|
|
 Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف (Re: الكيك)
|
السلفيون في مصر
عبد الحليم قنديل
2011-12-18
alquds
ليس المقصود هنا ـ بالطبع ـ مناقشة السلفية كموقف ديني، فكل المسلمين ـ بصورة أو بأخرى ـ سلفيون، وكلهم يتأسى بسنة النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وبسيرة سلفه الصالح إلى يوم يبعثون .
ربما المقصود ـ حتى من الناحية الدينية ـ ذلك الفهم الحرفي لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المعظمة، وإدمان النقل مع إنكار العقل، والميل لتحويل الإسلام إلى مظاهر وقشور، والكراهة المفرطة للتجديد، وإسقاط متغيرات الزمان والمكان، وتفريغ الإسلام من طاقته الحيوية الصانعة للحياة والعمران البشرى .
وقد جرى ربط هذه السلفية الأخيرة بالفهم الوهابي البدائي، وبسطوة فوائض النفط السعودي، وهو ما استفز قطاعات من السلفية الشابة، ودفعها إلى موقف جهادي، توالت مظاهره، وتناسلت جماعاته، ومن نوع جماعة القاعدة وأخواتها، وبصورة قلبت السحر على الساحر، وجعلت الحكم السعودي عدوا تصح إزالته، وليس داعما وسندا وراعيا .
وفي مصر، بدت تفاعلات السلفية السياسية على طريقة 'الباب الدوار'، فقد جرى إستئناس سلفية من نوع معين لمواجهة جماعات السلفية الجهادية، وعادت جماعات من النوع الأخير إلى المربع الأول، بدا أنها تابت، وتركت سكة العنف، وعادت إلى الرحم الأصل، وهو ما يفسر التحاق بقايا جماعات 'الجهاد' و 'الجماعة الإسلامية' بموكب حزب النور السلفي، وتراجع بريق ونفوذ قادة معتبرين من نوع عبود الزمر وكرم زهدي، وتصدر قادة الدعوة السلفية للمشهد، ومن نوع البرهامي وعبد المنعم الشحات، وفي ظلال مشايخ سلف ذاعت شهرتهم تليفزيونيا، ومن طراز المشايخ محمد حسان والحويني ويعقوب .
وأبرز ما يلفت النظر في هؤلاء الأخيرين، هو ثراؤهم الشخصي الفاحش، فكلهم حاليا في وضع المليونيرات، برغم أنهم جميعا من أصول فقيرة أو معدمة، وتأهليهم الدراسي في الغالب متواضع للغاية، وفي مناحي بعيدة عن الدراسة الدينية العلمية المنضبطة، وفي حياة كل منهم نقطة تحول ما، كانت غالبا في صورة رحلة غامضة للديار السعودية، ثم العودة في صورة الدعاة جهيري الصوت، وبالقرب من مؤسسات عمل خيري ديني مدعومة من أثرياء الخليج، أو على شاشات قنوات دينية ينشئها المال السعودي غالبا، وبعضها بدأ كقنوات رقص وأغاني، ثم تحول إلى قنوات مشايخ، وهنا تتكون رأسمالية ذاتية للدعاة، وتتضخم أرصدتهم في البنوك، وتتعدد الفيلات والقصور، وتتعدد الزيجات، ويكثر النسل، وإلى درجة أن أحدهم أنجب 22 ولدا وبنتا، وكأنه دخل في منافسة ماراثونية مع الملك عبد العزيز مؤسس السعودية وسيف الوهابيين .
وبالطبع، لا يصح التعميم، فكثير من دعاة السلف فاتهم قطار الثراء 'المبارك'، ونواياهم حسنة إلى أبعد حد، ويتصورون أنهم يخدمون الدين حقا وصدقا، ثم أن الأتباع السلفيين في غالبهم من عامة الناس، ومن الذين دهسهم قطار الفقر، وتعز عليهم فرص العمل، ويبحثون عن طريقة للتحقق الذاتي، سواء بالاستغراق في إطالة اللحى، أو التنافس في ارتداء الجلاليب، أو تغطية الجسد كله على طريقة المنتقبات، واستساغة فتاوى مفرطة في التشدد، ومن نوع وصف وجه المرأة كأنه كالفرج، واعتبار النقاب ـ وليس الحجاب ـ هو الفريضة الإسلامية، ومن حق كل إمرأة بالطبع أن ترتدي ما تقتنع بوجوبه، حجابا أو نقابا أو بدون، وحسابها عند ربها، وليس عند مشايخ التنطع المدمنين لتعدد الزوجات، وللطلاق تلو الطلاق، وهو أبغض الحلال عند الله، وتعبير 'التنطع' ـ هنا ـ ليس قذفا ولا سبا، ولا تجاوزا بغليظ القول في حق أحد، بل أنه الوصف الفقهي الدقيق، فقد حذر فقهاء الإسلام الأوائل من 'الترخص' و 'التنطع'، والترخص هو التماس الرخص الدينية في غير محل، وتحويل وسطية الإسلام إلى ميوعة لا تنتهي، بينما 'التنطع' على العكس بالضبط، إنه التشدد في غير موضع، وتحويل الدين إلى عسر لا يسر فيه، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه .
وفوق التشدد في فتاوى تطلق بغير تبصر، وبغير سند ولا دراية، وتفتري على علم الدين، وتخاصم العقل وعلم الدنيا، ومن نوع فتوى إمام الوهابية الراحل بن باز بأن الأرض ليست كروية (!)، وفتاوى مشابهة تسئ للإسلام قبل أن تسئ للعلم، وقد أتيح لي أن استمع وأشاهد فتوى غاية في الشذوذ للشيخ أبو اسحاق الحويني، وهو اسم اتخذه شيخ سلفي مصري لنفسه، وليس اسمه الحقيقي، وهو حر طبعا في أن يغير اسمه كما يشاء، والرجل له أتباع كثيرون، ويسمونه 'المحدث الأكبر'، ويصف الحويني شيخ الأزهر بأنه رجل جاهل، ما علينا، المهم ما يقوله هذا الحويني، تحدث مرة عن فريضة الجهاد في الإسلام، وبعبث ظاهر وسوقية مفرطة، حدث مستمعيه المأخوذين عن الفقر والجهاد، وقال لهم أن فقركم سببه تناسى فريضة الجهاد، كيف يامولانا ؟، فقال أن الغزوات تجلب السبايا، وأن بيع السبايا يحل المشكلة الاقتصادية، وعلى حد قوله ' الواحد يرجع من الغزوة، ومعاه شحط وأربع نسوان وجيبه مليان ' (!)، إلى هذا الحد بلغ سفه القول باسم الدين، وتحقير فريضة الجهاد في سبيل الله، وكأن الجهاد في الإسلام يشبه ـ والعياذ بالله ـ تكوين عصابة لسرقة الأموال والنساء (!)،
ولو أراد أشد أعداء الإسلام أن يطعنه، فلن يبلغ في عداوته مثل هذا الذي قاله هذا الحويني، ولم يعتذر عنه، أو يستغفر ربه، واستمر في الانتفاخ كطاووس غارق في ملذات الدنيا وأموالها ونسائها، ومتقاعس قاعد عن قول كلمة حق واحدة في وجه السلطان الجائر مبارك، وعلى مدى ثلاثين سنة، لم ينطق فيها الحويني بحرف معارض لظلم السلاطين، لم يقل لا لظلم مبارك، ولا لظلم خادم الحرمين المتبع لهواه ولشريعة الأمريكيين، وليس لشريعة الإسلام، ونتحدى الحويني أن يفعلها مرة، ونثق أنه لن يفعل، ولن يمس مقام ولي النعمة (!) .
وربما لا نفيض أكثر في ذكر فتاوى الشذوذ، وهي كثيرة كالهم على القلب، ولقادة ومشايخ ينسبون أنفسهم إلى المعنى السلفي، وهو منهم براء، فليس ذلك مرادنا، وليس في الإسلام سلطة مشايخ مهما أطالوا من لحى، ومهما اكتنزوا من أموال، والسلطة الدينية مذمومة قطعيا في صحيح الإسلام، وهؤلاء يريدون افتعال سلطة هوس باسم الدين، ويحللون في ثانية ما حرموه في دهر، وعلى ظن أن الأتباع من السذج والبلهاء، يحركونهم كما يريدون، يقيمون ويقعدون، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين .
' كاتب مصري
-------------------------
الأخوات المؤمنات بتوع حالو ياحالو
ولذلك نرفض ما كتبه امس في جريدة 'روزاليوسف' زميلنا خفيف الظل محمد الرفاعي وقال فيه عن المعارك بين الإخوان وشعارهم الميزان وحزب النور وشعاره الفانوس: 'انتهت الجولة الثانية والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وقد شهدت واقعة ولا حواديت خالد الذكر الحاج جحا حيث قامت الأخوات المؤمنات بتوع حالو ياحالو، ده فانوس جميل ياحالو، باتهام الأخوات المؤمنات بتوع وحياتك عندنا، اوزن عندنا بأن ميزانهم مش مظبوط، ولابد من الميزان عند أي تاجر بسطرمة، وأنهن يردن سرقة الفانوس، عشان يدوه للعيال يلعبوا بيه في الحارة، وردت الأخوات المؤمنات بتوع الميزان، أنه فانوس صيني مضروب، وطالما بتقولوا إن الديمقراطية كفر، جايين تكفروا ليه؟! ولولا تدخل ولاد الحرام من الكفرة والملاحدة، لدخل الميزان في القانون وقلبت ضلمة، وفجأة، صرخت ولية مندسة، اوعوا تقعدوا على الكراسي يانسوان، ليه ياوليه؟! فيه أخت مؤمنة سلفية سعودية، اصدرت فتوى، بأن قعاد النسوان على الكراسي حرام لأن العقاريت والجن لابدين فيها، وإحنا مش ناقصين عيال عفاريت ولاد أبالسة ردت واحدة واخدة بشلة في وشها وهي تتقصع، وماله ياضنايا، هايبقى لا رجالة، ولا كراسي؟! انتهت الجولة الثانية، وفرح البعض بإن الفانوس والميزان وقعوا في بعض، دون أن يدرك انه وقوع تكتيكي، لحين الجلوس تحت قبة سيدنا الولي أبو عمة خضرة، لأن الخلاف الوحيد بينهم، إن الإخوان بتوع سياسة، وعاوزين يلبسوا الناس العمة الأول، وبعدين يطبقوا الحدود على مراحل، يعني ياخدوهم على خوانة، والسكينة سرقاهم، أما السلفيون فيرون أن الوقت ليس في صالحهم ولذلك، لابد من تطبيق الحدود فوراً'.
وعلى كل حال، فالمداعبة مقبولة، لأنني لم أصف جحا بأنه خالد الذكر، أما الحزن، فهو انه ما ان يفرح الشعب بشيء، حتى تتم محاولة لإسقاط عشرات الشهداء، ومئات الجرحى، في مجازر حقيقية، وما حدث من مصادمات أمام مجلس الوزراء ثم في التحرير، وتضاربت الروايات بمن بدأ وكيف، فإن أخطر ما فيها كان حرق المجمع العلمي، دون ان يتم وقف المجرمين الذين أشعلوا النار فيه، رغم ان قوات الجيش كانت على بعد أربعين مترا منه، ولم تتدخل، لدرجة أن المفتي الدكتور الشيخ علي جمعة صرخ مساء السبت في قناة سي بي سي مع زميلتنا الإعلامية البارزة لميس الحديدي، ما فيش قوات تلم العيال دي في عربيتين، وعملية حرق رمز ثقافي أو تاريخي، كارثة حقيقية، ؤرغم ان محاولات اللصوص لاقتحام مبنى المتحف المصري أثناء الثورة فشلت وكانت البلاد في حالة فوضى، وهو ما يذكرنا بما تعرضت له المتاحف والآثار في العراق بعد الغزو الأمريكي، البريطاني عام 2003.
من قتل الشيخ الذي افتى بتحريم التصويت للفلول؟
وقد نفى المجلس العسكري حدوث إطلاق نار على المتظاهرين، كما ان رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري، أكد أن ما حدث عمل ضد الثورة بينما اتجهت أصابع اتهام كبيرة ضد المجلس العسكري، ######رية من حكاية طرف ثالث، أو أصحاب أجندة أجنبية، أو أن المتظاهرين ليسوا من الثوار، وإنما بلطجية رغم ان القتلى لا بلطجي بينهم، وكان عددهم عشرة والإصابات اكثر من مائتين، وعدد منهم قتلوا بالرصاص، وكان من بينهم أمين الفتوى بإدارة الفتوى الذي قالت عنه 'الأهرام' يوم السبت في تحقيق لزميلنا أحمد عامر: 'توفي الشيخ عماد عفت مدير إدارة الحساب بدار الإفتاء متأثراً بإصابته بطلق ناري أمام مجلس الوزراء، وكان الشيخ قد أفتى في وقت سابق بأن التصويت لفلول الوطني المنحل وجميع أعضاء مجلس السابقين يعد مخالفاً للشرع وحراماً، وأكدت الزميلة الصحفية نشوى عبدالفتاح زوجة الشيخ عماد الدين عفت عقب مصرعه، وهي في بالغ التأثر ان زوجها ذهب الى منطقة شارع مجلس الوزراء للتحدث مع المعتصمين في محاولة لاحتواء المواقف كرجل دين، إلا انه في أثناء وقوفه بجوار المتظاهرين فوجىء بطلق ناري من مسدس من أحد المندسين بين المعتصمين وكان يقف الى جواره، وذكرت الزميلة نقلا عن شهود عيان كانوا بجوار زوجها الشهيد ان هناك مندسين وسط الثوار ولديهم أسلحة نارية، وأن الذين يقفون وسط المعتصمين ليسوا جميعهم معتصمين وإنما اندس بينهم من أراد أن يسقط ضحايا ليزداد الموقف اشتعالاً.
هذا والمعروف أن الشيخ عماد كان قد شارك في ثورة 25 يناير منذ يومها الأول، وهو المسؤول عن الحساب الشرعي، وفي حديثه مع لميس الحديدي أكد المفتي ان اغتيال الشيخ عماد مقصود، وكان كاريكاتير زميلنا الرسام أنور بجريدة 'روزاليوسف' أمس عنوانه الجنزوري : لن نفض الاعتصام بالعنف، والرسم لضابط يصوب مسدسه على جبهة متظاهر ويصرخ فيه قائلا:
- عنف؟! فين العنف ده ياكداب، انطق، انطق.
الثورة لم تكن من صنع الاسلاميين!
أما زميلنا في 'الأهرام' محمود مراد - ناصري - فقال عن الجماعة يوم الخميس: 'ظهرت قياداتها وأخذت تتحدث باسم 'الثورة'، مع أن الثورة لم تكن من صنعها وأن النجاح كان بفضل الله سبحانه وتعالى ونتيجة لممارسات النظام السابق الذي زاد الفقراء فقرا، وهدم الطبقة الوسطى وصارت 'العدالة الاجتماعية' مفقودة، ومكانة مصر 'مهزوزة' وغير ذلك مما جعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، باسم هذه القوات المكلفة دستوريا بحماية الأمن القومي لمصر الوطن - وليس للحكام، تتخذ الموقف العظيم، فحررت الشعب من القيود، وحررت شهادة نجاح الثورة!
وتمادت الجماعة، واستثمرت مناخ الحرية والحالة الثورية، وبسرعة رتبت أمورها ومضت على أكثر من محور في الوقت نفسه، فبينما شنت هجماتها على وزارة الداخلية، انتقاما، بدأت في بناء هياكلها التنظيمية وافتتحت رسمياً مقراً فخما لها في المقطم وفروعا في المحافظات، في حين أنها - حتى الآن - غير مسجلة قانوناً، أي انها تنظيم غير شرعية.
فإما أن يسمح القانون بإنشاء أية جماعة دون مستندات ودون موافقات رسمية وتمارس أنشطتها علنا، كما يسمح بأن يدخل الدين في السياسة، وأن يسمح لأي جمعة بالإدعاء أنها وحدها التي معها 'صكوك الغفران'، كما كان في أوروبا في العصور الوسطى، وإما أن يطبق هنا القانون على الجميع بلا تفرقة، فلا توجد جماعة 'محفوظة' وأخرى 'محظورة' أو 'متعوسة'..'.
هؤلاء الثكلى من العلمانيين يكفرون الآن بالديمقراطية
أيضاً، في نفس اليوم، قال زميلنا خالد الشريف في 'المصريون' وهو يشير باصبعه الى العلمانيين ومن لف لفهم ساخرا منهم: 'هؤلاء الثكلى من العلمانيين يكفرون الآن بالديمقراطية التي آمنوا بها سنوات، ودعوا وبشروا بها البلاد والعباد.
ورغم حملة التخويف والترويع التي تطلقها الأبواق العلمانية سواء على الفضائيات أو الصحف بعد اكتساح التيار الإسلامي للانتخابات كمواجهة إسرائيل أو الدخول في معركة اضطهاد للأقباط، وكلها خيالات مريضة الغرض منها التشويش على نجاحات التيار الإسلامي الذي بلغ قدرة كبيرة من الفهم والخبرة والدراية بسياسة البلاد، رغم هذه الحملات فإن هذا التيار أرسل الكثير من رسالات التطمين للداخل والخارج حول كل القضايا بما فيها إسرائيل، وانه بصدد إصلاح وبناء وتنمية وليس داعياً الى خراب أو فساد في الأرض.
ونعتقد ان كل الحوادث الطائفية كانت وليدة احتقان سياسي في المقام الأول وإفرازا طبيعيا لمناخ الديكتاتورية والاستبداد الذي كان المصريون يعيشون فيه في ظل نظام مبارك بل إن الكثير منها كان من صنيعة أمن الدولة'.
رواية حسنين هيكل عن الزواج السلفي ورفضه إنقاذ زوجته من الغرق
أما آخر ما عندنا اليوم في هذه المعركة فسيكون لزميلنا وصديقنا عادل حمودة رئيس تحرير 'الفجر' الأسبوعية المستقلة، وهي رواية جاء فيها: 'صلت المرأة 'المتنقبة' ركعتي 'الفجر' وراحت تتمشى على شاطىء البحر الهادىء في قريتها الصيفية المطلة على الساحل الشمالي، لكنها، ما ان تأملت سطح المياه الناعمة كالحرير حتى شعرت برغبة مفاجئة في السياحة، فلم تتردد في إشباعها، ألقت بنفسها في البحر بكل ما يحمل جسمها من ملابس سوداء، خشنة، متعددة الطبقات، سرعان ما تشبعت بالمياه، فثقلت، وشدت صاحبتها نحو القاع، وبدأت تهبط، وراحت تغرق.
خرجت من المرأة صرخة استغاثة مدوية، مزقت الصمت الذي يحاصرها، فاستيقظ حارس الشاطء من نومه، وقفز في الماء، وأمسك بها، وراح يسحبها بهدوء نحو الشاطىء، وهو يشعر بزهو المنتصر على شبح ملك الموت الذي فلتت من يديه فريسة سهلة.
جاء زوجها مذعورا، فابتسم الحارس في وجهه مطمئنا، مستريحا، فقد أعاد الحياة الى زوجته، وانتظر الحارس مكافأته التي توقع أن تكون سخية، لكنه فوجىء بالزوج يلكمه في وجهه بقوة، وقسوة، ويسبه، ويلعنه، ويركله بقدمه، في حالة من الهستيريا يصعب تصديقها، ولولا ستر الله لقتله بعصا الشمسية التي تحاول ضربه بها على رأسه، وفلت منه بأعجوبة، كان الزوج ملتحياً، قوي البنيان، يرتدي جلبابا فوق سروال، ويمسك بمصحف ومسبحة في يده، وقال للحارس وهو يتفجر غضباً وغيظاً: 'ما الذي جعلك تمسك بزوجتي، سأجلدك، سألقي بك في السجن'، وتعجب الحارس مما يرى ويسمع، ورد عليه قائلا: 'لقد قمت بواجبي الذي أتقاضى عليه أجرا، ولو لم أنقذ زوجتك لاتهموني بالتقصير في عملي وألقوا بي في الشارع'، وأضاف ساخرا: 'لو كنت لا تريد ان يلمس احد زوجتك فلماذا لم تسع لإنقاذها وقد لمحتك تقف في الشرفة ترقبها؟'.
فرد الزوج بكل ثقة: 'أنا لا أجيد السباحة'.
فوجىء مدير القرية بالزوج وهو يسحب الحارس من ملابسه ويطالب بعقابه على ما فعل، وعندما سمع ما حدث لم يستطع أن يخفي دهشته، وقال للزوج متعجبا: 'يعني سيادتك لا تجيد السباحة، وزوجتك تغرق، ولا تريد أن ينقذها أحد؟'، فأجاب الزوج في صرامة: 'نعم، لا أريد لزوجتي أن يلمسها رجل غريب ولو ماتت غرقاً'.
المثير للدهشة ان مدير القرية استجاب للزوج وعاقب الحارس بخصم أيام من راتبه، وهو يقول بينه وبين نفسه: 'مسكينة هذه المرأة، سيطلقها زوجها، لن يعاشرها بعد أن لمس غيره ملابسها، أصبحت محرمة عليه'.
حدثت هذه الواقعة منذ سنوات في قرية 'الرواد'.
القرية التي يقضي فيها محمد حسنين هيكل شهري يوليو وأغسطس من كل صيف، وقد رواها لي ثم أضاف معلقاً: إن هذه المرأة تشبه مصر، تغوص في المشاكل الى حد الغرق، والمسؤول عنها لا يعرف كيف ينقذها، وفي الوقت نفسه لا يريد لغيره أن ينقذها، بل ويعاقبه على ذلك'.
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 10-30-11, 11:16 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 10-30-11, 11:20 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 10-30-11, 08:26 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 10-30-11, 09:06 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 10-30-11, 09:10 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 10-31-11, 08:11 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 11-02-11, 06:51 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 11-03-11, 04:22 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 11-27-11, 06:58 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-03-11, 07:53 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-06-11, 05:53 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-07-11, 05:09 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-10-11, 07:42 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-12-11, 04:13 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-13-11, 05:03 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-13-11, 04:46 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-14-11, 04:59 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-15-11, 04:58 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-16-11, 07:53 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-18-11, 04:41 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-19-11, 04:53 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-21-11, 04:22 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-22-11, 04:39 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-22-11, 09:30 AM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-22-11, 05:31 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-23-11, 10:00 PM |
| Re: مصر بعد الثورة ..قصص... وحكايات... وطرائف | الكيك | 12-26-11, 04:43 AM |
|
| |
الكيك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست