|
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية (Re: Abdel Aati)
|
اتفاق الترابى – قرنق قراءة فى الاسباب والمضمون والنتائج : على هدى الخلفية السابقة ؛ ومن واقع قرائتنا للخرطة السياسية وتوازن القوى السياسى فى السودان ؛ والازمة التى تركب اغلب القوى الفاعلة يمكن قراءة مدلولات اتفاقية الترابى قرنق ؛ المسماة بمذكرة التفاهم ؛ كونها هربا الى الامام ؛ ومحاولة لتجاوز ازمة كل منهما ؛ عن طريق قلب الطاولة على كل الاطراف ؛ عسى ان تنتج الفوضى جديدا. (راجع الجزء الاول من هذا التحليل ؛ بعنوان الخرطة السياسية السودانية عشية اتفاقات الترابى - قرنق و الميرغنى - الصادق )
فجون قرنق من جانبه ؛ وبعد تحالف مع اقطاب المعارضة التقليدية ؛ من حزب الامة اولا والاتحادى الديمقراطى ثانيا ؛ لم يتجاوز المربع الاول ؛ فى انتصارات طاغية على جبهة العمل العسكرى ؛ او جديد يذكر على ساحة السياسة السودانية . و لا تزال المعارضة الشمالية بعد عقد من الزمان ؛ تعاقر ازمتها ؛ الامر الذى يمكن ان يؤدى لنفاد صبر اكبر المثابرين ؛ ناهيك عن عقيد يقود حركة عسكرية ؛ ويطمح فى ان يرى النتائج اليوم وليس غدا . وفى حالة الشتات وانعدام الاتجاة والارادة التى يعانى منها التجمع الوطنى ؛ فقد عن لقرنق ان يبحث عن طرف جديد ذو قوة وشوكة ؛ يمكن ان يكسر الركود ؛ ويضمن له امكانية حدوث تغيير ما فى الخرطوم ؛ ومن افضل من الترابى مرشحا لمثل هذا الحلف الجديد ؟
وفى الحقيقة فان تاريخ العقيد قرنق فى التحالفات مع بعض الاطراف القوية فى الساحة الشمالية؛ ضد بعضها الاخر ؛ ثابت و قديم . فقد وقع اتفاقية السلام السودانية مع الميرغنى فى العام 1988 ؛ فى مواجهة حكومة الصادق المهدى ؛ ثم وقع اتفاقا ثنائيا مع حزب الامة فى العام 1990 ؛ ضد نظام البشير ؛ وكان هذا الاتفاق مدخله لولوج صفوف التجمع الوطنى الديمقراطى ؛ ثم ناهض حزب الامة ورمى بثقله مع حلف جديد مع الميرغنى ؛ ضد حزب الامة والنظام معا ؛ وها هو الان يتحالف مع الترابى ؛ ضد جناح الجبهة الحاكم ؛ وبصورة غير مباشرة ؛ ضد حلفاؤه القدامى من اعضاء التجمع الوطنى والقيادات الطائفية .
ان تحالفات قرنق هذه ؛ ومع تحقيقها لنتائج تكتيكية مؤقتة ؛ من فتح المجال له وسط بعض الاطراف الاقليمية العربية ؛ وكسر بعض الحواجز فى صورته امام العقلية الشمالية ؛ الا انها تواجه بالفشل وانعدام اى نتائج على المستوى الاستراتيجى ؛ وهى من الجهة الاخرى تهدم من اساس مصداقيته عند طرفين مهمين فى اللعبة السياسية ؛ وهما القوى الجنوبية والجماهير الجنوبية التى لا تثق فى الحركة السياسية الشمالية عموما ؛ و القوى التقليدية خصوصا ؛ والقوى الجديدة فى الشمال والتى كانت تنظر الى الحركة الشعبية كحليف طبيعى فى معركتها من اجل سودان جديد ؛ والتى تصدمها تحالفات قرنق مع الاطراف المسئولة عن الازمة السودانية ؛ من القادة الطائفيين بالامس؛ ومؤسس ومهندس النظام اليوم . ان قرنق بتغليبه للبرامجى على المرحلى ؛ والتكتيكى على الاستراتجى ؛ قد ذهب فى ميكافيليته ومذهبه النفعى الى حدوده القصوى ؛ عندما وقع اتفاقا للتفاهم مع الرجل المسئول عن كل مآسى السودان فى العقد الاخير ؛ والملطخة يداه بدماء عشرات الالاف من الجماهير الجنوبية البريئة .
الترابى من جانبه ؛ لم يخف يوما نفعيته واساليبه الانتهازية واللامبدئية فى العمل السياسى ؛ وفى سبيل ذلك لم يتورع عن نحت وتطبيق مصطلحة الشهير عن فقة الضرورة ؛ والذى يعرفه البعض فى صورته الاوضح ؛ وهى ان الغاية تبرر الوسيلة . الا ان الغاية عند الترابى هى السلطة ولا شى غيرها . ان الرجل الذى تحالف مع النميرى وانكسر تحته ؛ وخلق البشير ودخل السجن بقرار من نفسه ؛ لا يستغرب ان يدخل فى حلف اليوم مع جون قرنق ؛ وان يتبادل الحوار ويدعو الى التنسيق مع الحزب الشيوعى . ان فشل الترابى فى تحطيم الآلة الحكومية التى خلقها بنفسه ؛ والنظام الذى اقامه بساعدية ؛ من اجل اشباع نرجسيته المتاصلة ؛ وطموحه الطاغى الى السلطة والظهور ؛ سيقوده حتما الى التحالف مع الشيطان نفسه ؛ وفى ذلك لا جديد ؛ لمن يدرك طباع هذه الشخصية المخاتلة والمغامرة ؛ وتضخم الذات فى هذا التكوين المليئ بالعقد والتناقضات .
استنادا على السابق ؛ فليس من المستغرب ان تاتى مذكرة التفاهم ممعنة فى العمومية ؛ خالية من اى قراءة نقدية للتجربة السياسية السودانية ؛ وان تركز على البديهيات ؛ من الاشارة الى التعدد الثقافى والدينى والعرقى فى السودانى ؛ والعموميات ؛ من شكل اقامة الدولة على اساس المواطنة . كما يظهر قصر التحليل السياسى ؛ فى ربط احادية النظام بقرارات الرابع من رمضان ؛ واخلاء جناح الترابى من مسؤليته السياسية والجنائية عن كل ما تم قبل الرابع من رمضان . ان البند ذو المعنى الوحيد هو ذاك الذى يتحدث عن توحيد الجهود فى معارضة النظام ؛ وهنا تنازل من الحركة الشعبية حينما وافقت على صيغة المعارضة السلمية ؛ بدلا ان تقر المعارضة بكل الوسائل ؛ وهى ما هى من كونها تنظيم عسكرى فى المقام الاول . ان اتفاق التفاهم والذى صور كجبل من الناحية السياسية ؛ لم يتجاوز كونه فارا من الناحية الفكرية والعملية .
ان مختلف دفاعات قادة الحركة الشعبية عن مذكرة التفاهم ؛ بما فيها لقاءات ياسر عرمان ومنصور خالد الصحفية ؛ لا تعدو كونها لعبا على الذقون ؛ فى تصويرها للاتفاق كمدخل للسلام ؛ وفى بحثها عن تغييرات فعلية فى فكر ومواقف الترابى ؛ الامر الذى لا يجد اسناده حتى قى نصوص المذكرة اياها . انها اذن فى المقام الاول ؛ دفاع هزيل عن لا مبدئية الحركة الشعبية ؛ وتطوير لمختلف الحيل التى تسوقها الحركة الشعبية لتبرير مواقفها المتناقضة ؛ وانعدام المبدئية فى قرارتها ؛ والطابع العشوائى والمرحلى لتحالفاتها وتكتيكاتها .
من الجهة الاخرى ؛ فان انصار الترابى ؛ والترابى شخصيا ؛ يبدون تمسكا مرضيا بالمذكرة المذكورة . وفى ذلك يجب الا يلاموا ؛ فهم يتمسكوا بها طالما حققت اهدافها الآنية ؛ وسيرموها كالنواة حالما تتغير الحالة السياسية . ان الترابى بعد فشل انتفاضتة الاسلامية ؛ قد سعى لاستفزاز البشير وجناحة ؛ آملا فى تصعيد الصراع . وقد كان . ان اعتقال الترابى الجديد يقدم له تبييضا لوجهه امام اى انتفاضة قادمة ؛ فى نقس الوقت الذى لم يتنازل فيه عن برنامجه الاسلاموى . الا ان الترابى فى نفعيته هذه قد تجاوز الخطوط ؛ حينما غامر بكل ما ظل يردده عن قرنق ؛ وكل ميراث حركته " الجهادى " من اجل حلف لن يعمر فوق خريف واحد .
ان الترابى طول العام الاخيرقد كان يستخدم مجموعة من الخطابات المتناقضة لاكتساب الدعم فى صراعه مع البشير ؛ اعتمادا على طبيعة الجمهور المخاطب ؛ والخطابات هى :
· خطاب اسلامى متطرف ؛ يعتمد على خيانة البشير للمبادى ؛ وانكساره امام الضغوط العالمية والاقليمية ؛ وهذا الخطاب كان موجها لكوادر وقاعدة الحركة الاصولية ؛ وبدرجة ما للحركة الاصولية العالمية .
· خطاب اصلاحى يركز على قضايا الفساد فى الحكومة ؛ وعلى توسيع الحريات الديمقراطية ؛ وهو خطاب موجه الى الجماهير الشعبية من غير قاعدة الحكم ومؤيديه ؛ والى اطراف المعارضة .
· خطاب موجه الى الخارج الاقليمى والعالمى ؛ بركز فيه على البحث عن المساومة ؛ وتبييض وجهه امام القوى الخارجية المؤثرة ؛ والتى احترق امامها بصورته كمتطرف اصولى .
ان التحالف مع قرنق يصب فى اطار الخطابين الثانى والثالث ؛ وهذا يؤدى بالضرورة الى نقض الخطاب الاول . الا ان الترابى محترق فعليا امام الراى العام السودانى غير الاصولى ؛ وامام القوى الخارجية ؛ وكان مجال الدعم متاحا له فقط وسط القوى الاصولية الداخلية والخارجية ؛ وها هو قد استفزها الآن بتحالفه مع قرنق ؛ رمز كل ما هو معاد للاسلام فى نظرهم ؛ وكما صوره الترابى شخسيا لاكثر من عقد ونصف ؛ ولم يتبق له من التاييد الا حفنة من المهووسيين ؛ ممن يعبدوه شخصيا دون الله ؛ فهل يستطيع هذا الرجل المغامر ان يخرج من المازق الذى اوقع نفسه فيه ؛ والعزلة الى ضربها على مشروعه ؟ ام سيكون هذا الاتفاق بداية النهاية له ولحركته ؟ ان هذا يعتمد فى المقام الاول على الاطراف الاخرى من فوى النظام والمعارضة ؛ وقدرتها على الحركة والفعل ؛ مما سنتناول بعضا منه فى الفقرات القادمة .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:13 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:15 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:16 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:18 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:20 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | ابو جهينة | 07-20-03, 01:51 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 03:04 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Raja | 07-20-03, 03:22 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 04:22 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | safwan13 | 07-20-03, 08:56 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-21-03, 00:10 AM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Raja | 07-21-03, 02:38 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | msd | 07-21-03, 03:00 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-22-03, 11:38 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-22-03, 11:35 PM |
|
|
|