع المشكلة حتى عام 2003 كانت سياستهم أن يغمضوا أعينهم عما يجري، حتى يتم إنجاز اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية، حتى إنهم أوعزوا للنظام أن ينتهي من موضوع التمرد في دارفور لكن بسرعة وبكفاءة.
    * الآن أصبحت جوبا (عاصمة الجنوب) قبلة فصائل دارفور المسلحة، ما يعني أن الحركة الشعبية أصبحت لاعباً أساسياً في القضية.. هل يتم ذلك بمباركة دولية؟
    ــ الحركة استثمرت في دارفور منذ وقت طويل وكانت عناصر من الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي (حزب الزعيم الإسلامي المعارض الآن حسن الترابي) ساعدت على العمل المسلح، كل من منطلقاته وأهدافه.
    * الحركة الشعبية الآن باتت لاعبا أساسيا في قضية دارفور وقضية السلام أكثر من الأحزاب السياسية.. هل توافق على ذلك؟
    ــ طبعاً المشكلة الحقيقية تكمن في أن القوى السياسية أبعدت تماماً من الساحة عند توقيع اتفاق السلام.. وهذه واحدة من أسباب الضعف الذي أدركته الآن جميع الأطراف.. المشاكل الآن أصبحت ما بين الحكومة والحركات المسلحة والقوى الدولية، الأحزاب الأخرى طردت من الساحة، وتم تهميش كل المجتمع السياسي والمجتمع المدني، وهذا خطأ أدركته الآن القوى الدولية.

    أزمة الشريكين
    * مع التطورات الأخيرة التي سميت بأزمة الشريكين والتلاسن العلني على أعلى مستوى، هل ترى في الأفق احتمالاً لعودة الحرب؟
    ــ لا مجال، في رأيي، أبداً لعودة الحرب، لسبب بسيط، لأن أقصى ما يمكن أن يحدث هو الانفصال وقد أصبح متاحاً، وهو ما ينتفي معه العودة إلى الحرب.
    * هل ترى أن السودان أقرب إلى الانفصال أم إلى الوحدة؟
    ــ (بعد أن جرَّ نفساً عميقاً) أنا أرى أن الانفصال أقرب، ولكن الوحدة أفضل، والسؤال هو هل سنحقق الأفضل أم لا.. وفي ترتيبات تحقيق السلام كان هناك بند أساسي ينص على جعل الوحدة خياراً جاذباً.. لكن ما يحصل منذ عام 2003، يدفع نحو جعل الوحدة خياراً طارداً.
    * إذا حصل الانفصال.. فان أحد عوامل التوتر الكامنة ستظل قضية الحدود.. وتحديداً الخلاف حول أبيي، ألا يحتمل أن يدفع ذلك إلى عودة الحرب؟
    ــ هناك محاولات لتجاوز هذا الخلاف، وإن كانت تبدو عقيمة، ويطل بالتالي خيار الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية التي فصلت في قضايا مماثلة مثل قضية جزر حنيش بين اليمن وأرتيريا.
    *هذا الخيار تضعه في خانة الوارد.. أم تقترح اللجوء إليه؟
    ــ لا مجال لخيار آخر.
    * من شروط اللجوء إلى هذا الخيار اتفاق الطرفين عليه.. هل هذا وارد؟
    ــ أعتقد لو توفرت درجة من العقلانية من كلا الطرفين فالأفضل اللجوء إلى خيار محكمة العدل الدولية، هذا طبعاً في حالة الانفصال، أما إذا ظل السودان موحداً، فلابد من أخذ رأي سكان المنطقة.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه نستفتي من؟.. والخطأ هنا أن بروتوكول ابيي اعتبر أن الحركة تمثل الجنوب والمؤتمر الوطني يمثل الشمال وهذا ما لا يتفق مع الواقع.
    *آخر ما أعلن أن اللجنة السداسية التي تشكلت لحل أزمة الشريكين اقتربت من حل كل المشاكل بما فيها المشكلة الأساسية المتعلقة بالنزاع حول ابيي.. ألا يبدو ذلك مطمئناً؟
    ــ لا.. مثل هذا الكلام يتكرر باستمرار ولا نرى شيئاً ملموساً.. أعتقد أن هناك مشكلة حقيقية لا يجدي معها أن يمنوّا الناس بوعود لا تتحقق.
    *هل تؤيد دخول الأطراف الدولية أو الإقليمية في حل هذه الأزمة وهي التي كانت فاعلة في الأساس في الوصول إلى اتفاق السلام؟
    ــ المجتمع الدولي لا يستطيع حل هذه المشكلة لأنه جاهل بالمشكلة من أصلها.. وفي رأيي أن المأزق الحقيقي أن المشكلة لا يوجد لها حل في الإطار الثنائي، لأن الطرفين (الحكومة والحركة) لا يمثلان من تدعيان أنهما يمثلانه (الشمال والجنوب).. ولا يوجد لها حل دولي لأن الأطراف الدولية القائمة بهذا الأمر ليست لها معرفة كاملة بالشأن السوداني إلى جانب....
    * هل تريد أن تعيدنا مرة أخرى لطرحك المكرر حيال اتفاق نيفاشا وأنه ناقص، ولابد من مؤتمر جامع أو دستوري وما إلى ذلك؟
    ـ لا.. لا أقصد ذلك.. أعود وأقول إن الأطراف الدولية المعنية إضافة إلى أنها جاهلة بأبعاد المشكلة، فهي غير محايدة.
    * جاهلة وغير محايدة.. ورغم ذلك أنجزت هذا الاتفاق؟
    ــ نعم ولذلك أنجزت اتفاقاً معيباً.
    * ترى إلى أي طرف تنحاز هذه الأطراف الدولية؟
    ــ أقول إنها غير محايدة.
    * أعيد السؤال ..إلى أي طرف تنحاز؟
    ــ هي ضد المؤتمر الوطني، ذلك معروف.. أقول على سبيل المثال إن رئيس اللجنة التي اتفق عليها لحل أزمة ابيي وهو دونالد اندرسون وهو سفير أميركي سابق لدى السودان (عام 1995) أصدر كتاباً يُعد أطروحة في إدانة المؤتمر الوطني.. أعود وأقول مشكلة ابيي لا حل لها ثنائياً ولا دولياً.. ولا يمكن حلها عسكرياً.

    المعارضة والحركة
    * دعنا ننتقل إلى ملف آخر.. ملف المعارضة والحركة.. من الواضح أنكم في المعارضة تركتم الحركة تقع في أحضان المؤتمر الوطني.. قلتم إنهما أصبحا شريكين فليمضيا إلى آخر الطريق ويضربا رأسيهما في الحائط.. لم تفعلوا شيئاً لمساعدة الحركة في الانعتاق من هذه المعادلة.. أليس كذلك؟
    ــ الطرفان دخلا في اتفاق وشراكة ونحن انتظرنا الحل الذي سيأتيان به.
    *وستظلون على الرصيف في انتظار هذا الحل؟
    ــ الحل سيأتي لأن..
    *السؤال ما هي مبادراتكم في اتجاه الحل.. تجاه الحركة تحديداً؟
    ــ مبادراتنا تجاه الحركة يطول عنها الحديث منذ اتفاق أسمرة وأهم محاوره أن مشاكل السودان قومية.. وان..
    * دعنا من التفاصيل عما حدث في السابق.. نأتي إلى مرحلة ما بعد توقيع اتفاق السلام.
    ــ دعني أنت أوضح لماذا تغيرت الأمور.. اتفاق أسمرة كان أساسه الحل القومي لمشاكل السودان بغض النظر عن شماله وجنوبه، ولكن الحركة تنصلت لاحقاً ومضت في اتجاه الحل الآخر من المنظور الذي أعده مجلس الدراسات الاستراتيجية الدولي (CSIS) , إقامة نظامين في دولة, أي طريقة الحل الثنائي.. وعلى هذا قام اتفاق السلام.. مما جعل القوى السياسية السودانية الشمالية كلها »بره« أي خارج إطار الاتفاق.. ونحن ظللنا نحذر من سلبيات هذا الحل وقلنا إنها لن تحل المشكلة وإن كانت ستحقق هدنة، وفي كل المراحل كنا نحاول أن نوضح للأسرة الدولية سلبيات هذا الأمر ونقترح عليهم حلولاً.
    *كل هذا واضح ومعروف.. السؤال الآن حول علاقتكم بالحركة بعد توقيع اتفاق السلام.. عندما وصل الراحل جون قرنق إلى الخرطوم بعد الاتفاق لم يدر ظهره للمعارضة رغم اتهامكم له بانه أنه نكث بمقررات أسمرة.. كان حريصاً على التواصل ..اليس كذلك؟
    ــ لا بل أدار ظهره وكان يتواصل مع من يتواصل معهم بكلام شكلي، أي في إطار »علاقات عامة«.
    * حسنا حتى هذه العلاقات العامة كانت مجدية وتدفع في اتجاه لصالح المعارضة بعد أن كان التجمع الوطني (تحالف المعارضة) قد أصبح ورقة محروقة، ولولاه (قرنق) لما اندفعت الحكومة إلى توقيع اتفاق القاهرة مع التجمع.. وكان قرنق حريصاً على إيصال حبل الود خصوصا مع حزب الأمة ويتحدث دائماً عن دوركم بإيجابية.. كان يفهم اللعبة ويدير صراعه مع المؤتمر الوطني بالتواصل مع المعارضة ولو عبر »العلاقات العامة«، كما تقول، الآن الحركة تخلت حتى عن هذا الدور، لأن العقلية التي تديرها الآن ليست بشمولية وعمق رؤية قرنق.. لكن في الوقت نفسه المعارضة استمرأت هذه القطيعة ولم تساعد الحركة في التحرك نحوها.. تخلفت حتى عن مستوى العلاقات العامة رغم أهميتها.. أليس كذلك؟.
    ــ بالعكس نحن حاولنا قدر المستطاع الاحتفاظ بالتواصل.. نحن ظللنا ولازلنا نتحدث مع الحركة الشعبية ومع المؤتمر الوطني معاً حول ضرورة معالجة معايب الاتفاق.
    * بإلقاء نظرة للأمام أين سيكون موقعكم في معركة الانتخابات المقبلة؟ هل صحيح أنكم بدأتم فتح الطريق للتحالف مع الحكومة على ضوء اللقاءات التي تتم بينكم وبينها وآخرها لقاؤكم مع الرئيس البشير؟ أم تخططون لإنشاء تحالف ضد الحكومة؟ إلى أين تؤشر بوصلتكم في المرحلة التالية؟
    ــ نحن عندما عدنا إلى السودان »بعد طلاق المعارضة من المنفى«، قيل، كمال يقال الآن، إننا ذاهبون للتحالف مع البشير وللدخول في الحكومة وفي نهاية المطاف دخلوا جميعهم ـ أقول جميعهم ـ في الحكومة ما عدانا نحن.. لأننا أناس تحكمنا المبادئ.. دعك مما يقال الآن عن التقارب والتحالف وما إلى ذلك فالأمور بخواتيمها.
    .. فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة بادرنا إلى التحدث مع جميع الأطراف بما فيها حلفاؤنا في المعارضة بالطبع.. ولازلنا نستمر في التحاور عبر أربع لجان مع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والقوى السياسية الكبرى والمجتمع الدولي بأمل أن تدرك كل هذه الأطراف ضرورة إيجاد حل قومي لمشاكل السودان.

    الانتخابات والتحالفات
    * أعيد السؤال عن اتجاه بوصلة تحالفاتكم قبل الانتخابات؟
    ــ بخصوص الحديث عن الانتخابات.. فلابد من الإشارة إلى أن قيام الانتخابات مرهون بعوامل واستحقاقات لابد من إيفائها، أولها ضرورة معالجة مشكلة وضع قانون الانتخابات والوصول لاتفاق حول هذا القانون ..ثانياً لابد من إجراء التعداد السكاني، ثالثاً توطين النازحين مع ملاحظة أن 20% من سكان السودان مشردون في الغرب والجنوب.. لابد من إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.
    * هل ترى أن ذلك يمكن انجازه في الزمن المتبقي على موعد الانتخابات المفترض؟
    ــ أنا أريد أن أوضح أن هنالك عقبات ولابد من تذليلها.. الانتخابات ليست أماني فقط لابد من.. * هل يعني...
    ـ دعني أكمل فكرتي.. إلى جانب قانون الانتخابات والتعداد والتوطين، لابد من ترسيم الحدود لمعرفة خريطة الدوائر الانتخابية.. ثم لابد من سيادة الأمن في دارفور والجنوب ومعروف أن هنالك الآن اضطرابات أمنية يشهدها الجنوب ناهيك عن الوضع في دارفور.
    * هل المح في حديثك هذا إشارة إلى أن الانتخابات لن تجرى في موعدها المفترض؟
    ــ أنا رأيي الشخص أنها لن تجرى في موعدها للأسباب التي ذكرتها لكننا لا نراهن على هذا الافتراض ونستعد لها كما لو كنا سنخوضها غداً.
    * هل ـ بالتالي ـ نتوقع أن تمدد المرحلة الانتقالية؟
    ــ كل الأمور.. حسناً، المشاكل المتفاعلة الآن مشاكل خطيرة.. ولكي تكون هنالك مرحلة انتقالية لابد من اتفاق ما وإضافة إلى ذلك لابد من سلام في دارفور.
    * هل يمكن أن تستثني مناطق في دارفور من الانتخابات نظراً لعدم توفر الأمن مثلما كان يحدث في الجنوب أثناء الانتخابات الماضية التي خضتموها؟
    ــ لا يمكن...
    * ألا يمكن أن يتفق الشريكان على ذلك اعتماداً على السوابق؟
    ــ لا.. لا مقارنة بين الوضعين.. الانتخابات السابقة تعطلت في دوائر معدودة و...
    * بل يمكن أن يتفقا »الشريكان« على إجراء الانتخابات في دارفور في دوائر معينة وتعطل في أخرى اعتماداً على السوابق، وبحجة عدم الإخلال باتفاق السلام وتمديد الفترة الانتقالية.. أليس كذلك؟
    ــ أي إنسان يمكنه أن يقول كلاماً لكن العبرة بإمكانية التنفيذ.
    * لكن هؤلاء يقولون ولديهم قدرة الفعل.. وآخرون يقولون وليست لديهم قدرة الفعل.. ألا تلاحظ ذلك؟

    الوحدة والانفصال
    ــ وهنا تكمن المشكلة.. قدرة الفعل الخطأ لا تحل أي مشكلة.. الفعل الخطأ لا يحل شيئاً.. قد يسكن المشكلة ولكنه لا يحل.. أنا شخصياً اعتقد أن هذه المسكنات لن تفيد ولابد من حل أساسي.. ونحن الآن أمام محك أساسي هل سيظل السودان موحداً أم سينشطر إلى دولتين.
    * أي الاحتمالين أقرب في رأيك؟
    ــ في رأيي أن الأفضل هو أن يبقى موحداً.
    * هذا معلوم بالضرورة.. السؤال عن أي الاحتمالين أقرب؟
    ــ تحقيق خيار الوحدة يعتمد على مدى التزام القوى السياسية بالابتعاد عن الأجندات الحزبية الضيقة والإقرار بأن أي حل يقوم على الأجندات الضيقة سيأتي بنتائج عكسية حتى على أصحابها في نهاية المطاف.
    * وهذا يعيدنا إلى موقف القوى السياسية مما يجرى الآن.. إذ تبدو وكأنها تركت الأمر للشريكين لنتفرج على مشاكساتهما.. لا نرى حتى الآن في الأفق ملامح اتفاق بين القوى السياسية حول الفترة الانتقالية وقضاياها وما بعدها.. أليس كذلك؟
    ــ هنالك قوى دولية اشترت المستقبل على حساب المعارضة وبدأت تتكشف لها وللشريكين أن هنالك عدة فرضيات خاطئة.
    *وهل تنتظرون أن تتحول هذه الفرضيات إلى قناعات للشريكين؟
    ــ لا.. نحن نقوم بجهود.. غير أن المسألة لا تتم بقرار بين عشية وضحاها وإنما هي عملية تتم على مدى زمني بالتراكم وتدرك الأطراف أن تحقيق السلام يستلزم مراجعات أساسية.

    حزب الأمة والمنشقون
    * دعنا ننتقل إلى محور آخر ..رغم أن حزبكم »الأمة« يعد أكثر الأحزاب تنظيماً ومشاركة وحضوراً في الأحداث إلا أنه تعرض إلى شرخ لا يزال بادياً ومقلقاً.
    ــ أظنك تشير إلى الانقسامات أو خروج البعض من صفوف الحزب.. نحن نعتقد أن التجربة أثبتت خلال الخمس سنوات الماضية أن الحزب أصبح أكثر قوة وفاعلية في غياب هؤلاء.. ففي ظل ما حدث تمكنا من عقد مؤتمر الحزب العام وهيكلة هرمه القيادي، كما عقدنا مؤتمر هيئة شؤون الأنصار، وأصبحنا قوة مؤثرة وغالبة في الوسط الطلابي.. وخلقنا من خلال تحركاتنا صلات عالمية وعربية وإفريقية لمصلحة السودان، وتمكنا من إصدار صحيفتنا.
    * ولكن ربما كان الحزب أكثر قوة لو كان من انقسموا في صفوفه ..الا تفكرون في راب الصدع؟
    * نحن لن نغلق الباب شريطة أن تتم العودة عبر المؤسسية وليس عبرعملية شخصية أو ترضوية.. نصر على أن نتمسك بالمؤسسية التي تحققت في حزبنا ووصلت مرحلة من النضج بحيث يمكن أن تدرس كنموذج مثالي.
    * عندما خرج مبارك الفاضل أعلن أن وحدة الحزب تمت في »لقاء 11مايو« بينك وبينه ولا يريد العودة إلى نكأ الجراح.
    ــ ولكنه قوبل بردود أخرى.. على كل حال.. أنا ليس لدى مانع من عودة هؤلاء فقط أتمسك بالمؤسسية ويجرى التحضير لورشة لمناقشة معالجة مثل هذه الانقسامات.
    * لكنكم عقدتم كل الورشات المقررة باستثناء ورشة توحيد الحزب؟
    ــ المسألة يا أخي مسألة أولويات.
    * هنالك من يقول إنك تتعمد تأجيل هذه الورشة من منطلق شعور شخصي بالمرارة تجاه الانقساميين.
    ــ لست أنا من يدخل الشعور الشخصي في العمل العام.. أنا من تجاوزت مثل هذه المرارات الى درجة انني الان لا امانع في الجلوس حتى مع البشير والترابي رغم ما حدث.. على العكس هنالك من يصفني بأنني مثالي وديمقراطي ورحيم أكثر من اللازم حتى مع الذين أساءوا إلى.. حيث لم ابادر حتى بملاحقتهم قانونياً.. وتحملت حتى جاء بعضهم معتذراً.
    * إذا كان الأمر كما تقول.. معروف أن الحزب مقبل على انتخابات عامة ومن المفيد أن يخوضها موحداً..هل تسعون لذلك؟
    ــ لسنا على عجل من أمرنا ولن نسمح بأي قفز فوق المؤسسية حتى لا تتكرر مثل هذه الأخطاء ونعرف أننا مقبلون على انتخابات ولكن تثبيت المؤسسية له أولوية على كل شيء من قاعدة أن »كل شيء يبنى على فساد.. يأتي بفساد«.ودعني أقول بوضوح إنه إذا حدث أن قبلنا بعودة هؤلاء فلابد أن تتم هذه العودة بموجب ضوابط، لقد خرج من صفوفنا بعض من انضم إلى الحكومة ثم ارتكبوا فساداً.
    * هل سترفضون عودة هؤلاء أم ستحاسبونهم داخل الحزب؟
    ــ لدينا معياران محددان.. لتحديد الفساد.. ونتحرى عما إذا كان الشخص المعني قد تورط في عملية بطش أو ساهم في الفساد المالي وأكل السحت.
    * من يقرر ذلك؟
    ــ مؤتمر الحزب العام بآلياته المعنية وطبعاً ما يجري في السودان لا يخفى على أحد.
    * متى سيعقد هذا المؤتمر؟ سبق أن حدد له أكثر من موعد.
    ــ المؤتمرات الولائية يجري الإعداد لها تمهيداً للمؤتمر العام.
    * هل أفهم أنها لن تنعقد في مواعيدها التي أشير إليها سابقاً؟
    ــ ربما تتأجل.. حسب الظروف.. وحينها ستعلم كل قواعدنا بمواعيدها وإذا تأخر المؤتمر العام ستدرك القواعد الظروف التي دعت لذلك.. لكن دعني هذه المرة أنا الذي أسأل..
    * تفضل.
    ــ أناس كثيرون يتحرون عن شؤون حزبنا بحماس أكثر ممن هم أعضاء فيه.. هذا أمر يحيرني.. لماذا لا يدعوننا نرتب أمورنا بما يتفق مع ظروفنا.
    * ياسيدي.. أنا أحد هؤلاء.. واعتبر سؤالك موجهاً لي ولبعض قرائي..المتابعون يهتمون بشؤون حزبكم من منطلق ان حزب الأمة من أهم أحزاب السودان إن لم يكن أهمهم وهو أكبرهم بالتأكيد.. كل ما يدور فيه له آثاره على السودان كله ..من هذا المنطلق يتابع الناس ــ داخلياً وحتى خارجياً ــ شؤونكم الداخلية في الحزب.. ما الذي يضيركم في ذلك؟
    ــ لا شيء يضيرنا.. ولكن...

    رحلات خارجية
    * عفواً.. قبل أن تواصل.. نزيدكم من الاستفهامات التي تشغل بال بعض أنصاركم.. وآخرين غيرهم : رغم كل مشاكل الحزب يتابع البعض رحلاتكم خارج البلاد ويتساءلون عن جدواها في هذه الظروف..فعلى سبيل ..
    ــ »مقاطعاً« المتسائلون هؤلاء هم ناس »ود أبرق.. الطير المحلق«...ناسي أنا أعرفهم أما الآخرون فهم الذين لا يتجاوز أفق سفرهم ودنوباوي والكلاكلة ...(ضحك متبادل) باختصار كل رحلاتي إلى خارج السودان، واعترف أنها كثيرة، مرتبطة بمستقبل السودان ومصالحه.. قد لا يعرف الناس قدر الإرهاق الذي أتحمله في هذه الرحلات لكن كل ذلك في سبيل خدمة السودان.. أنا الآن في دبي قادماً من رحلة طويلة لكنني ظللت طوال يومين حبيس هذه الغرفة في الأوقات القصيرة التي انعتق فيها من الاجتماعات في قاعات أخرى.. لم أر شيئاً في هذه المدينة التي تناطح شهرتها السحاب ولم أرتاد أسواقها حتى.. وهكذا كل رحلاتي أوظفها لصالح السودان.. وقد شرحت في بداية الحديث جانباً من مهمتي التي قذفتني إلى هنا.
    * نلاحظ أن رحلاتك الكثيرة هذه لم تقدك إلى الولايات المتحدة.
    هل لديك موقف يحول دون ذلك؟
    ــ مبدئياً لا مانع من زيارة أميركا إذا رأينا ما يستدعي ذلك.. ولكن دعني أقولها بصراحة الإدارة الأميركية الحالية جاهلة بشؤون السودان.. بل هي جاهلة بكل أمور المنطقة التي تدخلت فيها من أفغانستان إلى الصومال مروراً بالطبع بالعراق.. وهذه الإدارة بكل صراحة , ميئوس منها.. لن تنجز شيئاً لأنها جاهلة .. حتى ولو جمعت العالم في مؤتمر انابوليس لحل القضية الفلسطينية.
    * سنأتي الى ذلك ولكن دعنا نعود إلى القضايا الداخلية.. هنالك غموض فيما يخص تحالفاتكم في المرحلة المقبلة البعض يرى أنكم تتجهون إلى التحالف مع حزب الترابي »المؤتمر الشعبي«.. وأخيراً ــ من خلال لقاءاتكم مع البشير ــ قدر آخرون أنكم ربما تتحالفون معه.. في حين تمنى بقية القوى السياسية نفسها بالتحالف معكم على خلفية إشارات متناقضة تطلقونها.. إلى أين تتجه بوصلتكم في المرحلة المقبلة؟
    ــ للإجابة على هذا السؤال فلينتظر الجميع انعقاد المؤتمر العام لحزبنا.. لكن دعني أشير إلى أننا حتى الآن ليس وارداً أن نتحالف مع حزب على انفراد.. غير ان كل ذلك يعتمد إقراره على قرارات أجهزة الحزب.. المهم أن حزبنا لم ولن يغلق الباب أمام التحاور مع أي من كان.. أما الاتفاق مع مَنْ.. ذلك رهن بما تقرره أجهزة الحزب وتطورات الحوار.
    *دعنا نختتم الحوار بمحور يهمنا – نحن قبيلة الصحافيين –...نود ان نقف على رايكم في الصحافة السودانية من منطلق مكانتكم كمفكر ومثقف وسياسي .. وقبلها نعتذر على كثرة مقاطعاتنا لكم حلال الحوار ..ونشكركم على سعة صدركم..
    ـ لا العكس ..انا اعتبر ان الصحافي الشاطر هو الذي يستطيع ان يستخرج ممن يحاوره ما يريده هو(الصحافي) وليس ما فقط ما يريد ضيفه ايصاله ..اما عن الصحافة السودانية فدعني اشيد بمستواها الان ..هنالك قدر من هامش الحرية انفتح امامها ولا يمكن اغلاق هذا الباب مرة اخرى...هذا الهامش غُطي بفكر جاد واقلام متحررة لا يمكن وقفها بعد الافق الذي وصلت اليه ..وصحافتنا في السودان افضل في هامش الحرية مما هو عليه الوضع حتى في جارتنا مصر ,على سبيل المثال , دعك من الدول العربية الاخرى..ففي مصر نجد صحفا بعينها استغلت الحرية المتاحة لتنحو الى معالجة موضوعاتها بدرجة من الانفعالية غير المستحبة ..في السودان اجد العكس ..اجد معالجات موضوعية في غاية الرصانة لموضوعات في غاية الحساسية ..ولكن..
    * هل تعزو هذا الانجاز ..اقصد هامش الحرية ..الى نضال السياسيين ام نضال الصحافيين ومتى نتحول من هذا الهامش الى الحرية الكاملة ؟
    نحن كحزب ساهمنا في خلق هذا الهامش في الصحافة المكتوبة عندما كسرنا الحواجز النفسية بيننا وبين نظام الانقاذ باتفاق جيبوتي الذي اتاح لنا نقل نشاطنا السياسي من المنفى الى الداخل , اذ اضطرت الصحافة لتغطية تحركاتنا ومؤتمراتنا ونشاطنا عموما ..ومما يجدر ذكره ان النظام تعامل مع هذا الامر بنضج اكبر مما كان عليه من قبل ..والصحافة نفسها استغلت هذا الهامش المتاح وفتحت ابواب الندزات والمنتديات التي ضخت ضمن ما ضخت بآفاق من من الحديث لم تكن متاحة قبل مجيئنا من المنفى.
    * اراك تنسب الفضل لحزبكم فقط
    ـ لا ..لا لم اقصد ذلك ولا اغمط الاخرين حقهم للكنني قصدت ان قدومنا اعطى دفعا في هذا الاتجاه ..فضلا عن اتفاق نيفاشا للسلام الذي دفع في الاتجاه نفسه بما احتوى عليه من بنود واضحة تتعلق بهذا الخصوص.
    * هل في نيتكم اطلاق قناة فضائية تعبر عن حزبكم جريا على ما يتردد عن انطلاق قناة يقال انها محسوبة المؤتمر الوطني الحاكم؟
    ـ لا نمانع لو وجدنا من كوادرنا من هم مستعدون للقيام بهذه المهمة مثلما وجدناها في الصحافة المكتوبة ..فقد صدرت صحيفتنا »صوت الامة« بمادرة من شباب تطوعوا للنجازها دون ان يكلفوا خزينة الحزب شيئا ..وبالمناسبة فقد كان رايي الشخصي الا تصدر الصحيفة حاملة اسم الحزب ولكن تداول الامر بالشورى افضى الى ذلك .خصوصا وان من بادروا الى هذه الخطوة تحمسوا لها دون ان يكلففوا الحزب ماديا ..وارى انهم نجحوا.













                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de