الي الشهيد الكافر الجميل سليمان ميلاد حنا*

Quote: اسـتغرقت زيارتي تلك المـرة لقرورة أكـثر مـن شـهريـن..كـان الجـو بارد شـتوي وممطـر..وكمـا قلت مـن قبـل كـانت اقـامتي مـع حـاجيـة واسـرتهـا.. طـلبت مـن اول يـوم ان انـام في 'الحـوش' ونـوم الحـوش عـنـدي لـه معـني حياة مـن طـعم آخـر..فهـو استمتاع حـقيقي بليل مقمـر وونسـة جـيران ونجـوم ومـذياع وأذان فجـر وشـروق وبرد جميل .. كـانت الدنيا رمضـان وسـوق قـرورة فقـير, تكـون محظـوظا ان عـثرت فيه علي طـماطـم او اي خضـار عـدا البطـاطس والبصـل الذي يتـواجـد احيانا.. ليس هنـاك اي نـوع مـن الغـذاء سـوي الـدقيق والسـكر.. والشـئ الذي تضمـن وجـوده باسـتمـرار هـو البن..نشـربهـا قبـل اذان الفجـر ثـم مـع آذان المغرب مـع الجـنزبيل اذا وجـد وبالفلفـل الأسـود ايضـا.. زرنـي سـلبمـان ميلاد ومـعـه اثنـان مـن زمـلاءه..وسليمـان غـفر الله لـه كـان يمتـاز بقـدرة علي دخـول قلـوب الناس..اعتقـد رتبته كـانت عقيـد.. تقـابلنـا بجـانب زيارته تلك عـدة مـرات وربمـا اكـثرهمـا تأثيرا في نفسـي لقـائنـا في أول ايام العيـد حـيث دعـوني للإفطـار واليـوم المفتـوح وسـط اعضـاء تنظـيمهم مـن التحـالف وايضـا مجمـوعـة التحـالف النسـوي التـابعة لتنظـيم التحـالف والمـرة الثانية كـانت عنـدمـا اتي لـوداعي..اخـبركـم عـن ذلك غـدا كيف حـالك يا وليـد.. شكـرا علي الوردة والكـلمات الرقيقـة مـني تقـرر ان العيـد غـدا..الاستعـدادات كـبيرة للعيـد بقـدر الامكـانيات الشـحيحـة..جـائني(....و....) لتـأكـيـد دعـوة سليمـان ميلاد لي للإحتفـال بالعيـد معهـم وافقـت بعـد ان وعـدوا بارسـال العـربة صـباحـا. جـاء العيـد.. شـربت القهـوة مع الجميع الا ان ام حـاجيـة اصـرت انهـا لم تري الهـلال يسـمح بـذلك بعـد.. فـأجـلت عيـدهـا وواصـلت صـيامهـا.. تتبع قـرورة او اغلبهـا للطـريقـة الصـوفية الختمية..بعـد صـلاة العيـد مباشـرة تجمـع الرجال في المنزل وارتفعت اصـواتهم في انشـاد ديني ثم تنـاولـوا العصـيدة في الافطـار وغـادروا.. استغرقت الرحـلة لمكان الاحتفـال حـوالي السـاعـة لكـن كـان هنـاك افطـار معـد لي كضـيفـة عليهـم قبـل الذهـاب لمكـان برنـامج الاحـتفـال..كـانت هنـاك عـدة ذبائح وافطـار لكـل الجـنود..وفي خيمـة صـغيرة جلسـت انظـر لسـبورة وبقـايا درس عليهـا.. ثـم صـور لحيـوانات مـعلقـة علي جـدران الخيمـة..شـرح لي الجنـدي طـبيعـة حياتهم ودروسهم التي يتلقـوهـاثـم انضـم الينـا البعض الآخـر في ونسـة عـامـة..وصـلت صينية الافطـار..وصـحن به مـرارة وآخـر به شـية ثـم آخـر بة لحم بالصـلصـة.. أحسسـت بحـرج شـديـد فأنـا لم آكـل في حـياتي المـرارة عكس اخـوتي في الخـرطـوم.. كـذلك لا اسـتطـع وضـع اي لقمـة مطـبوخة في صـلصـة طـمـاطم في فمـي..بالإضـافـة, مـوقفي مـن الكـمونية يشـابه مـوقفي مـن المـرارة وفي صـغرنـا كنـا نسـمي الكـرشـة 'بشـكـير'أمـا الأسخف والأمـر ان اللحم لم يكـن لحم خـراف كـان غنـم ولم اتنـاول في حـياتي لحم الغنـم ويشـاركـني كـل اهلي في مـنزلنـا هـذا الأمـر 'امـا خـروف او لا'!! وعنـدمـا اصـبحت اكـل في العيش فقط اصـابهم الانزعـاج وظـنوا اني كـنت 'خجـلانـة' ثـم اضـاف احـدهم.. جـربي معانـا اكـل الجنـود وطـبخهم! اصبحت اتمتم بكـلمات مجامـلة لا معـني لهـا ..ثم قـررت مصـارحتهـم بحقيقـة المـوقف.. انصـرف احـدهم بهـدوء يعـود وفي يـده طـبق فـول ..اعتـذر لعـدم وجـود زيت..كـانت تلك مـن أجمـل الوجبات التي تنـاولتهـا وتبقي اعـزهـا علي نفسـي..فـأنـا لا اعـرف مـن منهم يعيش الآن ومـن منهم استشـهد ومن منهـم في المعتقلات ..واستثني في ذلك مصـير سـليمـان مـيلاد! اواصـل.. مـني