الـصـور لا تــكـذب أبــــداً ...

Quote: التسويف. . حالة تجر صاحبها الى الفشل *إعداد / ايمان عبد الامير مسكين...! كان من المقرر ان يتزوج فتاة رائعة من اقربائه، وكان يدور همس قديم بذلك بين افراد العائلة. ... من جهته كان يعتبر زواجه منها حلمه الاول في الحياة. ومن جهتها كانت عائلة الفتاة تنتظره بفارغ الصبر منذ فترة طويلة، غير انه كان يؤجل طلب يدها يوما بعد يوم معتبرا ان ذلك واقع لا محالة. الا ان عائلتها ظنت انه غضّ النظر عنها. لكنه اخيراً شحذ همته، واستجمع ارادته وارسل أمه لتخطبها له... عندما طرحت أمه الموضوع مع والدة الفتاة فوجئت بتأوه حار منها والاعلان عن خطوبة الفتاة لغيره...! وقالت الام: (ليتك قدمت طلبك هذا يوما واحدا فقط، لقد انتظرناكم سنوات والبارحة تمت خطوبتها لجارنا، وقد تم معهم كل شيء، وانا ادعوكم لحفلة الزفاف ليلة الجمعة...!). عندما سمع صاحبنا بذلك انهارت اعصابه، واخذ يلعن الفتاة وعائلتها والجار جميعا! فقالت له امه: (بُني... لا تلعن احدا، ولا تلومن الا نفسك. فليس الذنب ذنب احد غيرك، فطالما سوفت وماطلت حتى ضاعت الفرصة عليك بسبب عادة التسويف لديك). لا تعجيل ولا تأجيل صحيح ان التسويف نابع عادة من بطء المبادرة او اللف والدوران، لكن هذا لا يعني اننا ومن اجل تحقيق النجاح، نركب السرعة الطائشة والموجات الخاطفة، إنما المطلوب دائماً في هكذا حالات التوازن، لذا فان الحكمة تقول: (افعل ما يجب عليك فعله في وقته. لا قبل ذلك فتكون عجولا، ولا بعد ذلك فتكون مسوّفاً). ففي العجلة الندامة. وفي التأجيل آفات. ولقد قيل: ان التأجيل ابن التردد، و اخو التسويف، وهم جميعا من فصيلة التقصير. فكم من عمل خسره صاحبه بسبب التأجيل، وكم من فرصة ضاعت من اليد، بسبب التسويف. ان كثيرا من الناس يغتر بالزمان، انهم يقولون: ما دام كل يوم تشرق فيه ذات الشمس، وما دامت الساعات تتشابه، والشهور تتوالى وهناك متسع من الوقت. فما العجلة في انجاز العمل الان ؟ غير ان هؤلاء يفوتهم ان الزمان الذي يذهب لا يعود، وان الساعة التي تنقضي لا يمكنك استرجاعها مهما دفعت لها من ثمن، وان الشهر الذي يمضي، يموت. وعمرك هو الثمن الذي تدفعه في التسويف من دون ان تحصل في مقابله على شيء. جاء في الحديث الشريف: (كل يوم يقول لابن آدم: انا يوم جديد، وغدا عليك شهيد، فاعمل فيّ خيرا، وقل فيّ خيرا، فانك لن تراني ابدا). فهذه الدقيقة، من هذه الساعة في هذا اليوم، من هذا الشهر، من هذه السنة لن تعود مهما اشرقت الشمس في الايام القادمة. صحيح ان هنالك تشابها في الشكل ولكن لا تشابه في المضمون، فعمرك قد اقتطع منه بمقدار ما فاتك والعمرالذي يفوت لا يعود، والا لكنا بعد اطفالا، ولن نصبح شبابا او كهولا او شيوخا. من تجارب الناجحين من دراسة حياة الناجحين نجد انهم كانوا ينجزون اعمالهم في اوقاتها بينما كل الفاشلين كانوا من المسوّفين. وفعلا لا يستحق من يسوف الا الفشل، كما لا يستخق من ينجز اعماله الا النجاح. وهذا ماتعلمه احد مرافقي الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر. فقبل توليه منصب الرئاسة حيث كان حاكماً لولاية جورجيا جنوب الولايات المتحدة، كان من المقرر ان يتوجه مع مجموعة من مرافقيه في رحلة لإنجاز احدى المهام، فتجمع الوفد في مطار ولاية جورجيا الا ان احد اعضاء الوفد تخلف عن الحضور، لذلك لم يكن هناك مفر من اقلاع الطائرة حينئذ، وبينما كانت الطائرة تهم بالاقلاع شاهد جيمي كارتر في ذلك الوقت عضو الوفد المتخلف، وهو يعدو نحو الممر للحاق بالطائرة قبل اقلاعها، فنظر اليه جيمي كارتر ثم اصدر اوامره للطيار بالاقلاع ليلقن العضو المتخلف درسا في الالتزام واحترام الوقت. لقد وجدت من خلال التجربة ان الفرق بين الناجحين والفاشلين في مجال انجاز الاعمال هو ان الفاشل عنده (فن التأجيل)، اما الناجح فعنده (فن الانجاز). والمعادلات تأتي مع كل واحد منهما بالشكل الذي يتلاءم مع فنه. فالناجح يجد امامه كل العوامل التي تساعده لكي ينجز اعماله، اما الفاشل فيجد امامه كل الاسباب التي تدفعه الى الغائها. يقول القرآن الكريم: "قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً " (الإسراء /84). فهذا يسير في طريق النجاح، والنجاح يتطلب الانجاز، وذاك يسير في طريق الفشل، والفشل يتطلب التسويف. يقول وليم كناوس، وهو احد علماء النفس، في كتابه (افعل الان!) ان في وسع الانسان ان يتخلص من عادة التاجيل التي تمتص طاقته واحاسيسه ووقته. ومن اسباب التاجيل الخوف، وعدم الثقة بالنفس، وصعوبة احتمال تنفيذ اعمال مقيتة، وهذه الاسباب قد تؤدي الى ادمان الكحول والقلق الشديد والانقباض النفسي. أيكون التأجيل سوء تدبير للوقت وكسلا عاديا؟ الجواب: التاجيل مشكلة نفسية معقدة نادرا ما تحل بمداواة سهلة و بسيطة. علينا اولا ان نعرف اسباب التأجيل والطريقة التي نؤجل بها تنفيذ الاعمال. فعندما يكون مثلا فرن الطبخ بؤرة ######ة ينبغي تنظيفها، فانت تقول لا بأس من تأجيل ذلك الى الغد حيث متسع من الوقت. ويأتي الغد ويتأجل تنظيف الفرن نظرا الى تراكم الاعمال التي يجب تنفيذها، وهكذا تتأجل المهمة اسابيع وربما اشهرا، ويبقى الفرن ينتظر متسعا من الوقت لتنظيفه. والتأجيل هو فن انجاز اعمال البارحة، وذلك فن نمارسه جميعنا. ربما تبدو اسباب تأجيل تنظيف الفرن غاية في العقلانية، لكننا اذا بحثنا جيدا عن الاعذار فسوف نكتشف انها غير مقبولة على الاطلاق، احيانا نقنع انفسنا بوهم سطحي يعبر عن الصراع الداخلي الناتج عن مشكلتين: عدم الثقة في النفس، والتهرب من العمل. يقول (كناوس): (ان الاشخاص الذي يؤجلون اعمالهم يشعرون بعدم كفايتهم وهذا يشل انجازهم خوفا من الخيبة المرتقبة، فهم يؤجلون عملا ويتوقعون له الاخفاق). يصل الشك في القدرة وعدم الثقة في النفس الى اقصى الحدود عند الاشخاص المثاليين الذين يضعون نصب عيونهم اهدافاً مثالية، فيخافون تنفيذ اي عمل. لنأخذ محامياً شابا يخاف ان يتولى قضية قد تسقط وتسيء الى سجله الدراسي الخارق. وهكذا يدرج على تحضير مرافعاته في اللحظة الاخيرة، فيجد ذريعة مناسبة اذا اخفقت حججه ويقول لنفسه: (كان في امكاني تحقيق عمل افضل لو تسنى لي اسبوع آخر من التحضير). وهكذا يتهرب من وضع كفايته ومثاليته على المحك. وفي الحقيقة فان المتهربين يؤجلون خوفا من القلق او الانقباض الذي يشعرون به مع بداية اي عمل جديد، وبما ان جميع اعباء الحياة تشكل قلقا وضغطا وتتضمن خيبات امل فانهم يصبحون مدمنين على التأجيل. والمؤجلون يتميزون بموهبة خارقة في خداع انفسهم. وغالبا ما يسيئون تقدير الوقت اللازم لتأدية عمل ما. عندما كانت (لينورا براين) استاذة في جامعة (بركلي) في ولاية كاليفورنيا، كان احد طلابها يتأخر دائما في محاضرة التاسعة صباحا. وبعد البحث معه تبين لها انه يخصص ربع ساعة كل صباح للاستحمام وارتداء ثيابه والوصول الى صفه. فطلبت الاستاذة وزميلتها (بوركا) من طلابها ادراج لائحة باسباب التأجيل، قال احدهم (لقد عملت بجهد كبير واستحق الراحة). وقال آخر: (انا انتظر هبوط الالهام قبل البدء في تنفيذ اي عمل). واتحفهما ثالث: (لدي متسع كبير من الوقت في الغد). ان معرفة اسباب التاجيل والاعتراف بها يشكلان نصف المعركة في محاربته. كيف نحارب التسويف؟ الجواب: اتبع الخطوات التالية، وسوف تنفعك كثيرا في التخلص من التسويف: 1- لا تقبل لنفسك عذرا. أي انسان لا يحبذ لنفسه الخطأ، ولذلك فهو كثير ما يبرر الاخطاء، ويغلفها بالتبرير. واذا لم تقبل اعذار نفسك، فانك تدفعها الى ان تسلك الطريق الصحيح. لقد قيل: (المسوف المعتاد خبير في ابتكار المعاذير)، واذا سلبنا منه الاعذار، اصبح مكشوفا، وحينئذ فانه يرعوي عن التسويف. 2- كافئ نفسك بوضع جدول لانجاز عمل ممتع بعد ان تنتهي من عمل مضجر. لا تنتظر نتائج فورية في حربك ضد التأجيل. تذكر دائما ان كل ربح صغير يقربك اكثر من هدفك البعيد، ألا وهو التغلب على تلك العادة المتأصلة. 3- تصرف وكأن التسويف حرام عليك! تقول بعض الاحاديث: ان لجهنم باباً يقال له (باب المسوّفين) يدخله كل اولئك الذين كانوا يؤجلون اعمال الخير، مستخدمين كلمتي (سوف اعمل) او (سأعمل) وكانت النتيجة انهم فوتوا على انفسهم الصالحات بالتسويف. 4- بعد الشروع في عمل ما يمكنك تحويل طاقتك الى مشروع اخر ككتابة رسالة طويلة مهملة. ان اتمام عمل ما قد يكون اسهل من الشروع في عمل جديد. 5- إلغ من ذهنك لفترة معينة اي احتمال لما يسمى (فيما بعد). جرب ان لا تفكر الا في ما يرتبط باليوم، ولا تعمل الا ما يجب عليك عمله الان. يقول الحديث الشريف: (اذا اصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء واذا امسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فانك لا تدري ما اسمك غدا). وتذكّر ان (من اطال الامل، اساء العمل) لان من الطبيعي ان (من اتسع امله قصر عمله). حاول ان تنجز كل ما يمكنك انجازه الان، حتى وان كان لك متسع من الوقت. واترك المتسع للمفاجآت. 6- ارفض انه لكل عمل وقته الخاص به. ولذلك فهو احيانا ينتظر ذلك (الوقت الخاص) الامر الذي يؤدي به الى التأجيل. وفي الحقيقة فان افضل الاوقات لانجاز اي عمل، هو حين انجازه فقط. وحتما ليس هنالك اوقات خاصة لكل عمل. mngool