كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
مين هو اللي صابر؟
|
في صباح أنجبه ليل طويل من السهر فتحت زبيده عيناها على جسد يأن من التعب ويد تخدرت من هز طفلها سعيد طوال الليل ... ولدت زبيده منذ 20عاما ونيف لأب طاعن في السن وأم صغيرة دلفت لمعترك الحياة في الثالثة عشر من عمرها لتفارق الزوج والابنة في العشرين من عمرها... تشبث الأب بالحياة وفارقها أعمى وفاقدا للسمع ولسانه يتمتم بتسبيح دائم .. وجد مستندا على حائط المسجد بين صلاة العصر وصلاة الظهر .. أيهما صلى ؟ لا أحد يعلم ولم يحرص أحد على التأكد من هذه المعلومة على كل حال ... في يوم منسوخ من غيره من الأيام سمعت زبيدة صوت عمتها خديجة يشق عنان السماء والجيران يتقاطرون على منزلهم .. ساعات ورأت جسد أبيها مسجى في الدهليز الذي يقطنونه كمنزل منذ جاءت للدنيا .. في مساء ذات اليوم أمست زبيدة يتيمة وبلا مأوى !!! زاملت حوائط المساجد وشبك التكايا أسندت ظهرها لليال طويلة لمشاهد القبور ... وفي مساء كالح اعترض طريقها أحدهم، لم تهتز ونظرت إليه ببرود - عايز ايه ؟ - رايحة فين؟ - مش شغلك! روح اتلهي شفلك شغلة! - طيب انا حتلهي انت حتعملي ايه؟ هزت كتفيها وهمت بمواصلة المشي لهدفها المجهول ... - حيلك حيلك ! - انت ما بتفهمش؟ وولد من رحم السؤال زواج أنجبت فيه 3 أبناء ماتوا جميعهم من الحمى... لم يكن زوجها صابر احسن منها حالا ولم يكن لاسمه أي انعكاس على طبعه... كانت تراه لماما في عشهم المبني من الصفيح على سطوح هرم، يأتي محمولا عادة على أكتاف رفاقه وأحايين أخرى ينام في بئر السلم... عاقر كل المسكرات حتى بات يبدو اكثر تعقلا وهو ثمل! اليوم ... صباح آخر في سلسلة صباحات بنكهة التعب .. طفلها الرابع يإن من الحمى وزوجها لم يعد بعد من رحلته وجسدها يعتصر روحها المنهكة.. بحلقت في السقف ... تابعت خطوط الماء التي كونت لوحة سريالية من الصدأ على تعرجات الصفيح ... اهتزت يدها .. اهتز صغيرها .. نفس الثلاث رعشات السابقات! لم تجزع هذه المرة فقد اعتادت ألم الثكل، أليس افضل لهم أن يموتوا من أن يعيشوا مشردين؟ لم تحرك ساكنا وآثرت أن تنتظر عودة زوجها لتخبره بالفقد الرابع... سمعت أصوات أقدام تصعد السلم .. لابد انهم أصدقاء زوجها، كالعادة، يحملونه على الأكتاف .. لم عاد مبكرا اليوم ؟ اقتحم الباب 5 رجال يحملون كومة إنسان .. قذفوه في منتصف الغرفة... نهضت لتجرجره للفراش وتهيئه لاستقبال الخبر المكرور ...هم الرجال بالمغادرة .. التفت أحدهم كأنه تذكر شيئا وقال : - صابر تعيشي أنت يا زبيده ! عادت لرقدتها .. واغمضت عينيها... لم تبلع ريقها المر وانحدرت دمعة ساخنة على رأس طفلها اودعتها آلام النساء المشردات...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-15-05, 00:25 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | ابو جهينة | 03-15-05, 01:22 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-15-05, 02:03 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | خضر حسين خليل | 03-15-05, 02:04 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-22-05, 00:37 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | صلاح الدين عبدالله محمد | 03-22-05, 00:52 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-22-05, 01:24 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | ودقاسم | 03-22-05, 00:57 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-22-05, 01:50 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | خضر حسين خليل | 03-22-05, 01:14 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-22-05, 02:18 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | خضر حسين خليل | 03-22-05, 02:39 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | mamkouna | 03-22-05, 05:05 AM |
Re: مين هو اللي صابر؟ | عزاز شامي | 03-22-05, 05:23 AM |
|
|
|