(خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:16 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-25-2007, 12:51 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
(خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين

    وضحاياها المثقفاتية والمستنيرون
    ----------------------------------------------

    وقفة مع المنهج العلمي Scientific Method
    لابد من هذه الوقفة مع المنهج العلمي للنظر في تقييم الوافدات المتوشّحة بلباس العلم، لتكون النظرة التقويمية لها صحيحة مؤصلة. حيث يتميّز المنهج العلمي بدقّته وموضوعيته، ويقصد بالمنهج العلمي تلك الإجراءات التي أجمع العلماء على استخدامها عبر العصور؛ لتكوين تشكيل أو تمثيل صحيح لما يجري من وقائع وظواهر في العالم.
    وحيث إن القناعات الشخصية والقناعات الجماعية تؤثر على انطباعاتنا، وعلى تفسيرنا أو ترجمتنا للظواهر الطبيعية، فإن استخدام إجراءات معيارية قياسية منهجية يهدف للتقليل من هذا التأثير عند تطوير نظرية ما.
    ومن المعلوم أن مراحل المنهج العلمي في الدراسات الكونية والإنسانية والاجتماعية تبدأ بالمشاهدات والملاحظات للظواهر، ثم تصاغ على أساسها الفرضيات، ثم إذا ثبتت بتجارب صحيحة وكانت لنتائجها مصداقية إحصائية تصبح نظرية، وإلا رُفضت الفرضية أو عُدّلت. ثم تمرّ النظرية أيضاً بتجارب وتختبر نتائجها لتكون حقيقة، أو تقف عند حدود النظرية أو تلغى. والمنهج العلمي يؤكد على ضرورة الأخطاء الإحصائية عند ذكر النتائج واعتمادها،وهذه يمكن توقّعها أو قياسها، ومن ثم تضاف للنتيجة ويتم تعديلها. كما ينبّه على الأخطاء النابعة من الرغبة الشخصية، أو تأثير النتيجة المأمولة Wishfull thinking حيث يفضل الباحث نتيجة على أخرى، و( الزلل التراجعي) Regressive fallacy الذي يكون مجرد ربط من الباحث بين الملاحظة وشيء مقترن بها دون أن يكون بينهما علاقة سوى الاقتران. أما أسوأ الأخطاء على الإطلاق أن تكون الاختبارات عاجزة عن إثبات الفرضية، ويدعي الباحث إثبات الفرضية بها، ويغض الطرف عن نتائج الاختبارات التي لا تتناسب مع الفرضية التي يرغب في إثباتها.
    كما أنه من الأخطاء الكبيرة عدم إجراء التجارب (عدم وضع الفرضية تحت الاختبار)، وبالتالي الخروج بنظرية من المشاهدات اعتماداً على المنطق البسيط والإحساس العام (الانطباع).
    وليست الوقفة مع المنهج العلمي في تقويم هذه الوافدات من قبيل التكلّف والتعسّف كما يدّعي البعض، فالإسلام يدعونا إلى المنهجية العلمية بدعواته المتنوعة للتأمل والتفكر والعلم والتعقّل والتذكّر، وقد وضع العلماء المسلمين أصول المنهج العلمي الصحيحة سواء فيما يتعلق بالنقل أو العقل، إذ لم تكن الدعاوى تقبل لمجرد التدليل عليها بنصوص الوحيين أو أدلة العقل دون تحقيق وتدقيق، فالتحقيق: إثبات المسألة بدليلها، والتدقيق: فحص وجه الدلالة من الدليل ومدى مناسبته للمسألة (الدعوى). وكان شعارهم: إذا كنت ناقلاً، فالصحة (توثيق النص) أو مدعياً فالدليل، وكانوا روّاداً في التمييز بين الحقائق والدعاوى، وأخذ الحق ورد الباطل مهما مزج بينهما المبطلون ولبّسوا..

    وبالنظر للبرمجة اللغوية العصبية في ضوء هذه الوقفة مع المنهج العلمي، نجدها تفتقر إليه في عمومها وأغلب تفصيلاتها، وربما لهذا لم تلق ترحيباً في الأوساط العلمية في معظم دول العالم، ولاقت رواجاً حيث تكون سطحية التفكير والرغبة في الجديد والرغبة في الوصفات السريعة. وتفصيل نقدها من الناحية العلمية يمكن تلخيصه فيما يلي:
    - كثير من المشاهدات التي بنيت عليها فرضيات الـNLP ليس لها مصداقية إحصائية تجعلها فرضيات مقبولة علمياً.
    - تعامل الفرضيات وتطبق ويدرب عليها الناس على أنها حقائق رغم أنها لا ترقى لمستوى النظرية.
    - نظرياتها مقتبسة من مراقبة بعض الظواهر على المرضى النفسيين الذين يبحثون عن العلاج. ثم عمّمت على الأصحاء الذين يبحثون عن التميّز.
    - أكثر روادها من القادرين على دفع رسومها: الباحثين عن الحلول السريعة Quik fix، بدلا عن العمل Hard Work

    (عدل بواسطة Mohamed E. Seliaman on 07-11-2007, 09:28 AM)

                  

06-25-2007, 12:55 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)


    كيف صيرت «حركة مساعدة الذات» أمريكا عاجزة؟!
    نشرت مجلة المعرفة في عددها الأخير رقم 143 المقال التالي:

    في الوقت الذي تتصدر فيه كتب تطوير الذات قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في أمريكا والعالم، يظهر كتاب جديد في أمريكا منبع هذه الصرعة ليشن هجومًا كاسحًا على حركة مساعدة النفس ومروجيها متهمهم بخداع الفرد الأمريكي وإحداث تغيرات سلبية في المجتمع الأمريكي على امتداد العقود الأربعة الماضية.



    الكتاب الصادر في عام 2005م الذي يحمل عنوانًا طريفًا كاشفًا SHAM: How the Self-Help Movement Made America Helpless.

    «كيف صيرت حركة مساعدة الذات أمريكا عاجزة» من تأليف الكاتب الصحفي المعروف ستيف ساليرنو Steve Salerno هو أحد الكتب التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في نقد جوانب مهمة في المجتمع الأمريكي ومنها حركة تطوير الذات التي أغرقت المجتمع الأمريكي فيما كانت تلوح له بقشة النجاة. والكاتب يختصر اسم هذه الحركة Self Help and Self Actualization Movement «حركة مساعدة النفس و تحقيق الذات» تحت مسمى SHAM وكلمة sham الإنجليزية تعني، ويا للمفارقة، الشيء الزائف، فهل هذه الحركة هي في الواقع ليست إلا وهمًا زائفًا خدرت المجنمع الأمريكي مدة من الزمن، وماتزال؟ هذا ما يؤكده مؤلف الكتاب.

    وعلى خلاف العديد من ناقدي حركة تطوير الذات الذين تناولوا هذه الحركة وأعلامها بطريقة ساخرة ضاحكة وقد رأوا فيها ضياعًا للمال والوقت من دون أي فائدة تجنى، فإن ساليرنو يرى أن الأمر لا يقتصر على المال والوقت المهدور اللذين كما يعتقد أهون الشرور، بل إن الآثار السلبية لهذه الحركة تتعدى ذلك بكثير، وهو ما يظهر جليًا على المجتمع الأمريكي بعد أربعة عقود من ظهور هذه الحركة. فهو يقول عن هذه الحركة في مقدمة كتابه: «لم أكتب من قبل عن ظاهرة استثمر فيها الأمريكيون رأس مال ضخم بكل ما تعنيه الكلمة - ماديًا، وذهنيًا، وروحيًا، وعصبيًا- معتمدين في ذلك على دليل ضئيل جدًا على فعاليتها، بينما لا يحصلون إلا على عوائد قليلة، هذا إذا وجدت أي عوائد».

    فهذه الحركة اليوم دخلت في جميع جوانب المجتمع الأمريكي. إذ ألقت اليوم بظلالها على الطب والقضاء والتعليم والعلاقات والتجارة. فالشركات اليوم تدفع مبالغ هائلة لهؤلاء المتحدثين ليبثوا الحماس في نفوس موظفيها، والمدارس تستدعي أعلامها ليحدثوا طلابها عن القوة والإرادة وتحقيق الأحلام، والمجلات النسائية تستكتب رموزها ليرشدوا النساء في أمور الحب و العلاقات، حتى لو لم يكن المرء من مريديها فلابد أن يصيبه رذاذها.



    مجرد تساؤلات

    والكاتب يلخص وجهة نظره في سؤال ذكي هو: إذا كانت هذه الكتب تساعد الناس كما يزعم مؤلفوها على الارتقاء والاستغلال الأمثل لطاقاتهم الجسمية والعقلية، وإذا كانت هذه الدورات تأخذ بأيديهم إلى السعادة وتوفر لهم الحلول لمشاكلهم، فلماذا مازالوا يصطفون في طوابير لشراء آخر ما يصدر من كتب تطوير الذات؟ ولماذا يواصلون حضور هذه الدورات؟ أليس من المفترض أنهم قد أفادوا من هذا الكتاب وتعلموا من ذاك المتحدث؟ فلماذا هذا السعي المحموم لالتهام ما تقذف به المطابع من جديد الكتب؟ ألم يحفظوا عن ظهر قلب وصفة النجاح وينتقلوا إلى المحطة التالية، حيث النجاح والسعادة؟

    ليس هذا هو الواقع، على الأقل هذا ما تؤكده الأرقام، إذ مازال يضخ سنوياً عدد هائل من الكتب في هذا المجال، ففي عام 2003م فقط صدر ما بين 3500 و4000 كتاب من كتب المساعدة الذاتية، أي أكثر من عشرة كتب يوميًا، أليس هذا عددًا هائلًا من الكتب التي تصدر في فرع واحد؟! بل وفقًا لماركتداتا إنتربرايزيز Marketdata تمثل اليوم حركة تطوير الذات بكل أشكالها تجارة تبلغ 8.56 بليون دولار، وقد كانت لا تزيد عن 5.7 بليون دولار عام 2000م، وتتوقع ماركتداتا أن تبلغ 12 بليون دولار عام 2008م. وهكذا لم يعد من المستغرب أن نجد أتباع هذه الحركة ومريديها يخزنون هذه الكتب في مكتبات المنزل وخزائن المطبخ وحقائب الرياضة حتى في السرير لتضمن لقرائها أحلامًا سعيدة قد يلتقون فيها مع الدكتور فيل أو أنتوني روبينز في مملكة السعادة الأرضية حيث لا هم ولانصب!

    ويتبع الكاتب سؤاله الأول بآخر، فنجده يتساءل أيضًا: أليس من المفترض بعد أربعة عقود من بيع روشتات السعادة والنجاح أن ينعكس ذلك على المجتمع الأمريكي، لن أقول أن يصبح مجتمعًا مثاليًا، ولكن يصبح على الأقل أكثر سعادة وأقل مشكلات؟ ولكن الدراسات تقول غير ذلك. إذ من المفارقة أن أمريكا الستينيات، قبل ظهور هذه الحركة، أفضل بكثير من أمريكا اليوم من جميع النواحي. ومرة أخرى هذا ما تثبته الإحصائيات، فمثلاً 45% من أطفال أمريكا اليوم يعيشون في «منازل غير تقليدية»، إذ ينجب طفل من كل ثلاثة أطفال من غير زواج، أما في الستينيات فكان الرقم لا يتجاوز طفلًا من كل عشرين طفلًا. أما الطلاق الذي لم يكن يقع في الستينيات إلا في ربع الزواجات فهو اليوم يقع في نصف الزواجات. بل يلفت الكاتب نظرنا إلى مسألة مهمة جدًا وهو أنه حتى ما يطلق عليها «تغيرات إيجابية» في المجتمع قد لا تكون في الواقع إلا إعادة تعريف «الأمور السيئة» لا تعديلها أو تحسينها.



    «احرم الشباب من أحلامهم»

    والكتاب تتصدره مقولة جميلة لمارلين فوس سافانت المسجلة في كتاب جينيس للأرقام القياسية كحاصلة على أعلى معدل ذكاء IQ، وهي رد على رسالة أرسلها لها شاب صغير تقول فيها:

    «مقارنة بالأشياء الممكنة في هذه الحياة، الأشياء غير الممكنة أكثر بكثير. ما لا أحب أن أسمع الراشدين يقولونه لمن هم في سنكم هو أنكم تستطيعون أن تكونوا رؤساء أو أي شيء ترغبون به، هذا لا يمت للحقيقة بسبب ولو من بعيد. الحقيقة أنكم من الممكن أن ترشحوا أنفسكم رؤساء وهذا كل شيء. في مجتمعنا الحر بشكل رائع، من الممكن أن تحاول أن تكون أي شيء، ولكن فرص نجاحك هي شيء مختلف تمامًا».

    وحقيقة لا يملك المرء إلا أن يتوقف أمام مقولتها التي تلخص لنا في كلمات قليلة ما يحدث في هذه الدورات، حيث يروج بين الناس أن بإمكانهم أن يحققوا كل ما يتمنونه بمجرد وجود الرغبة أو كما يقولون Believe it Achieve it آمن به وستحققه. وما لا يعرفه الكثيرون أن زرع هذه المعتقدات داخل النفس له آثاره الوخيمة، فالواقعية مطلوبة بدرجة كبيرة. وما يجب أن يعرفه هؤلاء الشباب، وهذا ما يقوله خبراء الصحة العقلية، هو أن عليك أن تبذل كل ما بوسعك لتحقيق ما تريد، ولكن في الوقت ذاته يجب أن تعرف وتتقبل حقيقة أنه كلما علا طموحك زادت نسبة احتمال وقوع الفشل. وهذه الحقيقة ستكون الدرع الذي يحمي الكثيرين من مشاعر الإحباط والمهانة والذل. وعن هذا يقول أحد الخبراء ضاحكًا: «هناك الكثير من الشباب في حاجة إلى من يسرق منهم أحلامهم».



    المسؤولون

    الكتاب ينقسم إلى جزأين مهمين. فتحت عنوان المسؤولون The Culprits يخوض المؤلف في تاريخ هذه الحركة ومروجيها، وهو يأخذنا في جولة سريعة إلى بدايات هذه الحركة ومصطلح مساعدة الذات، وسيستغرب القارئ عندما يعرف أنه لما ظهر أولاً لم يكن يعني المفهوم الذي اكتسبه اليوم، بل كان في السابق يعني الكتب القضائية التي تملي على العامة من الناس الخطوات التي يتبعونها عندما ترد لهم مشكلة قضائية بدون الحاجة إلى أن يستعينوا بالمحامين. ومع الأيام اكتسب هذا المصطلح مفهومه النفسي الحديث. و يشير المؤلف إلى أن أول كتاب من هذا النوع ظهر عام 1732 من تأليف بنيامين فرانكلين، وبعد ذلك ظهر العديد من الكتابات التي تتطرق لهذا الموضوع، ولكن يظل كتاب دايل كارنيغي «كيف تكسب الأصدقاء» الذي ظهر في نهاية الثلاثينيات هو العلامة الفارقة، ويستطيع المرء أن يقول إن دايل كارنيغي هو الأب الشرعي لهذه الحركة رغم أن البداية الحقيقية لانتشار هذه الحركة كانت في أواخر الستينيات مع ظهور كتاب توماس هاري I Am OK You Are OK والكتب التي نهجت نهجه.



    وجهان لعملة واحدة

    القليل يعرفون أن لحركة مساعدة النفس فرعين يمثلان، كما يقول الكاتب، وجهان لعملة واحدة، وهما Victimization و Empowerment وهما كما يظهر من الاسمين مختلفان تمامًا، فالأول يعني أن الإنسان غير مسؤول تمامًا عن تصرفاته، بينما يعني المصطلح الثاني أننا نتحمل كامل المسؤولية عن تصرفاتنا. ولكن رغم الاختلاف الظاهري إلا أنهما في النهاية يكمل بعضهما بعضًا، بل ليس من المستغرب أن يراوح زعماء الفرعين بينهما فيستخدمون أحدهما أو الآخر ليحققوا أغراضهم.



    لا تثريب عليك، فأنت مجرد ضحية

    مصطلح Victimizationمأخوذ من كلمة Victim التي تعني ضحية, وهو يزرع في الناس الاعتقاد بأنهم ليسوا إلا ضحايا لمجتمعهم. ورغم أن مفهوم Victimizationسابق لمفهوم Empowerment التعزيز، إلا أنه ليس بشهرة الآخر وذيوعه. ولكن هذا لا يعني أنه أقل تأثيرًا من مفهوم Empowerment. وقد راق مفهوم Victimization للكثير من الناس, فكلنا نعرف جيدًا ميل الإنسان لرثاء نفسه وتحميل غيره مسؤولية فشله، وهكذا جعل مفهوم Victimization من إلقاء اللوم على الآخرين حقًا مشروعًا، وقد كان ذلك من قبل يعد عيبًا خطيرًا في شخصية المرء. فأصبح كل شخص ينقب في ماضيه عن أحداث، قد أضحت في كثير من الأحيان نسيًا منسيًا، فيخرجها وينفض التراب عنها بعد أن أصبح لها دور مهم، إذ أضحت الشماعة التي نعلق عليها أخطاءنا، ولا يخفى على أحدكم أن هذا الإحساس مريح. فالفشل لم يعد ينسب للشخص أبدًا بل هو بسبب الماضي الذي يأبى أن ينفك عنا. وفلان من الناس لم يخفق في حياته لأنه شخص فاشل أو متخاذل، بل بسبب ما عاناه في طفولته من ظلم وضيم. وهكذا أصبح فجأة لكل شخص أب مدمن وأم متسلطة وعم متحرش جنسيًا ومعلم قاسٍ لعبوا كلهم دورًا في تحطيم حياته. و بذلك أضحى الماضي بشخوصه وأحداثه قوة كبرى مسيطرة، بل مسيرة للإنسان لا يستطيع عنها فكاكًا.

    وقد أثر مروجو هذا المفهوم على المجتمع الأمريكي كثيرًا بطريقة مباشرة وأحيانًا غير مباشرة، والكاتب يدلل على ذلك بتلك القضايا الغريبة التي تشهدها المحاكم الأمريكية باستمرار. فبعد تلك القضية الشهيرة التي رفعتها إحدى زبائن ماكدونالدز بعد أن انسكبت عليها القهوة التي ابتاعتها من المطعم الشهير بينما كانت تقود سيارة ابنها الرياضية متهمة المطعم بأن قهوته ساخنة جدًا. تأتي في عام 2000 قضية أغرب رفعتها سيدة أرادت الانتحار فألقت نفسها أمام القطار. ولكن القطار ارتكب في حقها جريمة كبرى عندما لم يقتلها دهسًا تحت عجلاته. فرفعت قضية في المحكمة حصلت منها على مبلغ 9.9 ملايين دولار بعد أن اشتكت من أن القطار بدلاً من أن يقتلها تسبب في بتر ذراعها اليمنى وعدد من الإصابات! لا أجد وصفًا لمثل هذه القضايا أبلغ من ذلك الذي كتبه أحد الكتاب الأمريكيين واصفًا تلك القضايا بأنها دليل على «موت العقل». ويعلق الكاتب قائلاً إنه في الستينيات لم يكن أحد يفكر على الإطلاق برفع مثل هذه القضايا، حتى لو قام بذلك فلن يجد من يستمع له. فمالذي حدث؟ أليس هذا أثرًا من آثار نظرية Victimization التي تجعل الإنسان غير مسؤول عن تصرفاته تمامًا؟

    ثم إن هذا المفهوم أدى إلى تمييع معايير الصح والخطأ، فما كان يعد في الماضي ذنبًا كبيراً أصبح يعتبر اليوم نتيجة حتمية للظروف والبيئة التي أفرزت الإنسان. ونتيجة لذلك تحولت تلك الأمور التي كانت تعد في الماضي عيوبًا أخلاقية إلى أمراض. فإدمان الكحول، مثلاً، الذي كان في الماضي صفة تدل على انحلال خلقي، أصبح اليوم مرضًا يستوجب العلاج، بل وتلزم الشركات بمعالجة موظفيها من المدمنين. وقد تغرم مبالغ كبيرة تصل أحيانًا إلى سبعة أرقام إذا فصلت أحد هؤلاء الموظفين رغم كل المشاكل التي يسببونها لشركاتهم. وهكذا أصبح الكذب والسرقة والهوس الجنسي أمراضًا لا يستطيع المرء، كما تزعم هذه الحركة، السيطرة عليها مما يعني أن الإنسان لا يتحمل مسؤولية تصرفاته. وامتد أثر هذه الحركة إلى أروقة المحاكم، وهو ما ظهر جليًا في الأحكام القضائية المخففة التي تصدر بحق أعتى المجرمين بناء على قصة محبكة تحكي طفولة تعيسة عاشها هذا المجرم أو ذاك. وتحول المجرم في كثير من الأحيان إلى ضحية يستحق الشفقة والرحمة لا السجن والعقاب.



    قوة مطلقة

    «أن تطلق على الشر اسمًا آخر لا يجعله أقل شرًا».

    هذا ما تقوله الدكتورة لورا وهي من أشهر أعداء مفهوم Victimization. وكرد فعل لهذا المفهوم ظهر مفهوم Empowerment ليكون، ظاهريًا، النقيض لحركة Victimization وهكذا بعد أن كان الإنسان عاجزًا تمامًا أمام القوى التي تحيط به أصبح فجأة نصف إله لا يقف في وجهه شيء، وهو، بعكس مفهوم الضحية، مسؤول عن جميع تصرفاته ويستطيع أن يحقق كل ما يتمناه إذا أراد ذلك.

    وتحت تأثير هذه الحركة تحول الإنسان إلى شخص أناني، تفكيره منصب على ذاته، لا هم له سوى إرضاء نفسه والوصول بها إلى درجة كبيرة من الإشباع بغض النظر عن الطرق التي سيسلكها من أجل تحقيق أهدافه. فالكل يريد أن يصبح رقم واحد بينما يرفض أن يقدم أي تنازلات.

    يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم

    «ماذا تقول في دكتورة ليست بدكتورة.... يهودية أرثوذوكسية ليست يهودية أرثوذوكسية...مناضلة ضد الإباحية تنتشر صورها العارية الإغرائية على صفحات الإنترنت.... ناقدة لممارسة الجنس قبل وخارج إطار الزواج ولكنها متورطة في كليهما... بطلة منافحة عن القيم العائلية منفصلة تمامًا عن حياة أمها لدرجة أنها لم تعرف أنها ماتت إلا بعد عدة شهور». هذا مقطع من أحد فصول الكتاب التي يسلط الكاتب الضوء فيه على أعلام هذه الحركة ورموزها البارزين فيعريهم ويكشف لنا الكثير من تناقضاتهم ويشكك في مؤهلاتهم. والمقطع السابق يتحدث عن الدكتورة لورا شلسنجر، صاحبة برنامج الراديو الشهير الذي يحمل اسمها, والذي يوزع على المئات من محطات الإذاعة, وأحد أهم رموز الحركة التي يحاول أن يتصل بها في برنامجها كل أسبوع 250.000 متصل, آملين أن تحل لهم مشاكلهم, بينما يتابع برنامجها حوالي عشرين مليون مستمع. وهذه الدكتورة التي نصبت من نفسها مدافعة عن القيم والأخلاق ليست «الدكتورة» التي يظنها الكثيرون. فهي ليست طبيبة نفسية ولا دكتورة في علم النفس ولا معالجة نفسية بل لقب «الدكتورة» الذي دائمًا يسبق اسمها يعني أنها دكتورة في علم وظائف الأعضاء.

    أما جون جراي، الذي نعرفه في عالمنا العربي كمؤلف الكتاب الشهير «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» فقد حصل على شهادة الدكتوراه بالمراسلة من إحدى الجامعات غير المعترف بها في أمريكا والتي أغلقتها السلطات بعد اتهامها بأنها إحدى الجامعات التي تبيع الشهادات. وهكذا يضع الكاتب تحت المجهر الكثير من الأعلام الذين نقرأ كتبهم باستمرار. وهو يفرد فصلين من فصول الكتاب لكل من الدكتور فيل، صاحب البرنامج الشهير، وأنتوني روبينز باعتبارهما أبرز رموز هذه الحركة في الوقت الحالي.



    النتائج:

    يتطرق الكاتب في الجزء الثاني من الكتاب الذي يحمل عنوان «النتائج» إلى آثار هذه الحركة على المجتمع الأمريكي من جميع الجوانب، وهي آثار تظهر جلية في كل من الطب حيث ظهر ما يسمى بالطب البديل والعلاقات بين الجنسين والتعليم وفي تغير المعايير الأخلاقية و نظرة الناس لأنفسهم وللآخرين. وسوف أتطرق بشيء من التفصيل هنا إلى الفصل الذي يتناول التعليم وبصورة موجزة إلى ذلك الذي يخص الطب البديل.



    انس الأداء- ركز على المشاعر

    ليس سرًا اليوم تدني مستوى التعليم في أمريكا، فكل الاختبارات الدولية والمحلية تقول بذلك. ورغم كل ما تقوم به المدارس الأمريكية من أجل توفير جو مثالي للتعليم تزداد معدلات هبوط مستويات الطلاب. وستيف ساليرنو يخصص فصلاً من كتابه للحديث عن هذه الظاهرة التي يعزوها إلى تبني المدارس ما يسمى بتعزيز احترام الذات self esteem بين التلاميذ كأثر مباشر لثقافة تطوير الذات بشقيها التي لونت كل جوانب أمريكا، إذ أصبح الاهتمام بمشاعر التلاميذ أكبر من ذلك الذي يمنح للجوانب الأكاديمية. مما حدا روي بوميستر، وهو برفسور في علم النفس في جامعة كيس ويسترن ريزيرف وناقد لترويج ثقافة احترام الذات إلى أن يقول محذرًا: «في غمرة حرصهم لأن يكونوا حنونين، لأن يغذوا نفوس الأطفال العاطفية، ينسى المعلمون الآن مهمتهم الأساسية، وسوف ندفع الثمن غاليًا لعدة عقود قادمة».

    ويذكر المؤلف طريقتين لضمان أداء دراسي مرتفع، الأولى هي أن تتوقع الكثير من الطلاب وأن تتبع سياسات تجبرهم لأن يصلوا إلى هذه التوقعات. ولكن المشكلة هنا أن بعض التلاميذ لن يحققوا المطلوب، وسوف يشعرون بأنهم معزولون أو حتى متخلفون عن الركب، وهذا طبعًا سيجرح مشاعرهم وسيؤثر على حياتهم الاجتماعية وطبعًا، كما يقال لنا، سوف يلقي بظلاله على حياتهم إلى الأبد. وهذا يقود إلى طريقة أخرى لضمان الأداء المرتفع: ببساطة اجعل سقف التوقعات منخفضًا جدًا بحيث لا يفشل أي أحد. واطلب من التلاميذ أن يسعدوا بالنتائج. وهذه هي الطريقة التي شاعت في السنوات الأخيرة في المدارس الأمريكية. فبدل تشجيع الامتياز، قرر المربون أن يلغوا الفشل بأن يحذفوه تمامًا من القاموس، وفي الوقت نفسه يقنعوا تلاميذ أمريكا أوتوماتيكيًا بأنهم مميزون، ورائعون، وأذكياء.

    وفي سبيل ذلك أصبحت المدارس الأمريكية تعطي اختبارات لا تصحح، ومنعت جميع الألعاب التنافسية أثناء حصص الرياضة وحتى وقت الفسحة، واستبدلت بمناهج الرياضيات والانجليزية والعلوم الدسمة مناهج مخففة مليئة بالألعاب. حتى إطراء الطلبة المتفوقين على الملأ اختفى من المدارس، إذ من الممكن أن يجعل الطلاب الآخرين يشعرون بالدونية. بل لقد انحدرت التوقعات في بعض المدارس إلى درك سحيق لدرجة أن مجرد الحضور إلى المدرسة يعامل كما لو كان إنجازًا حقيقيًا.

    وكمثال لما تقوم به المدارس من أجل تعزيز ما يسمى احترام الذات يذكر المؤلف تلك المدرسة التي علقت على باب الفصل مرآة كتب فوقها «أنت تنظر الآن إلى أحد أكثر الأشخاص تميزا في العالم بأجمعه!».

    ونتيجة لهذه السياسات فصلت المدارس شعور الفخر عن الآداء. فالطالب الذي كان في السابق يشعر بالفخر عند إنجازه لشيء ما أصبح اليوم ممتلئًا بالعجب والزهو حتى لو كان أقل الطلاب أداءً.

    ويتساءل المؤلف أي فائدة سيجنيها الطلاب من سياسة التدليل؟ فاليوم أمريكا تعاني أكثر من أي وقت مضى مما يسمى بـ«تضخم العلامات»، على غرار تضخم الأموال، فالطلاب يتخرجون بمعدلات عالية لا تعكس على أي حال مستوياتهم الحقيقية. وهذا ما تدلل عليه اختبارات قياس مستوى الأداء السابقة لدخول الكليات. ففي عام 1972 تخرج فقط 28% من الطلاب بمعدلات مرتفعة ومتوسطة. في عام 1993 كانت النسبة هي 83% من الطلاب و لكن في الوقت ذاته انخفضت مستوياتهم في اختبارات SAT بنسبة 35% عنها في السبعينيات. ثم إن هذه السياسات ستجني على المدى البعيد على الطلاب ذاتهم إذ لن يجدوا في بيئة العمل من يبتسم لهم ويربت على ظهورهم عندما يرتكبون أي خطأ. فكيف سيواجهون الحياة الحقيقية وقد نشؤوا من قبل في بيئة خدعتهم عن عيوبهم وزينت لهم نقصهم. وحتى علميًا لا يوجد دليل على أن احترام الذات له أثر حاسم على نجاح الإنسان. فوفقًا لألبرت باندورا، برفسور في علم النفس في ستانفورد، فقد استخلص من دراسة قام بها على مدى أعوام أن احترام الذات ليس له إلا تأثير بسيط وأحيانًا لا تأثير على الإطلاق على الأهداف الشخصية أو الأداء الذي يقوم على المهارة. كما يقول فيتز: «لا يوجد دليل على أن احترام الذات العالي يسبب أو يمنع أي شيء، سواء السيئ أو الجيد. الكثير من الناس يملكون احتراما عاليًا للذات سببوا الكثير من المشاكل للمجتمع».

    ويورد المؤلف في كتابه قصة جميلة تثبت أن العودة إلى الأنظمة القديمة التي كانت تعامل الطلاب كطلاب لا قطع زجاج هشة هي الطريقة الأمثل للارتقاء بالتلاميذ. والقصة هي قصة المعلمة ماري دورتي التي وجدت نفسها أمام فصل من طلاب الصف السادس ذوي مستوى متدن جدًا لدرجة أنها شكت في أن البعض منهم مصابون بصعوبات في التعلم. وذات يوم عندما كان مدير المدرسة في الخارج أغارت على مكتبه واطلعت على ملفات التلاميذ التي تحتوي على معدلات ذكائهم وعدد من المعلومات عنهم، وكم فوجئت عندما اكتشفت أن معدلات ذكائهم تتراوح بين 120 و130، وهي معدلات قريبة من العبقرية. عندما عادت السيدة دورتي إلى منزلها بدأت تفكر فيما اكتشفته، وقررت أن الخطأ هو خطؤها لأنها أصابت عقولهم العبقرية بالملل عندما كلفتهم بأعمال ذات مستوى بسيط. وقررت أن تغير من طريقتها، فأصبحت تكلفهم بالأعمال الصعبة، وزادت من الواجبات وأصبحت تعاقبهم على إساءة الأدب. مع نهاية العام حصل تغير 180 درجة، إذ أصبح فصلها واحد من أكثر الفصول تفوقًا وأدبًا. و في نهاية العام سألها المدير المبهور عن السر فاعترفت له بأنها فتشت في الملفات، واكتشفت معدلات ذكائهم العبقرية. فقال لها المدير مبتسمًا: «كل ما ينتهي نهاية جيدة فهو جيد». ولكن بينما كانت تهم بالخروج من مكتب المدير التفت إليها وقال لها: «بالمناسبة، أعتقد أنه من الأفضل أن تعرفي أن الأرقام التي كانت إلى جانب أسمائهم ليست أرقام معدلات ذكائهم بل أرقام صناديقهم!».

    وقارئ هذا الفصل لن يملك إلا أن يتعجب من التشابه الشديد بين الوضع في أمريكا والوضع في بعض مدارسنا. ومعلمو المدارس الخاصة يدركون جيدًا ماذا أعني. اسأل أي واحد من هؤلاء المعلمين كم مرة صبت في أذنه مصطلحات من قبيل «احتواء الطالب» و«مراعاة نفسية الطالب» وعبارات أخرى توحي للسامع بأن الطلاب اليوم هم قطع من الزجاج الذي قد يتهشم عند أول نفخة هواء. اسأل أي معلمة في مدرسة خاصة عن عدد المرات التي عقد فيها اجتماع أُنبت فيه المعلمات بسبب شكوى من أم طالبة رأت فيما قامت به المعلمة جرحًا لمشاعر ابنتها. ولا يملك المرء إزاء ذلك إلا أن يترحم على آبائنا الذين كانوا يجلدون ليلاً نهاراً على يد المعلمين ولا من مغيث. أنا لا أقول خذوا الطالب فغلوه وبالسياط اضربوه، ولكن جرعة من الحزم من وقت لآخر ضرورية. وما يحدث في مدارس أمريكا أكبر دليل.



    أيها المرضى، عالجوا أنفسكم

    وعن الطب البديل يخصص المؤلف فصلاً كاملاً باعتباره أحد آثار حركة مساعدة الذات خاصة في ظل انتشار صرعات مشبوهة تغرس في نفس المرضى أن الشفاء بيدهم وحدهم، وأن كل ما يحتاجونه للتغلب على أمراضهم هو الإرادة والتفكير الإيجابي. وأن علاج كل مرض جسمي يكمن في النفس. أليس هذا هو نفس ما يردده أعلام حركة مساعدة الذات. وهو يذكر قصة دبي بينسون التي توفيت عام 1997م في سن الخامسة والخمسين بعد صراع طويل مع السرطان. ودبي التي رفضت أن تخضع للعلاج الطبي التقليدي وضعت كامل ثقتها بمدعي الطب البديل الذين أكدوا لها أن علاجها بيدها، ورغم أن صحتها كانت تتدهور شيئًا فشيئًا استمر سماسرة الطب البديل يحذرونها من الطب التقليدي. بل حتى عندما وصلت إلى مراحل متأخرة من المرض اتهموها هي، وليس ممارساتهم المشكوكة أو حتى السرطان، بأنها السبب في تدهور حالتها لأنها بدأت تفقد ثقتها و تفكيرها الإيجابي.

    هل صحيح أن المجموعة الوحيدة من الناس التي تستطيع أن تثبت لك فائدة كتب تطوير الذات هم كتابها أنفسهم؟ وهل الفرق الوحيد بين قارئ هذه الكتب وكاتبها هو أن الكاتب يستطيع أن يكتب جيدًا بحيث يحصل على عقد كتاب؟ وهل جنت حركة مساعدة الذات على المجتمع أكثر مما خدمته؟ هذا ما يذكره ستيف ساليرنو في كتابه الذي دعمه بالكثير من الدراسات والإحصائيات. و كما يقول في نهاية كتابه: «كلنا نريد أن نؤمن بشدة بالمعجزات، هذا ما يجعلنا ضعيفين، وهذا ما يجعلهم أغنياء».

    لابد أن نعترف بأن الموجة قد بدأت تغمرنا. أليس من المفيد أن نتريث قليلاً قبل أن نعتنقها ونفيد من تجارب الأمم الأخرى، أم نحن كالعادة، دائمًا نبدأ من حيث بدأ الآخرون و ليس من حيث انتهوا؟


    يتساءل المؤلف أي فائدة سيجنيها الطلاب من سياسة التدليل؟ فاليوم أمريكا تعاني أكثر من أي وقت مضى مما يسمى بـ«تضخم العلامات»، على غرار تضخم الأموال، فالطلاب يتخرجون بمعدلات عالية لا تعكس على أي حال مستوياتهم الحقيقية

    ثم إن هذه السياسات ستجني على المدى البعيد على الطلاب ذاتهم إذ لن يجدوا في بيئة العمل من يبتسم لهم ويربت على ظهورهم عندما يرتكبون أي خطأ. فكيف سيواجهون الحياة الحقيقية وقد نشؤوا من قبل في بيئة خدعتهم عن عيوبهم وزينت لهم نقصهم.
    http://www.alfowz.com/index.php?option=com_content&task...view&id=116&Itemid=2
                  

06-25-2007, 01:56 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)

    نقلت مقالات الأستاذة دون تدخل مني
    لتصحيح بعض الأخطاء اللغوية البسيطة

    (عدل بواسطة Mohamed E. Seliaman on 06-26-2007, 08:11 AM)

                  

06-26-2007, 06:43 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)


    هذه هي البرمجة اللغوية العصبية يا طلاب الحقيقة
    تمثل هذه المقالة وقفة ثانية مع البرمجة اللغوية العصبية بعد وقفة أولى كنت قد عرضتها قبل قرابة العام، حذّرت فيها من البرمجة اللغوية العصبية، وناديت من خلالها المجتمع المثقف بضرورة التحري الدقيق في قبول الوافدات الفكرية ودراستها دراسة وافية من قِبل المتخصصين في المجالات ذات الصلة بها قبل عرضها على العامة، وتشجيعهم وتدريبهم عليها وعدم الاغترار بدعايات وادعاءات المفتونين بها.
    كما ناشدت الإخوة والأخوات المروّجين لها بضرورة الوقوف ومراجعة الأمور لسماع التحفظات والملاحظات حول البرمجة وغيرها مما دخل إلى بلادنا، وعدم الاغترار ببعض الجوانب الإيجابية أوالمنافع الظاهرة أوالمدعاة لهذه التطبيقات، لكون الأمور فيها متلبّسة متلوّنة محبوكة النسج، ممن حلف بعزة الله ليقعدن لنا صراط ربنا المستقيم.

    ومضت الأيام وتكشفت كثير من الحقائق واستمرّ تجار البرمجة في تجارتهم معرضين عن سماع أي نقد فيها بل وظفه كثير منهم - هداهم الله - لإيهام المتدربين وغيرهم بوعيه بالمخاطر وتوقيه منها، وفي المقابل تراجع عدد من طلاب الحق ممن كانوا من المدربين والمؤيدين لها؛ مما جعل كثيراً من أهل العلم يدلون بتصريحات متنوعة يؤكدون فيها على خطورة هذا الوافد المتستر بستار النفع والفاعلية والإيجابية والتواصل، وكان من ذلك ما ذكره فضيلة الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي من خطورة البرمجة اللغوية العصبية ومبادئها الفلسفية الثيوصوفية. وتصريح فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن صالح المحمود الذي أكد على ضرورة إيقاف هذه الدورات التي تصرف الناس عن هدي الدين الحق إلى تطبيقات ظاهرها النفع ونهايتها فلسفات الإلحاد. ومؤخراً خطبة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي الذي عبّر فيها بكل صراحة عن مخاطر البرمجة اللغوية العصبية وأهدافها الخبيثة البعيدة.

    والأمر بالنسبة للباحثين المهتمين بالوافدات الفكرية العقدية الفلسفية أمر بحث علمي، ونتائج دراسات تتبعية استقرائية متواصلة تكشف كل يوم عن جوانب جديدة، وتبرز أنواع المخاطر المتخفية خلف المنافع بوضوح أكثر. وقد يسّر الله - بفضله ومنه - لي ظروف متابعة البرمجة اللغوية العصبية منذ بدايات عرضها في بلادنا، وأعان برحمته على مشاق بحث أصولها وجذورها ودراسة مضامينها وفلسفتها، وفحص مخرجاتها وادعاءاتها ومتابعة حقيقة ما يجري في كثير من دوراتها، فكان لزاماً عليّ إسهاماً في خدمة الحق وأداء لأمانة العلم أن أكتب لمثقّفي الأمة بعض النتائج البحثية المهمة حول موضوع البرمجة اللغوية العصبية لتعريفهم بخفايا الأمر، وللتأكيد على أن نقد البرمجة وأخواتها (الطاقة الكونية الفلسفية بكل تطبيقاتها) لا ينطلق من جهل بها أو انغلاق فكري أو حدة وتطرف كما يدعي المتورطون فيها والمنافحون عنها، وإنما هو تطبيق لمنهج الإسلام القويم في القبول أوالرفض بعد التثبت والتحري.

    ولا يدل الاستمرار والدأب في التحذير منها - برغم وجود معارضين ومؤيدين - على نوع وصاية على الأمة أو احتكار للحقيقة - كما يحلو للبعض أن يردد - وإنما هو الانطلاق من فهم قول الله تعالى: { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }، وقوله عز وجل: { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ }. لذا أقول وبالله التوفيق:
    إن البرمجة اللغوية العصبية جزء لا يتجزأ من منظومة تضم عشرات الطرق والتقنيات لنشر فكر حركة "النيواييج" (New Age Movement) فهي طريقة عملية مبطنة لنشر "فكرهم العقدي وفلسفتهم الملحدة" في قالب جذاب، وبطابع التدريب والتطبيق والممارسة الحياتية، لا طابع التنظير والفلسفة والدين، فالخطر في "البرمجة اللغوية العصبية" لا يكمن في كونها وافدة من كفرة ملاحدة مشبوهين فقط، بل لأنها تحمل فلسفاتهم وعقائدهم، كما أن فرضياتها التي تعامل كمسلّمات ما هي إلا مجرد ظنيات وتخرّصات مزجها المدربون بنصوص وقصص تاريخية اشتبهت في ظاهرها بظاهر تلك الفرضيات التي ليس لها مصداقيات إحصائية، وليست نتائج لأبحاث علمية أو دراسات نفسية معتمدة، مما يجعل تطبيقها على الناس وتدريبهم عليها يشكّل مخاطرة ومجازفة غير محمودة العواقب.
    كما أن فلسفة البرمجة اللغوية العصبية الأصيلة هي فلسفة (وحدة الوجود) التي مثّلت في العصر الحديث توجهاً قوياً في الغرب، تبناه فلاسفة ومفكرون بصور شتى وظهرت لنشره عدة جمعيات أبرزها ما كان في القرن التاسع عشر الميلادي متمثلا في حركة "النيو ثوت" New Thought التي أتى بها (فينياس كويمبي) ثم تلتها جمعية "الثيوصوفي"Theosophy في نيويورك التي أسستها (مدام بلافاتسكي)، وأخيراً حركة "النيو اييج"، وحركة "الوعي" التي خرجت من معهد (إيسلان) بكاليفورنيا محضن فكر الثيوصوفي، وتبنى رواد المعهد البحث في قوى الإنسان الكامنة وتتتبع العقائد والفلسفات التي تحرر هذه القوى من إسار المعتقدات الدينية، (غير العقلانية بتعبيرهم ويقصدون السماوية، القائمة على التسليم للوحي) والنظر في كيفية نشر الفكر الروحاني (spirtituality) باعتباره بديلا عن الدين (Religion) بين العامة والخاصة بطرق متنوعة، ومعاصرة وجماهيرية وتطبيقية مباشرة، وبمنهج جديد لا يصادم الفكر الديني السماوي ويواجهه، وإنما يداهنه ويزاحمه تحت شعار "حركة القدرة البشرية الكامنة"Human Potential Movement بريادة (كارلوس كاستنيدا) ومؤسسي معهد إيسلان (مايكل ميرفي ) و(ريتشارد برايس ).

    والمتتبع لفكر وتوجهات المسهمين في تأسيس البرمجة اللغوية العصبية، والمؤثرين فيها يجدهم كلهم "نيوايجرز" قبل أن يكونوا مطوري برمجة، وما تبنيهم لها وإسهامهم في إخراجها إلا لكونها بتقنياتها وفرضياتها طريقة لنشر فكرهم الثيوصوفي وقالب لفلسفتهم ( وحدة الوجود ) في ساحة العامة لا في ساحة العلماء، وبطريق المزاحمة المتدرجة لا المواجهة والمصادمة، وبطريق التدريب والتطبيق والممارسة لا بطريق التنظير والفلسفة.

    أما من ناحية مضامين البرمجة ومحتوى برامجها، فإن البحث العلمي أثبت اشتمالها على أمرين مهمين:
    - الأول : برنامج انتقائي (eclectic) يضم مجموعة منتقاة من الفلسفات والنظريات والفرضيات من علوم شتى إدارية ونفسية ولغوية ودينية مع بعض الممارسات والتقنيات لمجموعة من الناجحين بمنظور غربي (منهم ناجحين في السحر والشعوذة والنفاق اللغوي). فمن هذه المجموعة المنتقاة تطبيقات مأخوذة (ومنتحلة) من فروع العلم الأخرى، كعلم النفس السلوكي والمعرفي وشيءٌ من الإدارة والعلاج النفسي وغيرها. وعلى هذا فالبرمجة تشمل بعض التقنيات السلوكية الصحيحة لابد منها لإكمال البرنامج ليست من أصلها ولا من ابتكارها وإبداعها، وإن ظن ذلك كثير من المفتونين بها !
    صرّح بهذا في الغرب كبار روادها وذكره المدرب (ودسمول) فقال: "ليس في البرمجة شيء جديد". بينما تجد - للأسف - في واقع المتدربين والمدربين من يظن أن كل مهارات الإيحاء برمجة عصبية، وكل نجاحات التربية والتواصل برمجة عصبية، وكل علاج نفسي صحيح برمجة عصبية، وكل مهارة في حل المشكلات برمجة عصبية، وكل مهارات التحفيز برمجة عصبية، وكل فنون الإقناع والتأثير برمجة عصبية، وكل تفكير تفاؤلي إيجابي برمجة عصبية!!!
    بل وكل خير جاء به أحد من البشر برمجة عصبية، حتى ادعى بعضهم أن رسالة خير المرسلين إنما هي برمجة باندلر اللغوية العصبية!!!.

    الأمر الثاني: فلسفة "الوعي الجمعي"، وهي صورة مطوّرة لفلسفة "العقل الكلي" وتطبيق جديد لعقيدة "وحدة الوجود"، والظاهر الذي تعرض به هذه الفلسفة ملخّصه: أن مجال التطوير والنجاح للإنسان يتم بفاعلية أكثر عن طريق بوابة واسعة تتعدى العقل وإمكاناته المحدودة، وتتجاوز سيطرته على الجسد وقدراته إلى قدرات اللاواعي، حيث يمثل اللاواعي في معتقدهم 93 % من العقل بينما الوعي المنتبه "العقل " لا يتجاوز 7% بزعمهم، لذا يرون أهمية الدخول في حالات الوعي المغيرة بالتنويم أو التركيز وقوة التخيل أو التنفس العميق للاتصال بـ"اللاواعي" بهدف إطلاق قوى النفس الكامنة، ومخاطبة العقل الباطن، والاتصال من خلاله بالوعي الجمعي ليصل الإنسان إلى النجاح والتميز، ويستطيع تغيير واقعه ومستقبله حسبما يريد.
    مع أن ما يسمى العقل الباطن أو ”اللاواعي” لا يعدو كونه فرضية، وهذا لا يعني أنه غير موجود، وإنما يعني أن هناك عدة ظواهر لم يستطع العلم حتى الآن تفسيرها تفسيراً دقيقاً وقد يكون وراءها أكثر من أمر، وجمعها كلها وإطلاق لفظ "عقل باطن" أو" لاواعي" عليها مغالطة علمية مرفوضة عند العلماء، وعند المسلمين منهم هي فرضية مرفوضة بشدة بهذا التجميع حيث يحتوي القاموس الإسلامي على مصطلحات كثيرة منها (العقل، القلب، الفؤاد، النفس بأنواعها، قرين الجن وقرين الملائكة، الشيطان...) وغيرها مما يجعل عزو الأمور كلها إما إلى عقل "واعي" أو "لاواعي" فقط، جهل ومغالطة يرفضها الذي يتربى على قول الله تعالى: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }. ولعل من الطريف إيراد هذه التساؤل الذي أوردته الأستاذة غادة الفارسي من الكويت - مدربة سابقاً على البرمجة والطاقة - في كتابها (علوم العقل الباطن تحت المجهر) فتقول: " هل العقل الباطن هو خنـزب؟". والباعث على تساؤلها موقف تدريبي تحكيه فتقول: "قال لنا المدرب المسلم المتبنّي لهذا العلم في أحد الدورات: إن الصلاة هي مرحلة استرخاء يعمل فيها العقل الباطن بقوة، لذلك يستطيع الإنسان خلال الصلاة أن يتذكر أموراً كان قد نسيها!! بينما المصطفى صلى الله عليه وسلم يفسر هذه الظاهرة بأنها من فعل "خنـزب"، الشيطان الذي يأتي للإنسان ليشغله عن الصلاة.فهل العقل الباطن هو خنـزب؟".
    ومن هنا فنقد مضمون برنامج البرمجة اللغوية العصبية نقداً تفصيلياً ليس مقصوداً عند من يعرف كونها برنامجاً انتقائياً يضم تقنيات صحيحة لتشكل غطاء لأصله وحقيقته، وقد أكّد هذا فضيلة الدكتور عبدالعزيز النغيمشي أستاذ علم النفس والمهتم بالتأصيل الإسلامي في معرض تقييمه للبرمجة اللغوية العصبية: "ومن المخاطر: كون النقد الموجه للبرمجة اللغوية العصبية ليس للمحتوى، وليس نقداً تفصيلياً فقط، فلو كان كذا؛ لأمكن تصفيتها، وإنما الخطورة في كونها برنامجاًًً متكاملا "، فهي برنامج متكامل وراءه أهدافه ومقاصده البعيدة ليس تجاه الإسلام فقط بل تجاه جميع الأديان السماوية.
    وإذا أردنا أن ننظر للبرمجة من زاوية بحثية أخرى، فنفحص الادعاءات الكثيرة التي تملأ (بروشورات) الدعاية لها ويرددها كثير من المدربين في دوراتهم، وننظر في واقع المخرجات لدى أكثر المدربين والمتدربين سنتبين بوضوح أنه لا صحة لتلك الوعود الكثيرة، التي محصلتها أن البرمجة بتقنياتها المطورة قادرة على تغيير البشر إلى نسخ (منمذجة) من المتميزين والعظماء!
    ولهذا كان تقويم "البرمجة اللغوية العصبية" بالتأكد من صحة الادعاءات مهمة جادة قام بها عدد من العلماء والجهات المسؤولة في الغرب. وأكّدوا في تقاريرهم عنها على كذب ادعاءاتها والإشارة إلى أن غاية ماتفعله البرمجة إنما هو بيع الوهم بالصحة للمريض، والوهم بالتميز للأصحاء، ووجهوا انتقادهم لها ولغيرها من البرامج "النيو ايجيية" من منطلق العقل فقط، ومن تصريحاتهم في زيف البرمجة ما ذكره الدكتور (مايكل هيب) عالم النفس السريري بجامعة شفيلد البريطانية، الذي قام في عام 1988م بتقييم سبعة وستين بحثاً علمياً مقدم في مفردات البرمجة اللغوية العصبية، وختم جهده بقوله: إن البرمجة اللغوية العصبية تفتقد إلى الأدلة الموضوعية لإثبات ادعاءاتها، وأن البحث التجريبـي المقدم في هذه البحوث فشل في دعم فرضياتها.
    وكذلك الدكتور (رشلي كرابو ) أستاذ علم النفس بجامعة "يوتا" بأمريكا، الذي صرّح بأنه كان من أوائل المهتمين بالبرمجة اللغوية العصبية نظراً للادعاءات الكبيرة التي صاحبت ظهورها، وأنه أجرى العديد من البحوث في مجال تقييم ادعاءات البرمجة اللغوية العصبية، وكان متحمساً لها ثم تركها تماماً سنة 1986م، وأعلن فيها رأيه الأخير سنة 2003م فقال: "لقد وجهنا لذلك الوليد "البرمجة اللغوية العصبية" غاية الاهتمام حتى سنة 1986م عندما حوكم مؤسس هذا العلم باندلر "أبو الوليد" في قضايا القتل وترويج المخدرات والقوادة، عندها ألقينا بالوليد مع المغطس".
    والواقع المشاهد يؤكد أنه:
    البرمجة لم تحوّل جموع المتدربين إلى مميزين في مجالاتهم، ولم يثروا المجتمع بإبداعاتهم، ولم يلغوا خلافاتهم..
    ولم يزدد عدد النابغين من الطلبة، ولم يبدع جماهير المعلمين والمعلمات ممن التحقوا بدورات البرمجة، ولم يتواصل المدراء والمديرات بكفاءة أكثر مع الطلاب أوالموظفين..
    ولم تنخفض نسب الطلاق ونحوه..
    وإنما المخرج الظاهر بوضوح هو: ازدياد أعداد المدربين للبرمجة العصبية وازدياد سوق التنافس بينهم، وانتشار الخلاف بينهم بحسب المدارس التي ينتمون لها والمدربين الكبار من الكفرة والسحرة لهم (تاد أو ود أو انتوني). بالإضافة إلى انتشار أدعياء الطب بالبرمجة وأخواتها وتقنياتها المتنوعة، كالعلاج بخط الزمن والطاقة وغيره، مما سبب فوضى كبيرة، وأعداد المتضررين تحتاج إلى دراسة وتوثيق من المسؤولين والباحثين.
    فهل يسوّغ لنا أن نتغاضى عن ضرر المخرجات الحقيقية المجتمعية العامة، ونقوّم البرمجة العصبية بناء على وجود بعض جوانب إيجابية مزجها "الثيوصوفيون" بحقيقتها! هل نقوّمها على أساس أن هناك من انتفع بدورة في البرمجة اللغوية العصبية أو معالجة بها!
    أو لعله توهم أنها السبب في الانتفاع الذي حصل له ؟! فالأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أن الشيطان زين لهم نسبة الأثر إلى مالا يؤثر نوعاً ولا وصفاً؛ فنسبته إلى وصف قد ثبت تأثير نوعه أولى أن يزين لهم".

    وأؤكد في الختام أن هذا البيان والتحذير لا أدعو به إلى رفض كل جديد والانكفاء على الذات، وإنما أدعو إلى عدم الانبهار بالجديد، وفحص كل فكر وافد برويّة، والتأكد من أصوله وفلسفاته حتى لا نكون أدلاء على طريق الضلال والغواية؛ فالوافدات العقدية في العصر الحديث كثيرة جداً ومختلفة الشعارات متلونة القوالب،فبالإضافة إلى البرمجة اللغوية العصبية هناك دورات الطاقة، والماكروبيوتيك، والتأمل التجاوزي، والتنفس التحولي، والريكي، والتشي كونغ، والتاي شي، والفينغ شوي، والاستشفاء بالخصائص السرية للأهرام والأحجار وبعض التماثيل والأزهار والأشكال الهندسية، والحروف والأعداد... وغيرها. وحركة "النيواييج" تعمل بقوة لتسويقها ونشرها، ومجموع ما أنتجوه وما يروجوه إلى الآن يتراوح بين 70 – 120 طريقة مختلفة، وتطرح في البيئات والدول المختلفة مراعية قبول الناس لها، وتحرص على عدم ظهور تصادم في ظاهر ما تقدمه مع معتقداتهم، بل تشجع طبعه بمصطلحات القوم وثقافتهم بمنهج الباطنية المعروف، والعامل المشترك بينها كلها (عقيدة وحدة الوجود وتأليه الطبيعة) تحت أسماء يغلب عليها الطابع العلمي كالبرمجة اللغوية العصبية، والطاقة الكونية، والطاقة البشرية الكامنة.

    كما تقدّم وتسوّق هذه الفلسفات في شكل دورات ذات مستويات متدرجة في المعلومات وفي المخاطر ومطعّمة ببعض حقائق وتدريبات إيجابية ليكون أوثق ذلك في خفائها وتشرّب القلوب بفتنتها، لذلك لا يُصدّق ما أقوله في التحذير منها كثير ممن أخذ فيها فقط دورة تعريفية أو ما يسمونه دبلوماً، أو اطلع على كتب أو مذكرات تتضمن شرح بعض التقنيات فقط، فكثير من تقنياتها ومبادئها ليست من أصلها كما سبق بيانه، وتمثل الجزء الصحيح الذي يشكّل طُعمًا لبداية الطريق في مستوياتها وتلوناتها.

    كما لايسلّم بما أقول - ولا يريد أن يسلّم - من تورط فيها وتدرج في مستوياتها الأعلى أوامتهن التدريب عليها أوتسويقها وبنى تجارته عليها، فقد تكون لوثت فكره بتقنياتها الخطرة المعتمدة على التأثير على العقل وتغيير القناعات، بعد تنويم العقل وتعطيل نعمة الانتباه والوعي.
    وهؤلاء ليس لي معهم حيلة، وحقوق أخوة الدين اقتضت مني الاستمرار في مناصحتهم، ودوام الدعاء لهم بظهر الغيب أن يردهم سبحانه إليه رداً جميلاً، ويريهم الحق حقاً ويرزقهم اتباعه ويريهم الباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه، وإنما هذا البيان موجه لعقلاء الأمة ومفكريها وأهل الرأي والمسؤولية ليتباحثوا في هذا الأمر الذي يطال عقائد الناس وعقولهم، فضلاً عن أموالهم.

    والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى ويجنبنا وبلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، ويهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.. إنه سميع مجيب.

    نشرت هذه المقالة في ملحق الرسالة بجريدة المدينة السعودية على حلقتين 9-16 / ربيع الثاني 1425هـ
                  

06-26-2007, 07:39 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)
                  

06-26-2007, 01:58 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)
                  

06-27-2007, 07:28 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)

    وتواصل دكتورة فوز كردي :
    وأنا هنا أقدم تقيمين اتبعا منهجاً علمياً في نقدهم للبرمجة:

    - الأول: هو التقويم المقدم للجيش الأمريكي من الأكاديميات القومية، ففي عام 1987م بعد انتشار دورات تطوير القدرات، رغب الجيش الأمريكي في تحرّي الأمر، فقام معهد بحوث الجيش الأمريكي The US Army Research Institute بتمويل أبحاث تحت مظلة "تحسين الأداء البشري"، على أن تقوم بها الأكاديميات القومية National Academies US التي تتكون من كل من الأكاديميات القومية للعلوم والهندسة والطب والبحث العلمي. وتعتبر هذه الأكاديميات بمثابة مستشارة الأمة الأمريكية، وقد تكونت من هذه الأكاديميات مفوضية العلوم الاجتماعية والسلوكية والتعليم، ثم تم تكوين فريق علمي كان اختيار أعضائه على أساس ضمان كفاءات خاصة وضمان توازن مناسب، وعُهد لمجموعات مختلفة بمراجعة البحوث حسب الإجراءات المعتمدة لدى أكاديميات البحوث الأربع. قدّم الفريق ثلاث تقارير:
    الأول في عام 1988م، الثاني في عام 1991م ، الثالث في عام 1994م.
    وقد قدم التقرير الأول تقويماً للعديد من الموضوعات والنظريات والتقنيات منها البرمجة اللغوية العصبية الذي ذكر عنها ما نصه: " أن اللجنة وجدت أنه ليس هناك شواهد علمية لدعم الادعاء بأن الـNLP استراتيجية فعالة للتأثير على الآخرين، وليس هناك تقويم للـNLP كنموذج لأداء الخبير".
    واستمر البحث والتحرّي في مجال "تحسين الأداء البشري". وبعد ثلاث سنوات يشيد التقرير الثاني بنتائج التقرير الأول والقرارات التي اتخذها الجيش الأمريكي بخصوص عدد من التقنيات السلبية ومنها الـ NLP حيث أوصى بإيقاف بعضها، وتهميش بعضها، ومنع انتشار البعض الآخر.
    وبعد ثلاث سنوات أخرى اكتفى التقرير الثالث - نصاً - في موضوع البرمجة اللغوية العصبية بما قُدم في التقريرين الأول والثاني.
    - والثاني: صاحبه الدكتور"روبرت كارول"، أستاذ الفلسفة والتفكير، الناقد بكلية ساكرمنتوا الذي قال: "رغم أني لا أشك أن أعداداً من الناس قد استفادوا من جلسات الـ (NLP)، إلا أن هناك العديد من الافتراضات الخاطئة أو الافتراضات التي عليها تساؤلات حول القاعدة التي بنيت عليها الـ (NLP). فقناعاتهم عن اللاواعي والتنويم والتأثير على الناس بمخاطبة عقولهم شبه الواعية لاأساس له. كل الأدلة العلمية الموجودة عن هذه الأشياء تُظهر أن ادعاءات الـ (NLP) غير صحيحة). فبرغم تراجع الجيش الأمريكي عنها بعد تجربتها، وعدم إيمان كثير من الشركات بها، وعدم الاعتراف بها كعلم في الجامعات، ولا كعلاج في المستشفيات يقبل عليها جماهير المفتونين من المسلمين" (راجع في ذلك مقالة منشورة في مجلة النيويورك تايمز في عددها الصادر 29 سبتمبر 1986م في مقالة بعنوان " المبادئ الروحية تجتذب سلالة جديدة من الملتزمين").
                  

07-03-2007, 02:22 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)

    تجدون المقال السابق كاملا هنا :
    http://www.alfowz.com/index.php?option=com_content&task=view&id=17&Itemid=2
    _________________________________________________________


    البرمجة اللغوية العصبية هل هي.. علم أم خرافة أم علم وخرافة؟!

    الكاتب إيمان الكرود
    افتح الجريدة وستقرأ إعلاناتها. شغل جهاز التلفاز وستجد مروجيها. تجول في الشارع وستوزع النشرات التي تدعوك لحضور دوراتها. إنه علم البرمجة اللغوية العصبية- الـNLP الذي كما تزعم الإعلانات سيضمن لك الثراء والتفوق والسعادة فليس بينك وبين تحقيق أحلامك إلا دورة NLP، وطبعًا المال الذي ستدفعه حتى تدخل الدورة.

    هناك ستتعلم عددًا من المهارات الكفيلة بتغيير مسار حياتك على الإطلاق. إذ ستعرف فيما كان يفكر رئيسك عندما كان ينظر إلى الجهة اليمنى في الأعلى، وماذا كان يدور في رأسه عندما نظر بعد لحظتين إلى الجهة اليسرى في الأسفل. وستكشف لك شفرات الكلام وستبدأ تقرأ الناس ككتاب، وسيصبح الطالب الضعيف متفوقًا، وسيبيع التاجر الذي كان على وشك الإفلاس بضاعته الكاسدة، وستحصل على الترقية التي كنت تحلم بها منذ زمن. أما أصحاب الأوزان الثقيلة فليبشروا بالفرج فما عليهم إلا أن يبتاعوا عددًا من الأشرطة ويسترخوا ويستمعوا للمتحدث وهو يقول لهم «أنت الآن رشيق» لتتولد عندهم الطاقة التي تدفعهم إلى التخلص مما زاد من أوزانهم ولا داعي للعمليات التجميلية، فجلسات التنويم المغناطيسي تقوم بما يقوم به المبضع والجراح فتكبر وتشد أعضاء الجسم. وأما ترسبات الماضي فأمرها سهل فقط حولها إلى صورة تلفزيونية في ذهنك وكبر الصورة وقربها ثم بحركة من يدك ألقها في سلة المهملات. أو لسنا في النهاية أجهزة كمبيوتر نبرمجها كيفما شئنا. وستعرف أن أديسون وأينشتاين وأحمد زويل ليسوا أذكى منك على الإطلاق، فوفقًا لأنتوني روبينز جميعنا نمتلك الجهاز العصبي ذاته ونختلف فقط في طريقة استخدامه وكل ما عليك هو أن تقلد طريقتهم في التفكير والكلام والسلوك وستنتج ما أنتجوا، بل ربما أكثر وفي وقت أقصر أيضًا. ومن يدري قد تظهر كتب إرشادية تشرح لنا خطوة خطوة كيف كان يفكر فلان من الناس وأي جزء من الدماغ كان يستخدم عندما اخترع جهازه المعروف فيتبعها الناس وتكثر الاختراعات ويعم الخير البلاد.



    هذا جزء من الأعاجيب التي تحققها البرمجة اللغوية العصبية لمتبعيها، فما هي حقيقة هذا العلم؟ وهل يحقق لممارسه الأعاجيب التي يدعيها؟



    البرمجة العصبية اللغوية صرعة جديدة دخلت عالمنا العربي في أواسط التسعينيات من القرن الماضي وانتشرت في بدايات الألفية الثالثة حتى غدت على كل لسان، ولكن إذا كان هذا العلم قد دخل توًّا في عالمنا العربي إلا أنه بدأ في الغرب منذ سبعينيات القرن العشرين وتحديدًا عام 1973 على يد كل من ريتشارد باندلر وجون جرايندر وقد حقق ضجة كبيرة في الغرب تفوق تلك التي في بلادنا، وأثار جدلاً كبيرًا منذ ظهوره بين مؤيد ومعارض، وكتب الكثيرون ينتقدونه ويحذرون منه واصفين إياه بالعلم الزائف والطائفة والتجارة والبدعة الجديدة وغيرها من أوصاف، ولكن يظل الموقف المتحفظ الذي يتخذه منه الكثير من العلماء في الأوساط الأكاديمية العلمية والذي يبلغ أحيانًا حد العداء هو أعلاها صوتًا.





    ما البرمجة اللغوية العصبية؟

    يقول الدكتور هاري ألدر إن علم البرمجة اللغوية العصبية يهتم في الكيفية التي يحقق عن طريقها الأشخاص المتفوقون في المجالات المختلفة نتائج متميزة وكيف يمكن تقليد تفكيرهم الناجح ونماذج سلوكهم(1).



    ولمن يتساءل عن سبب هذه التسمية فإن الجزء العصبي يعني العمليات العصبية من نظر وسمع وشعور وتذوق وشم، أي الحواس التي نستخدمها في عمليات التفكير الداخلية وأيضًا لتجربة العالم الخارجي. أما الجزء اللغوي من الاسم فيعترف بالدور الذي تلعبه اللغة في اتصالاتنا مع الآخرين وفي تنظيم أفكارنا. فيساعدنا الـ NLP في استخدام اللغة اليومية من أجل تفكير أفضل وسلوك أكثر نجاحًا. أما البرمجة فتعني الطريقة التي نبرمج بها أفكارنا وسلوكنا، بالضبط كما يبرمج جهاز الكمبيوتر للقيام بأشياء محددة(2).



    ويدعي الـ NLP أنه يساعد الناس على التغير عن طريق تدريسهم كيف يبرمجون عقولهم. إذ إننا وهبنا، كما يقال، عقولاً بدون كتيب الاستخدام. وما يقوم به الـ NLP هو أن يقدم لك كتيب الاستعمال(3).



    وقد بدأ في بدايات السبعينيات عندما درس جون جرايندر، عالم لغويات، وريتشارد باندلر عالم رياضيات ومعالج نفسي وخبير كمبيوتر طرق ثلاثة معالجين نفسيين من الرائدين في مجالهم والذين كانوا قادرين باستمرار على أن يحققوا نتائج مذهلة في السلوك الإنساني، هم: فرجينيا ساتير وميلتون إريكسون وجريجوري بايتسون(4) وبدأ صيتهما يذيع عندما ألفا كتابهما الأول. ولكن باندلر المعروف بصبي الـ NLP الطائش والذي شخص في صباه بالمضطرب عقليًا عنده رواية أخرى. فهو يقول إن فكرة الـ NLP خطرت على باله على شكل سلسلة من الهلوسات العقلية، بينما كان يجلس وحيدًا في كابينته الصغيرة حيث يتسرب المطر من السقف ويكتب على آلته الطابعة القديمة في عام 1975(5) فمن هو ريتشار باندلر؟





    مدمن المخدرات يعطي دروسًا في النجاح

    ولد باندلر عام 1950م في نيوجيرسي. كان مصابًا باضطراب في اللغة. وكان طالبًا غير مبال ومراهقًا منعزلاً متقوقعًا على ذاته، كل ما يحلم به هو أن يصبح طبالاً مثل Buddy Rich إلا أن موهبته المتواضعة لم تسعفه في تحقيق حلمه بالرغم من تفانيه في التدريب.



    ولكن في المرحلة الثانوية حدث أول منعطف حقيقي في حياته، إذ قابل باندلر أول الذين شكلوا حياته من الرجال الأكبر سنًا. ففي سن السادسة عشر استأجره روبرت سبتزر، وهو طبيب نفسي حلو اللسان وكريم، ليعلم ابنه قرع الطبل. ولقد لاحظ الطبيب، الذي أصبح لاحقًا أبًا روحيًا لباندلر، عبقرية الصبي الكامنة فأعاره بعض الكتب في علم النفس التي التهمها باندلر بسرعة. كما قدمه أيضًا لاختصاصية علاج العائلة الرائدة فيرجينيا ساتير التي لعبت هي الأخرى دورًا مهمًا في حياة الصبي.



    بعد تخرجه في الثانوية دخل كلية صغيرة مجاورة، حيث درس الفلسفة التي كان يتحدث عنها لساعات.



    في عام 1970م بدأ باندلر يدرس علم النفس في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، حيث قابل هناك جون جرايندر برفسور اللغويات المتطرف الذي جمع مجموعة من الأتباع المخلصين أبرزهم ريتشارد بانلر، وبدؤوا يستخدمون اللغويات لدراسة علم النفس. في عام 1973م حصل باندلر على شهادة البكالوريوس في علم النفس وبعدها بعامين حصل على الماجستير في علم النفس التنظيري من كلية لون ماونتن في سان فرانسسكو. (6)



    إلى هنا تبدو القصة عادية، ولكن إذا ما كان قد ذكر هنا هو حقيقة فهو مجرد جزء من الحقيقة وإلا فإن في حياة باندلر الكثير من الحقائق التي تجعلنا نفكر مرتين قبل أن نتبنى أفكاره.



    ففي عام 1986م بدأ الوجه الآخر لباندلر وهو وجه قبيح يتكشف للعامة عندما اتهم بقتل كورين كريستنسن، وهي صديقة صديقه الحميم تاجر المخدرات جيمس مارينو، حيث وجد دمها على قميص باندلر، بالإضافة إلى عدد آخر من الأدلة المجرمة. وقد اعترف باندلر بوجوده في مكان الجريمة وقت حدوثها عندما أطلق، بحسب رواية باندلر، جيمس مارينو النار على الضحية التي كانت على مقربة من باندلر وهذا سبب وجود الدم على قميصه. وعند سؤاله عن سبب امتناعه عن التبليغ ذكر باندلر أنه ما كان ليبلغ عن جريمة ارتكبها صديقه وبدلاً من ذلك ذهب إلى منزله ليتناول المسكرات ويتعاطى الكوكايين الذي عرف عن باندلر إدمانه الشديد عليه والذي كان يتفاخر بتعاطي كميات كبيرة منه. ورغم أن باندلر برأ لاحقًا إلا أن براءته مازال مشكوكًا فيها ومازالت هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى من يجيب عنها، خصوصًا إذا عرفنا أن باندلر شخص سيئ الخلق فظ الطبع لدرجة أن الطلاب الذين سكنوا معه في المنتجع الذي يملكه روبرت سبتزر في جبال سانتا كروز طالبوا بطرده(7). وبعد سنتين فقط من زواجه رفعت زوجته قضية طلاق وذكرت أنه حاول خنقها وهو يضحك مهددًا إياها بالقتل. كما هدد أصدقاءها من الرجال بالقتل قائلاً: «كل ما أحتاجه هو أن أدير سبعة أرقام وبصلاتي مع المافيا أستطيع أن أمسحكم جميعًا من على وجه الأرض قبل أن تطرف عيني».(8)





    البرمجة اللغوية وعلم النفس الأكاديمي: هوة عميقة

    ما من شك في أن البرمجة اللغوية العصبية استطاعت في غضون ثلاثين سنة - وهو عمر قصير نسبيًا- أن تحقق نجاحًا ساحقًا وتكسب عددًا كبيرًا من الأتباع وتنتشر في الكثير من البلدان ومع ذلك فعلاقتها بالأوساط الأكاديمية مازالت متوترة يكتنفها الشك ويغلفها العداء المتبادل حتى ليخيل للمرء أن هناك معسكرين بينهما هوة لا تردم معسكر أتباع الـNLP ومعسكر الأكاديمين من العلماء. إذ على الرغم من الأدبيات الكثيرة التي كتبت في البرمجة اللغوية العصبية تلك التي تسرد عجائبها وتتغنى بإنجازاتها إلا أن الملاحظ على هذه الأدبيات أنها كتبت في الأغلب من قبل أهلها، أي من منشئيها وطلابها ومدربيها والقلة القليلة فقط كتبت من قبل علماء أكاديمين مما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصداقية الادعاءات التي تروج في هذه الكتب، خصوصًا إذا عرفنا أن أغلب الأدلة التي يستند إليها أهل البرمجة في دعم مزاعمهم هي مجموعة من الحكايات والقصص والشهادات التي يدللون بها على صحة مبادئهم التي يبدو أنهم يملكون منبعًا لا ينضب منها. وهنا نتساءل ما مدى صحة هذه الحكايات والشهادات؟ ألا يمكن أن تكون من خيال مخترعي هذا العلم؟ ثم لماذا يرفض أهل البرمجة أن تخضع مبادئهم وفرضياتهم للاختبار متعللين بأنها لا يمكن أن تخضع للاختبار والقياس؟





    العلم الزائف

    في عام 2000 صدرت موسوعة العلم الزائف حيث ضمت هذه الموسوعة عددًا كبيرًا من العلوم الزائفة، وكم كانت صدمة الكثيرين كبيرة عندما ذكر الـNLP كأحد هذه العلوم(9). ولكن هل هو حقًا علم زائف؟ وما صفات العلم الزائف؟



    يذكر بيتر جي. دي. درنث وهوأحد العلماء بأن العلم الزائف يتميز برغبته في أن يبدو علميًا. العلماء الزائفون يتغزلون بالمصطلحات والمفاهيم العلمية ويكتبون مقالات وكتبًا بطريقة علمية وبحجج علمية ويوحون بأنهم يريدون أن يشاركوا في النقاش العلمي. وعادة ما يكون عندهم مدارس تدريب خاصة أو يلقون دورات خاصة. وهم يمنحون الألقاب والشهادات لخريجيهم على الرغم من أنها خارج الأكاديمية(10).



    وهو - أي درنتش - يصنف أيضًا الـNLP كعلم زائف وهو يستشهد بما قاله اللغوي النفسي لفيلت الذي يقول: «إن الـ NLP يعتمد على نظريات اعتبرت قديمة منذ زمن ومفاهيم غير مفهومة أومجرد (فبركات) ونتائج مبنية على افتراضات خاطئة. نظرية وممارسات الـNLP ليس لها أي علاقة بالنظريات العلمية العصبية ولا بعلم اللغويات ولا بعلم المعلومات ونظرية البرمجة. الـ NLP غير مهتم بالسؤال عن كيفية حدوث العمليات العصبية ولا بالبحث الجاد». (11)



    ويعتقد درنث أن الشعبية التي يتمتع بها الإنترنت في الأوساط المختلفة التي تدفع الناس إلى دفع المال من أجل حضور دوراته تعود في المقام الأول إلى سياسة التسويق، ثم هناك التملق للعلم ممثلاً في الاسم-NLP- وشهادات الماجستير والكتب العلمية. ولكن متى ما تتم مواجهته علميًا يرد بردود متهافتة من قبيل «نحن نهتم بنوع آخر من الحقيقة»، «من الممكن أن يكون الشيء حقيقة بدون الدليل العلمي» «إنه بديهي» «الزبائن سعيدون وراضون»(12).



    أما الدكتور كيلتون رودز فهو لا يعتبر الـNLP علمًا على الإطلاق وهو يفرق بين علم النفس الاجتماعي والـNLP.



    فعلم النفس الاجتماعي هو علم يعتمد على التجريب والبحث والطريقة العلمية وجمع المعلومات والتحليل الإحصائي في سبيل الحصول على حقائق مؤكدة عن الطبيعة البشرية الأساسية. وهو فرع معترف به داخل علم النفس ويدرس في أغلب الجامعات. وممارسيه في الغالب من حملة الدكتوراه الذين ينشرون في مجلات يشرف عليها أقرانهم. أما الـ NLP فهو يعتمد على الحدس وهو فلسفي في مذهبه. وهو يستعير بكثرة من بعض العلاجات النفسية وأصوله مرتبطة بدراسة السحر والتنويم المغناطيسي. وهو ينشر الآن بواسطة شبكة من ممارسي الـNLP الذين يقومون بتوزيع الشهادات(13).





    تهافت ادعاءات الـ NLP

    وقد خضع عدد من المبادئ والفرضيات التي تقوم عليها البرمجة اللغوية العصبية إلى دراسات أكاديمية جادة، وأظهرت كثير من الدراسات تهافت هذه الادعاءات التي من أهمها ذلك الذي يتمثل في الأنظمة التمثيلية الرئيسية، وهي من أهم مبادئ الـNLP ولا تذكر البرمجة اللغوية العصبية إلا وذكرت قاعدة الأنظمة التمثيلية الرئيسية. ووفقًا لهذه القاعدة فإن الناس ينقسمون في الغالب إلى أنماط ثلاثة: حسيين وسمعيين وبصريين. وبعبارة أخرى فإن الناس لهم طرق مفضلة في استقبال وتخزين المعلومات، فالبعض منا بصري والبعض حسي والبعض سمعي، ونستطيع عن طريق ملاحظة الكلمات والعبارات التي يستخدمها الشخص وهي تسمى «الكلمات الدالة» أن نعرف من أي الأنماط هو. فالشخص البصري دائمًا ما يستخدم عبارات مثل «أرى أن المشكلة....»، «قصدك واضح» والشخص السمعي يقول عبارات مثل «رنت هذه العبارة في ذهني» أو «لم أسمع بهذا من قبل»، أما الشخص الحسي فسيقول عبارات من قبيل «دق قلبي» و«دار رأسي». ويزعم هذا العلم أن معرفة أنماط الناس عن طريق ملاحظة الكلمات والعبارات التي يستخدمونها ومحاولة مطابقة النظام التمثيلي للشخص الذي أنت على اتصال معه تنشئ نوعًا من الألفة. ولكن ما مدى صحة هذه المزاعم؟



    - 32 دراسة بحثت في الزعم الذي يقول إننا نستطيع أن نتعرف الشخص من الكلمات والعبارات التي يستخدمها والتي تسمى predicates ويترجمها البرمجيون العرب بالكلمات الدالة. واكتشفت 21 دراسة من هذه الدراسات (أي 66%) أن استخدام هذه الكلمات ليس لها أي تأثير في بناء أوتعزيز العلاقات(14).



    - درست 36 دراسة مفهوم الأنظمة التمثيلية، 29 من هذه الدراسات (أي 81%)منها لم تجد أي دليل يدعم استخدام النظم التمثيلية واستنتجت أنها لا تلعب أي دور مهم في الاتصالات (15).



    - أما حركات العيون التي يزعم الـ NLP أنها تدل على العديد من الأشياء منها أنماط الناس فقد بحث في هذا الموضوع 35 دراسة، 23% فقط من هذه الدراسات أيدت استخدام العيون، أما باقي السبع والعشرين دراسة فأثبتت أن حركات العيون ليس لها أي أثر سلباً أوإيجاباً عندما تستخدم في التفاعلات الشخصية(16).



    أما الدكتور هيبDr. Heap وهو عالم نفس إكلينيكي من سلطة شيفيلد الصحية ومحاضر في جامعة شيفيلد فقد أجرى ثلاث دراسات عن الـ NLP وقد خلص إلى التالي:



    «الكاتب الحالي مقتنع بأن تأكيدات مزاعم كتاب الـ NLP فيما يتعلق بالأنظمة التمثيلية قد تمت دراستها بموضوعية ونزاهة ووجد أنها مازالت ينقصها الدليل. هذه المزاعم وضعت في مصطلحات غامضة عن طريق مؤسسي الـ NLP ومن الواضح من كتاباتهم أنهم يدعون أن ظواهر مثل النظم التمثيلية والكلمات الدالة وحركات العيون عمليات نفسية ذات تأثير قوي، وهي تثبت بسهولة وإقناع في دورات تدريبية بواسطة المعلمين والمدربين وباتباع تعليمات بسيطة وتمارس في الحياة اليومية. لذلك وفي ضوء غياب أي دليل موضوعي مقدم من المنشئين الأصليين لنظرية النظم التمثيلية وفشل البحوث التجريبية اللاحقة لدعمه بكفاية فمن المناسب الآن أن نستنتج أنه لا يوجد ولم يوجد قط أي دليل يدعم أن الناس يمثلون عالمهم داخليًا في وضع مفضل يستنتج من اختيارهم للكلمات ومن حركات العيون»(17).



    في عام 1987م بحث مجلس البحث الوطني NCRوهو جزء من الأكاديمية الوطنية للعلوم في عدد من التقنيات التي تطور من آداء الإنسان تحت طلب من الجيش الأمريكي وقررت أن الـNLP لا يمكن أن يوثق كآداة فعالة للتأثير على الآخرين، ونصح بعدم تدريسه للجيش الأمريكي(18).





    الأخلاق في خطر

    من أهم الانتقادات التي وجهت إلى البرمجة اللغوية العصبية تلك التي تتعلق بالنواحي الأخلاقية، إذ إن الـ NLP يعلم الناس في الحقيقة استغلال الآخرين وحملهم على القيام بما لايرغبون به من حيث لا يعلمون، وما مهارات الإقناع وتعزيز العلاقات التي يدرسها الـ NLP – بغض النظر عن حقيقة تأثيرها أوعدمه - إلا من أجل تحقيق أغراض شخصية لمستخدم هذه المهارات(19). فتصبح في النهاية العلاقات بين الناس قائمة على مبدأ المصالح الشخصية لا على الود. بل لقد أصبح المحامون اليوم يستخدمون تقنيات الـ NLP المختلفة التي من أهمها الربط والمطابقة في التأثير على هيئة المحلفين وفي استمالة الشهود أوتغيير شهاداتهم(20). وعندما وجه باندلر وجرايندر بهذا الاتهام أجابا بلا مبالاة «أن الشخص لا يستطيع أن يتجنب استغلال الآخرين. ومع تدريب الـNLP سيكون على الأقل مدركًا لهذا الاستغلال وسيتحكم به».(21) إضافة إلى ذلك فإن الـNLP يستخدم اليوم في ممارسات لا أخلاقية كالإغراء والسحر و«غسل الدماغ».





    هل هو طائفة cult؟

    كثير من منتقدي الـ NLP يعتقدون أنه ليس إلا دينًا جديدًا أوطائفة من الطوائف التي تظهر في الغرب من وقت لآخر، خصوصًا أنه يحمل الكثير من صفات الطوائف. فالعدد الهائل من الأتباع الذين يؤمنون إيمانًا جازمًا بمبادئه ويرفضون رفضًا قاطعًا أي تشكيك بصحتها. والقائد الذي يتمتع بكاريزما طاغية والممارسات التي تحدث في الدورات مثل المشي على النار والتنويم المغناطيسي والرقص على أنغام السامبا، والاستغلال المادي للناس ومبادئه المأخوذة من أديان شرقية وفلسفات قديمة كلها ليست إلا صفات تشترك فيها الطوائف. البعض يقول إنه حتى لو لم يكن الـ NLP طائفة إلا أنه أضحى اليوم أخطر الأدوات التي تستخدمها الطوائف في تحقيق غاياتها و«غسل دماغ» أتباعها.



    عالمة النفس لويس ساموايز قضت ردحًا من الزمن تدرس التقنيات التي تستخدمها الطوائف ودورات تطوير النفس في أستراليا للسيطرة على العقول، وقد تلقت الكثير من التهديدات من أتباع هذه الطوائف حتى توقف أبحاثها. وهي تقول إنه في بداية الستينيات بدأت تظهر في أمريكا العديد من الطوائف التي تستخدم تقنيات مثل التنويم المغناطيسي الجماعي والبرمجة اللغوية العصبية التي تسيطر على الناس من خلال خدع لغوية خفية ورسائل لا شعورية وخدع لغة الجسم. وهي تعتقد أن هذه الطرق أضحت تستخدمها اليوم كل الطوائف تقريباً ودورات تطوير النفس وحتى العرافات والسحرة. إلا أنها تعتقد أن التنويم المغناطيسي هو أخطر سلاح في يد هذه الطوائف فهي تقول «إن التنويم المغناطيسي ليس حالة تشابه النوم في أي وجه من الوجوه، بل هو حالة عقلية متغيرة خاصة مختلفة ذاتيًا عن الحالة الطبيعية المتيقظة، حيث من الممكن أن تغير معتقدات ورؤى الشخص بل حتى أكثر القيم رسوخًا». ولكن إذا كان التنويم المغناطيسي من أخطر هذه الأدوات فإن الـ NLP من أخبثها - حسب ما تعتقده السيدة ساموايز - إذ تستخدمه الطوائف والجماعات المشابهة ليأججوا العواطف أو كمثيرات بعد التنويم المغناطيسي للسيطرة على السلوك(22).





    التجارة الرابحة

    شيء واحد يحسب لمنشئي هذا العلم هو فهمهم لنفسيات الناس وتعطشهم للنجاح واستعدادهم لدفع ما يملكون في سبيل الحصول على ذلك، وهكذا أرشدتهم عقولهم التجارية إلى عقد الدورات وبأسماء مختلفة لإيهام الناس بأنهم يقدمون الجديد، فهي تارة البرمجة اللغوية العصبية وتارة هندسة النجاح وتارة التنويم المغناطيسي. فجون جرايندر يقدم اليوم نوعًا جديدًا من الـNLP وأنتوني روبينز يدرس الـNAC وباندلر يحاضر عن DHE وكلها أسماء مسجلة تجاريًا لا يسمح باستخدامها بدون إذن مخترعيها. ومن الطريف أن باندلر رفع دعوى على شريكه جرايندر يزعم فيها أن اسم NLP من حقوقه الخاصة ويطالب جرايندر بدفع ملايين الدولارات لتعديه على حقوقه الفكرية(23). وعندما أحس ريتشارد باندلر بأن الأضواء بدأت تنحسر عنه انضم إلى المنوم المغناطيسي المعروف باول ماكينا ليكونا ثنائيًا لا ينفصل هذا يتحدث وذاك ينوم.



    لقد أصبح عقد مثل هذه الدورات وتوزيع الشهادات عمل من لا عمل له، لاسيما أنها تجر أرباحًا هائلة يدفعها أولئك المتعطشون للنجاح. ففي أستراليا تجني هذه الدورات أرباحًا تزيد عن بليون دولار سنويًا(24). أما في أمريكا فإن هذه الأرباح تزيد على ثمانية مليارات دولار(25). ناهيك عن الكتب وأشرطة الكاسيت والفيديو التي تظهر كل عام. مما جعل رموز هذه الدورات من كبار المليونيرات. ولنأخذ على سبيل المثال أنتوني روبينز وهو أشهر خريجي مدرسة البرمجة اللغوية العصبية على الإطلاق، وهو مؤلف كتب مشهورة مثل «أيقظ المارد الذي في داخلك» و«القوة اللامحدودة». يملك روبينز حاليًا تسع شركات منفصلة منها شركة إدارة للأطباء ومنتجع فاخر في فيجي وشركة إنتاج تلفزيوني وشركة منتجات تغذية، بالإضافة إلى الدورات التي يقيمها والتي تتراوح أسعارها بين 199 دولارًا و5495 دولارًا للشخص الواحد. بل هناك حوالي ثمانية وأربعين متحدثًا يدفع كل واحد منهم لأنتوني روبينز حوالي 36.000 دولار مقابل عقد دورات باسمه. وهو اليوم وجه تلفزيوني معروف يظهر يوميًا في الإعلانات التلفزيونية لترويج آخر إصداراته التي بلغت مبيعات أحدها وهو كتاب «القوة الشخصية» بجزأيه حوالي 150 مليون دولار (26).






    «إنهم يسرقونني وأنا حي»

    أما الشهادات التي تمنح لحضور دورات الـ NLP فهي محل جدل كبير، لا سيما تلك الشهادات التي تمنح بعد حضور دورات لا تتجاوز مدتها أربعة وعشرين يومًا وفي بعض الأحيان أقل، يتأهل بعدها الحضور لأن يصبحوا معالجين نفسيين بعد أن يجتازوا امتحانًا فريدًا من نوعه، وأهم ما يميزه أنه لا يرسب فيه أحد وينافس هؤلاء المعالجون أولئك الذين قضوا السنوات الطوال للتأهل لهذا المنصب من حملة الماجستير والدكتوراه من المعالجين المتخصصين. بل نجد من مدربي الـ NLP من يملك الجرأة فيقول إنه بالرغم من قصر المدة التي يحصل عليها متدربو الـNLP والتي يتأهلون بعدها لأن يصبحوا مدربين ومعالجين نفسيين إلا أنهم يتفوقون على أولئك الذين قضوا العمر وهم يدرسون في الجامعات العلاج النفسي وفق أصوله الأكاديمية، وحتى لو سببوا بعض الضرر لمرضاهم فهو أخف وطئًا من الذي قد يحدثه المعالجون المتخصصون وذلك لأنهم-أي معالجي الـNLP- يمتلكون صندوق أدوات الـNLP وهذا ما لا يملكه غيرهم(27). ومن العجيب أن ريتشارد باندلر وهو أحد مؤسسي هذا العلم من أكبر المعارضين لعملية منح الشهادات هذه والتي أصبحت أشبه بتجارة، فنجده يقول في إحدى مقابلاته:



    «البرمجة اللغوية العصبية هي الاسم الذي عبرت به عن أفكاري. لقد قضيت خمسة وعشرين عامًا وأنفقت ملايين الدولارات وما لا يعد من الساعات وأنا أطور النماذج لأنني أردت أن يستخدمها الناس. في وقت مضى اجتمعت جماعة من الناس وأخبروني عن رغبتهم في تشكيل منظمة صغيرة حتى يتسنى لهم الاتصال ببعضهم البعض والقيام بنشاطات. لم يخبروني بأن ما أرادوا هو تسفيه التعبير الذي صنعته للعامة. عندما بدأت أمنح الشهادات، حتى بعض الناس الذين يمنحون الشهادات اليوم ضحكوا علي. والبعض رفض أن يشارك فيها. ما يقوم به هؤلاء هو عرض الشهادات والتشويش على العامة. اسم هذا الفعل هو الاحتيال. ونسميه في المنطقة التي أتيت منها بالسرقة... بأي حق يمنح هؤلاء الأشخاص شهادات عن عملي بدون إذني؟... هذا عمل حياتي، وسرقة أعمال الناس بينما هم لا يزالون أحياء أمر شنيع.



    كل ما أستطيع أن أقوله عن الوضع هو أنه خاطئ. والخاسر الحقيقي هم العامة؛ لأنه ليس لدي أي أدنى فكرة فيما إذا كان هؤلاء الناس الذين يعلمون ويوزعون الشهادات يمينًا وشمالاً يقدمون عملي.



    بعض هؤلاء الأشخاص الذين يوزعون الشهادات لم يتلقوا تدريبًا من خمسة عشر عامًا. هناك نماذج أنشأتها لم نعد نستخدمها. لم نعد نستخدم إعادة التأطير reframing لأنه نموذج قديم ولا يوجد حاجة له. ولكن هؤلاء الناس يقولون: «إذا لم تقم بإعادة التأطير فأنت لست مبرمجًا لغويًا عصبيًا».... أستلم الآن رسائل من أحدهم يقول فيها إنه حضر دورة ممارس من فلان ولم أسمع بهم من قبل. كيف يمكن لأحدهم أن يوزع شهادات عن عملي ولم أسمع بهم من قبل. أستطيع أن أفهم لو أنني كنت ميتًا ولكنني مازلت شابًا. هؤلاء الناس لا يريدون أن يتعلموا أفضل ما في هذا العلم، بل يريدون فقط طريقة سريعة لتحصيل النقود والحصول على مال من العامة(28).



    أما عن الاختبارات التي تجرى لحضور هذه الدورات فيعلق عليها باندلر قائلاً:



    «لا أجري امتحانات بل مسابقات لأجعل الناس يحاولون، وليس لجعلهم يؤدون اختبارات كتابية التي هي أمر سخيف جدًا»(29).



    السؤال المهم هو: هل تفيد البرمجة اللغوية العصبية دارسيها؟ ربما! وفي النهاية فإن البرمجة اللغوية هي خليط من علم النفس وفلسفات قديمة وأديان شرقية قد تصيب وقد تخطئ. ولكن لا أحد يدري على وجه التحديد من تفيد ومتى تفيد، لاسيما في ضوء غياب أدلة مقنعة يقدمها لنا أهل البرمجة. إلا إذا كانت الحكايات والشهادات التي يسوقونها تعد ضمن الأدلة القاطعة، خصوصًا مع إصرارهم على أن تقنياتهم لا يمكن اختبارها في المعمل كما يقول الكثيرون. لكن المؤكد أن البرمجة اللغوية بالغت أيما مبالغة عندما وضعت الإنسان فوق قدره ونست أن الإنسان في النهاية ليس إلا إنسانًا لن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولاً.



    وإلى أن تحسم المعركة بين البرمجة اللغوية العصبية والأوساط الأكاديمية لا أجد ما أقول إلا ما قاله الدكتور هيب: «الحكم الصادر على NLP هو حكم مؤقت. قد يكون كل من إينسبرتش Einsprech وفورمان Forman صائبين في إصرارهما على أن فعالية علاج الـ NLP المستخدم في بيئة إكلينيكية حقيقية من قبل ممارسين متدربين لم يبحث جيدًا إلى الآن. إذا اكتشف أن هذه العلاجات سريعة ومؤثرة كما يدعون فلن يبتهج أحد أكثر من الكاتب الحالي. أما إذا اكتشف أن هذه الادعاءات ليست بأفضل من تلك التي بحثت من قبل فإن الحكم الأخير على الـ NLP سيكون قاسيًا في الحقيقة»(30).



    ما من شك في أن البرمجة اللغوية العصبية استطاعت في غضون ثلاثين سنة - وهو عمر قصير نسبيًا- أن تحقيق نجاحًا ساحقًا وتكسب عددًا كبيرًا من الأتباع وتنتشر في الكثير من البلدان ومع ذلك فعلاقتها بالأوساط الأكاديمية مازالت متوترة يكتنفها الشك ويغلفها العداء المتبادل



    في عام 2000 صدرت موسوعة العلم الزائف حيث ضمت هذه الموسوعة عددًا كبيرًا من العلوم الزائفة، وكم كانت صدمة الكثيرين كبيرة عندما ذكر الـNLP كأحد هذه العلوم. ولكن هل هو حقًا علم زائف؟ وما صفات العلم الزائف؟



    المراجع

    1-Dr. Harry Alder , NLP the new art and science of getting what you want,Piatkus,2004

    2- المصدر السابق

    3-Robert Todd Carol ,Skeptics Dictionary. Visit (website) http://skepdic.com

    4- Dr. Harry Alder , NLP the new art and science of getting what you want,Piatkus,2004

    5-Jon Ronson,”Don’t worry, get therapy,” The Guardian, May 20,2006.

    6-Frank Clancy & Heidi Yorkshire, “The Bandler Method,” Mother Jones Magazine, Feb/ March 1989.

    7-المصدر السابق

    8-المصدر السابق

    9-Putting NLP Metaprograms Research in Context: Studying the scientific Validity of NLP

    10-Pieter J.D. Drenth, ‘Growing Anti-intellectualism in Europe: A Menace to Science’

    11-المصدر السابق

    12-المصدر السابق

    13-Kelton Rhoads, ‘ What About NLP?’

    14-Garry Platt, ‘ NLP-No Longer Plausible?’ Training Journal

    15-المصدر السابق

    16-المصدر السابق

    17-المصدر السابق

    18-Rick Branch, ‘Mind Control in the 1990’s :Neuro-Linguistic Programming,’ The Watchman Expositor, Vol.7. No. 3, 1990.

    19-Visit website Wikipedia

    20- Terry Carter, ‘ Secret Sway,’ ABA Journal, September 2001.

    21- Frank Clancy & Heidi Yorkshire, “The Bandler Method,” Mother Jones Magazine, Feb/ March 1989.

    22-Garry Tippet, ‘ Inside the cults of mind control,’ Sunday Age, April 3, 1994.

    23- Visit Website http://www.nlp.org/NLP/random/lawsuit-text.htm

    24-Garry Tippet, ‘ Inside the cults of mind control,’ Sunday Age, April 3, 1994.

    25-Michael Shermer, ‘Sham Scam’, Scientific American Magazine, May 2006.

    26- Ron Rhodes, ‘ Anthony Robbins and the quest for Unlimited Power,’ SCP Journal, Summer/ Fall 1998

    27- Steve Andreas, “NLP Practitioners therapy! Anchor Point, June 2000.

    28- Bruce Felts, ‘ Bandler Unplugged,’ NLP Network News, Vol. 1 No.4

    29- المصدر السابق

    30- Dylan Morgan, “A Scientific Assessment Of NLP”, The Journal of the National Council for Psychotherapy and Hypnotherapy Register, Spring 1993.
                  

07-04-2007, 07:23 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)

    up
                  

07-11-2007, 09:29 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)

    تعميما للنفع
                  

08-06-2007, 02:29 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (خذ نفسا عميقا ثم اكتشف الحمار الذي بداخلك) : شعوذة عصرية يروج لها أثمان المتعلمين (Re: Mohamed E. Seliaman)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de