|
الخبر اليقين ....فى مقتل السلطان تاج الدين
|
الخبر اليقين....... فى مقتل السلطان تاج الدين
عندما كنا يفعا ، غرس أهلنا فى عقولنا كثيرا من الخرافات التى كنا نتلقاها عند تحلقنا حول حبوباتنا نستمع اليهن فى جو مفعم بالاساطير والخرافه ، حكايات السمحه فاطنه والفارس ود النمير وكثير من الاحاجى والحكايات التى لانمل تكرارها.تبنى فى خيالنا عالما مدهشا كنا نظنه تاريخنا . وعندما كنا ننغمس فى عالمنا الطفولى ويطول لعبنا فى الشوارع او بالقرب من النهر الموسمى < القاش > القريب من منازلنا ، كانوا يخيفوننا حتى لانبتعد كثيرا عن بيوتنا حتى يتسنى لنا الهروب اليها وننجو بأنفسنا من خطر الاختطاف والسبى بواسطة قبائل الرشايده الذين صوروهم لنا يختطفون الاطفال ويضعونهم فى الجراب الجلدى الكبير المعلق على جمالهم فنصير عبيدا لهم نرعى ابلهم ونخدم مضاربهم ..... كان السبى افضل لنا من ان نصير طعاما للمساليت....هكذا صوّر لنا اهلنا هذه القبيله بل حدثونا عن اذنابهم التى يخبئونها تحت سراويلهم..وأنيابهم التى يبرزونها عند الحاجه اليها فى طحن لحم الاطفال.......... هكذا تجنى اهلنا على هذه القبيله التى تعيش فى غرب السودان ويهاجر افرادها بمجموعات صغيره فى اتجاه الشرق <دار صباح > لجنى بعض المال من خلال كدهم كعمال زراعيين ليعودوا فى نهاية الموسم فى رحلة يطوون خلالها آلاف الاميال للعوده الى دارهم < دار مساليت > ..... لم يكونوا يعبأون بنا او يفكرون فى تناول لحومنا الطريه ... بل تمادى اهلنا واخبرونا عن اصل اسمهم المنســــــــوب الى < السلات > وهى الوجبه المفضله فى شرق السودان ـ ابتكرها الهدندوه ن ويقومون باعدادها على الحجر الساخن الذى يرصون عليه اللحم بعد سلبه من العظام وهى افضل ما تناولت من طعام ولايضاهيها الا < المنصاص > فى ديار الفور والمساليت فى غرب السودان ولديهم طريقه مبتكره فى اعداده اذ يحفرون حفرة طوليه يشعلون فيها النار حتى يهمد الحطب ويصير جمرا ثم يعروشونها بأعواد خضراء يرصون عليها قطع اللم الكبيره ويعرشونها بأعشاب واوراق اشجار غير سامه ويتناولونه بعد ان يتغير لونه الى الاحمرار كأطيب مايمكن تناوله من باربكيو
عندما مضت بنا الايام واشتد عودنا عرفنا ان ليس هناك علاقه بين < السلات > و <المساليت > وتعرفت عليهم اكثر عندما انتدبت لحمايتهم من هجمات اعوان حسين هبرى عام 1972الذين كانو يستغلون جنوح المســـــــــاليت للسلم وعدم حيازتهم للاسلحه الناريه ولطيبتهم وعفويتهم المتناهيه
اندهشت كثيرا لتجاهل الدور العظيم الذى قامت به هذه القبيله وفرسانها البواسل يوم تصدوا لحماية بوابة السودان الغربيه بقيادة سلطانهم < تاج الدين > عندما واجهوا الغزو الفرنسى عام 1910 ............................... تعرفت على السلطان تاج الدين من خلال القصيده الرائعه التى كتبها الشاعر الكبير محمد الفيتورى عام 1964 بمدينة الجنينه حاضرة المساليت < اجداد الفيتورى من ناحية امه > ..وقرأتها عام 1971 عندما نشرت ضمن اعماله الكامله آنذاك ........................................................................................................ بعد انهيار دولة المهديه عقب معركة كررى الذى وصفها ونستون تشرشل فى كتابه حرب النهر بالمذبحة ....... حولت ايطاليا وفرنسا فرض واقع جديد على الانجليز الذين ادارت نشوة النصر رؤوسهم وضمدت كبريائهم الجريح بالانتقام من قتلة غردون الذين داسوا كرامة الامبراطوريه والجيش الفيكتورى......................... وهرع الفرنسيون عبر افريقيا الوسطى الى فشوده ورفعوا عليها العلم الفرنسى ..... وفى كســـــــــــــــــــــلا <توّهط > الايطاليون بقيادة براتيرى ينتظرون نصيبهم فى قسمة الفارس الجريح ...وتمت التسويات فى ردهات القصور الاوربيه وانسحب الفرنسيون من فشوده وترك الطليان كسلا مكتفين بوجودهم فى اريتريا وصار السودان للفاتحين وحدهم ................................................................................
فى عام 1910 فكر الفرنسيون التقدم عبر مستعمرتهم تشـــــاد والاستيلاء على دارفور وضمها للاملاك الفرنسيه فى القاره السوداء واعدوا عدتهم وعتادهم وجهزوا جيشا عقدوا لواءه للكولونيل < مول > وهو من ابرز قادتهم فى المنطقه للقيام بالمهمه التى كانوا يعولون كثيرا على نجاحها المأمول اعتمادا على الكولونيل مول وآلتهم الحربيه المتطوره بمقاييس ذلك الزمان .....................................................................................................
دق < نحاس > المساليت يستدعى القبيله لمواجهة الخطر القادم من الغرب واصطفوا تحت راية سلطانهم تاج الدين الذى ورث زعامة القبيله من اخيه السلطان ابوبكر اسماعيل سلطان دار مساليت 1889ـ1905ـ وهو ابن الفكى اسماعيل عبد النبى ـــــ اختاره افراد القبيله لخلافة الناظر هجّام حسب الله الذى تم عزله بواسطة المهديه فهرب لدعم حرب العصابات ضد جيش المهدى واقام سلطنة فى ديرجيل ونصّب نفسه سلطانا وقضى فترة زعامته للقبيله فى حروب مستمره ضد المهديه ..وعلى دينار .. والداجو حتى نال منه دينار عام 1907 وخلفه اخوه تاج الدين يؤازره شقيقه بحر الدين.....................................................................................
توغل الفرنسيون شرقا ... والتقى الجمعان فى < دروتى > فى دار مساليت والتى اطلق عليها القوم < أرض العضام > لما خلفته المعركه هناك من موت وبشاعه وكانت <دروتى > مذبحة اخرى بعد كررى بسبب الاسلحه المتطوره التى استخدمها الفرنسيون فى ذلك اليوم الدامى........... وبالرغم من حرصهم على قــائدهم الكولونيل مول ........ مشى تاج الدين بالسيف فوق المدفع و لحق بقائدهم وسقى رمحه من دم الكولونيل فأنهزم الفرنسيون بالرغم من تفوقهم النارى...........................................................................................
كانت الشمس مسجونة بغبار المعركه والقائد المنتصر < تاج الدين > يبحث فى ارض المعركه عن جرحاه وشهداءه ..فأذا بأحد الجنود الفرنسيين الجرحى يمد يده الى الزناد ليضغط عليه بصعوبة شديده و< باقى روح > ليصيب السلطان تاج الدين ويرديه شهيدا ... سقط القائد المنتصر مضرجا بدمائه وسط الشهداء الابطال من قومه الذى كان سيدا عليهم فى حياته ....وفى موته الاسطورى ...................................................................
ياتاج الدين يا تاج الدين مازال عداتك مختبئين ايديهم راعشة ....ورصاص بنادقهم يتزاحم فى بطء نحو جبينك يافارس خذ حذرك من طعنات ..طعينك يافارس خذ حذرك يافارس خذ حذرك..................... < من قصيدة الفيتورى .. مقتل السلطان تاج الدين >
سقط تاج الدين ولكن احدا لم ير رايته تسقط من يديه ولقى الفرس مصرعه ساعة انتصاره.............................. ذهبت عام 1972 الى دروتى فى دار مساليت مستقصيا اثر المعركه واخبارها من افواه الرواة .. ولتقيت بعض الذين شاركوا فيها ولم يكونوا قد بلغوا سن الحلم آنذاك .... وحدثنى بعض الاهالى عن دور الفقهاء الذين كلفهم تاج الدين بكتابة المحايات ومزجهها بمياه الآبار التى كان يستقى منها الاهالى فى المنطقه...... وعندما شربها القوم تدافعوا نحو الموت غير عابئين بالعدو وعدته .... وحدثونى عن كثير من الاساطير التى لايسعنى ذكرها .. وهذا لاينفى جسارة المقاتلين الفطريه وشجاعتهم عند مواجهة الموت .
المساليت قوم طيبون تغلب عليهم الطيبه والبداوه والبراءه ... ظلمتهم المهديه ..والداجو ..وعلى دينار... و.ظلمتهم الحكومات التى تعاقبت على حكم السودان.. وظلمهم اهلى حينما حذرونى من مغبة خطفى و ان اصير طعاما لهم. وظلمهم الذين كتبوا تاريخ السودان ..وحجبوا دورهم التاريخى فى الزود عن حمى الوطن .
لم يجىء ذكر لمعركة دروتى ولم تضمّن فى حصة التاريخ فى كل مراحل التعليم فى السودان فى جميع العهود وحتى معلوماتى عن السلطان ابوبكر حصلت عليها من من ريتشارد هيل فى مؤلفه < معجم الشخصيلت السودانيه > . الذى لم يتم تعريبه حتى الآن .
هى دعوه لاعادة قراءة تاريخنا وتجديد الدعوة القديمه لأعادة كتابته وفهمه حتى لا تفقد الامه ذاكرتها بعد ان كادت ان تفقد هويتها والكثير من سماحتها بأيدى هؤلاء الذين لاندرى من < اين أتوا > ليشوهوا وجهنا الجميل .
|
|
|
|
|
|
|
|
|