وداعا طاغية الخرطوم...كاريكاتير

إليكم صفحات من تاريخ الاسلاميين الأسود.. لكى لا ننسى..
حدث هذا في بلادكم يا أهل السودان

-------------------------------------------------
ثم جاءت محاولة اغتيال الرئيس مبارك ، ولربما يثبت المستقبل براءة البشير والترابي عن تدبيرها ، رغم إغضائهما عنها . أصابع الاتهام تشير إلى عناصر كانت ، في ذلك الوقت ، قريبة من الترابي ، واستمرت تحيط بالبشير ، تسعة هم ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) -النمل ٢٧/٤٨ - ، وقد أثبتت الدلائل التى جمعها المحققون الأثيوبيون تورط أجهزة أمن النظام في تلك المحاولة بصورة مباشرة عن طريق التسهيلات التى قدمتها لفريق الاغتيال بمنح أفراده جوازات سفر سودانية مكنتهم من الدخول إلى أثيوبيا ، ونقل السلاح عبر الحقيبة الدبلوماسية ، وتوفير الدعم لهم من خلال المنظمات الخيرية الاسلامية المنتشرة في أثيوبيا والتى كان أمرها موكولاً لعناصر من الجبهة أو قريبة منها ثم تهريب من نجا منهم بعد الحادث إلى السودان عبر الحدود براً أو على متن الطائرات . على رأس هؤلاء كان مصطفى حمزة الملاحق من قبل سلطات الأمن المصرية . ومن سوء حظ النظام أن ينبري أحد المؤامرين ( صفوت عبدالغني ) للكشف عن تفاصيل ذلك الحادث الاجرامي ، ودور النظام السوداني فيه ، لاحدى الصحف بعد مضى خمسة أعوام على محاولة الاغتيال . صفوت من المجرمين الأحد عشر الذين قاموا بالعملية ، خمسة منهم لقوا حتفهم في الحال ، وثلاثة تم ،عتقالهم من جانب سلطات الأمن الأثيوبية منهم صفوت ، وقدموا من بعد للمحاكمة ( حكم عليه بالاعدام ) في حين هرب ثلاثة آخرون إلى السودان ، أو بالأحرى هُربّوا إليه .
وبوصول الثلاثة الهاربين إلى الخرطوم وجد صناع المؤامرة أنفسهم في مأزق ، فقرروا إبلاغ البشير أولاً ، ثم الترابي من بعد . جاء على عثمان بصحبة رئيس النظام ليبلغا شيخ الجبهة ( الترابى ) بما حدث، وكان أول سؤال وجهه الشيخ إليهم : ماذا أنتم فاعلون ؟ قال على عثمان:
قررنا تصفيتهم حتى لا نترك أثراً . إزاء ذلك الرد انفعل الترابي وقال :
أجدر بكم أن تصفوا أنفسكم فالعمل الذى تنوون فعله ليس من الأخلاق في شئ ، وليس من الدين في شئ ، ثم تطوع الشيخ بإقتراح : ابحثوا عن حل سياسي يخرج بمقتضاه المتهمون الثلاثة من السودان .
في دولة الشريعة السمحاء لم يتبادر إلى زهن ولى الأمر ، ولا مفتى الديار ، أن النفس بالنفس والجروح قصاص ، وإن من يتعد حدود الله فهم الظالمون . حقاً هم إلى الاعراب أقرب ، ( والأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله )-التوبة ٩/٩٧- .

شاء الأعراب المنافقون ، والذين قال قائلهم ( سنفنى جميعاً حتى لا يعود الخمر للخرطوم ) إخفاء معالم الجريمة ، وتبرئة السفاحين ، وجعل الله لهم مخرجاً في فتوى الشيخ . نتيجة لتلك الفتوى ، كُلّف وزير الدولة للخارجية ، غازى صلاح الدين ، مع عنصر أمني ( قطبى المهدي ) بتهريب المتهمين الثلاثة خارج السودان ، دون أن تكون لللاثنين فيما نظن يد في المؤامرة . وبالفعل أعدت طائرة خاصة ( قيل لمن شارك في إعدادها بأن وجهتها كوالا لامبور ) ليستقلها المتهمون الثلاثة إلى طهران بعد أن منحوا جوازات سفر سودانية جديدة وأطلقت عليهم أسماء وهمية وكانت طهران محطة عبور ، إذ كان الهدف هو نقلهم إلى أفغانستان ولربما كان الهدف من إختيار قطبى هو أنه كان يعمل سفيراً للسودان في طهران ، وكانت له بتلك الصفة علائق وثيقة بأجهزة الأمن الايرانية.
نقّلب الظن أيضاً أن الاتصالات في إيران تمت على مستوى أمنى لا سياسي ، فإيران السياسية لا يمكن ان تنغمس في التستر على إغتيال رئيس مصر ، فكفاها ما عانت في التوتر في العلاقات مع مصر لسبب أدنى من هذا ، ألا وهو إطلاق إسم الاسلامبولي ، قاتل السادات ، على واحد من شوارعها .
ذلك موقف يمكن فهمه في إطار غضب الحكومة الايرانية من السادات
أولاً لاحتفائه بالشاه ومناصرته له ، وثانياً لدعمه العراق في حربها ضد إيران . تلك العداوة لا تنسحب بالضرورة ، على مصر كلها ، أو على رئيسها الحالي . جزء من هذه الحقائق يعرفه أهل السودان ، وأدق تفصيلاتها كانت متوفرة لأجهزة الأمن الخارجية التى كانت ترقب وترصد كل تحركات النظام داخل وخارج السودان ، لهذا كان أول سؤال وجهه مبعوث الرئيس كلنتون ، هارى جنستون ، للنظام في أول زيارة له للسودان : مالذى حدث للمتهمين بمحاولة إغتيال الرئيس مبارك
وأين هم الآن ؟ ذلك السؤال ظلت توجهه أيضاً ، دون جدوى ، أجهزة
الأمن المصرية لحكومة السودان . ومن سوء طالع غازى صلاح الدين
أن كان هو الرجل الذى وجه له جونستون السؤال . رد غازى وهو
يتأوه : آه تعلم السودان بلد شاسع
( Ah , you know, Sudan is a vast country . )
ما درى غازى أثر ذلك الرد المستخف على المبعوث الأمريكى الذى
تملك دولته القدرة على رؤية ما وراء الحيطان . قال جنستون لبعض
خاصته بعد ذلك اللقاء : ( هؤلاء قوم لا يمكن الوثوق بهم في أى شئ ).

التصفية ، فيما يتجلى ، أصبحت منهجاً يستسهله نائب الرئيس وثمانية
رهط بالمدينة . فعقب فشل المحاولة ، تمت تصفية أحد موظفي هيئات الاغاثة ويدعى محمد الفاتح أمام زوجته في أديس أبابا حتى يزال أى أثر للجريمة ، وكان الفاتح واحداً من العناصر التى كانت على علم بتدبير الجريمة ومازال قاتله يعمل في ديوان الزكاة . من جهة أخرى ، لم يقو واحد من الثلاثة الناجين ( مصطفى حمزة ) على صحبة زميليه اللذي هُرّبوا براً إلى السودان ، ولهذا لم يجد زبانية النظام مناصاً من حمله في طائرة البشير بعد فراغه من مؤتمر القمة . وفيما يبدو ، تم ذلك الأمر دون مشورة البشير ، لهذا ما إن فوجئ بوجود الجاني في طائرته حتى إنفجر غاضباً
ورفض عند وصوله مقابلة الصحفيين الذين كانوا في إنتظاره .
وبعد نقل الجاني إلى مستشفى الشرطة ، توجس خيفة اثنان من طاقم حرس
الرئيس من غير الجبهويين صحباه في الطائرة . وفي ٢٣/٣/١٩٩٦
قام فردا الأمن جعفر إبراهيم حسين صالح ( من سرية حرس الرئيس )
وعزالدين حسن ( من شعبة الأمن الايجابي بالمخابرات العسكرية )باختطاف طائرة من طائرات الخطوط الجوية السودانية وإتجها بها إلى أسمرا في ٢٤/٣/١٩٩٦
نجاة بنفسيهما من الهلاك على يد قاتلي الأنفس التى حرم الله في دولة شرع الله . حملا على ذلك خاصة وقد ألما بما حدث
في أديس أبابا للشاهد الذى ( شاف حاجة ) .

لم يكن للترابي ، كما أسلف القول ، دور مباشر في التخطيط لاغتيال الرئيس مبارك ، إلا أن إبتهاجه الغريب بالحدث بعد وقوعه خلق إنطباعاً بأنه كان وراءه . ففي حديثه للسفير الأمريكى في الخرطوم قال : عندما تجرأ مبارك بالذهاب إلى أديس أبابا لحضور قمة منظمة الوحدة الأفريقية كان المسلمون من أبناء النبى موسى له بالمرصاد . تصدوا له ، وأربكوا خططه وردوه إلى بلده. وبالطبع أراد الترابي ، بنسبته القتلة المجرمين إلى موسى ، ان يستدعي إلى الذاكرة فرعون . إستمر الترابي في إستهزائه بالرئيس المصري بإسلوب غير لائق ، إذ قال لنفس السفير : لقد وجدت أن مبارك لا يرقى لمستوى تفكيرى وآدائي ولن يفهم أبداً ما أدعو إليه .
لم يكتف الترابي بالتندر بالرئيس المصرى ، بل تعهد بالاستمرار بمحاولات مماثلة حتى يتم تطهير مصر من الشوائب .

(عدل بواسطة عمر دفع الله on 06-13-2010, 06:17 PM)
(عدل بواسطة عمر دفع الله on 06-13-2010, 06:49 PM)