|
سنار.. ترقد تحت الشمس .. تشرب من البحر .. تستحم بموية المطر
|
من يمدح من كان ينتقده , و ينتقد من كان يمدحه , فمديحه و نقده لا يعبران الا عن نقمة على راتب ضئيل و طمع فى راتب يفوقه " تشكر و انت لا تدرى حالنا و حال سنار مبروك يا صديقى البيعة تمت , هكذا خاطبنى صديقى العزيز جدا ود المبارك , الذى افترقت معه منذ بدايات الانقاذ , حين غادرنا السودان , كل منا ذهب فى اتجاه انفه , و كان ذلك ردا على مقال شكرا فخامة الرئيس البشير الذى نشر عبر سودانيز اون لاين , و قد ختم صديقى رسالته خلاص يا فردة دخلت زمرة شعب كل حكومة ؟ اثارت فى كوامنى هذه الرسالة شجون ومشاعر وجدانية كثيفة , و ذكريات عميقة , ترجع الى تلك الايام الجميلة قبل افتراقى و صديقى ودالمبارك فى سنار , حيث كنا نلتقى فى اليوم اكثر من مئة مرة دونما ملل .. نقطع المسافة بين خشم الخزان و حى الفاشر حيث الاستاد كدارى .. خوفا من كماسرة البكاسى .. ود المبارك ادمن الهروب و عدم دفع حق المشوار حيث كانت الحالة .. معلم الله .. حتى عمك صاحب الكارو ابو نجمة المريخابى قد تسبب صديقى فى حرماننا من التمليح معه بمماحكاته الكثيرة معه .. النقر جا منو البرجا .. اياما قضيناها متواريين فى الازقة الخلفية لملجة سنار , خوفا من المرور بالشوارع الرئيسية الملغمة .. زوغ داك بتاع الدكان عارفوا داير مننا كم يا ابو الشباب .. تلاتة وتلاتين قرش .. لا حول ولا قوة الا بالله .. دولار كامل .. يازول احسن نكب الزوغة .. الحاجة ست الفول ما تنسى انك وعدتها بدفع حق الديكوة بتاع فطور امس , و كمان عمك ود الديم بتاع الخضار , الم تعده بانك سوف تحضر له ملاليمه اليوم , المليم للذين لا يعرفون هو اصغر عمله سنارية زمن بلدى يا حبوب ابو جلابية و توب , رغم كل هذه الذكريات التعيسة كانت الحياة جميلة ممتعة تتسم بالمحبة و التسامح شعارنا معليش يا ابن العم صديقى ود المبارك اعود اليك لاقول رسالتك اكدت لى ان الزمن لم يهدك , سنين الغربة و الترحال لم تغير فيك شيئ , فى حالك القديم .. رأسك قوى لا يفله الا الحديد .. اتذكر فى يوبيل الجامعة عندما جاء الفريق عبد الماجد , اصرارك على الشغب و الاحتجاج .. جامعة حرة او لا جامعة .. جاء الاحتياطى بالبمبان و العصى .. مشهد هروبك المارثونى و اعطاء ارجلك للريح , راكضا بفردة نعال واحدة من شارع الجامعة الى امبدة .. جهدا لو بذلته فى الاولمبياد لرفعت علم السودان الحبيب عاليا خفاقا وسط الامم صديقى لا تتصور اننى اصبحت فى موقع شاعر القبيلة , الذى يذبح له المرء الخروف , و يشوى له الضلوع , ويسقى الشربوت اوال ..., و يتركه يمتدحه حتى تقع الشمس يا ود المبارك سنار لم تغب عنى ... اخبارها المتواترة الى تؤكد انها كما تركناها اعنى كما تركناها بالضبط .. لم يمت احد لم يعش احد , الطرق و الكبارى لم تصلح الشارع .. لقد بعثت سبعة و سبعين عامل لاصلاح الحفرة التى حفرها الاولاد باظافرهم فى الشارع الخلفى حيث سيمر الوجيه , و لكنها لم ترسل نصف عامل لاصلاح شارع شريان حياة الغبش الذى يربط مكوار بالقويسى مرورا بالسوكى , و اذا كانت الطرق و الكبارى كما تعودت ان تسميهايا ودالمبارك مصلحة المصلحة , فانها بالتاكيد لا تعتقد انها فى حاجة لاى من اهل الصعيد الغلابة حتى صاحبنا شمس الذى تزوج ابنة الوزير , لم يستطع ان يلفت انتباه الطرق و الكبارى .. و قد زعمت انت لنا ياصديقى ان هذا الزواج سيكون لصالح سنار , و ان سنار موعودة بمطار دولى على اقل تقدير , لم يحدث ذلك , حتى المطار الترابى تحول الى مهبط للصقور المتجمعة حول جيف البهايم التى قضى عليها ابو نينى دونما اى اكتراث من صديقنا البيطرى ود التقاطع د جمال مستشفى سنار .. لم يعد احد قادرا للتنفس فيه ..رائحة جمعت بين البيض الفاسد و سمك الكوركى و الرغيف المخمر .. عنبر نيالا اصبح اتجاه واحد الداخل اليه مفقود لا محالة .. الدكاترة فيها على حالهم القديم .. ارقد على ظهرك .. طبق كرعينك ارفع القميص .. قول أ .. تانى قول أأ .. قياس الحرارة .. قياس الضغط .. الوزن .. يمررون السمعات على الصدور المنهكة .. الزول يكون عنده مصران عصبى يشخص فشل كلوى .. و المسكين يكون عنده سكرى يعطوه دواء ملاريا بالجلكوز الهيئة العامة للكهرباء كما تركناها , تبيع الفوانيس .. رغم ان المدير الذى زعمت انت ان صهره يملك فى الخرطوم شركة لاستيراد الفوانيس من الهند قد تم نقله من سنار فان النور لم يصل بعد , و ما زالت سنار غارقة فى الظلام مجرد ان تغيب الشمس .. و ما زالت الشمس تغيب فى سنار صديقنا ود اسحاق ما زال يجلس وراء ضريح ابويا الشيخ و يحمل اليه الشموع و البخور , كل جمعة وباقى الاسبوع يكون فى مايرنو مع الفكى حاملا اليه الخراف السوداء التى تبرعت بها خالته ست النفر , عسى و لعل الفكى يضع فى خدمته بعض ملوك الجان العاطلين عن العمل لحين اقتراب هلال مريخ .. ليعيدوه الى وظيفته التى فقدها تحت بند الصالح العام يا ود المبارك اى راتب تظننى طامع فيه اخوك لن يقبل الفتات , عندما كان يسالنا استاذ حمزة فى طلحة الحكومية , ما هى امنيتك فى المستقبل دكتور و لا مهندس دوما كنت اقول رئيس وزراء فيا سيدى ان كنت كما رسم لك عقلك الجبار , لن ارضى بغير رئيس وزراء سنار , هذه الولاية اتمنى ان يطرحها الرئيس فى عطاء , يحكمها من يقدم العرض الافضل , و عرضى جاهز فلندخل منتدى المستقبل ولنحرر التجارة و نلغى الجباية , فنادق سبعة نجوم فى الدندر , مطار دولى فى كولى حمامات شمسية فى الحظيرة , اجيب السياح من كل فج عميق , مصر تحصد سنويا من السياحة مليارات الدولارات , و نحن نصيبنا من ايراداتها صفر ... اجيب الهنود و الباكستانيين اعمل فى السوكى هونج كونج و فى ابو حجار ارسم لكم سنغافورة و نخلى سنجة تبقى دبى , و كمان لازم يجوا ناس لاندروفر و نيسان يعملوا مصانع للاستهلاك الافريقى شرق الخزان , و سوف نبور اللبن الهولندى نروى افريقيا و الشرق الاوسط كله طازج كامل الدسم , و نشبعهم شية طازجة , و كل المنطقة يحلوا عندنا منقة طازجة , اليابان لا تمتلك سوى الماء و الحجر , نمت البشر فلنعمل مشروع لتنمية البشر , تنقصنا المبادرة , لست مؤمننا بحكاية مافى امكانيات , المانيا خرجت من الحرب و رأسمالها 45 دولار , اليوم هم وين ونحن وين , واقعنا الحالى مرير , نحن مجرد امة عجوز تجلس فى شمس افريقية المحرقة نشرب من موية البحر و نستحم بموية المطر , وننام ساعة الهجير تحت النيم , و بعد المغرب ندق الدلوكة و نرقص الهيلهوب , نحن امة من الخاملين لايستهوينا الصيد و لا المزارع , مناهجنا التعليمية لا تخرج الا الافندية ,تبعد الخريج عن بيئته الحقيقية , و تجعله ينتظر ما يقذفه له البحر او ما تمطره له السماء , انساننا يعيش على الاحلام المملوءة بالشجن الجزيرة اكبر مشروع فى افريقية كنانة اكبر مصنع سكر فى افريقية نحن الاول فى الثروة الحيوانية فى افريقية نحن مؤسسى الكرة فى افريقية و كل يوم نتلطش نحن افهم ناس فى افريقية اخبرونى يا سادة ماذا افادنا هذا الفهم الزائد نحن ونحن ونحن الذين قامت على ايدينا نهضة الخليج العربى .. سؤال مباشر عملتو ايه فى بلدكم .. الم تسمعوا المثل الذى يقول النفس اولى من الصاحب , اتذكر جيدا استاذ الجغرافية ,, السودان سلة غذاء العالم ونحن ببغاوات من ورائه , السودان سلة غذاء العالم السودان مثل كندا و استراليا فى الموارد ... اين هؤلاء و اين نحن ... ما زلنا نأكل الجراد رغم ملايين الهكتارات الخصبة و الانهر الجارية , لماذا نواصل لعبتنا المرهقة هذه , لشراء الانسان السودانى بالوهم , انها لعبة لا ادرى من المستفيد منها .. من نحاكم النخبة السياسية السائدة منذ الاستقلال التى ما زالت تجوع المواطن و تضعه فى الشمس , لكى يحلم برمضان المعظم و فضيلة الجوع , ام نحاسب الافندية الزلطنجية الذين لا يتجاوز يومهم قراءة الجرايد الصفراء و التحلق حول ستات الشاى , دعونا نغلق ابواب الوهم و نعلن جميعا عزمنا على العمل بحزم , فان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
|
|
|
|
|
|