|
شكرا البشير! عبدالرحمن الراشد
|
Quote:
كنت قلقا من ان أخسر الرهان خشية ان يرفض الرئيس عمر البشير استقدام القوات الدولية، التي تعهد برفضها مهما كان. أخيرا قبل بعد أشهر طويلة وشاقة من انباء عن المفاوضات بين الحكومة السودانية وممثلين دوليين من اجل اقناع الخرطوم بالقبول بقوات دولية لإنهاء القتال في اقليم دارفور. ورهاني حول ما نسب الى الرئيس انه سيذهب الى حد تطليق امرأته، ولا يقبل بقوات دولية على أرض السودان، راهنت على انه سيقبل بالقوات الدولية او سيخسر ما هو اكثر، اي السودان.
أخيرا قبل، لكن من دون ان تخدش كرامة السودان او رئيسه، حيث وضع على رأس القوة الدولية جنرال افريقي، وشكلت بمشاركة قوات افريقية. والحقيقة ان الرئيس فاجأنا بأنه وافق على أكثر مما توقعناه منه، حيث اقر طلب الامم المتحدة ان تكون القوة من 26 الف جندي تحت البند السابع، الذي يسمح لها باستخدام السلاح، لتثبيت السلام. بذلك وافق على اكبر قوة دولية مسلحة في تاريخ الامم المتحدة.
ولهذا لا بد ان نشكر الرئيس البشير، بغض النظر عن الرهان وحلف اليمين، لأن مصلحة السودان تبقى أهم من كل اعتبار. فقد بلغت الامور مرحلة مماثلة لما قبل احداث غزو العراق، حيث صار السكوت غير ممكن على الحرب الاهلية في الاقليم التي قتلت نحو مائتي الف سوداني بدأت معاركهم منذ عام 2003 ومن نزاعات بسيطة على الأرض والماء والكلأ بسبب الجفاف.
لم يبق أحد الى جانب السودان من الدول الرئيسية في مجلس الأمن، وآخرها كانت دولة الصين، التي رغم مصالحها النفطية في السودان، قالت أخيرا انها صارت مقتنعة بضرورة التدخل الدولي، من اجل ايقاف الاقتتال الداخلي وإنهاء المأساة وصوتت الى جانب القرار الدولي بتفاصيله.
الرئيس البشير كان حكيما بقبوله بالقوة الاممية افريقية، وبالفصل السابع، حتى يعفي السودان من محنة خطيرة كانت تلوح ضد بلاده في الأفق. لم يعد هناك شك في ان التدخل بالقوة كان سيحظى، بخلاف غزو العراق، بتأييد عالمي واسع لم تشهده اي حرب أخرى. وهذا ما يجعل الرئيس السوداني اكثر حكمة من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي وجد نفسه متورطا بين خطبه الحماسية للشارع العربي والبوارج العسكرية التي اصطفت امامه في الخليج، فرفض العروض التصالحية وقضي عليه وعلى العراق في نهاية مروعة.
حان الوقت للرئيس البشير ان يبني السودان، بعد ان انشغل لنحو عشرين عاما من الحروب في كل الاتجاهات وانتهت كلها في الاخير بلا انتصارات، كما حدث في الجنوب. السودان يستحق ان يخرج من عقود الازمات ويلم شمل ملايين من مواطنيه المهجرين في انحاء العالم. بنهاية ازمة دارفور ستكون الحكومة المركزية قادرة على ان تبدأ تاريخا جديدا، بسودان أفضل.
[email protected] |
|
|
|
|
|
|
|
|
|