كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 00:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-24-2007, 04:55 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر

    الهلالية" أغداً ... ألقاك؟


    "أي هذا السحر الذي سماه ربك أنني" ولكم جهدت لكي أرى يا سيدي، ولكي أعي معنى المثول. شتات ما بين المريد ومن يراد، ومن أشربوه الصرف من معنى الوداد، النيل شاهد على القضية، ويظل هو الشاهد الوحيد، رغم الشجيرات القصيرة التي تُدرك جيداً أين هي الآن؟ ولأي بقعة طاهرة تُنسب، وأي تاريخ نحن بصدده الآن، النيل الأزرق كان هائجاً ومضطرباً في ذلك اليوم، لأننا كنا نأتي لأداء مراسم عزاء، كنا مشبّعين بالأسى، مثلما يحدث دائماً للفقد المفاجئ للأحبة، للمرافئ الآمنة.
    سافرنا، ونحن نلحظ اللافتات، والقرى التي أضناها التعب، وهَدَّها السهر في ظل تلك العولمة، حتى بائعي اللبن غادروا دوابهم في رحلة اللاعودة، واتجهوا إلى البكاسي.
    فمشهد ميلاد المد يعني دعوة صريحة لعشق يتجدد، آمال جسام مثل ذلك الكتاب المسمَّى "Great Expectation"، لكن الناس لهم ظروفهم وإحباطاتهم وضيق ذات اليد، ورموز لا تنقطع وزخارف ونقوش حتى عاداتهم تشكيل، لكن المسخ العام الذي أصابها هوى الاغتراب والبحث عن السعة في العيش ما أضرَّ بالعادات والتقاليد ومحى التراث، لكن التراث "وينو".
    المشاهد أحياناً تأسف أن تلاقينا بما تبدو به، لكن تلك الهلالية وعي آخر وضمير يصحو في منتصف الليل، ويغدو التعبير للمسبحة العامرة بآلاف الحبات، والجلبابات الخضر، والتقويم الأزلى، السيماء البادية على وجوه الناس من ورع وصفاء، لا تعكر الأمزجة ولا يصدأ نحاس الطار. ويعتكف العباد سنينا في الغار، على بلحات وفصوص من ثمار القرض.
    ونحن في عصر اليوم نبتعد عن الزلط ورائحة الإسفلت، والحافلات التي ليس لها شجون، كل ما يهم سائقها (يا حاجة الفهم دا ما "ياباني" لكن اللوري هو "الياباني") تتساقط عليك كل اللعنات واللهجات والعينات "طبعاً يا هفصة دي الخديقا بتاات الحيوان، أي هيوان يجي بأد السااه هداشر، يتقطق لمن يأرف هاجة، وده النمر بأد الأسد توالى، كان أتاخر برضو الأسد بتقطقو" كان يصف لها حديقة الحيوان، وأن الأسد ملك الغابة، وأنه وأنه يبدو أنه كان يتحدث نيابة عن الأسد كانا يجاوراني عندما مررنا بجوار الحديقة، فانبجست تلك الضحكات، ضحك كل الركاب حتى الحافلة تمايلت من ضحكاتهم.
    دعنا من الخرطوم وحكايتها الممجوجة على أية حال سافرنا إلى الهلالية، وأخذنا موقعنا على الضفة الغربية ريثما تؤوب المعدية من الضفة الأخرى، تناولنا جوافة طازجة، ولم نهتم بتلك الوصايا: أن اغسلوا الفواكه بل تناولوها، على أية حال هي نصيحة طبية.
    والوقت ما قبل الزوال، والموج يهدر على تلك الضفة المتسعة، والجانب الآخر من النهر مجموعات من الناس، تتقاطر وتتزاحم وتتفرَّق لا تميزهم إلا الجلابيب والبنطلونات، والجو أغبش، والعلالة في السماء ونقصد بالعلالة يا "فراهيدي" الغبار، الغبار وعلى أبعد تقف الخيول وتهش بأذنابها علينا تكاد أن تقبلنا على هاماتنا، تستقبلنا الدهشة حين نجيء، ونحن نستقبل دهشتنا فرحين ومسرورين سعداء يغشانا التهويم، وست "أم كلثوم" يا ليل ياعين، يسمعونها تردد "أغداً ألقاك" و"أنت عمري" لا يفضحنا شيء، ولا يظهر مما نبطن إلا حبنا للآداب، والأدب سلعة غالية وكذلك امتلاك مهارة القريض، واجهات البلدة والبلد تستبطن تشكيليين يرسمون من فضاءاتها كل ممتع وغريب.
    وتسوقنا تلك الجياد المطهمة، والحوزي يُلهب ظهورها بالسياط لتكون في المقدمة، والمقدمة ليست سهلة على تلك الجياد لأنّ الطريق طويل، ومقدمة البلدة أبعد من أن تألفها عيونك للمرة الأولى، وفي الشاطئ الآخر تخال أن البيوت رديفة للنهر وملتصقة به ولا تحيد عنه، وتكون أقرب إليه منا، ونحن الوافدون للمرات الأولى نأتي متأخرون، ليتنا حضرنا قبلها لتستقر المشاهد في الأفئدة، مثل فيلم سينمائي قديم "Police always comes too late" والحوزي يستفز الحصان بمزيد من السياط، يخب الأرض خباً، يعدو بنا كما في حلبة السباق. "المضامير" أجملها هنا حيث كل الوقائع تجري بعفوية، والأحصنة لا يعلفونها جرعات منشطة، كل المشاهد هنا حقوق النشر محفوظة للبلدة، والناس طيبون مثلما أخواي "جمال" و"معاوية الأمين" يكرمونك بوفرة وطيب نفس.
    أتتنا القهوة تمشي وفوح عبقها المميز، و"الشغال" و"الشرقرق" والفناجين وجلستها المعتبرة، كل ذلك لا يخرج من حمى الطقوس والفناجين تمشي إلينا، ثم نردها خالية، ونلحس سكرها المتراكم في القاع، و"نتمطَّق" في السر فجوهره حلوى.
    في الوهلة الأولى تظن أنه "أمازيغي" من عروش القبائل في "تيزي أوزو". وما هو " بامازيغي". وتقول في سرك لا بد أنه أتي من جمهورية "أنقوشيا" بلاد المستحيلات التسع، لا أعرف من أحصاها ولكنه غشي برورها، واستوطن حيث العمارات قد ربطوا لها "شوك أبزوربر" أو قل بالعامية الميكانيكية "مساعد ياي". و"مساعد الياي عمرو ما ببقى ياي" وأجاد "الهيريقانا" التي تشبه الحيرقان في ترادفها، وهي الكتابة اليابانية أو ذلك الحد من اللغة الذي يتوجب على أي شخص الإلمام به، وأجاد التقاط حبات الأرز بالأعواد الخشبية الصغيرة وخيطاً "أرزيا" من الصحن إلى فمه كخيط من "الدُّبَارة" في غلظته.
    صديقي جمال يوسف، ولدته "الهلالية"، وعصفت به الأشواق إلى "أوساكا" إحدى كبريات المدن اليابانية بعد العاصمة طوكيو، فامتهن حرفة تدريس اللغة الإنجليزية لمن يطلبها في ذلك الجو الزلزالي المرعب، إلا أنه بنهم، تعلم منهم اليابانية، فأوشك أن يكتب بها شعراً. لسعته سياط التكنولوجيا كإفريقي وفد إلى هناك وسيرة الإفريقي في الشرق البعيد، ليست محمودة في أنه يمكن أن يموت بدون أدنى سبب، وأنه سريع العطب ويموت بسهولة ولا يحتمل، واليابانيون لا يموتون إلا منتحرين أو في حوادث سير أو هزات زلزالية، وأوفياء إلى الحد الذي دفع بالسيد "ما سانوري أيتو" صديق شقيقي "الكبير" أن يمطرنا بالرسائل، ويدعونا إلى حضور زواجه في مدينة "هيروشيما" ونحن "قاعدين" في كوستي على بعد 500 كيلو متر من العاصمة السودانية الخرطوم.
    صديقي جمال يوسف قاوم كل إغراءات الفناء السريع، وأكَّد أنه كإفريقي لن يكون عند حسن ظن اليابانيين "بتاعين البكاسي"، فأقام فيها سبع سنوات سمان وزادها نصف عام، وعاد إلى الهلالية بنفس تلك المعدّية التي أشكوها لك أيها القارئ الكريم، كنت أرجو له في معيتي أن يكون "مصطفى سعيد" الياباني، لأن العودة متشابهة والنهاية مختلفة، في كتاب موسم الهجرة إلى أي اتجاه آخر.
    ترك كل تلك الكباري الطائرة، والزمن الذي تقاس زواياه بـ"الفيمتوسكند"، ومنتهى العلم والذوق والرفاهية، والجامعات التي تمنح درجة الدكتوراة في تنسيق الزهور. عاد مثل عودة "السمبر" في مواسم الحب الحلو، وافتتح له مكتباً للخدمات، وعلى مرمى حجر من أكبر مصانع "المديدة" و"المخبازة" في السوق العربي، وعلى بعد سبعمائة متر من القصر الرئاسي.
    وتتسع بك رحابة المكان، وإضاءات تخرق ظلمة ذاك الليل، حشرجات وزمهرير وأجساد تتبدَّى في أفق الليل، تظهر عالقة ثم تتلاشى.
    ينقلني عبق التاريخ إلى الآخر، إلى الحواري والأزقة، والصبية يتناوبون المطاردة في لعبة "عسكر وحرامية" ولعبات أخرى. والحافلات تنقل على ظهورها الكثيرين إلى الضفة الغربية، وفوح حقائب المغتربين وأطفالهم المكتنزين، والنسوة بأيديهن الملأى بالغوايش، والحناء التي زِدْن لها عيار "المحلبية"، والصبغة الحجرية، فاسودَّت سواداً بائناً بينونة كبرى.
    وأسترجع في ذاكرتي المتعبة صدى الماراثون بين الأحصنة المجهدة والغبار الكثيف ومن النوافذ الصغيرة نصف المفتوحة تبدو وجوه جميلة، وأغنيات تشرد مثل روحي، تشهق مثل قديس تداعي، لما تناهت إلى أسماعه أجراس صدك والحكاية، تلك الوجوه تشارك في نفس هذا السباق المحموم، ووجوه أخرى تتطلَّع في حنو إلى هؤلاء القادمين الجدد.
    الود ينسكب على وجوهنا، والترحاب يُعَطِّر أنفاسنا "أين من عينيك هاتيك المجال".
    أتينا من واجهات الكساد، لنشهد صفاء المدن الوادعة التي نحبها، والجلبابات والنقاء الأصيل إلا أن خوفي من المعدّية الحاشدة بالناس وأشيائهم، تجبرني على تعلم السباحة قبل العودة راجعاً في اليوم التالي، إني مخلوق ولدت في اليابسة، لا أتطلع إلى أي منافسة في الماء، سيغلبني الفيضان حتماً إذا لم يهزمني أسفي، وأنا أتطلع في البلدات والنخلات، وتعود بي المشاهد الغاربة إلى صديق والدي المرحوم الأستاذ الشيخ بابكر أبو صباح "قَدّس الله سره"، حينما كانا يعملان معاً بمكتب تعليم الهدي.
    هكذا تلد المدن نشطاء وساسة وطبقات أُخر، وتبقى الهلالية رديفة للخاطر المحترق بهوى من يكتبون بقداسة ويحبون بطيش، ويرسمون بنزق، ويتجولون في أحشائها بحثاً عن خزائن المدد الروحي.
    وتبقى الهلالية ضميراً يصحو نصف الليل، بالمسبحة الخضراء، والجلال المهيب، والمعدية الخطرة.
                  

العنوان الكاتب Date
كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-24-07, 04:55 PM
  Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-25-07, 04:52 PM
    Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر سلمى الشيخ سلامة12-25-07, 05:08 PM
  Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-28-07, 05:02 PM
  Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-28-07, 05:09 PM
  Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-28-07, 05:15 PM
  Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-30-07, 03:29 PM
  Re: كتاب سفر الالوان (2) مصطفي بشار- فلأنني ادمنت عشقك وارتضيت هوي السفر mustafa bashar12-30-07, 03:33 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de