اطلقوا سراح نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي

Quote: ظل ولا يزال يشغل البال سؤال يتردد بشكل دائم وهو : لماذا لا تتوحد فسيفساء فصائل التجمع الوطنى الديمقراطى المشاركة فى مؤسسات حكومة الوحدة الوطنية السيادية و التشريعية والتنفيذية على المستويين الاتحادى والولائى على أمل ان ينجزوا ولو الحد الادنى من الاهداف التى ناضلوا من أجلها زمناً طويلاً !!؟؟. وأصبح تساؤل الامس القديم اكثر إلحاحاً اليوم إثر وصول قيادات جبهة الشرق الى البلاد وإنضمامهم الى الحكومة وقد استبق المؤتمر الوطنى وصولهم بسيل من عبارات الترحيب والغزل واشبعت قياداته تلك العودة بتصريحات وأقوال تصب فى اتجاه ان اياديهم ممدودة وقلوبهم مفتوحة وعقولهم مشرعة وغصون زيتونهم ممدودة وحمائم سلامهم مرفرفة وشىء جميل ان يتحمس المؤتمر الوطنى لعودة جبهة الشرق ولكن تبقى العبرة بالنتائج وليس بالمقدمات وعلى اى حال مهما قال المؤتمر الوطنى فانه ليس بمقدوره ان يخدع الناس بانه قد تحول بين عشية وضحاها من صقر الى حمامة ومن قارع لطبول الحرب الى داعية لسبل السلام. ومن دون الدخول فى دهاليز وتفاصيل الوقائع والاحداث التى انتهت الى حقيقة واحدة وهى ان كل فصائل التجمع الوطنى الديمقراطى وجدت نفسها واحدة تلو الاخرى داخل مؤسسات حكومة الوحدة الوطنية سواء كانت التنفيذية او التشريعية لدرجة انه لم يبق خارجها من يرمها بحجر. وتجنبى للدخول فى التفاصيل امر اقتضه ظروف المقال وتحاشى الانزلاق فى متاهات لا يصح الانزلاق فيها كما فرضته ايضا حقيقة ان أمر مشاركة التجمع ما عادت تحتاج الى دليل او قرينة للتعرف عليها سيما وانه ليس هناك جانب خفى فى الصورة للدرجة التى يحتاج فيها الى بيان او تبيين لان الكل بات يعلم ويعرف الاسباب والظروف التى حملت التجمع بفصائله المختلفة الى المشاركة فى مؤسسات الحكم الانتقالى الناتجة عن اتفاقيات السلام ولعله لا يجادل اى منصف بان الراحل المقيم الدكتور جون قرنق كان له بالغ الاثر فى اقناع حلفائه بما انتهوا اليه من قبول خيار كانوا قد رفضوه مبتدئاً بحجة ان نسبة المشاركة ظالمة وغير عادلة ولكنه مكث قرابة الاسبوعين فى القاهرة وقام بجهد كبير واتصالات مضنية وقطع على نفسه عهداً ووعداً بأن يعمل على تغيير الاوضاع بطريقته الخاصة بما يؤدى الى تحقيق النتائج التى يطالب بها التجمع بيد ان الاقدار لم تسعفه ورحل عنا وجعلنا نواجه مصيرنا لوحدنا ونقرر بشأنه وفقاً لمصالحنا. من خلال رصد أمين لموقف التجمع من عملية الحل السياسى الشامل المتفاوض عليه نلاحظ انه شدد على رفض الحلول الجزئية والثنائية ورفض تعدد المنابر والمبادرات واصر على ان يكون الحل واحداً وشاملاً للازمة السودانية ولكن نظرا لاصرار المؤتمر الوطنى على سياسة تجزئة الحلول وتعدد المنابر وتشتيت الاطراف ظناً منه انه سيكون الكاسب والرابح ونتيجة لمجاراة المجتمع الدولى لخط المؤتمر الوطنى سارت الامور فى اتجاه غير الذى حدده التجمع وجرت مياه فى مسارات عدة جرفت التجمع عن طريقه الرافض للتجزئة وأجبرته على السير فى طريقها فوجد فصائله موزعة على منابر ومبادرات وعواصم مختلفة فجزء منه بدأ التفاوض فى نيفاشا وبعضه فاوض فى القاهرة وأطراف منه فاوضت فى أبوجا وأخرى فى اسمرا حيث ابرمت الاتفاقيات وافضت الى وصول اطراف التجمع الى الحكم واحدة تلو الاخرى بدءأً من الحركة الشعبية واليوساب عن طريق نيفاشا ،مروراً بالاتحادى الديمقراطى والشيوعى والحزب القومى والبعث والقيادة الشرعية والتحالف والنقابات والحركة الثورية والمستقلين عن طريق القاهرة ووصل عن طريق ابوجا الى السلطة منى اركو مناوى عضو المكتب التنفيذى للتجمع وأخيراً إلتحق بها مؤتمر البجا والاسود الحرة عن طريق أسمرا وبوصولهم وأدائهم للقسم واستلامهم لمواقعهم بالدولة لم يتبق من أطراف التجمع من هو خارج العملية السلمية الا عضوى هيئة القيادة (دريج وعبدالواحد) وعضو المكتب التنفيذى الدكتور شريف حرير وحسب الراجح فانهم فى الطريق الى الالتحاق بمن سبق اذا نجحت جولة المفاوضات المقبلة والتى تنعقد تحت رعاية الامم المتحدة والاتحاد الافريقى. أصبحت فصائل التجمع ترتبط مع الحكومة بجملة من اتفاقيات السلام (نيفاشا،القاهرة،أبوجا،أسمرا)أحصت هذه الاتفاقيات كل شاردة وواردة وجمعت بين طيات نصوصها ومواد برتوكولاتها وابواب ملاحقها كل صغيرة وكبيرة ووضعت اساساً سليماً للاصلاح والتغيير نحو الاحسن وبالرغم من مرور وقت ليس بالقصير على ابرام آخرها الا ان الواقع الماثل بالبلاد والذى لا يختلف عليه اثنان يعكس تضييقاً على الحريات ومصادرة للحقوق وتكميما للافواه وواصية وقيودا على حرية الحياة الحزبية والنقابية وإستشراء للفساد وهيمنة واضحة لحزب المؤتمر الوطنى على مقاليد الامور بالبلاد وفى مجال التشريع هناك قوانين سارية رغم تعارضها مع الدستور وتناقضها مع اتفاقيات السلام وهناك قانون الانتخابات الذى يمس عصب الحياة السياسية ومستقبل الحكم يجرى طبخه فى كواليس مظلمة داخل دهاليز السلطة بعيداً عن القوى السياسة الاخرى أما مواعيد إجراء الانتخابات فهذه من الاسرار العليا المحظورة على جميع الاحزاب عدا المؤتمر الوطنى .إن نظرة فاحصة وسريعة لحال هذه الاتفاقيات تعكس بما لا يدع مجالاً للشك انها تعانى من مشاكل تصلب الشرايين وانسداد القنوات وكل الاطراف تجأر بالشكوى من عدم جدية المؤتمر الوطنى فى التنفيذ وتذهب صيحاتها ادراج الرياح لانه لا حياة لمن تنادى فقد بح صوت رئيس الحركة الشعبية الفريق سلفاكير ميارديت من الشكوى واضطر الامين العام للحركة الشعبية فاقان اموم الى استدعاء الامريكان للتدخل لايجاد حل لملف أبيى العالق بين شريكى نيفاشا وفى نفس السياق سبق لرئيس التجمع مولانا السيد محمد عثمان الميرغنى ان دعا الوسيط المصرى لانقاذ حياة اتفاقية القاهرة أما القائد منى اركو مناوى فقد شكى وبكى كثيرا من تجاوزات المؤتمر الوطنى لاتفاقية ابوجا وهدد اكثر من مرة بالانسحاب منها والعودة الى الغابة ولا اعتقد بان اتفاقية اسمرا سيكون حظها افضل من سابقاتها لان التجربة اثبتت بان ما تمنحه اتفاقيات السلام من مكاسب للشعب السودانى يجهضها المؤتمر الوطنى بممارساته وسياساته. هذا الوضع الذى تسوده مصاعب تطبيق الاتفاقيات يدعونا للتأكيد على انه لم يعد أمام التجمع الا تقييم عملية المشاركة التى امتدت لنحو العامين تقريباً المليئة بالتطورات على كافة الاصعدة وهى فترة زمنية كافية لاخضاع التجربة للتقييم الموضوعى وبالاساليب العلمية كما ينبغى ايضا البحث عن صيغة عاجلة وسريعة لتوحيد كل الاتفاقيات وتشكيل جبهة موحدة من فصائل التجمع داخل الحكومة تعمل على اجبار المؤتمر الوطنى على الجدية فى تطبيق وتنفيذ نصوص وروح الاتفاقيات ومحاصرته ووضعه فى خانة وظروف تجبره على الاذعان بخروج مؤسسات الدولة من تحت إمرته اما اذا فشل هذا الخيار واصر المؤتمر الوطنى على عدم الوفاء للاتفاقيات فان استمرار فصائل التجمع فى المشاركة فى هذه الحالة لا يكون تخاذلا فحسب بل يتحول الى جريمة سياسية لا تغتفر وبالرغم من ان التجمع الوطنى الديمقراطى امام امتحان صعب الا اننا على قناعة تامة انه سيتخذ القرار السليم ويخرج من المأزق بسلام.