هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل :

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 11:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-14-2007, 04:17 PM

الناظر

تاريخ التسجيل: 12-18-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل :


    وَاحَـرّ قَلْبـاهُ مـمّنْ قَلْبُـهُ شَبِـمُ
    وَمَنْ بجِسْمـي وَحالي عِنـدَهُ سَقَـمُ
    ما لي أُكَتِّمُ حُبًّا قَدْ بَـرَى جَسَـدي
    وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلـةِ الأُمَـمُ
    إنْ كَـانَ يَجْمَعُنَـا حُـبٌّ لِغُرّتِـهِ
    فَلَيْتَ أنّـا بِقَـدْرِ الحُـبّ نَقْتَسِـمُ
    قد زُرْتُهُ وَسُيُـوفُ الهِنْـدِ مُغْمَـدَةٌ
    وَقـد نَظَـرْتُ إلَيْـهِ وَالسّيُـوفُ دَمُ
    فكـانَ أحْسَـنَ خَلـقِ الله كُلّهِـمُ
    وَكانَ أحسنَ ما فِي الأحسَنِ الشّيَـمُ
    فَوْتُ العَـدُوّ الـذي يَمّمْتَـهُ ظَفَـرٌ
    فِـي طَيّـهِ أسَـفٌ فِي طَيّـهِ نِعَـمُ
    قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ
    لَكَ المَهـابَـةُ ما لا تَصْنَـعُ البُهَـمُ
    ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئـاً لَيـسَ يَلزَمُهـا
    أنْ لا يُـوارِيَهُـمْ أرْضٌ وَلا عَـلَـمُ
    أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشـاً فانْثَنَـى هَرَبـاً
    تَصَرّفَـتْ بِـكَ فِي آثَـارِهِ الهِمَـمُ
    عَلَيْـكَ هَزْمُهُـمُ فِي كـلّ مُعْتَـرَكٍ
    وَمَا عَلَيْـكَ بِهِمْ عَـارٌ إذا انهَزَمُـوا
    أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْـواً سِـوَى ظَفَـرٍ
    تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الـهِنْدِ وَاللِّمـمُ
    يا أعدَلَ النّـاسِ إلاّ فِـي مُعامَلَتـي
    فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ
    أُعِيذُهـا نَظَـراتٍ مِنْـكَ صادِقَـةً
    أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمـهُ وَرَمُ
    وَمَا انْتِفَـاعُ أخـي الدّنْيَـا بِنَاظِـرِهِ
    إذا اسْتَوَتْ عِنْـدَهُ الأنْـوارُ وَالظُّلَـمُ
    سَيعْلَمُ الجَمعُ مـمّنْ ضَـمّ مَجلِسُنـا
    بأنّني خَيـرُ مَنْ تَسْعَـى بـهِ قَـدَمُ
    أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي
    وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ
    أنَامُ مِلْءَ جُفُونـي عَـنْ شَوَارِدِهَـا
    وَيَسْهَـرُ الخَلْـقُ جَرّاهَـا وَيخْتَصِـمُ
    وَجاهِلٍ مَـدّهُ فِي جَهْلِـهِ ضَحِكـي
    حَتَّـى أتَتْـه يَـدٌ فَـرّاسَـةٌ وَفَـمُ
    إذا رَأيْـتَ نُيُـوبَ اللّيْـثِ بـارِزَةً
    فَـلا تَظُـنّـنّ أنّ اللّيْـثَ يَبْتَسِـمُ
    وَمُهْجَةٍ مُهْجَتـي من هَمّ صَاحِبـها
    أدرَكْتُـهَا بجَـوَادٍ ظَـهْـرُه حَـرَمُ
    رِجلاهُ فِي الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَـدٌ
    وَفِعْلُـهُ مَا تُريـدُ الكَـفُّ وَالقَـدَمُ
    وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَيـنِ بـهِ
    حتَّى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَـوْتِ يَلْتَطِـمُ
    ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي
    وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
    صَحِبْتُ فِي الفَلَواتِ الوَحشَ منفَـرِداً
    حتى تَعَجّبَ منـي القُـورُ وَالأكَـمُ
    يَا مَـنْ يَعِـزّ عَلَيْنَـا أنْ نُفَارِقَهُـمْ
    وَجدانُنا كُلَّ شـيءٍ بَعدَكـمْ عَـدَمُ
    مَا كـانَ أخلَقَنَـا مِنكُـمْ بتَكرِمَـةٍ
    لَـوْ أنّ أمْرَكُـمُ مِـن أمرِنَـا أمَـمُ
    إنْ كـانَ سَرّكُـمُ ما قالَ حاسِدُنَـا
    فَمَـا لجُـرْحٍ إذا أرْضـاكُـمُ ألَـمُ
    وَبَيْنَنَـا لَـوْ رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعـرِفَـةٌ
    إنّ المَعارِفَ فِي أهْـلِ النُّهَـى ذِمَـمُ
    كم تَطْلُبُونَ لَنَـا عَيْبـاً فيُعجِزُكـمْ
    وَيَكْـرَهُ الله مـا تَأتُـونَ وَالكَـرَمُ
    ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شَرَفِـي
    أنَـا الثّرَيّـا وَذانِ الشّيـبُ وَالهَـرَمُ
    لَيْتَ الغَمَامَ الذي عنـدي صَواعِقُـهُ
    يُزيلُهُـنّ إلـى مَـنْ عِنْـدَهُ الدِّيَـمُ
    أرَى النّـوَى يَقتَضينـي كلَّ مَرْحَلَـةٍ
    لا تَسْتَقِـلّ بِهَـا الوَخّـادَةُ الرُّسُـمُ
    لَئِـنْ تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عَنْ مَيامِنِنـا
    لَيَحْـدُثَـنّ لـمَنْ وَدّعْتُهُـمْ نَـدَمُ
    إذا تَرَحّلْـتَ عن قَـوْمٍ وَقَد قَـدَرُوا
    أنْ لا تُفـارِقَهُـمْ فالرّاحِلـونَ هُـمُ
    شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ
    وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ
    وَشَـرُّ ما قَنّصَتْـهُ رَاحَتـي قَنَـصٌ
    شُهْبُ البُـزاةِ سَـواءٌ فيهِ والرَّخَـمُ
    بأيّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشّعْـرَ زِعْنِفَـةٌ
    تَجُوزُ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وَلا عَجَـمُ
    هَـذا عِتـابُـكَ إلاّ أنّـهُ مِـقَـةٌ
    قـد ضُمّـنَ الـدُّرَّ إلاّ أنّـهُ كَلِـمُ
                  

08-14-2007, 07:49 PM

Abubaker Ahmed

تاريخ التسجيل: 06-14-2007
مجموع المشاركات: 1825

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: الناظر)

    Quote: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل


    السلام عليكم
    هذا الكلام غير صحيح هذه القصيدة قالها المتنبي في و اداعه لسيف الدولة الحمداني
    اما القصيدة التي بها قتل فبدايتها

    ما أَنصفَ القومُ ضبّه ************* وأمّــــــــه الطُــرطُــبَّـــه



    و قتله فاتك بن أبي جهل الأسدي، خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني
                  

08-14-2007, 07:56 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: الناظر)

    القصيده التي قتلت المتنبي.
    --------------------------
    الـمـصـدر: منتديات " تعب قلبي " الادبيه و الشعريه.

    10-15-2006

    المتنبي واحد من الذين قتلتهم قصائدهم ولعل من الملفت للنضر انه لم يلق حتفه على

    يد كافور اوحاشيته ممن كانت تدين له ارض مصر رغم ما سلطه المتنبي عليه من

    اهاج مدوي ترددت على الالسنه انما كان حتف هذا الشاعر البائس على يد رجل من

    عامة الناس ثار لقريب له سلقه المتنبي بلسانه فانظر الى المفارقه

    والقصيدة القاتلة هجا بها المتنبي رجلا يدعى ضبة بن يزيد العيني فاحش في القول واقذع

    يقول المتنبي:

    ما انصف القوم ضبة = وامه الطرطبه

    فلا بمن مات فخرن = ولا بمن عاش رغبه

    ونما قلت ماقلت = رحمة لامحبه

    وحيله لك حتى = عذرت لو كنت تيبه

    ومن يبالي بذم = إذا تعود كسبه

    أما ترى الخيل في النخل = سربة بعد سربه

    فسل فؤدك ياضبب = اين خلف عجبه

    وان يخنك لعمري = لطالما خان صحبه

    وكيف ترغب فيه = وقد تبينت رعبه

    ما كنت إلا ذبابا = نفتك عنا مذبه

    وكنت تفخر تيها = فصرت تضرط رهبه

    وان بعدنا قليلا = حملت رمحآ وحربه

    وقلت :ليت بكفي = عنان جراء شطبه

    إن أوحشتك المعالي = فإنها دار غربه

    أو أنستك المخازي = فإنها لك نسبه

    وإن عرفت مرادي = تكشفت عنك كربه

    وإن جهلت مرادي = فإنه بك أشبه



    < أبو الطيب المتنبي >
    نبذه صغيرة عن صفاته:
    _______________________

    القصيده التي قتلت المتنبي.


    مالىء الدنيا وشاغل الناس لم يعرف التاريخ العربي شاعرا في رصانة الشعر وحبكته وسرعة البديهة وقدرته على قرض الشعر بيسر وسهولة ودقة متناهية وفي زمن قياسي شعره مليىء بالمعاني البديعة الاسرة ويمتاز بالكبرياء والأنفة والشموخ ومجانبة اللهو والهزل .

    قيل أن سبب قتل أبو الطيب المتنبي هو خلاف حدث بينه وبين عضد الدولة بسبب أنتقاد أبو الطيب له ووصفه بالبخل وأن سيف الدولة أكثر كرما منه . مما أوغر صدر عضد الدولة عليه فأرسل له قوما قاموا بقتله وقيل أنه حين خرج من مجلس عضد الدولة محملا بالهدايا والمنح وأراد السفر طلب الخفراء الذين سيقومون بمرافقته وحمايته 50 درهما لكل واحد منهم للسفر معه وحمايته لكنه رفض ذلك بسبب بخله الشديد ولاعتقاده بأن الخفراء أرادوا استغلاله وابتزازه وسافر وحده فوقع له ماوقع حين أعترضه جماعة من قطاع الطرق وقاموا بنهبه وقتله .

    مع أن الرواية الأقرب الى الصحه هي ماأجمع كثير من المؤرخين على ذكرها من أن قاتله هو شخص يدعى فاتك بن جهل الأسدي والرواية تقول :

    أن ابن أخت فاتك الأسدي ويدعى ضبه بن يزيد العتبي كان مسافرا الى الكوفه هو عائلته وبينما هو في الطريق اعترض له قوم من الأعراب من قبيلة كلاب ودارت بينهم معركه قتل على أثرها والد ضبة وسبية أمه.

    كان ضبة العتبي مشهورا ببذاءة اللسان وبالغدر حتى بضيوفه ولعل ماحدث له هو نوع من الانتقام منه بسبب ذلك وفي يوم من الأيام مر قوم من أشراف الكوفة من أمام مضارب ضبة بن يزيد العتبي الذي كان متحاملا على أهل الكوفة بسبب مقتل والده فتعرض لهم يشتمهم بأقذر الألفاظ وجاهر بذلك الشتم وكان لذلك التصرف أسوأ الأثر في نفوس أشراف الكوفة الذين لجأوا الى أبي الطيب المتنبي لرد أعتبارهم فأنشد قصيدته المشهوره (( ماأنصف القوم ضبة)) فكانت من أفحش القصائد التي قالها أبو الطيب المتنبي في حياته حتى قيل أن أبي الطيب كان يكره سماعها اذا رويت له وقد تعرض فيها لوالدة ضبة فوصفها بأقذر الصفات وأسوأها وكانت هذه القصيده السبب الرئيسي لمقتله .
    حين علم خال ضبة المدعو فاتك بن جهل الأسدي داخلته الحمية لكون القصيدة تعرضت لأخته بالقبيح فأضمر الشر لأبي الطيب وأقسم بالانتقام منه. كان أبو الطيب في ذلك الوقت في مدينة شيراز وفي طريق عودته الى بغداد كان معه بغال محمله بالهدايا والطيب والكتب الثمينة والخلع النفيسة وحين أقترابه من منطقة تسمى دير العاقول خرج عليه فاتك بن جهل مباغته ومعه جنده فهاجموا أبو الطيب المتنبي وعملوا تقتيلا في قومه ويقال بأن أبو الطيب المتنبي حاول الهرب لما أحس بالهزيمة لولا أن أحد غلمانه جابهه بقوله :

    سيصفك الناس بالجبن لو هربت وأنت القائل :

    الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم

    فعاد أبو الطيب الى المعركه فقتل مع ولده محمد وكثير من جماعته ونهبت أمواله . وكان مقتله في رمضان بتاريخ 28 من عام 354 الموافق 27 أبريل 965 .

                  

08-14-2007, 08:01 PM

Abubaker Ahmed

تاريخ التسجيل: 06-14-2007
مجموع المشاركات: 1825

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: بكري الصايغ)

    شكرا بكري الصايغ
                  

08-15-2007, 00:54 AM

Dr. Faisal Mohamed

تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 1180

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: الناظر)

    سلامات الناظر وجميع المتداخلين

    كنت بصدد فتح بوست بعنوان واحة المتنبي، ولكن نسبة لانشغالي لم استطع. يوجد موقع على الانترنت ( واحة المتنبي
    ) فيه المجموعة الشعرية الكاملة لأبي الطيب المتنبي بالاضافة الى قصائد مسموعة. واليكم نبذة عن المتنبي من نفس الموقع.

    ===========================================

    فلسفة الحياة لدى شاعر الحكمة والطموح*

    أبو الطيب المتنبي، أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات. في شعره اعتزاز بالعروبة، وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة. ترك تراثاً عظيماً من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه، لاسيما في قصائده الأخيرة التي بدأ فيها وكأنه يودعه الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني. لنتعرف على هذا الشاعر العظيم ونقترب أكثر من سيرة حياته:

    ظهور الموهبة الشعرية:

    هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي. ولد في كندة بالكوفة سنة 303 هـ=915 م. وتقع حالياً على مسافة عشرة كيلومترات من النجف وخمسة وستون من كربلاء تقريباً. يقال إن والده الحسين سماه أحمد و لقبه بأبي الطيب، ويقال إنه لم يعرف أمه لموتها وهو طفل فربته جدته لأمه. قضى طفولته في كندة (304-308 هـ= 916-920م)، اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً، فقال الشعر صبياً، وهو في حوالي العاشرة، وبعض ما كتبه في هذه السن موجود في ديوانه. في الثانية عشر من عمره رحل إلى بادية السماوة، أقام فيها سنتين يكتسب بداوة اللغة العربية وفصاحتها، ثم عاد إلى الكوفة حيث أخذ يدرس بعناية الشعر العربي، وبخاصة شعر أبي نواس وابن الرومي ومسلم بن الوليد وابن المعتز. وعني على الأخص بدراسة شعر أبي تمام وتلميذه البحتري. انتقل إلى الكوفة والتحق بكتاب (309-316 هـ=921-928م) يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعراً ولغة وإعراباً. اتصل في صغره بأبي الفضل في الكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. كان أبو الطيب سريع الحفظ، فقيل أنه حفظ كتاباً نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه.

    من البادية إلى السجن:

    لم يستقر أبو الطيب في الكوفة، اتجه خارجاً ليعمق تجربته في الحياة وليصبغ شِعره بلونها، أدرك بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه، فرحل إلى بغداد برفقة والده، وهو في الرابعة عشرة من عمره، قبل أن يتصلب عوده، وفيها تعرف على الوسط الأدبي، وحضر بعض حلقات اللغة والأدب، ثم احترف الشعر ومدح رجال الكوفة وبغداد. غير أنه لم يمكث فيها إلا سنة، ورحل بعدها برفقة والده إلى بادية الشام يلتقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم و يمدحهم، فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. دخل البادية فخالط الأعراب، وتنقل فيها يطلب الأدب واللغة العربية وأيام الناس، وفي بادية الشام التقي القبائل والأمراء، اتصل بهم ومدحهم، وتنقل بين مدن الشام يمدح شيوخ البدو والأمراء والأدباء. قيل أنه تنبأ في بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد، فأسره وسجنه سنة 323-324 هجرية، حتى تاب ورجع عن دعواه. كان السجن علامة واضحة في حياته وجداراً سميكاً اصطدمت به آماله وطموحاته، فأخذ بعد خروجه منه منهك القوى يبحث عن فارس قوى يتخذ منه مساعداً لتحقيق طموحاته. عاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، فتنقل من حلب إلى أنطاكية إلى طبرية.


    شاعر لا يقل عن الأمير منزلة:

    وفيها التقى ببدر بن عمار سنة 328 هجرية، وهو أول من قتل أسداً بالسوط، فنعم عنده حقبة من الزمن، راضياً بما لقيه عنده من الراحة بعد التعب والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه وتحقيق آماله.
    فعاوده الضجر الذي ألفه والقلق الذي لم يفارقه، فسقم من حياة الهدوء ووجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعراً متكسباً كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعراً فارساً لا يقل عن الأمير منزلة. فلم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه منه استعاد إرادته وكبرياءه. فالسجن أسهم في تعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذلك أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه. أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب ومحاولة الإبعاد بينهما، جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير ومن الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير. لقد رأى ذلك إهانة وإذلالاً، عبّر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلاً بصديق له هو أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني في قوله : لا افتخار إلا لمن لا يضام. وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.

    الاندفاع المخلص نحو سيف الدولة:

    ظل باحثاً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 ه، وعن طريقه اتصل بسيف الدولة بن حمدان، صاحب حلب، سنة 337 ه، انتقل معه إلى حلب فمدحه وحظي عنده. في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه، فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع ملاحمه الشعرية، استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم، فانشغل انشغالاً عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما. شعر سيف الدولة بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر، واحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء، وكان هذا كبيراً على حاشية الأمير. ازداد أبو الطيب اندفاعاً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرماً مميزاً عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.

    خيبة الأمل وجرح الكبرياء:

    وهذا ما كان يغري حساده به فيستغلونه ليوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى أصابوا بعض النجاح. وأحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير. وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر وصديقه الأمير، ولربما كان هذا الاتساع مصطنعاً إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما. وأحس أبو الطيب بأن السقف الذي أظله أخذ يتصدع، وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وأصابته خيبة الأمل لاعتداء ابن خالوية عليه بحضور سيف الدولة ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، لم يستطع أن يحتمل، فعزم على مغادرته، ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب الصريح والفراق، وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 ه ومنها: لا تطلبن كريماً بعد رؤيته. فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية الأمير. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلباً، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، وبقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة من مصر حتى كادت الصلة تعود بينهما.

    الممدوح الجديد:

    فارق أبو الطيب حلباً إلى مصر وفي قلبه غضب كثير، وكأنه يضع خطة لفراقها ثم الرجوع إليها كأمير عاملاً حاكماً لولاية يضاهي بها سيف الدولة، ويعقد مجلساً يقابل سيف الدولة. من هنا كانت فكرة الولاية أملا في رأسه ظل يقوي وأظنه هو أقوى الدوافع. دفع به للتوجه إلى مصر حيث كافور الذي يمتد بعض نفوذه إلى ولايات بلاد الشام. في مصر واجه بيئة جديدة ومجتمعاً آخر وظروفاً اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه. ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملاً، ووطن نفسه على مدحه راضياً لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابراً محتملاً كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره يحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. في هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة، وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة. ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي غير عربي، إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت. وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساساً يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان. وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه، فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء، بدلاً من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه. ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا. إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته مثلت باباً سهلاً لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه. وأكاد أعتقد أنه كان مستعداً للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره. وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحياناً وإلى المواقف الحادة. كل ذلك يأخذ طابعاً في ذهن الحاكم مغايراً لما في ذهن الشاعر.

    صريح في الرضا والسخط:

    بدأت المسافة تتسع بينه وبين كافور، وكلما اتسعت كثر في مجالها الحاسدون والواشون، وكلما أحس الشاعر ولو وهما بانزواء كافور عنه تيقظت لديه آفاق جديدة لغربته، وثارت نفسه وأحس بالمرارة إحساساً حاداً. لقد أحس بأنه لم يطلب فوق حقه ولم يتصرف بما هو خطأ، لأنه لم يصدر منه تجاوز على حق أحد. إلا أن هذا التصور البريء في ذهن الشاعر بعيد عن واقع الصورة التي في ذهن حاشية كافور. وما يصل إلى كافور من أقوال عن الشاعر، وعادة المتملقين من الوجهاء يتوصلون إلى الحاكم بواسطة حاشيته وإغراء بعض أفرادها بأن يكونوا جسوراً بينهم وبين سيدهم. هذه الجسور قد تقطع عند الحاجة بين الحاكم وبين خصومهم. أما أبو الطيب فلم يحسن هذا اللون من التظاهر ولم يفكر فيه، وإنما كان صريحاً بكل شيء في رضاه وسخطه صريحاً بما يرغب دون احتيال ولا محاورة، فما دام يشعر بالحق طالب به دون تأجيل. هذه الصراحة كثيراً ما أوقعته في مواقف حرجة، عند سيف الدولة، وهنا أيضاً عند كافور. لذا صارت للمتنبي صورة سلبية في نفس كافور، وخشي على ملكه إذا أعطاه ما يمكنه من ذلك. ظل أبو الطيب يرغب ويلح في طلبه، وظل كافور يداوره ويحاوره. كافور يحسن الاحتيال والمداورة وأبو الطيب صريح لا يحسن من ذلك شيئاً حتى وصل إلى حالة لم يستطع بعدها أن يبقى صامتاً.
    وشعر كافور برغبته في مغادرته فظن أن تشديد الرقابة عليه وإغلاق الحدود دونه سيخيفه ويمنعه من عزمه، ويخضعه كما يفعل مع غيره من الشعراء بالترهيب حيناً والذهب حيناً آخر. إلا أن أبا الطيب لم يعقه ذلك كله عن تنفيذ ما عزم عليه بعد أن أحس باليأس من كافور، وندم على ما فعل بنفسه في قصده إياه، وهو عند أكثر أصدقائه إخلاصاً وحباً. وظل يخطط إلى الهرب ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى. وخرج من مصر، وهجاً كافوراً بأهاجيه المرة الساخرة. إن تحديه لكافور في هروبه وركوبه كل المخاطر، ثم هذه الطاقة المتفجرة من السخط والغضب في هجائه يدل على مبلغ اليأس والندم في نفسه، ويبدو أنه كان حائراً حين فارق سيف الدولة، وحاول أن يمنع نفسه من التوجه إلى كافور. إلا أنه رجح أمر توجهه إلى مصر بعد إطالة فكر. ويبدو أنه فكر بهذه النتيجة اليائسة من ملك مصر أراد أن يتقدم من نفسه على ارتكابه خطيئة التوجه إليه واحتمالها مدحه، والتقيد بأوامره حينا. فهو حاول بأي وجه أن يشعر بالانتصار على هذه السلطة، عندما تحداه في هروبه، وفخره بالشجاعة والفروسية في اقتحام المخاطر في طريقه إلى الكوفة في مقصورته: ضربت بها التيه ضرب القمار.

    مدح ابن العميد:

    بعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت له معه مساجلات.


    مدح عضد الدولة:

    ثم رحل إلى شيراز، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي.

    معركة العودة:

    ثم عاد من شيراز يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً. فاقتتل الفريقان حتى قتل أبو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح (354 هـ= 965 م) بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
    وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي. وكان التمس منه خفارة لبعض الرجالة ليسلكوا به الطريق ويحموا عنه فلم يفعل، وقال معي سيفي ورمحي أخفّر. ويقال إن الذين خرجوا عليه من بني كلاب مع ضبة بن محمد العيني لما هجاه به: ما أنصف اليوم ضبُ. وكان الفرسان نحو خمسين فارساً، فقتل منهم جماعة وجرح جماعة وأثخن فيهم عدة، وقدرت الحرب من ضحوة إلى الأولى، ثم كلّ أبو الطيب وولده ومملوكه، فلما تطاول الأمر استرسل وظفروا به. فقتلوه وولده والمملوك. وأخذ جميع ما كان معه، ودفنوه في الموضع، وكان له قيمة كثيرة، ولم يكن طلبهم ما معه سوى نفسه. والذي تولى قتله منهم فاتك بن فراس بن بداد وكان قرابة لضبّة. ويقال أنه لما قرب منه فاتك كان معه عبد يقال له سراج، فقال له: يا سراج أخرج إليّ الدرع، فأخرجها ولبسها، وتهيأ للقتال، ثم قال هذه القصيدة.


    أفرغ الدرع يا سراج وأبصر ما ترى اليوم ها هنا من قتال
    فلئن رحت ف يالمكر صريعاً فلع للعالمين كل الرجال


    ثم قال له فاتك: قبحاً لهذه اللحية يا سبّاب. فقال فاتك ألست الذي تقول:

    الخيل والليل والبيداء تعرفني والطعن والضرب والقرطاس والقلم

    فقال أنا عند ذاك يابن اللخناء العفلاء. ثم قاتل وبطح نفساً أو نفسين، فخانته قوائم فرسه، فغاصت إحداها في ثقبة كانت في الأرض، فتمكن منه الفرسان وأحاطوا به وقتلوه واقتسموا ماله ورحله، وأخذوا ابنه المحسّد وأرادوا أن يستبقوه، فقال أحدهم لا تفعلوا، واقتلوه، فقتلوه. وحكى الشريف ناصر قال: عبرت على بدنه وكان مفروقاً بينه وبين رأسه، ورأيت الزنابير تدخل في فيه وتخرج من حلقه. أعاذنا الله من كل سوء ومكروه بمنّه وطوله. وكتب في سنة ثلث وثمانين وأربع مائة.

    عصر أبي الطيب:

    شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها. فقد كانت فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العرب والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب. ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرضت الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحركات الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة. لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ووسيلة صلة بينه وبين الحكام والمجتمع، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلاً يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعراً معروفاً استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته. في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيب، وعى بذكائه الفطري وطاقته المتفتحة حقيقة ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلاً شغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن في مستقبل الأيام أثمر عن عبقرية في الشعر العربي. كان في هذه الفترة يبحث عن شيء يلح عليه في ذهنه، أعلن عنه في شعره تلميحاً وتصريحاً حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا ً: أبا عبد الإله معاذ أني. إلى أن انتهى به الأمر إلى السجن.

    نسب شريف:

    في نسب أبو الطيب خلاف، إذ قيل أنه ابن سقاء كان يسقي الماء بالكوفة، وقيل أنه ابن عائلة فقيرة، وقيل أن أصوله من كندة، وهم ملوك يمنيون. ودس خصومه في نسبه، لكن الأستاذ الشاعر محمد السويدي يرجح أن نسب أبو الطيب نسب شريف، واستدل على ذلك بالتحاقه في مدرسة الأشراف العلويين وهو صغير.

    *الـمـصـدر: واحة المتنبي
                  

08-15-2007, 01:42 AM

Dr. Faisal Mohamed

تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 1180

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: الناظر)

    Quote: اما القصيدة التي بها قتل فبدايتها

    ما أَنصفَ القومُ ضبّه ************* وأمّــــــــه الطُــرطُــبَّـــه

    و قتله فاتك بن أبي جهل الأسدي، خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني

    مناسبة القصيدة

    كان قوم من أهل العراق قتلوا يزيد الضبي ونكحوا امرأته، ونشأ له منها ولد بالعين يسمى ضبة، يغدر بكل أحد نزل به أو أكل معه أو شرب. واجتاز أبو الطيب بالطف، فنزل بأصدقاء له. وسارت خيلهم إلى هذا العبد واستركبوه، فلزمه المسير معهم. فدخل هذا العبد الحصن وامتنع به، وأقاموا عليه، وهو يشتمهم أقبح شتم، ويسمي أبا الطيب باسمه. وأراد القوم أن يجيبوه بمثل ألفاظه القبيحة وسألوه ذلك فتكلف لهم على مشقة. وعلم أنه لو سبه لهم معترضاً لم يفهم ولم يعمل فيه عمل التصريح، فخاطبه على ألسنتهم من حيث هو، فقال أبو الطيب هذه القصيدة في جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.


    ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّه ...... وَأُمَّهُ الطُرطُبَّه
    رَمَوا بِرَأسِ أَبيهِ ...... وَباكَوا الأُمَّ غُلبَه
    فَلا بِمَن ماتَ فَخرٌ ...... وَلا بِمَن نيكَ رَغبَه
    وَإِنَّما قُلتُ ما قُل ...... تُ رَحمَةً لا مَحَبَّه
    وَحيلَةً لَكَ حَتّى ...... عُذِرتَ لَو كُنتَ تيبَه
    وَما عَلَيكَ مِنَ القَت ...... لِ إِنَّما هِيَ ضَربَه
    وَما عَلَيكَ مِنَ الغَد ...... رِ إِنَّما هُوَ سُبَّه
    وَما عَلَيكَ مِنَ العا ...... رِ إِنَّ أُمَّكَ قَحبَه
    وَما يَشُقُّ عَلى الكَل ...... بِ أَن يَكونَ اِبنَ كَلبَه
    ما ضَرَّها مَن أَتاها ...... وَإِنَّما ضَرَّ صُلبَه
    وَلَم يَنِكها وَلَكِن ...... عِجانُها ناكَ زُبَّه
    يَلومُ ضَبَّةَ قَومٌ ...... وَلا يَلومونَ قَلبَه
    وَقَلبُهُ يَتَشَهّى ...... وَيُلزِمُ الجِسمَ ذَنبَه
    لَو أَبصَرَ الجِذعَ شَيئاً ...... أَحَبَّ في الجِذعِ صَلبَه
    يا أَطيَبَ الناسِ نَفساً ...... وَأَليَنَ الناسِ رُكبَه
    وَأَخبَثَ الناسِ أَصلاً ...... في أَخبَثِ الأَرضِ تُربَه
    وَأَرخَصَ الناسِ أُمّاً ...... تَبيعُ أَلفاً بِحَبَّه
    وَأَخبَثَ الناسِ أَصلاً ...... في أَخبَثِ الأَرضِ تُربَه
    وَأَرخَصَ الناسِ أُمّاً ...... تَبيعُ أَلفاً بِحَبَّه
    كُلُّ الفُعولِ سِهامٌ ...... لِمَريَمٍ وَهيَ جَعبَه
    وَما عَلى مَن بِهِ الدا ...... ءُ مِن لِقاءِ الأَطِبَّه
    وَلَيسَ بَينَ هَلوكٍ ...... وَحُرَّةٍ غَيرُ خِطبَه
    يا قاتِلاً كُلَّ ضَيفٍ ...... غَناهُ ضَيحٌ وَعُلبَه
    وَخَوفُ كُلِّ رَفيقٍ ...... أَباتَكَ اللَيلُ جَنبَه
    كَذا خُلِقتَ وَمَن ذا ال ...... لَذي يُغالِبُ رَبَّه
    وَمَن يُبالي بِذَمٍّ ...... إِذا تَعَوَّدَ كَسبَه
    أَما تَرى الخَيلَ في النَخ ...... لِ سُربَةً بَعدَ سُربَه
    عَلى نِسائِكَ تَجلو ...... فَعولَها مُنذُ سَنبَه
    وَهُنَّ حَولَكَ يَنظُر ...... نَ وَالأُحَيراحُ رَطبَه
    وَكُلُّ غُرمولِ بَغلٍ ...... يَرَينَ يَحسُدنَ قُنبَه
    فَسَل فُؤادَكَ يا ضَب ...... بَ أَينَ خَلَّفَ عُجبَه
    وَإِن يَخُنكَ لَعَمري ...... لَطالَما خانَ صَحبَه
    وَكَيفَ تَرغَبُ فيهِ ...... وَقَد تَبَيَّنتَ رُعبَه
    ما كُنتَ إِلّا ذُباباً ...... نَفَتكَ عَنّا مِذَبَّه
    وَكُنتَ تَفخَرُ تيهاً ...... فَصِرتَ تَضرِطُ رَهبَه
    وَإِن بَعُدنا قَليلاً ...... حَمَلتَ رُمحاً وَحَربَه
    وَقُلتَ لَيتَ بِكَفّي ...... عِنانَ جَرداءَ شَطبَه
    إِن أَوحَشَتكَ المَعالي ...... فَإِنَّها دارُ غُربَه
    أَو آنَسَتكَ المَخازي ...... فَإِنَّها لَكَ نِسبَه
    وَإِن عَرَفتَ مُرادي ...... تَكَشَّفَت عَنكَ كُربَه
    وَإِن جَهِلتَ مُرادي ...... فَإِنَّهُ بِكَ أَشبَه


    *جميع الحقوق محفوظة © 2006 - القرية الألكترونية في أبو ظبي
                  

08-15-2007, 06:32 AM

abuguta
<aabuguta
تاريخ التسجيل: 04-20-2003
مجموع المشاركات: 8276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: Dr. Faisal Mohamed)

    Quote: العاقول خرج عليه فاتك بن جهل مباغته ومعه جنده فهاجموا أبو الطيب المتنبي وعملوا تقتيلا في قومه ويقال بأن أبو الطيب المتنبي حاول الهرب لما أحس بالهزيمة لولا أن أحد غلمانه جابهه بقوله :

    سيصفك الناس بالجبن لو هربت وأنت القائل :

    الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم



    وهذا ما اراد ان ينوه اليه الناظر

    بان المتنبى وجد فرصة للهروب من ذلك الكمين ...لكن غلامه ذكره ببيته المشهور
    وهذا البيت من ضمن القصيدة التى ذكرها صاحب البوست ولو لا تلك القصيدة
    لما وجد الغلام دليلا يذكر به المتنبى ويمنعه من الهروب

    وغيرى اعلم
    والله فوقنا عليم
    ودى لكم
                  

08-15-2007, 10:07 AM

الناظر

تاريخ التسجيل: 12-18-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه القصيدة لأبي الطيب المتنبي والتي بسببها قتل : (Re: الناظر)

    مقتله

    لما كان في بلاد فارس دعاه أبو العباس الصاحب بن عباد لزيارته في أصفهان ليمدحه كما مدح غيره من الملوك ،وضمن له نصف ما يملك من مال ، ولكن المتنبي لم يقم وزنا لذلك وأهمل طلبه ،بل ربما سخر منه مما جعل الصاحب " يتسقط مثالبه في شعره "ولما خرج من شيراز لم يصطحب معه حراسا له اعتداداً منه بنفسه ،وفي الطريق قرب النعمانية خرجت عليه سرية على رأسها فاتك بن جبل الأسدي وكان بينه وبين المتنبي عداوة شديدة بسبب هجاء هذا الأخير لخال فاتك هجاء مقذعا بالبائية التي ابتدأها بقوله :


    ما أنصف القوم ضبة = وأمه الطرطبَّة
    ودارت بينهما معركة أبلى فيها المتنبي بلاء حسنا .لكن الكثرة تغلب الشجاعة . وأسقط في يد المتنبي وأيقن بالهلاك إذا استمر في القتال ،لذلك قرر إنقاذ نفسه وأركن إلى الفرار . وعز ذلك على غلامه وراوية شعره فصرخ فيه قائلا ويح نفسي ! ألست القائل :


    الخيل والليل والبيداء تعرفني = والسيف والرمح والقرطاس والقلم
    وشعر المتنبي بالخجل لقول غلامه هذا . وفضل الموت على التنصل من شعره وعاد إلى القوم وبقي يقاتلهم حتى سقط قتيلا ...

    وهكذا سقط هذا الشاعر مع ابنه محشد وغلامه مفلح قتلى ، وسلبت أموالهم وما كانوا يحملونه من هدايا ،ولم يبق سوى ليلتين لانتهاء شهر رمضان المبارك سنة 354 هـ ـ
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de